قالت الصحف: خطة الحكومة الإنقاذية ما لها وما عليها
الحوارنيوز – خاص
تمحورت إفتتاحيات الصحف الصادرة اليوم حول مضمون خطة الإصلاح المالي والإقتصادي للحكومة وتبيان ما لها وما عليها والمواقف السياسية المرافقة لإقرارها.
• صحيفة "النهار" عنونت:" عراضة الخطة الحكومية: إنقاذ يفاقم التصعيد السياسي" وكتبت تقول:" باحتفالية مضخمة أريد لها ان تشكل اطاراً استعراضياً متقدماً لإظهار "تحرر" الحكومة أخيراً من القيود المعروفة التي كانت تحول دون توجهها من دون تحفظات نحو صندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي في طلب المعونات والمساعدات وإطلاق مفاوضات إعادة هيكلة الديون، حوّل رئيسا الجمهورية ميشال عون والحكومة حسان دياب جلسة مجلس الوزراء لاقرار الخطة المالية والاقتصادية للحكومة الى "يوم تاريخي" بزعم انها المرة الأولى التي تطلق فيها حكومة هذا المولود السحري. والحال انه بصرف النظر عن مقاربة مضمون الخطة التي ستحتاج في قابل الأيام الى كثير من التمحيص والتحليل بين الإيجابي والسلبي من فصولها وأبوابها وبنودها واتجاهاتها في المجالات المالية والاقتصادية والمصرفية والاجتماعية والإصلاحية، فإن الغلاف السياسي والإعلامي الذي حرص العهد ورئيس الحكومة على اسباغهما على الخطة كإنجاز انقاذي نادر غير مسبوق، كاد يسقط في مهده نظرا الى المغالاة التضخيمية التي افقدت تطورا كهذا الجدية والصدقية الكاملتين اللتين يقتضيهما وسط بلوغ الازمات الداخلية سقوف احتقان وتصعيد قياسية لم يقصر رئيس الحكومة حسن دياب بنفسه في التحذير منها خصوصا لدى مقاربته الاخطار المخيفة لاعادة تفلت اللبنانيين من موجبات التعبئة، ودقه جرس الإنذار حيال خطر التفشي الاوسع لوباء كورونا في المرحلة الثانية ما لم يمتثل اللبنانيون لتوجهات الحكومة حيال مراحل التعبئة. اذاً غلب توظيف الخطة دعائيا وسياسيا على انتظار الموجات الأولى من تسويقها داخليا وخارجيا في ما بدا ترجمة لإصرار العهد ورئيس الحكومة ومن يدعمهما على جعل هذا الاستحقاق وسيلة إضافية من وسائل تصفية الحسابات السياسية مع الخصوم ومحاولة فرض أعراف وأنماط جديدة باتت تنذر بتفجير سياسي شديد الوطأة والخطورة على البلاد. والواقع ان الخطة الانقاذية التي اقرها مجلس الوزراء امس كانت الثانية او الثالثة على الأقل في عهد الرئيس عون نفسه، اذ ان حكومة الرئيس سعد الحريري كانت قد اقرت لتوها خطة إصلاحية متكاملة قبيل استقالتها بأسابيع عقب اندلاع انتفاضة 17 تشرين الأول من العام الماضي وحظيت آنذاك بدعم مجلس الوزراء وبدعم داخلي وخارجي واسعين.
ووفق المعلومات المتوافرة لـ"النهار" فان رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أصرا على اقرار برنامج الحكومة الاصلاحي قبل الذهاب في عطلة عيد العمال، واعتبرا تاريخ اقرارها "يوماً تاريخياً". ونزولاً عند هذا التوجه، أصدرت الأمانة العامة لمجلس الوزراء القرار بالموافقة في هذا التاريخ، وطلب في صدر القرار "ان يصار الى تنقيح النسخة العربية عند الاقتضاء عبر متخصصين يكلّفون من قبل وزارة المالية بهدف مطابقتها لغوياً وفنياً للنسخة الإنكليزية ".
اما الاعتراضات على بند تحرير سعر صرف الليرة فأدت الى تعديله وتثبيته في الشكل فيما ترك هذا السعر مرناً وفقاً للتطورات والمفاوضات عند بدء تطبيق الخطة، وعندها يعتمد نظام الزحف التدريجي او ما يعرف crawling peg بحيث يصل سعر الدولار الى 3500 ليرة.
ومع ان لا هيركات علنية في الخطة الا ان اموال المودعين ستخضع لنظام الـbail in حتى وان عدل ليكون اختيارياً وليس الزاميا، اي انه يعود لأصحاب الودائع ومن دون تحديد سقف لودائعهم شراء اسهم بجزء من أموالهم او الإبقاء عليها ضمن مهل محددة.
وأثر البلبلة التي شاعت جراء عدم ادخال التعديلات على النسخة العربية والتي اصر عليها الوزراء عماد حب الله وحمد حسن وعباس مرتضى، صدر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء بيان اوضح "أن برنامج الحكومة الاصلاحي المعتمد راهناً هو ذلك المعدّ باللغة الانكليزية، بانتظار تنقيح النسخة العربية وهي غير نهائية".
وجاء ابرز تعديلين على النص النهائي للخطة بناءً لملاحظات الوزراء حبّ الله وحسن ومرتضى الذين اعترضوا على هاتين النقطتين قبل تعديلهما وطلبوا عند اقرار الخطة تسجيل موقفهم في المحضر.
ولحظت الخطة ايضاً استعادة الاموال المنهوبة على ان تشمل اجراءاتها كل من يتعاطى الشأن العام من سياسيين ورسميين. وهذه التدابير المقدمة من وزارة العدل لمكافحة الفساد ستستكمل دراستها تمهيداً لاقرار ما تبقى منها في جلسة تعقد الثلثاء المقبل في السرايا. كما ان رئيس الجمهورية دعا رؤساء الكتل النيابية الى لقاء في قصر بعبدا في الحادية عشرة قبل ظهر الأربعاء المقبل لعرض برنامج الحكومة.
• صحيفة "الاخبار" عنونت:" الخطة الحكومية مفخخة بصندوقين" وكتبت تقول:" في الخطة المالية التي أقرّتها الحكومة أمس إيجابيات كثيرة. إيجابيات يمكن القول إنها كانت لا تخطر على بال كثيرين، «ولو في الأحلام
. ليس أمراً هيّناً إحصاء الخسائر، في لبنان. ذلك أمر طبيعي أينما كان، في دولة أو في شركة. لكن في لبنان، الدولة التي انتظرت أكثر من عقدين لتصحيح حسابات الدولة، يصبح إحصاء الخسائر أمراً صعب المنال. فعلت الحكومة ذلك. والأصعب، هو صدور قرار عن مجلس الوزراء، يضع للمرة الأولى أصحاب المصارف أمام مسؤولياتهم، فيجعل كل رساميل البنوك في خدمة إطفاء الخسائر، ما يعني، في حال تحقق ذلك، انتهاء ملكيات المصارف الحالية، ودفع أصحابها إما إلى ضخ رساميل جديدة للحفاظ على حصصهم، أو اضطرارهم إلى التعامل مع شركاء جدد. لكن ذلك، وغيره الكثير من الإيجابيات في الخطة، تقابله ثلاث سيئات تثقّل موازينها، اثنتان منها من «الكبائر
.
الأولى، هي إنشاء صندوق هدفه تعويض الخسائر. ليست المشكلة في الأصل، بل في تكوين هذا الصندوق. سيتكوّن هذا الصندوق من المال المنهوب. يقول وزراء يدافعون عن الخطة، إن المال المنهوب يشمل كامل أرباح الهندسات المالية مثلاً، والفوائد التي تفوق قيمتها الخمسين ألف دولار، والمال المسروق خلافاً للقانون. حتى الآن، لا مشكلة في ذلك. لكن الخطير هو أن توضع في الصندوق عقارات الدولة، ومؤسسات عامة أو مملوكة من مصرف لبنان. ماذا يعني ذلك؟ الخصخصة، وإن جرى تمويهها بما يُسمى الشراكة بين القطاعين العام والخاص. ويعني ذلك أيضاً أن الأموال العامة، أموال اللبنانيين جميعاً، ستُستخدم لتعويض المودعين، وخاصة الكبار منهم. يخفف وزراء من وقع ذلك قائلين إن «رساميل المصارف و«الأموال المستعادة
ستغطي جزءاً كبيراً من الخسائر. والخصخصة ستكون آخر الدواء
. لكن التدقيق في ذلك يكشف أن كل ما له صلة باستعادة الأموال يحتاج إلى قوانين، وسيخضع تالياً لموازين القوى داخل مجلس النواب، حيث القدرات الفائقة لأصحاب المصلحة من عدم إقرار هذه القوانين. أما بيع أملاك الدولة، أو استثمارها بما يؤدي إلى استخدام عائداتها لتعويض المودعين، فيسيل له لعاب معظم القوى السياسية، ومراكز النفوذ المالي والاقتصادي. هذا الصندوق هو اللغم الأول.
«الكبيرة
الثانية، هي الصندوق «الأكبر
، صندوق النقد الدولي. قررت الحكومة الطلب إليه تقديم برنامج للبنان. أي أن الدولة قررت أن تطلب منه وضع دفتر شروط لإقراضها. وشروط صندوق النقد واضحة في تقاريره السابقة عن لبنان. أولها خفض حجم القطاع العام. والقطاع العام في لبنان ينقسم إلى عسكريين وأساتذة تعليم رسمي وموظفي قطاع عام. لن يجرؤ أحد على المس بالعسكر. وموظفو الإدارة قليلو العدد، حيث الشغور يفوق نسبة خمسين في المئة. يبقى أساتذة التعليم الرسمي. المسّ بهؤلاء يعني عودة المدرسة الرسمية إلى أيام كان في الصف الواحد أكثر من 40 تلميذاً، ويؤدي إلى تراجع جودة التعليم الرسمي، ودفع السكان دفعاً نحو منظومة المدارس الخاصة التي يحاولون الهرب منها. ومن شروط الصندوق أيضاً، خفض الإنفاق على الصحة، ما يعني تلقائياً خفض ما تدفعه وزارة الصحة لتغطية استشفاء غير المضمونين، وهم من الطبقات الأكثر ضعفاً. وفي الأصل، فإن برامج الصندوق مبنية على الدفع بعد تنفيذ الشروط. والدفع ليس هبة، بل دَيناً، يُقدّم لتمويل عجز ميزان المدفوعات، أي لتمويل الاستيراد بالدرجة الأولى. وبهدف الحفاظ على قدرة البلد، طالب البرنامج بتسديد ديونه. فهل هذا ما يحتاج إليه الاقتصاد اللبناني؟ المشترَك الخطِر بين الصندوقين هو أن الحكومة تأتي بتمويل لتسديد الخسائر في القطاع المصرفي، وبديون لاستدامة الدين وتمويل الاستيراد. سيجري ذلك على حساب الاستثمار في الإنتاج، والنهوض الاقتصادي، وخفض البطالة، والإنفاق على شبكات الأمان الاجتماعي. من أين سيؤتى بالمال للإنفاق على ما تقدّم؟ من «سيدروأشباه «سيدر، ما يعني الاستمرار بالسياسات السابقة.
عدم اتخاذ قرار بشأن سعر الصرف يعني تركه لمشيئة صندوق النقد الدولي
ثمة خطر إضافي في اللجوء إلى صندوق النقد، يُضاف إلى شروطه القاسية بشأن رفع الدعم عن كُل ما يُدعم (القمح مثلاً، الكهرباء…) وزيادة الضرائب… الخطر يتمثّل في التوقف مستقبلاً عن الاستجابة لشروط الصندوق، فهذا ما سيدفعه إلى الانسحاب من تنفيذ برنامج للبنان. هل يتخيّل أحد أن الاقتصاد المنكمش، وغير المنتج، سيتحمّل كلفة خروج الصندوق بعد دخوله؟ لا بأس هنا بمراجعة تجارب دول ذات اقتصاد أكبر بأضعاف من الاقتصاد اللبناني، وما جرى عليها بعد تخلفها عن تلبية شروط صندوق النقد.
وهنا، لا بد من الإشارة إلى أسطورة تزعم أن صندوق النقد سيأتي بالإصلاح الذي سيطيح الفساد، على قاعدة أن «المؤسسات الدولية
طاردة بطبيعتها للفساد. لا يحتاج دحض هذه الأسطورة إلى أكثر من الاطلاع على التجربة المصرية. في بلاد النيل، لم يفعل صندوق النقد سوى تمويل منظومة الفساد المتحكمة بالاقتصاد.
تبقى مشكلة ثالثة رئيسية في الخطة الحكومية، وهي عدم اتخاذ قرار بشأن سعر الصرف الرسمي لليرة. وهذا السعر تحرّر فعلاًَ، حتى بات اليوم أربعة أسعار على الأقل. ورغم ذلك، قررت الحكومة، في خيار يبدو شعبوياً لا أكثر، القول إنها ستُبقي سعر الصرف الرسمي على حاله، أو إرجاء القرار بشأنه إلى مرحلة لاحقة. الخطورة في ذلك أنه قد يؤدي عملياً إلى ترك القرار بيد صندوق النقد الدولي، الذي سيطالب بتحرير سعر الصرف، وتركه للعرض والطلب، فيما كان بمقدور الحكومة وضع سياسة لإدارته، والتحكم به، لتفادي انهياره عند كل أزمة، أو عندما يشاء المضاربون. أما الحفاظ عليه كما هو حالياً، فيحتاج إلى الإجابة عن سؤال: بأيّ دولارات سيدافع مصرف لبنان عن السعر الرسمي لليرة؟
• صحيفة "الجمهورية" عنونت:" المعارضة التقليدية تخلّص السلطة" وكتبت تحت هذا العنوان:" تُواجه السلطة الحالية جبهات معارضة وناقمة عدة، وأخرى يُعمل على إحيائها أو إنشائها، سياسياً وشعبياً. إلّا أنّ الجبهات المعارضة الراهنة أو التقليدية، لن تؤتي النتائج المرجوّة على صعيد الحلّ السياسي – النقدي – المالي – الإقتصادي للأزمة الراهنة، بحسب متابعين، بل إنّ أيّ جبهة تتطلّب تغيير المطالب.
ترى مصادر سياسية معارضة أنّ "فريق 8 آذار غير موحّد ومنقسم، والأهمّ أنّ هذا الفريق أصبح أمام اللبنانيين جميعاً المسؤول عن فشل الحكومة، لأنّه الذي يقف خلفها، وهو مَن أفشلها، وسيتحمّل مسؤولية الكارثة المالية التي وصل اليها لبنان".
وتعتبر أنّ "إحياء جبهة 14 آذار سيؤدي الى شدّ عصب قوى 8 آذار في مقابل قوى 14 آذار، وبالتالي ستقع المَلامة على الوضع المتردّي على هذا الإنقسام، فيما أنّ العهد الحالي وفريق 8 آذار لا يُمكنهما الآن تحميل المسؤولية لأيّ جهة أخرى لأنّ هذا الفريق لا شريك له في الحُكم، وهو الآمر الناهي، انطلاقاً من الأكثرية النيابية والوزارية التي يتمتع بها. وبالتالي، هو يتحمّل مسؤولية الكارثة التي حلّت بلبنان".
إنطلاقاً من هذا الواقع، ترى هذه المصادر "أنّه يجب ترك هذا الفريق والعهد يتخبّطان بالوضع الذي هما فيه، وعدم منحهما حبل نجاة سياسي من خلال إحياء التحالفات القديمة التقليدية".
وإنّ إعادة إحياء جبهة 14 آذار، تحول دونه مجموعة عوامل، ومن بينها افتقادها للدعم الخارجي، تحديداً الإقليمي – العربي – السعودي. على رغم ذلك، ترى مصادر سياسية معارضة أخرى أنّ "هناك ضرورة لتعاون الجهات المعارضة كلّها بعضها مع بعض لتكوين معارضة فاعلة، واضحة ومحددة الأهداف".
وتقول: "نحن لسنا مثل "حزب الله" ولا نعمل وفق دعم إيران وقراراتها وأهدافها ومصالحها، نحن مجموعة لبنانية معارضة على أساس سياسي – إقتصادي وتعمل بحسب هذه الطريقة، حتى لو أننا لا نحظى بأيّ دعم إقليمي أو خارجي". وتعتبر أنّ "المساعدة أو الدعم هما لاحقان، وإذا حصلا لن يقتصرا على السعودية فقط، فهذه العلاقة تشهد "طلعات ونزلات" وترتبط بسياسة كلّ ملك، وإذا تكوّنت معارضة حقيقية على عنوان سياسي واضح فقد تتمكّن من أن تحظى بدعم للبنان من أكثر من دولة حليفة، إن من الدول الغربية أو العربية والخليجية.. فهذا الدعم يتخطّى العلاقة مع دولة واحدة". وتجزم هذه المصادر أنّ أيّ معارضة لا يُمكن أن تستثني مجموعات الحراك الشعبي.
لكن هذا الحراك قائم منذ "انتفاضة 17 تشرين" أقلّه، على وضع كلّ القوى السياسية في دفّة واحدة، معترضاً عليها كلّها، ومطالباً بعدم تولّيها أيّ مسؤولية في السلطة أو الحكم، ورافضاً التعاون معها، لأنها تتحمّل مسؤولية إفشال الدولة والإنهيار الذي يواجهه لبنان على الصعد كلّها. طريقة العمل هذه، لم تؤتِ أيّ نتيجة، حسب الجهات السياسية المعارضة، فكان الأجدى بهذا الحراك، أقلّه التعاون مع كتل نيابية "على القطعة" لترجمة مطالبه، لا سيما منها تلك التي تقع في إطار المحاسبة، وذلك تشريعاً وقوانين وضغطاً على الحكومة لاتخاذ القرارات المطلوبة في هذا الإطار.
ويعتبر معارضون أنّ "كلّ احتلال يوصِل الشعب أن ينزل الى الشارع ليطالب بلقمة العيش، بدلاً من المطالبة بالسيادة. وتاريخياً وفي كلّ دول العالم، لا دولة تعيش تحت الإحتلال، تكون مزدهرة اقتصادياً. وبالتالي، إنّ كلّ ما يقوم به المنتفضون لن يؤتي أي نتيجة اذا لم يقولوا إنّ مشكلتنا الفعلية هي في هَيمنة "حزب الله" على قرار الدولة".
وتقول: "لا يُمكن استهداف القطاع المصرفي وحاكم مصرف لبنان، والمطالبة بإعادة الأموال التي خرجت شرعياً، من دون المطالبة بالدولارات التي هُرّبت الى سوريا والتي تفوق المليار دولار، ولا يُمسّ بالصرافين الذين يحرّكهم "حزب الله".
وترى "أننا وصلنا الى مرحلة لن ينفع فيها حتى استعادة الودائع، التي إذا أعيدت الى المصارف، سيهجم المودعون لسحبها كلّها"، معتبرةً أنّ "المشكلة تكمن في الثقة المفقودة".
إنطلاقاً من هذه المعطيات، تجمع غالبية القوى السياسية المعارضة على أنّ جبهة المعارضة الوحيدة الفاعلة، يجب أن تكون سياسية – شعبية، وأن تتمحور على إعادة لبنان الى محيطه العربي وموقعه لدى الغرب، بلا أيّ تسويات داخلية سلطوية أو محاصصاتية، ويكون هدفها الضغط على السلطة والعهد و"حزب الله" لتغيير النهج السياسي والأداء الإداري بغية الوصول الى الحلّ الإقتصادي، إذ إنّ جزءاً أساسياً من الأزمة هو سياسي، وبالتالي إنّ الجزء الأساس من الحلّ هو سياسي.
وتؤكّد مصادر معارضة أنّ "الإحتجاجات الشعبية إذا ظلّت عناوينها متركّزة على المطالب المعيشية أو التعدي على الأملاك الخاصة ومهاجمة المصارف، فلا يتوقع أحد أنّها ستخرج لبنان وشعبه من أزماتهما، وإذا لم يتوجّه المنتفضون الى مَكمن المشكلة، عليهم أن يعتادوا العيش في بلد لا يُمكنه الاستيراد وضُرب قطاعه السياحي… وسيُصبح لبنان مثل فنزويلا وإيران، وعليهم أن يتكيّفوا مع هذا الواقع".
وإنّ تغيير اتجاه الحراك وتعاونه مع قوى سياسية معارضة سبق أن تولّت الحكم في السنوات الأخيرة أو منذ أوائل تسعينات القرن الماضي، لا يعني، بحسب المصادر نفسها، تَبرئة أيّ من هذه القوى، بل يكون التعاون ظرفياً وآنياً لتحرير لبنان من سبب مشكلته الأساسية، ثمّ تحويل الحراك الى أهداف أخرى تُعتبر أجزاء ثانوية من المشكلة.
وتشير الى أنّ الإنتفاضة الشعبية تمكّنت من إخراج غالبية القوى السياسية من السلطة ومن إسقاط الحكومة السابقة، إلّا أنها لم تتمكّن من إسقاط "حزب الله" أو القوى التي يدعمها، وعلى رغم ذلك تفاقمت الأزمة. وهذه إشارة عملية أساسية إلى مَكمن المشكلة وحلّها. وخلاف ذلك، ستظلّ أيّ حركة احتجاجية سياسية أو شعبية تدور في حلقة مفرغة.