سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف: سوريالية لبنانية مقابل مشهد إقليمي مشتعل

الحوارنيوز – خاص

المسرح اللبناني ممتلئ باللاعبين، “هذيان حكومي” وضياع قضائي، انهيار اقتصادي ومالي، منصة للعملات الأجنبية كأنها لم تكن، تطورات إقليمية خطيرة يصل لهيب نارها مشارف لبنان، ويسمع اللبنانيون أصوات الصواريخ وهدير الطائرات المعادية بآذانهم، كل ذلك والقوى السياسية الحاكمة على مواقفها وعنادها. رئيس مكلف خارج البلاد، ورئيس الجمهورية يكتفي بالانتظار، ورئيس مجلس النواب يراقب ويخشى المبادرة.

كيف تعاملت الصحف اليوم مع هذا الواقع؟

  • صحيفة “النهار” عنونت:” وزير الخارجية يهدد علاقات لبنان بالخليج” وكتبت تقول:” مع ان العامل الإيجابي شبه الوحيد الذي يتكرر تأكيده عند محطات خارجية وداخلية متعاقبة يتمثل في ان الازمة ‏اللبنانية لا تزال تجد مكانا بارزا لها في اهتمامات المجتمع الدولي، الذي وان كان موقفه السوداوي المتشائم حيال ‏الطبقة الحاكمة بات إجماعياً، فان الخطير ان يغدو لبنان مهددا في علاقاته بالدول الصديقة والشقيقة على يد ‏مسؤولين بأنفسهم. وهذا ما حصل امس مع موقف غريب ومستهجن لوزير الخارجية اثار الخشية من ان يفتح ‏الباب على تدهور خطير في علاقات لبنان بالدول الخليجية ولا سيما منها السعودية والامارات‎.‎

    ‎ ‎

    العامل الإيجابي أولا برز من خلال المعلومات التي أفادت ان ملف الازمة الحكومية في لبنان لم يغب عن ‏المشاورات التي اجراها امس الرئيسان الفرنسي ايمانويل ماكرون والمصري عبد الفتاح السيسي على هامش ‏انعقاد منتدى باريس للبحث في الأوضاع المالية للسودان. وعلى رغم أولوية البحث في وقف الحرب الإسرائيلية ‏على غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، فان المعطيات تفيد ان جانباً من الاهتمامات المشتركة الفرنسية ‏المصرية خصص للبنان الامر الذي يمكن ان يتبين بعده بعض المعطيات الجديدة في التواصل مع بعض الجهات ‏اللبنانية خصوصا ان الاستعدادات الجارية على الصعيد الأوروبي الواسع في شأن انجاز اطار العقوبات ‏الأوروبية على شخصيات لبنانية تجري بجدية وثبات‎.‎

    ‎ ‎

    المستوى الاخر من الاهتمام برز أيضا في الزيارة التي قامت بها نائبة وزير الخارجية الإيطالي مارينا سيريني ‏للبنان في الأيام الثلاثة الماضية والتي لخصت نتيجتها بقولها “إيطاليا باقية الى جانبكم”. المسؤولة الإيطالية التي ‏خصت “النهار” بحديث عن انطباعاتها اعتبرت ان زيارتها “تشكل دليلا ملموسا على قرب إيطاليا من الشعب ‏اللبناني والمؤسسات اللبنانية والتزام إيطاليا بذل ما في وسعها للتخفيف من معاناة السكان مع ضرورة ان تتحمل ‏الطبقة الحاكمة اللبنانية مسؤوليتها وتتخذ الإجراءات اللازمة لكبح الازمة ” ولاستمرار الدعم الخارجي للبنان.

لكن ما اثار الاستغراب الواسع لدى أوساط مراقبة تمثل في مواقف وصفت بانها نافرة لوزير الخارجية في حكومة ‏تصريف الأعمال شربل وهبة من سلاح “حزب الله” خصوصا ان وهبة يستعد لزيارة الفاتيكان في العشرين ‏من أيار الحالي. وقالت هذه الأوساط انه لو لم يكن وهبة وزيرا للخارجية في حكومة مستقيلة لكان واجباً المطالبة ‏باستقالته. وقد أعلن وهبة في حديث تلفزيوني “ان الفرنسيين لم يأتوا على ذكر سلاح حزب الله وان سلاح الحزب ‏هو سلاح يتحمل مسؤوليته حزب الله، لا شك أن لبنان يتحمّل هذه المسؤولية ولكن ليس القرار قرار الدولة ‏اللبنانية”. وأضاف “عندما كانت اسرائيل تحتل الأراضي اللبنانية تَجنَّد عناصر الحزب للدفاع عن سيادة لبنان‎”.‎
‎ ‎
وعن مبرّر بقاء سلاح “حزب الله” اليوم قال وهبة “انظروا ماذا يحصل في غزة فهل حصل مثله في لبنان؟ فإذا ‏كان هذا السلاح رادعا للعدو الإسرائيلي فلن أمسّ به لأنه بالنسبة الينا بوليصة تأمين” مضيفاً “اننا الآن امام ‏معضلة انهيار اقتصادي ام انهيار السيادة واحتلال الأراضي اللبنانية، وبين الإثنتين أختار كرامتي والحفاظ على ‏سيادتي، أما الاقتصاد فيذهب ويعود‎”.‎
‎ ‎
اما الامر الخطير الاخر فكان في موقف مسيء الى علاقات لبنان مع الدول الخليجية. فلدى سؤال وهبة بأننا اليوم ‏اصبحنا في مرحلة ثانية، أجاب ساخراً :”في المرحلة الثانية جاء الدواعش وقد أتت بهم دول أهل المحبة والصداقة ‏والأخوة فدول المحبة جلبت لنا الدولة الاسلامية وزرعوها لنا في سهل نينوى والأنبار وتدمر‎.”‎
وقد نقلت مصادر ديبلوماسية ليلا استياء خليجيا من تصريحات وهبه قد تدفع باتجاه اتخاذ اجراءات بحق لبنان ‏تتدرج من طلب اعتذار علني الى سحب ديبلوماسيين من بيروت‎…‎

  • صحيفة “اللواء” عنونت:” الهذيان الحكومي ينكشف مع احتدام التحولات الإقليمية” وكتبت تقول:” بلغة الرياضيات، معادلة طردية تحكم المعادلة السياسية: كلما تأخر التفاهم على حكومة جديدة، كلما تعمقت أزمة التفاهم ‏على إدارة الدولة أو حكم البلد؟

    النتيجة هذه محكومة باستمرار انقطاع التواصل بين مرجعيتي التأليف: الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي ارجأ ‏مجيئه لبعض الوقت، إلى بيروت، والذي يبلغ مراجعيه انه قدم في الأسبوع الأوّل لتكليفه تشكيلة مكتملة لرئيس ‏الجمهورية‎.‎

    في حين ان صاحب التوقيع الأوّل على مراسيم التشكيل، وفقاً للمادة 53/د أي الرئيس ميشال عون، كرئيس للجمهورية ‏فإن مصادره، أو الدوائر الإعلامية القريبة منه، تتحدث يومياً، عن مستجد على جبهة لا التأليف، أو التفاهم على حلحلة ‏العقد، بل أيضاً، وقبل أي اعتبار على ما وراء أزمة ولادة.. حكومة جديدة‎.‎

    والجديد على هذا الصعيد، وصف الأزمة الراهنة، بأنها أزمة نظام لا حكومة، الأمر الذي يتطلب حواراً يعالج ثغرات ‏الدستور، وتفسير الملتبس من بنود الطائف، بعد تطبيق ما يتعين تطبيقه‎..‎

    وإذ تنقل مصادر الزوار عن بعبدا نظرة سلبية، سرعان ما تبادر بعبدا نفسها، إلى الرئيس المكلف، عبر المكتب ‏الإعلامي من نفيها، فالسؤال المشروع: إذا كان من المتعذر الاتفاق على الحكومة، فكيف يكون الاتفاق ممكناً على ‏وضع دستور الطائف على الطاولة، في مرحلة بالغة التعقيد، محلياً وفي الإقليم الملتهب، لا سيما في ضوء الصمود ‏الأسطوري للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية واراضي الـ48، بوجه آلة الدمار والموت الإسرائيلية؟‎!‎

    المعلومات تتحدث عن توجه رئاسي إلى إرسال رسالة إلى مجلس النواب، تضع مسألة الاستعصاء بتأليف حكومة امام ‏المجلس، وكذلك وفقاً لمعلومات لصحيفة “اللّواء” تحضير رسالة توجه الثلاثاء (اليوم) الى المجتمع الدّولي، بالتّنسيق ‏مع الفاتيكان والبطريركية المارونية والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي حول الملف الحكومي‎.‎

    دبلوماسياً، يواصل سفير المملكة العربية السعودية في بيروت وليد بخاري جولته على القيادات السياسية، ورؤساء ‏الحكومات السابقين‎.‎

    فبعد لقاء الرئيس تمام سلام، يلتقي تباعاً كلاً من الرئيسين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي، ويجري التداول في الأوضاع ‏الراهنة، لا سيما الملف المتعلق بتأليف الحكومة‎.‎

    وبينما تستمر المراوحة حول تشكيل الحكومة، في ضوء كلام عن تمديد الرئيس المكلف سعد الحريري اقامته في ‏الخارج لأسبوعين، برز حراك ومواقف اوروبية من الوضع اللبناني، حيث جددت ايطاليا بلسان نائبة ويزر الخارجية ‏مارينا سيريني الموجودة في بيروت، “دعوتها الملحة لمختلف الاطراف السياسية في لبنان بوضع اختلافاتها جانباً ‏وتغليب المصلحة العليا للبلاد والتعاون من أجل تأليف حكومة من شأنها ان تضع لبنان مجدداً على سكة التنمية ‏المستدامة وأن تسلك مسار الاصلاحات وإعادة اطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي”. كما حضر الوضع ‏اللبناني في لقاء الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والفرنسي إيمانويل ماكرون في محادثات الرئيسين في باريس ‏أمس، على هامش المؤتمر الدولي لدعم السودان‎.‎

  • صحيفة “الجمهورية” عنونت:” شورى الدولة يجمع على رد طلب غادة عون وباريس: الحل بيدكم” وكتبت تقول:” ها هو الأسبوع الثاني من الشهر العاشر يبدأ اليوم، ولبنان واللبنانيون ‏في قبضة الحقد والكراهية العمياء اللذين يتسيّدان المشهد السياسي ‏ويتحكمان بالمسار الحكومي منذ استقالة حكومة حسان دياب في ‏شهر آب من العام الماضي.‏

    البلد انتهى وضاع، فلا العظات الدينية استطاعت ان تخرق آذان ‏القابضين على الحكومة، ولا النصائح الدولية التي باتت تنظر الى ‏لبنان بعين الشفقة والرأفة والتحسّر عليه وتحذّر من الآتي الاعظم ‏والاخطر، وجدت من بين هؤلاء من يتمتع ولو بحد أدنى من الوطنية ‏والحس بالمسؤولية حيال النكبة التي حلت بهذا البلد، ولا صوت ‏الجائعين الذي عبر القارات ووصل صداه الى كل الكرة الارضية، حَرّك ‏خليّة احساس لدى معطلي التأليف للافراج عن حكومة يجمع العالم ‏بأسره انها تشكل فرصة أمل لوضع لبنان.‏

    أما قضائياً، قرر مجلس شورى الدولة بالإجماع ردّ طلب القاضية غادة ‏عون واعتبار قرار القاضي الرئيس غسان عويدات نافذاً.‏

    وأوصى القرار بضم الطلب المقدم من القاضية عون بوقف تنفيذ قرار ‏توزيع أعمال النيابة العامة الإستئنافية في جبل لبنان الى أساس ‏الدعوى، ما يُبقي قرار القاضي الرئيس غسان عويدات نافذاً الى حين ‏البت بالمراجعة.‏

    واعتبرت مصادر متابعة للملف، أن الصراع يبدو على صلاحية النائب ‏العام الإستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، فبعد أن قرر ‏النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات تحديد صلاحيتها، اتخذ ‏الامر منحى قضائياً خطيراً الى درجة أن مراجع قضائية كبيرة كادت أن ‏تضع استقالتها على الطاولة في حال تمكنت المراجع السياسية ‏الداعمة للقاضية غادة عون من إنتزاع قرار من مجلس القضايا في ‏مجلس شورى الدولة بوقف تنفيذ قرار النائب العام التمييزي، والذي ‏أكدت مصادر قضائية على أن الأمر كان ليشكل الحلقة الأخيرة من ‏حملة تدمير هيبة السلطة القضائية من خلال ممارسة القاضي غاده ‏عون.‏

    وبعد جلسات مذاكرة لهيئة القضايا في مجلس شورى الدولة، صدر ‏أمس قرار بالإجماع عن أعضاء الهيئة بضمّ طلب وقف تنفيذ قرار ‏النائب العام التمييزي الى أساس النزاع، والذي يفسره القانونيون على ‏أنه الخطوة الأولى في خسارة الدعوى، أي رد طلب القاضية عون ‏بإبطال قرار القاضي غسان عويدات.‏

    واستتبع الأمر الطلب من مجلس القضاء الأعلى إعطاء رأيه في طلب ‏القاضية عون، مما يعني إشراك القضاء العدلي بالقرار، فيما أن ‏المطلع على الأمر يدرك أن رأي مجلس القضاء الأعلى واضح بهذا ‏الشأن، وهو الوقوف مع قرار النائب العام التمييزي بهذا الشأن، مما ‏يعني بحسب مصادر قضائية، التوجه الى ردّ طلب القاضية عون.‏

    ‏ ‏

    كل ذلك غلبه الحقد المعطِّل، والشريكان اللدودان في عملية التأليف ‏رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، ‏ماضيان في ما يشبه لعبة شراء الوقت من رصيد البلد وعلى حساب ‏اللبنانيين، وليس هناك من كلام مباشر او غير مباشر بينهما، سوى ‏صراعهما المحتدم بلغة الشروط ذاتها التي صغّرت البلد الى ما دون ‏سلعة رخيصة ملقاة على قارعة الاعتبارات السياسية والحزبية ‏والشخصية، فيما المواطن مشتّت حتى الرمق الاخير، واما الدولة ‏فصارت بلا اي معنى؛ دولة محطّمة، فلتان كامل وافلاس في كل ‏شيء، وفقدت هيبتها، وصارت اضعف من أن تردع تاجرا فاجرا، ‏ولحّاماً وبائع “فراريج” يتشاركون جميعاً في نهب جيوب اللبنانيين ‏الى جانب مافيات الدولار ومحطات المحروقات ولصوص السلع ‏المدعومة والتهريب عبر كل المعابر والحدود المدعوم والمغطى من ‏المحميات السياسية. وما تسمّى حكومة تصريف اعمال صارت عنواناً ‏للتخبّط والتخريب كالسوس تنخر بسوء ادارتها ما تبقى من اعمدة ‏قائمة في الهيكل اللبناني المتداعي.‏

    ‏ ‏

    هذه هي صورة بلد يوشك أن يصبح دماراً شاملاً، عنوانه اليوم عتمة ‏شاملة على كلّ المستويات وستضاف اليها بعد ايام قليلة عتمة ‏الكهرباء. فماذا بعد؟ وأيّ خراب يريده المعطلون أكثر من هذا الخراب ‏الذي حلّ بهذا البلد المنكوب لكي يحيدوا عن مسار التخريب المتعمّد ‏الذي ينتهجونه؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى