قالت الصحف: عقوبات أم عقبات أميركية بوجه تأليف الحكومة؟
الحوارنيوز – خاص
يبدو أن إدارة البيت الأبيض الترامبية وفي أيامها الأخيرة تتعمّد التدخل غير المباشر بموضوع تأليف الحكومة اللبنانية عبر العقوبات الأميركية التي تحولت في توقيتها واستهدافاتها الى عقبات أميركية بوجه التأليف.
• صحيفة "النهار" عنونت:" التعقيدات تتراكم وباسيل يرد برفض "طعن الحزب" وكتبت تقول:" مع ان التداعيات العلنية لقرار وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل ركزت في الظاهر على استبعاد تأثير هذا التطور على مسار تأليف الحكومة الجديدة، فان المعطيات العميقة التي واكبته كما التطورات السياسية الأخرى التي سجلت في الساعات الأخيرة، بدت بمثابة تثقيل إضافي للعثرات والتعقيدات التي تعترض طريق ولادة حكومية قريبة. فحتى لو خلص باسيل نفسه، في الرد المسهب المتشعب والتفصيلي على قرار تصنيفه ضمن لائحة العقوبات التي تستند الى قانون ماغنيتسكي الأميركي المتصل بمكافحة الفساد عبر الحدود، والذي عده باسيل مطية لقرار مسيس بالكامل، الى استعجال تأليف الحكومة للفصل بين الامرين، فان الوقائع لا توحي بسهولة الأمور او بإمكان عزل التداعيات المتدحرجة للعقوبات او للعقبات الداخلية الأخرى عن مسار تأليف الحكومة.
كل ذلك يستند الى المعطيات التي اكدت ان اللقاءات الستة التي عقدت بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لم تفض بعد الى اختراق جدي يبنى عليه لتوقع حلحلة وشيكة في الانسداد الحاصل، فكيف الامر مع ارتفاع جدار التعقيدات التي اثارتها العقوبات على باسيل من جهة ومن ثم أيضا اشتعال جبهة سجال سياسية حارة بين "القوات اللبنانية" و"تيار المستقبل " التي يصعب أيضا تجاهل دلالاتها السلبية حيال المسار الحكومي؟ فحتى لو كان موقف "القوات" حازما لجهة عدم مشاركتها في الحكومة، فان خروج التوتر المحتقن بينها وبين "المستقبل" الى السجالات الحادة يعيد رسم صورة سلبية حول المشهد السياسي اذ تزامن هذا التطور السلبي بدوره مع تخصيص النائب باسيل جزءا غير يسير من رده على العقوبات في انتقادات ضمنية للرئيس سعد الحريري من دون ان يسميه، وهذا التزامن وضع التيار العوني و"القوات " مجددا في خانة الاشتباك السياسي مع الحريري. ولذا ستتجه الأنظار في الساعات والأيام المقبلة اكثر فاكثر الى القناة الثنائية بين قصر بعبدا وبيت الوسط تطلعا الى ما يمكن ان تتكشف عنه تداعيات التطورات الأخيرة وما اذا كان ثمة قرار ما في احتواء اخطار التراجع في تأليف الحكومة ام إمعان في التعقيد الذي سيرمي البلاد في مزيد من الانهيارات علما ان قرار الاقفال العام الذي سيتخذه غدا المجلس الأعلى للدفاع لمواجهة زحف كورونا وعلى رغم طابعه الملح والضروري والعاجل سيضع الدولة في عين التحديات المتراكمة.
• صحيفة "نداء الوطن" عنونت:" شروط الحريري تعجيزية وحزب الله يريد تشكيلة تكنو سياسية" وكتبت تقول:"
تبعثرت الأوراق وتشقلبت الأولويات وتبدّلت المعطيات، فما كان قبل الانتخابات الأميركية على المستوى الإقليمي لن يكون كما بعده، والحسابات الداخلية قبل العقوبات على جبران باسيل ليست كما بعدها… حتى المبادرة الفرنسية ترى مصادر سياسية مطلعة أنّها "تبخرت عملياً" وأصبح الفرنسي ينتظر ما ستؤول إليه الأمور في أميركا بعد الإنتخابات كي يشكل مع الإدارة الجديدة فريقاً ثنائياً لمقاربة الملف اللبناني، مؤكدةً لـ"نداء الوطن" أنّ كل ما يُحكى عن أنّ هناك رعاية دولية وخصوصاً فرنسية لتشكيل هذه الحكومة هو "محض أوهام"، وقد تجسد ذلك في الإتصال الأخير بين الرئيسين إيمانويل ماكرون وميشال عون، وسط إشارة المصادر نفسها إلى أنّ السفير بيار دوكين بات "الصلة الفرنسية شبه الوحيدة المتبقية مع المبادرة الفرنسية".
وكما تبخرت المبادرة، كذلك سقطت المداورة في الحقائب السيادية الأربع، حسبما نقلت مصادر مواكبة، مشيرةً إلى أنّ "القديم سيعود إلى قدمه" في توزيع حقائب المالية والداخلية والطاقة والدفاع، بعدما أجهض تمسك الثنائي الشيعي بحقيبة المال محاولة اعتماد مداورة شاملة في حزمة هذه الحقائب، ثم ما لبث مبدأ "المعاملة بالمثل" أن طغى على مطالب الأفرقاء الآخرين واصطدم مسعى "تطييف" المداورة، لا سيما في الداخلية والخارجية، بعقبات متشعبة ومتشابكة، سرعان ما أفضت إلى إعادة تثبيت الحقائب السيادية وفق الخارطة الطائفية القديمة.
المصادر تختصر حقيقة ما يدور في كواليس تشكيل الحكومة بالقول: "الرئيس المكلف سعد الحريري يتصرف على أنه لا بديل عنه في رئاسة الحكومة، وبالتالي على رئيس الجمهورية الإذعان لمطالبه في حال أراد أن يكمل ما تبقى من عهده بشيء من الإستقرار السياسي، وإلا فإن البديل فراغ حكومي وسياسي يضع البلاد عموماً، والعهد خصوصاً، أمام تحديات خطيرة على مختلف المستويات، الإقتصادية والمعيشية والمالية والأمنية وسواها، كما أن الحريري يستقوي من ناحية أخرى بأنه هو رئيس الحكومة الوحيد القادر على فتح أبواب الإتصالات والعلاقات مع الخارج مستعيناً برصيد أبيه، خاصة مع الرئاسة الفرنسية التي لا بد من اللجوء إليها كمعبر إلزامي لإستقدام إهتمام دولي وإقليمي بلبنان ينتشله من الحضيض".
ورأت أنّ الحريري عمد إلى فرض "شروط تعجيزية" على رئيس الجمهورية، أهمها: "المطالبة بالمشاركة في الحصة المسيحية من الحكومة التي سبق وحصر عددها بـ18 وزيراً لاستبعاد أي تمثيل للنائب طلال أرسلان وآخرين في الطائفة الدرزية، بهدف إكتساب دعم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط المطلق له". أما في ما خصّ الحصة المسيحية التي تبلغ 9 وزراء، فطالب الحريري "بحقه في تسمية وزير مسيحي للحزب القومي وآخر للطاشناق، وبرغبته إعطاء حقيبتين لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ما يُبقي 5 حقائب لعون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، كما طالب الحريري بالمشاركة في تسمية وزير الخارجية لأنه يريد شخصية في هذه الحقيبة تتناغم معه لإعادة إحياء علاقات لبنان الخارجية، وأيضاً المشاركة في تسمية وزير الطاقة لأنه مصمم على إنهاء هذا النزيف المالي الهائل في موضوع الكهرباء، لذلك يريد شخصية مرنة وخبيرة يكون قادراً على التفاهم معها لإنجاز هذا الملف بسرعة، الأمر الذي يعني أن عون وباسيل سيُسمح لهما بتسمية 3 وزراء يمثلونهما مباشرة ودون شراكة"، مع إشارة المصادر إلى ان الرئيس المكلف "يدير معركة تشكيل الحكومة بأعصاب باردة بحيث كان لافتاً أنه خلال لقاءاته مع عون لم يبد أي إستعجال لإنجاز التشكيل".
وتوازياً، لوحظ أنّ "حزب الله" يقف متفرجاً وتاركاً الأمور لعون والحريري كي يتفاهما على تفاصيل التشكيل، فيما عينه على البرنامج الإقتصادي والمالي الذي على أساسه سيقود الحريري حكومته. وإذ تتحدث المعطيات المتصلة بموقف الحزب عن أنه تأكد من خلال إتصالاته المباشرة مع الجانب الفرنسي أنّ المبادرة الفرنسية لم تعد موجودة، كشفت أوساط مطلعة أنّ مقربين من "حزب الله" شددوا خلال الساعات الأخيرة على أنّ "الصيغة الاختصاصية" التي تم اعتمادها لتأليف الحكومة لم تعد تحاكي ضرورات المرحلة، وأبدوا في المقابل ميلاً واضحاً نحو العودة إلى "الصيغة التكنوسياسية"، باعتبارها تتماشى مع المستجدات والتحديات.
وعليه، توقعت الأوساط أن تشهد الأيام المقبلة دخولاً جدياً من "حزب الله" على خط التأليف، انطلاقاً من الكلمة المرتقبة لأمينه العام السيد حسن نصرالله بعد غد الأربعاء، بحيث سيرتكز حراك الحزب باتجاه الملف الحكومي على ركيزتين أساسيتين، الأولى تتمحور حول إعادة التموضع إلى جانب المطالب الوزارية لرئيس "التيار الوطني الحر" بعد العقوبات الأميركية التي فُرضت عليه، والركيزة الثانية تتصل بتظهير تصور "حزب الله" الداعي إلى إعادة إحياء الطابع السياسي للحكومة العتيدة، بشكيل يلحظ التوازنات السياسية والطائفية في عملية تأليفها، والإقلاع عن تكبيل عملية التأليف بقيود ومعايير مستحدثة، على أن يُترك لكل مكوّن تسمية وزرائه الاختصاصيين حسبما يراه مناسباً، وفقاً للحقائب التي يتولاها في التشكيلة المرتقبة.
• صحيفة "الاخبار" عنونت:" تأليف الحكومة: المشاورات عادت الى النقطة صفر" وكتبت تقول:" ثبّت كلام باسيل ما كان جلياً قبل يومين. بعد خلط الحريري أوراق التأليف بإصراره على المشاركة في تسمية الوزراء المسيحيين وتراجعه عن استبدال حقيبة الداخلية بالخارجية، قبل أن يعيد باسيل تأكيد أن المشاورات عادت إلى النقطة الصفر. أما حزب الله الذي كان اتفق مع باسيل على أن يعمل كل طرف على إدارة المفاوضات الحكومية بما يناسبه، صار بعد العقوبات أمام معطى جديد يفرض عليه دعم حليفه، ومنع الاستفراد به. ولذلك، هو لن يسمح بأن يُحمّل باسيل وزر تداعيات العقوبات، كما لن يسمح بالتعامل مع باسيل بصفته المتضرر الوحيد من انتفاضة 17 تشرين.
أما رئيس التيار الوطني الحر، فبدوره تخلى، بعد العقوبات، عن حذره في مقاربة ملف التأليف. انتهى بالنسبة إليه زمن التلطي خلف رئيس الجمهورية "لتحصيل الحقوق". وهو إذ أمل أن تكون العقوبات سبباً للتسريع في تأليف الحكومة، إلا أنه ربط ذلك بعدم وجود إرادة لدى أحد بأن يستكمل لعبة الخارج من الداخل، "ويسعى لاستهدافنا من دون غيرنا، ويسعى لتحجيمنا أو لإقصائنا دون غيرنا. فهذا أمر لن نسكت عنه أبداً".
وشدد على أن "ركائز أي حكومة تقوم على 3 أمور يجب تحديد معايير واضحة لكل واحدة منها، وتتألف الحكومة بيومين، والركائز هي:
- عدد الوزراء: لا يجوز جمع وزير بحقيبتين، وإلا يكون هذا الأمر ضرباً لمبدأ الاختصاص، والإصرار على هذا الأمر، من دون منطق يخبّئ استهدافاً سياسياً لأفرقاء وطوائف لتحجيمها في الحكومة.
- توزيع الحقائب والأعداد على الطوائف والكتل: من السهل اعتماد معايير لتحديد كيفية توزيع الحقائب على أساس حجمها على الطوائف والكتل، وهذا تمرين صار معروفاً.
- المداورة للجميع أو مداورة جزئية لعدم الاعتراف بتثبيت وزارة المال للشيعة.
- التسمية: يجب اعتماد آلية واحدة لتسمية الوزراء، من اختصاصيين طبعاً. ولكن لا أحد يحتكر وحده تسمية الاختصاصيين وكأنه وحده يعرفهم أو يملكهم. كل طرف يسمّي وزراءه ويوافق عليهم رئيس الجمهورية والحكومة، وهذا هو المنطق، وأي آلية أخرى يجب أن تكون واحدة على الجميع.
إذا لم يتم اعتماد معايير واضحة وموحدة، فالحكومة ستتأخر، ومن يؤخرها هو من يضع معايير استنسابية ويخبّئها بوعود متناقضة بهدف واحد هو تكبير حصته فقط. هذا الأمر إضاعة للوقت لمصلحة الانهيار، وتضييع للمبادرة الفرنسية كما أضاعوا حكومة مصطفى أديب".