سياسةصحفمحليات لبنانية

قالت الصحف: قلق من تزايد التهديدات والاعتداءات.. ماذا في جعبة الموفد المصري؟

 

 

الحوارنيوز – خاص

عكست صحف اليوم تزايد التهديدات المباشرة والعلنية لبعض قادة العدو لجهة مواصلة عدوانهم وتوسيعه، بما يحقق أهدافهم السياسية والأمنية من العدوان، وقرأت الصحف أبعاد هذه التهديدات المنسقة مع الإدارة الأميركية..

ماذا في التفاصيل؟

 

  • صحيفة النهار عنونت: الاستعدادات للزيارة البابوية تخرق مناخ القلق احتقان تصاعدي حول لغم قانون الانتخاب

وكتبت تقول: عشية مرور ذكرى سنة كاملة، غداً، على سريان “اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل” في 27 تشرين الثاني 2024، بدا لبنان في ذروة مرحلة يحفها الغموض والقلق، وسط تصاعد المخاوف من جولات حربية جديدة أو عملية واسعة لا تزال كل مؤشراته تنذر اللبنانيين بأن صفحة الحروب لم تطو بعد. ولعل مقاربة رئيس الحكومة نواف سلام لما وصفه بتصعيد حرب الاستنزاف من طرف واحد عكست حالة السلطة السياسية تحت هذه الظروف. ومع ذلك، ربما تكون الأجواء التي بدأت تدخلها البلاد استعداداً للزيارة التاريخية التي سيقوم بها البابا لاوون الرابع عشر للبنان من الأحد إلى الثلاثاء المقبلين، عامل تخفيف كبيراً للقلق والمخاوف وتطوراً دافعاً بقوة نحو إحلال الاستقرار والسلام وفق ما تسود الآمال العريضة معظم اللبنانيين، على صعوبة وتعقيد تحقيق هذه الآمال. ومع ذلك بدأ “مزاج” اللبنانيين بالتبدل أمس، في ظل إبراز الاستعدادات لزيارة البابا من جهة، والساعات الماطرة بل الفيضان المطري الذي أغرق قبل الظهر بيروت ومداخلها وضواحيها بفعل العواصف الرعدية وكثافة الأمطار وسرعة الرياح التي هبّت لأقل من ساعات، كانت كفيلة بإغراق الطرق بالمياه وتحويل مناطق كثيرة إلى بحيرات عائمة، ما أدى إلى زحمة سير خانقة على مختلف الطرق في فترة قبل الظهر.

وفي غضون ذلك، ظلت تداعيات عملية اغتيال إسرائيل القائد العسكري الأول والرجل الثاني في “حزب الله” قائد أركانه هيثم الطبطبائي الأحد، وما يمكن أن يعقبها من تصعيد إسرائيلي ضد لبنان، ترخي بظلالها على الساحة اللبنانية. وترقبت الأوساط المعنية وصول وزير الخارجية المصرية بدر عبدالعاطي إلى بيروت، في إطار المساعي الدولية لمنع تدهور الوضع العسكري، في حين قال وزير الخارجية الألمانية أنه “يجب دعم الحكومة اللبنانية لنزع سلاح “حزب الله”.

وبدا لافتاً ما كتبه الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر حسابه على “أكس” قائلاً: “كفانا إملاءات أميركية او إيرانية على حساب وحدتنا الداخلية، وكفانا حسابات سياسية ضيقة” .

ولم يخفِ رئيس الحكومة نواف سلام أن لبنان يتعرض لحرب استنزاف. وهو عقد مؤتمراً صحافياً في مرفأ بيروت الذي تفقده أمس، وذكر بدايةً ضحايا انفجار مرفأ بيروت وتمنّى أن تتحقّق العدالة قريبًا، وقال: “أنا آخر من سيتدخّل في عمل القضاء، ولكن هذا حقّ الضحايا وحقّنا جميعًا في أن نرى العدالة في أقرب وقت”.

وعما إذا كان حان الوقت لاستئناف العمل في ملف انفجار المرفأ، أجاب: “لا يمكن القول إنّ القضاء متوقّف، فهو يقوم بعمله. صحيح أنّه مرّ بفترة تعطّل، لكن منذ تولّي حكومتنا نوفّر كل الدعم الذي يطلبه القضاء لاستمرار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت. ولا أعرف متى ينتهي التحقيق، لكنّي أتمنى، أنا وأهالي الضحايا، أن تكون العدالة قريبة، وقريبة جدًا”.

أما في ما يتعلّق بالوضع في الجنوب، فأوضح أنّ للحكومة خطة وضعها الجيش اللبناني، ويتم تنفيذها شهرًا بعد شهر بناءً على التقارير التي يتقدّم بها الجيش، مؤكدًا استمرار التعاون مع القيادة العسكرية. وأشار إلى أنّه التقى أول من أمس بقائد الجيش لأكثر من ساعة وبحثا في هذا الموضوع. وفي ما يخصّ الاعتداء الإسرائيلي الأخير على الضاحية الجنوبية لبيروت، قال “إنّ من الواضح أنّ إسرائيل تعتمد خطًّا تصعيديًا”، مضيفًا: “لقد قلت أمس إنّنا سنعمل على حشد المزيد من الدعم العربي والدولي لوقف هذه الاعتداءات وللعمل على الانسحاب الإسرائيلي”.

وعن خطة طوارئ في حال نشوب الحرب، قال: “نحن في حالة حرب تتصاعد وتيرتها، وقد اتّخذت طابع حرب الاستنزاف من طرف واحد. ونحن نتّخذ الاحتياطات لمواجهة أي عمليات تصعيد، وكل ما قد ينجم عنها على الصعد الإنسانية والاجتماعية وغيرها”.

وفي المقلب الآخر من المشهد السياسي، توقعت مصادر نيابية وسياسية مطلعة أن ينفجر لغم قانون الانتخاب بعد زيارة البابا للبنان. ولفتت إلى أن احتقاناً واسعاً يسود مختلف القوى السياسية حيال ما آلت إليه عملية استهلاك الوقت ومنع إحالة مشروع قانون الحكومة لتعديل قانون الانتخاب، ما ينذر بانفجار سياسي وشيك.

وفي هذا السياق، بدا لافتاً أن رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان وزّع انتقاداته أمس على رئيسي مجلس النواب والحكومة، غامزاً من قناة اتهامهما بالتواطؤ على تأخير إرسال مشروع الحكومة إلى المجلس. وقال عدوان، إنه “بعدما أرسلت الحكومة مشروع قانون معجّل، بات الرئيس نبيه برّي ومجلس النواب مسؤولين عن أيّ خلل بموعد الانتخابات”. وقال: “كنّا نأمل إحالة مشروع القانون المعجّل بشأن الانتخابات على الهيئة العامة مباشرةً وليس بعد 20 يوماً، وهذا يظهر كم كان نواف سلام متحمساً للموضوع”. وأضاف عدوان: “النّهج الجديد ليس إلا استمرارية للنّهج القديم وعدم احترام مسار العجلة يُعرقل التحضير للانتخابات”.

واعتبر أن “الحملة على غير المقيمين تهدف لمنعهم من التصويت وهذا أمر غير عادل أضعه بين أيدي جميع اللبنانيين، والتأخير الذي حصل من قبل سلام وبرّي ومجلس النواب يجب أن يدفع الجميع إلى بذل كلّ الجهود لتغيير النّهج القائم”.

أما في الاستعدادات الناشطة لزيارة البابا، فأعلنت اللجنة الرسمية المنظمة للزيارة أمس، الترتيبات الأمنية والتنظيمية والإعلامية في مؤتمر صحافي عقدته في قصر بعبدا. وعرض رئيس أركان لواء الحرس الجمهوري العميد الركن مارون إبراهيم، الإجراءات الأمنية والتنظيمية الخاصة بالقداس البابوي في الواجهة البحرية، فأوضح أن وسط بيروت سيشهد اقفالاً تدريجياً للحركة المرورية وذلك وفق مراحل، كما عرض خطة نقل المشاركين إلى القداس البابوي. وعرض رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي العميد جوزف مسلم الترتيبات الأمنية المرافقة للزيارة، والجدول الزمني لمحطاتها. وعرض رئيس مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، ورئيس اللجنة الإعلامية للزيارة رفيق شلالا الترتيبات الإعلامية، وأوضح أن مهلة تسجيل الإعلاميين قد انتهت في العشرين من الشهر الجاري، وبلغ عدد الإعلاميين المسجلين 1350 إعلامياً بين محررين ومصورين وتقنيين من لبنانيين وعرب وأجانب، ولفت إلى أن المركز الإعلامي للزيارة سيكون في فندق فينيسيا، وقد تم تجهيزه بمختلف التقنيات المطلوبة.

  • صحيفة الأخبار عنونت: بانتظار لقاء وزير الخارجية المصري مع حزب الله

وكتبت تقول: العدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية الأحد الماضي، واغتيال القائد العسكري في حزب الله، الشهيد علي الطبطبائي، أعادا إلى الواجهة هواجس الأوساط السياسية من دخول لبنان في مربّع التهديد الأعلى. وقد عبّر رئيس مجلس النواب، نبيه بري، عن هذه المخاوف أمس، بقوله إنّ «استهداف حارة حريك، تطوّر شديد الخطورة يبيّن أن لا ضمانات حقيقية لحماية بيروت وضاحيتها».

وبحسب معلومات «الأخبار»، لم تُسجَّل في الساعات الماضية أي تطوّرات على مستوى الاتصالات، بانتظار ما سيكشف عنه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الذي وصل إلى بيروت أمس، ويبدأ اليوم جولة على الرؤساء الثلاثة، إضافة إلى اجتماع طلب عقده مع قيادة حزب الله. ويُشار إلى أنّ الوفد المرافق له لا يضمّ أي شخصية من المخابرات المصرية، خلافاً لما أُشيع.

وفي هذا السياق، تبلّغت الجهات الرسمية مساء أمس، موعد زيارة جديدة للموفدة الأميركية، مورغان أورتاغوس إلى بيروت، في اليوم التالي لانتهاء زيارة البابا. وأفادت مصادر متابعة بأنّ «الكلام الأميركي مع لبنان الرسمي متوقّف حالياً، وأنّ كلمة السرّ للمرحلة المقبلة سيتبلّغها الرئيس جوزاف عون، من السفير الأميركي المعيّن حديثاً ميشال عيسى، الذي نُقِل عنه أنه سيشدّد على أنّ واشنطن، تنتظر تنفيذ القرارات التي اتّخذتها الحكومة في 5 آب الماضي، وأنّ التنفيذ بالنسبة إلى الإدارة الأميركية أهمّ من القرار نفسه، وأنّ الموقف الأميركي حاسم ولا تراجع عنه».

في موازاة ذلك، تلقّى رئيس الجمهورية أمس، رسالة تهنئة من نظيره الأميركي، دونالد ترامب، بمناسبة عيد الاستقلال، عبّر فيها عن تطلّعه إلى «تعميق الشراكة بين الولايات المتحدة ولبنان»، مشيداً بـ«القرارات الشجاعة التي اتّخذتها الحكومة»، ومؤكّداً رغبته في «تعزيز التعاون بين البلدين بينما نسعى معاً إلى بناء مستقبل أكثر إشراقاً للأجيال المقبلة».

وتأتي هذه الرسالة في ظلّ تصاعد الضغوط الأميركية – الإسرائيلية على لبنان، وتزايد التصريحات التي تنتقد المؤسسة العسكرية والدولة اللبنانية لعدم حسمهما «المهمّة الموكلة إليهما» بنزع سلاح المقاومة. وفي هذا الإطار، يؤكّد مطّلعون أنّ «الرسالة بروتوكولية لا أكثر، شأنها شأن الرسائل التي تلقّاها عون من عدد من الدول، وآخرها من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي»، محذّرين من «منحها حجماً إعلامياً مبالغاً فيه أو اعتبارها مؤشراً إيجابياً على تبدّل النظرة الأميركية تجاه لبنان».

وبحسب المصادر، فإنّ عون «كان يشكو قبل ساعات من وصول الرسالة من عدم تلقّيه أي جواب أميركي على مبادرته الأخيرة»، مضيفةً أنّ «المعطيات المتوافرة تشير إلى أنّ إسرائيل غير معنية بالتفاوض أو الوصول إلى حلّ».

وفي موازاة ذلك، تواصلت موجة التهويل الخارجي باتجاه لبنان. إذ اعتبر وزير خارجية ألمانيا، يوهان دافيد فاديفول، أنّ «ما تقوم به إسرائيل ضدّ حزب الله، يندرج في إطار الدفاع المشروع عن النفس». ولفت، في أثناء مؤتمر صحافي في عمّان مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إلى «ضرورة دعم الحكومة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله». من جهته، شدّد الصفدي على أنّ «هناك اتفاقاً لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وعلى جميع الأطراف الالتزام به»، مؤكّداً أنّ «على إسرائيل احترام سيادة لبنان ووقف خروقاتها وتوغّلها داخل أراضيه».

واللافت هو النشاط المكثّف للدبلوماسيين الأجانب في بيروت، والذي يأخذ طابع التهويل الفعلي. فبينما تخلو اللقاءات الرسمية للسفراء من أي حديث مباشر عن خطورة الوضع، تحمل الجلسات الأهمّ، تلك التي تُعقد بعيداً عن الإعلام، معطيات بالغة الحساسية.

وآخر ما تسرّب في هذا السياق ما نُقل عن السفير البريطاني في لبنان هايمش كاول، بأنّ «الأجواء في إسرائيل سلبية جدّاً، وكانت هناك تحضيرات لتوجيه ضربة كبيرة إلى لبنان قد لا تقتصر على أهداف تابعة لحزب الله»، وهو أثار بلبلة واسعة لدى أوساط سياسية سارعت إلى جمع المعلومات، خصوصاً أنه تلاقى مع «تحذيرات على شكل نصائح» نقلتها المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة جانين بلاسخارت، ومفادها أنّ «إسرائيل، في حال تعرّضها لعمليات من جانب حزب الله، قد تقدم على ضربة واسعة تستهدف مراكز تابعة للدولة اللبنانية وليس حزب الله وحده».

وعلمت «الأخبار» من مصادر دبلوماسية، أنّ الأميركيين «يتعمّدون ضخّ الأخبار المتعلّقة بالوضع الأمني»، وهم أنفسهم من يكرّر القول إنّ «إسرائيل، حصلت على تفويض أميركي – غربي يتيح لها القيام بما تراه مناسباً لمواجهة تهديدات حزب الله». وبحسب المصادر، تبحث إسرائيل في «احتمال شنّ حملة جوّية واسعة جدّاً على لبنان، تكون أشدّ وأقسى ممّا جرى في السابق»، وأنّ المسألة باتت مسألة وقت فقط، وأنّ الاعتبار الوحيد القابل للتأثير حالياً هو موعد زيارة البابا إلى لبنان.

وبحسب ما يُنقل عن الجانب الأميركي، فإنّ إسرائيل «قدّمت إلى جميع الأطراف المعنيّة بملف لبنان معلوماتٍ استخبارية مُحدَّثة ومدعّمة بالأدلّة، تُظهر أنّ حزب الله، نجح في منع الجيش اللبناني من تنفيذ مهمة نزع سلاحه»، وأنّ الحزب «يسير بوتيرة متسارعة في إعادة بناء قدراته العسكرية، ويصنّع المسيّرات والصواريخ في مواقع مختلفة داخل لبنان».

وفي السياق نفسه، تشير مصادر دبلوماسية إلى أنّ «أحداً في العالم لم يُصدم بعملية الاغتيال التي نُفّذت في بيروت الأحد الماضي»، مؤكّدة أنّ إسرائيل «تحظى بضوءٍ أخضر لتنفيذ عمليات تستهدف تحييد كل من تراه خطراً على أمنها وسكان شمالها، حتى لو كان الهدف يقع في بيروت».

  • صحيفة الديار عنونت: إغتيال وضغوط… المفاوضات والتسويات مستهدفة

«إسرائيل» ترفض وقف اعتداءاتها خلال زيارة البابا
قانون الانتخابات الى طاولة الحكومة من جديد

وكتبت تقول: لم يحتج المشهد اللبناني أكثر من ساعات قليلة بعد اغتيال هيثم طبطبائي، حتى انفجرت دفعة واحدة كل التصدعات الداخلية، من جهة، وموجات الضغط الخارجية، من جهة ثانية. فالعملية التي شكلت تحولا استراتيجيا في ميزان الصراع بين حزب الله وإسرائيل، سرعان ما تحولت إلى كرة نار داخلية، أظهرت هشاشة الاصطفافات وتناقض الحسابات، معيدة إنتاج خطاب سياسي متوتر ومتشنج، لا يشبه سوى المراحل التي تسبق العواصف الكبرى، في لحظة تنذر بأن ما بعد الاغتيال ليس كما قبله، وأن البلاد دخلت مرحلة اختبار جديدة عنوانها، منع الانهيار السياسي من اللحاق بالانفجار الأمني.

في موازاة ذلك، جاءت الضغوط الدولية غير المسبوقة في حدتها وتزامنها، لتزيد «الطين بلة». فواشنطن مستمرة في رفع نبرة التهديد، وباريس دخلت مرحلة القلق الصريح على «مبادرتها»، والقاهرة أطلقت إشارات تحذير حول مصير التهدئة التي تعمل عليها، فيما العالم ينظر إلى لبنان بعيون أكثر توترا، ما يعيد الى الواجهة السؤال الاساسي عما اذا كان لا يزال لبنان قادراً على البقاء خارج الحرب، أم أن الزمن الإقليمي يجره اليها رغماً عنه.

هكذا، تتداخل خطوط النار مع خطوط السياسة، فالتصعيد الداخلي لم يعد مسألة سجال أو مواقف، بل جزءا من لوحة إقليمية أوسع ترسم حدودها بالنار، اذ بات واضحا أن الاغتيال فتح الباب على مرحلة لا تشبه سوى نفسها، حيث يتارجح لبنان على حبلي الضغوط الدولية والانقسام الداخلي، فيما تسير ساعة الوقت بسرعة أكبر من قدرة السلطة على اللحاق بها.

قلق دولي

مصادر ديبلوماسية مواكبة اشارت، الى ان تل ابيب «نجحت» خلال الساعات الماضية في اعادة خلط الأوراق السياسية والديبلوماسية في لبنان، وتعقيدها، خصوصاً تلك المرتبطة بالمبادرتين الفرنسية والمصرية، اللتين تشكلان اليوم الإطارين الأكثر جدية لاحتواء التصعيد بين لبنان وإسرائيل، اذ يبدو واضحا أن باريس والقاهرة تلقتا الضربة باعتبارها رسالة مباشرة إليهما، متابعة، ان المبادرتين، على اختلاف مساريهما، انطلقتا من فرضية أساسية مفادها أن مستوى الاشتباك الحالي قابل للضبط، وأن الأطراف، رغم سقوفها الاعلامية العالية، لا تزال مستعدة للذهاب نحو تفاهمات توقف الانفجار، لكن اغتيال طبطبائي، نسف هذه الفرضية أو على الأقل هزّها بقوة.

التحرك الفرنسي

ورأت المصادر ان التحرك الفرنسي، الذي انطلق من الرهان على «تدرج هادئ» في التفاوض حول الانسحاب الإسرائيلي وتعديل قواعد الاشتباك، بات اليوم أمام معادلة مختلفة، اذ ان «الثنائي الشيعي»، الذي كان يتعاطى مع الأفكار الفرنسية من موقع براغماتي، على ما بينته اللقاءات والاتصالات المباشرة بين الفريقين، علنا وفي السر، مضطر إلى رفع سقفه السياسي والأمني، وبالتالي، فإن أي نقاش حول ترتيبات جنوب الليطاني أو آليات وقف النار سيخضع لإعادة تموضع شاملة، ما يعني عمليا تباطؤ المبادرة وربما تجميدها مرحليا في انتظار جلاء المشهد.

المبادرة المصرية

أما المبادرة المصرية، ذات الطابع الإقليمي الأوسع والمتصلة مباشرة بمسار غزة، فتبدو الأكثر تأثراً، على ما ترى المصادر، فالقاهرة التي كانت تعمل على مزيج من الضغوط والضمانات لاحتواء الجبهة اللبنانية ودمجها في مسار تهدئة شامل، بعد نجاح رئيس مخابراتها في تحقيق مكاسب تدعم تحركه، نتيجة ليونة كبيرة في مواقف «الثنائي الشيعي»، دفعت بالقيادة المصرية الى ارسال وزير خارجيتها، الذي وصل الى مطار رفيق الحريري الدولي مساء امس، لاستكمال المباحثات، حيث على جدول اعماله لقاء مع شخصية بارزة ومهمة في «الثنائي»، تلقفت بقلق الاشارة الاسرائيلية، المدعومة اميركيا، بتوسيع هامش الضغط على جبهتي حزب الله وإيران، وهو ما يضع مسعى القاهرة امام معضلة اساسية حول كيفية دفع الاطراف نحو «صفقة شاملة»، فيما تل أبيب تختار التصعيد المدروس بدل التهدئة، متكئة الى «قبة باط» اميركية واضحة.

الخطر الاميركي

فالعلاقات اللبنانية- الأميركية تشهد واحدة من أكثر مراحلها حساسية منذ سنوات، ذلك ان التصعيد الذي تظهره واشنطن تجاه بيروت لم يعد مجرد رسائل ضغط متفرقة، بل مقاربة متكاملة تتعامل مع لبنان بوصفه ساحة متداخلة مع أمن إسرائيل وحسابات المنطقة، لا كحليف تقليدي أو شريك مستقر، وفقا للمصادر، التي كشفت ان مسؤولون في البيت الابيض اكدوا لاكثر من جهة، ان لا مخططات حاليا للرئيس ترامب للقاء نظيره اللبناني، كما ان الاتصالات الجارية في ما خص ملف زيارة قائد الجبش العماد رودولف هيكل، ما زالت تراوح مكانها، دون احداث أي تقدم، خصوصا في شقها المتعلق بوزارة الخارجية والكونغرس.

واضافت المصادر ان خطورة الموقف الأميركي حاليا، تتمحور حول ثلاث نقاط: اولا، الاستياء المتراكم من استمرار نفوذ حزب الله داخل الدولة ومن غياب أي تقدم في ملف ضبط الحدود الجنوبية أو تنفيذ القرار 1701، ثانيا، الرغبة الأميركية الواضحة في إعادة رسم قواعد اللعبة السياسية الداخلية وتوازناتها، أما ثالثاً، فمرتبط بالمزاج الأميركي الداخلي نفسه، حيث يزداد الضغط من الكونغرس ومراكز النفوذ لربط أي دعم للبنان بسلوك سياسي وأمني محدد.

وتخلص المصادر الى ان الاغتيال لم يسقط المبادرتين، لكنه بالتأكيد أخرجهما من إيقاعهما الطبيعي، فباريس اليوم في موقع المراجعة، والقاهرة في موقع الإرباك، بينما ينتظر الجميع طبيعة رد حزب الله لتحديد الاتجاه، سواء نحو تسوية جديدة بشروط مختلفة، أو نحو مرحلة مفتوحة من الكباش الإقليمي.

رسالة ترامب

وكان أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في برقية تهنئة وجهها إلى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون لمناسبة ذكرى الاستقلال، تطلعه الى تعميق الشرْكة بين الولايات المتحدة ولبنان «بينما نسعى معا لبناء مستقبل اكثر اشراقاً للأجيال المقبلة».

ولفت ترامب، في البرقية التي نشرتها رئاسة الجمهورية، إلى أنّ «بالنيابة عن شعب الولايات المتحدة، أتقدم بأصدق التهاني لكم ولشعب لبنان بمناسبة الذكرى الثانية والثمانين لاستقلال بلدكم. يُجسد هذا اليوم احتفاءً بالتاريخ الغني للبنان، وثقافته النابضة، وروح شعبه المتأصلة».

وأضاف: «لبنان موجود على مفترق طرق تاريخي، مع فرصة لرسم مسار نحو مزيد من الاستقرار والازدهار الاقتصادي للبنان وشعبه. وأشيد بالقرارات الشجاعة التي اتخذتها الحكومة».

حزب الله – الرياض

غير ان الأثر الأعمق لما حصل، يتوقع ظهوره في مسار الانفتاح بين الثنائي والسعودية، الذي كان بدأ قبل فترة مع «لقاء ليلي» جمع موفد المملكة الى بيروت مع مسؤول في الثنائي، طلب من بعده الامير يزيد بن فرحان من مجموعة اعلاميين اجتمع بهم في لقاء يعقده للمرة الاولى، تخفيف النبرة والتصعيد ضد الثنائي وطهران، كنتيجة لتطور المسار البطيء بين الطرفين، على ما تؤكد اوساط متابعة، التي اكدت ان المداولات الهادئة، المباشرة أحياناً وغير المباشرة غالباً، كانت تسعى إلى بناء أرضية جديدة للعلاقة، تستند إلى تهدئة إقليمية أوسع، وإلى إعادة ترتيب التوازنات داخل لبنان بما يتناسب مع مرحلة ما بعد تسوية اليمن والتفاهمات السعودية – الإيرانية.

وتتابع الاوساط، يبدو ان اسرائيل نفذت من ثغرة دقة التوقيت وتداخل الملفات بين بيروت وغزة وطهران، لتستهدف باغتيالها، هذا المسار، حيث يتوقع ان يزور موفد سعودي خاص بيروت خلال الايام المقبلة لمتابعة التواصل مع الثنائي، رغم ان الاغتيال اعاد تسليط الضوء على المعادلة التي تدركها السعودية جيداً بان أي تحرك تجاه الثنائي لن يصبح ذا جدوى إذا كان لبنان نفسه يدخل مرحلة تصعيد قد تطيح كل الهدن السياسية التي يجري العمل عليها، كما ان الثنائي يدرك أن أي علاقة مستقرة مع الرياض تتطلب بيئة إقليمية أقل توترا، وهو ما لا توفره اللحظة الراهنة.

وتختم الاوساط بان الانفتاح السعودي على الثنائي لم يسقط، لكنه بالتأكيد دخل مرحلة اختبار صعبة فرضتها التطورات الاخيرة، فإذا نجح الطرفان في منع الاغتيال من التحول إلى منعطف تصادمي، قد يستأنف المسار لاحقا بزخم أكبر، أما إذا توسعت دائرة ردود الفعل، فإن النافذة الضيقة التي فتحت قبل مدة قد تغلق من جديد، في انتظار ظروف إقليمية جديدة.

الانتخابات النيابية

على صعيد آخر، انتخابيا، وسط موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري وتمسكه بالقانون الحالي كما هو، اشارت اوساط نيابية الى ان الامانة العامة في مجلس النواب تسلمت مشروع الحكومة المعجل المكرر لتعديل قانون الانتخابات، مرجحة ان يقوم رئيس المجلس بإحالته الى اللجنة الفرعية لدرسه ومناقشته.

ورات الاوساط ان المعارضة تتجه في حال اصرار المجلس النيابي، على موقفه، للضغط على رئيس الجمهورية لاتخاذ الخطوات الضرورية، رغم ادراكها ان الامور قد لا تكون محسومة النتائج، ملمحة الى ان الخارج يراقب مواقف الاطراف في هذا الملف ويتجه الى اتخاذ الخطوات التي يراها مناسبة.

الى ذلك، اشارت مصادر وزارية، الى ان اللجنة المنبثقة من وزارتي الخارجية والمغتربين والداخلية والبلديات، تواصل عقد اجتماعاتها الدورية أسبوعيا، في إطار تحضير وتجهيز الترتيبات اللوجستية اللازمة للانتخابات، لا سيما ما يتعلّق بآلية اقتراع المغتربين في الخارج، وفقًا لأحكام القانون النافذ الذي يعتمد النظام الانتخابي على أساس الدوائر ال16، حيث شارفت اللجنة على انهاء تقريرها المفصل حول المقترحات المتعلقة بتقسيم الدوائر ال 16 وتوزيع مقاعدها وآليات التنفيذ اللوجستي، خلال الأسبوعين المقبلين ليرفع إلى الوزيرين المعنيين، تمهيدا لاحالته إلى مجلس الوزراء، وذلك لبحثه في أقرب جلسة حكومية واتخاذ القرار المناسب بشأنه، كاشفة ان اقتراح اللجنة يتمحور حول استحالة تنفيذ انتخابة الدوائر ال16، وهو ما تضعه مصادر سياسية في اطار جولة تصعيد جديدة، خصوصا في حال تبني الحكومة وجهة النظر التي تقول بعجزها عن تأمين الانتخابات في الدوائر ال16.

زيارة البابا

ورغم مشهد غرق الطرقات والمستشفيات والوزارات بأمطار تشرين، واحتمالات غرق لبنان بحرب جديدة، تقدمت زيارة البابا لاوون الرابع عشر مشهد الاهتمام الرسمي والشعبي، اذ عقدت اللجنة الرسمية المنظمة للزيارة مؤتمرا صحافيا، أطلعت خلاله المواطنين والإعلاميين على الترتيبات اللوجستية والأمنية والإعلامية.

على خط مواز، علم ان لبنان كثف من حركة اتصالاته بالعواصم المعنية للضغط على اسرائيل لوقف عملياتها خلال فترة وجود البابا في لبنان، الا ان الاخيرة تمتنع حتى الساعة عن التعهد بذلك، رغم تدخل اكثر من جهة فاعلة، نصحت بيروت باتخاذ تدابير مشددة واستثنائية، وهو ما اكدت عليه الجهات المواكبة للتحضيرات، والتي رجحت مشاركة نحة 120 الف شخص في قداس الواجهة البحرية، الى جانب اكثر من 500 شخصية رسمية، وتغطية 1200 صحافي من لبنان والعالم.

محاكمة فضل شاكر

في الملف القضائي، وفيما كانت الانظار متجهة نحو الجلسة الاولى لاستجواب فضل شاكر، امام هيئة المحكمة العسكرية، جاءت المفاجأة بتأجيل الجلسة بعد اقل من نصف ساعة من انعقادها الى شباط المقبل، بطلب من محاميته، «كونها لم تتطلع على كامل ملفاته القضائيّة»، رغم اعتراضها على الاجل البعيد لموعد الجلسة المقبلة، علما انها كانت طالبت رئيس المحكمة بان تكون الجلسات سرية، الا ان العميد وسيم فياض رفض طلبها.

وكانت مجموعة خاصة من مديرية المخابرات، قد قامت باحضار شاكر من مقر توقيفه في وزارة الدفاع الى المحكمة العسكرية، وسط تدابير أمنية مشدّدة اتخذتها الشرطة العسكرية في محيط المحكمة، حيث دخل قاعة المحكمة، طليق اليدين، يرتدي قميصا أبيض اللون، وذقن مشذبة، ونظارات سوداء اللون، وقد بدت عليه علامات «الضعف».

«الشتوة الاولى»

ومع اول «شتوة»، استفاق اللبنانيون على شوارع وطرق رئيسية قد تحولت الى انهار ومستنقعات، خصوصا عند مداخل العاصمة جراء غزارة الأمطار وتشكل سيول جارفة كما ظهر في مقاطع الفيديو التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي ادت الى إقفال نفق طريق المطار وتشكلت السيول وصولاً إلى أوتوستراد خلدة المؤدي إلى صيدا جنوباً، كما اجتاحت الأمطار مبنى وزارة العمل، ما أدى إلى محاصرة الموظفين والمواطنين داخل المبنى.

من جهتها، أعلنت غرفة التحكم المروري عن إقفال عدد من الطرق أمام السيارات والمواطنين نتيجة تجمع مياه الأمطار في منطقة الاوزاعي – نفق كوستا براڤا، وصعوداً باتجاه مستديرة الجندولين، تقاطع الرحاب المشرفية، وأظهرت مقاطع الفيديو تشكل سيول جارفة في محلة سوق صبرا ما أعاق حركة المرور ودفع الباعة والمواطنين إلى التوقف على جانبي الطريق والأرصفة المرتفعة، كما غرق القسم الأكبر من سوق الأحد في منطقة سن الفيل، وتسببت الأمطار الغزيرة أيضاً بغرق جسر الرينع، ما أدى إلى توقف شبه كامل لحركة المرور في المنطقة. وامتدت آثار الفيضانات إلى الأشرفية طلعة ساسين، حيث شهدت الشوارع اختناقًا مروريًا شديداً بسبب تجمع المياه وصعوبة تحرك السيارات.

مصادر وزارة الاشغال، اكدت ان كمية الامطار الكبيرة التي تساقطت في غضون 20 دقيقة، تسببت بتجمع المياه على الطرقات العامة، نتيجة البنية التحتية المترهلة، وقلة مسؤولية المواطنين من خلال الرمي العشوائي للنفايات على الطرقات، ما خلق «ارباكا» تسبب بازمة، نجحت الوزارة في معالجتها بسرعة، مشيرة الى انه عندما تتخطّى غزارة الأمطار التوقعات فمن الطبيعي أن تتجمع المياه وهذا امر طبيعي يحصل في كل البلدان، كاشفة ان الوزارة وضعت خطط طوارئ، بالتعاون مع وزارات اخرى، للتعامل مع أي «وضع مناخي غير استثنائي» خلال زيارة البابا، الاسبوع المقبل، خاتمة بان المهم ليس تشكل السيول بحد ذاته بل الوقت اللازم لحل المشكلة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى