قالت الصحف: صندوق النقد يمدد إقامته والأجواء إيجابية.. وكورونا مضبوط
الحوارنيوز – خاص
مؤشرات إيجابية بدت ملامحها تظهر في الأوساط العامة، فبعثة صندوق النقد طلبت الى إدارة الصندوق تمديد عملها الى منتصف الأسبوع الحالي للمزيد من دراسة الملفات وسط معلومات عن تعامل دقيق وذا مصداقية من الجانب اللبناني، أما لجهة مكافحة انتشار الكورونا، فإن لبنان ماض بإجراءاته وفق المعايير المحددة من قبل منظمة الصحة العالمية ولم تظهر إصابات جديدة حتى الآن بإستثناء مريضة وحيدة حجز عليها في مستشفى رفيق الحريري الدولي وهي بحالة مستقرة.
ورغم ذلك بقيت الصحف على مواقفها السياسية الثابتة والمسبقة!
صحيفة "النهار" عنونت:" الارتباك الحكومي بين ناري "كورونا" والخطة المالية" وكتبت تقول:" اذا كانت العناية الإلهية قد مرّرت يوماً آخر من دون تسجيل إصابات جديدة في لبنان بفيروس "كورونا" جرّاء التردّد الرسمي والحكومي غير المفهوم وغير المبرّر في وقف الرحلات الجوية بين لبنان والدول التي تفشّى فيها هذا الفيروس ولا سيما منها الصين وايران وسواهما، فإن ذلك لا يحجب في أي شكل التفاوت الكبير الذي برز في الساعات الأخيرة بين التصريحات والاجراءات "الكلامية" العلنية والاجراءات الفعلية التي لا تزال تفتقر الى اسباغ طابع الطمأنة الكافية الى مكافحة صارمة لانتشار الفيروس. والواضح كما برز في استقبال ثلاث طائرات أمس من ايران وايطاليا أن السلطات المعنية بما فيها وزارة الصحة ووزارة الاعلام تعتمد تضخيم الطمأنة والاعلان عن إجراءات متشدّدة لمراقبة الوافدين على طائرات من بلدان يتفشّى فيها الفيروس، فيما لا تزال قدرات الدولة غير كافية لإشاعة المناخ المطمئن الى الاجراءات المتشدّدة المطلوبة بدليل عدم اتخاذ قرار نهائي وصارم أسوة بمعظم الدول بوقف الملاحة الجوية لمدة قابلة للتمديد مع الدول التي ينتشر فيها الفيروس أولاً، ومن ثم عدم تنفيذ ما تلتزمه السلطات الصحية من إجراءات على غرار ما حصل أمس في مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي لدى هبوط الطائرات الثلاث الايرانية والايطالية قبل الظهر ومساءً.
ذلك أن وزارة الصحة كانت أعلنت عن تدابير لعزل الركاب الآتين من ايران وايطاليا واخضاعهم للفحوص الفورية ومن ثم توجيههم عبر ممرات خاصة في المطار الى باصات خاصة تنقلهم الى مراكز كشفية معزولة لاتمام الحجر عليهم فترة 14 يوماً. لكن الاجراءات الحقيقية اقتصرت على فحوص فورية وملء استمارات في المطار، ثم إطلاق الركاب من القاعة الأساسية للدخول من دون أي إجراءات استثنائية. ومع أن النتائج المسجلة حتى البارحة لا تزال تحصر الاصابات بفيروس "كورونا" في لبنان بالإصابة الأولى فقط، فإن هشاشة الإجراءات وتفاوت الهامش الواسع بين التضخيم والتجميل الاعلاميين الرسميين والقلق المتسع من هشاشة الإجراءات الفعلية يبقي الأزمة في تصاعد ويبقي الحكومة كلا تحت وقع الانتقادات التصاعدية. وهو أمر سيكون محور جلسة خاصة يعقدها مجلس الوزراء اليوم لدرس الاجراءات المتخذة في أزمة "كورونا" وما ينبغي اتخاذه من قرارات خصوصا في موضوع الملاحة الجوية مع البلدان التي ينتشر فيها الفيروس.
وسط هذه الأجواء، لم يغب الهمّ المالي والاقتصادي الذي يرخي بثقله على مجمل الواقع الداخلي في ظل استمرار المحادثات الجارية بين المسؤولين اللبنانيين وبعثة صندوق النقد الدولي الى بيروت. وبرز في هذا السياق موقف فرنسي متجدّد لجهة إبراز اهتمام باريس بتطورات الأزمة المالية في لبنان وهي تكاد تكون الدولة المؤثّرة الوحيدة التي تدأب على إبداء هذا الاهتمام. وفي هذا السياق نقلت وكالة "رويترز" أمس عن وزير المالية الفرنسي برونو لومير قوله للصحافيين في أبو ظبي إن بلاده تدرس خيارات مختلفة لمساعدة لبنان على التعافي من أزمته المالية ومنها برنامج لصندوق النقد الدولي إذا سعت الحكومة اللبنانية الى ذلك. وأعلن لومير أنه بحث الوضع في لبنان مع القيادة الاماراتية، وقال: "نحن مهتمون للغاية"، موضحاً أن الإمارات وفرنسا ستقرّران على نحو منفصل ما اذا كانتا ستساعدان الحكومة في بيروت وسبل ذلك.
وأضاف: "نحن (في فرنسا) ننظر في خيارات مختلفة، ربما برنامج لصندوق النقد إذا طلبت الحكومة اللبنانية واحداً… لكننا لن ندير أي جهد لمساعدة لبنان… كل دولة ستقرر بطريقة سيادية ماذا ستفعل".
كما نقلت "رويترز" عن مصدر قريب من الحكومة اللبنانية ان لبنان سيعين شركة "كليري غوتليب ستين اند هاميلتون" لتقديم المشورة القانونية في شأن سنداته الدولية، بينما يتوقع المستثمرون ووكالات التصنيف الائتماني أن يعيد البلد المثقل بالديون هيكلة ديونه.
وقال المصدر إن المسؤولين في المراحل الأخيرة لاختيار الشركة التي سيتقرر تعيينها بشكل منفصل كمستشار مالي. ولم يصدر أي تعليق حكومي رسمي على هذه المعلومات.
وكان من منتظراً أن تنتهي زيارة وفد صندوق النقد الدولي لبيروت في 23 شباط الجاري، كما كان محدداً في جدول الزيارات التي وضعها الوفد قبل وصوله الى لبنان، إلا أن البعثة أبلغت إدارة الصندوق في واشنطن مساء السبت تمديد هذه الزيارة أقله حتى منتصف الأسبوع لما تستوجبه الملفات المالية من وقت إضافي للبت وتقديم المزيد من المشورة. وفي هذا السياق، أكدت مصادر متابعة للإجتماعات أن وفد الصندوق يشدّد على ضرورة الحل الكامل وليس الجزئي، وعدم القبول بـ"الترقيع" أو بـ"إجراءات جزئية مرحلية" لمعالجة الأزمة غير المسبوقة التي يعانيها لبنان. ووصفت نتائج الاجتماعات بأنها كانت "إيجابية".
وتحت عنوان:" فرنسا تلوح بصندوق النقد" كتبت "الأخبار" يوماً بعد يوم، يزداد خطر اللجوء الى صندوق النقد الدولي. صحيح أن أحداً من القوى السياسية الكبرى في الداخل اللبناني لم يتبنّ مطلباً مماثلاً، أقله علناً، الا أن الخوف يتركز على الضغوطات الخارجية التي من الممكن أن تحثّ لبنان على الانخراط ضمن برنامج يحدّده هذا الصندوق. المخاطر الرئيسة هنا كانت متوقعة من الولايات المتحدة الأميركية، وخاصة بعد "النصيحة" التي وجهها مساعد وزير الخارجيّة الأميركيّ لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، إلى لبنان، إبان انعقاد مؤتمر "مجموعة الدعم الدولية للبنان" في باريس، في النصف الاول من كانون الاول الماضي. يومذاك، قال شينكر بوضوح إنه لا حل أمام لبنان سوى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي. لكن المفاجأة التي سُجِّلت أمس أن فرنسا لوّحت بورقة "الصندوق"، بعدما كان دبلوماسيوها يشيعون أن هذا الامر ليس من مصلحة باريس التي تعتبر أن لجوء لبنان إلى تنفيذ برنامج من إعداد صندوق النقد سيضعف نفوذها في بيروت. لكن وزير المالية الفرنسي، برونو لومير، تحدّث أمس، من أبو ظبي، عن "نظر فرنسا في خيارات مختلفة لمساعدة لبنان على التعافي من أزمته المالية… ربما برنامج لصندوق النقد إذا طلبت الحكومة اللبنانية واحداً، لكننا لن ندير أي جهد لمساعدة لبنان"، ليضيف أن "كل دولة ستقرر بطريقة سيادية ماذا ستفعل". في اليوم السابق، كان لومير في الرياض، حيث حذّر من "خلط التعافي الاقتصادي في لبنان مع الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لمواجهة إيران في المنطقة". كلام وزير المالية الفرنسي أمس فسّرته قوى سياسية لبنانية على نحو إيجابي، نظراً إلى ربطه برنامج صندوق النقد بقرار من الحكومة اللبنانية. لكن هذه الإيجابية المفترضة لا تلغي الخطورة العالية من طريقة الحديث عن "الصندوق". ورغم أن باريس هي راعية مؤتمر "سيدر"، إلا أن لومير لم يأت على ذكره. من هنا تزداد خطورة كلام الوزير الفرنسي، إذ تبدو تمهيداً للسعي إلى فرض برنامج يعدّه صندوق النقد الدولي للبنان. وهذا البرنامج لا صلة له بالمهمة "التقنية" التي يقوم بها وفد من الصندوق في بيروت حالياً، والتي تبدو أشبه بالمهمة الاستطلاعية. فبرنامج صندوق النقد يعتمد على "وصفة جاهزة" ستدفع لبنان باتجاه بيع ما تملكه الدولة (لدائنيها خاصة) وخفض رواتب العاملين في القطاع العام مع تعديل النظام التقاعدي لهؤلاء، وزيادة الضريبة على القيمة المضافة مع إلغاء جميع الاستثناءات، بما فيها المواد الغذائية والأدوية، وفرض رسم اضافي يعادل 5000 ليرة على كل صفيحة بنزين، وزيادة تعرفة الكهرباء، وغيرها الكثير من الشروط التي ستسهم في مضاعفة الأزمة الاقتصادية عوضاً عن حلّها.
في موازاة ذلك، عقد وفد صندوق النقد عدة اجتماعات يوم أمس بالتزامن مع عزم لبنان على اختيار شركة "كليري غوتليب ستين اند هاملتون" لتقديم المشورة القانونية في شأن امتناعه عن دفع سندات اليوروبوندز وسعيه لإعادة جدولة الدين، فيما قالت مصادر لـ"رويترز" إن "المسؤولين في المراحل الأخيرة لاختيار الشركة التي سيتقرر تعيينها بشكل منفصل كمستشار مالي". وكان وفد الصندوق قد التقى أمس رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان ورئيس لجنة الخارجية النائب ياسين جابر. وقالت مصادر مطلعة لـ"الأخبار" إن الوفد "لم يطرح أي حلول، بل اقتصرت مهمته على الاستماع إلى النائبين، على أن يستخدم المعطيات لتقديم المشورة التقنية". وفي هذا السياق، قدم كنعان جردة مفصلة بالتوصيات التي أصدرتها لجنة المال منذ 10 سنوات وما أقِرّ منها، إضافة الى التخفيضات الكبيرة التي فرضتها على الموازنات فضلا عن إعادة تكوين الحسابات المالية وتدقيقها. من جانبه، اكتفى الوفد بعرض نماذج عن بلدان عانت من التدهور الاقتصادي نفسه، كما لبنان، والخطة التي وضعت لإنقاذها.
صحيفة "الجمهورية" عنونت:" استنفار عام لمواجهة "كورونا" .. وجواب صندوق النقد بعد أيام" وكتبت:" همّان ثقيلان يزداد ضغطهما على مدار الساعة اللبنانية، ويسيران على خطين متوازيين. في الخط الاول، يكمن فيروس "كورونا" للبنانيين، مُحدثاً حالة غير مسبوقة من القلق والخوف في بلد يعاني الأمرّين على كل المستويات، وهذا يتطلب بالدرجة الأولى اتخاذ إجراءات وقائية شاملة، واعلان حالة طوارىء صحية أسوة بسائر الدول التي ابتليت بهذا الزائر الخبيث، وليس بالتحرّك تحت تأثير الصدمة، والاكتفاء بمحاولات رسمية متواضعة لاحتوائه ومنع تَفشّيه في الأرجاء اللبنانية. وأمّا في الخط الثاني فيبقى الهمّ الاقتصادي والمالي في مربع الخطر الشديد، والخطوات العلاجية والانقاذية الموعودة من الحكومة لم تظهر بعد، علماً انها لم تتلمّس بعد كيفية حسم مسألة سندات "اليوروبوندز"، التي يبدأ استحقاقها في الثلث الاول من آذار المقبل.
على صعيد أزمة الـ"كورونا"، فإنّ لبنان يسير بإمكانات واجراءات متواضعة في مواجهة هذا الفيروس. في المطار اجراءات وفحوصات احترازية، خصوصاً للوافدين من دول مثل ايران، وعلى الحدود مع سوريا اخضاع للعابرين في اتجاه الاراضي اللبنانية لفحوصات دقيقة.
وقد بقي تفشّي هذا الفيروس محصوراً بحالة وحيدة هي السيدة الآتية من مدينة قم الايرانية، والتي أعلنت اصابتها قبل ايام، فيما كرّر وزير الصحة حمد حسن دعوته المواطنين الى عدم الهلع، مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة، حيث لم تسجّل أي اصابة اخرى. وطمأن الى انّ "الاجراءات التي اتخذت في مطار رفيق الحريري الدولي سابقاً وحالياً ولاحقاً، مسؤولة وتتم بتنسيق مباشر مع منظمة الصحة العالمية وأثنت عليها المراجع المختصة. والاجراءات التي نتخذها مع الطائرة الايرانية والايطالية هي إضافية تضمن عدم انتشار الوباء اذا وُجد".
هذا الامر سيكون محور جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية التي ستعقد اليوم لاتخاذ إجراءات مواجهة هذا الفيروس. وقالت مصادر وزارية لـ"الجمهورية" انّ من بين الافكار المطروحة لجلسة مجلس الوزراء، التشدد في استقبال الطائرات الآتية من مطارات دول منكوبة بالكورونا، الى حد الوقف المؤقت للسفر ذهاباً وإياباً الى تلك الدول.
في الجانب الآخر للأزمة، انتهت مهمة صندوق النقد الدولي في بيروت، وكان له نشاط مكثّف في الساعات الاربع العشرين الماضية، أبرزه غداء عمل جمعه مع رئيس الحكومة حسان دياب، وكذلك لقاء نيابي جمعه مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب النائب ياسين جابر ورئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان.
وقالت مصادر متابعة لمهمة وفد صندوق النقد إنّ الجواب عن الطلب اللبناني سيظهر في غضون ايام، حيث قرّر الصندوق تقديم اقتراحاته خلال اسبوع من اليوم بعدما اطّلع على كامل المعلومات التي كان يريدها من المعنيين ليبنى على الشيء مقتضاه. بحيث ستبدأ المرحلة الثانية من مهمة البعثة لجهة تحديد الخطوات التي من الواجب اتخاذها للخروج التدريجي من الأزمة القائمة كما يراها الصندوق.
وقالت مصادر السراي الحكومي لـ"الجمهورية": انّ الاجواء العامة للنقاشات والمباحثات مع وفد صندوق النقد، لم تخرج عن السياق الايجابي، بل كانت صريحة بحثت فيها جملة أفكار كلها تصبّ نحو اتخاذ خيار يراعي مصلحة الجميع.