قالت الصحف: قراءة الصحف لحكم المحكمة الخاصة وتأثيره على الأوضاع الداخلية ومحاولة استثمار إسرائيلي للحكم بعد الجريمة!
الحوارنيوز – خاص
تباينت قراءة صحف اليوم للحكم الذي أعلنته غرفة الدرجة الأولى 1 لدى المحكمة الخاصة بلبنان وذلك تبعا للمواقع السياسية للصحف ورؤيتها للمحكمة وللجريمة.
• صحيفة "النهار" كتبت تقول:" لان اللبنانيين جميعا لا يعرفون الا قضاء مسيساً يخضعه السياسيون وأهل السلطة للمداخلات المتنوعة والمعروفة، كان من الصعب عليهم الى أي جهة انتموا ان يستوعبوا بسهولة الحكم الذي أصدرته امس المحكمة الخاصة بلبنان في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه بعد 15 عاما من الجريمة. المؤيدون بقوة للمحكمة الدولية احبطهم حكم برأ ثلاثة من المتهمين الأربعة من "حزب الله" وحصر الإدانة برأس الشبكة المنفذة سليم عياش بالإضافة الى تثبيت عدم ادانة قيادة "حزب الله" والنظام السوري.
والرافضون للمحكمة فوجئوا باسقاط نمط اتهامي تخويني دأبوا عليه منذ انشاء المحكمة واتهامها بالتسييس ومجاراة أعداء المحور الممانع لإلصاق تهمة الانحياز بها. بذلك جاءت المفاجأة الكبيرة المزدوجة في مضمون الحكم وحيثياته لتسبغ صدقية على المحكمة وتمنحها سمة الاستقلالية والتحلي بمعايير المهنية الدولية العالية بدليل انها اثبتت الإدانة للرأس المنفذ والمحرك للشبكة فيما لم تدن الثلاثة الاخرين لعدم كفاية الدليل فقط.
ولعل الأهم في الوقائع الطويلة والتفصيلية للحكم انها لم تخف اطلاقا الارتباط الضمني والمضمر بين شبكة التنفيذ وعلى رأسها سليم عياش في مؤامرة الاغتيال التي دبرت للحريري بـ"حزب الله " والنظام السوري من خلال ابراز وتأكيد عامل المصلحة والإفادة لديهما من اغتيال الحريري. وإذ أورد الحكم كل الحيثيات المتعلقة بمصطفى بدر الدين القائد العسكري في "حزب الله " الذي اغتيل في سوريا لجهة تورطه أساساً في التخطيط لاغتيال الحريري، الا ان التحقيق لم يتمكن من الحصول من الأدلة التي تفسح للإدانة المباشرة. ومن الواضح تماما ان الأهمية الكبيرة بل التاريخية لهذا الحكم تأتي من كونه الحكم الأول من نوعه في تاريخ الاغتيالات السياسية في لبنان بمعايير العدالة والقضاء الدوليين".
وفي حديث الى محطة "العربية " طالب الحريري "حزب الله بتسليم المدان سليم عياش الى المحكمة الخاصة بلبنان وهذا مطلبنا ولن نتراجع عنه ونقطة على السطر. وحزب الله يعرف ان جريمة اغتيال رفيق الحريري تقع عليه ". ولفت مجددا الى ان "المحكمة عرضت الجو السياسي الذي سبق الاغتيال لجهة تحريض النظام السوري على رفيق الحريري مذكرا بان المحكمة اشارت الى ان قرار الاغتيال اتخذ بعد اجتماع قيادات المعارضة في البريستول الذي شارك فيه رفيق الحريري حيث طالب بوقف التدخل السوري في لبنان .
عون وبري
ووسط أجواء الترقب والهدوء اللافت التي سادت المشهد الداخلي عقب صدور الحكم سارع رئيس الجمهورية ميشال عون الى اصدار بيان معتبرا ان تحقيق العدالة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه "تتجاوب مع رغبة الجميع في كشف ملابسات هذه الجريمة البشعة "داعيا الى "الوحدة والتضامن من اجل حماية البلاد من محاولة تهدف الى اثارة الفتنة". كما ان رئيس مجلس النواب نبيه بري سارع بدوره الى الدعوة الى "ربح لبنان الذي آمن به الرئيس رفيق الحريري "وأشاد بكلمة الرئيس سعد الحريري قائلا " ليكن لسان حال اللبنانيين العقل والكلمة الطيبة كما عبر الرئيس سعد الحريري باسم أسرة الراحل".
وجاء رد الفعل العربي الأبرز من المملكة العربية السعودية التي اعتبرت وزارة الخارجية فيها ان صدور الحكم "يمثل ظهورا للحقيقة وبداية لتحقيق العدالة بملاحقة المتورطين وضبطهم ومعاقبتهم". وأضافت ان "حكومة المملكة العربية السعودية بدعوتها الى تحقيق العدالة ومعاقبة حزب الله وعناصره الإرهابية تؤكد ضرورة حماية لبنان والمنطقة والعالم من الممارسات الإرهابية لهذا الحزب الذي يعتبر أداة للنظام الإيراني وثبت ضلوعه في اعمال تخريبية وإرهابية في بلدان عدة".
في المقابل علقت وزارة الخارجية الإسرائيلية على الحكم فقالت ان "الحكم واضح لا لبس فيه ان جماعة حزب الله الإرهابية وأفرادها متورطون في جريمة القتل وعرقلة التحقيق ". وأضافت ان "حزب الله ارتهن مستقبل اللبنانيين خدمة لمصالح خارجية وعلى دول العالم ان تتخذ إجراءات ضد هذه الجماعة الإرهابية لمساعدة لبنان على تحرير نفسه من هذا الخطر".
• صحيفة "الاخبار" كتبت تحت عنوان "محكمة منتهية الصلاحية" تقول:" إنها محكمة "من أصحاب السوابق". المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري تحمل سجّلاً عدلياً غير نظيف. هي المرة الاولى في تاريخ العالم الغربي التي تُصدر فيها محكمة دولية حكما غيابياً، بإدانة شخص، من دون أي دليل: لا تسجيل فيديو، لا تسجيل صوتياً، لا تسجيل مكالمة، لا شاهد يقول رأيت، ولا شاهد يقول سمعت. لا تحويل مالي. هي محكمة التجهيل: دافع الجريمة مجهول. المخطط مجهول (المحكمة قالت إنها لم تقتنع بأنه الشهيد مصطفى بدرالدين). اشترى أداة الجريمة (الشاحنة) مجهولان، فخّخها مجهولون في مكان مجهول، واتوا بالمتفجرات من مكان مجهول. سجّل مجهولون شريط احمد أبو عدس لتلفيق تبنّي العملية، في مكان مجهول. وأبو عدس مجهول المصير. من وضعوا شريط أبو عدس فوق شجرة قرب مبنى الاسكوا في وسط بيروت مجهولون. ومن راقبوا الشجرة مجهولون. ومن اتصل بقناة الجزيرة ووكالة رويترز لتبني العملية مجهول أيضاً. الانتحاري الذي فجّر نفسه في موكب الحريري مجهول. والأفراد الثمانية الذين نفذوا الجريمة يوم 14 شباط 2005، لا يزالون مجهولين.
كمية الجهل كبيرة جداً. تتضاعف إذا ما قيست بالمدة التي أهدِرت للتحقيق، وبالموارد المالية التي أنفِقت. يمكن تقدير أن لبنان انفق نحو مليار دولار على التحقيق الدولي في 15 عاماً، من دون ان تنشر محكمة تقول إنها تعمل وفق أعلى المعايير الدولية، جردة حساب دقيقة تكشف كيفية إنفاقها للاموال التي تتلقّى نحو نصفها من دافعي الضرائب في لبنان. وبما ان المبلغ بالعملة الاجنبية، يمكن أن يُضاف جرم جديد إلى سجل المحكمة، وهو أن الدولة اللبنانية تسرق لحسابها دولارات المودعين. مليار دولار فيما قصور العدل اللبنانية "تنشّ" سقوفها وتميد الأرض من تحتها، وملفاتها في خزائن من غبار.
رغم ذلك، لم تجد المحكمة الدولية دليلاً لإدانة المتهم سليم عياش، سوى دليل الاتصالات. وهذا "الدليل"، لا يتضمّن تسجيلات المكالمات، ولا مضمون رسائل نصية، بل تحليل لحركة هواتف خلوية، جغرافياً، يسمح ببناء نظرية تحقيقية للظن، لا للحكم. فبناء على التحركات الجغرافية، يمكن الاستنتاج، لا الجزم، بأن شخصاً ما كان يحمل هاتفين معاً، في وقت واحد. لكن لا دليل يسمح بإثبات ذلك. هي نظرية تحقيقية لم تؤيَّد بأي دليل حسّي. وعندما عارضها دليل آخر، قررت المحكمة اسقاط الدليل الثابت، والاستناد إلى النظرية غير المؤكدة لإدانة عياش. سجلات الامن العام في مطار بيروت عام 2005 تُثبت انه كان في السعودية في كانون الثاني من ذلك العام، لأداء مناسك الحج. وسجّلات الامن السعودي تثبت ذلك أيضاً، كما استخدام بطاقته المصرفية في مكة والمدينة والمنورة أيضاً. وفيما هو في السعودية، كانت الهواتف المنسوبة إليه تستمر بالعمل في لبنان كالمعتاد. هذه الوقائع تكفي لتنهار نظرية الادعاء العام. لكن المحكمة أسقطت هذه الوقائع، مستغلة ثغرة في سجلات الامن السعودي، وهي عدم وجود سجل دخول وخروج إلى أرض الحجاز لابنة عياش التي رافقته وزوجته إلى الحج. ببساطة، قررت المحكمة نسف دليل واقعي، لحساب نظرية تحقيقية حبلى بالشك، والبناء عليها لإدانته.
هذه النظرية لم تكن الوحيدة السائدة بين عامي 2005 و2011، تاريخ صدور القرار الاتهامي في الجريمة. لكن المحققين قرروا إهمال كل ما عداها. ومما اهملوه، على سبيل المثال لا الحصر، ان مجموعة من "تنظيم القاعدة في بلاد الشام"، اعترفت في الايام الأخيرة من عام 2005 والايام الاولى من 2006، بارتكاب الجريمة، امام محققي فرع المعلومات. الموقوف السعودي فيصل اكبر سرد وقائع عن الجريمة لم يكن المحققون الدوليون قد توصلوا إليها بعد. مثلاً، ذكر الموقوف أن مجموعته اشترت من الشمال اللبناني الشاحنة التي استُخدِمَت في التفجير. وعندما قال ذلك، كان المحققون اللبنانيون والدوليون لا يزالون منشغلين برواية احد شهود الزور عن تهريب الشاحنة من سوريا إلى لبنان، ولم يتوصلوا إلى واقعة شراء الشاحنة من البداوي إلا بعد أربعة أشهر من اعتراف الموقوف فيصل أكبر.
أهمِل ما سبق، وغيره الكثير، لصالح الرواية الرسمية الجديدة لفريق الاتهام السياسي. ما ذكره رئيس المحكمة عند إعلانه الحكم امس، عن الاجواء السياسية السابقة للاغتيال، يبدو مقتبساً من البيانات الأسبوعية للامانة العامة المندثرة لقوى 14 آذار. أصدرت المحكمة حكماً بإدانة عياش، وبرأت ثلاثة متهمين آخرين (أسد صبرا وحسين عنيسي وحسن مرعي)، كما برأت المتهم السابق الشهيد مصطفى بدرالدين، رغم أن أصول العمل القضائي الدولي تمنع أي إدانة او تبرئة لمتهين احتفظوا بقرينة البراءة بالوفاة. وهنا، لا بد من الإشارة إلى ان المحكمة اقتنعت بمزاعم الادعاء العام القائلة إن بدر الدين كان يستخدم اسم سامي عيسى في حياته غير الحزبية، متجاهلة أنه كان يتابع دراسته الجامعية في الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU)، ونال منها شهادة بكالوريوس في العلوم السياسية، يوم 28 شباط 2005. وكان أساتذته وزملاؤه يعرفونه باسمه الحقيقي: مصطفى أمين بدر الدين.
التوجه السياسي بلغ ذروته في التبرئة كما في الإدانة. أسقطت المحكمة التهم عن متهمين لا وجود لأي دليل ضدهم، ولو على شكل شبهة. كل إفادات الشهود المتعلقة بهم أسقِطَت بالضربة القاضية. إدانتهم كانت فضيحة الفضائح، فاستعاضت المحكمة عنها ببراءة تدفع بها عن نفسها تهمة التسييس. بات في مقدور فريق الاتهام السياسي القول إن التبرئة دليل على ان المحكمة غير مسيسة. فيما الواقع ان إدانة عياش، بليّ عنق الحقيقة، معطوفة على تبرئة الثلاثة الآخرين، هي التسييس المحض. إثبات عدم التسييس كان في رفض ادلة منقوصة يرقى إليها كل شك معقول، وفي عدم قبول تضييع ملايين ساعات العمل لمئات المحققين والمستشارين، بلا أي نتيجة.
المحكمة لن تقف عند الحد الذي وصلت إليه امس. المحامي الذي عيّنته ليدافع عن مصالح عياش، إميل عون، سيطلب استئناف حكم الإدانة. والادعاء العام يدرس الحكم ليرى إمكان نقضه. وإذا وافقت المحكمة على الاستئناف، فستعاد المحاكمة التي ستدوم لسنوات جديدة. فضلاً عن نية الادعاء العام تقديم قرارات اتهامية جديدة، بحق متهمين جدد، في الجريمة نفسها، إضافة إلى وجود 3 جرائم متلازمة (اغتيال القيادي الشيوعي الشهيد جورج حاوي، ومحاولة اغتيال مروان حماده، ومحاولة اغتيال الياس المر). ستدوم المحكمة. سياسياً، سيسعى فريق الادعاء السياسي إلى جني الأرباح من عملها.
صرف المحققون والقضاة والمستشارون والمحامون 15 سنة ونحو مليار دولار، ليبنوا حكمهم على دليل ظرفي كان محققو مخابرات الجيش اللبناني، ولاحقا محققو فرع المعلومات، قد اعدوه كما قرأه علينا امس قضاة المحكمة… من دون اي اضافة!
اذا كان لبنان قد قبِل بهذه المسرحية، فهذا يعني ان القضاة والمحققين والمحامين سيسعون الى تقديم عروض جديدة لأطول فترة ممكنة، لإدامة فرص عملهم ورواتبهم، في واحدة من المؤسسات الدولية المنتهية الصلاحية.
• وكتبت صحيفة "الجمهورية" تحت عنوان:" العدالة لرفيق الحريري تعبر هادئة تقول :"على وقع هول كارثة انفجار مرفأ بيروت وما خلّفه من المآسي والدمار، نطقت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أمس حكمها في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري مُدينة أحد عناصر "حزب الله" سليم عياش بارتكابها، ومبرّئة ثلاثة منها، فيما لفّ الوضع السياسي والامني هدوء لافت، خلافاً لِما كان قد أثير من مخاوف من حصول ردود فعل سلبية في الشارع إثر صدور هذا الحكم، ما سيساعد في استمرار الاتصالات والمشاورات للاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة بعد اختيار الشخصية التي سترأسها، فيما أعمال الاغاثة ورفع الانقاض مستمرة في المرفأ المدمّر والاحياء البيروتية المنكوبة بينما يستمر تقاطر الموفدين والمساعدات من كل حدب وصوب.
فقد نطقت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أمس بحكمها النهائي في قضية اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، وبعد 15 عاماً على تأليفها وما رافقها من جدل سياسي محلياً وإقليمياً ودولياً.
وأبرز ما تضمنه الحكم:
1 ـ سليم عياش هو المذنب الرئيسي في الجريمة، وقد أدين بالقتل وارتكاب عمل إرهابي في ما يتصل بقتل الحريري إضافة الى 21 آخرين.
2 ـ المتهمون الثلاثة وهم: حسن حبيب مرعي، وحسين حسن عنيسي، وأسد حسن صبرا، تمّت تبرأتهم.
3 ـ لا يمكن لغرفة الدرجة الأولى أن تقتنع بأنّ مصطفى بدر الدين كان العقل المدبّر لاغتيال الحريري، لكنها أكدت أنه كانت لديه النية وقام بالأفعال اللازمة لوقوع الاغتيال.
4 ـ لا دليل الى أنّ قيادة "حزب الله" كان لها دور في اغتيال الحريري، وليس هناك دليل مباشر على ضلوع سوريا.
5 ـ العقوبة ستحدد في 21 ايلول المقبل، والمحكمة ستواصل النظر في 3 قضايا أخرى مرتبطة بقضية الحريري، وهي: محاولتا اغتيال مروان حمادة والياس المر، واغتيال جورج حاوي، متحدثة عن مسار لتعويض المتضررين.
6 ـ "أبو عدس" ليس من نفّذ الاغتيال، بل إن الانتحاري قام بتفجير نفسه ولم يتم التعرف إليه وتبقى هويته مجهولة.
7 ـ إغتيال الحريري عملية إرهابية تم تنفيذها لأهداف سياسية.
ردود الفعل
وقد توالت ردود الفعل المحلية والاقليمية والدولية إثر صدور الحكم، فدعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اللبنانيين الى ان يكون الحكم "مناسبة لاستذكار مواقف الرئيس الشهيد رفيق الحريري ودعواته الدائمة الى الوحدة والتضامن وتضافر الجهود من اجل حماية البلاد من أي محاولة تهدف الى اثارة الفتنة، لا سيما انّ من أبرز اقوال الشهيد انّ ما من احد اكبر من بلده".
فيما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري "اليوم، وبعد حكم المحكمة الخاصة، يجب ان نربح لبنان الذي آمن به الرئيس الشهيد وطناً واحداً موحداً. وليكن لسان حال اللبنانيين: العقل والكلمة الطيبة، كما عبّر الرئيس سعد الحريري بإسم أسرة الراحل". امّا رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب فأمل "أن يشكّل حكم المحكمة الدولية معبراً لإحقاق العدالة وإرساء الاستقرار، كما كان يحلم الرئيس الشهيد، ليخرج الوطن من هذه المحنة قوياً ومتماسكاً بوحدته الوطنية وسلمه الأهلي وعيشه الواحد".
الحريري
وإثر صدور الحكم أعلن الرئيس سعد الحريري من لاهاي "باسم عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وباسم جميع عائلات الشهداء والضحايا، نقبل حكم المحكمة ونريد تنفيذ العدالة".
وقال: "لا تنازل عن حق الدم. امّا مطلب اللبنانيين الذي نزلوا بعد جريمة الاغتيال هو كان الحقيقة والعدالة الحقيقية. اليوم عرفناها جميعاً، وتبقى العدالة التي ستتنفّذ مهما طال الزمن". وأضاف: "ما بقى حدا يتوقّع منّا أي تضحية" فنحن ضَحّينا بأغلى ما عندنا ولن نتخلى عن لبنان الذي دفع الشهداء حياتهم لأجله".
وقال: "التضحية يجب ان تكون من "حزب الله" الذي أصبح واضحاً أنّ شبكة القتلة خرجوا من صفوفه، ولن أستكين حتى يتم تسليمهم للعدالة وينفذ فيهم القصاص". وطالب الحريري بتحقيق دولي في انفجار مرفأ بيروت، متأسفاً لأنّ "الانفجار عثرة وجرح كبير للبنان ولكن لا يجب ألا نفقد الأمل". واعتبر أنّ "المملكة العربية السعودية دعمت المحكمة الدولية لإيمانها بالعدالة".
وليلاً، عاد الرئيس سعد الحريري من لاهاي وتوجّه مباشرة لزيارة ضريح والده في بيروت.
مواقف خارجية
وفي المواقف العربية والدولية علّقت المملكة العربية السعودية، فقالت وزارة خارجيتها في بيان انها ترى في هذا الحكم "ظهوراً للحقيقة وبدايةً لتحقيق العدالة بملاحقة المتورطين وضبطهم ومعاقبتهم"، داعية "لتحقيق العدالة ومعاقبة "حزب الله" وعناصره الإرهابية". واضافت أنّ السعودية تتطلّع "إلى أن يعمّ لبنان الأمن والسلام بإنهاء حيازة واستخدام السلاح خارج إطار الدولة وتقوية الدولة اللبنانية لصالح جميع اللبنانيين بدون استثناء".
رد سوري
وفي اول رد فعل سوري على قرار المحكمة في قضية الحريري، قال عضو مجلس الشعب السوري احمد الكزبري لقناة "آر تي" الروسية، انّ "على الساسة في لبنان ان يقدموا اعتذارهم للحكومة السورية والى الشعب السوري عن كل ما بدر منهم من اتهامات زائفة، بعدما صدر الحكم عن المحكمة الدولية وا?ثبت عدم علاقة الحكومة السورية بعملية الاغتيال".
وأضاف انّ "الموضوع الآن سيخضع للتدقيق من قبل الأجهزة القضائية السورية ومن المحامين السوريين بما يخدم مصالح الشعب السوري المتضرّر، والذي يحتفظ بكامل حقوقه القانونية نتيجة اتهام حكومته المتكرر وما ترتّب على ذلك من اجراءات على المستوى الدولي ادّت الى الحاق الضَرر الجسيم به، وذلك وفقاً لقواعد ومقتضيات القانون الدولي".
وذكر الكزبري انّ "فريق 14 اذار وعلى رأسهم سعد الحريري رئيس الوزراء انذاك قام بتوجيه الاتهام الى سوريا، ومنذ عام 2005 نفى الرئيس بشار الأسد ايّ علاقة لسوريا باغتيال الحريري بل قال: اذا ا?ثبت التحقيق الدولي تورّط سوريين فسيكونون خونة وسيعاقبون بشدة. كما تعاونت الحكومة السورية بشكل حثيث مع التحقيق الدولي لانّ كشف الحقائق هو مصلحة سورية مهمة".
بريطانيا
وقال وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية جيمس كليفرلي: "إنّ إدانة عضو في "حزب الله" بالتآمر لقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في تفجير عام 2005 هي خطوة نحو تحقيق العدالة". وقال: "حكم اليوم هو خطوة نحو العدالة، يجب محاسبة من يرتكبون مثل هذه الفظائع".
إسرائيل
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان: "إنّ حكم المحكمة التي حققت في مقتل الرئيس الحريري والذي تمّ الإعلان عنه اليوم جَلّي، لا لبس فيه. إنّ جماعة "حزب الله" الإرهابية وأفرادها متورّطون في جريمة القتل وعرقلة التحقيق". واضاف: "حزب الله" أخذ مستقبل اللبنانيين رهينة خدمة للمصالح الخارجية… على دول العالم أن تتخذ إجراءات ضد هذه الجماعة الإرهابية لمساعدة لبنان على تحرير نفسه من هذا الخطر". ومن جهة ثانية اتهم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي "حزب الله" بانتهاك قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 حول لبنان، داعياً الحكومة اللبنانية "للسيطرة" على ما يجري في البلاد.
وقال كوخافي خلال تسليم وتسلّم القيادة للعمليات العسكرية في العمق، أمس، إنّ "حزب الله" أصبح "جيشاً إرهابياً يعمل في بيروت والبقاع وجميع مناطق جنوب لبنان". واضاف انّ "حزب الله" يخرق القرار الدولي الرقم 1701، ويواصل تعزيز قدراته وتسلّحه بسلاح دقيق، ويحاول استهداف دولة إسرائيل"، مشيراً إلى "أنّ القرار يحظّر حيازة سلاح غير حكومي جنوب نهر الليطاني." . واتهم "حزب الله" بمنع مراقبة قوات "اليونيفيل" الأممية، معتبراً أنه يعمل "تحت رعاية عدم مبالاة الحكومة اللبنانية". واعتبر أنّ الحكومة اللبنانية "تلغي نفسها أمام "حزب الله" ومَكّنته من تفريغ القرار 1701 من مضمونه". وأضاف أنه "آن الأوان لتعزيز ملموس في القدرات والصلاحيات التي تتمتع بها "اليونيفيل"، ومطالبة الحكومة اللبنانية ببسط نفوذها والسيطرة على ما يجري في لبنان في ما يتعلق بالإرهاب والسلاح".
الموقف الايراني
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، امس، "إنّ السياسات الأميركية والسعودية الخاطئة هي التي أوصَلت لبنان إلى ما هو عليه اليوم". وشدّد على أنّ "من واجب السعودية وأميركا التعويض عن الدمار الذي لحق بلبنان من دون فرض شروط مسبقة".
وقال ظريف إنّ "تعزيز الجماعات المتطرفة من قبل السعودية في لبنان هو ما أوصَله إلى ما هو عليه اليوم، لم ننس أنّ من فجّر السفارة الإيرانية في بيروت كان أجيراً سعودياً، والآن على السعودية أن تساعد لبنان كي تصحح أخطاءها لا أن تفرض عليه الشروط". وأضاف أنه بعد لقائه بعدد من المسؤولين في لبنان فإنّ غالب الظن أنّ "انفجار مرفأ بيروت ناجم عن حادث غير متعمّد"، داعياً لبنان إلى إجراء التحقيق حول هذا انفجار المرفأ بشكل مستقل، ويمكن للدول الأخرى تقديم المساعدة له في التحقيق.
وأكد ظريف أنّ مقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتشكيل حكومة وحدة وطنية في لبنان "مقترح جيد للغاية"، مشدداً على أنه على لبنان التركيز على إعادة البناء وتأجيل الدخول في المحادثات السياسية. واعتبر "أنّ الضغوط الأميركية لتشكيل حكومة غير سياسية في لبنان غير منطقية ولا معنى في لبنان لدولة غير سياسية". وقال: "إنّ اللبنانيين يعتقدون بوجوب إيجاد إصلاحات في لبنان، ويمكن لـ"حزب الله" أن يساعد في الإصلاحات"، مضيفاً: "الفساد موجود في لبنان. أمّا "حزب الله" فيمتلك نظاماً سالماً يمكنه المساعدة في الإصلاح، والأمين العام للحزب حسن نصر الله سيكون في طليعة إجراء الإصلاحات في لبنان".
مسؤول أممي
وكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش في تغريدة على "تويتر": "بقلق شديد، ناقش سفراء مجموعة الدعم الدولية اليوم الأزمة الشاملة المتفاقمة التي يمر بها لبنان". وأضاف: "جرى نقل تحذيرات شديدة إلى السلطات والقادة السياسيين، وكانت ردودهم في كثير من الأحيان مخيبة للآمال".
وتابع: "توقعات المجتمع الدولي معروفة جيداً، فمن دون إصلاحات عاجلة تتطلب دعماً سياسياً واسعاً لن يتمكن لبنان من الاعتماد على أي إنقاذ". وختم: "اليوم صفحة جديدة في تاريخ لبنان عنوانها العدالة وإحقاق الحق".
الجهود متواصلة للاستشارات الملزمة
ومن جهة ثانية، وعلى رغم الانشغال بالحكم في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فقد كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ"الجمهورية" انّ الاتصالات مستمرة في الكواليس تَوصّلاً الى مرحلة تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة في أجواء لا توحي أنّ المهمة سهلة او انّ هناك سيناريو حتى اليوم يمكن ان يؤدي الى تحديد هذا الموعد في وقت قريب.
وأضافت المصادر "انّ الإتصال الذي جرى بين عون وبري قبل يومين أطلق حملة اتصالات في الكواليس، ويشارك فيها عدد محدود من الوسطاء لتذليل بعض العقبات التي تحول دون التوصّل الى التفاهم على اسم الرئيس المكلف. وإن كان التفاهم على برنامج الحكومة واهدافها في هذه المرحلة يمهّد للتفاهم على اسم الرئيس المكلف، فإنّ البحث لا يتجاهل هذا المعطى".
الديبلوماسية الفرنسية
من جهة اخرى كشفت مصادر ديبلوماسية انّ الجهود المبذولة ليست على المستوى اللبناني فحسب، بل انّ هناك عدة مساع يقودها السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه بإشراف باريس المباشر، في حين انّ الجانب الفرنسي يدير الملف بتكليف من الرئيس ايمانويل ماكرون الذي يرغب في أن تنجح الديبلوماسية في إطلاق ورشة تشكيل الحكومة قبل زيارته المقررة لبيروت في 1 ايلول المقبل للمشاركة في احتفالات مئوية اعلان دولة لبنان الكبير.