قالت الصحف: لبنان على حافة الانهيار الأمني أم على بعد خطوة من بدء الحلول؟
الحوارنيوز – خاص
خيط رفيع بات يفصل لبنان عن الانهيار الأمني،وهو بات يفصله أيضا عن مسيرة بدء الحلول، انطلاقا من التعامل مع الاستحقاقات الدستورية ومع الأزمات الكبيرة بشيء من المسؤولية الوطنية.
سباق غير واضح كيف سينتهي!
- صحيفة النهار عنونت: اقتحامات المصارف وتعليق الموازنة: الانزلاق المخيف
وكتبت “النهار” تقول: بدا بديهيا الا تمر الموازنة من دون اعتراض، بإقرار سلس ومرن وعادي، مساء يوم مخيف وقف فيه لبنان في أقرب نقطة من بلوغه حافة انفجار اجتماعي جدي وخطير اختصرته موجة غير مسبوقة من الاقتحامات المسلحة او الترهيبية لأكثر من تسعة فروع مصرفية بين بيروت والمناطق. والحال ان يوم الاقتحامات التي كادت تبدو بتعاقب “عملياتها” الواحدة تلو الأخرى وبسرعة و”فعالية” في تعميم حال الذعر على المصارف، كأنها صنيعة خطة منظمة ومحكمة التخطيط والتنفيذ. هذا اليوم دفع ازمة المودعين في المصارف اللبنانية للمرة الأولى بهذا التوهج والخطورة الى واجهة الحدث الداخلي منذ انفجار الازمة المالية في لبنان قبل ثلاث سنوات. ومع ان ما يسمى جمعية المودعين لم تنكر للحظة انها تقف وراء هذه الاقتحامات، فان ذلك لم يسقط مخاوف أخرى من تفاعلات بالغة السلبية والخطورة لمسألة تعميم اسلوب الاقتحام بالقوة المسلحة او بالعنف سعيا الى تحصيل الحقوق بالودائع، لان هذه الحقوق قد تغدو بدورها عرضة لتفجير فصل اشد تفاقما في سياق هذه الازمة الكارثية. وإذا كانت ردة الفعل الأولى للمصارف تمثلت في اقفال كل الفروع أيام الاثنين والثلثاء والأربعاء من الأسبوع المقبل، فان ذلك لا يعني سوى تفاقم الازمة ما دامت ازمة المودعين باتت محصورة بين المصارف والمودعين، فيما شكل سقوط الموازنة في مجلس النواب النموذج الأكثر تعبيرا عن مآل التخبط والتفكك والعجز الكارثي عن إبتداع الحلول الأشد الحاحا لأخطر وجوه الازمة المالية. وسادت مخاوف على نطاق واسع من ان يفاقم غياب القضاء أيضا عن تحمل مسؤولياته في هذا الفصل المنذر بالفوضى بمزيد من التداعيات، فيما بدا واضحا ان هذا العامل لعب دورا سلبيا للغاية في ظواهر التفلت التي برزت بقوة مقلقة في يوم الاقتحامات بدليل ان من ابرز مقررات الاجتماع الأمني الطارئ الذي عقد في السرايا كان تحريك النيابة العامة بدءا من مطلع الأسبوع المقبل لمواجهة هذه الموجة .
ووسط هذه التطورات المقلقة أفادت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين ان اجتماعا فرنسيا – سعوديا – اميركيا سيعقد على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك حول لبنان، يشارك فيه كبار مسؤولي وزارات الخارجية للدول الثلاث المتابعين للملف اللبناني، وذلك لمناقشة الأوضاع في لبنان وضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية. وقال مصدر ديبلوماسي غربي لـ”النهار” انه في حال لم يجر الانتخاب الرئاسي في موعده وبقي الرئيس ميشال عون في بعبدا ستعلن الدول المعنية بالملف اللبناني وفي طليعتها الولايات المتحدة موقفا سلبيا من هذا الاحتمال . ولم يستبعد المصدر ان يلتقي وزير الخارجية الأميركي انطوني بلينكن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في نيويورك .
عاصفة الاقتحامات
ما يمكن وصفه بانفجار موجة الاقتحامات للمصارف بدأ مع اقتحام مودعين في أكثر من منطقة نحو تسعة فروع مصرفية مطالبين بأموالهم. ومنذ الصباح الباكر بدأت عمليات الدخول الى المصارف بالسلاح، الحقيقي او المزيّف. واقدم مودع على اقتحام “البنك اللبناني الفرنسي” – فرع المريجة وآخر اقتحم “بلوم بنك” – فرع الكونكورد ، كذلك تم إقتحام “البنك اللبناني الفرنسي” فرع الكفاءات، كما اقتحم مسلح بنك “لبنان والخليج” في الرملة البيضاء. وكان اقتحم صباحاً أحد المودعين فرع “بنك لبنان والمهجر” في منطقة الطريق الجديدة – الملعب البلدي حيث شهدت المنطقة حضورا كثيفا للمواطنين دعماً للمودع وتم خلع البوابة الرئيسية للبنك دون الدخول اليه، كما وصل النائب أشرف ريفي ودخل الى المصرف محاولا التفاوض مع صاحب الوديعة لساعات طويلة. وفي وقت هددت فيه “جمعية المودعين” ان هذه العمليات ستستمر ما لم يسترجع الناس اموالهم، سادت حالة من الذعر في المصارف وفي صفوف موظفيها. وعلى الاثر، اصدرت جمعية مصارف لبنان بيانا أعلنت فيه انه “بعد الاعتداءات المتكررة (…) فإن مجلس الإدارة اتخذ قرارا بإقفال المصارف أيام 19 – 20 – 21 أيلول استنكارا وشجبا لما حصل وبغية اتخاذ التدابير التنظيمية اللازمة، على أن يعود مجلس الإدارة إلى الاجتماع في مطلع الأسبوع المقبل للنظر في شأن الخطوات التالية”.
تطيير النصاب
وسط هذه الاجواء المشحونة واصل مجلس النواب بعد الظهر درس مشروع الموازنة ولكنه اخفق في تمرير التصديق عليها بعدما افقدت كتل المعارضة الجلسة النصاب في عز التصويت على اقسامها الامر الذي دفع برئيس مجلس النواب نبيه بري الى ارجاء الجلسة الى الاثنين في 26 أيلول وعزي الموعد المستبعد الى انتظار عودة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي من سفره الى نيويورك .
- صحيفة الأخبار عنونت: قلق أمني وسياسي من توترات تُطيح الاستقرار
وكتبت تقول: عاد التوتر ليسيطر على البلاد سياسياً واقتصادياً ومعيشياً وأمنياً. محاولة تشكيل الحكومة تعثّرت من جديد. ونصاب المجلس النيابي صار في يد تحالف سياسي يمنع انعقاده أو يعطّله في لحظة، كما حصل أمس في جلسة نقاش الموازنة، وعدم إقرار أيّ تعديلات على رواتب موظفي القطاع العام، ما يعني مزيداً من الاحتجاجات على مستوى الإدارة العامة، وسط انهيار متسارع في قطاعَي التعليم والصحة، وبوادر أزمة جديدة تنتظر عدداً كبيراً من اللبنانيين على أبواب فصل الشتاء. وفوق هذا كله، ضغوط كبيرة لإلزام لبنان التوقيع على اتفاقية ترسيم للحدود البحرية ترضي كيان العدو الإسرائيلي.
صحيح أن الأجهزة الأمنية الرسمية تلجأ دوماً الى التحذير من «مؤامرات» تستهدف الأمن في البلاد، وصحيح أن الفوضى في حالة لبنان قد تقود الى أوضاع غير مرغوبة لا من السلطة ولا من الناس أيضاً، لكن عدم مبادرة السلطة بكل قواها الى تقديم علاجات معقولة يفتح الباب أمام احتمال توسع الاحتجاجات التي تتركز اليوم على إضراب في القطاع العام وغزوات للمصارف بقصد استرداد الودائع بالقوة، وصولاً إلى وضع البلاد أمام اختبارات صعبة في حال توسع التفلّت. إذ لن يكون بمقدور القوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي وأجهزة أمنية ضبط الوضع.
الوقوف الى جانب أصحاب الحقوق، من المودعين والموظفين وأصحاب المصالح التجارية الصغيرة والمتوسطة، أمر تلقائي من غالبية ساحقة من اللبنانيين المتضررين مما يحصل. لكن القلق الذي يفترض التوقف مليّاً أمامه، مردّه تحذيرات سمعها سياسيون كثر، من «دبلوماسيين وقناصل»، من فوضى كبيرة مقبلة على لبنان، كما تحدّث الأميركيون عن مخاطر عودة للقوى التكفيرية الى أكثر من منطقة لبنانية، فيما تحدث زوار السفارة السعودية عن احتمال حصول انتفاضات شعبية في أكثر من منطقة لبنانية للمطالبة بإنهاء سريع لولاية الرئيس ميشال عون.
ويترافق ذلك مع حملة غير مسبوقة من الخصوم المسيحيين لرئيس الجمهورية وصلت إلى حد توجيه الشتائم كما حصل في الأشرفية قبل أيام، وبعيد خطاب قائد القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب، وتلميحات قيادات سياسية ودينية الى أن الوضع لم يعد يحتمل تسويات، وأنه في حال عدم القدرة على فرض تغييرات سياسية كبيرة، فإن الفيدرالية ستكون الشعار الذي يتبعه حكماً المطالبة بحماية دولية في مواجهة… حزب الله. وهذا المنطق يستدعي انهياراً كاملاً لمؤسسات الدولة بما في ذلك القوى الأمنية والعسكرية والأجهزة المعنية بحفظ الأمن وسلطة القضاء أيضاً، وهو ما شهدنا إرهاصاته بقوة في الأسابيع القليلة الماضية.
سعي غربي – خليجي – لبناني لاستثمار الغضب الشعبي في الضغط على عون وحزب الله في ملفَّي الرئاسة والحكومة
وكان لافتاً ما تلقّته مرجعيات رسمية رفيعة من تقارير مصدرها الغرب والخليج عن احتمال أن تواجه منطقة شمال لبنان مأساة اجتماعية من خلال موجة اضطرابات تترافق مع عودة مجموعات تكفيرية، لن يكون الجيش اللبناني قادراً على مواجهتها في ظل الانهيار المالي وتأثيراته السلبية على أوضاع العسكريين المعيشية، علماً أن الأجهزة الأمنية الأكثر جدية تنفي الأنباء – بدأها الفرنسيون – التي تحدثت عن عودة آلاف اللبنانيين الذين كانوا يقاتلون الى جانب المجموعات المسلحة في سوريا. وقالت مصادر هذه الأجهزة أن من عادوا قلّة، فيما لا يزال هناك من يغادر إما للهرب الى أوروبا أو للالتحاق بالتنظيمات التكفيرية في العراق أو شمال سوريا.
وإلى ذلك، يمعن الأميركيون في ممارسة كل أنواع الضغط على لبنان. فإلى الرفض المعلن من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عربية لعودة النازحين السوريين الى بلادهم، أصدر فريق الأمم المتحدة في سوريا، بضغط غربي، تقريراً «يبشّر» بوجود احتمالات قوية لعودة الاضطرابات والصراعات الى سوريا، ما يجعلها غير آمنة لتحقيق عودة سريعة وكثيفة للنازحين السوريين من لبنان.
كل هذه الأجواء تشير إلى أن لبنان مقبل على أيام حرجة، في ظل سعي غربي – خليجي – لبناني لاستثمار الغضب الشعبي في سياق الضغط السياسي على الرئيس عون وعلى حزب الله في ملفَّي الرئاسة والحكومة، الى جانب الملف الاقتصادي والمالي لإجبار لبنان على السير في برنامج الشروط الدولية الخاصة بالوضعين الاقتصادي والمالي.
* صحيفة الأنباء عنونت: السيناريو الأسوأ من بوابة المصارف والدولار الى المزيد.. حذارِ من الفوضى
وكتبت تقول: إنها الفوضى الشاملة التي تنتشر كل يوم وتصيب كافة القطاعات وستوصل البلاد إلى الشلل التام. وبعد الفوضى السياسية والاقتصادية، ها هي الفوضى الأمنية تطل برأسها من جديد، مع اقتحامات المصارف، وفرار السجناء، تفلّت السلاح وسقوط عدد كبير من القتلى يومياً بإشكالات متنقلة فردية. ومن المتوقع في ظل هذه الأجواء أن تتوسّع رقعة التفلّت أكثر في الأيام المقبلة وفق ما يُشير تسلسل الأحداث.
من جهتها، تقف الدولة متفرجة لا قدرة لها على تحريك ساكنٍ، فلا إمكانياتها المالية تسمح بتطوير قدراتها لضبط الأمن والقطاع العام، ولا قدراتها البشرية تتيح لها اتخاذ الإجراءات الاستثنائية لفرض سيطرة الأجهزة الأمنية على الأرض، وذلك لأن عناصر الأسلاك أنفسهم يعانون المعاناة نفسها مع بقاء رواتبهم على حالها، الأمر الذي أدّى إلى تراجع الانتاجية.
أمس الجمعة، تم تسجيل 8 اقتحامات لمصارف على مختلف الأراضي اللبنانية، وذلك بعد ساعات على عمليات مشابهة حصلت. على الإثر، قرّرت جمعية المصارف التوجّه نحو الإضراب أيام الإثنين، الثلاثاء والأربعاء من الأسبوع المقبل، إلّا أن ذلك ليس حلاً، فما حصل في الأيام السابقة، ونجاح بعض المودعين المقتحمين في تحصيل أموال من ودائعهم، سيشجّع المزيد من المودعين على الفعل نفسه.
رئيس جمعية “المودعين” حسن مغنية أشار إلى أن “الجمعية سجّلت 8 عمليات اقتحام، نجح فيها أغلب المودعين بتحصيل جزء من أموالهم”، ورد على وزير الداخلية الذي غمز من قناة وجود “جهات تحرّكهم”، وقال إن “المودعين أصحاب حق، ولا قدرة لهم على السكوت أكثر، وهو من تحركه جهات خارجية”.
وفي مؤشر خطير، قال مغنية في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، إن “الضغط في الشارع من المرتقب أن يزيد في الأيام المقبلة، خصوصاً بعد إضراب جمعية المصارف، ومن المتوقع أن نشهد عشرات عمليات الاقتحام الخميس بعد الفتح، فالوتيرة آخذة بالازدياد، والناس ستتوجّه نحو العنف والسلاح لتحصيل حقوقها”.
وعن الحلول، دعا مغنية لتشكيل خلية أزمة بأسرع وقت ممكن، تتألف من مندوبين عن مصرف لبنان، المصارف والمودعين للبحث في آلية لمعالجة أزمة عدم قدرة الناس على سحب ودائعها. وفي هذا السياق، أكّد مغنية أن “المودعين لا يريدون تحصيل كامل ودائعهم في عملية سحب واحدة، لكن من الضروري ان يتم العمل على خطّة لإعادة الأموال بشكل تدريجي”.
وفي ختام حديثه، ذكر أن “أحداً لم يدع جمعية المودعين إلى اجتماع للبحث في الحلول، والحديث عن لقاء مع جمعية المصارف عارٍ عن الصحة”.
من جهتها، أكّدت الخبيرة في الاقتصادات المدولرة ليال منصور أن “الإضراب لا يلغي حقوق الناس، ولا يعني أن المودعين لا يريدون أموالهم، وقد تتكرّر عمليات الاقتحام بعد الإضراب، خصوصاً وأن المهلة الفاصلة حتى الخميس قد تفيدهم بالتخطيط لتنفيذ العمليات”.
وفي اتصال مع “الأنباء”، شدّدت منصور على أن “الحل يكمن في اتخاذ الدولة لخطوة إصلاحية أولى تتمثّل بمحاسبة أي مسؤول أو معني، عندها سيستعيد الناس جزءاً من الثقة وسينتظرون حتى تعود أموالهم وفقاً لخطة تقوم على الخطوات الإصلاحية، لكن في ظل الفوضى الحالية وغياب الإجراءات، ما سينتظر الناس؟”.
ولفتت إلى أن “ما يحصل سينعكس على سعر الصرف الذي سيرتفع في الأيام المقبلة، وسيترافق ذلك مع فوضى في الأسواق وارتفاع أسعار مختلف المنتجات”.
انه السيناريو الأسوأ الذي يمكن أن يحصل يبدو أنه قد بدأ.. ولكن لا يمكن التنبؤ ابداً كيف يمكن أن ينتهي.