قالت الصحف: فراغ أم فراغين؟
الحوارنيوز – خاص
رغم الجهود المبذولة من أجل التقريب بين وجهتي نظر الرئيس المكلف والتيار الوطني الحر حيال موضوع تأليف الحكومة، الا أن كلاهما على “عناده” الأمر الذي استدعى مخاوف محلية ودولية من فراغين (رئاسي وحكومي)، وما قد ينتج عن ذلك من فوضى شاملة.
- صحيفة النهار عنونت: تحذير دولي من الفراغين والتفلّت المصرفي يتّسع
وكتبت تقول: ليس من المؤكد ان يكون المسؤولون الرسميون والسياسيون من مختلف الاتجاهات السياسية والحزبية والطائفية في البلاد، قد التقطوا معنى التحذير المتقدم المفعم بقلق دولي تصاعدي واضح من “فراغ متعدد المستويات في السلطة التنفيذية” ودلالات توقيته قبل عشرين يوما من نهاية العهد العوني، الذي صدر امس عن مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان. ولعل اكبر دليل على ان اللبنانيين والاخطار التي يعايشونها يوميا في واد، والطبقة السلطوية والسياسية برمتها في واد آخر، هو التصاعد المثير للقلق والمخاوف في الامن المصرفي والاجتماعي المتداخل بقوة في شبه “حرب أهلية” بين المصارف والمودعين، فيما تغيب “الدولة” تماما عن المشهد في الفعل ورد الفعل، حتى ان الخشية على المودعين والموظفين في المصارف تغدو متوازية ومتساوية عند كل حادث “اقتحام” . يتكرر المشهد ويتصاعد ككرة الثلج منذرا بطبيعة الحال بتفاقم أوسع وبعدوى اكثر اتساعا ما دام الحد الأدنى من الضمانات للمودعين في حاجاتهم الأشد الحاحا مفقودا، من دون ان يعني ذلك تشجيعا على اخذ الحقوق عنوة وبالقوة، لما لهذا المسلك من محاذير خطيرة في إشاعة تفلت سرعان ما ينذر بفوضى خارجة على الضبط والاحتواء. ولذا كبرت وتكبر دائرة الحيرة والاستغراب حيال “الدولة المتفرجة” والأجهزة الأمنية النائية بنفسها بما فيها الجيش، واساسا وزارة الداخلية التي رفضت “اقحام ” القوى الأمنية في مواجهة مع الناس، علما ان المطلوب منها هو العكس تماما أي منع أي مواجهة بين الناس والمصارف والقوى الأمنية سواء بسواء. يعزز الاتجاه المقلق الى التفلت الفوضوي هذا انطلاقا من الاهتزاز المطرد لـ”الامن المصرفي” ان مجلس النواب إياه، الغارق في جدليات العقم بين جلسات التشريع وجلسات الانتخاب الرئاسية، لم يعرف بعد طريقا الى استصدار التشريعات الأكثر الحاحا لاطلاق مسار معالجة كارثة الودائع التي لا يمكن معالجتها الا بالإجراءات القانونية العادلة الإصلاحية التي تفتح الطريق مجددا امام الاستقرار المالي والمصرفي. لذا بدت “المغامرة” المستغربة والنادرة التي أقدمت عليها النائبة “التغييرية” سينتيا زرازير امس اشبه بسابقة تمثلت في انضمام اول نائب الى صفوف المودعين في مسار تحصيل الحقوق بالضغط والاقتحام واحيانا بالقوة، الامر الذي فاقم الجدل الداخلي حول ارتدادات بقاء هذا الوضع على حاله.
- صحيفة الأخبار عنونت لتقرير أعدته الزميلة ميسم رزق: ماذا قال عون لبري عن الحكومة… وما هي لائحة «مطالب باسيل»؟
وكتبت تقول: “الحكومة عادت إلى غرفة الانتظار”. هذه هي خلاصة آخر جولة للوساطة فعّلها حزب الله بينَ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بعدما عاد أطراف التأليف الملف إلى تبادل الاتهامات بالعرقلة، فيما يلتزم حزب الله الصمت مصراً على محاولته الوصول إلى حل.
وقالت مصادر مطلعة إن الرئيس ميشال عون قال أمام زواره إنه أبلغ الرئيس نبيه بري موقفه من تأليف الحكومة، ونفي الاتهامات له بالعرقلة، مؤكداً لرئيس المجلس «أنني منفتح على التغيير، وما فعلته هو أنني قلت للرئيس ميقاتي: تعال وقل لي تصورك». وأضاف «تراجعت عن فكرة التوسيع بإضافة ستة وزراء، فطلب ميقاتي تغيير الوزيرين عصام شرف الدين وأمين سلام، فتجاوبت معه على قاعدة أن الجهة التي سمت هذين الوزيرين هي من يسمي بديليهما، ويمكن اختيار أشخاص لا يشكلون استفزازاً لأحد». وأضاف: «لكن ميقاتي عاد ليتحدث عن تغيير أربعة وزراء، مصراً على أن يشارك هو في اختيار البدائل بطريقة تضرب التوازن الموجود في الحكومة، فرفضت لأنهما ليسا من حصته، ولما قال ميقاتي إنه يريد تغييراً أوسع لأنه يريد إبعاد وزراء يعتبرهم غير منتجين أو لا ينسجمون معه أو لا يناسبون الوضع الحكومي، أجبته بأنك تفتح الباب لكي تقوم كل جهة بمراجعة تمثيلها داخل الحكومة. وأنا لدي ملاحظات على وزراء وأريد استبدالهم».
وبحسب المصدر فإن عون أكد لبري، أنه «في حال أراد ميقاتي إدخال تغييرات وسطية أو كبيرة، فليكن الأمر وفق معايير موحدة وليس وفق مزاج هذا أو ذاك. ولا وجود لفيتو على تغييرات شاملة إنما على قاعدة ثابتة بأن يختار كل فريق إن كان يريد التغيير ويقدم هو الترشيحات للأسماء البديلة».
وحول موقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، قال المصدر إن الأخير «يعرف أن تغيير الحكومة أمر ضروري، وهو واثق بأن الجميع بات على قناعة بأن تشكيل حكومة جديدة أمر ضروري لأنه في حالة الشغور الرئاسي سيكون من الصعب على الحكومة الحالية أن تقوم بأي عمل». ولفت المصدر إلى أن لباسيل وجهة نظر في تشكيل الحكومة أبلغها لوسطاء ناقشوه في ما سمي بالعراقيل التي يتهمه بها ميقاتي وبري، وقال باسيل بصراحة إن «التغيير الحكومي لا يرتبط برغبته بل لمواجهة أزمة قد تعطل المؤسسات كافة. بالتالي فإن تغيير الحكومة يتم وفق توازن القوى القائم حالياً. وفي حال أراد ميقاتي وبري والآخرون الحصول على توقيع رئيس الجمهورية قبل مغادرته القصر الجمهوري، وعلى ثقة الكتلة النيابية التي يقودها باسيل، فهذا لن يتم من دون الأخذ في الاعتبار المطالب التي يعتقد باسيل أنها عادية»، علماً أنه «لا يعترض على بقاء التوزيع الطائفي كما هو اليوم، كما لا يمانع حصول مقايضة إذا كان الرئيس ميقاتي يريد أن يسمي بديلين عن الوزيرين عصام شرف الدين وأمين سلام».
بري وميقاتي يخشيان أن يكون طلب جنبلاط الخروج من الحكومة مقدمة لعدم منحها الثقة
وحول موقف حزب الله، قال المصدر إن «الحزب تواصل مع جميع المعنيين بالملف الحكومي، من زاوية إدراكه صعوبة أن تتمكن حكومة تصريف الأعمال الحالية من إدارة البلاد في حالة الشغور الرئاسي، وإن الحزب لا يمانع تشكيل حكومة تنضم إليها قوى جديدة ممن تم انتخابهم في المجلس النيابي. وهو يرى أن إمكانية التغيير سواء كان محدوداً أو موسعاً يجب أن يُراعي التوازنات، وإن المساعي التي يقوم بها الحزب مع بري وميقاتي وباسيل، تركز على خفض السقوف التي لا تقود إلا إلى مواجهة لا إلى حلول».
ميقاتي ولائحة باسيل
وفي معلومات مصادر متابعة للملف الحكومي، فإن الرئيس ميقاتي قال إن العرقلة ليس سببها فقط المطالبة بتغييرات وزارية من هنا أو هناك، متهماً عون وباسيل بـ«طرح شروط شبه تعجيزية على ميقاتي تتضمن ما لا يقل عن 15 التزاماً، من بينها مرسوم تجنيس لحوالي 4000 شخص بعضهم من أميركا الجنوبية، وتعيين عمداء الجامعة، ومرسوم الضباط والتشكيلات الديبلوماسية ومراسيم القناصل الفخريين»، فضلاً عن «السير في مرسوم الهيئة العامة لمحاكم التمييز وتعيين محافظ جبيل وكسروان وإقالة رياض سلامة واستكمال التدقيق الجنائي»، وهي شروط يعتبرها ميقاتي وآخرون أنها «تعجيزية أو لا مبرر لها، وحتى لو التزم ميقاتي بها فإن معارضة أي وزير في الحكومة ستعطلها».
جنبلاط: اعتذار أم مساومة؟
وحول موقف النائب وليد جنبلاط، قال المصدر إنه «يمر بفترة حساسة جداً على صعيد تموضعه العام في البلاد والمنطقة. وهو اتخذ موقفاً في الملف الرئاسي أخذ فيه في الاعتبار الطلب السعودي بدعم ترشيح النائب ميشال معوض، لكنه قال إنه مستعد لمناقشة الأمر في حال كانت هناك إمكانية لتسوية جديدة وجدية». ويرغب جنبلاط في الخروج من الحكومة الحالية، وقد طلب من بري وميقاتي السماح له بسحب الوزير عباس الحلبي، لكنه طلب في الوقت نفسه أن يتم اختيار وزيرين درزيين مستقلين عنه وعن المرجعيات الدرزية الأخرى، وقدم لائحة بأسماء رجال أعمال وشخصيات درزية معروفة بعلاقاتها الجيدة مع كل المرجعيات الدرزية. لكن بري وميقاتي يرفضان موقف جنبلاط ويخشيان أن يكون طلبه الخروج من الحكومة مقدمة لعدم منحها الثقة، بعد ما نقل عن رئيس كتلة اللقاء الديموقراطي تيمور جنبلاط بأنه «لم يسم ميقاتي ولن يشارك في الحكومة ولن يمنحها الثقة».
- صحيفة الأنباء عنونت: جلسة رئاسية ثانية بلا رئيس.. وخشيةٌ مشروعة في ملف الترسيم عنوانها نتنياهو
وكتبت تقول: رئيس الجمهورية أولاً أو الحكومة، هكذا تحوّل الجدال في البلد، وهكذا تمضي اليوميات السياسية في ما تبقى من المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس العتيد التي باتت 24 يوماً، فيما الغليان الاجتماعي المعيشي الى ازدياد ومشاهده تتكرر بحالات اقتحام المصارف من المودعين.
في هذه الأثناء، يتحضّر رئيس مجلس النواب نبيه بري للدعوة الى جلسة ثانية لانتخاب رئيس الجمهورية في منتصف الشهر الجاري، والتي ستعطي مؤشراً حول الجهود المبذولة لانتخاب رئيس توافقي قادر على انتشال البلد، وإلا فإن مصيرها مشابه لسابقتها، لتصبح المحاولات التي تليها غير مضمونة النتائج، وعندها سيدخل البلد من تعطيل الى تعطيل.
وفيما تتكثف الاتصالات بين الكتل النيابية من فريق المعارضة لتوحيد صفوفها وحشد الدعم للمرشح ميشال معوّض في الجلسة، لم يصدر عن فريق الثامن من آذار أي موقف حتى الساعة يوحي بأنه مستعجل لانتخاب الرئيس العتيد أو على الأقل للإفصاح عن مرشحه، أكان رئيس تيار المردة سليمان فرنجية او رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.
في هذا السياق، توقّع النائب السابق علي درويش أن تتشكل الحكومة قبل إنجاز الاستحقاق الرئاسي، مستنداً لما جرى في جلسة الانتخاب الأولى، اذ إن هذا يؤشر الى أن انتخاب الرئيس في الجلسة الثانية غير مضمون.
درويش وفي حديث مع جريدة “الأنباء” الالكترونية لفت الى امكانية تشكيل الحكومة في حال صفت النوايا لدى الأطراف المشاركة، كاشفاً أن الجو الذي سبق سفر الرئيس نجيب ميقاتي الى الخارج كان جيداً وكان يقتضي إجراء بعض التعديلات على الحكومة الحالية، لكن بعد عودته توسّعت الأمور وأصبح هناك خوف فعلي من عدم إرضاء كل الأطراف التي تسعى لتحقيق مكاسب معينة على حساب قوى أخرى، وهو ما دفع الرئيس المكلف الى إعادة دراسة خياراته خاصة وأن الحكومة الجديدة تتطلب ثقة مجلس النواب لذلك نجده يدرس خطواته جدياً، مع الاشارة الى انه مستعجل جداً لتشكيل الحكومة من دون أن يحدد وقتاً لذلك أو إعطاء ترجيحات، لكن الأمور وصلت الى نتيجة مقبولة، رافضاً تحديد مهل زمنية كي لا يدخل في بازار التكهنات.
في غضون ذلك لا يزال ملف الترسيم البحري يأخذ حيزا كبير من النقاش بانتظار الرد الاسرائيلي على الورقة الأميركية في الاجتماعي الوزاري الاسرائيلي اليوم، وقد لفتت مصادر متابعة لهذا الملف عبر “الأنباء” الالكترونية الى وجود علامة استفهام كبيرة حول المعارضة الاسرائيلية الكبيرة للاتفاق لا سيما من قبل بنيامين نتنياهو. لكن رغم ذلك فإن المؤشرات تدلّ على أن الأمور ذاهبة باتجاه توقيع الاتفاق والقبول بالعرض الأميركي، إلا ان الخشية تبقى من أن تقر الحكومة الاسرائيلية الاتفاق وفي حال فوز نتنياهو وترؤسه الحكومة الجديدة أن ينفض يده منه. ولذلك تعتبى المصادر انه تداركاً للوقوع في هكذا مطبات فإن كل معاهدة دولية يجب التصويت عليها في البرلمان كي لا تتنصل الحكومات منها، وبالتالي فاذا صوّت الكنيست على اتفاق الترسيم يصبح هناك ضمانة أكبر حول مستقبل الاتفاق.
هذا في اسرائيل أما في لبنان فإن الوضع مختلف بحسب المصادر، وليس هناك خوف من إقرارها بوجود أكثرية تؤيدها، لكن الخوف من الفساد، وهذه المسألة ليس لها حل الا من خلال الصندوق السيادي الذي كان اقترحه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وإلا سنكون أمام سرقة مفضوحة، مع الاشارة الى السؤال المطروح حول إذا كانت هذه المعاهدة يجب أن تخضع للتصويت عليها في مجلس النواب أم لا.
ورغم التساؤلات المشروعة إلا ان الأجواء ليست سوداوية، وكل الأمور ستكون مسهّلة على مستوى التوقيع شكلاً ومضموناً، لكن التحدّي الأساس هو ما بعد التوقيع وأي خطوات سيتخذها لبنان حينها لحفظ ثروته الوطنية وحمايتها.