قالت الصحف: لبنان بين أمرين.. التسليم بالشروط الإسرائيلية أو استمرار الحرب

الحوارنيوز – خاص
ابرزت صحف اليوم التطورات الديبلوماسية والمواقف الأميركية المغطاة من قبل الأنظمة العربية، وآخر هذه المواقف ما قاله السفير الأميركي ميشال عيسى من “أن المفاوضات لن توقف إسرائيل”…
خلاصة ابرزتها الصحف فماذا في التفاصيل؟
- صحيفة النهار عنونت: التحركات الديبلوماسية تنصبّ على “إطالة” التهدئة… السفير الأميركي: المفاوضات لا تعني توقف إسرائيل
وكتبت تقول: لا تبدو صورة الموقف في لبنان، رغم كل التحركات الكثيفة المتصلة بالجهود لاستبعاد تجدّد الحرب، واضحة أو مطمئنة إلى الحدود التي تتيح رسم خط بياني للمرحلة التي ستلي استحقاق انتهاء حصر السلاح في جنوب الليطاني. ومع أن التعويل كبير على قوة الدفع التي يمكن أن تنشأ حال إعلان لبنان انتهاء المرحلة الأولى من حصر السلاح، فإن معلومات ديبلوماسية لـ”النهار” تفيد بأن لبنان يمرّر مرحلة تهدئة نسبية في الأسابيع الأخيرة قبل نهاية السنة، في انتظار ترقب الاجتماع المقبل للجنةً الميكانيزم في 19 كانون الأول الحالي وما إذا كان سيؤدي إلى أي شيء أم لا، في ظل توقعات سلبية في شكل عام نتيجة أجواء احتقان مستمرة داخلية ومع إسرائيل وعدم وضوح الرؤية اللبنانية لمسار الأمور. إذ إن الكلام على آلية الانسحاب الإسرائيلية من النقاط التي تحتلها أو وقف اعتداءاتها لن يكون كافياً وحده في حال التسليم جدلاً بوجود موقف لبناني موحّد في هذا الإطار واستراتيجية واضحة. وتفيد هذه المعلومات أن الجهود الديبلوماسية الغربية والعربية لا تزال تنصب على تجنيب لبنان الحرب التي لا تبدو احتمالاتها مستبعدة، ومن المرجح أن تسعى فرنسا التي زار موفدها جان إيف لودريان لبنان إلى القيام بمساعٍ في هذا الاتجاه ومساعدة لبنان على كسب بعض الوقت لترتيب أموره المتعثرة. وما يلفت المعنيين في هذا الإطار أن السفير الأميركي ميشال عيسى كرّر تأكيده مرات من أن إسرائيل تميّز بين المفاوضات التي بدأت في لجنة الميكانيزم وحربها ضد “حزب الله”، الأمر الذي يفهم منه أن الرهان على أن خطوة التقدم نحو التفاوض وتكليف لبنان السفير سيمون كرم رئاسة الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم من شأنها استبعاد الحرب التي تهدد بها إسرائيل ليس واقعياً تماماً في هذه المرحلة على الاقل.
ولم تكن هذه الأجواء بعيدة عن لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس مجموعة العمل الأميركية لأجل لبنان السفير إدوارد غابرييل على رأس وفد، بحضور السفير الاميركي لدى لبنان ميشال عيسى الذي لفت تصريحه على الاثر، إذ شكر بري “الذي أتاح لنا بأن نأتي بقسم كبير من الأميركيين إلى لبنان لكي يسمعوا منه مباشرة ما هو الوضع، لأن عادة الأمور التي تصل إلى أميركا تصل ليست كما هو في لبنان، وعليه، الرئيس بري قدم رأيه مباشرة للوفد حول الوضع في لبنان”.
وبالنسبة إلى المفاوضات ضمن الميكانيزم بعد تعيين السفير سيمون كرم، قال: “الآن علينا ألا نحكم على الامور أو أن نعطيها الأهمية منذ اليوم الأول، وكما سبق أن قلت منذ يومين، علينا أن نفتح الأبواب وليعط كل واحد رأيه”.
وقال إن “المساعدات للجيش اللبناني مستمرة ولم تتوقف يوماً، وكما قلت أن المفاوضات بدأت وهذا لا يعني بأن إسرائيل ستتوقف وهم يعتقدون أن الأمرين منفصلين وبعيدين عن بعضهما البعض، وأعتقد أنه يمكن من خلال التفاوض تقريب وجهات النظر”.
وحول زيارة قائد الجيش إلى أميركا، أجاب عيسى: “ما زلنا نعمل عليها وليس لدي تاريخ محدد متى، ولكن أعتقد أنها ستحصل، وأنا برأيي أن قائد الجيش لديه رسالة للأميركيين ومن الأفضل أن يوصلها ويقولها بنفسه”.
في غضون ذلك، واصل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان جولته على القيادات اللبنانية، وبدا لافتاً أن قطيعة بدأت بينه وبين كتلة “حزب الله”، إذ لم يلتق أياً من نواب الحزب هذه المرة خلافاً لزياراته السابقة. وأفيد أنه رحب خلال لقاءاته بتكليف السفير سيمون كرم في الميكانيزم إلا أنه أكد أن الدول المراقبة لا ترى أن ذلك كافٍ من أجل إبعاد شبح التصعيد عن لبنان والمطلوب نزع سلاح “حزب الله”. والتقى أمس رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الذي قال إنّ “الاجتماع كان مهمًا جدًا لناحية أننا في مرحلة مفصلية قد تأخذ البلد إلى مرحلة سلام واستقرار وننتقل إلى مرحلة من الأمل في المستقبل أو قد يعود لبنان ويدفع ثمن التلكؤ عن تحقيق السيادة”.
والتقى المبعوث الفرنسي أيضاً نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب والنائبين ميشال معوض وفؤاد مخزومي.
وفي مقال له نشرته صحيفة فايننشال تايمز، أكد رئيس الحكومة نواف سلام “أن مستقبل لبنان لا يجب أن ينتهي عند الانهيار”، مشددًا على “أن حكومة قوية وحديثة قادرة على دعم روح الريادة والابتكار لدى اللبنانيين، وأن حكومته تعمل على انطلاقة وطنية جديدة ترتكز على ركنين أساسيين هما السيادة والإصلاح”.
وفي ما يتعلق بركيزة السيادة، شدّد سلام على “أن الدولة اللبنانية وحدها يجب أن تمتلك السلاح داخل أراضيها، وأنها وحدها من يملك قرار الحرب والسلم”. وقال إن الحكومة أصدرت في 5 آب الماضي تعليمات للجيش بوضع خطة شاملة لحصر السلاح بيد الدولة، وفي الشهر التالي أُقرّت الخطة التي تنص في مرحلتها الأولى على مهلة ثلاثة أشهر لضمان احتكار الدولة للسلاح جنوب الليطاني واحتوائه في بقية المناطق. وأشار إلى تعزيز الأمن في مطار بيروت والمعابر الحدودية، وتفكيك مئات المستودعات والأسلحة غير المشروعة وشبكات التهريب.
تزامن ذلك مع ردّ وزير الخارجية يوسف رجي على رسالة نظيره الإيراني عباس عراقجي، معتذراً عن عدم قبول الدعوة لزيارة طهران راهناً في ظل الظروف الحالية. وأوضح أن اعتذاره عن تلبية الدعوة لا يعني رفضاً للنقاش، إنما الأجواء المؤاتية غير متوفرة. وجدّد رجي دعوة عراقجي لعقد لقاء في دولة ثالثة محايدة يتم التوافق عليها، معرباً عن “كامل الاستعداد لإرساء عهٍد جديد من العلاقات البنّاءة بين لبنان وإيران شريطة أن تكون قائمة حصراً على الاحترام المتبادل والمطلق لاستقلال وسيادة كل بلد وعدم التدخل في شؤونه الداخلية بأي شكلٍ من الاشكال وتحت أي ذريعة كانت”.
بعيداً من هذه الأجواء طرأ تطور سلبي في ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت تمثّل في قرار لمحكمة بلغارية برفض تسليم لبنان مالك السفينة المرتبطة بانفجار المرفأ عام 2020، ومعلوم أن لبنان يطالب بتسليم المواطن الروسي القبرصي إيغور غريتشوشكين على خلفية الكارثة. وقالت محاميته إيكاترينا ديميتروفا لوكالة فرانس برس، إن “لبنان لم يقدّم ضمانات بأنه إذا صدر حكم بإعدامه فإن الحكم لن يُنفّذ”.
ولكن المعلومات المتوافرة لـ”النهار” تؤكد أنه على عكس ما نقل عن محامية غريشوشكين، فإن لبنان قدم فعلاً ضمانات لعدم تطبيق عقوبة الإعدام، لكن المحكمة البلغارية اعتبرت أنها غير كافية وقررت عدم تسليمه إلى لبنان، ولكنها وافقت على طلب القاضي طارق بيطار باستجوابه. ووفق معلومات “النهار” من المتوقع صدور قرار بوقف منع السفر عن بيطار بما يسمح له التوجه إلى بلغاريا الأسبوع المقبل.
- صحيفة الأخبار عنونت: مؤشرات التصعيد مستمرّة… وبغداد تحذّر الأميركيين من المسّ بالشيعة
وكتبت تقول: يبدو واضحاً أنّ قرار رئيس الجمهورية جوزف عون، بالتنسيق مع الرئيسين نبيه بري ونواف سلام، برفع التمثيل اللبناني في لجنة الـ«ميكانيزم» إلى مستوى مدني، لم يُسقط من الحسابات احتمال لجوء العدو إلى تنفيذ تهديده بعدوان عسكري جديد. وهو ما بدا واضحاً في ثلاثة مؤشرات أمس:
الأول، تأكيد مصادر رسمية لبنانية نعي المبادرة المصرية التي كانت تقوم على نقطتين رئيسيتين: نزع كامل سلاح حزب الله جنوب الليطاني، والتزام الحزب بعدم استخدام أي سلاح شمال النهر ضدّ إسرائيل.
الثاني، ما نقلته مصادر دبلوماسية أوروبية في بيروت عن المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس، بأنّ العدو الإسرائيلي في صدد توجيه «ضربات كبيرة وقاضية» إلى حزب الله، خصوصاً في الضاحية الجنوبية والبقاع، في حال لم يبادر إلى تسليم الصواريخ الدقيقة والمسيّرات بحلول السنة الجديدة.
الثالث، تأكيد السفير الأميركي في بيروت ميشال عيسى، من عين التينة، أنّ المسار الدبلوماسي مع لبنان منفصل عن مسار الحرب مع حزب الله. وأوضح عيسى بعد لقائه بري على رأس وفد من «مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان»، أنّ «إسرائيل تفرّق بين المفاوضات مع الحكومة اللبنانية وحربها ضدّ حزب الله، وما يحصل هو محاولة للتوصّل إلى حلّ».
وعليه تترقّب جميع الأطراف انتهاء الشهر الجاري، وهو الموعد المرتبط بالانتهاء من خطة الجيش لحصر السلاح جنوب الليطاني والانتقال إلى شماله، مع تأكيد حزب الله أنّ الاتفاق يشمل جنوب النهر حصراً، فيما ينتظر الأميركي والإسرائيلي أداء الجيش اللبناني لتحديد المسارات المقبلة. كذلك يترقّب الجميع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، للقاء الرئيس دونالد ترامب في 29 الجاري، وسط رصد لما إذا كان الأخير سيضغط على تل أبيب لفرملة التصعيد أم العكس.
المنطقة الاقتصادية
الى ذلك، كشفت مصادر مطّلعة أنّ إشارة رئيس حكومة العدو إلى التعاون الاقتصادي، في تعليقه على الاجتماع الأخير للجنة الـ«ميكانيزم» بحضور المندوبين المدنيين، لم يأتِ من فراغ، وأنّ العدو أثار الأمر في أثناء الاجتماع الذي عقد على مرحلتين، واحدة بحضور العسكريين وثانية اقتصرت على المدنيين.
وقالت مصادر مطّلعة إنه عندما أثيرت مسألة التعاون الاقتصادي وفق تصوّر أميركي لإعادة بناء المنطقة الحدودية بطريقة مختلفة، قال السفير سيمون كرم، إنّ لبنان يريد أولاً إنهاء الاحتلال ووقف الاعتداءات والسماح لأبناء المنطقة بالعودة إلى منازلهم وقراهم، وعدم عرقلة عملية الترميم أو الإعمار، وإنّ لبنان يرى في هذا الأمر شرطاً لازماً لأي بحث في مستقبل هذه المنطقة.
وقالت المصادر إنّ لبنان سبق أن سمع من المبعوث الأميركي توم برّاك، أفكاراً حول المنطقة الاقتصادية، بينها ما يتعلّق بإطلاق ورشة بنى تحتية للمنطقة الحدودية تستند إلى دور اقتصادي مختلف، وأنّ الاستقرار الأمني المستند إلى اتفاق قوي بين البلدين سيسمح بإطلاق عملية بناء منطقة التعاون الاقتصادي، وأنّ واشنطن واثقة من قدرتها على إقناع مستثمرين من دول الخليج العربية بالعمل في هذه المنطقة، كما يمكن أيضاً إقناع رجال أعمال لبنانيين بذلك.
وقالت المصادر إنّ برّاك، شرح لإحدى الشخصيات اللبنانية فكرته بالقول: «نعتقد في أميركا، خلافاً لما تراه إسرائيل، أنه يجب منح الدولة والقطاع الخاص دوراً كبيراً في إدارة الأمور اليومية لسكان الجنوب، بما يجعلهم يستغنون عن الدعم الذي يوفّره حزب الله لهم. وفي كل مرحلة تتطوّر فيها الأعمال، سيجد الناس أنفسهم أكثر بعداً عن حزب الله». وبحسب المصادر فإنّ برّاك، كان صريحاً في التعبير عن اعتقاده بأنّ نزع السلاح بالقوة أمر صعب، ولا يمكن إقناع الناس بالتخلّي عن السلاح من دون تقديم بديل إليهم.
نصيحة عراقية
في غضون ذلك، قالت مصادر مطّلعة إنّ رئيس الحكومة العراقي محمد شياع السوداني، نصح برّاك، في لقائهما مطلع الشهر الجاري، بالضغط على إسرائيل لوقف الاعتداءات على لبنان وبحماية الديموغرافيا اللبنانية، محذّراً من أنّ «أي ضربة كبيرة للشيعة في لبنان ستكون لها ارتداداتها في المنطقة، وضمناً العراق». إلا أنّ المصادر نفسها نفت تماماً أن يكون برّاك، قد أبلغ السوداني، بأنّ إسرائيل ستقوم بعملية عسكرية ضدّ حزب الله، أو نقل تحذيرات إلى العراق من ضربة إسرائيلية ضدّ بغداد إذا تدخّل أي طرف عراقي إلى جانب الحزب.
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، أمس، أنّ رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية «أمان» شلومي بيندر التقى لأورتاغوس، في زيارتها الأخيرة إلى الكيان قبل حضورها إلى لبنان للمشاركة في اجتماع الـ«ميكانيزم»، وقالت الصحيفة إنّ المسؤول الإسرائيلي قدّم «معلومات بشأن تعاظم قوة حزب الله وعجز الجيش اللبناني في مواجهته».
وبحسب التقرير فإنه «في أثناء لقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه يسرائيل كاتس، مع أورتاغوس، في مكتب رئيس الحكومة في القدس، حضر رئيس شعبة الاستخبارات معطياته قائلاً بأنّ حزب الله يهرّب العديد من الصواريخ القصيرة المدى عبر الحدود مع سوريا، وينقل بنى تحتية إلى منطقة شمال نهر الليطاني، ويقوم بتفعيل عناصره داخل القرى». ونقل التقرير عن مسؤول أمني إسرائيلي قوله: «لا نرى أنّ حزب الله سيتخلّى عن سلاحه عبر اتفاق، ولا جدوى من استمرار هذا الاتفاق. ونحن نسير نحو التصعيد، وسنقرّر موعده بما يتناسب مع مصالحنا الأمنية».
وقالت الصحيفة إنّ «البيت الأبيض يبدي قلقاً بالغاً من انهيار الاتفاق وضعف الحكومة اللبنانية التي تعجز عن إلزام الجيش اللبناني فرْض نزع سلاح حزب الله».
- صحيفة الديار عنونت: مسقط محطة حاسمة: الرئيس عون بحث وساطة ثلاثية الأبعاد لإنقاذ لبنان
هل وجود النازحين السوريين في لبنان… ورقة ضغط بيد الشرع؟
وكتبت تقول: في منطقة تمزقها المواجهات العسكرية، برزت سلطنة عُمان كملاذ دبلوماسي آمن، بفضل نهجها المرن مع مختلف الأطراف المتصارعة وابتعادها عن أي محور. وفي هذا الإطار، اراد رئيس الجمهورية جوزاف عون من خلال زيارته لمسقط حيث التقى السلطان هيثم بن طارق بن تيمور أل سعيد، ان يضع في صلب المحادثات ضرورة تكثيف الجهود الدبلوماسية لمنع اندلاع الحرب الواسعة التي تهدّد «إسرائيل» بشنّها ضد لبنان.
وتعقيبًا على الزيارة، وصف مستشارٌ لدى إحد المراجع السياسية هذه الخطوة بأنها «أمّ الزيارات»، نظرًا إلى الدور المحوري الذي يمكن أن تضطلع به السلطنة في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة، بوصفها حاضنة قادرة على القيام بمهمة بالغة الحساسية قد تفضي إلى حلّ ينقذ لبنان ان من الانفجار الداخلي أو من شرور الحرب الإسرائيلية المحتملة بخاصة بعدما ادت الوقائع على الارض والمواقف الى زيادة التصلب لدى حزب الله الذي بات يعتبر ان سلاحه مسألة وجودية ان بالنسبة الى الحزب او الى البيئة الحاضنة.
وفي السياق ذاته، قالت مصادر اعلامية في مسقط للديار بان المباحثات التي اجراها الرئيس عون مع السلطان هيثم بن طارق تناولت قيام السلطنة بدور الوساطة لعلاقتها الوثيقة بكل من طهران و«تل ابيب»، فضلا عن علاقتها مع واشنطن، بحيث ان المصادر اياها وصفت تلك الوساطة بانها «ثلاثية الابعاد»، كون معالجة الازمة اللبنانية تحتاج الى اتصالات مع كل من ايران و«اسرائيل واميركا في اوقات متزامنة.
الحلقة الديبلوماسية المقفلة
هذا بعدما بات واضحا ان المبادرة المصرية بدأت تدور في حلقة مفرغة دون ان تلقى الصدى الملائم سواء في واشنطن او في «تل ابيب»، وكذلك بعدما اظهر المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان اعتراف الاليزيه بانه لم يتمكن من احداث اي خرق في الموقف الاميركي او «الاسرائيلي»، لا بل ان «الاسرائيليين» يعتبرون ان باريس تعمل في اتجاه معاكس لمصالحهم الاستراتيجية، وان صدرت عنها مواقف مؤيدة لمواقف الاسرائيليين دون ان تتعدى في نظرهم المجال الاعلامي البحت.
اذا اتت الزيارة الرئاسية الى سلطنة عمان بعدما اظهرت التطورات ان تسمية السفير سيمون كرم، المعروف بمواقفه المعادية «جدا» لحزب الله وكذلك البدء بالمفاوضات لم يغير في اللهجة «الاسرائيلية»، حتى ان السفير الاميركي لدى لبنان ميشال عيسى صرح لدى خروجه من اجتماع مع الرئيس نبيه بري في عين التينة بأن «اسرائيل»:» تفرق بين المفاوضات مع الحكومة اللبنانية وحربها ضد حزب الله»، مضيفا بأن « ما يحصل هو محاولة للتوصل الى حل». وهذا يعني ان الطيران المعادي «الاسرائيلي» قد لا يستهدف المؤسسات والمرافق التابعة للدولة اللبنانية، لتقتصر ضرباته على مواقع ومراكز تزعم «اسرائيل» انها لحزب الله، كما لو ان الارض التي يتواجد فيها الحزب ليست ارضا لبنانية. اما الاخطر من ذلك، هو كلام السفير عيسى الذي بدا كأنه تبرير اميركي للموقف التصعيدي «الاسرائيلي».
مساران للمفاوضات اللبنانية مع «اسرائيل»
في التفاصيل، رأت مصادر ديبلوماسية للديار بأن لبنان متجه الى مسارين في المفاوضات مع «اسرائيل». المسار الاول يرتكز على المسائل التقنية من ناحية وقف اطلاق النار حيث يشارك في الوفد التفاوضي ضباط عسكريون بهدف تعزيز الجانب الأمني والعسكري في المحادثات ودعم المواقف الرسمية خلال المفاوضات.
اما المسار الثاني فهو مسار سياسي يتناول الاوضاع التي يمكن معالجتها دون الوصول الى التطبيع على غرار ترسيم الحدود البرية واستخراج النفط والغاز وما الى ذلك. وهنا، اشارت المصادر الديبلوماسية انه في المسار السياسي سيكون هناك حالة تطبيع ولكن غير رسمية.
تظاهرات النازحين السوريين: تهديد متصاعد يواجه لبنان
بموازاة التركيز على اتصالات عمان التي يمكن ان تبدأ في أي وقت، انشغلت جهات سياسية وامنية مسؤولة بالتظاهرات للنازحين السوريين التي جرت في اكثر من منطقة لبنانية، في الذكرى السنوية الاولى لتغيير النظام في سورية،حيث ابدت هذه الجهات تخوفها من تبعات ما جرى، وانعكاس ذلك على المشهد العام في البلاد الى حد التساؤل ما اذا كان النازحون السوريون بمثابة «الجيش السوري البديل» على الارض اللبنانية والذي يمكن ان يؤشر الى تطورات داخلية خطيرة.
وهناك بين الاوساط السياسية من يسأل ما اذا كانت السلطة الجديدة في سورية تستعمل ورقة النازحين للتدخل في المسار السياسي والاستراتيجي للدولة اللبنانية كما كان الحال خلال وجود النظام السابق وحيث تم استخدام الورقة الفلسطينية ما ادى الى اندلاع الحرب الاهلية عام 1975، وفي ظل ظروف تجعل من اي صدام داخلي اكثر تهديدا للكيان اللبناني برمته ودون ان يبدو في الافق اي مجال لاعادة اكثر من مليون نازح سوري الى بلادهم حتى على امتداد السنوات المقبلة. وتزيد من مخاطر المشهد، التصريحات المتلاحقة للمبعوث الاميركي توم براك حينا بالكلام عن الحاق لبنان ببلاد الشام وحينا بضم لبنان وسوريا باعتبارهما ينتميان الى حضارة «رائعة».
رجي وزيارة طهران
وفي غضون ذلك، وفي حين يبدو لبنان انه يبحث عن مصباح مضيء عن اي طريق يوصل الى الخروج من المأزق الراهن، يبدو ان وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي ما زال مصرا بان يكون ممثلا لمعراب لا ممثلا للحكومة في ادائه الديبلوماسي. والحال ان رجي اعتذر رسميا عن عدم تلبية دعوة نظيره الايراني عباس عراقجي لزيارة طهران، موضحا في الوقت ذاته ان الاعتذار عن قبول الزيارة لا يعني رفض الحوار مع طهران، بل يعود الى غياب الظروف المؤاتية في الوقت الراهن دون ان يحدد طبيعة هذه الظروف. هذا الامر حمل البعض على التساؤل ما اذا كان لبنان في حالة حرب مع ايران؟
الانتخابات النيابية: الاتجاه نحو ارجائها
الى ذلك، تشير جهات على بينة من الاتصالات التي تجري داخليا وخارجيا في الظل هو ان الاتجاه يشير الى ارجاء الانتخابات النيابية المفترض حصولها في الربيع المقبل في عام 2026 ، ليس فقط بسبب الاجواء الاقليمية الحالية وحيث سيقف لبنان امام احتمالات مجهولة وانما بسبب الاجواء الداخلية المحمومة توترا على الصعيد الطائفي والمذهبي.
واعتبرت اوساط سياسية رفيعة المستوى للديار ان الانتخابات النيابية المقبلة ستكون انتخابات لاستكمال التشرذم اللبناني الموجود حاليا.
نبذة عن المسار الزمني لسلطنة عمان(2025-1980)
منذ ثمانينيات القرن الماضي، بدأت سلطنة عُمان ترسم لنفسها دورًا فريدًا في الشرق الأوسط، يقوم على الحياد الإيجابي والابتعاد عن سياسة المحاور. وخلال الحرب العراقية–الإيرانية، كانت من الدول الخليجية القليلة التي حافظت على قناة اتصال مع طهران، مما وضع الأساس لدورها كجسر دبلوماسي.
في التسعينيات، وبعد توقيع اتفاق أوسلو، انفتحت عُمان على اتصالات هادئة مع «إسرائيل»، فوصلت العلاقات إلى زيارة شمعون بيريس لمسقط عام 1996 عندما كان يشغل منصب رئيس الوزراء. هذه الزيارة كانت إشارة مبكرة إلى أن السلطنة قادرة على التحدث مع أطراف متخاصمة دون إثارة حساسيات إقليمية. وفي تلك الفترة، اتخذت عُمان خطوة غير مسبوقة في الخليج، إذ سمحت بفتح مكتب تمثيل تجاري «إسرائيلي» في مسقط، لتكون أول دولة خليجية تقدم على هذا النوع من الانفتاح قبل أي دولة أخرى في المنطقة، مع حفاظها في الوقت ذاته على عدم الدخول في أي محور سياسي أو أمني.
ومع مطلع الألفية، بدأت عُمان تتحول إلى منصة تواصل غير معلنة بين إيران والولايات المتحدة، خصوصًا في ملفات شائكة تتعلق باحتجاز مواطنين أميركيين أو تبادل الرسائل غير المباشرة. وبحلول عام 2013، بلغت هذه الوساطة ذروتها حين استقبلت مسقط المفاوضات السرية بين مسؤولين أميركيين وإيرانيين، وهي اللقاءات التي قادت لاحقًا إلى الاتفاق النووي لعام 2015.
وفي عام 2018، استقبلت السلطنة زيارة بنيامين نتنياهو ورئيس الموساد، في خطوة عكست رغبة عُمان في إبقاء قنواتها مفتوحة مع الجميع، حتى مع الأطراف التي لا تجمعها بها علاقات رسمية. لم تكن الزيارة إعلانًا عن تحالف، بل استمرار لسياسة الأبواب غير المغلقة.
خلال السنوات اللاحقة، ورغم التوتر المتصاعد في المنطقة بين إيران و»إسرائيل»، حافظت عُمان على نهجها الثابت: لا تنحاز، لا تهاجم، ولا تقطع خطوط التواصل مع أي طرف. وحين اندلعت الحرب المباشرة بين إيران و»إسرائيل» عام 2025، كانت مسقط واحدة من العواصم القليلة القادرة على استقبال وفود الطرفين أو حلفائهما في محادثات تهدف إلى الحد من التصعيد.
وبذلك، عبر أكثر من أربعة عقود، تحولت سلطنة عُمان إلى مساحة دبلوماسية محايدة في منطقة تمزقها المواجهات، وجسر الهوة بين دول متخاصمة دون أن تكون طرفًا في الصراع، بل وسيط يحافظ على الهدوء حين تعج المنطقة بالصخب.

