سياسةمحليات لبنانية
قالت الصحف: سباق بين لودريان وانفجار لبنان
الحوارنيوز – خاص
من يسبق من؟
نجاح مساعي وضغوط وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الذي يصل الى لبيروت مساء غد الأربعاء في مهمة أخيرة، يلفها الغموض، للمساعدة على تشكيل الحكومة، أم الانفجار الكبير الناتج عن اقتراب قرار رفع الدعم عن المواد الغذائية والمشتقات النفطية؟
-
صحيفة “النهار” عنونت لإفتتاحيتها:” لائحة لودريان: الكي الحاسم أن الانفجار” وكتبت تقول:” على الأهمية الكبيرة لمعاودة المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية اليوم في مقر قيادة قوة “اليونيفيل” في الناقورة بعد طول انقطاع لمدة تناهز الخمسة اشهر، بدا واضحاً ان الحدث الطاغي على المشهد اللبناني خلال الساعات الأخيرة تمثل في الاستعدادات الجارية لزيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان لبيروت التي تبدأ مساء غد الأربعاء وتستمر حتى مساء الخميس.
ولم يكن غريباً ان تخترق هذه الزيارة كل التطورات الداخلية وتحتل واجهة المشهد اللبناني، اذ يمكن القول ان أي زيارة لمسؤول او موفد أجنبي رفيع بموقع وزير الخارجية الفرنسي لم يغلفها غموض والتباس وحبس انفاس على غرار العد العكسي الذي يستبق وصول لودريان الى بيروت. فاذا كانت وزارة الخارجية الفرنسية زادت مناخ الغموض من خلال عدم إصدارها حتى البارحة أي قبل 48 ساعة من وصول لودريان أي بيان رسمي حولها وحول برنامج اللقاءات التي سيجريها، فان المعطيات المتوافرة من باريس تثبت بان هذه الزيارة قد تكون التطور الأكثر دقة وخطورة ومجازفة على صعيد الدفع بالمبادرة_الفرنسية التي أطلقها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قبل تسعة اشهر عقب انفجار مرفأ بيروت. اذ ان لودريان يصل مساء غد الى بيروت في مهمة مفصلية تماما قد يترتب على نتائجها مصير مزدوج لعملية تشكيل الحكومة العتيدة التي تصطدم بتعطيل متماد منذ تكليف الرئيس سعد الحريري قبل أكثر من ستة أشهر وكذلك للمبادرة الفرنسية نفسها التي تتخبط بدورها بموجات الصعود والهبوط والحسابات اللبنانية والإقليمية لفرنسا الى حدود مقارنة ازمة تشكيل الحكومة بأزمة المبادرة نفسها. ولم يكن أدل على الطابع “الدراماتيكي” الذي أحاط العد العكسي لوصول لودريان من اجواء البلبلة الواسعة التي شاعت امس في أعقاب التقارير التي تحدثت عن حصر برنامج لقاءاته برئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري وحدهما، الامر الذي اطلق العنان على الغارب للتساؤلات الغاضبة عما اذا كان لودريان آت لدفع الحل وتبديد التعقيدات، أم لإطلاق رصاصة الرحمة بيده على المبادرة الفرنسية، اذا كان سيقصي فعلا من دفع ويدفع الثمن الباهظ لتمسكه بهذه المبادرة في مواجهة المعطلين، أي الرئيس المكلف سعد الحريري.
وإذ سارعت مصادر ديبلوماسية فرنسية الى ابلاغ مراسل “النهار” في باريس سمير تويني ان لودريان سيلتقي خلال زيارته الرئيس الحريري، فان ذلك لم يكف بعد لتبديد التساؤلات العالقة حول مجمل مهمة لودريان وربما تتضح الصورة في الساعات المقبلة. لكن جوهر الزيارة يتمثل في مسألة العقوبات التقييدية التي سيأتي لودريان متسلحاً بها كآخر الدواء في مواجهة شريحة واسعة ولكن غير محددة من السياسيين الذين يتردد ان باريس وضعت “اللائحة السوداء” بأسمائهم لجهة تورطهم في إعاقة تشكيل الحكومة الجديدة او التورط في الفساد. وطرحت بإزاء هذا التطور تساؤلات جدية عن مفعول لجوء فرنسا الى سلاح العقوبات وما إذا كانت الزيارة – الإنذار الأخير لبيروت ستؤدي الى دفع تشكيل الحكومة وتحقيق اختراق للمبادرة الفرنسية ام العكس بمعنى تفجير سياسي واسع يطيح الهدفين. فالتسريبات المسبقة لقصر بعبدا عما سيبلغه إلى لودريان تنبئ بتصعيد وليس بتسهيل من منطلق الهجوم المتمادي على الحريري. كما ان أجواء بيت الوسط توحي بتحفز لاحتمالات سلبية اذا مضى التعطيل والتعقيد بعد زيارة لودريان.
”ورقة خيارات”
وبحسب مراسل “النهار” في باريس فإن فرنسا تسعى من خلال هذه الزيارة الى زيادة الضغط على النخبة السياسية، متسلحة هذه المرة بإجراءات عقابية بغية اخراج لبنان من المأزق السياسي الراهن عبر الرافعة الاوروبية التي تتحاور حول ما سمي بـ “ورقة خيارات”. وتسعى المجموعة الاوروبية وفق مصادر ديبلوماسية فرنسية بناء على طلب فرنسي والماني الى اتخاذ تدابير لوقف التدهور، بعد ان ازداد الوضع سوءا. فحضرت امانة سر الاتحاد الاوروبي ورقة عمل حول الخيارات المتوفرة لرفعها الى وزراء الخارجية لاتخاذ القرار المناسب قبل تصديقها من اجتماع اوروبي على المستوى الرئاسي في اوائل شهر حزيران المقبل. وما زالت المداولات مفتوحة داخل الاتحاد الاوروبي. وتتضمن الورقة وفق المصادر الديبلوماسية افكارا حول الحوافز، التي تتمحور حول مساعدات مالية واقتصادية وحث الادارة اللبنانية على التعاون مع صندوق النقد الدولي والتهديدات، اي اجراءات عقابية، بعبارة اخرى “جزرة وعصا”.
-
صحيفة الجمهورية عنونت:” لودريان لردع شياطين التعطيل ودياب يهدد ودائع اللبنانيين” وكتبت تقول:”مع استمرار مهزلة العبث السياسي القائم بالبلد، وتمترس قوى التعطيل خلف تصلّبها ومنع تشكيل حكومة، ثمة إجماع داخلي وخارجي على انّ باب لبنان مشرّع على احتمالات كلّها في منتهى الصعوبة، على بلد فقد كل شيء، وأفلس من أي قدرة على الاستمرار”.
وتتابع الجمهورية:” وعشية وصول لودريان، يطفو على سطح المشهد السياسي سؤال من شقين:
الشق الأول، هل انّ زيارة الوزير الفرنسي تمهّد فعلاً لإنزال لبنان عن اشجار التوترات التي “عربش” عليها القابضون على السلطة، وتقوده في الاتجاه الذي يتمكن فيه من التقاط انفاسه واعادة الانتظام لحياته السياسية وصياغة تسوية سياسية تفضي الى تشكيل حكومة طال انتظارها، يدخل معها البلد الى واحة الإنفراج؟
الشق الثاني، هل أنّ لودريان آتٍ والعصا معه ليلوّح فيها أمام الشياطين المعطّلة للمبادرة الفرنسية، فإن انصاعت كان خيرٌ، وإن لم ترتدع وترضخ، يعلن الوزير الفرنسي بإسم الدولة الفرنسية ورئيسها ايمانويل ماكرون إطفاء محركات المبادرة، ويقول للمعطّلين ”من الآن فصاعداً، قلّعوا شوككم بأيديكم”؟.
البرنامج مفتوح
لا برنامج معلناً حتى الآن لزيارة لودريان، كما لا تحديد رسمياً لجدول لقاءاته التي سيجريها في بيروت، علماً انّ موعدين قد تمّ تثبيتهما للزائر الفرنسي، الأول مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والثاني مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وعلى ما تؤكّد مصادر ديبلوماسية من باريس لـ”الجمهورية”، انّ برنامج لقاءات وزير الخارجية لودريان مفتوح في لبنان وليس مقفلاً، وهناك جهود لأن يشمل الرئيس المكلّف سعد الحريري، من دون ان يتبلور تأكيد لذلك حتى الآن.
على انّ اللافت في ما تعكسه الاجواء الباريسية، هو عدم رفع مستوى التوقعات الإيجابية من هذه الزيارة، خصوصاً انّ الادارة الفرنسية لم تلمس من الجانب اللبناني تغييراً في النهج التعطيلي المُعتمد من اشهر طويلة، واستسلاماً من قِبل بعض القادة في لبنان لإرادة اللبنانيين بالتغيير والانتقال الى زمن اصلاحي لا سبيل سواه لإنقاذ لبنان.
الى ذلك، قالت مصادر سياسية مسؤولة لـ”الجمهورية”، انّ زيارة لودريان احدى ابرز المحطات الفرنسية في لبنان، فهي تأتي في توقيت سقط فيه لبنان الى القعر وانحدر حاله من سيئ الى اسوأ. ولودريان نفسه قال انّ لبنان سفينة تايتانيك تغرق بلا موسيقى. كما انّها تأتي على تراكم من الإخفاقات السابقة، سواء حول المبادرة الفرنسية او حول تشكيل حكومة وفق مندرجاتها. وبالتالي، فإنّ الغاية الاساس منها هو التأكيد انّ كيل فرنسا قد طفح بالكامل، وكبح مسار الإخفاقات هذا والدفع بالمبادرة الفرنسية الى الامام بوصفها قاطرة الحل للبنان.
ومن هنا، تضيف المصادر، فإنّ لودريان لا يأتي الى لبنان كسائح للاستجمام في ربوع بلد قلق وملوث بيئياً وسياسياً، بل هو آتٍ في محاولة فرنسية جديدة لسوق اللبنانيين الى الحل وتشكيل حكومة. الّا انّ الخشية التي تبرز في هذا الجانب تكمن في انّ الفشل إن تكرّر هذه المرة، قد يجعل هذه المحاولة أخيرة لا تتكرّر في المستقبل. علماً انّ التجربة من التعطيلات المتتالية للحلول منذ آب الماضي، وهروب القوى السياسية في لبنان من مسؤولياتهم حيال بلدهم، باتا يحتمان سلوك سبيل وحيد، وهو ان يُساق المعطلون بالعصا ويُفرض عليهم الحل رغماً عنهم.
وآخر مظاهر مهزلة العبث، هو تصويب رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، في مقابلة مع “الحرة” امس، على ما تبقّى من اموال المودعين في ما يسمّى الاحتياط الالزامي، الذي يصرّ دياب على الإنفاق منه، لا بل على السطو على آخر ما تبقّى من أموال للبنانيين.
وعلمت “الجمهورية”، انّ ما قاله كان صادماً للمودعين، وجاء بمنطق تدميري للبنان، وخصوصاً لناحية هذا الاستخفاف بهم وبحقوقهم المهدورة واموالهم المسروقة والتعامل مع ودائعهم وكأنّها مالاً سائباً ومباحاً، لكل من اراد ان يستر فشلاً او عجزاً وسياسات قاصرة.
وتحدثت معلومات، عن انّ جهات حقوقية بدأت الإعداد لرفع دعوى قضائية، ليس في لبنان بل امام المحاكم الدولية، ضدّ كل من يشرّع سرقة أموال المودعين تحت اي ذريعة او عنوان.
وكان دياب قد سُئل في المقابلة مع “الحرة” حول استعمال احتياطي مصرف لبنان لتمويل البطاقة التمويلية، فقال انّ “على مصرف لبنان المساهمة في البطاقة التمويلية عبر الاحتياطي الإلزامي، في حال لم يأت تمويل من الخارج، لأنّ لا بديل لتمويل البطاقة سوى مصرف لبنان”.
وعن رفض حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المسّ بالاحتياطي الالزامي، قال دياب: ”في العام 2002، انخفض الاحتياطي الالزامي الى أقل من مليار دولار، فكيف كان الأمر ممكنًا في ذلك الوقت، واليوم في ظل الزلزال السياسي والمالي والاقتصادي والتسونامي الاجتماعي لا يمكن النزول إلى اقل من 15 مليار دولار.. إنّ النزول هو أمر ضروري بهدف مساعدة المجتمع اللبناني في هذه المرحلة”.
-
صحيفة “اللواء” عنونت:” لودريان في بيروت في لحظة مؤاتية: إما حكومة أو قلب الطاولة” وكتبت تقول:” في نظر الكثرة من المراقبين، لا سيما الدبلوماسيين منهم، فإن الأسبوع الحالي، سيكون مفصلياً على غير صعيد: دبلوماسي وسياسي ومالي ونقدي واقتصادي، على وقع تحولات في السياسات الإقليمية، وضعت سوريا على لائحة التطبيع العربي، واحتواء الأزمة التي طالت وكادت ان تحرق الأخضر واليابس، في سوريا نفسها، وفي عموم دول المشرق، ومن بينها لبنان.
فاليوم تستأنف المفاوضات غير المباشرة، لترسيم الحدود البحرية الجنوبية في الناقورة.. واليوم توضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون البطاقة التمويلية، التي يشترط رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب اقرارها تشريعياً في المجلس النيابي، قبل التوقيع على قرار رفع الدعم عن السلع الضرورية، والتي يُصرّ عليها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للحفاظ على نسبة معقولة من احتياطي المصرف، التي هي في نظر كثيرين، أموال المودعين، الذين تقدمت أمس جمعية فرنسية بالتعاون معها بشكوى ضد الحاكم رياض سلامة امام القضاء الفرنسي، بتهمة الإثراء غير المشروع، إلى جانب شقيقه وشخصية مالية أخرى.
وغداً، وبعده، يمضي رئيس الدبلوماسية الفرنسي جان ايف لورديان في بيروت، حاملاً رسالة واضحة للمسؤولين الكبار تتعلق بمآل الأمور، ما لم يرعو المسؤولون عن استمرار عمليات التأزم، والتداعيات الخطيرة لعدم تأليف الحكومة وفقاً للمبادرة الفرنسية.
وتأتي هذه الزيارة على وقع عقوبات فرنسية لوّح بها لودريان منذ ايام، بأن بلاده تضع لمساتها الاخيرة عليها، ستفرضها باريس على الفاسدين في لبنان وعلى مَن يعطّلون الحل السياسي والحكومي المتمثل بالمبادرة الفرنسية، من دون ان يعلن عن اسماء هؤلاء. لكن المعلومات اشارت الى ان العقوبات قد تشمل حجز ارصدة واملاك بعض المسؤولين عن عرقلة الحلول.
وتعكف دوائر السفارة الفرنسية على ترتيب جدول أعمال الوزير الفرنسي في السفارة الفرنسية، على ان يلتقي مندوب عن كل حزب في قصر الصنوبر، وفقاً لمصادر إعلامية.
والثابت ان الجدول المنجز لغاية مساء أمس هو لقاء الرؤساء عون وبري والرئيس المكلف سعد الحريري والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.
ووفقاً لمصادر دبلوماسية فإن الوزير الفرنسي يأتي في لحظة إقليمية مؤاتية، بعد المصالحات الجارية في المنطقة، والتقارب التركي المصري، والعربي – العربي، فضلاً عن استمرار المفاوضات الدولية حول الملف النووي الإيراني..
لذا، تعتقد المصادر ان الوزير الفرنسي يحمل رسالة قوية بضرورة التوصّل إلى تفاهم ضمن سيناريوهات محتملة، ومخاوف من انهيارات مقبلة ما لم تحدث معجزة التفاهم على تأليف الحكومة التي أصبحت المفتاح السحري لكثير من الحلول.