قالت الصحف: فيما الإختناق بلغ كل بيت.. ماذا بعد التعنت الأزرق والتصعيد البرتقالي؟
الحوارنيوز – خاص
كان يمكن لحالة الجمود في مسار تأليف الحكومة والمسببة لمزيد من الإهتراء الداخلي على أكثر من صعيد، كان يمكن لها أن تبقى ضمن دائرة الجمود الغامض، لو استمر التيار البرتقالي على مواقفه دون طرحها في الإعلام بالطريقة التي جرى التداول بها، كردة فعل لإستمرار تعنت التيار الأزرق على مواقفه المتمسكة بتأليف حكومة يكون فيها اللاعب السياسي الوحيد؟
كيف تناولت الصحف قضية الإنقسام حيال موضوع الحكومة وماذا كتبت في قضيتي وباء الكورونا والإقفال العام؟
• صحيفة "النهار" عنونت :" احتواء تصعيد العهد يواكب حالة الطوارئ وكتبت تقول: "فيما يدخل لبنان اليوم تجربة اقفال عام جديدة، يفترض ان تكون الأكثر تشددا وجذرية من كل سابقاتها، اذ تشكل انطلاقة المواجهة الأكبر لاحتواء الانتشار البالغ الاتساع والخطورة لفيروس كورونا، ووسط الشكوك الكبيرة في التزام كاف لموجبات حالة الطوارئ الصحية لمدة عشرة أيام قابلة للتجديد، لم يكن المناخ السياسي أفضل حالا من المناخ الوبائي في ظل المخاوف من احراق المراكب بين العهد ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري. والواقع ان الآمال المعلقة على نتائج إيجابية ملموسة من شأنها ان تخفض حجم الكارثة الوبائية والاستشفائية بدت على ضآلتها أكبر من أي رهانات في المقلب السياسي على تبديد التداعيات السلبية العميقة التي أحدثها الهجوم الحاد الذي شنه العهد قبل أيام على الرئيس الحريري. ولكن وعلى رغم المعطيات الحاسمة التي تستبعد استبعادا تاما أي حلحلة وشيكة او حتى متوسطة المدى لكسر مسار تعطيل تأليف الحكومة الجديدة، لم يكن ممكنا تجاهل مؤشرين حملا دلالات بارزة حيال "احتواء سياسي مزدوج" للتصعيد من جانبي الحلفاء وغير الحلفاء تبلورت وقائعه في اليومين اللذين أعقبا هجوم العهد على الحريري وتحديدا بعد تسريب شريط الفيديو الذي يوجه فيه رئيس الجمهورية ميشال عون كلاما مهينا الى الرئيس الحريري. المؤشر الأول تمثل في قرار تجاوز عدم الرد على الهجوم من جانب الرئيس الحريري ورؤساء الحكومات السابقين الى اتصالات وتحركات كثيفة جرت بينهم وبين بكركي كما مع دار الفتوى لمنع أي توظيف من جانب فريق العهد و"التيار الوطني الحر" لتحويل السجال الى خانة طائفية او مذهبية تخدم توجهات شعبوية. واما الجانب الاخر من هذه المؤشرات، فبرز في ممانعة حلفاء العهد والتيار العوني في قوى 8 آذار مماشاة الهجوم على الحريري الى حدود الانقلاب على تكليفه نظرا الى خطورة الانزلاق الى هذا المنقلب المتفجر في الظروف الحالية، ناهيك عن ان هؤلاء الحلفاء وفي مقدمهم "حزب الله"، وان كانوا يدعمون العهد بتفاوت الدرجات وفي بعض مواقفه وشروطه من تشكيل الحكومة الجديدة غير انهم لا يزالون يتمسكون بالحريري على رأس الحكومة الجديدة ولو ان ذلك لا يضمن تبديلا للازمة المتصلة بالتشكيل حاليا على الأقل. وهذان المؤشران شكلا بالنسبة الى أوساط معنية ما يصح وصفه باحتواء التصعيد ولو من دون القدرة على الذهاب أبعد لاجتراح مخرج لازمة التشكيل خصوصا بعدما ارتفع منسوب الخصومة الشخصية والسياسية بين العهد والرئيس المكلف. وإذا كان الموقف الأخير للتكتل النيابي العوني أعطى مؤشرا الى تلقيه إشعارا سلبيا حيال ذهابه بعيدا في الحرب على الحريري، فاضطر التكتل الى إعادة خفض درجة العدائية حياله ووجه اليه دعوة لإعادة التواصل مع رئيس الجمهورية، فان ذلك لا يثير اوهاما جديدة في أي حلحلة محتملة قريبا من شانها إعادة تشغيل محركات المشاورات لتأليف الحكومة. يشار الى ان الرئيس الحريري غادر بيروت أمس الى أبو ظبي فيما أعلنت بعبدا ان الرئيس عون أجري بعد ظهر أمس فحوصات طبية روتينية في مستشفى أوتيل ديو وعاد مساء الى قصر بعبدا.
• صحيفة "اللواء" عنونت:" الاقفال المر: يوم أشبه بنهاية الحياة في لبنان"! وكتبت تقول:" على طول 11 يوماً بنهاراتها ولياليها يمتد اقفال "الطوارئ الصحية": الخامسة منذ صباح اليوم إلى الخامسة من صباح الاثنين 25 ك2 2021، وهو الأسبوع الأخير من السنة الطالعة وسط أسئلة عن حجم الالتزام، وآليات تطبيقاته، وما يتعين اتخاذه من إجراءات تتلاءم مع طبيعة الطوارئ، والجهات المعنية بإلزام القوى الأمنية المولجة بإلزام المواطن "المستلشئ" أو غير "العابئ" أو حتى الطافر من احترام تعاليم السلامة التي توجبها الأنظمة الصحية، مع بقاء أسئلة أخرى تنتظر التطبيق، بدءاً من هذا اليوم، حيث يتعين ان تعلن حالة طوارئ للمراقبة من السراي الكبير إلى مقرات القوى الأمنية المولجة، بما فيها الوحدات العسكرية، فضلاً عن استنفار في الوزارات المعنية لتلبية احتياجات المواطنين، التي لم تشبعها عمليات التهافت والشراء وتجميع المؤونات والسلع من خبز وخضار وارز وسكر، تحسباً لطول انتظارات أيام الاقفال الطويلة. وافادت مصادر متابعة لـ"اللواء" أن صرخات الطاقم الطبي ووضع المرضى وارتفاع عدد حالات الموت بالوباء قد تشكل أسباباً مجتمعة لهذا الالتزام لاسيما أن ما قد يتوخاه المعنيون منه يفترض أن يتظهر بعد اسبوع أو أكثر. وأوضحت المصادر أن المطلوب تنظيم الإجراءات وتوزيع المهمات? والتعاون بين الأجهزة المعنية عندما تقتضي الحاجة والا يكون التطبيق من دون ذي فائدة.
ورأت المصادر إنه من المبكر الكلام عن أي استثناء سيمنح لأن الهدف الأول والأخير تقييم موضوع الأعداد وامكانية لجم الارتفاع المضطرد قبل أي أمر آخر وامكانية تجهيز أسرة جديدة في المستشفيات.
وقالت المصادر إن موضوع اللقاح هو الموضوع الذي يحتل محور الاهتمام بعد إقرار القانون المتصل به على أن تتم المباشرة بالإجراءات لاستيراده وأكدت أن تجديد الأقفال بدوره ينتظر ما بخلص إليه الأقفال الأول وسألت ما إذا كان وصول اللقاح يسبق أي قرار جديد في هذا الشأن.
وبالانتظار، بدا اليوم السابق على الاقفال أشبه بيوم القيامة: مواطنون يجيئون ويذهبون إلى السوبرماركت، يبتاعون، ثم يذهبون إلى الأفران، ومحلات بيع الخضار، التي أدى التهافت عليها إلى رفع أسعارها، على نحو خيالي.. فيما السيّارات تتحرك بسرعة خيالية، وكأن قذائف الموت في السماء تلاحقها..
المشهد السابق على بدء الاقفال، بدا دراماتيكياً، مأساوياً.. فالأرواح عزيزة والجوع كافر، والشاطر ما يموت.. وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.
وفي المشهد الصحي، الصورة بالغة القساوة.. شجار ونزاع في غرف الطوارئ في المستشفيات، الممرضات، ورجال الأمن في الواجهة.. لا أسرة لمرضى أو مصابين جدد، والعيادات الطبية تحوّلت إلى غرف استشفاء، والأرصفة القريبة منها صارت مراكز للفحص، وتزويد المصابين بجرعات الاوكسجين..
في الخلفية، الأطباء ورجال الصحة، يتحدثون عن قرب وصول جرعات اللقاح، وسط خلافات تظهر وتختفي حول مصادر استيراده: الولايات المتحدة، الصين، بريطانيا أو الاتحاد الروسي.. ومجلس النواب، يعقد جلسة بعد ظهر غد الجمعة لإقرار اقتراح اعدته اللجنة النيابية الصحية، يتعلق بتشريع استعمالات لقاح فايزر وسواه، بناءً على رغبة الشركات لضمان الحماية القانونية من المترتبات والمسؤوليات.
وفي محاولة لتخفيف عبء الاقفال، استدركت أمانة مجلس الوزراء الوضع، وأعلنت عن آلية للحصول على اذن انتقال خلال فترة الاقفال، عبر ملء استمارة عبر الموقع الالكتروني covid.pcm.gov.lb لمن يريد الخروج لأسباب طارئة على الرقم 1120.
• صحيفة "الجمهورية" عنونت:" لبنان يمتحن جدية الاغلاق اليوم.. وحظر تجول سياسي بين عون والحريري" وكتبت تقول:" التجربة الوقائية الجديدة التي قرّرتها سلطة التجارب الفاشلة، سيبدأ سريانها اعتباراً من اليوم، وحتى الخامس والعشرين من الشهر الجاري؛ ما يعني أنّ عمر هذه التجربة أحد عشر يوماً، مذخّرة بقرارات إغلاقيّة مستنسخة عن تلك التي تكرّرت منذ بدء وصول الوباء قبل نحو سنة، مع حظر أوسع هذه المرّة للتجوّل وخروج المواطنين وولوجهم من وإلى المنازل، تراهن من خلالها هذه السلطة على نجاح تجربتها الجديدة في إزاحة الغيمة الوبائية التي بدأت تمطر يوميّا آلاف الإصابات بفيروس كورونا. وقد سُجّل امس، 4988 اصابة و35 وفاة.
السلطة الحاكمة اعتباراً من اليوم، تحت المجهر، وخصوصاً انّها قدّمت لهذه التجربة على أنّها آخر ما لديها في "بنك التجارب" الذي افلس على مدى الأشهر الماضية، وبالتالي ألزمت نفسها بإنجاح هذ التجربة، وليس ما يمنعها في هذه الحالة ان تكون حاضرة على الارض بكلّ اجهزتها العسكرية والامنية لفرض تطبيقها، والزام المواطنين بالتقيّد بما اعتبرتها اجراءات وقائية، حتى ولو اقتضى الأمر منتهى الصرامة والشدّة، لا أن تكتفي كالمرّات السابقة بقرارات الحبر على الورق، ومن ثم تنكفئ دون متابعة او حرص على التطبيق السليم.
فأمام الكارثة الوبائية التي سقط فيها لبنان وصنّفته دولة موبوءة بالكامل، لا عذر على الاطلاق لهذه السلطة في أن تبقى أسيرة منطق التراخي، والتخلّف عن تحمّل مسؤولياتها، ولا عذر للمواطن في أن يبقى متربعاً على عرش الاستهتار الغبي، وممعناً في اقتراف أفظع جريمة بحق نفسه واهله ومجتمعه، وغافلاً عن أنّه بتراخيه يقدّمهم جميعاً فرائس سهلة لهذا الوباء الذي صار يطرق ابواب بيوت كل اللبنانيين.
ولذلك، فإنّ المواطن اللبناني اليوم، وفي موازاة الإغلاقات والإجراءات المتخذة، هو أمام أخطر امتحان، إمتحان كسب المناعة والحصانة امام هذه الجائحة، والركون الى العقل وحسن التقدير وحسن التقيّد بما يحميه ويحمي عائلته واهله ومجتمعه وبلده من الشر المستطير الذي يُنذر به استمرار تفشي الوباء.
جلسة الجمعة
وتوازياً، والى جانب المخاوف المتزايدة من سرعة تفشي وباء كورونا في سلالته الأولى، واقتراب اسرّة العناية الفائقة من ان ينعدم توفّرها، بدأت التحذيرات الصحيّة تتعالى من السلالة الجديدة، ومن عدم القدرة على احتوائها، علماً انّ منظمة الصحة العالمية قد اعلنت امس، عن انّ السلالة المتحورة من كورونا باتت في عشرات البلدان. في وقت لم تنته فيه بعد فصول التخبّط الذي احاط سعي لبنان الى الحصول على اللقاحات الواقية من السلالة الاولى للفيروس، والذي أنذر بعدم وصول اللقاحات في الموعد الذي قطعته وزارة الصحة قبل منتصف شهر شباط المقبل. وهو ما تحذّر منه المراجع الصحية التي تؤكّد، انّ تأخير الحصول على اللقاحات سيكون له عواقب وخيمة على المواطن اللبناني.
لعنة السياسة
في الجانب السياسي، يتأكّد يوماً بعد يوم انّ لعنة سياسية حلّت بلبنان، حكمت عليه بالخضوع لفئة من المتحكمين بزمامه، تمنع عليه التنفس، وتقطع عليه كل محاولة لتلمّس سبل الخروج من الأزمة، دون اي اعتبار لما قد يراكمه هذا المنحى من اسباب وعوامل تقرّب هذا البلد من خطر الدمار الشامل على كل المستويات.
والحقيقة المخيفة أمام هذه اللعنة، هي أنّ القراءات السياسية للمشهد اللبناني في هذه المرحلة تتقاطع عند الخشية من تزايد انتفاخ الورم السياسي، وتعمّق الانقسام السياسي والطائفي، في صورة يبدو فيها لبنان وكأنّه يقترب سريعاً نحو منعطفات في منتهى الخطورة ومنزلقات تهدّد مصيره وكيانه.
والأخطر في تلك القراءات، توصيفها أنّ وضع لبنان حالياً، أشبه ما يكون بالاجواء التي كانت تسود عشية سلسلة كوارث ضربت لبنان في مراحل سابقة، وجرّت عليه ويلات ما زال يحصد تداعياتها حتى اليوم، وهو وضع يُخشى من ان يُدفع البلد اليه، مع صعود التراشق السياسي الى الذروة، والحفر اليومي في هوة الانقسام الداخلي وتوسيعها، والعزف اليومي على أوتار الشحن والغرائز والهدم المتعمّد لكلّ جسور التواصل والتفاهم، أقلّه على حكومة تتولّى إدارة شؤون البلد، في مرحلة هي الاخطر في تاريخه، وتنقذ ما يمكن إنقاذه مما تبقّى من ركام سياسي واقتصادي ومالي ونقدي واجتماعي ومعيشي وحياتي وحتى أمني.
وصلا الى الطلاق!
وسط هذه الاجواء، ينبري سؤال برسم المتحكّمين بزمام امور البلد والنافخين في نار التوتير السياسي: ماذا بعد؟ والى أين؟
وفق المعطيات السائدة بين جبهتي الصدام الداخلي، فإنّ الجواب واضح لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون (الذي أجرى فحوصات طبية روتينية في مستشفى اوتيل ديو أمس، وعاد بعدها الى قصر بعبدا) والرئيس المكلّف سعد الحريري، (الذي سافر امس الى دولة الامارات العربية المتحدة في زيارة قد تستمر حتى يوم الاثنين المقبل)، وهو انّهما بعد الفيديو المسرّب لكلام رئيس الجمهورية بحق الرئيس المكلّف، وصلا الى مرحلة الطلاق بينهما، وبالتالي الإستمرار في الجو المحموم بينهما الى ما شاء الله. وهذا ما تؤكّده الأوساط القريبة من القصر الجمهوري وبيت الوسط.
وبحسب معلومات "الجمهوريّة"، فإنّ نقاشاً جرى في الساعات الأخيرة في مجلس مرجع مسؤول، حول ما استجد على خط الرئاستين الاولى والثالثة، خلص الى التسليم بانسداد الأفق نهائيّاً، والى استحالة احتواء "أزمة الفيديو"، التي يبدو أنّها قطع آخر شعرة بين عون والحريري.
وتشير المعلومات، إلى فكرة تمّ تداولها خلال النقاش، لعودة تحرّك الوسطاء بين عون والحريري، وأن يتولّى جانباً أساسياً منها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، مؤيّداً من الثنائي الشيعي تحديداً، الّا انّ هذه الفكرة فقدت حماستها أمام معطيات كُشفت خلال النقاش، تفيد بأنّ الرئيسين عون والحريري قد حسم كل منهما خياره، وأعدما كل امكانية لعودة التعايش بينهما تحت سقف حكومي واحد، ويعبّران عن ذلك بالرسائل النارية المتبادلة، سواء بينهما مباشرة أو عبر منصّاتهما السياسية والاعلامية.
لم ينطق بالكفر!
وسط هذه الصورة المقفلة، تعكس أوساط قريبة من القصر الجمهوري أجواء تتجاوز فيها "أزمة الفيديو"، وتلقي مسؤولية تعطيل الوصول الى تشكيل الحكومة على الرئيس المكلّف وتردّده في مقاربة ملف التأليف حيال ما يتطلبه من واقعية وموضوعيّة، ومحاولته تجاوز رئيس الجمهورية وموقعه وشراكته الدستوريّة في تأليف الحكومة، وذلك عبر إصرار الرئيس المكلّف على معايير يصرّ من خلالها على تشكيل حكومة يديرها كيفما يشاء، وهو ما لن يقبل به رئيس الجمهورية على الاطلاق.
وتلفت هذه الأوساط، الى أنّ رئيس الجمهورية وفي كلامه المسرّب "لم ينطق بالكفر، بل عبّر عن حقيقة ما يجري، وخصوصاً امام محاولات قلب الوقائع والحقائق التي دأب عليها الرئيس المكلّف".