الحوار نيوز – خاص
فتح الاتفاق السعودي الإيراني آفاقا جديدة أمام الأوضاع في المنطقة بشكل عام ،وثمة رهان على انعكاسه على لبنان بشكل خاص،وهو ما اتفقت عليه الصحف الصادرة اليوم.
النهار عنونت: لا جديد رئاسياً وموجة رهانات على الإقليم
وكتبت صحيفة “النهار” تقول:
ابعد من رئاسة اعتاد اللبنانيون على ارجاء استحقاقها مرة بعد مرة، وربطها بكل تطورات الاقليم والعالم، تتركز انظارهم اكثر على شاشات رفعت في السوبرماركت، وعدادات محطات الوقود التي تواكب ارتفاع سعر صرف الدولار الذي بات يدور في محيط الـ 90 الف ليرة ارتفاعا، من دون امل في امكان ضبطه، بسبب تراجع امكانات مصرف لبنان عن التدخل الفاعل، الا من خلال منصة “صيرفة” المتعثرة، والتي فقدت الثقة بها وتسببت بموجة جديدة من الصدامات بين المودعين و#المصارف، بدليل اقدام النائب شربل مسعد على اقتحام فرع البنك اللبناني للتجارة في صيدا للمطالبة بوديعة شقيقه التي وضعها في المصرف المذكور قبل 3 أشهر لتحصيلها وفق منصة “صيرفة”، ولم يحصل عليها حتى تاريخه.
وفي حين اكدت جمعية المصارف مجددا على قرارها الاقفال منذ صباح الثلثاء المقبل، حذرت الهيئات الاقتصادية اللبنانية التي اجتمعت امس “من أن الإختلال في المعايير القضائية هو وصفة أكيدة للإفلاس”. ونبه بيان الهيئات من أن “هذه الأزمة هي أزمة نظامية ووجودية”، مناشداً السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، التعامل معها على هذا الأساس وإجتراح الحلول المناسبة التي تكفل وقف الإنهيار الشامل”.
وإذ لوحت الهيئات بالتصعيد في حال لم تعالج الأمور بما يضمن إستدامة العمل الإقتصادي والمصرفي، أعلنت أنها ستترك إجتماعاتها مفتوحة لمتابعة التطورات الحاصلة على هذا المستوى وإتخاذ القرارات المناسبة منها.
واذ سرت شائعات عن الغاء الاقفال بعد زوال اسبابه، اكد مصدر ليل امس لـ”النهار” ان قرار الاضراب مستمر، نافيا وجود اي قرار بالتراجع عنه.
وقال مصدر مصرفي لـ”النهار” ان الازمة الحقيقية تكمن في غياب اي رؤية للخروج من الازمة بعد ثلاث سنوات، واستمرار محاولة رمي المسؤولية على المصارف المستعدة للتعاون ضمن امكاناتها شرط التوزيع العادل للمسؤوليات والخسائر”.
الرئاسة
اما في السياسة، فلم يطرأ جديد على الملف الرئاسي باستثناء انطلاق موجة جديدة من الرهانات المبكرة على تطورات المنطقة، وخصوصا الاتفاق السعودي – الايراني، وانعكاسات هذا الاتفاق على لبنان، تثبت ان اللبناني يستمر “معلقا بحبال الهوا”.
والى الاتفاق السعودي الايراني الذي يحتاج الى مهلة زمنية لتبيان نتائجه واولوياته، اهتمت الاوساط السياسية اللبنانية بخبر محادثات “مثمرةً مجددًا” اجرتها وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مع نظيرها السعودي فيصل بن فرحان آل سعود. وتمّ الاتفاق على تعزيز تعاون فرنسا والسعودية في الأمن والاستقرار الإقليميين ولا سيما في إيران، لبنان، اليمن والأراضي الفلسطينية.
وقال وزير سابق للخارجية لـ”النهار” انه اذ يفضل عدم التسرع في الحكم على الاتفاق قبل الاطلاع على بعض تفاصيله، يرى ان نتائجه ايجابية حتما على لبنان، وهي ستدفع باتجاه تسوية ربما تقود الى الاتفاق على مرشح “ثالث” فلا ينكسر اي من الفريقين اللذين يتأثران بطرفي الاتفاق”.
وليلا نقلت قناة “العربية” عن وزير الخارجية السعودي قوله ان “لبنان يحتاج إلى تقارب لبناني وليس لتقارب إيراني سعودي.
وفي المواقف من الاتفاق، أشار وزير الخارجية عبدالله بوحبيب إلى أن لبنان لطالما دفع في تاريخه وحاضره أثمان الخلافات الإقليمية، وعليه، ينعقد الأمل بأن تساهم هذه الخطوة في تعزيز ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وامل الامين العام لـ”حزب الله” ان ينال لبنان من التطورات الاخيرة تداعيات ايجابية، فالاتفاق الذي تم توقيعُه في الصين لاعادة العلاقات السعودية الايرانية وتحقيق الامنِ والسلام والاستقرارِ في المنطقة تحولٌ جيد، ونحنُ سعداءُ لانه لن يكونَ على حسابِ شعوبِ المنطقةِ ولا مقاومتِها، واذا مشى في مسارِه الطبيعي فيمكنُ ان يفتحَ آفاقاً في كلِّ المنطقةِ ولا سيما في لبنان. اما انعكاسُ هذا الاتفاقِ على الملفِ الرئاسي فمرحبٌ به اِن كانَ مساعداً للحلّ، اما الثابتة الواضحة التي لا تغيّرها التطورات انه لا يحقُ لاحدٍ من الخارجِ ان يفرضَ مرشحاً رئاسياً ولا ان يفرضَ فيتو على ايّ مرشح رئاسي.
وغرّد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل: “أخيراً حصل ما كان يجب أن يكون، إتفاق السعودية وإيران، وقريباً سوريا، وهو ما سيحدث موجة إستقرار في المنطقة تطال لبنان، اللهمّ نجّنا من مخرّبيه”.
ميقاتي
وسط هذه الاجواء، أكد رئيس الحكومة #نجيب ميقاتي” أن علاقات لبنان مع الكثير من الدول، لا سيما منها دول مجلس التعاون الخليجي، تعرضت على مدى السنوات الماضية للاهتزاز بسبب اساءات بالغة الخطورة دفع ثمنها غاليا ولن نسمح بتكرارها”. وجدد تأكيد “الالتزام بحماية امننا وامن الدول الشقيقة والصديقة ومنع اي اساءة توجّه الى الاخوة الذين لم يتركوا لبنان يوما ، او تصدير الممنوعات اليهم والاساءة الى مجتمعاتهم، وفي مقدمة هذه الدول المملكة العرببة السعودية”. وكان رئيس الحكومة يتحدث من السرايا، خلال ترؤسه طاولة مستديرة بشأن تفعيل أمن سلسلة التوريد في لبنان من خلال برنامج الرقابة على الحاويات، وفي إطار خطة الحكومة لمكافحة تهريب المخدرات والممنوعات عبر المرافئ.
ويغادر الرئيس ميقاتي في 15 الجاري الى الفاتيكان للقاء البابا فرنسيس في 16 منه، على ان يزور قبيل سفره بكركي للتشاور مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الملفات التي سيطرحها في الكرسي الرسولي.
اعمار المرفأ
من جهة ثانية، اعلن وزير الاشغال العامة علي حمية بعد لقائه وفدا من البنك الدولي، “اننا قمنا بتفعيل عمل المرفأ والقيام بالإصلاحات من خلال القوانين بالتوازي مع العمل لإعادة اعماره، وعملنا على قاعدة ثلاثية البعد، اولها، تفعيل العمل في المرفأ وثانيها الإصلاحات وثالثها إعادة الاعمار، ونتيجة لذلك ارتفعت ايرادات المرفأ من 400 الف دولار شهريا الى ما يفوق 10 ملايين دولار فريش”.
واشار الى “ان الإطار القانوني الجديد لقطاع المرافئ الذي يلحظ العلاقة بين القطاعين العام والخاص من حيث بقاء الأصول ملكا للدولة اللبنانية اما التشغيل يكون ضمن اطار القطاع الخاص بوجود اطار قانوني يرعى حقوق الطرفين حيث تم اعداده بالتعاون مع البنك الدولي”.
ولفت الى ان “خطة اعادة اعمار المرفأ التي عملنا على اعدادها بالتعاون مع البنك الدولي ستنتهي في غضون اسبوعين بحسب ما اكد لنا خبراء البنك الدولي وادارة #مرفأ بيروت ليتم الإعلان عنها بإشراك القطاع الخاص بإعادة الاعمار والتشغيل”، مشيرا الى “ان البنك الدولي ابدى استعداده للمساهمة مع الدولة لإعداد خطة التمويل وجذب المستثمرين من الدول الصديقة في العالم على قاعدة تكلفة اقل وايرادات اكثر للخزينة العامة تحت سقف القانون اللبناني”.
وأشار الى انه “بعد الانتهاء من خطة التمويل واعداد دفاتر الشروط سيتم اطلاق اعادة الاعمار، مؤكدا ” ان الرؤية التي تم رسمها لمستقبل المرافئ اللبنانية كانت بالتعاون مع البنك الدولي والتي لحظت التغيرات الجيوسياسية في المنطقة للحفاظ على دور ومكانة المرافئ اللبناني للعقود المقبلة”.
الأخبار عنونت: نصر الله: تقارب الرياض وطهران يفتح آفاقاً في لبنان
وكتبت صحيفة “الأخبار” تقول:
رأى الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله أن التقارب السعودي – الإيراني سيكون لمصلحة شعوب المنطقة وليس على حسابها، «وإذا سار هذا التقارب في المسار الطبيعي يمكن أن يفتح آفاقاً في المنطقة وفي لبنان أيضاً». وأضاف إن «سوريا حين تكون آمنة مستقرة وغير محاصرة وتنمو اقتصادياً، فإنّ هذا الأمر له تأثيرات عظيمة على لبنان وفلسطين، ومن يناقش بهذه الحقيقة يعيش خارج الواقع»، لافتاً إلى أن «الحصار على دول المنطقة سيُكسر بفعل بعض التحوّلات الدولية والإقليمية».
من جهته، اعتبر رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل انه «اخيراً حصل ما كان يجب ان يكون: اتفاق السعودية وايران، وقريباً سوريا، وهو ما سيحدث موجة استقرار في المنطقة تطال لبنان، اللهمّ نجّنا من مخرّبيه»، فيما وصف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عودة العلاقات السعودية – الايرانية بأنه «انجاز كبير في تخفيف التوترات في الشرق العربي»، وشدد وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب على أنّ «اتفاق السعودية وإيران سيترك أثره الإيجابي على مجمل العلاقات الإقليمية في المرحلة المقبلة».
وفي ذكرى أسبوع القائد الحاج أسد محمود صغير (الحاج صالح)، قال نصر الله: «الانفتاح على سوريا هو اعتراف بنصر سوريا، وعندما نرى وفوداً عربية أو غربية رسمية في دمشق نشعر بالسعادة ولا نقلق ولا نخاف لثقتنا بالقيادة السورية وموقعها في محور المقاومة الذي تعمّد بالدم، وأيّ جبهة داخلية يتم إغلاقها نكون سعداء». وإلى الذين يقولون إن سوريا ستخرج من محور المقاومة حين تُستعاد إلى الحضن العربي، أكد أن «هذا غير صحيح، بل إن سوريا هي في قلب محور المقاومة، وفي السنة الثانية من الحرب الكونية عليها عُرض على القيادة السورية أن تتخلّى عن موقعها التاريخي في الصراع مع العدوّ وعن موقعها في محور المقاومة فرفضت». وأشار الى أن «علاقة الثقة تعمّدت بالدم حين قاتلنا في سوريا، وهذه المعركة عززت أواصر الثقة. والقيادة السورية تمارس كامل سيادتها، وأيّ كلام عن هيمنة إيران غير صحيح»، لافتاً الى أن «لدى الكثير من الدول العربية رغبة بفتح العلاقات مع سوريا، لكن المانع هو الأميركي».
وكرّر نصر الله موقف الحزب من الانتخابات الرئاسية، مشيراً إلى «أننا ندعم مرشحاً طبيعياً لرئاسة الجمهورية، وأنتم رشّحوا من تريدون ولنتحاور»، مشدداً على «أننا لا نريد أن نفرض رئيساً للجمهورية على أحد، ونريد أن نفتح الأبواب لإتمام هذا الاستحقاق. وحقّ الترشيح ليس لطائفة محددة، بل يستطيع أيّ نائب أو كتلة نيابية ترشيح من تريد»، داعياً مجدداً إلى «عدم انتظار الخارج، ولا يحقّ لأي دولة خارجية أن تفرض أيّ فيتو في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي».
وتطرّق نصر الله إلى ما يجري في فلسطين باعتباره «تاريخياً ومهماً جداً»، معتبراً أن «ميّزة ما نحن فيه الآن أن في المنطقة محوراً للمقاومة جاداً ومخلصاً ومستعداً لأعلى مستوى من التضحيات، وليس مستعداً للخضوع وهدفه واضح في تحرير فلسطين من النهر إلى البحر». كما شدّد على أنّ «ما وصل إليه الكيان اليوم هذا ليست أسبابه الخلافات الداخلية بل الصمود في المنطقة، والمقاومة في فلسطين ولبنان وصمود سوريا وتطور محور المقاومة»، مضيفاً إنهم «يتحدثون في كيان الاحتلال عن الخراب الثالث وانتهاء الحلم الصهيوني وهذه حقائق، وهناك إجماع داخل الكيان على أن الانقسام الداخلي والعامل الخارجي سيؤديان إلى الزوال»، مؤكداً أن «التطبيع مع الدول لا يحمي الكيان ولا يمكن أن يوقف العمليات».
الجمهورية عنونت: إنفرجت إيرانياً وسعودياً فهل تنفرج لبنانياً؟ المصارف تُضرب .. و”الهيئات” تُحذِّر
وكتبت صحيفة “الجمهورية” تقول:
سقط الواقع اللبناني في مزيد من الإرباك؛ وكرة النار في تدحرج متسارع على كلّ شيء، وتهيّئ المسرح اللبناني لسيناريوهات أكثر قساوة وظلماً ممّا كابده اللبنانيون منذ بداية الأزمة. ولأنّ اللبناني بات عائماً على «قشة» في مستنقع الأزمة، قطع الأمل بفرصة انفراج تصيغها مكونات التعطيل الداخلي، وصار تعويله على أي رياح تحمل إيجابيات من أي مصدر كان، ومن هنا عينه على ارتدادات الاتفاق السعودي- الايراني، وما إذا كانت ستسقط على الواقع اللبناني ايجابيات تنجّيه من الهاوية الكارثية التي يُدفع اليها.
إرتدادات الاتفاق السعودي- الايراني، يفترض ان تتوالى في القادم من الأيام، وحتى ذلك الحين، يبقى لبنان في صراع صعب مع الأزمة ومفتعليها ومفاقميها، والنتائج الكارثية تتساقط بوتيرة متسارعة على واقع لبناني صار مفجعاً؛ الدولة في آخر مراحل تحلّلها وتفكّكها، والمواطن اللبناني قابع على جمر الخوف من الآتي الأعظم، وامّا مكونات العبث السياسي، فلا يكفيها استخفافها بمعاناة اللبنانيين، وقتلها حلمهم بوطن سليم معافى، بل تصرّ على إكمال جريمتها بحبسهم في غرفها السوداء وتعليقهم على مشانق أنانياتها ومصالحها.
الحرب الأهلية التي عاشها اللبنانيون في زمن مضى، مهّدّت لها جولات متقطعة أشعلت فتيل الانفجار الكبير، في تلك الحرب كان اللبنانيون ينجون بأنفسهم بالابتعاد عن خطوط التماس وينتقلون إلى اماكن آمنة، ويحتمون ما أمكن لهم من القصف العشوائي. واما في هذه الأيام، فاللبنانيون مهدّدون بحرب من نوع آخر، أقسى من الحرب الأهلية، والجولات التي يشهدونها وتستهدف كل مفاصل حياتهم، أخطر من القذائف والرصاص، تنذر باقتراب اللحظة المشؤومة واشتعال حرب اكثر فظاعة، حرب شاملة على اللبنانيين، مذخّرة بإفلاس الدولة، وتديرها ميليشيات التشليح والتجويع والإفقار، التي تسرّع تدحرج كرة النار، بالتلاعب بالدولار الذي يبدو أنّه لن يقف عند حدّ، وها هو قد بدأ يطرق باب الـ 100 الف ليرة فما فوق، دون أن يرفّ جفن لأي من مكونات العبث السياسي.
واضح انّ تلك المكونات المنفصلة عن الواقع، قد قطعت «شرش الحياء»، ولا تبالي بآلام الناس وما ينزل عليهم من ويلات. الّا أنّ السؤال الذي يفرض نفسه هنا: ما هو سرّ هذا الصبر الغريب في نفوس الناس، على واقع مرير بات يهدّدهم بالزوال والفناء؟ وما الذي يمنعهم من أن ينتفضوا في وجه الشياطين، ويقولوا «لا» صادمة وقويّة، لمعطّلي الحياة الذين أطاحوا كلّ فرص النّجاة، وفتحوا امام جميع اللبنانيين اوتوستراداً جهنمياً وصفّوهم طوابير على الخط السريع نحو الموت والخراب؟
رياح الخارج إيجابية
وإذا كانت صورة الداخل، تبدو مقفلة بالكامل على المستوى الرئاسي، وهذا ما تؤكّد عليه المواقف المفترقة التي تصدر من هذا الجانب او ذاك، وتنعى إمكانية التوافق والتلاقي على قاسم مشترك من شأنه أن يُفرج عن رئاسة الجمهورية العالقة في أسر التعقيدات والمناكفات، الّا أنّ هذه الصورة، وعلى ما تؤكّد مصادر سياسية واسعة الإطلاع لـ»الجمهورية»، قد لا تبقى ثابتة في مربّع السلبيّة، حيث انّ مجموعة عوامل تتحرّك على أكثر من خط داخلي وخارجي يمكن ان تحرّكها في الاتجاه الايجابي.
وتوقفت المصادر عينها عند ما وصفته بالحدث الكبير، الذي تجلّى في اعلان السعودية وايران اتفاقهما برعاية صينية، على استئناف العلاقات الديبلوماسية بينهما، بعد فترة طويلة من الانقطاع والصدام على اكثر من ساحة، وإعادة فتح السفارات والممثليات في غضون شهرين. واكّدت أنّ هذا الاتفاق السعودي- الايراني لا يمكن قراءته كحدث محصور في نطاق انفراج العلاقات بين البلدين، بل هو، تبعاً لموقع ودور البلدين في المنطقة، أشبه بدائرة مائية ستتوسع انفراجاتها حتماً، لتشمل أكثر من ساحة مشتركة بينهما، ولبنان بالتأكيد مشمول حتماً ضمن هذه الدائرة.
ولفتت المصادر، إلى انّ الاتفاق السعودي- الايراني شكّل انقلاباً في الصورة التي انضبط إيقاعها لسنوات طويلة على توترات ومواجهات في اكثر من ساحة. واما الأهم فيه، وما يمكن ان يشكّل نقطة أمل للبنان، هو تأكيد الجانبين على نقطة أساسية حرفيتها التأكيد على احترام سيادة الدول وعدم التدخّل في شؤونها الداخلية، وهذا لا يعني فقط عدم تدخّل السعودية وايران في شؤونهما الداخلية، بل سائر الدول التي كانت فيها مجالات التدخّل واسعة في السنوات الأخيرة، ولا سيما في اليمن وغيرها من الدول، ولبنان من ضمنها.
وأعربت المصادر عن قناعتها بأنّ تأكيد ايران والسعودية على احترام سيادة الدول، يبدأ من اليمن على وجه الخصوص، إضافة إلى الملف السوري، الذي يشهد بدوره تطوراً نوعياً وبدأ ينحى نحو انفراجات، وخصوصاً على مستوى اعادة العلاقات العربية مع سوريا بعد انقطاع استمر منذ بداية الأزمة السورية، وكذلك لن يكون الملف اللبناني بمنأى عن هذا الأمر.
ورداً على سؤال قالت المصادر: «انّ الاتفاق السعودي- الايراني يشكّل عاملاً مساعداً جداً على ترسيخ الاستقرار في لبنان، وتأكيد الجانبين على احترام سيادة الدول وعدم التدخّل في شؤونها الداخلية، يدفع إلى الافتراض الأقرب إلى الواقع بأنّهما لن يتدخّلا في الشأن اللبناني، وخصوصاً في الملف الرئاسي، وهذا بالتأكيد ينفي ما يجري الترويج له منذ ايام ويهمس به بعض اللبنانيين، حول مقاربة سعودية سلبية للملف الرئاسي في لبنان، مقرونة بفيتوات على بعض المرشحين، على ما تردّد في الساعات الاخيرة عن «فيتو» سعودي على ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية».
يُشار في سياق الحديث عن هذا الفيتو، إلى أنّ «الجمهورية» سألت مسؤولاً كبيراً عن صحة هذا الأمر، فقال: «هل سمعت هذا الامر على لسان أي مسؤول سعودي؟ انا من جهتي لم أسمع بذلك، ولا أركن بالتالي لأي ترويجات، او همسات تعكس ما يتمناه البعض في لبنان».
ترحيب
وفيما توالى الترحيب الدولي والاقليمي، لوحظ انّ الولايات المتحدة الاميركية كانت اول المرحّبين بالاتفاق السعودي- الايراني، حيث أكّد البيت الابيض ترحيبه بأي جهد يساعد في إنهاء حرب اليمن وخفض التوتر في الشرق الأوسط. وأبلغت مصادر ديبلوماسية غربية إلى «الجمهورية» قولها: «انّ هذا الاتفاق يعزز فرص الاستقرار في المنطقة، ونعتقد انّه يؤسس لانفراجات، ليس على مستوى السعودية وايران، بل على اكثر من ساحة اقليمية، من اليمن وصولاً إلى لبنان».
نصرالله
وبرز في هذا السياق موقف للأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله حيث قال: «في حال سار التقارب السعودي- الإيراني في المسار الطبيعي فيمكن أن يفتح آفاقاً في المنطقة وفي لبنان أيضاً».
وفي الموضوع الرئاسي جدّد نصرالله قوله: «نقول ونكرّر، تفضلوا ناخد ونعطي ونشوف شو الحلول والخيارات والمخارج».
الفرزلي عن بري
واللافت في هذا السياق، ما نقله نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري امس، حيث قال: «الرئيس بري قال أنا من الذين ذهبت وطالبت خلال كلمتي في افتتاح مبنى السفارة الايرانية الجديدة في بيروت، لأطل على الإيرانيين وغيرهم، بكلام أطالب فيه بلمّ الشمل للمنطقة برّمتها وخصوصاً العلاقات السعودية- الإيرانية، وطالبت بذلك وشدّدت عليه. ونحن اليوم نُفاجأ انّه بدعوة من الرئيس الصيني وبدعم منه، انتهت مسألة الخلافات وعودة العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية على كافة المستويات، بما فيها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهو ما قد ينعكس خيراً على المنطقة برمتها. وأضاف، هذا الامر هو المطلوب للبنان، لمّ الشمل اللبناني إنعكاساً للمّ الشمل على مستوى المنطقة».
اضاف الفرزلي: «الوزير فرنجية قادر بطريقة أو بأخرى، ونتيجة الثقة المتجّسدة به كشخص يملك الحرية الكاملة في التحرّك، نتيجة الثقة بشخصه. وقد أطلّ سماحة السيد حسن نصر الله أيضاً ليقول انّه ليس مرشح «حزب الله»، ولكننا نحن مع الرئيس بري في دعمه لترشيح الوزير فرنجية، وكل ما نطلبه منه حماية ظهر المقاومة، أي أنّه أعطى الفسحة اللازمة له وكصاحب كتلة نيابية وازنة في المجلس النيابي، بأن يأخذ القرارات اللازمة لصياغة العلاقات التي يراها مناسبه من أي كان من الجهات المحلية او الاقليمية وخصوصاً العربية وبشكل خاص العربية السعودية. وهذا الامر نعود لنؤكّد عليه بأنّ الغاية هي استقرار البلد وسلامته».
ميقاتي
إلى ذلك، اكّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، «أنّ علاقات لبنان مع الكثير من الدول، لا سيما منها دول مجلس التعاون الخليجي، تعرّضت على مدى السنوات الماضية للاهتزاز بسبب إساءات بالغة الخطورة دفع ثمنها غالياً ولن نسمح بتكرارها».
وجدّد ميقاتي في كلمة أمس، «تأكيد الالتزام بحماية أمننا وأمن الدول الشقيقة والصديقة، ومنع اي إساءة توجّه إلى الاخوة الذين لم يتركوا لبنان يوماً، او تصدير الممنوعات اليهم والإساءة إلى مجتمعاتهم، وفي مقدمة هذه الدول المملكة العرببة السعودية».
وقال: «إنّ لبنان يبعث برسالة واضحة مفادها أنّه يعطي الأولوية لمكافحة الفساد، وأنّ التزامنا بتحسين الأمن الحدودي والمساهمة في الاستقرار في المنطقة، سيرسل إشارة قوية إلى المجتمع الدولي، من شأنها ان تساعدنا في السعي للنهوض الاقتصادي عبر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والشركاء الدوليين».
وسيقوم الرئيس ميقاتي في 15 الجاري بزيارة إلى الفاتيكان للقاء قداسة البابا فرنسيس في 16 منه، على ان يزور مطلع الاسبوع بكركي، للتشاور مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الملفات التي سيطرحها في الكرسي الرسولي.
إضراب المصارف
على الصعيد الاقتصادي والمالي، وفيما تابع الدولار ارتفاعه، بالتوازي مع ارتفاع اضافي في اسعار السلع والمواد الحياتية، اكّدت جمعية المصارف على قرارها باستئناف اضرابها اعتباراً من يوم الثلاثاء المقبل. وقالت في بيان مُقتضب أصدرته أمس، إنّ «جمعية مصارف لبنان تجد نفسها مكرهة بالعودة إلى الاضراب ابتداءً من صباح يوم الثلاثاء 14 آذار».
إلى ذلك، عبّرت الهيئات الاقتصادية في بيان بعد اجتماعها امس، «عن بالغ أسفها لوصول الأمور في البلاد إلى هذا الدرك في ظل فراغ قاتل يتحكّم بمفاصل البلاد ويحول دون إحقاق الحق ووضع الأمور في نصابها الصحيح». واعلنت انّها «لا يمكن أن تقف مكتوفة اليدين وهي ترى بأم العين «خراب البصرة» وخصوصاً في موضوع بالغ الدقة والأهمية مثل موضوع المصارف المثار حالياً، والذي يشكّل قضية حياة وموت لآلاف المودعين وللمصارف وللاقتصاد الوطني».
وإذ عبّرت الهيئات عن «ذهولها الشديد حيال الأحكام القضائية الصادرة بحق المصارف والمتعلقة بإلزامها بدفع الودائع بالدولار النقدي، وذلك ليس لأنّ الهيئات لا قدّر الله ضدّ مصلحة بعض المودعين الذين ربحوا أحكاماً قضائية، إنما لأنّ هذه الأحكام تنصف عدداً قليلاً من المودعين، وستوقع الظلم الشديد على الأغلبية الساحقة من المودعين، فيما المطلوب التعاطي بمسؤولية عالية مع هذه القضية الوطنية والوصول إلى حلول شاملة وعادلة ومنصفة للجميع من دون إستثناء». وحذّرت من أنّ إعتماد هذه الأحكام القضائية لاسترداد الودائع، سيؤدي حتماً إلى إعطاء أفضلية للمودعين المقتدرين والمحظيين على حساب معظم المودعين، وهذا أمر معيب وغير مقبول على الإطلاق.
وإذ نبّهت إلى انّ «هذه الأزمة هي أزمة نظامية ووجودية»، ناشدت كافة السلطات، التشريعية والتنفيذية والقضائية، التعامل معها على هذا الأساس واجتراح الحلول المناسبة التي تكفل وقف الانهيار الشامل. ولوّحت بالتصعيد «في حال لم تُعالج الأمور بما يضمن استدامة العمل الاقتصادي والمصرفي».
مواقف
قال رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك: «نحن في لبنان ما زلنا نكرّر الدعوة للخروج من الفراغ المقيت والمميت، ولا يكون ذلك إلّا بالتلاقي والاجتماع والتباحث بجدّية بطرح الاسماء على طاولة النقاش، للخروج باختيار الشخصية التي يُتفق عليها، أو الذهاب إلى المجلس النيابي للاختيار والتصويت بعد التنافس على الأسماء».
وقال النائب ابراهيم منيمنة، انّ «كل المنظومة السياسية اليوم لها مصلحة بإفشال تجربة التغييريين، نحن لسنا مع ترشيح الوزير سليمان فرنجية، ونحن ضدّ تعديل الدستور لشخص بالرغم من انّه ليست لدينا مشكلة مع شخص العماد عون». فيما لفت موقف النائب ملحم خلف، حيث رفض «منطق تعطيل جلسات الانتخاب لقطع الطريق على وصول فرنجية إلى بعبدا»، واكّد انّه والنائبة نجاة عون صليبا «ملتزمان بالموجب الدستوري الذي يفرض بأن يكونا داخل المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية». اضاف: «وبدل الفعل السلبي ندعو المعارضة إلى فعل ايجابي، فلنرشح اي شخصية نريد، ولنبنِ عليه لنخرج برئيس نتوافق على انتخابه».
الأنباء عنونت: الاتفاق السعودي الإيراني يقلب المشهد.. والعين على مستقبل لبنان
وكتبت صحيفة “الأنباء” تقول:
التقارب السعودي الإيراني المرتقب في ضوء الاتفاق على اعادة العلاقات بينهما في المرحلة المقبلة، سيكون العنوان العريض لكل مستجد في المنطقة، وفي العالم، نسبةً لتداعياته السياسية والاقتصادية، وهو تزامن في فترة دولية حساسة ودقيقة، توتّرت فيها العلاقة بين واشنطن والرياض على إثر قرارات أوبك ورفض القيادة السعودية زيادة إنتاج النفط، بعكس ما كانت تأمل الإدارة الأميركية.
التقارب حصل بمسعى صيني، ولهذا إشارة جديدة في ظل انقسام العالم بين معسكرين، غربي أوروبي – أميركي، وشرقي روسي – صيني، وفي ظل دعم السعودية غير المُعلن والمُباشر لروسيا من خلال القرارات النفطية والتوتر الذي استتبعه هذا الأمر مع واشنطن، وكأن هذا التقارب يعيد خلط الأوراق في المنطقة من جديد، بعد فترة من التوتّر.
ولا شك أن هذا المستجد الدولي سينعكس مباشرةً على الوضع في المنطقة، وبشكل خاص لبنان، نسبةً للتأثير الإيراني القوي فيه، وفي اليمن أيضاً، وفي هذا الإطار، كان ثمّة ترحيب سياسي لبناني بالتقارب، وقد علّق رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على الموضوع معتبراً أن “رعاية الصين لعودة العلاقات السعودية الإيرانية إنجاز كبير في تخفيف التوترات في الشرق العربي”.
مصادر متابعة للشأن أشارت إلى أن “هذا التقارب إيجابي للمنطقة، وهو يبعث بجو مفترض من التهدئة النسبية والاستقرار”، وأبدت ارتياحها للانعكاسات التي سيستفيد منها لبنان في الفترة المقبلة، نسبة لتأثير الدولتين القوي فيه.
لكن هذه المصادر تخوّفت في حديث مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية أن يكون الطرفان، وبشكل خاص الإيراني، يهدفان الى شراء الوقت ويسعيان لتحقيق مكاسب في سياق العلاقات مع واشنطن.
الكاتب السياسي فوزي أبو ذياب شدد على ضرورة انتظار ما سيحمله الحدث من انعكاسات على المنطقة، دون أن ينفي أنّه “سينعكس على لبنان، لكن بوابة المتغيّرات التي يجب أن نراقبها، ستكون اليمن، وما إذا كان الحوثيون سينخرطون في المصالحة”.
أبو ذياب وفي معرض تحليله عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية لأسباب هذا التقارب، لفت إلى أن “المتغيّرات التي تواجهها إيران دفعتها لأن تسعى للتقرّب من دول المنطقة، اذ إن العزلة التي تعاني منها اشتدت عليها بعد التغلغل الكبير في الحرب الروسية الأوكرانية، والأزمة الداخلية بعد اندلاع الاحتجاجات”.
ورأى بو ذياب أن المنطقة ستتوجّه نحو توازن جديد، حيث سيكون “للعرب دور وازن، وسيكون لذلك انعكاسات على المنطقة، كما أن للصعود الصيني دوراً أيضاً، ولكن يبقى على إيران إجراءات من الواجب اتخاذها، وأهمها وقف تصدير الأذرع الإيرانية، بالإضافة إلى عدم التدخّل بشؤون دول أخرى”.
وعن الملف اللبناني بشكل خاص، لفت أبو ذياب إلى أن “لبنان مرتبط بشكل قوي بالملف الإيراني، والموقف السعودي واضح لجهة معارضة أي رئيس للجمهورية يسمّيه حزب الله وإيران، لكنةهذا الجو الإيجابي المستجد قد يُعيد الى الواجهة مبادرة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، والتي تكاد تكون الوحيدة لتواكب المستجد الخارجي، وتقرّب وجهات النظر”.
في المحصّلة، فإن التقارب السعودي الإيراني مطلوب منذ زمن، لأن التوتر والاشتباك لا يجرّان إلّا حروباً ودماءً، إلّا أن المطلوب داخلياً الاتعاظ واستغلال اللحظة الاقليمية، ومواكبة التقارب الدولي بتقارب سياسي داخلي، يمهّد الطريق للخروج من النفق الطويل.