قالت الصحف: عودة الاحتجاجات الى الشارع ورهان على تحرك فرنسي على خط التأليف
الحوار نيوز – خاص
تناولت الصحف الصادرة اليوم الاحتجاجات التي ذرت بقرنها من جديد في ظل حالة الجمود ،في وقت عاد الرهان على تحرك ما للرئيس الفرنسي على خط تأليف الحكومة.
• وكتبت صحيفة " النهار " تقول : لم يكن تطورا مفاجئا ان تعود التحركات الاحتجاجية الى بعض الشارع في العاصمة #بيروت و#طرابلس والمنيه والكوره وربما الى مناطق أخرى ستتأثر حتما بالعدوى في ظل الاختناقات الاجتماعية التي بدأت تتصاعد معالمها مع بداية المرحلة الثانية الممدة للاقفال العام امس والتي ستستمر حتى الثامن من شباط ما لم تمدد للمرة الثالثة. ذلك ان استشراس ازمة الانتشار الوبائي وعدم تراجع أعراضها وتداعياتها واكبه استشراس مماثل لتداعيات حالات الانحباس والحجر على صعيد الحالات الاجتماعية الأكثر فقرا وعوزا الامر الذي بدأ ينعكس باتساع حالات التفلت من القيود والإجراءات المفروضة عبر حالة التعبئة والطوارئ الصحية والاقفال العام بل ان الخشية تفاقمت من اتجاهات عنفية على غرار ما بدأ يحصل مساء امس في طرابلس من صدامات بين المحتجين على إجراءات الاقفال والقوى الأمنية. فاذا كانت عودة محدودة لجماعات من المحتجين عصرا الى جسر الرينغ في وسط بيروت حيث جرى قطعه لفترة قصيرة اتخذت طابعا رمزيا وربما بدت كمؤشر لإمكان نفخ الحياة مجددا في الانتفاضة الشعبية، فان الوضع في طرابلس اتخذ جدية كبيرة حيث انطلقت #الاحتجاجات باشعال الإطارات في ساحة النور اعتراضا على الأوضاع المعيشية في ظل الاقفال ومن ثم شهد محيط السرايا في المدينة توترا واسعا بعدما بادر المحتجون عند مداخل السرايا الى رمي الحجارة في اتجاه الداخل وتصدت لهم قوى الامن وجرى استدعاء وحدات من الجيش الذي انتشر بكثافة وأعاد الهدوء ليلا فيما اعتقل عدد من المحتجين بعدما استمرت الصدامات ساعات عدة وأدت الى وقوع جرحى بين المحتجين والقوى الأمنية. وتمددت حالة الاحتجاجات لاحقا مع قطع محتجين أوتوستراد بحنين المنية ومن ثم حصول احتجاجات في ساحة الكورة تخللتها صدامات بين المحتجين وقوى الامن.
عودة فرنسية ؟
هذا التطور واكب انسدادا سياسيا آخذا في التصلب من دون أي مؤشرات داخلية تنبئ ببداية أي حلحلة على مسار تأليف الحكومة. وتبعا لذلك شكل الاتصال الأول بين الرئيس الأميركي جو #بايدن والرئيس الفرنسي ايمانويل #ماكرون اول من امس بارقة امل ولو ضعيفة ونادرة للأوساط التي لا تزال تراهن على ان الضغوط الفرنسية والدولية عموما وحدها قد تدفع الازمة الحكومية الى منافذ الحلول بعدما ثبت ان التعنت الداخلي لم يكن وحده سببا أساسيا للازمة وانما البعد الإقليمي الذي تتحكم به ايران تحديدا لعب ويلعب دورا خطيرا في ديمومة الازمة وإطالتها. وانكشف هذا البعد بقوة من خلال البيان الذي أصدره الاليزيه عن اتصال ماكرون وبايدن لجهة حصر البحث والإعلان عن النية في التعاون بينهما في ملفي ايران و#لبنان، بما يعني ان ثمة خلفية واضحة لدى الرئيسين حيال ربط مجريات الازمة الحكومية اللبنانية بالنفوذ والتأثير الإيرانيين.
وأفاد مراسل "النهار" في باريس ان البيان الذي صدر مساء الاحد عن قصر الاليزيه واشار "الى تقارب واستعداد للعمل معا من اجل السلام والاستقرار في الشرقين الادنى والاوسط ولا سيما بشان الملف النووي الايراني والوضع في لبنان" يؤكد مجددا الالتزام الفرنسي المستمر بالملف اللبناني وهو يشكل بادرة امل جديدة تعبر عن استمرار الاهتمام الدولي بلبنان . فالرئيس ماكرون ما زال مصمما على وضع لبنان من ضمن اولوياته والاشارة الى البحث والتشاور بالملف الإيراني والملف اللبناني وهما متصلان تؤكد الاهمية التي تريد باريس ان تعطيها لهذا الملف وحرصها على ايجاد حل للازمة اللبنانية رغم المصاعب التي تواجهها لتامين اقرار الاصلاحات لايصال المساعدات .
وسرت توقعات بان يقوم رئيس الحكومة المكلف #سعد الحريري بزيارة لباريس فيما تفيد المعطيات ان الحريري قد يطلق مواقف بارزة جدا من الازمة الحكومية وتعطيل تشكيلها في الكلمة التي يتوقع ان يلقيها لمناسبة ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط المقبل.
وفيما لم يسجل أي جديد على المستوى السياسي الداخلي، صرح رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة لـ"النهار" "إنّنا نعمل على بناء تفاهم وطني مفتوح على كلّ الناس، قائم على مجموعة مبادئ وقواعد ينبغي أن تشكّل محدّدات هذه البوصلة عبر العودة الى الدستور الذي يعتبر منظّم العلاقات بين اللبنانيين". وكشف انه يعمل على هذا الموضوع مع رؤساء الحكومة السابقين ورؤساء جمهورية سابقين (مع الرئيسين أمين الجميّل وميشال سليمان)، وحتى الآن لا نستطيع القول إنّ العمل أنجز، لأننا لم نتفاهم على كلّ النقاط والنقاش لا يزال مفتوحاً بيننا، لكنّنا تقدّمنا في المسعى الذي نقوم به وتجمع نقاط مشتركة وطنية كثيرة بيننا". واشار الى أنّه "لا يمكن أن نتكلّم الآن لأنّ المسعى لا يزال في المطبخ، علماً أنه لا يمكن تحديد مواعيد لولادة التفاهم وكلّما أسرعنا يكون ذلك أفضل. الورقة صارت جاهزة ونحن نتداول بها".
منصة #اللقاحات
في غضون ذلك بدأت معالجات ازمة الانتشار الوبائي تتركز على إستكمال الاستعدادات لانطلاق مرحلة التلقيح في لبنان في الأسبوع الأول من شباط المقبل. وعقد وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن اجتماعا موسعا تحضيرا لمرحلة اللقاح، مع ممثلي مجمل النقابات المعنية بالقطاعين الصحي والطبي، المدنية والعسكرية بهدف الاتفاق مع النقابات على حصول تسجيل قطاعي من خلال لوائح تعدها النقابات. وتم التأكيد أن المنصة الرسمية للتسجيل للقاح ستطلق اليوم وأن كل المنصات التي تم تداولها حتى الآن زائفة. كما تم التوضيح ان للمنصة الرسمية خصائص تضمن فعاليتها، فهي ستستخدم نظاما خاصا يحول دون حصول تضارب في مواعيد التلقيح، على أن يتم تحضير لوائح انتظار إضافية في حال طرأ تأخير في تنفيذ المواعيد المحددة. وسيتلقى الشخص المسجل على المنصة رسائل متعددة على مدى مرحلة التلقيح للتأكد من هويته وربطه بصفحة خاصة به لتبليغه بالمواعيد وبشهادة التلقيح وتلقي أي معلومات عن آثار جانبية من الممكن حصولها. وأوضح وزير الصحة ان المنصة التي سيتم إطلاقها اليوم، ستعتمد اللوائح التي ستقدمها النقابات والمجموعات والإدارات، بحيث يكون العاملون فيها والنقابيون من ضمن تسجيل قطاعي موحد مما يخفف الضغط. ولفت الى تحد من نوع آخر سيستند إلى ما تظهره الإحصاءات حول نسب مرتفعة في وفيات أشخاص من أعمار معرضة للخطر، إضافة إلى مصابين بأمراض مستعصية ومزمنة حيث لن يتم إغفال كل من يتهدده الوباء ويشكل خطرا فعليا على حياته. كما سيتم اعتماد التسجيل الفردي للأشخاص غير المشمولين بقطاعات ونقابات. يشار في هذا السياق الى ان التراجع الملحوظ في عدد الإصابات امس الى 2652 لم يشكل مؤشرا إيجابيا لارتباطه بعدد اقل من الفحوص خلال نهاية الاسبوع، لكن عدد الوفيات ظل مرتفعا وسجلت 54 حالة وفاة كما ظلت نسبة الفحوص الإيجابية مرتفعة اذ بلغت 22 في المئة.
• وكتبت صحيفة " نداء الوطن " تقول : كخطين متوازيين لا يلتقيان، يسير رئيسا الجمهورية والحكومة المكلف على حلبة التأليف، والهوة بينهما آخذة بالاتساع أكثر فأكثر. لم تعد القضية قضية تباين بوجهات النظر أو اختلاف بالتوجهات بل أضحت على الملأ مسألة "قلوب مليانة" وأحقاد دفينة فجّر منابعها استبعاد رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل عن تشكيلة الحكومة العتيدة، فكانت المعاملة العونية بالمثل على قاعدة "جبران وسعد، سوى جوّا أو سوى برّا".
باختصار، هذا هو التشخيص المبسّط للمعضلة الحكومية، هو شأن خاص محض لا يمت إلى الشأن العام بصلة، يتحكم بدفة التشكيل ويأسر مصير البلد وأبنائه رهينة تضارب أهواء ومصالح شخصية في عملية تأليف حكومة من المفترض أن تكون إنقاذية.
ولأنّ الطّبع التحاصصي بقي أقوى من التطبّع التخصصي، لم تفلح وساطات خارجية قادها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شخصياً، ولا داخلية أطلقها البطريرك الماروني بشارة الراعي، بل حسم رئيس الجمهورية ميشال عون خياره وعاد إلى قطع "وان واي تيكيت" للرئيس سعد الحريري، سيما وأنّ مصادر موثوق بها كشفت لـ"نداء الوطن" أن موفد عون إلى بكركي سليم جريصاتي حمل منه رسالة إلى الراعي مفادها: "ما بدّي سعد يؤلف الحكومة".
وطرابلس
وتنقل المصادر أنّ البطريرك الماروني هو من بادر إلى استدعاء المستشار الرئاسي إلى بكركي لاستيضاحه عن مستجدات عملية التأليف والوقوف على آخر التطورات من منظار قصر بعبدا، خصوصاً بعدما لم يلقَ الراعي أي تجاوب حيال نداءاته المتكررة التي حثّ فيها عون على الاتصال بالرئيس المكلف ودعوته إلى استئناف اللقاءات بينهما رداً للاعتبار بعدما تعرّض للإهانة اللفظية في الفيديو المسرّب من القصر الجمهوري، "فكانت المفاجأة بأن سمع من جريصاتي كلاماً واضحاً وحازماً يؤكد أنّ رئيس الجمهورية لم يعد راغباً باستمرار الحريري في مهمة تشكيل الحكومة"، ومن هذا المنطلق عكست رسالة عون إلى الراعي "تمنياً صريحاً بعدم تكرار مناشدته الاجتماع مع الحريري لأنه لم يعد يرى أي جدوى من عقد لقاءات معه".
إزاء ذلك، تشير المصادر إلى أنّ منسوب الاستياء ارتفع في أجواء بكركي مما بلغته الأمور من تعقيدات وتصلب بالمواقف في عملية تشكيل الحكومة، وهو استياء جسدته عظة الراعي الأخيرة حين خاطب المسوؤلين بالقول: "ألا تخافون الله؟"، مصوّباً بشكل مباشر على كون المشكلة ليست دستورية ولا تتعلق بتفسير مادة من الدستور حيال الصلاحيات الرئاسية في عملية التأليف.
وبينما وصلت أصداء رسالة عون إلى بيت الوسط تأكيداً على رغبة بعبدا بإقصاء الحريري عن مهمة التأليف وإقفال الأبواب أمامه لدفعه إلى الاعتذار، تفيد المعطيات المتوافرة بأنّ الرئيس المكلف يتعامل مع الموضوع على قاعدة "الرسالة وصلت" من دون أن يبدي أي نية بالتصعيد مباشرة، مفضلاً التروي وعدم الانزلاق إلى ساحة الكباش الطائفي الذي يحاول باسيل جاهداً دفعه إليها لشدّ العصب المسيحي حوله. وعليه، تتوقع المصادر أن يبقى الحريري على تريثه بانتظار تبلور الصورة نهائياً، مع الإعراب عن اعتقادها بأنه في حال عدم حصول أي خرق جوهري في مشهد المراوحة الحاصلة، فقد يعمد الحريري إلى "كسر الجرة" مع عون ومصارحة الناس بمسببات إجهاض التشكيلة الوزارية الإنقاذية في ذكرى 14 شباط المقبلة.
جانب من التحركات الشعبية في صيدا
وفي الغضون، لا يزال المواطنون يكابدون أعباء الانهيار الطاحن اجتماعياً واقتصادياً ومالياً وصحياً وسط تدحرج كرة غضب شعبي تنذر بعودة الشارع إلى التحرك رفضاً لتردي الأوضاع الحياتية والمعيشية في ظل الإقفال التام. وبدأ تراكم الامتعاض في المناطق تحديداً مع قرار تمديد الإقفال حتى الثامن من شباط المقبل، ليتفاقم التوتر في صفوف الناس خلال اليومين الأخيرين في عدد من المناطق، لا سيما في عاصمتي الجنوب والشمال، حيث تزايدت الاحتجاجات على الأرض وتخللها بعض الاحتكاكات بين المتظاهرين والقوى العسكرية والأمنية في طرابلس.
وتوضح مصادر ميدانية أنّ العديد من المواطنين باتوا يعيشون تحت مستوى خط الفقر فأتى قرار الإقفال العام ليمعن في إفقارهم تحت وطأة انعدام التقديمات الاجتماعية والمساعدات من الدولة، علماً أنّ أغلب المحتجين هم ممن يعملون مياومةً ولا يستطيعون تأمين قوت يومهم طيلة فترة الإقفال القسري، محذرةً من أنّ الالتزام الشعبي بهذا القرار "تخلخل" بشكل ملحوظ خلال الساعات الأخيرة، وسط تسجيل حالات تسيّب وفلتان سادت في بعض المناطق جنوباً، وبشكل خاص في النبطية، بينما الأمور على أرض الواقع تشي بأنّ رقعة الاحتجاجات آخذة بالاتساع شمالاً.
• وكتبت صحيفة " الجمهورية " تقول : وسط انسداد الأفق الداخلي أمام الملف الحكومي، والفتور القائم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، جاءت إشارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حول تقديم لبنان كواحد من البنود المدرجة في أجندة التعاون المقبل حوله، بين الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا، لِتُشيع بعض الأمل بأنّ لبنان ليس متروكاً لحال العبث السياسي والشخصي الجارية في ملف تأليف الحكومة بين القصر الجمهوري وبيت الوسط.
وعلى رغم انّ هذه الإشارة جاءت مقتضبة جداً، إلّا انها تجعل الواقع اللبناني، المعلّق على حبل التعطيل الحكومي منذ أشهر، مشدوداً من جديد في اتجاه باريس رصداً للخطوة الفرنسية التالية، وماهيّتها، وموعد ترجمتها أكان وشيكاً أم أنّ تحديدها يتطلّب بعض الوقت، خصوصاً ان اولويات الاجندة الفرنسية يتَصدّرها الهمّ الاساس الذي يقضّ مضاجع الفرنسيين، والمتمثّل بفيروس كورونا والحد من انتشاره.
هدنة قسرية
على أنّه في الجانب الآخر لهذا التطوّر، وعلى ما تؤكّد مصادر ديبلوماسية مطلعة على الموقف الفرنسي، فإنّ ارتدادات اعلان الرئيس الفرنسي عن توافق مع الولايات المتحدة الأميركية على التعاون حول لبنان، ستصيب حتماً شريكَي التأليف، أي رئيس الجمهوريّة والرئيس المكلف، وستفرض عليهما هدنة قسريّة، تُخرجهما من خلف متاريس الاشتباك الذي استنفدا فيه تظهير كلّ عناصر تأجيج الخلاف بينهما واسباب تعطيل تأليف الحكومة، وبالتالي انتظار ما سيطرحه الفرنسيون من حول الملف اللبناني، ربطاً بما اعلنه ماكرون.
مقاربة جديدة
إذاً، الانتظار هو السيّد من الآن وحتى تبلور الخطوة الفرنسية التالية. واذا كان من الطبيعي ان يبادر كلّ من الرئيسين عون والحريري الى تجميع أوراقهما وإضبارتهما واتهاماتهما، والى التسلّح بما يعتبرانها ذرائع وحججاً وقرائن تُحَمّل الطرف الآخر مسؤولية تعطيل تأليف الحكومة خارج مندرجات المبادرة الفرنسية، ليرافع بها امام الطرح الفرنسي المنتظَر، فإنّ المصادر الديبلوماسية تلفت الانتباه الى ما يلي:
اولاً، انّ الرئيس الفرنسي، وبإعلانه عن توجّه للتعاون مع واشنطن حول لبنان، يؤكد من خلاله مجدداً على الالتزام السابق الذي قطعه تجاه لبنان، وفي الوقت ذاته، ألزَم نفسه مجدداً بمبادرة جديدة، بهدف تحقيق خرق ايجابي في الملف الحكومي.
ثانياً، انّ الخطوة الفرنسية التالية لا تعني بالتأكيد العودة الى تكرار المنحى السابق بوضع المبادرة الفرنسية كفرصة حل امام اللبنانيين والاكتفاء بالتمنّي عليهم بالتزامها وتشكيل حكومة مهمة وفق مندرجاتها، وهو مَنحى آلَ الى الفشل وارتَدّ على الفرنسيين بخيبة لم يُخفوها، بل سترتكز على قاعدة مقاربة فرنسية جديدة للملف اللبناني بشكل عام، والحكومي على وجه الخصوص.
وتوضح المصادر الديبلوماسية، في هذا السياق، انّ المقاربة الفرنسية الجديدة تتوخّى النجاح الجدّي هذه المرة، وذلك:
أولاً، لأنّها مرتكزة هذه المرة على تعاون اميركي جدي مع باريس، ومباركة ادارة جو بادين للمبادرة الفرنسية تجاه لبنان. معنى ذلك انّ المبادرة الفرنسية في ظل ادارة بايدن قد شُحنت بدعم افتقدَته، او بالأحرى كان مُلتبِساً في ظل ادارة دونالد ترامب. وبالتالي، باتت المبادرة الفرنسية أصلب، وتمتلك قدرة إلزام الاطراف اللبنانيين بمندرجاتها أكثر على نحوٍ مختلف تماماً عمّا كانت عليه في السابق.
ثانياً، لأنّها مستفيدة أيضاً من القراءة الفرنسيّة لمسبّبات الفشل السابق في وضع المبادرة الفرنسية موضع التنفيذ والاخطاء التي ارتكبت في تسويق المبادرة، سواء أكانت من الفرنسيين أو غيرهم.
ثالثاً، لأنّها مستفيدة من القراءة الفرنسيّة الغاضبة من تعاطي القادة في لبنان مع هذه المبادرة وقَفزهم فوقها، وتعطيلهم المتعمّد لتشكيل الحكومة، والاشتباك بين رئيس الجمهورية وفريقه والرئيس المكلف وفريقه حول ما اعتبراها شروطاً ومعايير كانت السبب الاساس في تعطيل تأليف الحكومة.
هل يزور بيروت؟
وتَخلُص المصادر الديبلوماسية الى القول انها لا تستبعد تحرّكاً فرنسياً وشيكاً تجاه لبنان، سواء عبر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون شخصياً، وهذا يطرح احتمال زيارة جديدة قد يقوم بها، تعويضاً عن الزيارة التي أُرجئت عشيّة عيد الميلاد اواخر السنة الماضية، فيُشرف شخصيّاً على الحل الفرنسي للأزمة في لبنان، او عبر وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان، او عبر مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل.
وفي رأي المصادر إنّ المسألة هي مسألة وقت، إنما ليس وقتا طويلا، إذ انّ هناك استعجالا فرنسيا لإعادة فتح الملف اللبناني، وقد تَبدّى ذلك في الدعوة التي وجّهها ماكرون قبل ايام قليلة الى السعودية بألّا تترك لبنان، وكذلك في مُسارعته ماكرون الى طرح الملف اللبناني مع الرئيس الأميركي جو بادين قبل يومين، وهذا معناه أنّ ماكرون يسعى الى قوّة دَفع تَحملهُ الى استئناف مهمته في لبنان، والتي يعلّق أملا كبيرا جدا على نجاحه فيها. وإنّ مُسارعة الرئيس ماكرون الى الاعلان، بعد الاتصال بينه وبين الرئيس الاميركي، عن تعاون فرنسي – اميركي حول الملف اللبناني، الى جانب الملف النووي الايراني، تُقرَأ على أنها مؤشّر الى أنّ الرئيس الفرنسي حصل على قوة الدفع التي يريدها.
هل يؤلفون؟
واذا كان الإعلان عن احتمال تعاون فرنسي – اميركي حول الملف اللبناني قد أثلج صدور اليائسين من إمكان توصّل الرئيسين عون والحريري الى تفاهم على تشكيل الحكومة، وزرعَ بعض الامل في نهاية أفق التأليف المسدود، فإنّه، وعلى ما تؤكد مصادر سياسية داعمة بقوة للمبادرة الفرنسية، يفرض على الطاقم المعطّل أحد أمرين:
الأول، قراءة المشهد الفرنسي جيداً هذه المرّة، وأن يسارعوا إلى ملاقاة الحراك الفرنسي مُسبقاً بتشكيل حكومة توافقية، تباشِر فوراً بالعملية الانقاذية والاصلاحية وفق ما تحدّده مندرجات المبادرة الفرنسية ووضع الاطار التنفيذي لإعادة اعمار بيروت، بما يخفّف عبء معالجة تعطيل الحكومة عن الفرنسيّين، وتصرّفهم بالتالي الى رَفد تشكيل هذه الحكومة بحشد الدعم الدولي للبنان واستقدام المساعدات.
الثاني، الانتظار على الحال التنافري والاشتباكي الذي هم عليها
حالياً، وهذا معناه أنّ منحى التعطيل القائم قد يجد نفسه في مواجهة مباشرة مع الفرنسيّين في فترة لاحقة، تُفضي الى فرض التوافق على حكومة، بحيث قد يجد أطراف الخلاف الحكومي الحالي أنفسهم مضطرّين الى الالتزام والخضوع لإرادة التأليف، خصوصاً انّ الفرنسيين، وبناءً على تجارب الفشل السابقة لمبادرتهم، قد يكونون اكثر تشدداً من السابق ومتسلّحين بدعم دولي واميركي تحديداً، ولهذا التشدد حتماً جمهوره العريض في لبنان سياسياً وشعبياً، والذي يعبّر يومياً وعلناً عن غيظ واضح من منحى التعطيل الحاكم للعلاقة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، ورفض للعبث الذي يبدو صبيانيّاً في معظمه، في ملف تأليف الحكومة وتأخير عملية الانقاذ لبلدٍ صارت حالته بالويل.
فرصة جديدة
ما تقوله المصادر المذكورة يتقاطع مع قراءة معنيين بالملف الحكومي، معارضين لمنحى التعطيل القائم، وحضروا على خط الوساطات الفاشلة بين عون والحريري، تعتبر انّ ثمّة فرصة جديدة يُتيحها ماكرون بإعلانه عن التعاون مع الاميركيين حول لبنان، والكرة في ملعب الرئيسين عون والحريري، ومقاربة ملف التأليف بما يحدده الدستور من صلاحيات لكليهما، خصوصاً انّ أيّاً منهما لن يستطيع ان يكسر الآخر أو يلوي ذراعه، حتى ولو أراد ذلك، فكلاهما يملكان سبب التسهيل والتعطيل في آن معاً، ففي يد رئيس الجمهورية قلم التوقيع لا يتخلّى عنه، وفي يد الرئيس المكلف ورقة التكليف التي لن يتخلى عنها وحسم موقفه بعدم الاعتذار، وصراعهما المتواصل، منذ التكليف وحتى اليوم، أوصَل الى حائط مسدود ليس في مقدور أيّ منهما تجاوزه، ما بات يوجِب عليهما النزول الى ارض الواقع ومقاربة ملف التأليف بموضوعية، لا بل بعقلانية بعيداً عن الاشتباك بينهما الذي اختلطت فيه المشاعر السياسية بالشخصية، والذي لن يصلا فيه الى أي نتيجة.
وبحسب هذه القراءة، فإنه بمعزل عَمّن يتصل بِمَن أولاً، لِعقَد لقاء بينهما، فهناك ما يوجِب لقاءهما وعدم تأخيره، فالرئيس المكلف سبق له في الاجتماع الاخير مع رئيس الجمهورية قبل عيد الميلاد، أن قدّم مسودة لحكومة للرئيس عون، الذي وعد بدراستها. ومضى حتى الآن اكثر من شهر ويفترض أن تكون الدراسة قد انتهت، وينبغي بالتالي إبلاغ ما انتهى اليه رئيس الجمهورية الى الرئيس المكلف، فربما يقبل بها، وربما يقدم مسودة جديدة، لكن ان تبقى الامور معلقة على سلك الاشتباك بينهما فهذا يُرتّب المزيد من السلبيات.
تشاؤم
إلّا أنّ لمرجعٍ سياسيّ قراءة متشائمة، ويقول لـ"الجمهورية": بالتأكيد ان دخول الرئيس الفرنسي على الخط اللبناني من جديد هو مؤشر ايجابي، لكن لا بد من انتظار الحراك الذي يترجمه وما سيحمله من طروحات لحل الازمة، ووقف هذه المهزلة، لا بل الفضيحة المستمرة منذ 3 اشهر، وبناء على هذه الطروحات يبنى على الشيء مقتضاه.
ورداً على سؤال، قال المرجع: إن كانت هناك من طروحات فرنسية جديدة، وهذا امر محتمل، فينبغي أن تحمل صفة الالزام والفَرض على المعطّلين، بالانصياع للمبادرة الفرنسية وتشكيل حكومة بناء عليها، لا أن تتكرر سياسة التمنيات السابقة التي ثبت فشلها، وأثبتت انها من دون ايّ جدوى او فائدة مع الطاقم المُمسِك بملف التأليف، والذي أكّد بجدارة غير مسبوقة وأمام العالم بأسره، أنّ اللبنانيين ليسوا فقط عاجزين عن استنباط الحلول، بل هم غير عابئين بأي حل لأزمة لبنان التي تكاد لا تُبقي منه شيئاً.
فلتان شامل!
من جهة ثانية، وفي وقت يشهد ملف تأليف الحكومة تفلّتاً غريباً من رغبة في الحل والوصول الى قواسم مشتركة تُعجّل ولادة الحكومة،
تَتبدّى الى جانب ذلك مافيات تستبيح البلد بفلتان تفتعله ويكاد يكون شاملاً كل شيء:
فعلى المستوى الاقتصادي والمالي والمعيشي والاجتماعي، تسود حال من الفلتان في لعبة الدولار وإفقاد الليرة قيمتها نهائياً، وفي لعبة الاحتكار والغلاء الرهيب في اسعار المواد والسلع الاستهلاكية التي يشهد السوق شحّاً كبيراً فيها، تُضاف الى ذلك عودة مافيا تجار المواد الفاسدة الى محاولة استغلال الوضع وحاجة الناس واغراق السوق فيها من دون حسيب او رقيب، والاخطر من ذلك هي اللعبة الاجرامية التي تمارس بإخفاء الدواء ومحاولات الابتزاز التي تجري بربط الحصول على بعض الادوية بشراء متممات غذائية، وادوية اخرى لا علاقة لها ببعضها بعضاً.
وفي الموازاة، تكمن الجريمة المتمادية بفلتان التهريب، وخصوصاً للمحروقات للسلع المدعومة، في اتجاه سوريا تُديرها مافيات مدعومة أقوى من الدولة ومن كل اجراءاتها التي اتخذتها لمنع التهريب وسد المعابر غير الشرعية.
على أنّ الاخطر من كل ذلك، ليس فقط فلتان الاجواء اللبنانية واستباحًتها اليومية وبشكل مكثّف من قبل الطيران الحربي الاسرائيلي وفي البحر وعلى الحدود البرية، بل هو فلتان السرقات وجرائم القتل، حيث تؤكد مصادر أمنية لـ"الجمهورية" انّها تسجل ارقاماً خيالية في كل المناطق، يعزّزها فلتان السلاح والاشتباكات اليومية التي تحصل في هذه المنطقة او تلك ويسقط فيها قتلى وجرحى، على نحوٍ يبدو فيه البلد وكأنه صار محكوماً لشريعة الغاب.
إلا أنّ الخطر الأكبر هو ما كشفه مصدر أمني رفيع لـ"الجمهورية" حول وجود خشية كبرى من محاولات تجري لإيقاظ الخلايا الارهابية النائمة، وفق ما تدلّ عليه التحركات المتتالية التي بدأت تظهر في اكثر من منطقة، وتحاول العودة الى إثارة النعرات الطائفية والمذهبية، والتي تشبه الى حد كبير تحرّكات سابقة منذ سنوات قليلة لجهات معروفة بتشدّدها وتوجهاتها الراعية للمجموعات الارهابية.
وقال المصدر ان هذا الوضع يدفع الى رفع جهوزية الاجهزة الامنية على اختلافها، وخصوصاً في ظل الحديث عن عودة المجموعات الارهابية الى التنامي والظهور من جديد، بدءاً من سوريا وصولاً الى العراق، ويخشى ان تتمدّد بالتالي الى لبنان، ما قد يضعه، في حال تفلّته وعدم احتوائه هذه الازمة مسبقاً، أمام خطر سيكون من الصعب احتواؤه.
كورونا
من جهة ثانية، ومع اقتراب موعد وصول اللقاحات من فيروس كورونا، لم تبرز حتى الآن اي خطة واضحة لكيفية استيراد هذه اللقاحات وكيفية توزيعها، فيما تتزايد في مختلف الاوساط الخشية من إدخال اللقاحات في بازار الاستثمار السياسي. وذلك على الرغم من تأكيد القيّمين على هذه المسألة خلاف ذلك، وانّ اللقاحات ستكون في متناول كل اللبنانيين، مع اعطاء أفضليات تدريجية في كيفية تلقي اللقاح، بدءاً بالطاقم الطبي والتمريضي، ثم الى الكبار في السن، وهكذا بالتدريج.
وفي هذا السياق، عقد وزير الصحة حمد حسن امس اجتماعا موسعا تحضيرا لمرحلة اللقاح. واعلن انّ خطة ادارة ملف اللقاحات سيتم الاعلان عنها اليوم، وستشكّل مرحلة مفصلية تعتمد على الشفافية والعدالة في مواجهة الوباء المتفشي الواسع الذي يشهده لبنان. وقال: انّ كل المراكز التي سُرِّب انها ستكون مرجعية للقاحات لم تحسم بعد، بل سيتم تحديد هذه المراكز من ضمن خطة واضحة المعالم لضمان عدالة توزيع اللقاح في العاصمة كما في كل المحافظات اللبنانية.
يشار هنا الى انّ عدد الاصابات بفيروس كورونا يوم أمس قد بلغ 2652 اصابة، و54 حالة وفاة.
سلامة
وعلى صعيد المسالة المتصلة بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة امام القضاء في سويسرا، اعلن سلامة أمس "أنّ كل الأخبار والأرقام المتداولة في بعض وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي مضخمة جداً ولا تمتّ إلى الواقع بصلة، وتهدف بشكل مُمنهج إلى ضرب صورة المصرف المركزي وحاكمه. وإذ امتنع عن الخوض علناً في الأرقام والحقائق لدحض كل الأكاذيب في ملف بات في عهدة القضاء اللبناني والسويسري، أكد أن منطق "أكذب.. أكذب.. فلا بد أن يَعلق شيء في ذهن الناس" لا يمكن أن ينجح في هذه القضية وفي كل الملفات المالية، لأن كل الحقائق موثّقة. وكان هذا الموضوع محور الاجتماع الذي عقده وزير الخارجية شربل وهبه مع سفيرة سويسرا في لبنان مونيكا شموتز كيرغوتسكد. وفيما دعا وهبه الى ان يترك للقضاء اللبناني كامل الحرية للإدلاء واتخاذ القرار المناسب في هذا الشأن، امتنعت السفيرة السويسرية عن التعليق مُكتفية بالقول انّ المسألة تعود إلى وزير العدل السويسري والمدعي العام في سويسرا الذي وجّه الطلب للمساعدة القضائية.