قالت الصحف: لبنان الفرادة بحاجة الى معجزة فريدة!
الحوارنيوز – خاص
هل يعيد " حراك الشارع الوطني" اليقظة والحس بالمسؤولية لدى أقطاب النظام الطائفي في لبنان؟
سؤال اكتسب مشروعيته من خلال التعثر المتعمد لتأليف الحكومة بسبب شروط تضعها بعض القوى على الرئيس المكلف بحجة "المشاركة"!
جمود بدأ ينعكس مخاطر كبيرة على البلاد، ما دفع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي لزيارة رئيس مجلس النواب للتباحث بفرص المتاحة للحلول، فيما نقلت نقلت "الأخبار" معلومات عن موفد للرئيس عون الى الرئيس دياب ابلغه فيها انه لم يعد مرغوب به لتأليف الحكومة!
صحيفة "النهار" عنونت لإفتتاحيتها:" الإستجارة بتصريف الأعمال عشية موجة تصعيدية" وكتبت تقول:" بمرور 27 يوماً منذ تكليف الدكتور حسان دياب تأليف الحكومة الموعودة من دون أي افق واضح للمأزق الناشئ الذي حاصره على أيدي تحالف القوى الذي رشحه ودعمه وأيد تكليفه، بدأت ترتسم ملامح ازمة استثنائية تماماً لم تعد تنطبق عليها القواعد القديمة التقليدية التي كانت تواكب تعقيدات تأليف الحكومات ولو ان مدد التأليف كانت تطول اكثر بكثير مما طالت الازمة الحالية. فالزمن الراهن في لبنان هو زمن كارثي بكل المعايير ولا يمكن تقليل أو تخفيف هذه الحقيقة على غرار سياسات الانكار وطمر الرؤوس في الرمال التي تتبعها السلطة الامر الذي يملي عدم اهدار أي دقيقة في مناورات المحاصصات السقيمة التي لعبت دوراً اساسياً في تقويض كل الجهود الاصلاحية التي كان يفترض ان يتبعها لبنان لتجنب المصير القاتم الذي انزلق اليه في الشهور الاخيرة.
لكن الحاصل منذ نحو اسبوعين يبدو أقرب الى المهازل السياسية التي تكشف مأساة بلد يواجه اسوأ كارثة اقتصادية ومالية واجتماعية عرفها أقله منذ نهاية الحرب، فيما لا تزال قوى سياسية تتمهل وتلهو تارة بألاعيب المحاصصات، وطوراً التبريرات العقيمة للتأخير في تأليف الحكومة، علماً ان هذه القوى تنتمي الى ارتباط تحالفي واحد كان يفترض ان يترجم في تسهيل مهمة الرئيس المكلف الذي اختارته بأكثرية أصوات كتلها النيابية. واجه دياب انقلاب حلفائه عليه تباعاً من غير ان تتبين بعد الاسباب الخفية التي وقفت وراء هذا الانقلاب. ومع ان بعض القوى والجهات المعنية ترفض التسليم بمنطق الانقلاب على دياب ولا تزال تردد ان الفرصة لم تسقط امام معاودة الجهود لتأليف الحكومة فان مجمل المعطيات التي توافرت مطلع الاسبوع الجاري بدت بمثابة تمهيد تصاعدي لـ"الاستجارة" بتعويم حكومة تصريف الاعمال كعنوان تحتمه الضرورات الدستورية أولاً، والاولويات المالية والاقتصادية والادارية والخدماتية تاليا في انتظار مرحلة قد تطول قبل بت المصير الغامض لتكليف دياب وعبره للازمة الحكومية كلاً.
وهكذا لم يكن غريبا ان ينضم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى رئيس مجلس النواب نبيه بري مساء أمس في ابراز اهمية قيام حكومة تصريف الاعمال بعد العودة المنتظرة للرئيس سعد الحريري اليوم الى بيروت بتفعيل نشاطها باعتبار ان موقف بري الذي كان كشفه تكراراً قبل ساعات من لقائه جنبلاط امام مجلس نقابة الصحافة لم يظهر جديداً يوحي بان طريق دياب باتت معبدة ومسهلة نحو التأليف السريع.
بدورها صحيفة "الأخبار" عنونت:" لا حكومة في الأفق .. السلطة المسترخية تتقاذف كرة النار" وكتبت تقول:" يستعدّ لبنان لموجة جديدة من "الغضب" الشعبي بوتيرة أكبر، نتيجة استرخاء السلطة التي أثبَتت استعدادها لحرق ما تبقى من مقومات الدولة شرط عدم المس "بعروشها"، إذ لا تزال تقابل كل المأساة المالية والاقتصادية والاجتماعية بكباش حكومي على الأوزان والحصص والحقائب والأسماء
بعدَ انشغال لبنان الأسبوع الماضي بمراقبة الرسائل النارية المُتطايرة في منطقة يُعاد رسم النفوذ فيها، عادتَ البلاد الى واقعها الغارِق في أخطر أزمة مالية – اقتصادية – اجتماعية عرفها تاريخها الحديث. الشعب يحترق بلهب الأزمة، فيما السلطة تتصرّف وكأن لا وجود لمشكلة تتطلّب حلّاً، ولا حاجة ملحّة إلى التخلّص من تبعاتها، وأثبَت هوسُ مكوّناتها بفكرة الاحتفاظ بالمُكتسبات، أنها مسُتعدّة لحرق ما تبقى من مقومات الدولة، شرط عدم المساس "بعروشها". فالجهات الفاعلة، وبدلاً من أن تنخرِط في عملية البحث عن تصوّر، أقله، لضبط الانهيار، لا تُكلّف نفسها حتى عناء الخروج بوعود إصلاحية، ولو كذباً. وهي اليوم ترتكِب خطأً استراتيجياً بالتمادي في سياسة الإنكار لطبيعة المأزق الأساسي وما يستولده من أزمات ما عادَ بالإمكان ترقيعها أو إخفاؤها. وهي من حيث لا تدري، تصُبّ بإنكارها هذا الزيت على نار الحراك الشعبي الذي خبا في الفترة الماضية، ومن المرجّح أن يعود ويتّقِد بشكل أكبر في الأيام المُقبلة، بعدَ أن فقد الناس ما تبقى من ثقة بالسلطة الحاكمة.
فهذه السلطة لا تزال تتعامل مع الأحداث باسترخاء سياسي. لا يضرّها إذلال المواطنين في المصارف، ولا فلتان الأسعار وتصاعدها، وفقدان بعض المواد من الأسواق. وكأن أحداً فيها لا يسمَع عن الانقطاع المُستمر للتيار الكهربائي، ولا أزمة الغاز التي أعادت صورة الطوابير خشية انقطاع هذه المادة بفعل الصراع بين الوكلاء والشركات المستوردة. وقد بلَغ استهتار هذه السلطة حدّ الاستخفاف بالصرخات التي يُطلقها أصحاب المستشفيات بسبب عجزهم عن شراء المستلزمات الطبية بالسعر الرسمي للدولار، الذي لامسَ يومَ أمس عندَ الصيارفة عتبة الـ2500 ليرة!
كل هذه المأساة تُقابلها السلطة بكباش حكومي على الأوزان والحصص والحقائب والأسماء. كل طرف من المتفاوضين يرمي المسؤولية على الآخر. تارة يهدّد بالانسحاب وتارة أخرى بسحب الغطاء عن الرئيس المكلف حسان دياب، ومرة بعدم المُشاركة في الحكومة. حتى وصلَ الأمر في الأيام الماضية الى فرملة الاتصالات بين القوى السياسية التي تعِد "باستئنافها في اليومين المقبلين". وأمام هذا المشهد، عادَ الشارع ليغلي من جديد، حيث يبدأ اليوم أسبوع "الغضب"، الذي لا يضمن أحد المدى الذي يمكن أن يصل إليه.
حتى ليلِ أمس لم يكَن هناك من مستجدّات يبنى عليها في ما يتعلق بالحكومة العتيدة. باستثناء معلومات أكدت أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل سحبا يديهما من دياب. وعلمت "الأخبار" أن عون "أرسل الى دياب موفداً، وهو الوزير سليم جريصاتي، ليبلغه بشكل غير مباشر بأنه لم يُعد مرغوباً فيه كرئيس مكلّف، لكن دياب بقي على موقفه المتشدّد بعدم التنازل". وليسَ صدفة في ظلَ هذه الأجواء أن يستقبِل عون النائب فؤاد مخزومي، وهو اسم مُرشّح لأن يكون بديلاً من دياب، في بعبدا، الأمر الذي فسّرته مصادر في فريق 8 آذار بوصفه "زكزكة لدياب".
وتحت عنوان :" أزمة الاقتصاد تبلغ الذروة ودياب متمسك بالتكنوقراط" خصصت صحيفة "الجمهورية" افتتاحيتها للموضع الاقتصادي وتجلياته وكتبت تقول:" يوماً بعد يوم، يتفاعل ابتلاء اللبنانيين بطبقة فاشلة من السياسيّين، ضُبطت بالجرم المشهود في إصرارها على ارتكاب جريمة إسقاط لبنان ومحوه من خريطة الوجود كوطن، وإفقاده مناعته وحصانته وصفة الدولة الراعية لمواطنيها، وإبعاده مسافات زمنية حتى عن مصاف الدول الأكثر فقراً وتخلّفاً في العالم.
وأمام هذا الواقع، يلوّح الحراك الشعبي بالتصعيد، وتنظيم تحرّكات احتجاجية واسعة هذا الأسبوع في بيروت والمناطق، تحت عنوان "أسبوع الغضب" في مواجهة هذه الطبقة السياسية، وتجاهلها صراخ اللبنانيين وأوجاعهم المتزايد على مدار الساعة. فيما مسار تأليف الحكومة الجديدة معقّد بالكامل. وانحدر الخلاف ، على ما كشفت مصادر سياسية موثوقة لـ"الجمهورية" إلى حدّ مبادرة بعض المطابخ في بعض المقرّات الرسمية إلى محاولة البحث عن مخارج واجتهادات دستورية لإنهاء تكليف حسّان دياب، لاستخدامها فيما لو اقتضت الضرورة الذهاب الى هذا الحدّ.
الى هذا الحدّ وأكثر، انحدر حال البلد؛ كلّ اللبنانيّين دُفعوا قهراً وقسراً الى حافة هاوية، وباتوا ينتظرون هبّة ريح خفيفة ليسقطوا في مجهول كارثي، وهذا الشعور بالخوف يُعبَّر عنه في كلّ بيت، وفي الفوضى العارمة التي تضرب البلد؛ فوضى أشبه بسلاح دمار شامل، يفتك بالاقتصاد والمعيشة، وبالليرة أمام دولار محلّق صعوداً بلا ضوابط، ويحيي شبح الجوع ويفقد الأمان ويشرّع الباب واسعاً امام فلتان اللصوص والسرقات والتشليح وعمليات القتل.
وفي المقابل، مسرحيّة سياسية سوداء، يتصارع في المحتكمون والمتسلطون، ليس على جنس الملائكة، بل على جنس الشياطين من طينة السياسيين الذين قدّموا نماذج فاضحة في الأداء المستهتر بالبلد وما آل اليه حاله، وفي النسف المتعمّد لأسس الدولة، وفي تقديم أبشع الصور المخجلة عن لبنان أمام العالم كلّه، دون أن يرفّ لهم جفن او يتحرّك لديهم حسّ بالمسؤولية امام الكارثة التي تتهدد لبنان من أقصاه الى أدناه. وحكومة تصريف الأعمال غائبة عن الوعي، لا تقوم سوى بتمرير منافع وصفقات، وقبض الرواتب والمخصصات لكلّ أعضائها!