قالت الصحف: دولار يرتفع وقوى سياسية غير متعاونة
الحوارنيوز – خاص
في وقت تزداد حدة الأزمة المالية العامة نتيجة تعطل الاقتصاد وحجم المديونية العامة ومواصلة سياسة الحصار المالي من قبل الولايات المتحدة الأميركية، يتفلت الدولار من أي قيد، أما الخطاب السياسي لبعض القوى فيمعن في تعميق الأزمة من خلال عدائه المسبق والنهائي لكل محاولة إنقاذ لا تأتي من البوابة الأميركية وشروطها، فيما المفارقة أنها (القوى نفسها) كانت جزءا مسببا لنشوء الأزمة.
صحيفة "النهار" عنونت:" دولار السوق فالت وإيران تستغل الانكفاء العربي" وكتبت تقول:" إذا كانت زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني لبيروت وجولته على الرؤساء الثلاثة والامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله تصدّرت المشهد السياسي لكونها الزيارة الأولى لمسؤول أجنبي للبنان منذ تأليف الحكومة الجديدة ونيلها الثقة وما يرتبه توقيتها ومضمونها من تداعيات غير مريحة للبنان، فإن ذلك لم يحجب أولوية الهموم المالية والاقتصادية، خصوصاً في ظلّ الترقّب السائد للقرار الرسمي حول تسديد الدفعة المقبلة من "الأوروبوندز" في 9 آذار أو عدم تسديدها. وفيما تترقب الاوساط الاقتصادية والمالية والشعبية جولة المحادثات المهمة والبارزة التي سيجريها لبنان مع بعثة من صندوق النقد الدولي ابتداء من الخميس المقبل، تفاقمت المخاوف من اشتداد مظاهر الأزمة المالية والاقتصادية مع اندفاع سعر الدولار في الأسواق ولدى الصيارفة أمس نحو سقف قياسي جديد اخترق فيه عتبة الـ2500 ليرة لبنانية الأمر الذي شكّل مؤشراً مقلقاً أثار حالاً من البلبلة الواسعة.
وذكر ان النيابة العامة المالية تحركت واطلعت من جمعية المصارف ونقابة الصيارفة على مجريات الامور واسباب الارتفاع المطرد لسعر الدولار في الاسواق المالية، في حين بدا واضحاً ان المناخات المقلقة الناجمة عن فترة تتسم بالغموض الشديد حيال الاجراءات التي ستقدم عليها الحكومة في ما يتعلق بالقرار المفصلي حول الديون من جهة والاجراءات الجديدة التي سيتخذها مصرف لبنان لتنظيم المعايير وتوحيدها حيال اموال المودعين وعمليات السحب قد زادت الحمى المتصاعدة في البلد وفاقمت المخاوف في ظل رواج الشائعات وضياع الحقائق الموضوعية المتصلة بمصير الودائع. وما زاد الامور اضطراباً ان القوى السياسية نفسها المشاركة في الحكومة تساهم في اذكاء المخاوف من اتساع مسالك الازمة المصرفية والمالية بفعل المواقف المتناقضة التي تطلقها وتدلل على انعدام وجود استراتيجية موحدة في ما بينها من شأنها ان تساعد الحكومة على التعجيل في وضع الخطط الفورية والمتوسطة المدى للازمة كما تعهدت في بيانها الوزاري.
في غضون ذلك نقلت"رويترز" عن مصدر مطلع أن فريقاً من خبراء صندوق النقد الدولي سيبدأ مشاورات مع الحكومة اللبنانية في بيروت الخميس، في الوقت الذي يسعى البلد المثقل بالديون إلى مساعدة من الصندوق في التعامل مع أزمة مالية كبيرة.
وطلب لبنان رسمياً مساعدة تقنية من صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي. ويقول الصندوق إن لبنان يطلب مشورة لمساعدته في تنفيذ إصلاحات لاستعادة الاستقرار والنمو، وإنه لم يطلب أي مساعدة مالية.
وعقد رئيس الوزراء حسان دياب مساء أمس اجتماعاً مطولاً في السرايا بعيداً من الاعلام مع ممثلين للبنك الدولي تناول البحث خلاله الازمة المالية التي تعانيها البلاد في ظل رؤية البنك الدولي لهذه الازمة وتصوراته للمخارج الممكنة ومجالات التنسيق بين لبنان والبنك الدولي في هذا المجال.
كما دعا رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابرهيم كنعان، إلى اجتماع للجنة قبل ظهر الخميس يشارك فيه وزير المال غازي وزني وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير. وافيد ان "استحقاق الاوروبوندز يحضر بندًا رئيسًيا في الإجتماع، في سياق السعي للتوصل الى القرار الأسلم الذي يجب أن يتخذه لبنان الرسمي في شأن هذا الاستحقاق المالي، بما يخدم مالية لبنان وسمعته والمودعين على حد سواء".
اما في المواقف السياسية من الازمة، فرد أمس رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع على الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله قائلًا: "الدعوة إلى تشكيل لجنة مشتركة بين جميع القوى للبحث عن حل للأزمة الاقتصادية هي محاولة للتهرّب من المسؤولية، فالقرارات مطلوبة من الحكومة ووحده "حزب الله" يمكنه الآن أن يوقف انهيار البلد، وهو قادر على انتشاله ممّا وصل إليه إذا نفّذ ثلاث خطوات". وأضاف: "على "حزب الله" نزع الغطاء عن حلفائه ومحاربة الفساد بالفعل لا بالقول فقط والانسحاب من مشاكل المنطقة ووقف تدخّله في اليمن وغيرها من الدول وتسليم سلاحه إلى الدولة اللبنانية التي عليها استعادة قرارها الاستراتيجي".
أما زيارة لاريجاني لبيروت، فاثارت مناخات حذرة للغاية في ظل المخاوف من الاستغلال الايراني للانكفاء العربي والغربي والعزلة التي لا تزال الحكومة الجديدة تعانيها وتسعى الى فكها عبر جولات يعتزم رئيسها حسان دياب القيام بها بعد تمهيد الاجواء لمحطاتها. وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ"النهار" إن اعلان النيات الذي اطلقه لاريجاني من بيروت عن استعداد بلاده لمساعدة لبنان يغلب عليه الطابع الدعائي من منطلق نظرة طهران الى بيروت كساحة لتوجيه الرسائل السياسية الى خصومها الاقليميين والدوليين والاعتداد بنفوذها من خلال "حزب الله" وهو الامر الذي لم يخف عن دلالات زيارة لاريجاني ومواقفه المباشرة والضمنية.
وتحت عنوان :" سعر الصرف بلا قيود" كتبت الأخبار تقول:" منذ أكثر من ثمانية أشهر يشهد سعر صرف الليرة مساراً انحدارياً، انتهى أمس إلى انخفاض بقيمة الليرة مقابل الدولار بلغت نسبته 62.5% مقارنة بالسعر الرسمي، ما يعني مزيداً من الفقر والبطالة، فيما ينتظر لبنان وصول فريق صندوق النقد الدولي لتقديم مساعدة تقنية تتيح له اتخاذ قرار بشأن الاستمرار في سداد الديون أو التخلّف عنها وإعادة هيكلتها
"لا داعي للهلع الليرة بخير". هي العبارة الأكثر شهرة اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى طاولات المقاهي وفي الصالونات. تستخدم للتهكّم على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، وكل مسؤول آخر ادّعى أو ما زال يدّعي أن الليرة بخير. فلا أحد ينسى كيف أن سلامة اجتمع بالصرافين قبل بضعة أسابيع وفرض عليهم التقيّد بسعر 2000 ليرة لكل دولار. يومها ضرب برجله أرض الطابق السادس في مصرف لبنان. خرج أعضاء نقابة الصرافين من مكتب سلامة يضحكون في سرّهم. في اليوم التالي انشقّت عن السوق الموازية لدى الصرافين، سوق جديدة هي "السوق السوداء" فأصبح لدينا ثلاث تسعيرات لليرة: السوق النظامية (بين مصرف لبنان والمصارف)، والسوق الموازية (عند الصرافين) والسوق السوداء حيث كل شخص يمكنه بيع الدولار وشراؤه، سواء كان موظفاً في مصرف أم صاحب محل صرافة أم فرداً عادياً أم صاحب شركة… لعلّ سلامة اعتقد أن السياسات النقدية تدار بضربات الأرجل في الأرض، ولعلّه أيضاً اعتقد أن الناس لا تزال تصدّق ما قاله في مقابلة متلفزة عشية التجديد له في حاكمية مصرف لبنان: "طالما أنا موجود الليرة بخير". هل هي فعلاً بخير؟
في الواقع، هناك الكثير من المواقع التي تنشر يومياً تقلبات سعر صرف الليرة في السوق السوداء، لكن أبرزها وأكثرها دقّة موقع "Lebaneselira.org" الذي يستخرج يومياً وفي أوقات مختلفة أسعار مبيع الدولار وشرائه عند عدد من الصرافين في مختلف المناطق. يعرض هذا الموقع ثلاثة أسعار لليرة مقابل الدولار: في السوق النظامية سعر الدولار ثابت عند 1507.5 ليرات وسطياً، وفي السوق الموازية عند الصرافين يحدّد الموقع سعر الشراء بـ2000 ليرة من دون ذكر سعر المبيع، والسعر الثالث في السوق السوداء حيث السعر يوم أمس بدا كالآتي: عند العاشرة صباحاً كان سعر شراء الدولار 2375 ليرة وكان سعر مبيعه 2450 ليرة، وعند الواحدة والنصف بعد الظهر صار سعر الشراء 2450 ليرة وسعر المبيع 2525 ليرة. عملياً، فإن السعر الوسطي ليوم أمس مبيعاً وشراءً، يبلغ 2450 ليرة مقابل الدولار الواحد، أي أعلى بقيمة 942.5 ليرات مقارنة مع السعر النظامي المحدّد من مصرف لبنان بنحو 1507.5 ليرات وسطياً، أو بنسبة زيادة تبلغ 62.5%.
إذاً، كما يظهر، فإن الليرة ليست بخير أبداً. عملياً، هذه التقلبات في السعر لا تشغل بال المتابعين الذين بات واضحاً لديهم منذ منتصف السنة الماضية أن المسار الانحداري لسعر الليرة سيطر على السوق. ويشير هؤلاء إلى أن الأحداث المترابطة مع سعر الليرة هي السبب المباشر لهذه التقلبات، كالذي حصل منذ يومين بعد إعلان شركة طيران الشرق الأوسط بيع تذاكر السفر بالدولار الأميركي (قبل أن تتراجع في اليوم نفسه)، لكنّ هناك أسباباً بنيوية تدفع في هذا الاتجاه منذ فترة طويلة؛
فمع تقلّص احتياطيات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية من 35.5 مليار دولار في نهاية 2018 إلى 29.5 مليار دولار في نهاية 2019 وتدخّل مصرف لبنان بائعاً للدولار بقيمة 3 مليارات دولار بين حزيران 2019 وأيلول 2019، وصولاً إلى فقدانه نحو 500 مليون دولار بين أول شباط 2020 والخامس عشر منه، ورغم احتساب 5.7 مليارات دولار من سندات اليوروبوندز التي يحملها مصرف لبنان في محفظته ضمن احتياطيات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية، ومع ازدياد التزامات مصرف لبنان بقيمة 800 مليون دولار في هذه الفترة… بدأت تتكشف ظواهر متصلة بسعر الصرف ناجمة عن ضعف قدرة مصرف لبنان في الدفاع عن السعر المدعوم، أي السعر المعلن منه ومعمول به فقط لدى المصارف، من أبرزها نشوء ثلاثة أسواق لسعر الصرف، وفرض المصارف قيوداً وضوابط على حرية سحب الأموال وتحويلها… كل ذلك زاد من هلع أصحاب الحسابات المصرفية ولجأوا إلى تحويل أموالهم من الليرة إلى الدولار، فارتفعت معدلات الدولرة من 69.8% في نهاية 2018 إلى 75% في نهاية 2019.
عملياً، لم يعد هناك استقرار في سعر صرف الليرة. وبات السعر ينخفض ويرتفع ربطاً بأحداث يومية ليس بالضرورة أن تكون مالية واقتصادية، وإن كان تأثير الأحداث المالية أكبر، مثل إعلان شركة طيران الشرق الأوسط المملوكة من مصرف لبنان أنها ستبيع تذاكر السفر بالدولار، ومثل الحديث عن التوقف عن سداد سندات اليوروبوندز أو الاستمرار في دفعها.
وتحت عنوان:" ايران تجدد عرضها بالمساعدة … هل يقبل لبنان؟" كتبت :" جدد رئيس مجلس الشورى في ايران علي لاريجاني في محادثاته امس مع الرؤساء الثلاثة العرض الإيراني بتقديم المساعدة الى لبنان للخروج من أزمته الاقتصادية لا سيما في ملف الكهرباء. فهل ستحرر الحكومة اللبنانية من الإملاءات الغربية وتتخذ قرارا جريئا بقبول الدعم؟
صحيفة "اللواء" عنونت:" إعلان تصور لسداد الديون الخميس بعد المحادثات مع صندوق النقد زيارة لاريجاني لا تخدم توجه دياب الخليجي .. والحراك يعود الى الساحات" وكتبت تقول:" رجحت مصادر دبلوماسية غربية ان لا تخدم زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني إلى لبنان، ما جهدت حكومة "مواجهة التحديات" على تصويره انها "حكومة مستقلة"، معربة عن خشيتها من تعزيز توجه دول الخليج والمانحين الأجانب في عدم تقديم أية مساعدة مالية أو غير مالية.
ومع ان لبنان، حتى ضمن سياسة "النأي بالنفس" لا يمكنه الا ان يُرحّب بأي زائر، أو مسؤول في دولة صديقة، أو تربطه معها علاقات دبلوماسية، فإن المراقبين يعتقدون ان التوقيت الذي تمت فيها زيارة المسؤول الإيراني لا يخدم التوجه اللبناني باتجاه دول الخليج.
ونسبت وكالة "رويترز" لدبلوماسي عربي في الخليج ان قطر فقط إلى الآن هي التي دعت دياب لزيارتها. وقال الدبلوماسي "لن تدعوه أي حكومة أخرى في الخليج؛ للزيارة ولم ترد قطر فورا على طلب للتعليق حول ما إذا كانت قد وجهت دعوة.
وقال مكتب الرئيس ميشال عون ان عون تلقى دعوة لزيارة إيران خلال اجتماعه مع لاريجاني يوم أمس.
واكتفت مصادر مقربة من قصر بعبدا بالاكتفاء بالبيان الرسمي وما تضمنه من معلومات والذي كان قد صدر في أعقاب لقاء الرئيس عون مع لاريجاني.
ولوحظ ان الضيف الإيراني اعرب عن استعداد بلاده للمساعدة على تحسين الأوضاع الاقتصادية في البلاد وان رئيس الجمهورية ردّ مرحباً بالضيف وحمله تحياته الىالرئيس الإيراني وتمنياته للشعب الإيراني بالتوفيق ودوام الاستقرار.
الخميس يوم حاسم!
وعلى وقع صيحات المحتجين امام الباحة الخارجية لمصرف لبنان، كان الحاكم رياض سلامة يعقد اجتماعاً مع رئيس جمعية المصارف موضوعه: كيفية التعامل مع استحقاقات اليوروبوندز، وما المساهمة الممكنة للمصارف على هذا الصعيد.
المعلومات القليلة التي توافرت لـ"اللواء" تركزت حول الآتي:
1- اتفاق على ان تساهم المصارف في تحمل جزء من أعباء الحل.
2- الاتجاه إلى مفاوضة الدائنين باتجاه تأخير سداد الديون.
3- الاستماع إلى رؤية صندوق النقد الدولي..
4- عقد مؤتمر صحفي بعد غد الخميس لإعلان صيغة الحل المتعلقة بتسديد "اليوربوندز" من قبل جمعية المصارف.