قالت الصحف: صراع على الخطة المالية فمن المسؤول عن الإفلاس ومن سيدفع الثمن؟
الحوارنيوز – خاص
التباينات حيال مضمون الخطة المالية الإنقاذية يعود إلى إختلاف الرؤى لجهة من سيدفع ثمن "التفليسة" التي بلغها لبنان وومصارفه على حدّ سواء.
الخطة المالية، ما زالت الموضوع الرئيسي للصحف الى جانب قضايا أخرى لا تقل أهمية.
كيف عكست الصحف هذه القضايا في إفتتاحياتها؟
• صحيفة "النهار" عنونت:" مساعدات الفقراء تائهة… ومساعدات الجيش مستمرة" وكتبت تقول:" حتى المساعدات الاجتماعية للعائلات الاشد عوزاً وأكثر فقراً، يدخلها السياسيون ومن لف لفهم من نقابات ومؤسسات في زواريب السياسة الضيقة ليسرقوا منها ما امكن، بعدما قضوا على اموال الخزينة العامة، وافرغوا الصناديق، وضيعوا ودائع الناس، وحرموهم التمتع باموالهم وتعليم ابنائهم في الخارج. المشكلة تكمن في ان الاحزاب المشاركة في الحكومات المتعاقبة، اليوم وفي الامس القريب، تعمد الى التشكيك في الوزارات ومؤسسات الدولة وفي الداتا الموجودة لديها، علما انها اذا كانت تحوي اخطاء فانها نتاج تراكم الاخطاء المقصودة والتوظيفات العشوائية والمحسوبيات. والحال ان المواطن اللبناني، الفقير على وجه التحديد، يدفع باستمرار ثمن الاخطاء. واذا كان قرار قيادة الجيش التمهل في اطلاق عملية بدء توزيع المساعدات التي كانت مقررة اليوم، الى تاريخ لاحق، ريثما تتم تنقية اللوائح المختلفة المجمعة من اكثر من مصدر، فان اقحام الجيش في اللعبة التي تتجاوز دوره في التوزيع لانه الاكثر صدقية وتنظيما، تدخله في الحسابات الصغيرة الحزبية والمذهبية، اذ ان كل عملية مماثلة لا ترضي معظم الاطراف. التوزيع سيشمل 180 الف عائلة بمبلغ 400 الف ليرة لكل منها، علما ان "داتا" برنامج الفقر في وزارة الشؤون الاجتماعية لا يضم الا نحو 20 الف اسم، اضيف اليها عدد مماثل بحيث لا يبلغ العدد الخمسين الفا. وقد اضيف الى اللوائح في دوائر مجلس الوزراء اكثر من مئة الف من وزارات ومؤسسات ونقابات لم يتم التدقيق فيها ما خلق مشكلة تحتاج بعض الوقت لتلافي الوقوع في فخاخها.
واذا كان الاعتماد قائما على الجيش في مساعدة الاكثر حاجة، فان المساعدات للجيش اللبناني لا تزال قيد المتابعة والمراقبة، وتسعى اكثر من جهة سياسية في الداخل والخارج، الى "تعطيل" الامداد الاميركي للجيش لاخراجه من الموقع الذي حدده لنفسه، واستقر في دائرته، فيلجأ الى طلب المساعدات والهبات من جهات اخرى تكون قادرة على التحكم بقراره بطريقة مغايرة.
وفي هذا الاطار، يتحدث مصدر وزاري سابق قريب من مصادر اميركية مطلعة لـ"النهار" عن مصالح البعض التي تلتقي مع الاهداف الاسرائيلية التي تعمل في هذا الاتجاه. ويشير الى فريقين لبنانيين الاول يراهن على استمرار الدعم الاميركي للجيش لأنه الامل الوحيد لإنقاذ البلد، والثاني يدفع بالاتجاه المعاكس. ويؤكد استنادا إلى مسؤولين حاليّين في البيت الأبيض والبنتاغون، ان الولايات المتحدة الاميركية قد تبادر في أي وقت إلى إعادة النظر في المساعدات التي تقدّمها للجيش اللبناني. لكن مثل هذه الخطوة ستكون سلبية على الدور الأميركي في لبنان والمنطقة، إذ ستطلق يد روسيا وإيران في لبنان ما يناقض استراتيجية واشنطن. كما أن أي مسّ بهذه المساعدات يؤثر على دور الجيش اللبناني وعلى الرهان عليه في لحظة ما، وهو رهان يتزايد يوما بعد يوم.
ويضيف: تبعثُ وزارتا الدفاع والخارجية الأميركيتان بتطميناتٍ دوريّة إلى قيادة الجيش اللبناني حول استمرارِ الدعمِ العسكريِّ الأميركي، ويُرافق ذلك ثناءٌ على دورها وعلى تفوّقِ الجيش في استخدام الأنظمة العسكرية الجديدة وتطويرها. فالإدارةُ الأميركيّةُ، على العموم، تعتبر أن الحفاظَ على الجيش هو ضمانُ بقاءِ الكيان اللبناني وخشبة الخلاص في حال استمرّ انهيارُ المنظومة السياسيّة والمؤسّسات الأخرى. ويلتقي موقف وزارتي الدفاع والخارجية مع موقف فريق السفارة الأميركية في لبنان، وإن كان موقفُ السفيرة الجديدة، دوروثي شيا، سيكون أكثر تشدّداً في الفترة المقبلة.
رغم ذلك لا يرتدع الفريق المناهض للسلطة اللبنانيّةَ الحالية في الإدارة الأميركية عن استغلال أي حدث من أجل الضغط على إدارة الرئيس دونالد ترامب لوقف برنامج المساعدات المالية والعسكرية للجيش اللبناني. ويعتقد هذا الفريق أن ترامب سيعيد النظر في عدد من المساعدات التي تقدمها بلاده إلى دول صديقة بعد التكاليف التي تكبدتها الخزينةُ الأميركية في مواجهة وباء كورونا (ألفا مليار دولار أميركي)، ويراهن على أن يكون البرنامجُ العائد إلى الجيش اللبناني أحدَ ضحايا هذا التقشف.
يذكر انه منذ العام 2010 قدّمت واشنطن مساعدات عسكرية للجيش اللبناني بقيمة مليار وثمانمئة مليون دولار. لكن الإدارة تلمس أن الحكم في لبنان يتّبع سياسة لا تساعد البنتاغون في الدفاع عن الجيش اللبناني أمام إدارة ترامب لأن هذه السياسة تكاد تتماثل مع "حزب الله" عوض أن تحدّ من سيطرته.
في المقابل، تتحرك إسرائيل كثيرا في هذه المرحلة لتعديل الموقف الأميركي الإيجابي، حتى الآن، تجاه الجيش اللبناني. وتدّعي إسرائيل أن هذا الجيش لم يقم بأي جهدٍ لمنع وصول العتاد إلى "حزب الله" حتى صار يملك نحو 150000 صاروخ، وأنه تمكّن أخيرا من الحصول على أجهزة تقنية متطورة، لاسيما أجهزة التحكّم بقيادة الصواريخ وتصويب إطلاقها لكي تصيب هدفها. ويذكر تقرير "وان ديفانس" أن عسكريّين أميركيّين زاروا بيروت، قبل تفشي وباء كورونا، وأبلغوا الإدارة أن الجيش ينسق في الجنوب مع "حزب الله" ضد إسرائيل، وأن عناصر الحزب يتحرشون دوريّا بالقوات الدولية.
وفيما يؤكد فريق في الإدارة الأميركية أن التنسيق كان على أشدّه بين الجيش و"حزب الله" في معركة الجرود سنة 2017، وضع مكتب المحاسبة الحكومي في واشنطن (Government Accountability Office) تقريرا في كانون الأول 2019 يذكر فيه حرفيّا أن "لبنان هو البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي طرد داعش من أراضيه من دون مشاركة القوات البرية الأميركية". كما أن الإدارة الأميركية قدّرت موقف الجيش من الانتفاضة الشعبية التي حصلت في 17 تشرين الأول، وأنه لم يعطِ آذانه لـ "حزب الله" الذي كان يريد منه أن يقمع التظاهرات السلمية.
إذا كان مؤيدو الجيش اللبناني في البنتاغون ما زالوا أقوياء وضغطهم هو الراجح، فان التطورات المالية والانتخابية في أميركا من شأنها أن تضعف موقفه خصوصا أن وتيرة تسليح إيران لـ "حزب الله" مستمرة. ففي النصف الثاني من آذار الماضي وجد صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية الأخرى صعوبةً في إقناع الخزانة الأميركية بمساعدة إيران وسوريا ولبنان لتجتاز الأزمة الصحية، إذ وضعت واشنطن فيتو على طهران ودمشق وشروطا على بيروت.
في السياق نفسه، ومن أجل تخطي شروط البيت الأبيض والخزانة، عمد البنتاغون إلى وضع البند التالي في موازنة سنة 2020: "الهدف من المساعدات للجيش اللبناني هو تعزيز مهنيّته ليتمكن من خفض التهديدات الخارجية والداخلية للقوى غير الشرعية ومنها حزب الله". واضحٌ أن ما يهم أميركا هو أن يكون الجيش قويّا ضد "حزب الله" لا معه لأن الاستراتيجية الأميركية الحالية تقوم على الاتكال على الجيوش المحلية في المنطقة لحفظ الاستقرار الشرعي لكي تتفرغ هي للصراع مع الصين وروسيا وكوريا الشمالية.
واللافت أن هناك فريقا أميركيّا يريد أن يضع الجيش اللبناني في "بوز المدفع" في وقت وضع مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن (CSIS) دراسة تؤكد أن "حزب الله" هو أكبر قوة غير حكومية في العالم وأن الإسرائيليين يعتبرون ان قدراته العسكرية تفوق قدرات بعض الدول الأوروبية.
• صحيفة "الأخبار" عنونت:" ما يجب التمسك به في لخطة: إطاحة رياض سلامة" وكتبت تقول:" على الـ"هيركات" لا تجوز الرحمة. أصلاً، هي لم تولد لتموت وليُلبّى طلب رئيس مجلس النواب نبيه بري بقراءة الفاتحة عليها. اقتراح بري بتلاوة الفاتحة لروح مشروع قص الودائع بدا أشبه بالتفاخر، إذ ربط بينه وبين مشروع القيود على رأس المال (كابيتال كونترول) الذي اقترحه وزير المال غازي وزني، ثم ادخل عليه رئيس الحكومة حسان دياب تعديلات جوهرية، قبل ان يُعلن بري رفض المضيّ به. ورغم أن الـ"هيركات" والـ"كابيتال كونترول" باتا أمرا واقعاً نتيجة السرقة التي يستمر أصحاب المصارف ورؤساؤها التنفيذيون بارتكابها، برعاية سياسية رسمية، إلا ان الاولى ليست كالثانية. مشروع الـ"كابيتال كونترول" لم يكن سوى اقتراح من قبل جمعية المصارف، لم يؤدّ فيه وزني سوى دور ساعي البريد. اما اقتراح الـ"هيركات"، فلم يتبلور بعد. ظهر معارضوه، لكن لم يرفع احد يده ليقول إنه صاحبه. أصلاً، هو لم يصبح مشروعاً بعد. ما جرى في الايام التي تلت تسرّب مسودة الخطة المالية للحكومة، هو ان المصارف وشركاء أصحابها ورعاتها شنوا هجوما استباقيا ناجحا وفعالاً، ضد الـ"هيركات"، وصوّروا للمودعين الذين بُدِّدت ودائعهم أن اموالهم المنهوبة ستتعرض للقص.
سقطت فكرة الـ"هيركات". لا بأس بذلك. "اهضم" ما يُقال لمعارضة الفكرة، هو إن بديلها يكمن في "استعادة الاموال المنهوبة". وهل من طريقة أسرع من قص الودائع لاستعادة المال المنهوب؟ هل يتخيّل أحد أن المال المنهوب مكدّس تحت الأسرة أو في مستودعات؟ غالبيته العظمى مودع في المصارف، وفي عقارات، وفي أسهم. لكن لا بأس في إسقاط فكرة الـ"هيركات"، وهلمّوا بنا إلى استعادة المال المنهوب.
ثمة مال منهوب ليس بحاجة إلى تدقيق، ومصادرته ممكنة فوراً، سواء لصالح الخزينة، أو لصالح صغار المودعين:
- اموال الهندسات المالية التي سُرِقت من اموال المودعين والمال العام الموضوع في عهدة مصرف لبنان.
- الفوائد التي دفعها رياض سلامة للمصارف (قدّرها توفيق كاسبار بـ6 مليارات دولار في العام الماضي وحده، وعلى الاموال المودعة بالدولار حصراً)، والتي سُرقت أيضاً من اموال المودعين ومن المال العام.
- الفارق بين معدّل الفوائد في لبنان على الودائع ومعدلات الفائدة في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا. وهذا الفارق قدّره سمير ضاهر بـ16 مليار دولار للفترة الممتدة حصراً من عام 2016 إلى عام 2019، وهي سُرِقت من أموال المودعين أيضاً.
- جميع أرباح المصارف المحققة، وتحديداً تلك الموزعة على مالكيها والمحوّل جزء كبير منها إلى الخارج، والمسروقة أيضاً من اموال المودعين والمال العام.
- سوليدير. هذا المال العام المنهوب، الذي مدّدت حكومة فؤاد السنيورة الاولى عملية نهبه لعشر سنوات إضافية تنتهي عام 2029، ولا يحتاج الأمر لاكثر من قانون "بسيط" في مجلس النواب، او مرسوم "بسيط" يُصدره مجلس الوزراء.
- الاملاك العامة المسروقة، وأولها الاملاك البحرية، المعروفة والمحددة رسمياً، والتي توجب القوانين استعادتها فوراً.
ما تقدّم هو غيض من فيض الأموال المنهوبة التي لا تحتاج إلى تدقيق. التدقيق الوحيد الذي تحتاجه يهدف إلى تحديدها لا اكثر، لتداخل بعض بنودها. اموال منهوبة، تغني عن الـ"هيركات"، إذا ما أضيفت إليها ضريبة على الثروة، لا تشمل المال المودع في المصارف وحسب، بل سائر الأصول، وعلى رأسها العقارات.
وبعيداً عن الـ"هيركات" الذي لم تتضمنه صراحة مسودة الخطة الحكومية، ورغم كل الملاحظات التي يمكن إيرادها بشأنها، ثمة في هذه "الخطة" ما ينبغي التمسك به، لاهميته:
1- هي الوثيقة الرسمية الاولى التي تقدّر خسائر مصرف لبنان، إذ حددتها بأكثر من 42 مليار دولار. وقدّرت ارتفاعها إلى اكثر من 63 مليار دولار بعد إعادة هيكلة الدين الحكومي وديون الدولة التي يحملها مصرف لبنان. ولا تشمل هذه التقديرات الخسائر التي ستنجم عن إعادة هيكلة القطاع المصرفي. ببساطة، هي الورقة الاولى التي يجب استخدامها للإطاحة برياض سلامة. صحيح ان القانون يمنحه حصانة تحول دون إقالته قبل انتهاء ولايته، إلا أن القانون نفسه يتيح تغييره في حال ارتكابه للجرائم، أو عندما يثبت عدم اهليته للقيام بواجباته. وإذا جاز التغاضي عن كل ارتكاباته، فإن مسودة الخطة المالية، وخاصة لجهة تحديد خسائر مصرف لبنان، هي دليل على ان سلامة لا يتمتع بالكفاءة اللازمة للاستمرار في عمله. الاولوية يجب ان تكون لإقالته من منصبه، والبدء بمحاسبته. هذه بديهية. ولانه يعي تماماً خطورة ما ورد في مسودة الخطة، أصدر سلامة أمس بياناً يزعم فيه ان خسائر مصرف لبنان ليست خسائر. تعمّد الإكثار من استخدام تعابير تقنية وقانونية، ليقول إن المصارف المركزية في العالم (ذكر كأمثلة الولايات المتحدة الأميركية والمصارف المركزية الاوروبية وكوستاريكا والبيرو وتايلند…) ترحّل خسائرها إلى السنوات اللاحقة، إذ ستكون قادرة على تعويضها. قال بوضوح: "لا يعتبر مصرف لبنان أن هذه المبالغ هي خسائر. فهي مبالغ مدورة ومطفأة بمداخيل مستقبلية". لكنه لم يذكر مصدر المداخيل تلك، متجاهلاً واقع الانهيار، وما ورد في الورقة المالية الحكومية: إن خسائر مصرف لبنان تفوق مجمل الناتج المحلي اللبناني، و"هو ما لا يمكن مقارنته بأي حالة أخرى في العالم"!
2- للمرة الاولى يرد في وثيقة رسمية اقتراح شطب رساميل المصارف، لاستخدامها في تعويض الخسائر. والحديث هنا عن شطب كامل الرساميل، لا جزء منها وحسب، ما يعني، عملياً، نهاية ملكية أصحاب المصارف الحاليين لها. من الثابت ان المصارف اللبنانية مفلسة. لكن المفاجئ هو ورود هذا الاقتراح في وثيقة رسمية، ما يوجب التمسك به، ثم الانطلاق نحو خطوة أخرى لا تقل اهمية: تحميل أصحاب المصارف، بثرواتهم الخاصة، مسؤولية تعويض اموال المودعين التي نهبوها عبر الأرباح الطائلة التي حققوها. وقد نشر الزميل محمد زبيب امس على صفحته على "فايسبوك" جدولاً يُظهر أن المصارف وزّعت أرباحاً على مالكيها بلغت 7.2 مليار دولار في ثماني سنوات فقط (2011 – 2018)، هي الفترة الاكثر قتامة في تاريخ الاقتصاد اللبناني، والتي وُضعت فيها أسس الانهيار الذي ظهر بدءاً من صيف العام 2019. ولإزاحة الانظار عن هذه الوقائع الصادمة لجهة لاعدالة توزيع الثروة والمداخيل، بدأت المصارف هجومها الاستباقي رفضاً لـلـ"هيركات"، وستستكمله ببيان جرى تسريب مسودته امس، تحت عنوان "عن القرش الأبيض واليوم الأسود"، تنكر فيه نكراناً تاماً أي مسؤولية لها عن الانهيار. حتى مسألة حجز اموال المودعين وسرقتها، يتعامل معها بيان جمعية المصارف كما لو انها قضية هامشية، وتتحمّل مسؤوليتها السلطة السياسية. لكن في مسودة البيان عبارة تحمل الكثير من الصدق: "لأن الحل لأزمة السيولة الحادة، كما سببها، هو أولاً سياسي…". ليس أصحاب المصارف ممن يدمجون، في خطابهم، السياسة بالاقتصاد. على العكس من ذلك، هم يفرّقون، كلامياً بينهما. يقولون، كذباً، إن السياسة شيء والاقتصاد شيء آخر. وبناءً على "سياستهم" هذه، يمكن القول ان عبارتهم هي الأصدق، ليس في بيانهم وحسب، بل في "مسيرتهم" كلها. هم يعترفون بهذه العبارة انهم جزء من الادوات التي يجري استخدامها، لخنق البلد اقتصادياً، من اجل تقديم تنازلات سياسية.
3- ما يجب التمسك به أيضاً من مسودة الخطة المالية، هو شطب جزء من الديون. التمسك به، للمطالبة بما هو أكثر: شطب كامل للديون التي تحمّلها لبنان لأسباب خارجة عن إرادة شعبه.
ما يدور حالياً هو معركة تحميل الخسائر الناجمة عن السياسات المعتمدة منذ ما قبل الحرب الاهلية. وكما تحمّلت الفئات الأضعف في المجتمع كلفة تراكم ثروات الذين أثروا، يُراد اليوم تحميلهم عبء الخسائر. هنا لب المشكلة، ولهذا تجري شيطنة مسودة الخطة كاملة، علماً بأن فيها من الشياطين الكثير.
• صحيفة "الجمهورية" عنونت:" الهيركات يفجر خلافات بين أهل السلطة ومصرف لبنان يشن هجوما مضادا" وكتبت تقول:" …وفيما نعى رئيس مجلس النواب نبيه بري الهيركات داعياً الى قراءة الفاتحة عليها بعد دفن "الكابيتال كونترول"، شنّ رئيس الحكومة حسان دياب هجوماً دفاعياً مستغرباً "الحملة السياسية التي تعرضت لها الحكومة تحت عنوان رفض "الهيركات"، في الوقت الذي شنّ مصرف لبنان هجوماً مضاداً على جزء من الخطة الانقاذية التي وضعت الحكومة مسودتها الاولى.
وعلمت "الجمهورية" أنّ البحث انطلق عن بدائل لـ"الهيركات" وانّ هناك مسعى جدياً لتشكيل نوع من تحالف عابر للكتل السياسية للتصدي لأي احتمال للاقتطاع من اموال المودعين وفي المقابل طرح بدائل للهيركات على المجلس النيابي.
وقال مشارك بارز في هذه المبادرة لـ"الجمهورية": "انّ البدائل موجودة، وانّ اي خطة ستطرح يجب ان ترتكز على إحصاء جدي ورسمي لموجودات الدولة ومصرف لبنان والمصارف قبل الشروع في اي اجراء تنفيذي". وأضاف: "انّ الاكتفاء برفض الهيركات يبقى ناقصاً ما لم يطرح شيء بديل، وان على الدولة ان تتحمل المسؤولية الاكبر، وان تتشارك مع مصرف لبنان والمصارف والمالية العامة لإنتاج الحلول وليس مصادرة اموال الناس لأنها ترتكب بذلك مخالفة دستورية اولاً، وتقضي على اي إمكانية لاستعادة الثقة بلبنان وبالنظام المالي والمصرفي، اضافة الى انها تدمّر ما بقي من اقتصاد، وبذلك يصبح خيار الهيركات المرفوض خياراً انتحارياً".
وعلمت "الجمهورية" انّ رئيس الحكومة حسان دياب سيوجّه كلمة الى اللبنانيين غداً يتحدث فيها عن ازمة كورونا وخطة الاصلاح المالي.
وقد استغرب دياب، خلال جلسة مجلس الوزراء برئاسته أمس "الحملة السياسية التي تتعرّض لها الحكومة تحت عنوان رفض "الهيركات"، مؤكّداً أنه سيتناول "هذا الموضوع بشكل مفصّل في وقت قريب، ولن ندخل في سجال لأننا سنردّ بطريقة علميّة من دون استنفار العصبيّات".
وقال: "يكفي اللبنانيين أزمات متراكمة وأزمات مستجدة، وهُم لم يعودوا يتحملون استخدامَهم متاريس بشريّة خدمةً لمصالحَ شخصية".
وتناول دياب توزيع المساعدات المالية، مشيراً إلى أنّ "الحكومة استعجلت التحضيرات لتوزيع المساعدات المالية على العائلات المحتاجة، لكن بعد عملية التدقيق التي قام بها الجيش اللبناني، تبيّنَ أنّ اللوائح التي قدّمتها بعض القطاعات تتضمّن أخطاء كبيرة وكثيرة. لذلك، سنُضطر إلى تأجيل توزيع المساعدات في انتظار انتهاء الجيش من تنقيح اللوائح".