سياسةمحليات لبنانية

حكايتي على باب أحد المصارف ..

 

في أحد فروع المصارف،جمهرة من اللبنانيين العابسين المنتظرين دورهم بأدب وباحترام ظاهر وبغضب كامن مستتر…
بعد انتظار لساعتين وصل دوري كمواطن يلتزم النظام ويحترم السلطة ، تقدّمت وأعربت عن رغبتي الجامحة بإبتسامة ملؤها التفاؤل والانشراح ، طالبا 600 يورو من حساب لي جارٍ الى مثواه الأخير وفي آمان لله، لتجيبني الآنسة ان لا يورو في المصرف طالبة مني وبإستياء ان اتوجه لمدير الفرع…
بهدوء الصنم و بكبرياء الحرّ طلبت منها  ان تأتي هي بمديرها وبصاحب المصرف إن تعذر قدوم الأوّل .
قالت بصوت منخفض:
-لا يورو في المصرف.
صحت بصوت عال :
–بما ان شعار مصرفكم  التضحية من أجل اللبناني، اللبناني الزبون الضحية حتما، اعطني حفنة من دولارات الشيطان الأكبر !

جلست والخوف بعينيها تتأمل الحاسوب المقلوب ،قالت يا لبناني لا تحزن فمالك كله بعون لله وسلامة رياضه و بأمانة النمر  منهوب ومنهوب ..ومنهووووب يا ولدي ،في حياتك يا ولدي عملة سبحان المعبود، لك منّا من مصرفنا  مئة دولار موجوع موجوع موجوووع…

إعتليت الحاجز الذي يفصُلنا  ،مرتبا معطفي الصوفي  وناظراً الى التعساء كروبسبيير فرنسي ،و صحت بالجماهير كلينين سوفياتي ، رافعا يدي اليُمنى الى الاعلى كالإمام الخميني :
— ارفع صوتي لتعلم كل الناس هنا اني انا اللبناني المقهور مسروق مسروق مسروووق ،و التفت الى الفتاة المنزعجة من انزعاجي والحائرة من امري و من غضبي وقلت لها:انا والله ماني شحّاد ، اعطيني بوسه دخيل لله…يا لالا…وقف الشحاد على باب لله…."

خرجت من المصرف خالي الوفاض من دون ورقة المائة دولار وانا محتار بأمري بين قلم ازرق لا ينفع  في جيب قميصي وبين قلم احمر  يسيل حبره في عروقي ،وبين مسدس روسي تحت معطفي البلشفي أهدتني اياه الألوية الحمراء  الايطالية في كوخ في حيّ السلّم ،وبين جسدي النحيل كغانديّ و كمهاتما هندي، وبين صرخة لعبدالناصر عند تأميم قناة السويس كقائد عربي ،وبين مواطن مجروح وموجوع ومنهوب ومنتحر سابقا وحاليا ولاحقاً وميّت حيًّا، ينتظر دفنه قبل عرسه ،يطلق النار عشوائيا لا يميز في مصرف بين ظالم ومظلوم ،بين مودع وناهب للمال ،في لحظة غضب و جنون ، في لحظة تخلٍ  عن الصبر والاخلاق في مصرف تخلى عن اماناته وأخلاقياته واستنجد واستقوى بعنصر امني .

يا سادتي اصحاب الامن و المصارف ،عنصر أمني واحد لا يكفي لمنع مجزرة مالية دموية فانتبهوا و عو قبل الندم…
حذار من الذل والجوع
حذار من القهر الملعون
حذار من شعب ما زال يصلّي ويصوم ويتناول حبوب مهدئة ويدعو للصبر كي لا يجنّ جنونه على حثالة مجرمين اقتصاديين وماليين…
اين اموال اللبنانيين يا جمعية المصارف و يا حاكم مصرف لبنان ونوابه الاربعة!
حذار حذار من لحظات تعقل لا تنفع بعد لحظة جنون واحدة، اللهم اني بلّغت……
 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى