قالت الصحف: قراءات في الخروق الإسرائيلية لوقف النار وخطاب حزب الله
الحوارنيوز – صحف
أجرت الصحف اللبنانية الصادرة هذا الصباح قراءات في الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف النار وبدء لجنة المراقبة لمهامها،فضلا عن مضمون خطاب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم.
الأخبار عنونت: الجنرال الأميركي وصل إلى بيروت: سأعالج الخروقات الإسرائيلية |
قائد الجيش: العدوّ يمنعنا من نشر قواتنا جنوباً
وكتبت صحيفة “الأخبار” تقول:
بينما كانَ رئيس لجنة الإشراف الخماسية، الجنرال جاسبير جيفرز مجتمعاً مع قائد الجيش العماد جوزف عون في مكتبه في اليرزة، للبحث في آلية التنسيق بينَ الجهات المعنية بمراقبة تنفيذ قرار وقف إطلاق النار، كانَ العدو الإسرائيلي يُمعِن في تصوير نفسه بأنه فوقَ الجميع، وأن له اليد الطولى وصاحب القرار الوحيد في خرق القرار أو تنفيذه.
صحيح أن الخروقات كانت كبيرة، لكنّ العدو، وبعض الداخل اللبناني، حاولا تسويقها بطريقة أكبر بكثير من الواقع على الأرض، حيث يسعى العدو للقول بأنه متحكّم بكل الحركة كما يشاء، لكنّه تقصّد إيصال رسالة بأنه لن يترك مرحلة الستين يوماً الانتقالية في عهدة اللجنة بل سيحاول قدر الإمكان فرض ما يشبه «المنطقة العازلة» بالنار لمنع أي عودةٍ للسكان إليها. ويوماً بعدَ يوم، يُعبّر العدو عن توتره والضغط الذي يعيشه جيشه كما حكومته جراء السخط الداخلي على الاتفاق، ولا سيما من قبل مستوطني الشمال، ما رفع من نسبة الشكوك في احتمال لجوء العدو إلى «المغامرة» بالاتفاق الذي طلبه هو، كما قال المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين.
وكشفت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» بعض تفاصيل اجتماع اليرزة. وقالت إن «عون ناقش مع جيفرز آليات العمل في الجنوب كفريق واحد في لجنة الإشراف»، ونقلت عن قائد الجيش قوله للجنرال الأميركي إن «الاتفاق على وقف إطلاق النار كانَ ينصّ على انسحاب الجيش الإسرائيلي، لكنّ العدو بادر إلى خرقه وبدأ باستهداف الناس، وهذا الأمر إن استمر لن يسمح للجيش بتنفيذ مهمته وانتشاره». وأكّد عون على «المهام الموكلة للجيش والمنصوص عليها في الاتفاق في ما خصّ أي حركة أو المسح الخاص بالمنشآت والمراكز، بينما يتعمّد جيش الاحتلال القيام بها وبالتالي هذا أمر غير مقبول، فهناك مدنيون لا يزالون تحت الأنقاض وعمل كثير يجب أن يبدأ به الجيش والعدو يعيق هذا العمل».
وحسب المصادر فإن جيفرز وعد قائد الجيش بالتواصل مع الإسرائيليين لمعالجة المشكلة، وقالت المصادر إن الجنرال جاء مع فريق عمل يضم حوالي 12 مساعداً سيتخذون من السفارة الأميركية في عوكر مقراً لهم». وإنهم سيحضرون إلى اليرزة فقط في حال كانت هناك حاجة إلى عقد اجتماع مع الجيش اللبناني. بينما ينتقلون إلى الناقورة، للمشاركة في اجتماعات لجنة الإشراف. لكن تبيّن أن جيفرز لن يكون موجوداً بصورة دائمة، بسبب أنه كثير الانشغال في مهام في القيادة الوسطى، ما قد يضطر إلى إرسال مندوب عنه في بعض الأحيان». وكشفت مصادر بارزة أن عون تواصل مع السفارة الفرنسية في بيروت «لاستعجال الفرنسيين بتسمية ممثّلهم في اللجنة»، وعبّر عن «قلقه من أن يستغل العدو الإسرائيلي الفترة الانتقالية لنسف الاتفاق»، مؤكداً على «ضرورة اكتمال اللجنة في أسرع وقت ممكن للمباشرة في عملها».
ماكرون يطالب باحترام الاتفاق، وفرنسا تختار ممثّلها العسكري في لجنة الإشراف
وفيما دار نقاش حول الاسم الذي ستختاره باريس، وتداولت معلومات حول إمكانية اختياره من داخل كتيبتها في اليونيفل، نفت مصادر مطّلعة ذلك، مؤكدة أن «الضابط المنتدب من الجيش الفرنسي، سيصل خلال يومين إلى بيروت وأن باريس التي يتولى ضابط منها موقع رئيس الأركان في قوات «اليونيفل»، تحرص على فصل عمل كتيبتها عن لجنة الإشراف للاحتفاظ بالموقعين. وتقرّر أن يكون العضو الفرنسي برتبة عميد وما دون، كون رئيس اللجنة الأميركي هو لواء ويجب أن تكون رتبة العضو أقل بحكم التراتبية».
في هذه الأثناء، تواصلَت الخروقات الإسرائيلية لليوم الثالث على التوالي بعد وقف إطلاق النار، وتوغّلت 4 دبابات وجرافتان إسرائيليتان في أحد الأحياء الغربية في بلدة الخيام، وتمركزت فيه، علماً أنّه خلال الحرب لم تستطع قوات العدو الدخول إليه. كما قامت القوات الإسرائيلية بجرف واقتلاع أشجار الزيتون قرب منطقة العبارة قبالة الجدار في بلدة كفركلا، تزامناً مع قصف مدفعي إسرائيلي استهدف أطراف بلدتي مركبا وطلوسة. وكان الجيش الإسرائيلي أطلق النار على مواطنين في بلدة الخيام، خلال تشييع أحد أبنائها، فيما سقطت قذيفة مدفعية إسرائيلية على البلدة، واستمرت قواته بعمليات التمشيط بالأسلحة الرشاشة في مارون الرأس.
كما قصفت دبابة ميركافا إسرائيلية منزلاً في خراج برج الملوك، محلة تل نحاس، نجا صاحبه بأعجوبة حيث كان موجوداً في منزله لتفقّده. وقصفت قوات الاحتلال طلوسة ومركبا وبني حيان، وعمدت قوات العدو إلى جرف منازل في البلدة. وأُفيد بأنّ بلدات حولا والعديسة والطيبة تعرّضت لقصف مدفعي، وبقيت المُسيّرات الإسرائيلية تحلّق فوق منطقة مرجعيون مترافقة مع رشقات رشاشة في الخيام وكفركلا.
وزعم جيش العدو أنه رصد «تحركاً لمنصة صاروخية متنقّلة تابعة لحزب الله في جنوب لبنان واستهدفها جوياً».
ميدانياً، يتصدى أهل الجنوب وحدهم للعدوان المستمر. وقال مصدر مطّلع لـ«الأخبار» إن انتشار الجيش اللبناني جنوباً، ينتظر صرف الاعتمادات اللازمة لتطويع 1500 عسكري. وحتى حصول ذلك، يُفترض أن تنتقل سريتان من فوج التدخل الثاني إلى جنوبي الليطاني بعد السريتين اللتين توجّهتا إلى صور ومرجعيون وكفردونين في اليوم الأول لوقف إطلاق النار مع سريتين من فوج المغاوير. أما الفوج النموذجي الذي تأسّس بدعم من قيادة اليونيفل، فيحتاج إلى عديد إضافي.
وتعليقاً على الخروقات الإسرائيلية، قال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض إنّ «العدو ارتكب بالأمس خروقات خطيرة ويحاول فرض تفسيره الخاص لمسار الإجراءات التطبيقية للقرار 1701». تصريح فياض جاء بعد جولة قام بها على قرى النبطية ومرجعيون، وسجّل إثرها عدداً من الملاحظات، معتبراً أنّ إسرائيل «تفرض تفسيرات خاصة لتنفيذ الـ1701 خارج روحية ورقة الاتفاق وسياقات نصوصها». وقال فياض إن «الجيش مدعوماً من الشعب والمقاومة سيرسم خطاً أحمر، أمام أي استهداف لأمن القرى والبلدات والمدن الجنوبية». واعتبر أنّ الحكومة «هي المسؤولة المباشرة عن إدارة الموقف الرسمي اللبناني سياسياً وميدانياً وإجرائياً»، مشيراً إلى أنّ «لبنان غير معني على الإطلاق بأيّ تفاهمات جانبية حصلت بين الإسرائيليين والأميركيين، وهي لا تمتلك من وجهة الموقف اللبناني، أيّ قيمة قانونية أو مرجعية».
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى «الوقف الفوري» لكل الأعمال التي تنتهك وقف إطلاق النار الساري في لبنان منذ الأربعاء، وفق ما أعلن عنه، أمس الجمعة، قصر الإليزيه. وكان ماكرون وخلال مكالمتين هاتفيتين أجراهما بالأمس مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، دعا جميع الأطراف للعمل على التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل.
كما علّقت جينين هينيس بلاسخارت، المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون لبنان، على هذه الخروقات بالقول إن «تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي التي احتلها في جنوب لبنان وتعزيز انتشار الجيش اللبناني في هذه المناطق، لا يمكن أن يتم كل ذلك بين ليلة وضحاها».
النهار عنونت: خطاب المكابرة يزعم “النصر” والانتهاكات تتواصل
وكتبت صحيفة “النهار” تقول:
أدهش الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم الرأي العام اللبناني والعربي بخطابه الأول بعد إعلان اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل الذي وافق عليه الحزب بحذافيره ، اذ شكل هذا الخطاب واقعياً ذروة المكابرة والإنكار من خلال اعلان قاسم “الانتصار” في الحرب الأخيرة مع إسرائيل واصفاً هذا “النصر” بأنه أكبر” من “الانتصار الإلهي” بعد حرب تموز 2006. وإذ جاء “خطاب المكابرة” هذا وسط تصاعد الضجة السياسية والإعلامية حيال التداعيات والآثار الثقيلة جداً لمعظم بنود اتفاق وقف النار على صورة “حزب الله” لجهة تضمنها موجبات حاسمة لإنهاء هيكليته المسلحة والتزام تنفيذ القرارت الدولية التي تنزع سلاحه ووضع حد حاسم لوجوده في جنوب الليطاني ناهيك عن إبقاء المجال مفتوحا امام إسرائيل في التحكم بمفاصل ميدانية ضمن مهلة ال 60 يوماً وبعدها، فإنّ إعلان الشيخ نعيم قاسم “النصر” بالتبريرات التي أوردها زاد الاقتناعات بأنّ الحزب ينبري إلى مزيد من الدعاية المكابرة والإنكارية لحجب الحجم الكبير للخسائر التي مني بها من جهة ولمحاولة صد المحاسبة السياسية والإعلامية والمعنوية التي تحمله كامل التبعات والمسؤوليات عن الكارثة التي ضربت لبنان عبر هذه الحرب.
إذ إنّ قاسم زعم “اننا أمام انتصار كبير يفوق الانتصار الذي حصل في تموز 2006 بسبب طول المدة وشراسة المعركة والتضحيات الكبيرة وكان هناك جحافل من الأعداء مع كل الدعم الأميركي والغربي ووقفنا سدّاً منيعاً وحققنا الإنجاز ومنعنا العدو من تدمير حزب الله ومنعناه من إنهاء المقاومة أو إضعافها وهزمناه لأنّه اضطر أن يبرّر وستبقى المقاومة مستمرة”.
ووصف الاتفاق على وقف النار بأنّه “برنامج إجراءات تنفيذية لتطبيق القرار ١٧٠١، وهو يؤكد خروج الجيش الإسرائيلي” وتجاهل البنود الأخرى كافة ليقول إنّ “التنسيق بين المقاومة والجيش اللبناني سيكون عالي المستوى لتنفيذ إجراءات الاتفاق، وهو تمّ تحت سقف السيادة اللبنانية ووافقنا عليه ورؤوسنا مرفوعة بحقّنا في الدفاع”.
وقال إنّ “الحرب الإسرائيلية كانت تهدف إلى إبادة حزب الله والإسرائيليون توقعوا تحقيق أهدافهم في وقت قصير، لكن صمود المقاومين الأسطوري أدخل اليأس إلى صفوفهم وأرعب جيشهم”.
وأكّد “أننا سنعمل على صون الوحدة الوطنية وتعزيز قدرة لبنان الدفاعية وستكون المقاومة جاهزة لمنع العدو من استضعاف لبنان بالتعاون مع الجيش اللبناني وسيكون حضورنا في الحياة السياسية الاقتصادية فاعلاً ومؤثراً فالرهانات على إضغاف الحزب فشلت” وشدّد، على استكمال عقد المؤسسات الدستورية وعلى رأسها انتخاب رئيس للجمهورية بالموعد المحدد في 9 كانون الثاني”.
في غضون ذلك وفيما لم تغب المحاذير المستمرة لاستمرار الانتهاكات والخروقات الإسرائيلية لوقف النار في يومه الثالث بدأت التحضيرات العملية لاستكمال إجراءات تنفيذ الاتفاق وكان بارزاً في هذا السياق اجتماع قائد الجيش العماد جوزف عون في مكتبه في اليرزة أمس مع رئيس لجنة الإشراف الخماسية الجنرال الأميركي جاسبر جفرز وتناول البحث الأوضاع العامة وآلية التنسيق بين الأطراف المعنية في الجنوب. ومع وصول الجنرال الأميركي إلى بيروت يفترض ان يكتمل عقد لجنة الإشراف والمراقبة الخماسية على اتفاق وقف النار علماً انها تضم الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان وإسرائيل والأمم المتحدة . وستكون اللجنة معنية بمراقبة تنفيذ الاتفاق وتلقي شكاوى ومراجعات الأطراف حيال التنفيذ.
انتهاكات اليوم الثالث
ولكن الوضع في الجنوب حافظ على نسبة عالية من التشويش والاضطراب مع رصد خروقات إسرائيلية تعدت حدود اطلاق النار والقذائف، الى جرائم بيئية مع جرف واقتلاع أشجار الزيتون قرب منطقة العبارة قبالة الجدار في بلدة كفركلا . وسجل قصف مدفعي إسرائيلي استهدف أطراف بلدتي مركبا وطلوسة. كما أطلق الجيش الإسرائيلي النار على مواطنين في بلدة الخيام، خلال تشييع أحد أبنائها، فيما سقطت قذائف مدفعية إسرائيلية على البلدة. وقام الجيش الإسرائيلي بعمليات تمشيط بالأسلحة الرشاشة في مارون الراس. وفي قرى قضاءي صور وبنت جبيل يعيش السكان حالاً من الحذر والترقب، بعدما مُنعوا من دخول القرى المتاخمة للحدود بعمق ثلاثة كيلومترات ويقدر عدد هذه القرى بعشرين قرية تضاف اليها مدينة بنت جبيل. وكان الجيش الإسرائيلي جدد توجيه تهديده إلى سكان عدد من القرى في الجنوب ، مشيرا الى انه “حتى إشعار آخر يحظر عليكم الانتقال جنوبًا إلى خط القرى التالية ومحيطها: شبعا، الهبارية، مرجعيون، أرنون، يحمر، القنطرة، شقرا، برعشيت، ياطر، المنصوري”. كما دعا الجيش الإسرائيلي سكان أكثر من 60 قرية الى عدم العودة إلى بيوتهم.
واستمرت ردود الفعل الخارجية على الاتفاق فرحِّب الاتحاد الأوروبي بالإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان وأشاد بجهود الوساطة التي بذلتها فرنسا والولايات المتحدة والتي سمحت بالتوصل إليه. ودعا جميع الأطراف الإقليمية والدولية إلى الانخراط في دعم وقف إطلاق النار حتى يتحول إلى مساهمة دائمة في السلام والاستقرار الإقليميين”.واكد التزام دول الاتحاد “مجموعة واسعة من أدوات الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك آلية السلام الأوروبية، لدعم الجيش اللبناني واليونيفيل حتى يكون في الإمكان تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1701 بشكل فعّال وكامل على الأرض. وسيواصل الاتحاد الأوروبي كذلك تقديم مساعداته الإنسانية والمشاركة في التعافي المبكر وإعادة الإعمار بعد النزاع، بهدف دعم الشعب اللبناني المتضرر من النزاع، بما في ذلك الأعداد الكبيرة من النازحين داخلياً. والاتحاد الأوروبي عازم بشكل خاص على دعم سيادة الدولة اللبنانية وجهود بناء الدولة”.
تزامن ذلك مع تأكيد المبعوث الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان، في ختام زيارته إلى بيروت، الحاجة الملحة لانتخاب رئيس للجمهورية خلال الجلسة التي دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري لعقدها.وقال لودريان في حديث لوكالة “فرانس برس” : “جئت إلى لبنان فور إعلان وقف إطلاق النار لإبداء دعم فرنسا لتطبيقه بالكامل ولتأكيد الضرورة الملحة لانتخاب رئيس للجمهورية واستئناف العملية المؤسساتية”. وأعرب عن “ارتياحه” لإعلان بري الخميس عقد جلسة لانتخاب رئيس في 9 كانون الثاني المقبل.
جعجع
في المواقف الداخلية البارزة جدد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع انتقاداته ل”حزب الله” معتبرانه “ارتكب جريمة كبيرة بحق اللبنانيين عمومًا، وبحق سكان البقاع والجنوب والضاحية الجنوبية خصوصًا. فقد كنّا بغنى عن مقتل أكثر من 4000 لبناني، وعن تهجير من تهجّر، وتدمير ما تدمّر. ورغم كل هذه الكوارث، لا يزال نواب حزب الله يتحدثون عن “انتصار” بمنطق عجيب غريب لا يمتّ إلى الواقع بصلة” . وشدد جعجع على أنّ “الحرب الأخيرة كانت خدمة لقضية أخرى على حساب لبنان. فمن كلّف حزب الله بإعلان حرب الإسناد؟ الغالبية الساحقة من اللبنانيين كانت ترفض هذه الحرب ولم تكن موافقة على جعل لبنان منصة لصراعات الآخرين”. وقال “أنّنا بالأساس لا نعتبر أن سلاح حزب الله شرعي. والقرار الذي وافق عليه الحزب بنفسه لوقف إطلاق النار يشكّل أكبر دليل على عدم شرعية هذا السلاح”، مؤكّداً أن “لا وجود لمعادلة “جيش شعب مقاومة” بحسب الاتفاق الموقع لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، بالنسختين العربية والإنكليزية” لافتاً إلى أنّ “حزب الله وافق على قرار وقف إطلاق النار وعليه أن يكون صادقًا مع نفسه ويفي بالتزاماته. يجب أن يتم تنفيذ القرار من خلال الجلوس مع قيادة الجيش اللبناني وبدء عملية تفكيك البنى التحتية العسكرية على الأراضي اللبنانية كافة، كما ينص الاتفاق”. وقال: “ولّى زمن عدم تنفيذ الاتفاقات والتعهدات. الحكومة ومجلس النواب، كما حزب الله، يجب أن يقفوا أمام مسؤولياتهم ويعملوا على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بما يخدم مصلحة لبنان ويؤمن استقراره. ووفق الاتفاق، السلاح يجب أن يبقى في يد الجيش اللبناني والقوى الأمنية فقط”. وتابع: “أوعا حدا يفكر إنو ممكن نرجع لمرحلة ما قبل 7 تشرين الأول 2023. مستحيل نعود إلى ما كنّا عليه سابقًا. وإذا ما بدكن دولة، قولو لنعرف حالنا شو بدنا نعمل. لبنان لا يمكن أن يبقى على هذا الحال من دون وضوح أو مسؤولية من الجميع”.
الكتائب
وبدوره اعلن المكتب السياسي الكتائبي بعد اجتماعه برئاسة رئيس الحزب النائب سامي الجميل “ان اللبنانيين يجدون أنفسهم أمام تطبيق جدّي للقرار 1701 والذي كان يمكن تطبيقه بحذافيره من دون الاضطرار إلى دفع هذه الضريبة من الضحايا والدمار والانهيار التام للمؤسسات واستجرار وصاية جديدة على البلد بعد سلسلة من الحسابات الخاطئة والرهانات الكاذبة”. واعلن” إن حزب الكتائب يؤكد أنه بعد كل ما حصل لا بد من العودة إلى أصول بناء الدول والأسس التي قام عليها لبنان وإلى دولة المؤسسات والمواطنة والحرية والسلام والازدهار ولهذه الغاية شروط واضحة ومحاذير لا يجب أن تتكرّر:
– لا عودة إلى وجود السلاح خارج إطار الجيش اللبناني.
– لا عودة إلى الاستئثار بقرار الحرب والسلم.
– لا عودة إلى دولة المزرعة ومنطق الاستقواء والفرض”.
ورحب المكتب السياسي بدعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري عقد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية “ولو أنها أتت متأخرة وبكلفة فادحة، على أمل أن تكون النيّات صافية والإرادة حاضرة لتثمر الجلسة رئيسًا على قدر المرحلة وأن تتم العملية الانتخابية تحت سقف الدستور من دون اجتهادات وأن ينسحب الأمر على تشكيل الحكومة لتكون مناسبة لترميم ما تهدم من مؤسسات وبنى تحتية”.
الديار ع: استفزازت «اسرائيل» في الجنوب هدفها مدة اطول نونتمن 60 يوماً
مصدر ديبلوماسي فرنسي: نتنياهو مصاب بالدوار السياسي ولا عودة للحرب في لبنان
وصول مُوفدي اميركا وفرنسا في لجنة مراقبة وقف اطاق النار
وكتبت صحيفة “الديار” تقول:
ستون يوما وهي من الايام الاكثر دقة التي سيشهدها لبنان خاصة في الايام الاولى من تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار بعد ان انكشفت نوايا جيش العدو بانه يريد احداث فوضى في الجنوب عبر استغلاله الحوادث التي تحصل مع الاهالي الذين يريدون العودة الى قراهم ليأخذها ذريعة للمطالبة بتمديد الفترة من ستين يوما الى مدة اطول نظرا للضغوطات الداخلية التي يشهدها الكيان الصهيوني من جانب المستوطنين الغير قادرين على العودة الى الشمال. ذلك ان القناة «12 الاسرائيلية» افادت بأن هناك ازمة ثقة بين المستوطنين وبين جيشهم اذ تطلب الحكومة من المستوطنين العودة الى الشمال في حين ليس هناك مكان للعودة اليه.
بموازاة ذلك، الجميع يعي ان اتفاق وقف اطلاق النار لا يزال في طوره الاول وعودة النازحين الى ارضهم ستتحقق شيئا فشيئا خلال المدة المتفق عليها وهي ستون يوما وليس بين ليلة وضحاها.
انما وفي الوقت ذاته، يترتب على اللجنة الدولية المولجة بوضع الامور في نصابها اتخاذ التدابير في عدم تصادم اهالي الجنوب مع العدو الاسرائيلي كما يتوجب على الحكومة اللبنانية الحالية التي تتمتع بالقرار السياسي والممثلة في اللجنة الدولية ان تتحمل مسؤوليتها عبر تنظيم عودة النازحين الى قراهم الجنوبية ورعاية ذلك تزامنا مع انتشار الجيش اللبناني وتمركزه تدريجيا في جنوب الليطاني فينسحب عندها جيش الاحتلال من الاراضي اللبنانية الموجود فيها الان.
حزب الله لن يسلم سلاحه
في سياق متصل، رأت مصادر عسكرية مخضرمة ان حزب الله لن يسلم سلاحه خاصة انه لم يهزم في الحرب ضد «اسرائيل» حيث انه تلقى ضربات قاسية لكنه استجمع قواه وواصل القتال ولم يتمكن الجيش «الاسرائيلي» من كسره في الحرب البرية في الجنوب. وخير دليل على ذلك، ان الاعلام العبري تحدث ان حزب الله لم يكن قريبا من الهزيمة وقد جاء ذلك في صحيفة «يديعوت احرونوت» العبرية ان المحبطين في «اسرائيل» من قبول حكومتهم باتفاق وقف اطلاق النار تجاهلوا وقائع اساسية، اولها ان حزب الله لم يهزم وكان قادرا على مواصلة القتال ضد الجيش «الاسرائيلي».
ومن جهتها، قالت اوساط مطلعة ان قسما من سلاح حزب الله دمرته «اسرائيل» في الحرب الاخيرة وقسما اخر استخدم في تحقيق الضربات التي دمرت مستوطنات الشمال «الاسرائيلي»- فلسطين المحتلة وايضا في مناطق في الجولان المحتل وبقي قسم من سلاح الحزب الذي لن يتخلى عنه.
اضف على ذلك، ان تحالف الثنائي الشيعي لا يزال قائما وصلبا الى جانب وجود حلفاء لهم في الصف الاخر. وهنا لفتت هذه الاوساط ان انتخاب رئيس جمهورية جديد لن يكون بالضرورة موجها ضد المقاومة وسلاحها. وتابعت هذه الاوساط المطلعة ان حزب الله يراهن على عامل الوقت فهناك ستون يوما تجربة وهناك خروقات اسرائيلية كثيرة غير ان الحزب لا يريد الرد عليها. هذه المدة ستكون لصالح الحزب الذي يعكف الان على ورشة عمل داخلية وايضا لبلورة تحالفاته. وبالتالي الوضع اللبناني لا يزال مفتوحا على كل الاحتمالات وفقا لهذه الاوساط التي تعتبر ان الجانب الاميركي لن يتدخل مباشرة وقد حققت هدفها الذي كان بوقف الحرب في لبنان.
اللبنانيون لم يقعوا في كمين «الاسرائيلي»
الى ذلك، اظهر الشعب اللبناني وعيا ونضوجا في التعامل مع الحرب ونزوح كبير لاهالي الجنوب دون ان يقع في كمائن «اسرائيل» التي كانت تريد اشعال فتيل الفتنة بين اللبنانيين.
حصلت بعض الاستفزازت ولكن كل الاطراف اللبنانية لم تقع في المطب الاسرائيلي وهذه تسجل للبنانيين ولكل الاحزاب الرئيسية اللبنانية.
مصادر ديبلوماسية فرنسية: خروقات نتنياهو بالجنوب تحت مجهر الفرنسي والاميركي
من جهتها، تحدثت مصادر ديبلوماسية فرنسية عن اتصالات يومية تجري بين باريس وواشنطن من أجل ضمان عدم حصول أي خرق لاتفاق وقف القتال بين لبنان واسرائيل، خصوصاً وأن رئيس الحكومة «الاسرائيلية» بنيامين نتنياهو الذي أرغمه موقف مشترك للرئيس الاميركي جو بايدن والرئيس المنتخب، يحاول الآن الخروج، بأقل خسائر سياسية ممكنة، من عنق الزجاجة، في ظل معلومات تشير الى أن قوى سياسية وعسكرية، وأمنية اسرائيلية في طريق انشاء تكتل يرمي الى دفعه الى خارج المسرح السياسي. وعليه، يبدو نتنياهو انه يدور في حلقة مغلقة بما ان لا عودة عن اتفاق وقف القتال في لبنان.
وأكدت المصادر أن واشنطن تعتبر أن هدوءاً على الحدود بين لبنان و”اسرائيل» يشكل جانباً بالغ الحيوية بالنسبة الى الاستراتيجية الأميركية في الشرق الاوسط .
الى ذلك، اوضحت جهات اوروبية أن المحادثات التي جرت، أخيراً، بين ايران وكل من فرنسا، وبريطانيا، والمانيا، شكلت مدخلاً باتجاه بلورة أرضية مناسبة للبحث في اعادة ابرام اتفاق نووي، ينطلق من المبادئ العامة لاتفاق فيينا، عام 2015، حتى اذا ما بدأ الرئيس دونالد ترامب ولايته الثانية في 20 كانون الثاني المقبل، تكون المناخات أقل توتراً بين واشنطن وطهران، ربما في اتجاه تطبيع العلاقات، تدريجياً، بين الجانبين..
وفي نظر الجهات الاوروبية اياها فان خطوة من هذا القبيل يمكن أن تؤسس لوضع سياسي، واستراتيجي، جديد في المنطقة..
جهات عدة تسعى لتحريك الساحات في دول عربية: هل تكون سوريا الهدف الاول؟
في غضون ذلك، وبعد حصول احداث عنفية مستجدة في سوريا عبر تحرك جبهة النصرة في حلب وادلب من جهة ومواجهة الجيش السوري لهذه العصابات الارهابية من جهة اخرى، اعتبرت اوساط سياسية رفيعة المستوى في حديثها للديار ان الدول التي لديها نفوذ ايراني في ارضها، ستكون على الارجح معرضة الى مواجهات داخلية وتحريك ساحات من قبل العدو الاسرائيلي من بينها سوريا والعراق وربما ايران مباشرة. فهل وصل دور سوريا لتشهد تغييرا سياسيا داخليا؟ وعليه، ما يحصل في سوريا اليوم هو جزء من هذا التحريك بهدف احداث تغيير في المعطى السوري القائم علما ان روسيا والجيش السوري واجهوا الامور منذ بدايتها وسيسعون الى دفن شغب جبهة النصرة وتوابعها في مهدها. واولى نتائج المعارك بين الجيش السوري والعصابات الارهابية اتت لمصلحة الدولة السورية حيث تمكن الجيش السوري من استعادة السيطرة على بعض النقاط التي شهدت خرقا من التنظيمات الارهابية.
وكشفت الاوساط السياسية الرفيعة المستوى للديار ان الضغط على سوريا في حلب هو ضغط مزدوج تتداخل فيه عناصر اخرى غير «اسرائيل». ولفتت الى ان تركيا لطالما كان لها اطماع في حلب اضافة الى ان الرئيس السوري بشار الاسد بدعم روسي رفض مصالحة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى جانب احتمال ضلوع دولة قطر في ما يحصل في حلب وادلب عبر تمويلها لجبهة النصرة لمواجهة النظام السوري.
ومن جهة الدولة العراقية، فقد اشتكت لدى الامم المتحدة عن كلام «اسرائيلي» حول استهداف مرتقب للجماعات المسلحة العراقية التابعة لايران رغم ان العراق حيد نفسه من الانخراط في دعم عملية طوفان الاقصى.
القوات اللبنانية: على حزب الله الالتزام بتطبيق القرار 1701 بعد ان وقعت حكومته عليه
الى ذلك، قالت مصادر القوات اللبنانية للديار بان رئيس الحزب سمير جعجع في بداية اجتماعه وقف دقيقة صمت عن ارواح جميع اللبنانيين الذين سقطوا في هذه الحرب دون استثناء، كما اعلن تضامنه مع كل لبناني فقد احدا من عائلته او اقاربه او اصدقائه. وتابعت ان جعجع شدد على تطبيق القرار 1701 بكل حذافيره رافضا ان يتم تحريفه على غرار ما حصل في اتفاق الطائف. ولفتت المصادر الى ان حزب الله اليوم لا يمكن ان يقول انه تم غدره من حكومة تابعة لـ14 اذار بما ان الحزب يتمتع بنفوذ واسع في الحكومة الحالية التي وقّعت على اتفاق وقف اطلاق النار والبنود فيه واضحة. وبمعنى اخر، ان هذه الحكومة وقّعت على وجود سلاح واحد في لبنان وهو سلاح الجيش اللبناني وايضا وقّعت على عدم وجود اي اعمال عسكرية في جنوب الليطاني فضلا انها وافقت على ضبط المعابر الدولية ومنع توريد السلاح من خلالها.
ولذلك على حزب الله ان يلتزم بما وقعت عليه حكومة 8 اذار مؤخرا حول القرار 1701.
الجمهورية عنونت: الخروقات تتمادى وتحذيرات من انهيار وقف النار..
الرئاسة إلى التوافق سرّ.. “حزب الله”: أعلى تنسيق مع الجيش
وكتبت صحيفة “الجمهورية” تقول:
على الجبهة السياسية، كل الداخل منضبط في هذه الفترة على الإيقاع الرئاسي غداة تحديد رئيس المجلس النيابي نبيه بري لجلسة انتخاب «مثمرة» في التاسع من كانون الثاني المقبل، وبالتزامن مع الحراك المتجدد للموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان. واما على الجبهة الأمنية فإنّ سؤالاً وحيداً يسبح في الأجواء الداخلية، وصاغته الخروقات الإسرائيلية المتتالية لاتفاق وقف اطلاق النار التي طالت مساحة واسعة من منطقة الحدود الجنوبية: هل سيصمد هذا الاتفاق، أم أنّ هذه الخروقات ستدفع به في لحظة ما إلى الانهيار؟
معبر التوافق
رئاسياً، خلاصة الحركة الاستطلاعية للودريان، على ما تقول مصادر مواكبة لزيارة الوسيط الفرنسي، «أن لا طرح أو مبادرة فرنسية جاهزة او معدّة سلفاً، بل انّ هذه الزيارة أعادت ضبط الملف الرئاسي في رأس اولويات مرحلة ما بعد العدوان، وحضور لودريان شخصياً، هو عامل مساعد للدفع في ملف رئاسة الجمهورية الى الحسم بصورة عاجلة».
ولمست المصادر صدق توجّه لودريان إلى انتخاب رئيس للجمهورية على وجه السرعة، الّا انّها اشارت إلى أنّه أعاد في اللقاءات التي أجراها مع القوى السياسية، طرح فكرة اساسية سابقة، يعتبرها لودريان السبيل الإلزامي لحسم الملف الرئاسي، وجوهرها حثّ الاطراف في لبنان على توسيع الخيارات الرئاسية وعدم حصرها بأسماء معيّنة، وبالتالي الإتفاق في ما بينهم على خيار رئاسي مؤيَّد من كل الاطراف».
بري: التوافق
وفي سياق متصل، فإنّ مبادرة الرئيس بري إلى تحديد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وإيحاءه بأنّها ستكون مثمرة بقوله انّه سيدعو اليها السفراء والبعثات الديبلوماسية في لبنان على جاري ما يحصل مع كل جلسة انتخاب مثمرة سابقة، لم يحرّك المياه الرئاسية الراكدة، بل دفعت القطار الرئاسي خطوات مهمّة إلى الامام، واضعاً بذلك خطاً لنهاية مرحلة الشغور في 9 كانون الثاني. ذلك أنّ انتخاب رئيس للجمهورية بات أوجب الواجبات بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي كخطوة اولى وأساسية لإعادة إنهاض البلد رئاسياً وحكومياً وسياسياً وعلى كلّ المستويات.
على أنّ فترة الـ40 يوماً الفاصلة عن 9 كانون الثاني، بحسب ما قالت مصادر عين التينة لـ«الجمهورية»، تشكّل ما قاله الرئيس بري، امتحاناً للجميع، امتحاناً للوطنية والمسؤولية، وفرصة لتوافق المكونات السياسية على الرئيس الذي يجمع ولا يفرّق ولا يشكّل تحدّياً او استفزازاً لأحد.
ورداً على سؤال عمّا اذا كان انتخاب رئيس الجمهورية يتطلّب جولة من الحوار او التشاور بين الاطراف، قالت المصادر: «الرئيس بري هو أول وأكثر المستعجلين لانتخاب رئيس للجمهورية، ولأجل ذلك أطلق سلسلة طويلة من المبادرات لبناء هذا الانتخاب على ارض توافقية بين المكونات السياسية. ولو استُجيب له لكان رئيس الجمهورية قد انتُخب قبل سنة ونصف من الآن. وبمعزل عمّا سبق، فإنّ الرئيس بري حدّد موعد الجلسة بعد اكثر من شهر، وهذه فترة كافية لالتقاء الاطراف تحت اي اطار، أكان تحت مسمّى الحوار او التشاور او اي شيء آخر، لإنهاء الأزمة الرئاسية والتشارك بين كل المكونات وتلاقيها على إنقاذ البلد. ومن هنا فإنّ عنوان المرحلة هو «إلى التوافق سرّ»، والرئيس بري جاهز للتفاعل الايجابي مع كل ما من شأنه إخراج انتخابات رئاسية توافقية من ضمن اللعبة الديموقراطية البرلمانية. ومن يفوز برئاسة الجمهورية يبارك له الجميع ونقطة على السطر».
خروقات واهتزازات
أمنياً، تؤشّر الوقائع التي تسارعت منذ الاعلان عن هذا الاتفاق الاربعاء الماضي، الى أنّه لا يقوم على أرض صلبة، في ظلّ الإهتزازات التي توالت خلال الايام الثلاثة الماضية، والخروقات المتتالية من الجانب الإسرائيلي في العديد من القرى الحدودية وصولاً إلى الزهراني، ما يرفع منسوب الحذر من إمكان تعرّضه إلى انتكاسة تترتب عليها وقائع وتوترات غير محمودة.
وعد بردع الخروقات
العيون ما زالت على الميدان رصداً لحال الاهتزاز التي يتعرّض لها، ولاسيما انّ الخروقات توالت بالأمس من الجانب الاسرائيلي اكثر من مرّة، عبر طلعات متتالية للطيران المسيّر في الاجواء الجنوبية، واستهدافات متواصلة للمدنيين في المناطق التي ما زال الجيش الاسرائيلي متواجداً فيها، واعتداءات بالقصف المدفعي والاسلحة الرشاشة على البلدات القريبة من خط الحدود الدولية، ما أرخى حالاً من التوتر الشديد.
في موازاة هذه المستجدات، أُعلن ما بدا انّه استنفار على أكثر من مستوى داخلي. وبحسب معلومات «الجمهورية» فإنّ «المستوى السياسي والرسمي في لبنان، استعان بالراعيين الأميركي والفرنسي لاتفاق وقف إطلاق النار، معترضاً على الخروقات الاسرائيلية، وتلقّى وفق ما أكّدت مصادر حكوميّة لـ«الجمهورية» تأكيداً على الإتفاق ووعداً بمتابعة حثيثة مع الجهات المعنيّة، لما وُصفت بالتحركات والإجراءات الميدانية المستغربة وغير المبررة، بالشكل الذي يحول دون تكرارها، وكذلك تشديداً على وجوب تأكيد التزام كل الاطراف بما تمّ الاتفاق عليه، وما هو مصلحة لهم، وإدراك الحاجة الأكيدة للجميع إلى ترسيخ الهدوء والاستقرار على جانبي الحدود. وإنفاذ كلّ ما جرى لحظه من إجراءات ومتطلبات واجب القيام بها خلال فترة الـ60 يوماً».
وبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين كان حاضراً على خط الاتصالات التي جرت خلال الساعات الاربع والعشرين الماضية.
وفي هذا الاطار، سألت «الجمهورية» مسؤولاً ديبلوماسياً كبيراً عمّا يمكن عمله سياسياً لوقف الخروقات، فقال: «إنّ المسألة الآن أمنية وليست سياسية، وبالتالي الآن هو شغل العسكر، علماً أننا بادرنا مع بداية الخروقات إلى التواصل مع الاميركيين ووضعناهم في صورة الخروقات، وقد اكّدوا لنا انّهم سيتواصلون مع الإسرائيليين ويطلبون منهم احترام الاتفاق، وقالوا إنّ الأمر نفسه مطلوب من جانب لبنان».
الوضع مقلق
وفي موازاة ذلك، اكّد مرجع أمني كبير لـ«الجمهورية» انّ «الوضع أكثر من حذر، بل مقلق ويتدرّج نحو الخطر، حيث يخشى أن يتعرّض للانهيار في ظلّ الخرق الاسرائيلي المتعمّد لاتفاق وقف العمليات القتالية، ما يعزز الاعتقاد بأنّ إسرائيل تُظهر من خلال هذه الخروقات نوايا مبيتة لنسفه واعادة الامور إلى الوراء».
واشار المرجع عينه إلى أنّ الجيش اللبناني، أعدّ جدولاً بالخروقات التي مارسها الجيش الاسرائيلي في المناطق الواقعة جنوب الليطاني، ولاسيما في الخيام ومركبا وكفر كلا ودير ميماس، وبيت ليف وصولاً إلى منطقة الزهراني شمالي الليطاني، اضافة إلى التحذيرات التي يطلقها لأهالي البلدات الجنوبية ومنعهم من العودة اليها، وجرى تواصل مباشر مع رئيس اللجنة الخماسية المكلّفة الإشراف على وقف اطلاق النار ومنع انتهاك الاتفاق الذي تمّ برعاية اميركية وفرنسية بين لبنان واسرائيل. وتمّ وضعه بصورة هذه الخروقات على أن يتخذ حيالها المقتضى». يُشار هنا إلى أنّ اللجنة الخماسية تضمّ عسكريين كباراً من الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا ولبنان، واسرائيل و«اليونيفيل»، ورئيسها الجنرال في الجيش الاميركي جاسبر جيفرز، الذي وصل إلى بيروت في الساعات الماضية والتقى قائد الجيش العماد جوزف عون، حيث جرى عرض مهمّة اللجنة إلى جانب خطة الجيش المتصلة بمنطقة جنوب الليطاني.
وقال المرجع الأمني: «انّ ما استجد يلقي على المستوى السياسي في لبنان مسؤولية إثارة موضوع الخروقات مع كل الشركاء في إتمام اتفاق وقف اطلاق النار، وخصوصاً مع الجانبين الاميركي والفرنسي، لممارسة الضغط للجم اسرائيل وردع خروقاتها، وخصوصاً انّ الخطير في هذه الخروقات هو أنّ العدو الاسرائيلي، ومن اللحظة التي تمّ فيها اعلان وقف العمليات القتالية، يحاول أن يستغل وقف اطلاق النار لفرض وقائع جديدة على الارض لم يتمكن من فرضها خلال المواجهات».
ورداً على سؤال قال المرجع: «انّ الجيش اللبناني بادر منذ اللحظة الاولى لإعلان وقف اطلاق النار الى تعزيز انتشار وحداته في المناطق الجنوبية، وبلغ في هذا الانتشار الحدّ الذي استطاع الوصول اليه، في انتظار انسحاب جيش العدو من المناطق المتواجد فيها، حيث يفترض ان تُنجز في القريب العاجل خطة الجيش عدة وعدداً لإكمال انتشاره في منطقة عمل القرار 1701».
وفي هذا السياق، اكّدت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّه «بناءً على العرض الذي قدّمه قائد الجيش العماد جوزف عون حول عناوين هذه الخطة، فإنّها ستكون منجزة في غضون ايام، وتُرفع فوراً لاقرارها في مجلس الوزراء».
في سياق متصل، أحال وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، مشروع المرسوم القاضي بإعطاء وزارة الدفاع – قيادة الجيش، سلفة خزينة بقيمة 113 ملياراً و250 مليون ليرة لتغطية الكلفة الشهرية لتطويع 1500 جندي لصالح الجيش لمدة ثلاثة أشهر، وذلك بعدما وقّعه يوم الأربعاء الماضي.
تحذير أممي
إلى ذلك، قالت مصادر أممية لـ«الجمهورية» إنّ «رسائل مباشرة وجّهها مسؤولون في الامم المتحدة وفي قوات «اليونيفيل»، إلى الجانبين اللبناني والإسرائيلي، تعبّر عن درجة عالية من المخاوف من الخرق العلني لاتفاق وقف العمليات القتالية». وحذّرت من انّ «استمرار الخروقات من أي جانب كان، من شأنه أن يرخي بمؤثرات معاكسة لما تتطلبه المنطقة وسكانها على الجانبين اللبناني والاسرائيلي من هدوء وأمان، وتنذر بعواقب وخيمة».
وإذ لفتت المصادر إلى انّ «اليونيفيل» «تراقب الامور من كثب، اعادت التأكيد على كل الاطراف احترام مندرجات القرار 1701، والإيفاء بتعهداتهم المنصوص عليها في الاتفاق المعلن في ما بينهم». مشدّدة في الوقت نفسه على مخاطر استهداف الجيش اللبناني، وعلى استعداد «اليونيفيل» للتعاون الكامل مع الجيش لتوفير الامن والاستقرار في تلك المنطقة، وفق محددات القرار الاممي الرقم 1701».
«حزب الله»: نصر كبير
إلى ذلك، وفي إطلالة له امس، أعلن الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم عن انتصار كبير على العدوان الاسرائيلي يفوق النصر الذي تحقق في العام 2006، وقال: «انتصرنا لأننا منعنا الكيان الصهيوني من إنهاء وإضعاف المقاومة وتدمير «حزب الله»، والهزيمة تحيط بالعدو الإسرائيلي من كلّ جانب».
وقال قاسم: «اتفاق وقف إطلاق النار ليس معاهدة. وهو يؤكّد على خروج الجيش الاسرائيلي من كل الأماكن التي احتلّها، وينتشر الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني. وقد تمّ هذا الاتفاق تحت سقف السيادة اللبنانية ووافقنا عليه ورؤوسنا مرفوعة بحقّنا في الدفاع». واكّد انّ «دعمنا لفلسطين لن يتوقف، وسيكون بأشكال مختلفة»، ولفت الى «انّ نظرتنا للجيش اللبناني أنّه جيش وطني قيادةً وأفرادًا، وسينتشر في وطنه ووطننا، والتنسيق بين المقاومة والجيش سيكون عالي المستوى لتنفيذ التزامات الاتفاق».
كما اكّد «أننا سنتابع مع أهلنا عملية الإعمار، ولدينا الآليات المناسبة وسنتعاون مع الدولة، وسنهتم باكتمال عقد المؤسسات الدستورية وعلى رأسها انتخاب الرئيس، وسيكون بالموعد المحدّد، وسيكون عملنا الوطني بالتعاون مع كل القوى التي تؤمن أنّ الوطن لجميع أبنائه، وسنتعاون ونتحاور مع كل القوى التي تريد بناء لبنان الواحد المستقل في إطار اتفاق الطائف. وسنعمل على صون الوحدة الوطنية والسيادة والحفاظ على السلم الأهلي وتعزيز قدرة لبنان الدفاعية. وجاهزون لمنع العدو من استضعافنا».