قالت الصحف: ضياع في تحديد الأولويات ومزيد من الإجراءات العقابية بحق لبنان
الحوارنيوز – خاص
في الشكل يبدو أنه " ضياع" في تحديد الأولويات ،لكن في المضمون فإن النقاش في مسألة تأليف الحكومة لا يتعارض بالضرورة مع نقاش جدي من قبل النواب بشأن قانون إنتخاب جديد لا يخالف مندرجات الدستور ويفتح الأفق أمام تلبية مطلب هو من أهم مطالب الإنتفاضة أو الحراك اللبناني، سيما وأن ما يفصلنا عن موعد الانتخابات المقبلة لا يتجاوز السنة وخمسة أشهر (أيار 2022).
كيف قرأت صحف اليوم المشهد السياسي عشية الجلسة المقررة للهيئة العامة للمجلس النيابي والمخصصة لمناقشة رسالة الرئيس العماد ميشال عون المتعلقة بموضوع التدقيق الجنائي المالي.
• صحيفة "النهار" عنونت:" المجلس والسلطة: "العقم" أمام الانهيار" وكتبت تقول:" عروض تكاد النتيجة القاتمة التي يعاينها اللبنانيون في مشهد التخبط العشوائي الذي يضرب السلطة الحاكمة من جهة، ومجلس النواب من جهة مقابلة، تتلخص بان السلطتين التنفيذية والتشريعية تثبتان امام الازمة الوجودية التي يواجهها لبنان، انهما وجهان لعملة واحدة و"كما حنا كما حنين". فكما شكل توسل رئيس الجمهورية ميشال عون حقا دستوريا في توجيهه رسالة الى مجلس النواب حول التدقيق الجنائي المحاسبي في مصرف لبنان خطوة لا تحظى بالإلحاح الذي يريد له الحكم ان يحتل المشهد الدعائي والسياسي راهنا، فيما لا أولوية يجب ان تسبق تسهيل تشكيل الحكومة والتوقف عن زج التعقيدات المتسلسلة في طريق ولادتها، بدا افتعال اشعال حساسيات وحزازات وعصبيات لا طائل منها الان حول ملف قانون الانتخاب الوجه المكمل لهذا الإلهاء العبثي الفاقد أي جدوى. والاسوأ ان إشغال المشهد الداخلي بجلسات الثرثرة النيابية والسياسية هذا الأسبوع على خلفيات الانقسامات السياسية والطائفية، جاء في التوقيت الخاطئ تماما، اذ يكفي ان تبرز امس تحديدا مسألة مالية أساسية بالغة الأهمية والخطورة تتصل بوضع موضوع الاحتياط النقدي الأجنبي الإلزامي في مصرف لبنان على طاولة البحث والمعالجات والتحسب للآتي من الاستحقاقات الداهمة الضخمة حتى يتبين حجم العقم السلطوي والنيابي الدراماتيكي والقصور المخيف عن مواجهة الاولويات العاجلة والملحة التي تعني اللبنانيين لا الطبقة السياسية برمتها.
جلسة اللجان النيابية المشتركة التي عقدت امس للبحث في اقتراحات قوانين تتعلق بقانون الانتخاب واستقطبت حضور ما يفوق 65 نائبا، بدت اقرب الى عصف فكري في غير مكانه وتوقيته وجدواه بشهادة العديد من النواب انفسهم لجهة اتسام الجلسة ومناقشاتها بالخروج عن الأولويات الملحة التي تحتاج البلاد الى معالجتها سواء على مستوى السلطة التنفيذية الضائعة بين حكومة تصريف اعمال وحكومة قيد الاستيلاد القيصري او على مستوى السلطة التشريعية ومواكبتها للتشريعات الملحة. وبرز الانقسام العمودي حول الاقتراح الذي قدمته "كتلة التنمية والتحرير" خصوصا، الامر الذي اتخذ طابعا طائفيا في ظل المعارضة الحادة لنواب "تكتل لبنان القوي" و"كتلة الجمهورية القوية" لاي تشريع جديد لقانون الانتخاب، في ظل القانون الحالي أولا ولرفضهم الحاسم لمشروع لبنان دائرة انتخابية واحدة ثانيا. ولذا بدا طبيعيا الا تفضي الجلسة الى أي نتيجة تقريرية، وطارت الاقتراحات ورحلت الى امد غير معروف. وفي هذا السياق اثار رئيس حزب الكتائب سامي الجميل امام السفير البريطاني كريس رامبلينغ تخوفه من تأجيل الانتخابات النيابية وقال انه "يخشى ان يكون الجدل الذي احتدم في مجلس النواب حول قانون الانتخابات شد العصبيات الطائفية وحرف الأنظار عن التقصير والفشل في إدارة البلد والاختباء وراء هذا النقاش بحيث يخيف كل فريق جماعته بما يؤدي الى تأجيل الانتخابات".
مجموعة الدعم الدولية
واللافت انه وسط هذا التخبط السياسي الداخلي تبرز يوما بعد يوم التحذيرات الدولية من التأخير المتمادي في تشكيل الحكومة ولكن من دون جدوى أيضا . وامس أصدرت مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان بيانا لاحظت فيه "بقلق متزايد الازمة الاجتماعية والاقتصادية التي تزداد سؤا في لبنان " وأسفت "للتأخير المستمر في تشكيل حكومة جديدة قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة بشكل عاجل ومواجهة المحنة المتفاقمة للشعب اللبناني". وإذ حضت القادة السياسيين على تشكيل الحكومة دون مزيد من التأخير حضت أيضا حكومة تصريف الاعمال الحالية وأعضاء مجلس النواب "على تنفيذ مسؤولياتهم الانية بالكامل من خلال اتخاذ كل الخطوات البرنامجية والتشريعية المتاحة للتخفيف من الضغوط الاقتصادية التي تواجهها العائلات والمؤسسات التجارية اللبنانية".
• صحيفة "الاخبار" عنونت:" أبو ظبي تمتثل لإسرائيل: ممنوع دخول اللبنانيين" وكتبت تقول:" فيما صار ملف تأليف الحكومة عالقاً بين الشروط المتبادلة للقوى السياسية، تزداد الضغوط من الولايات المتحدة الأميركية و"إسرائيل"، وآخرها توقف دولة الإمارات عن إصدار تأشيرات لعدد من الدول، من بينها لبنان. لبنان الرسمي الذي سكت عن تسلط الإمارات على المواطنين اللبنانيين منذ سنوات، لا يزال صامتاً أمام الخطوات التصعيدية الجديدة
بعد محاولات نفي تكرّرت طوال الأسبوع الماضي، أكّدت وكالة "رويترز" الخبر اليقين بإعلانها "توقف الإمارات عن إصدار تأشيرات جديدة لمواطني 13 دولة، من بينها لبنان، وذلك استناداً إلى وثيقة صادرة عن مجمع الأعمال، المملوك للدولة". في تفاصيل الخبر، أن الوثيقة التي اطّلعت عليها "رويترز" اعتمدت على تعميم لدائرة الهجرة دخل حيّز التنفيذ في 18 تشرين الثاني الجاري. وبحسب الوثيقة أيضاً، فإن طلبات الحصول على تأشيرات عمل وزيارة جديدة تم تعليقها للمواطنين الموجودين في الخارج من 13 دولة، بما في ذلك أفغانستان وليبيا واليمن، حتى إشعار آخر. وتقول الوثيقة إن حظر التأشيرات ينطبق أيضاً على مواطني الجزائر وكينيا والعراق وإيران وباكستان وتونس وتركيا، فضلاً عن لبنان.
هذا القرار أعاد إلى الأذهان قضية المُبعدين اللبنانيين من الإمارات، وصولاً إلى حملات الاعتقال التعسفية التي يتعرّض لها اللبنانيون من دون وجه حق، أو تهم موجهة إليهم، إذ بات يُساق هؤلاء من منازلهم من دون معرفة الوجهة التي يُؤخذون إليها وتهديد عوائلهم في حال أثاروا بلبلة في هذا الشأن، حتى بات اللبنانيون هناك يعيشون في حالة ذعر. وقد باتت أعداد الموقوفين تعسفياً تزداد، وعُرِف منهم أخيراً أكثر من 14 لبنانياً، أوقفوا على دفعات بدءاً من مطلع الشهر الفائت، (راجع "الأخبار"، الخميس 19 تشرين الثاني 2020، والجمعة 20 تشرين الثاني 2020).
ليست هي المرّة الأولى التي تذهب فيها الإمارات إلى خطوات تصعيدية ضد لبنان. قبل سنوات خفضت التمثيل الدبلوماسي ورحلّت لبنانيين واعتقلت وحققت مع كثيرين وضيّقت عليهم، حتى إنه في بعض المرات وصل التهديد إلى حدّ التلويح بوقف رحلات إماراتية الى لبنان. يتكرّر هذا الأمر اليوم في ظروف بالغة الحساسية، ويأتي بعد أيام قليلة على تصريح وزير الخارجية السعودي الذي بلور للمرة الأولى منذ فترة طويلة موقف المملكة مما يجري، إذ قال إن "لدينا حالة حيث نظام الحُكْم في لبنان يركّز في شكلٍ أساسي على تقديم الغطاء لحزب الله. وهو ما يقوّض الدولةَ بالكامل. فالدولة تعجّ بالفساد وسوء الإدارة بفعل سيطرة حزبٍ عليها، هو ميليشيا مسلّحة تستطيع فرْض إرادتها على أي حكومة. ومن هنا، أعتقد أنه من دون إصلاحاتٍ هيكلية تعالج هذه المشكلة الأساسية، الأفراد ليسوا هم المسألة"، وهنا لا يُمكن فصل الإجراء الذي اتخذته الإمارات عن مسار الضغوط الأميركية لعزل لبنان. يُضاف إلى هذا العامل، عامل التحالف الاستراتيجي المعلن حديثاً بين "إسرائيل" والإمارات. قرار أبو ظبي وقف منح تأشيرات للبنانيين يأتي امتثالاً لقرار إسرائيليّ، تمهيداً لترتيبات أمنية مشتركة بين الحليفين تهدف إلى حماية الإسرائيليين الذين باتوا معفيين من شرط الحصول على تأشيرة مسبقة لدخول الإمارات. يبقى أن هذا الملف يغيب عن أولويات السياسيين اللبنانيين، الذين أهملوا في السابق هذه القضية. وفيما لم يصدر أي موقف واضح أو علني حول الموضوع، لا يتوقّع من لبنان الرسمي اتخاذ أي إجراء من باب المعاملة بالمثل أو إصدار بيان استنكار، بسبب الخنوع الدائم أمام الدول الخليجية.
لهوٌ نيابي بالتدقيق الجنائي
داخلياً، بات الواقع السياسي أسير معادلات التعطيل على خطّ تأليف الحكومة، بينما تتّجه الأنظار إلى جلسة المجلس النيابي يوم الجمعة التي ستُعقد في الأونيسكو لمناقشة الرسالة التي وجّهها الرئيس ميشال عون إلى البرلمان بشأن التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، في ضوء انسحاب شركة "الفاريس إند مارسال"، ما يؤشّر الى تجاذبات إضافية بين الأطراف السياسية. ومن المتوقّع أن يأتي الردّ على هذه الرسالة سياسياً من خلال المواقف التي ستتظهر في الجلسة، أو تشريعياً عبرَ اقتراحَيْ قانون مقدّمين، أحدهما من كتلة "التنمية والتحرير" والآخر من القوات اللبنانية. وفيما ظهرت حركة أمل في الفترة الماضية كواحد من أكثر الأطراف المحلية دعماً لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ذهبت الى هذا الخيار من دون توضيح الأسباب التي تقف خلف انسحاب الشركة المذكورة، ولا التطرق إلى الحجة التي جرى التمسك بها لعدم تسليم المعلومات، وهي السرية المصرفية. ما تقدّم يطرح تساؤلاً عمّا إذا كانت خطوة حركة أمل هي "تكبير الحجر" لتصعّب حمله، كون الاقتراح الذي تقدّمت به يطالب بتوسيع التدقيق ليطاول الوزارات والمؤسسات العامة، علماً بأن هذا الإجراء سيتطلب جهداً يمتدّ لسنوات، مع الإشارة إلى أن حسابات الدولة التي كان لوزير المالية السابق علي حسن خليل الفضل الأول في إنجازها موجودة لدى ديوان المحاسبة ولم يستكمل التدقيق بها كما كان مطلوباً منه… أم أن حركة أمل تريد إثبات ما تقوله عن أنها لا تعطّل التدقيق، وأنها مستعدة الى الذهاب بعيداً في التدقيق حتى في وزارات كانت في عهدتها في السنوات الماضية.
• صحيفة "اللواء" عنونت:" خنادق لبنانية تنتظر المجلس: لا مسيحية بوجه قانون بري" وكتبت تقول:" على حلبة "المجلس النيابي" المستعارة في الأونيسكو، بترتيبات "جائحة كورونا" دارت أوّل مواجهة انشطارية، من نوعها، في واجهتها كتلة التنمية والتحرير، التي يرأسها رئيس المجلس نبيه برّي، وعلى الواجهة المقابلة، تحالف معراب – ميرنا شالوحي، بعدما فرضت المعارضة القوية لاقتراح كتلة التنمية وضع "الحليفين اللدودين" في خندق واحد، بمواجهة "مؤامرة كبرى" يقف وراءها الرئيس برّي وحلفاؤه وفقاً لتوصيفات نواب ومسؤولين في التيار الوطني الحر و"القوات اللبنانية".
وعندما تبيّن ان النواب الذين شاركوا في جلسة عقدتها لجان المال والموازنة والادارة والعدل والدفاع الوطني والداخلية والبلديات بلغ عددهم 70 نائباً تساءل بعض الحاضرين، لماذا لم تعقد جلسة للمجلس النيابي بدل ذلك؟
الا ان نائب رئيس المجلس الذي ترأس الجلسة، قلّل من أجواء التشنج والاحتقان، في ضوء لا مسيحية كبيرة لاقتراح برّي الانتخابي، الذي يقضي بجعل لبنان دائرة انتخابية واحدة، وإلغاء القيد الطائفي بموازاة إنشاء مجلس للشيوخ..
وقالت مصادر نيابية لـ"اللواء" ان الجانب المسيحي سلّم معارضة، غير قابلة للنقاش، وحاول فرض مسلماته على الجلسة، من خلال تكريس القانون المعمول به حالياً، والذي أقرّ في العام 2017، ومن شأنه ان تجرى على أساسه انتخابات العام 2022، حسب ما أشار النائب العوني آلان عون.
وقال مصدر نيابي قريب من كتلة التنمية والتحرير لـ"اللواء": الموقف القواتي – العوني مستغرب، ومضى متسائلاً: ما المشكلة إذا سلم الجمع، بما نص عليه الطائف من وضع قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، لنقل لبنان من دولة تتآكلها الخلافات الطائفية والمذهبية إلى دولة يسودها قانون عصري، يلبي الحاجة إلى دولة مدنية، يعامل ابناؤها على قواعد المساواة والمواطنة والكفاءة..
واستهجن المصدر كيف ان مثل هذا الاقتراح أيقظ "دبابير التعصب الطائفي"، خلافاً لكل دعوة تساق من أجل دولة مدنية!.
استياء فرنسي
حكومياً، كشفت مصادر ديبلوماسية اوروبية أن المسؤولين الفرنسيين مستاؤون من تأخير تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، وأنهم نقلوا هذا الاستياء مباشرة من خلال الموفد الفرنسي ألذي زار لبنان مؤخرا وبعد هذه الزيارة لم ينقطع التواصل ولو بوتيرة اقل عن السابق مع عدد محدود من السياسيين، لمتابعة مجرى عملية تشكيل الحكومة والاطلاع عن العراقيل التي تؤخر عملية التشكيل.
واشارت المصادر الى ان هذه الاتصالات تناولت كذلك ضرورة الاسراع بتجاوز هذه الخلافات وانجاز تشكيل الحكومة على اساس المبادرة الفرنسية التي تتضمن الحلول للمشاكل التي يواجهها لبنان، مع تكرار النصائح بضرورة عدم اضاعة الفرصة الفريدة التي تتيحها المبادرة الفرنسية، لانها قد لا تتكرر مستقبلا وبالتالي يفقد لبنان احد اهم الدول الداعمة له، مع ما يترتب على ذلك من تداعيات سلبية ولحاق العديد من الدول الاخرى بها والاستنكاف عن مد يد المساعدة للبنان.
وكشفت المصادر عن آليات بديلة لمساعدة الشعب اللبناني مباشرة في حال استمر التعثر بتشكيل الحكومة العتيدة، الا انها اعتبرت ان مثل هذه الاليات لن تؤدي الى حل المشاكل التي تتراكم يوما بعد يوم، بل قد تخفف جزئيا عن معاناة الشرائح الأكثر حاجة وفقرا، ولكن في النهاية لا بد من تشكيل حكومة جديدة، تتولى ادارة السلطة والمباشرة بحل المشاكل التي يواجهها وخصوصا الازمة المالية والاقتصادية والمعيشية التي تهم اللبنانيين اولا.
وفي الداخل، أوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ"اللواء" أنه منذ اللقاء الأخير بين عون والحريري لم يحصل أي تطور حتى أن أي اتفاق على موعد جديد لم يتم وبقيت الأمور مجمدة. ولفتت المصادر إلى أن موضوع رسالة رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب لا علاقة لها بالملف الحكومي والمقصود بها وضع النواب أمام مسؤولياتهم دون معرفة سيناريو الجلسة لا سيما النقاش الذي سيدور.