قالت الصحف: قراءات في المشهد السوري وتداعياته
الحوارنيوز – صحافة
طغت التطورات في سورية على ما عداها من قضايا في افتتاحيات صحف اليوم.
- صحيفة النهار عنونت: “معظم لبنان” يحتفي بالسقوط المدوّي للأسد
تحركٌ عاجل للحدود واسترداد السجناء اللبنانيين
وكتبت تقول: كما كل بلدان المحيط وأكثر، بدا لبنان معنياً بالحدث السوري الذي بلغ ذروة الإذهال بسقوط نظام بشار الأسد على نحو متسارع لا يصدق حاملاً مع سقوطه أسراراً لا بدّ من انكشافها في قابل الحقبة المصيرية الغامضة التي دخلتها سوريا ويستحيل إطلاق سيناريوات متسرعة حول طبيعتها حالياً. فجر الثامن من كانون الأول، صار تاريخاً مفصلياً يعني لمعظم الفئات والطوائف والقوى اللبنانية، ولا سيما منها القوى السيادية والاستقلالية التي تحالفت طويلاً ضمن ثورة 14 أذار 2005 على أساس تحرير لبنان من الوصاية التي فرضها النظام الأسدي طويلاً على البلد، إن بعضاً من العدالة حلّ لشهداء “حرب الاغتيالات” كما لألوف السجناء والمفقودين اللبنانيين في السجون السورية كما لضحايا حروب النظام السوري “البائد” والساقط حديثاً.
لم يكن يوم أمس بالنسبة إلى اللبنانيين إلا يوم انفعالات مبررة بالكامل بإزاء سقوط نظام بشار الأسد قبل بدء التطلع إلى ما سيحل بسوريا بعد اسقاطه وتولي الفصائل المسلحة والمعارضة سلطة الأرض الآن تمهيداً لما سيأتي لاحقاً من تطورات. ووسط انفعالات الحفاوة بسقوط هذا النظام، طرحت بسرعة استحقاقات أمنية لا تحتمل تريثاً، منها ما يتصل بواقع جديد على الحدود البرية الشرقية والشمالية مع سوريا حيث يضاعف الجيش اللبناني قدراته البشرية والآلية للإمساك بزمام الأمور.
كما طرح على الفور ملف السجناء المفرج عنهم من السجون والمعتقلات السورية والسعي العاجل إلى كشف أعدادهم وأماكن وجودهم واسترجاعهم إلى لبنان. واقترن طرح هذه الملفات بمعطيات ذات دلالات كبيرة تؤكد “عودة” كاملة ناجزة وقسرية لعناصر “حزب الله” الذين كانوا في سوريا مع ما يعنيه سقوط النظام من تداعيات هائلة على الحزب في ظل تلقيه ضربات استراتيجية موجعة متلاحقة. كل هذا ظل دون الانطباعات الاستثنائية التي اجتاحت لبنان حيال سقوط النظام الذي طالما تلاعب بمصير البلد لعقود بوصاية مباشرة أو غير مباشرة، وأخيراً سقط…
التعامل الرسمي
على المستوى الرسمي المواكب للحدث الكبير، ذُكر أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تابع الأوضاع الأمنية في لبنان، ولا سيما على الحدود مع سوريا في خلال اتصال مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون وقادة الاجهزة الأمنية، وأكد على “أولوية التشدد في ضبط الوضع الحدودي والنأي بلبنان عن تداعيات المستجدات في سوريا”، كما دعا “اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم إلى التحلّي بالحكمة والابتعاد عن الانفعالات خصوصاً في هذا الوقت الدقيق الذي يمر به وطننا”. وأجرى ميقاتي أيضاً اتصالاً بالأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية وطلب منه التواصل مع “الهيئة الوطنيّة للمفقودين والمخفيين قسراً في لبنان” التي تم إنشاؤها بموجب القانون105 /2018 الخاص بالمفقودين والمخفيين قسراً، ومع لجنة معالجة قضية اللبنانيين المعتقلين في سوريا المؤلفة بموجب القرار رقم 2005/43 وشدد على “وضع كل الإمكانات المتوافرة والتواصل مع الجهات المعنية في ضوء الافراج عن مئات السجناء من السجون السورية”.
“انفجار ترحيبي”
وأما على المستويين الشعبي والسياسي، فباستثناء المناطق المحسوبة على الثنائي الشيعي، انفجرت معظم المناطق اللبنانية بالاحتفالات ترحيباً بسقوط النظام السوري وكان أضخمها وأكثرها صخباً واحتشاداً في طرابلس والمنية والضنية وفي الطريق الجديدة في بيروت وصيدا والبقاعين الأوسط والغربي. وفي المختارة توافدت حشود إلى ضريح كمال جنبلاط. وفي المقابل أقامت “القوات اللبنانية” سلسلة احتفالات وتجمعات في الشمال والبترون وكسروان والقاع وجزين وبعبدا وبيروت وعاليه وجبيل. ونظم حزب الكتائب تجمعاً حاشداً ومهرجاناً خطابيا مساء في ساحة ساسين لتوجيه التحية إلى روح الرئيس بشير الجميل وشهداء الحزب. وقال النائب نديم الجميل: “بشير حي فينا وهم يسقطون تباعاً إلى مزبلة التاريخ، والأسد فرّ ونحن والشعب اللبناني بقي”، وردد قسم جبران تويني أمام الجمهور.
وبدوره القى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع كلمة في احتفال أقيم في معراب اعتبر فيه أن “هذا اليوم هو يوم بشير الجميل ويوم كل شهداء ثورة الأرز ويوم البطريرك نصرالله صفير”. واعتبر أن ما يحصل اليوم ليس نهاية المطاف بل بدايته لأن نظام الأسد كان من أهم العوائق أمام قيام دولة فعلية في لبنان، واليوم يبدأ بناء دولة فعلية”.
وبادر الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى الاتصال بالرئيس سعد الحريري، مؤكداً له أن “عدالة السماء تحققت بالنسبة للرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر شهداء 14 آذار بسقوط نظام بشار الأسد”. وكان رد الرئيس الحريري: “الله يرحم والدك المعلم كمال جنبلاط”.
واعتبر جنبلاط في تغريدات، أن “اليوم سيكون للثأر ونهاية بشار الأسد، كيف ستكون سوريا الجديدة؟ أتردد في القول نظراً لأنّه بعد 54 عاماً من حكم الأسد مع العلويين في سوريا، أعتقد أننا أمام منعطف كبير في تاريخ الشرق الأوسط”. وسأل: “هل ستبقى سوريا موحّدة أم أنه الإعلان عن تقسيم وحرب أهلية؟”.
كما أُفيد أن مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، والرئيسان فؤاد السنيورة، وتمام سلام، “تنادوا انطلاقاً من مسؤولياتهم المواطنية والوطنية، إلى اجتماع عاجل، والقى الرئيس السنيورة باسم المجتمعين بياناً ناشدوا فيه اللبنانيين بأن يبادروا إلى لعب دورهم بالحفاظ على لبنان وديمومته وكيانه وسيادته واستقلاله ووحدته وتضامن أبنائه واحتضانهم لبعضهم بعضا، وأن يسيروا به إلى طريق الإنقاذ، والتمسك بالدولة اللبنانية لاستعادة دورها وسلطتها الواحدة وهيبتها”.
- صحيفة الديار عنونت: سقوط النظام في سوريا: هل تتجه المنطقة لتسوية كبرى او فوضى عارمة؟
الجيش اللبناني يتخذ تدابير استثنائيّة لحماية السّلم الأهلي
وكتبت تقول: ما لم تحققه المعارضة السورية المسلحة خلال 13 عاما، حققته صفقة دولية لم تتضح كل معالمها بعد بظرف 13 يوما. فسقطت المحافظات السورية الواحدة تلو الاخرى بيد المعارضة وصولا الى سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد ليل السبت – الأحد. تطورات دراماتيكية كبرى تشهدها سوريا ومعها كل المنطقة التي تبدو مصدومة من تسارع الاحداث منذ ايلول الماضي وحتى يومنا هذا. ما يضعنا امام سؤال كبير:»هل نتجه الى تسوية كبرى او فوضى عارمة؟»
ما هو مؤكد حتى الساعة ان النفوذ الايراني يتراجع في المنطقة على حساب نفوذ اميركي- تركي من دون ان يتضح الدور العربي في هذه المرحلة ولا موقف موسكو الحقيقي من كل ما يحصل.
الموقف الروسي – الايراني
ففيما تردد ان اتفاقا تم التوصل اليه بين «أطراف أستانا»، روسيا وايران وتركيا قضى بالترتيبات التي شهدتها سوريا بالساعات الماضية ولحظ ابقاء مناطق السّاحل السّوري راهنا وبالتحديد طرطوس واللاذقية، مناطق آمنة للمسؤولين السوريين مع تعهد عدم دخول الفصائل المسلحة اليها، أعلنت وزارة الخارجية الروسية انها تتابع الأحداث «المأسوية في سوريا بقلق بالغ»، مشيرةً إلى أنّ «نتيجة للمفاوضات بين الرئيس السوري بشار الأسد وعدد من أفرقاء النزاع المسلح في سوريا، قرر الأسد ترك منصبه ووجه بنقل السلطة سلميا وغادر البلاد». وأكدت الوزارة أن روسيا لم تشارك في هذه المفاوضات.
وفيما حاول الرئيس الاميركي الجديد المنتخب دونالد ترامب الايحاء بأنه استغرب ما حصل في سوريا، معتبرا ان «سقوط الأسد أمر مدهش لأنه بقي لسنوات في ظل ظروف أكثر سوءاً وفجأة بدأ المتمردون الاستيلاء على مساحات كبيرة»، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية أن «طهران مستمرة في دعم الآليات الدولية، وبخاصة قرار مجلس الأمن 2254 لمواصلة العملية السياسية في سوريا»، واشارت الى ان «مصير سوريا هو مسؤولية الشعب السوري وحده ويجب أن يتحدد دون فرض أجنبي أو تدخل هدام».
اسرائيل تتمدد
ولعل التطور الابرز بعد سقوط النظام السوري كان اعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو انهيار اتفاق «فض الاشتباك» لعام 1974 مع سوريا بشأن الجولان، وأنه أمر الجيش بـ «الاستيلاء» على المنطقة العازلة حيث تنتشر قوات الأمم المتحدة.
ولفت نتانياهو، الى أن «سقوط نظام الأسد يخلق فرصا جديدة ومهمة جدا لإسرائيل، لكن الأمر ليس خاليا من المخاطر». وقالت القناة 12 الإسرائيلية ان قوات إسرائيلية دخلت إلى عمق 14 كلم في الأراضي السورية، فيما أفادت هيئة البث الإسرائيلية ان «إسرائيل قصفت مركز البحوث العلمية في دمشق حيث تدار برامج أسلحة كيميائية وصواريخ باليستية».
وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن قرارا اتخذ في وقت سابق أمس الأحد، بنشر قوات للجيش في منطقة عازلة تخضع لرقابة الأمم المتحدة على الحدود مع سوريا في إطار خطة لضمان حماية كل الإسرائيليين الذين يقطنون هضبة الجولان.
مشهد خطير
ونبهت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع الى خطورة المشهد، معتبرة ان «المنطقة ومنذ اغتيال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله دخلت منعطفا خطرا، واليوم مع سقوط النظام في سوريا وعدم اتضاح ما سيرسو عليه الوضع هناك دخلنا منعطفا اخطر»، لافتة في تصريح لـ «الديار» الى انه «لا لبس ان هناك صفقة دولية ادت الى عملية تسلم وتسليم بدأت في حلب ووصلت الى دمشق بحيث لم تسجل اي معركة حقيقية طوال الايام الـ13 الماضية، لكن ما هو غير معلوم حتى الساعة ما اذا كانت هناك تفاهمات حول من سيحكم سوريا ووفق اي دستور واي دور سيكون لهيئة تحرير الشام ومحمد الجولاني؟ ما مصير المنطقة الكردية وهل تتجه سوريا الى التقسيم؟»
واعتبرت المصادر انه «في ظل كل هذه المعمعة، لا يبدو واضحا كيف سيكون انعكاس ما يحصل على لبنان، وما اذا كانت اسرائيل سلتزم بما ورد بقرار وقف النار بعد انتهاء مهلة الستين يوما، ام ستتمسك بالبقاء في المناطق التي تحتلها راهنا».
مرحلة انتقالية؟
وكانت وزارة الخارجية السورية بعد سقوط النظام اعتبرت أنّ «اليوم، تُكتب صفحة جديدة في تاريخ سوريا، لتدشّن عهدًا وميثاقًا وطنيًّا يجمع كلمة السّوريّين، يوحّدهم ولا يفرّقهم، من أجل بناء وطن واحد يسوده العدل والمساواة، ويتمتّع فيه الجميع بكل الحقوق والواجبات، بعيدًا عن الرّأي الواحد؛ وتكون المواطنة هي الأساس». وأعلنت الوزارة في بيان، «أنّها وبعثاتها الديبلوماسيّة في الخارج ستبقى على عهدها بخدمة الاخوة المواطنين كافّة، وتسيير أمورهم، انطلاقًا من الأمانة الّتي تحملها في تمثيل الشّعب السّوري، وأنّ الوطن يبقى هو الأسمى».
وتحدث رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في الخارج هادي البحرة لـ «رويترز» على هامش منتدى الدوحة أمس، عن ان «سوريا يجب أن تشهد فترة انتقالية مدتها 18 شهرا لتوفير بيئة آمنة ومحايدة وهادئة من أجل إجراء انتخابات حرة». ورأى البحرة انه يتعين وضع مسودة دستور خلال ستة أشهر، ستكون أول انتخابات تجرى بموجبه استفتاء عليه. وأضاف «الدستور سيحدد ما إذا كانت سوريا ستتبع نظاما برلمانيا أو رئاسيا أو مختلطا، وعلى هذا الأساس ستجرى الانتخابات ويختار الشعب زعيمه». وأوضح ان «المعارضة طلبت من موظفي الدولة الاستمرار في الذهاب إلى أعمالهم لحين انتقال السلطة وأكدت لهم أنهم لن يتعرضوا لأي أذى».
تدابير استثنائية في لبنان
اما في لبنان، فقد ظل الترقب الحذر سيد الموقف فيما كثفت كل الأجهزة الامنية اجراءاتها في الداخل وعلى الحدود. وقالت قيادة الجيش اللبناني – مديريّة التّوجيه، في بيان، أنّ «في ظلّ التّطوّرات المتسارعة والظّروف الدّقيقة الّتي تمرّ بها المنطقة، تتابع قيادة الجيش الوضع على الحدود وفي الدّاخل، منعًا لأيّ تهديد للسّلم الأهلي». واشارت المديرية الى انه «تم تعزيز الوحدات المكلّفة مراقبة الحدود الشّماليّة والشّرقيّة وضبطها، بالتّزامن مع تشديد إجراءات المراقبة، كما تنفّذ الوحدات المنتشرة على مساحة لبنان تدابير استثنائيّة لحفظ الأمن وحماية السّلم الأهلي».
وتابع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الاوضاع الامنية في البلاد، ولا سيما على الحدود مع سوريا، في خلال اتصال مع قائد الجيش العماد جوزيف عون وقادة الاجهزة الامنية.
وشدد رئيس الحكومة» في خلال هذه الاتصالات على أولوية التشدد في ضبط الوضع الحدودي والنأي بلبنان عن تداعيات المستجدات في سوريا».
كما دعا رئيس الحكومة» اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم الى التحلي بالحكمة والابتعاد عن الانفعالات، خصوصا في هذا الوقت الدقيق الذي يمر به وطننا».
واجرى رئيس الحكومة ايضا اتصالا بالامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية وطلب منه التواصل مع «الهيئة الوطنيّة للمفقودين والمخفيين قسراً في لبنان» التي تم إنشاؤها بموجب القانون105 /2018 الخاص بالمفقودين والمخفيين قسراً، ومع لجنة معالجة قضية اللبنانيين المعتقلين في سوريا المؤلفة بموجب القرار رقم 2005/43.
وشدد رئيس الحكومة «على وضع كل الامكانات المتوافرة والتواصل مع الجهات المعنية في ضوء الافراج عن مئات السجناء من السجون السورية».
وعلى الاثر ومن جهته، اتصل الامين العام لمجلس الوزراء بالهيئة واللجنة، وطلب منهم الاجتماع بصورة عاجلة لاجراء الترتيبات اللازمة لمتابعة الملف. وتبلغ ان الهيئة واللجنة ستجتمعان في الساعات المقبلة.
- صحيفة الأخبار عنونت: رجالات إردوغان يدخلون دمشق: تركيا رابحاً أوّل
وكتب محمد نور الدين تحت محمد هذا العنوان يقول:
طُويت صفحة بكاملها من تاريخ سوريا الحديث، امتدّت على 50 عاماً، مع مغادرة الرئيس السوري (السابق)، بشار اﻷسد، دمشق إلى جهة غير معلومة. ومع سقوط النظام، ربّما من تلقاء نفسه، دخلت عاصمة اﻷمويين فصائل المعارضة، وعمودها الرئيسي «هيئة تحرير الشام» و«الجيش الوطني السوري»، وهما خليط من الموالين لتنظيم «اﻹخوان المسلمين» والتنظيمات الدينية المتطرفة، فيما تجمعهما تبعيتهما لتركيا على مختلف الصعد التنظيمية والسياسية والعسكرية والمالية. وتعليقاً على التطورات المتسارعة، كان لوزير الخارجية التركي، حاقان فيدان، كلمة شدّد فيها خصوصاً على أن «سوريا الجديدة لا ينبغي أن تشكّل تهديداً لجيرانها، بل أن تقضي على التهديدات»، داعياً إلى «تأسيس إدارة سورية جديدة لا تقصي أحداً، ولا تنتقم من أحد»، كما إلى المحافظة على المؤسسات السورية، ومن بينها الجيش. وأشار إلى أن قوات المعارضة السورية، التي دعاها إلى الوحدة، «تتكوّن من مجموعات مختلفة، لكن آلية التنسيق في ما بينها ستتحسّن في الأيام المقبلة». وقال: «أيّ امتداد لحزب العمال الكردستاني المحظور، لا يمكن اعتباره طرفاً شرعياً في سوريا»، مذكراً مرّة جديدة بأن «(الرئيس التركي رجب طيب) إردوغان مدّ يده من أجل تحقيق الوحدة في سوريا، لكن ذلك قوبل بالرفض»، منوهاً في المقابل بـ«الدور البنّاء» لروسيا وإيران في ما يخصّ المسألة السورية.
وﻻ شكّ في أنه في ظلّ تهاوي الجيش السوري الذي لم يحارب أصلاً، تُطرح علامات استفهام كبيرة حول خفايا ما حصل. ويمكن، في سياق سقوط النظام، تسجيل ما يلي:
1- إن الرابح اﻷول واﻷكبر، هو الرئيس التركي؛ ذلك أن الفصائل المسلّحة التي استولت على المدن السورية، وصوﻻً إلى دمشق، تابعة في كل شاردة وواردة ﻷنقرة. ولوﻻ الدعم التركي المباشر لهؤﻻء بالسلاح والتدريب والمال والتنظيم وكل شيء، ما كان لهذا الهجوم أن ينجح.
2- من شأن اﻻنتصار التركي أن يحيي النزعة العثمانية، ويدفع إلى القول إن إردوغان نجح ليس فقط في إقامة منطقة عازلة وآمنة مع سوريا، بل حوّل كل سوريا، باستثناء شرق الفرات، إلى محمية أو محافظة تابعة له. وما كان «يبشر» به من أنه سيصلي في الجامع اﻷموي، بات أمراً واقعاً، حيث سيدخل دمشق فاتحاً كما دخلها قبله السلطان سليم اﻷول والجنرال غورو.
3- اﻷهمّ بالنسبة إلى إردوغان، أنه سيكون في مقدوره تغيير الدستور، إذ يتاح له الترشّح من جديد عام 2028، ما لم تطرأ متغيّرات مفاجئة.
4- ﻻ شكّ في أن انتصار المعارضة قد تم التمهيد له على مدى سنة بكاملها، عبر ضرب «حزب الله» وإضعاف إيران، كما الضربات الإسرائيلية المتتالية للدفاعات والمنشآت السورية.
5- صورة سوريا الجديدة ضبابية، لكن لن يكون من الصعب توقّع نشوء فدرالية بين المسلحين (أو الجانب السني) واﻷكراد، فيما سيكون مصير منطقة العلويين في جبل العلويين موضع مساومات.
6- ﻻ شكّ في أن البلد الأكثر تأثراً اﻵن، سيكون لبنان، حيث ستتشجّع القوى المعارضة لـ«حزب الله» على العمل لنزع سلاح الأخير، والإتيان برئيس جمهورية موالٍ لواشنطن.
7- ستجد الوﻻيات المتحدة نفسها في مستوى من الغلبة لتصعيد الضغوط على إيران، وربّما إطاحة نظام الثورة الإسلامية، المعقل اﻷخير للقوى المعارضة للسياسات الغربية في المنطقة.
8- أمّا روسيا، فهي في موقع الخاسر الثاني بعد إيران. ولعلّ انخراطها في الحرب اﻷوكرانية كان من أهمّ عوامل تخلّيها عن اﻷسد، الذي سيشكّل سقوطه عامل تشجيع لكييف لرفع سقف مساوماتها لحلّ اﻷزمة اﻷوكرانية. على أي حال، سيسجَّل حدث إسقاط النظام البعثي في سوريا، وإحدى ركائز محور المقاومة، كأحد أهم اﻷحداث في الشرق اﻷوسط في العقود اﻷخيرة. وإلى حين اتضاح الرؤية أكثر، فإن التاريخ البشري يتّسم دائماً بعدم خضوعه للقوانين العلمية. وبالتالي، قد يجوز توقع ما هو غير متوقّع في منطقة كانت سجاﻻً بين إرادة الشعوب واستقلالها وحريتها، وبين غزوات الخارج اﻻستعمارية.