قالت الصحف: “صفقة القرن”… بين الرفض والخنوع والصمت
الحوارنيوز – خاص
على هوى الموقع السياسي للصحف كانت الإفتتاحيات اليوم والتي تناولت الإعلان الأميركي الإسرائيلي عمّا عُرف ب "صفقة القرن".
صحف عمدت للتغطية دون تعليق أو موقف، وصحف حللت المخاطر والتداعيات على القضية الفلسطينية وعلى لبنان كدولة معنية بالصراع العربي الإسرائيلي ونتائجه ،وصحف سوقت للصفقة كأنها مصلحة لبنانية!
صحيفة "النهار" عنونت:" صفقة القرن … رقص على أنقاض فلسطين" ونقلت وقائع المؤتمر الصحافي للرئيس رونالد ترامب وقدمت لإفتتاحيتها الإخبارية بالتالي:" بعد طول انتظار وأمام جمهور مؤيد لإسرائيل وفي أجواء احتفالية طوال ساعة، أعلن الرئيس الاميركي دونالد ترامب وإلى جانبه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الابيض تفاصيل "صفقة القرن". وأوضح أنها تشمل قيام دولة فلسطينية مكبلة بالشروط، بعد مرحلة انتقالية تستمر أربع سنوات، وأن إسرائيل وافقت على تجميد الاستيطان خلال هذه المرحلة. وأكد أن القدس ستبقى العاصمة الموحدة للدولة العبرية".
صحيفة "الأخبار" عنونت:" صفقة لقرن شكرا دونالد ترامب وكتبت تقول:" أجمع الفلسطينيون بقلب رجل واحد على رفضهم "صفقة القرن"، وقرارهم مواجهتها بشقّيها السياسي والاقتصادي مهما كلف الأمر. المشهد حتى أمس كان متابعاً لإعلان الصفقة التي احتاج عرضها وفهمها إلى ساعات من بعد مؤتمر دونالد ترامب، واقتصر الوضع الميداني على مسيرات في الضفة وغزة، وعقد اجتماع طارئ في رام الله بمشاركة لافتة من "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، في وقت سارعت فيه إسرائيل إلى إعلان جملة تسهيلات اقتصادية لغزة نُظر إليها على أنها محاولة لشراء الهدوء. لكنّ ما أوجع الفلسطينيين أكثر هو الخيانة العربية الواضحة، ليس بالمشاركة في المؤتمر أو المواقف العلنية المرحبة بالصفقة فحسب، بل بظهور الأيادي العربية في صياغة بنود الخطة الأميركية، بل تمويلها بالمليارات!
لأول مرة منذ سنوات، تَجمع "فتح"، ورئيسها، محمود عباس، الفصائل كافة في اجتماع قيادي في رام الله. شاركت كل من "الجهاد الإسلامي"، و"حماس" التي دعيت إلى الجلسة بصورة علنية في خطوة ثمّنتها، مؤكدة حضور ممثليها على رغم أن الدعوة لم تأتِ بمخاطبة رسمية، بل جرى الاتصال بأشخاص محددين. مع هذا، دعت "حماس" عباس إلى "حمل الراية وتوحيد الشعب الفلسطيني ومقاتلة ومواجهة الاحتلال معاً"، مؤكدة أن "بنادقها وجماهيرها مقدمة لإسقاط الصفقة". كما هاتف رئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، رئيس السلطة، مبدياً جهوزية حركته "للعمل المشترك سياسياً وميدانياً". على رغم حضور الفصائل كافة، قالت "الجهاد" إن تلبية الدعوة "ليس معناها أن هذا الاجتماع بديل من الدعوة التي أجمعت عليها القوى لعقد لقاء وطني يحضره الأمناء العامون للفصائل، لوضع استراتيجية مواجهة شاملة"، فيما دعت "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" إلى "تحويل قرارات الاجتماع الوطني إلى إجراءات عملية تتلاءم مع توقعات الشارع الفلسطيني والعربي، وليس مجرد قرارات كما حدث سابقاً". كذلك، رأت "حماس" أن ما أعلنه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ورئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، هو "برنامج وخطة ثنائي محور الشر في المنطقة، ووُجهته تصفية القضية الفلسطينية… هذا الإعلان سيكون مدعاة لتفجير الصراع".
في كلمته، أعلن أبو مازن رفضه للصفقة ووصفها بـ"المؤامرة"، وقال في تكرار لمواقف سابقة لم تنفذ: "سنبدأ فوراً اتخاذ كل الإجراءات التي تتطلب تغيير الدور الوظيفي للسلطة الوطنية، تنفيذاً لقرارات المجلسين المركزي والوطني"، مضيفاً: "القدس ليست للبيع، وكل حقوقنا ليست للبيع والمساومة".
صحيفة "نداء الوطن" عنونت:" ترامب يوحد الفلسطينيين … والتوطين يخيم على لبنان" وجاء في إفتتاحيتها:" بعد عقود من المتاجرة بفلسطين وقضيتها على مذبح تقاطع المصالح الإقليمية "المُمانعة" التي جعلت من كل مشاريع تخريب المنطقة العربية تمرّ بطريق "تحرير القدس"، ها هي طريق القدس باتت تمرّ من تل أبيب وها هو الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد حدّد "تسعيرة فلسطين" بخمسين مليار دولار، عارضاً إياها للبيع في مزاد "الفرصة الأخيرة"… هو لم يترك الخيار حتى إلى أهل الأرض بل جيّرها نيابةً عنهم على الخريطة إلى صديقه "بيبي"، في مؤتمر صحافي طغى عليه الطابع الاحتفالي بصفقة من "لون واحد"، تضع الفلسطينيين أمام خطة "شالوم" أميركية تتبنى "سلام" الأمر الواقع الذي تريده إسرائيل "بعاصمتها القدس غير المقسّمة".
عملياً، نزعت واشنطن أمس قفازات "الوسيط" في عملية السلام ونفضت يدها من "حل الدولتين" لتضعها بيد تل أبيب، كطرف منحاز إلى الشروط الإسرائيلية من دون أي مواربة أو التباس على طاولة المفاوضات، وما على الفلسطينيين إلا الرضوخ لهذه الشروط ضمن إطار "صفقة" وضعها ترامب، في إطار ما وصفه بـ"الخطوة الكبيرة نحو السلام وإنهاء المغامرات الإقليمية ومواجهة الإرهاب والتطرف الإسلامي في شرق أوسط يتغيّر بسرعة".
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي لم يكفّ عن التصفيق طيلة المؤتمر الصحافي في واشنطن محتفياً بإبرام "الصفقة"، فقد تعامل مع الحدث بوصفه إنجازاً "توراتياً" يشرعن السيطرة الإسرائيلية على الأرض، ليؤكد في هذا السياق العزم على استثمار هذه "الصفقة" في معاركه الداخلية، عبر رفعه لواء تكريس ضم الضفة الغربية والاستحواذ على غور الأردن تمهيداً للمضي قدماً في تطبيق الخطة "بصرف النظر عن الموقف الفلسطيني".
أما على الضفة الغربية المقابلة، وعلى قاعدة "المصيبة تجمع"، فقد اجتمع شمل الفصائل الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس على رفض "صفعة العصر" كما وصفها عباس، مع التشديد على كون "القدس ليست للبيع" وأنّ "مخططات تصفية القضية الفلسطينية لن تمر"، كاشفاً عن اتفاقه مع رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" اسماعيل هنية على عقد اجتماع في قطاع غزة، لإعلان موقف موحد في مواجهة خطة ترامب والشروع في "مرحلة جديدة من العمل الفلسطيني المشترك"، وسط إشارته في الوقت عينه إلى أهمية التمسك بالمفاوضات على أساس الشرعية الدولية "لكن الأهم ماذا سنفعل نحن على الأرض".
لبنانياً، تتجه الأنظار خلال الساعات المقبلة إلى سيل الردود المتوقعة إزاء "صفقة القرن" لا سيما لناحية مقاربة خطر التوطين المتأتي عنها، في وقت توقعت مصادر مطلعة لـ"نداء الوطن" أن ينضم هذا الخطر إلى قائمة المخاطر التي ستواجه حكومة حسان دياب، وهو ما قد يفرض تعديلاً في فهرس بيانها الوزاري لتأكيد التمسك بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم، متوقعةً في حال تطورت مواقف أفرقاء الحكومة إزاء التنديد بالسياسة الأميركية أن تنزلق نحو اعتبارها أميركياً "حكومة ممانعة ومواجهة" مع الولايات المتحدة، ما قد ينعكس سلباً على مساعيها الرامية إلى طلب مساعدات أميركية ودولية للبنان، خصوصاً إذا ما تمّ التعامل مع موقفها على أنه انعكاس لموقف "حزب الله" الراعي الرسمي لتشكيلتها، والذي استهل أمس بيانه بالتنديد بـ"إدارة ترامب المتوحشة"، وبالتشديد على أنّ "صفقة العار" التي أطلقتها هذه الإدارة "الشيطانية" ستكون لها "إنعكاسات بالغة السوء على مستقبل المنطقة وشعوبها".