قالت الصحف: عاصفة وهبه تابع.. والموضوع الحكومي أمام مجلس النواب مجددا
الحوارنيوز – خاص
في حين لم ينتصر أحد لمواقف وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال شربل وهبه، بمن فيهم مرجعيته السياسية، واصلت الدول الخليجية ومعها بعض قوى سياسية وعدد من المؤسسات الإعلامية والصحفية حملتها على وهبه تحت عنوان: الإعتذار و الإستقالة.
حكوميا ما زالت المواقف على حالها، فيما نقل رئيس الجمهورية الأزمة إلى مجلس النواب من خلال رسالة وجهها الى المجلس أمس وتناولت موضوع التأخر في تشكيل الحكومة.
- صحيفة “النهار” عنونت:” عاصفة لبنانية خليجية .. وهبه ينكفيء اليوم؟ العهد يهرب الى التحريض على الحريري” وكتبت تقول:” مع ان مسيرة العهد الحالي اقترنت بمنظومة نمطية من الأخطاء الفادحة في السياسات الخارجية أسوة بالإخفاقات الهائلة الداخلية التي تشكل الحجم الأكبر من أسباب الانهيارات الحاصلة، الا ان انكشاف العهد لم يكن مرة فادحاً وصارخاً كما حصل أمس فيما سمي عاصفة شربل وهبة التي دفعت لبنان الى السقطة الأخطر هذه المرة في ميزان تهديد مصالحه لدى المملكة العربية السعودية وعبرها سائر الدول الخليجية. في الخلاصات المباشرة لعاصفة خطيرة بهذا الشكل، كان يفترض ان يكون الاجراء الفوري الذي يوازي الأذى الكبير الذي لحق بلبنان اقالة الوزير فورا، ولو كان يشغل منصباً وزارياً في طور تصريف الاعمال، ولكن الاجراء لم يتخذ بعد ولو ان معلومات اشارت الى توقع اتخاذ خطوة ما اليوم. وافيد ليلاً ان الزيارة المتوقعة للوزير وهبه الى السفارة السعودية باتت في حكم الملغاة بعد الاتفاق على ان يبلغ الرئيسين ميشال عون وحسان دياب صباحا تنحيه عن المسؤولية، وجرى البحث ليلا عن وزير مسيحي يتولى المهمة اذ ان الوزير البديل في مرسوم الحكومة هو دميانوس قطار المعتكف منذ اعلانه الاستقالة. ولم يكن الحجم الاستثنائي للتنديد الداخلي بالإساءات غير المقبولة اطلاقا التي وجهها الى السعودية وشعبها وعبرها الدول الخليجية وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال سوى الانعكاس الأكثر إبرازاً للدلالات المهمة جدا على خشية اللبنانيين بمعظم طوائفهم وفئاتهم وقياداتهم على ان تأتي السقطة الأخيرة بمثابة رصاصة الرحمة في رأس العلاقات اللبنانية السعودية التي تعرضت لهزات عنيفة ومتعاقبة خلال سنوات العهد الحالي بما لم يعرفه سابقاً، ولا في أي حقبة تاريخ هذه العلاقات العريقة والتاريخية. حتى ان بعض المعنيين دعا العهد تحديداً الى التعمق في قراءة دلالات أوسع موجة من ردود الفعل الداخلية المجمعة على التنديد بإساءات الوزير “المتقدم” في الصف العوني الى السعودية بالشكل المخزي الذي حصل والذي اساء أكثر الى صورة الديبلوماسية اللبنانية، وأطلق وابل التعليقات اللاذعة على الوزير وعهده عبر وسائل التواصل الاجتماعي بما لم يسبق له ان حصل حيال أي حدث. واعتبر هؤلاء ان المروحة الواسعة للردود الغاضبة والمستنكرة لتصريحات الوزير والتي شملت معظم القيادات اللبنانية حتى من ضمن صفوف قوى لا تعد صديقة تقليدية للسعودية شكلت الرد اللبناني الحاسم قبل الرد السعودي على الإساءة ورسمت صورة بالغة السلبية للأثر السلبي الذي باتت تتسبب به منظومة العهد اللصيقة به حتى من وزرائه.
ولعل الأسوأ في هذا السياق ان انكشاف العهد نفسه جاء بعد سقطة وزير خارجيته مزدوجة: فمن جهة أراد العهد التذاكي والمناورة في الموقف حيال تداعيات السقطة فحاول رئيس الجمهورية ميشال عون ان يوزع موقفه الى نصفين الأول يتبنى فيه دفاع وهبة عن نفسه، والثاني يتنصل فيه هو نفسه من موقف وزيره، واخفق طبعا في إنجاح المحاولة. اما مفاجأته الفاشلة الأخرى فتمثلت اقله في سوء اختيار التوقيت لإرسال رسالته الجديدة الى مجلس النواب بواسطة رئيس المجلس نبيه بري ليحرض المجلس على الرئيس المكلف سعد الحريري ويوحي له بنزع التكليف عنه. وبدا واضحا بما لا يحتاج الى تفسير ان عون حاول الهرب من تداعيات الانكشاف في الفضيحة الخليجية الطارئة فلجأ الى توقيت اعتقده ملائما لأخذ الأنظار الى مكان اخر ولكنه أيضا أخفق في ذلك.
- صحيفة “الاخبار” كتبت تحت عنوان:” لبنان يركع لآل سعود” تقول:” قُضي الأمر، وقرر لبنان الرسمي الركوع أمام السعودية، طلباً للغفران. أخطأ وزير الخارجية شربل وهبة في مقابلته الأخيرة، ليل أول من أمس، مع قناة “الحرة” الأميركية. الخطأ المرتكب هو في حق لبنان أولاً. مشاركته في المقابلة، ليساجل شخصيات لا صفة سياسية حكومية لها، هو خطأ بحق موقعه الوزاري. وخطأه الأكبر كان في تفوّهه بكلام عنصري ضد أبناء الجزيرة العربية، وسائر العشائر العربية والبدو، عبر استخدام الكلمة الأخيرة كشتيمة للحطّ من قدر مُساجله. أما في السياسة، فكان وهبة شجاعاً في دفاعه عن رئيس الجمهورية، وعن المقاومة، كما في تحميله دول الخليج (السعودية وقطر تحديداً)، من دون أن يسمّيهما، مسؤولية إنشاء تنظيم “داعش” وتمويله. هذه حقيقة نطق بها. لكنه في الحديث عن “داعش”، كما في تحميله الرياض مسؤولية قتل جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، كان يتصرّف كمعلّق سياسي لا كرئيس لدبلوماسية دولة ليس هذا موقفها الرسمي. يُضاف إلى ذلك أنه قال ما قال، فيما رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، يسعيان إلى ترتيب علاقاتهما بالسعودية.حسناً، أخطأ شربل وهبة. أخطأ، لفظياً، بحق دولة سبق أن ارتكبت، عام 2017، لا منذ عقود، جريمة خطف رئيس حكومة لبنان، واعتقاله وإذلاله وإجباره على الاستقالة. ولم تتراجع عن جريمتها إلا بعد موقف لبناني رسمي صارم، ومواقف إقليمية ودولية أجبرتها على التراجع. وحتى اليوم، لم تعتذر، ولا طلب منها لبنان الاعتذار.. ولا حتى التوضيح.السعودية (جرّت خلفها باقي دول الخليج) استدعت السفير اللبناني لدى الرياض، فوزي كبارة، لتسلّمه مذكّرة احتجاج شديدة اللهجة، طالبة القيام بما يلزم لتصحيح الأمور. ونطق سفيرها في بيروت، وليد البخاري، باسم مجلس التعاون الخليجي، ليطلب من وزير الخارجية اللبناني اعتذاراً رسمياً من دول المجلس.
الوزير وهبة كان قد أصدر بياناً اعتذر فيه عن “بعض العبارات غير المناسبة التي صدرت مني في معرض الدفاع عن فخامة رئيس الجمهورية”. وأكّد أنه لم يكن يقصد الإساءة إلى “أي من الدول أو الشعوب العربية”.
في أيّ نموذج من العلاقات بين دولتين، يمكن لحدث مشابه أن يُعدّ أزمة دبلوماسية عادية تُعالج بالطرق الرسمية المعتادة. وأول العلاج الاعتذار العلني الذي أصدره الوزير. لكن، بدا واضحاً منذ اللحظة الأولى أن الرياض تريد استغلال ما جرى بهدف إذلال لبنان. جوقة المطبّلين للمملكة زايدوا عليها حتى كادوا يعلنون الحرب على لبنان. والمفارقة أنّ غالبيتهم العظمى لهم تاريخ من التعامل الذيلي مع دول الخليج، إلى حدّ أنهم إما شاركوا السعودية عام 2017 مؤامرتها على رئيس الحكومة اللبنانية، وإما أنهم صفّقوا لها، وفي أحسن الأحوال، لاذوا بالصمت. لكنهم، وزملاءهم المنضمّين إليهم حديثاً، وعلى رأسهم المحرَّر من الريتز سعد الحريري، تعاملوا مع تصريح وهبة كما لو أنه لا سابق له في تاريخ العلاقات الدولية، وأنه مبرّر لتشديد الحصار على لبنان وطرد اللبنانيين من الخليج. بعض وسائل الإعلام المموّلة من السعودية بشّرت منذ ليل أول من أمس بأن الرياض قد تقدم على إبعاد اللبنانيين الذين يعملون على أراضيها. مرة جديدة، يجري تثبيت صفة الرهائن على هؤلاء المغتربين، وهي الصفة التي تلازمهم منذ ستينيات القرن الماضي، أيام اختارت السعودية عدواً لها يُدعى جمال عبد الناصر، وأرادت من لبنان أن يصطفّ خلفها في مواجهة القائد العربي الأول.السعودية، ومعها دول الخليج، رفضت اعتذار وهبة. طالبت بجولة إذعان وإذلال، على سفاراتها، يقدّم فيها اعتذاراً خطياً. رفض وهبة ذلك، وهو غير المتمسك أصلاً بوزارة ما كاد يدخلها حتى صارت تصرّف الأعمال في غياب فريق عمل واستراتيجية دولة.
الدولة اللبنانية قررت القيام بجولة الإذلال والإذعان، نيابة عن شربل وهبة. سريعاً بدأ البحث عن بديل له، ولو بإجراء غير دستوري: أن يعتزل العمل الوزاري، ليحلّ محله وزير الخارجية بالوكالة. لكن الوكالة بيد دميانوس قطار، الوزير الذي يرفضه رئيس الجمهورية واختلّت علاقته برئيس الحكومة حسان دياب مذ قرر أن يسبقه إلى الاستقالة. حسناً، فلتكن غادة شريم. رسا الخيار عليها، إلى أن أدخل التعديل ليلاً، واتفق الرئيسان على إسناد حقيبة الخارجية، بالوكالة، إلى الوزيرة زينة عكر.
هكذا، ببساطة شديدة، قرر لبنان الركوع للسعودية. مشكلة دبلوماسية يمكنها أن تكون عابرة، لكنه آثر الخضوع لاعتبارها “آخر الدنيا”. طبعاً، لبنان ليس الولايات المتحدة الأميركية التي يهين رئيسها ملك السعودية ووليّ عهده مراراً وتكراراً، من دون أن تطلب منه ولو توضيحاً لكلامه. وليس المتوقع، تبعاً لموازين القوى، أن تكون بيروت كواشنطن. كان المطلوب، كل المطلوب، الحفاظ على ماء الوجه، ولو قليلاً. ربما من حظّ شربل وهبة السيئ أنه أخطأ في زمن التقارب العوني السعودي ــــ بُغضاً بسعد الحريري ــــ فكان أضحية العيد غير السعيد.
- صحيفة “الجمهورية” عنونت:” رسالة عون “تعالجها أم تفجرها” .. واعفاء وهبة يطوي الأزمة مع الخليج” وكتبت تقول:” على وقع وضعٍ متوتر على الحدود الجنوبية متزامناً مع ازمة ديبلوماسية نشأت بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي بفعل موقف سلبي عبر عنه وزير الخارجية شربل وهبة وصَفه البعض بأنه ”عنصري”، رمى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كرة التكليف الحكومي في ملعب المجلس النيابي ليقرر مصيرها متّهماً الرئيس المكلف سعد الحريري بتعطيل التأليف ومخالفة الاصول الدستورية المرعية الاجراء.وفي خطوة هدفت الى استيعاب الازمة الناشئة بين لبنان ودول الخليج علمت “الجمهورية” ان وهبة طلب من رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب إعفاءه من مسؤولياته كوزير للخارجية طالما ان الحكومة مستقيلة وتصرّف الاعمال، ويبدو ان طلبه قد قُبِل وتقرر في هذه الحال ان يتسلم وزير البيئة والتنمية الادارية دميانوس قطار مهمات وزارة الخارجية بصفته وزيرا للخارجية بالوكالة.
وجّه عون أمس رسالة الى المجلس النيابي عبر رئيسه نبيه بري تناولت “العوائق أمام تأليف الحكومة الجديدة عملا بأحكام المادتين 53 (فقرة 4) و64 (بند 2) من الدستور”. وقال: “إن أسباب التأخير في استيلاد السلطة الإجرائية لا يجوز أن تبقى موضع التكهن أو الالتباس أو الاجتهاد، داخلية كانت أم خارجية، كما أنها لا يجوز أن تأسر التأليف إلى أفق زمني غير محدد فتؤبّد التصريف”. واضاف: “أصبح من الثابت أن الرئيس المكلف عاجز عن تأليف حكومة قادرة على الإنقاذ والتواصل المجدي مع مؤسسات المال الأجنبية والصناديق الدولية والدول المانحة، لوضع برامج المساعدات التي من شأنها إنقاذ الوطن النازف دما غاليا على جميع الصعد، ولا يزال يأسر التأليف بعد التكليف ويؤبده كما يأسر الشعب والحكم ويأخذهما معا رهينة مساقة إلى الهاوية متجاهلا كل مهلة معقولة للتأليف، وفي زمن أحوج ما نكون فيه إلى حكومة إنقاذ من دون أي إبطاء متعمد”. واشار الى ان الحريري “يصر حتى تاريخه على عدم التقدم بتشكيلة حكومية تحظى باتفاقنا وتتوافر معها الثقة المطلوبة من مجلس النواب وفق النص الدستوري، هذا فضلا عن انقطاعه عن إجراء الاستشارات النيابية اللازمة مع مختلف الكتل النيابية على ما هو منصوص عنه في الدستور”، كذلك اشار الى ان الرئيس المكلف “منقطع عن التشاور المستمر والواجب مع رئيس الجمهورية للاتفاق على تشكيلة حكومية تتوافر فيها ثقة مجلسكم واللبنانيين والمجتمع الدولي”.