قالت الصحف: لبنان بين صندوق النقد وصندوق الفرجة!
الحوارنيوز – خاص
بين مفاوضات رسمية مع صندوق النقد الدولي تجريها الحكومة اللبنانية لوضع خطة انقاذية مقبولة تعيد البلاد الى سكة التعافي المالي وبين ما يجري من تفكك سياسي داخلي وتباعد بلغ حد التناقض في مفهوم الدولة وأولوياتها الوطنية وهويتها الاقتصادية، حتى يمكن وصف البلد بالعصفورية أو بصندوق الفرجة، بين هذين الصندوقين يعيش اللبنانيون على وقع صراخ آلآم الجوع والصرف من العمل والعتمة والأفق المسدود!
خلاصة يمكن الخروج بها عند إطلاعك على افتتاحيات صحف اليوم فماذا في مضمونها؟
صحيفة "النهار" كتيت تقول:"احتدامات على مختلف مسارات المشهد الداخلي طبعت نهاية الأسبوع اللبناني بطابع قاتم ومعقد بدا بمثابة مؤشر لمزيد من الضغوط على اللبنانيين ما دامت المعالجات الحكومية والرسمية تتخبط في المراوحة والتراجع والقصور. فعلى مسار التداعيات الاحتجاجية للأزمات المالية والاقتصادية والسياسية، عادت ساحات وسط بيروت لتشهد نماذج من الانتفاضة الشعبية ولو أنها كانت مطعّمة أمس بدلالات مثيرة للجدل من خلال "قيادة" أو "زعامة" النائب شامل روكز لمعتصمين من العسكريين المتقاعدين والاسئلة التي أثارتها حركته حيال العهد تحديداً.
وعلى مسار التداعيات الاجتماعية كان مشهد الاعتصام الآخر الذي نفّذ في محيط مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت لعشرات الموظفين الذين شملهم إجراء الصرف الاضطراري الذي لجأت اليه إدارة الجامعة، معبراً عن المدى الفادح الذي بلغته الأزمة المالية والاقتصادية الى حد أن أعرق جامعة ومستشفى في لبنان اتخذا للمرة الأولى إجراءً موجعاً ومؤلماً شمل أمس نحو 850 موظفاً من أصل 1500 سيشملهم الاجراء.
أما الاحتدام الثالث فسجّل على مسار الانتشار الوبائي للاصابات بفيروس كورونا في لبنان بحيث قفز عدّاد الاصابات أمس مع 101 إصابة جديدة بما يتوج أسبوعاً كاملاً تقريباً من القفزات المثيرة للقلق في الاصابات ويضع الحكومة أمام واقع لم يعد ممكناً الاستمرار في التعامل معه بالرهان على الكلام المنمق والاجراءات التي لم تعد صالحة للانتشار الوبائي المتسع.
وغداة صدور مؤشرات جديدة عن الحكومة في شكل شبه رسمي تؤكد تخلّيها عن خطتها الاقتصادية التي كانت تفاوض على أساسها صندوق النقد الدولي، تتجه الأنظار الى الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الفرنسي جان – إيف لودريان لبيروت في 22 تموز الجاري وما ستحمله من مواقف ولا سيما في ما خصّ حثّ الدولة على ترتيب أمورها والاقلاع في الاصلاحات. وأفادت معلومات أن لودريان سيصل الى بيروت مساء الأربعاء المقبل ويعقد سلسلة لقاءات مع الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري وحسان دياب وكبار المسؤولين، كما يلتقي سياسيين كلاً على حدة في قصر الصنوبر، على ان يغادر لبنان الجمعة.
ونقلت وكالة "رويترز" أمس عن مصدرين أن المستشار المالي للبنان لازار سيرى ما إذا كان ممكناً تعديل خطة الإنقاذ المالي الحكومية للتوصل إلى تسوية مجدية بالنسبة الى صندوق النقد الدولي، بعدما لقيت الخطة رفضاً من جانب سياسيين ومصارف ومصرف لبنان.
وقال أحد المصدرين: "ربما يأتي لازارد الأسبوع المقبل ليرى ما إذا كان في إمكانه تعديل الخطة الحكومية والتوصل إلى تسوية مقبولة لدى صندوق النقد الدولي. سيقومون بأي تعديل استنادا إلى الخطة الحكومية".
وقال المصدر الثاني إن هدف زيارة لازار هو "كيف يمكننا محاولة تعديل الخطة الحكومية لنرى ما إذا كان في مقدورنا التوصل إلى أمر مجد لصندوق النقد الدولي وللأطراف الآخرين اللبنانيين".
وقال المصدران إن كليري غوتليب ستين اند هاملتون التي تتولى دور المستشار القانوني للبنان ستزور البلاد أيضا. وامتنع لازار وكليري غوتليب عن التعليق على الأمر.
وحذّر صندوق النقد الدولي لبنان من أن محاولات تقليص أرقام الخسائر الناجمة عن الأزمة المالية لن تؤدي إلا إلى إبطاء التعافي.
صحيفة الاخبار عنونت:" "فضلو خوري يرتكب مجزرة" وخصصت افتتاحيتها لقرار إدارة الجامعة الأميركية صرف 650 موظفا وكتبت تقول:" بمؤازرة عسكرية، ارتأى رئيس الجامعة الأميركية في بيروت، فضلو خوري، أن يواجه أهل الجامعة. وكما تفعل السلطة السياسية مع مواطنيها، فعل خوري مع 650 من العاملين والموظفين، فأبلغهم بقرارات صرفهم من أعمالهم، في حضرة العسكر. فعل خوري بالعلن ما كان يفعله في الإدارة بالسر. اللافت هنا أن هذا الأخير الذي سار على نهج سلطة كان حتى وقت غير بعيد "يثور" ضدها في الساحات. بدم بارد، ارتكب فضلو خوري "مجزرة" بحق مئات الموظفين في مؤسسة هي من الأكثر ثراء في لبنان
ليل أوّل من أمس، تبلّغ الموظفون والعاملون في الجامعة الأميركية في بيروت، عبر البريد الإلكتروني، بضرورة الحضور إلى عملهم باكراً. لم تحمل تلك الرسالة أية تفاصيل تُذكر، باستثناء التشديد على الحضور، ولكن فهم "أهل" الجامعة ما الذي ينتظرهم صباح اليوم التالي. فهم، أصلاً، يترقبون وصول تلك الرسالة منذ ما يقرب شهراً ونصف شهر. تحديداً، منذ اللحظة التي أعلن فيها رئيس الجامعة، فضلو خوري، عن "أسوأ الأزمات" التي تعانيها المؤسسة. وما زادهم يقيناً بأن ما كان ينتظرهم هو إبلاغهم بقرارات صرفهم، البريد المتأخر والذي أعلن فيه مدير المركز الطبي في الجامعة، جوزف عتيق، عن "استقالة" ستة مدراء من مناصبهم، مرحباً في الوقت نفسه بالمدراء الجدد الذين جرى تعيينهم في المراكز الشاغرة.
صباح أمس، حضر الموظفون إلى مكاتبهم، فكانت في استقبالهم… كتيبة عسكرية استدعتها إدارة الجامعة لمواجهة أي سيناريو قد يقبل عليه المصروفون! هذا ما ارتآه خوري في مواجهة تداعيات مجزرة الصرف التي نفّذها أمس بحق 650 موظفاً وعاملاً في الجامعة الأميركية. استدعى العسكر في مواجهة موظّفين عزّل، منتهجاً خطاً كان حتى وقتٍ غير بعيد "يثور" ضده في الساحات. تماماً، كما تفعل السلطة السياسية في مواجهة مواطنيها، فعل خوري مع "أهل" الجامعة، فكان "عهده" أول عهدٍ "سيذكر في ما بعد التاريخ أنه واجه أهله مدجّجاً بالعسكر". هذا ما يقوله الناس هناك.
هكذا، استحال محيط الجامعة، أمس، ساحة حرب. عسكريون في حالة تأهب. آليات عسكرية تسدّ المداخل، فيما الموظفون يدخلون مكاتبهم بلا حولٍ ولا قوة ينتظرون مغلّفات ستُرسل من "فوق". مع ذلك، لم يكن ثمة حاجة إلى التبليغ الرسمي، فقد علم المصروفون بأمر صرفهم من "أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم التي فُصلت عن شبكة الإنترنت". فكل من كانت أجهزتهم مفصولة عن الشبكة علموا أنهم ضحايا، على ما قال أحد الذين صُرفوا، ثم مع ساعات الظهر صارت هذه الإشارة أمراً واقعاً. وبحلول الثالثة عصراً، كان الكل قد تبلّغ. كان المشهد "مأساوياً"، على ما يروي جورج الجردي، رئيس نقابة العمال والمستخدمين في الجامعة. بكاء وعناق. كان هذا أقصى ما فعله المصروفون.
صحيفة "نداء الوطن" كتبت تحت عنوان": صندوق النقد لا مهرب من التدقيق الجنائي والتفاوض البحري" تقول:" لم تكن تظاهرة النائب شامل روكز أمس لتجد توصيفاً أدقّ من ذلك الذي أطلقه أحد المخضرمين: "شهد شاهد من أهل بيته"، في إشارة إلى العهد العوني. فإذا كان تجمع روكز الحاشد في ساحة الشهداء نأى به شكلاً عن فشل هذا العهد في إدارة البلاد ووضعه في مواجهة مباشرة مع "المنظومة الفاسدة"، غير أنه أتى في مضمونه ليصيب "عديله" رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل باعتباره كان المعني الأكبر بالكلام عن "الصفقات وخيانة القضية"، وبدعوته من دون أن يسميه إلى "أن يستقيل ويفسح المجال أمام من يريد أن يعمل لا أن يكون مسؤولاً على مدى سنوات ويتهم غيره بالفشل بتهمة: ما خلوني إشتغل". ولأنّ الطبقة الحاكمة تمتهن فنّ الفشل والتهرب من تحمّل المسؤولية، فهي أصبحت "أشهر من نار على علم" في سياسة التعطيل والتنكيل بالدولة وتضييع فرص استنهاض الاقتصاد الوطني، لتتوالى تباعاً فضائح "تهشيل الصناديق" العربية والدولية هرباً من الشفافية المطلوبة في تنفيذ المشاريع.
وفي هذا الإطار، لم يمر مرور الكرام إقرار مجلس الوزراء في جلسة 25 حزيران الفائت بند إلغاء اتفاقية التمويل الكويتي لمشروع إعادة تأهيل محطتي توليد الكهرباء في معملي الذوق والجية، لا سيما وأنه "أضاع على اللبنانيين فرصة تمويل كهربائي بقيمة 200 مليون دولار في زمن يفتش فيه البلد عن "فلس الأرملة" وسط العتمة" وفق تعبير مصادر مطلعة على حيثيات هذا الملف، موضحةً لـ"نداء الوطن" أنّ "الكويت كانت قد أبدت منذ سنوات استعدادها للمساعدة في تأهيل هذين المعملين لإنتاج الطاقة وتم إبرام اتفاقية بقيمة 60 مليون دينار كويتي في العام 2015 (35 مليون دينار من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي أبرمت عام 2015، و25 مليون دينار من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية)، لكن وبعد طول أخذ ورد وتسويف من جانب وزارة الطاقة اللبنانية ضاعت اليوم فرصة الاستفادة من التمويل الكويتي لتأهيل معملي إنتاج الطاقة في الذوق والجية، بحجة أنّ "المناقصات لم تكن مثمرة" وأن الحكومة الحالية أقرت خطة لقطاع الكهرباء لم تلحظ تأهيل هذين المعملين، وبناءً عليه، راسل الصندوق الكويتي الجانب اللبناني وأعرب عن رغبته بإنهاء الاتفاقية المبرمة بهذا الخصوص".
ورداً على سؤال، شددت المصادر على أنه "كان هناك تعمد للتهرب من هذه الاتفاقية لأنها تعطي الصندوق الكويتي حق الإشراف على تنفيذ مشاريع التأهيل باعتباره الجهة الممولة لها"، مشيرةً إلى أنّها "سياسة الهروب إلى الأمام نفسها التي يتم اعتمادها مع صندوق النقد الدولي تملصاً من الإصلاحات التي يطالب بها، تم اعتمادها أيضاً مع الصندوق الكويتي الذي يرهن تمويل مشاريعه بالشفافية والرقابة على الأطر التنفيذية لها"، وختمت: "أي محاولة اليوم من الحكومة لإعادة برمجة قيمة الاتفاقية مع الجانب الكويتي وتجييرها لمصلحة تمويل مشاريع أخرى سيصطدم بجواب واضح وهو أنّ أي جهة مانحة أو أي صندوق عربي لن يرضى بإبرام أي اتفاقية جديدة مع لبنان قبل شروعه بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة منه والاتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج إنقاذي للوضع اللبناني".