قالت الصحف: حركة ناشطة داخليا وخارجيا لتفادي التصعيد في لبنان

الحوارنيوز – صحف
ركزت الصحف الصادرة اليوم على الحركة الناشطة في الداخل والخارج لتفادي التصعيد في لبنان ، لا سيما جولة الدبلوماسيين في جنوب لبنان والمساعي الفرنسية في هذا الصدد.
النهار عنونت: فرنسا تتخوّف من ازدياد احتمالات التصعيد… جولة السفراء جنوباً تستبق لقاءات باريس
وكتبت صحيفة “النهار”: اكتسبت الاتصالات والتحركات المتصلة بالوضع الشديد الحراجة بين لبنان وإسرائيل، مع انطلاقة الأسبوع الحالي، دلالات مفصلية جدية من شأنها أن ترسم خلاصات شبه حاسمة للسباق الحاد الجاري بين جهود ديبلوماسية بارزة تقودها خصوصاً فرنسا، كما تسعى إلى ما يواكبها مصر لمنع تصعيد إسرائيلي واسع في لبنان واندفاع الدولة العبرية نحو مزيد من التهديدات بعملية واسعة بعد نهاية السنة الحالية. ولعل أبرز ما تصاعد إلى الواجهة في الساعات الأخيرة مبادرة قيادة الجيش اللبناني الى تنظيم جولة ميدانية للسفراء العرب والأجانب في منطقة جنوب الليطاني، بحيث شكلت إثباتاً حسياً وميدانياً ومعاينة ديبلوماسية حيّة حيال ما أنجزه الجيش من نزع السلاح في معظم هذه المنطقة. واتخذت الجولة دلالاتها في توقيتها عشية اجتماع باريس المتعدد الطرف للبحث في إمكانات لجم التصعيد العسكري من جهة، والتحضير لمؤتمر دعم الجيش اللبناني من جهة أخرى. وإذ كانت الأنظار تتجه إلى نتائج زيارة الموفد الأميركي توم برّاك لإسرائيل، لم تظهر المعلومات تركيزاً كبيراً على لبنان ما لم تتكشف في الساعات المقبلة معطيات إضافية مختلفة. إذ استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي وفق مكتبه الإعلامي في مكتبه في القدس سفير الولايات المتحدة لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا توم برّاك الذي قال بعد اللقاء: “أجرينا حوارًا بنّاءً لتحقيق السلام والاستقرار الإقليميين”.
غير أن اللافت في الساعات الأخيرة تمثل في إعلان وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو “أننا نعمل على آلية ثانية لمتابعة نزع سلاح حزب الله”.
وأفادت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين، أن العاصمة الفرنسية تبدو قلقة جداً من احتمال تصعيد إسرائيل عملياتها في لبنان بعد عملية سيدني وتصريحات الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم حول رفضه نزع سلاح الحزب. وأشارت مصادر فرنسية إلى أن باريس تسعى إلى منع تصعيد تراه مقبلاً. وسيشارك في الاجتماع الباريسي حول لبنان في 18 من الجاري، السفير الأميركي في لبنان ميشال عيسى، علماً أن الاجتماع سيجمع الموفد الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان والموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان والموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس وقائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل. وسيكرّس حضور السفير عيسى صفته كمسؤول عن الملف اللبناني، كما أن قائد الجيش سيكون له لقاء مع نظيره قائد الجيش الفرنسي في وزارة الدفاع ثم ستكون له لقاءات في الاليزيه والخارجية.
وسيتناول المجتمعون الوضع في لبنان واتصالات أورتاغوس بالإسرائيليين، كما أن العماد هيكل سيطرح مع الفرنسيين حاجات الجيش اللبناني لأن باريس ما زالت تسعى لإقناع السعودية بقبولها عقد مؤتمر لدعم الجيش اللبناني في الرياض، وهي لم ترفض حتى الآن ولم تقبل. وتجهد باريس لمنع توسيع التصعيد الإسرائيلي وهي ترى أن على لجنة الميكانيزم أن تقوم بالتحقيق على الأرض بمساعدة اليونيفيل في ما يقوم به الجيش اللبناني الذي يقول إنه اقترب من نزع سلاح “حزب الله” في معظم الأماكن في الجنوب. وإذ تنعقد الميكانيزم في لبنان في 19 الحالي تقرّرَ أن يحضر لودريان اجتماعها.
وترى باريس أنه يجب أن يتم الاتفاق بين اليونيفيل والميكانيزم للقيام بمهمة التحقق على الأرض لإزالة حجج إسرائيل في توسيع عمليات القصف والتصعيد.
كما ترى باريس في المقابل أن “حزب الله” يسيء فهم اتفاق اطلاق النار، إذ يدّعي أنه يتضمن نزع السلاح في جنوب الليطاني فقط، في حين أنه يقوم على نزع سلاح الحزب في كل لبنان وهذا مدوّن “أسود على أبيضّ” في الاتفاق.
وتعزّزَ الموقف الفرنسي بالبيان الذي صدر عن الاتحاد الأوروبي أمس، والذي اعتبر أن رفض “حزب الله” نزع سلاحه والضربات الإسرائيلية في لبنان يهددان استقرار لبنان.
وفي موازاة ذلك، برزت أمس الجولة الميدانية التي نظمها الجيش اللبناني لوفد من السفراء والملحقين العسكريين العرب والأجانب، لإطلاعهم على مسار تطبيق خطة سحب الســلاح وعلى الاعتداءات الإسـرائيلية. وقد وصل صباحا قائد الجيش العماد رودولف هيكل والوفد إلى ثكنة صور حيث كان في استقبالهم قائد قطاع جنوب الليطاني العميد الركن نيكولا تابت، وعقد الوفد لقاء استمع خلاله من العميد تابت إلى شرح عن تنفيذ عمليات الجيش، بعدها غادر الوفد في اتجاه منطقة القطاع الغربي في صور للاطلاع على عدد من مراكز الجيش التي تمركز فيها عند الحافة الأمامية على الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل. وانطلق الوفد من ثكنة بنوا بركات في صور، باتجاه قرى القطاع الغربي، لا سيما عيتا الشعب ووادي زبقين، للاطلاع على ما أنجزه وينجزه الجيش، لناحية حصر السلاح، وأفيد أن الجولة شملت منشأة لـ”حزب الله” في وادي زبقين ومركزاً للجيش اللبناني.
وأشارت المعلومات إلى أن العرض الذي قدّمه الجيش اللبناني للسفراء شهد تركيزًا على تقييم المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح، وآليات الانتقال إلى المرحلة الثانية والعراقيل التي تواجه الجيش. وخلال اللقاء، شدّد العماد هيكل على أهمية دعم الجيش والتزام جميع الأطراف باتفاق وقف الأعمال العدائية واحترام سيادة الأراضي اللبنانية.
وفي السياق نفسه، أكد رئيس الجمهورية جوزف عون أن “الاتصالات مستمرة في الداخل والخارج لتثبيت الأمن والاستقرار في الجنوب من خلال المفاوضات عبر لجنة الميكانيزم”. وشدّد عون “على ضرورة أن يتمتع الجميع بالحس الوطني وبالمسؤولية، فللوحدة الوطنية أهمية كبيرة في تعزيز الموقف اللبناني خصوصاً خلال المفاوضات”. وشدد على أن “تصويب البعض على الدولة لن يعطي أي نتيجة، لأن رهان اللبنانيين عليها ثابت وقد عادت الثقة بها”.
في جانب آخر من المشهد السياسي، تعود الأنظار إلى ملف الخلاف العميق حول قانون الانتخاب في ظل شلل جلسات مجلس النواب. فقد دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى عقد جلسة عامة في الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الخميس المقبل، وذلك “لمتابعة درس مشاريع وإقتراحات القوانين، التي كانت مدرجة على جدول أعمال جلسة 29 أيلول 2025.”
في السياق، وفي تذكير بضرورة طرح مشاريع القوانين المقدمة المتعلقة بقانون الانتخاب، علّق رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل على دعوة بري كاتبًا على “اكس”:
“المادة 109 من النظام الداخلي: للرئيس طرح الاقتراح أو المشروع المعجّل المكرّر على المجلس في أول جلسة يعقدها بعد تقديمه حتى ولو لم يدرج في جدول الأعمال”.
الأخبار عنونت: هيكل لسفراء العالم من الجنوب: أخبروا عن عدوان إسرائيل | أميركا تقترح «آلية التحقّق» لـ«تُستعاد الثقة بالجيش»
وكتبت صحيفة “الأخبار”: عشية أسبوعين حافلين باللقاءات والاجتماعات المرتبطة بالجبهة اللبنانية مع العدو، تتجه الأنظار إلى زيارة المبعوث الأميركي توم براك لكيان العدو، بالتزامن مع زيارة رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي لبيروت، إضافة إلى اجتماعات مُرتقبة في باريس بمشاركة أميركية وسعودية، وصولاً إلى اللقاء المُنتظر في نهاية الشهر الجاري بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو.
وبالتوازي مع تسريبات مُكثّفة في إعلام العدو عن «ضغوط أميركية لمنع تنفيذ عملية عسكرية واسعة»، تكثّفت الاستفسارات في بيروت حول ما إذا كانت واشنطن قد منحت لبنان مهلة إضافية تمتدّ حتى نهاية آذار المقبل، لإنجاز خطة حصر السلاح جنوب نهر الليطاني.
كما تزايد الاهتمام بمعرفة نتائج اللقاء الثلاثي الأميركي – الفرنسي – السعودي في باريس مع قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل، وما إذا كانت نتائجه ستنعكس على مسار التحضير لمؤتمر دعم الجيش اللبناني. وبحسب المصادر نفسها، فإنّ هيكل، الذي سيشارك في اجتماع باريس، سيعرض بالتفصيل المهمات التي نفّذها الجيش في مختلف المناطق اللبنانية، لا في الجنوب فقط، في إشارة إلى العمليات المُنفّذة على الحدود مع سوريا، ولا سيما في ملف التهريب.
الجيش تحت الاختبار
والجديد في هذا السياق، ما أظهرته اتصالات اليومين الماضيين بشأن الموقف الأميركي من الجيش اللبناني، ولا سيما في ظلّ مواصلة إسرائيل ضغوطها الرامية إلى «إدخال تغييرات كبيرة في بنية الجيش، سواء على مستوى الضباط أو على مستوى العقيدة القتالية».
فبعد جولة الضغوط التي استهدفت منع الجيش من توصيف إسرائيل كعدو، ثم الدفع باتجاه الانتقال إلى مفاوضات مباشرة على مستوى دبلوماسي، واصلت إسرائيل ممارسة ضغوط عملية على الجيش لإلزامه بالدخول إلى المنازل وتفتيشها، وهو أمر كان يرفضه في السابق.
وكشفت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» أنّ ما جرى في بلدة يانوح نهاية الأسبوع الماضي هدف إلى تكريس معادلة جديدة لا يزال من غير الواضح إلى أين يمكن أن تقود.
فالأحداث في يانوح تحمل دلالات تتصل بمحاولة اختبار مدى التزام الجيش اللبناني بتنفيذ ما يطلبه الجانب الإسرائيلي. ويعود ذلك إلى اللحظة التي قرّر فيها لبنان رفع مستوى تمثيله في لجنة «الميكانيزم»، وهي خطوة تعامل معها الأميركيون بإيجابية، خصوصاً في ظل غياب أي معارضة جدّية لها.
وقد تعهّد الأميركيون في حينه ببذل جهد كبير من أجل «منع إسرائيل من توسيع هجماتها»، مع التشديد في الوقت نفسه على أنّ الانتقال إلى مسار تفاوضي سياسي لا ينبغي أن يوقف الجيش عن أداء مهمّته الأساسية.
وقالت المصادر، إنّ الجديد في الموقف الأميركي تمثّل في «تفهّم الصعوبات التي يواجهها الجيش في أداء مهمته». وقد عبّر عن هذا التوجّه كلّ من توم برّاك والسفير الأميركي ميشال عيسى، الذي قال في أكثر من لقاء، إنّه «يجب إعطاء الجيش مهلة إضافية لإنجاز المرحلة الأولى».
وهو كلام سمعه مباشرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي استفسر عن سبب غياب أي ضغط أميركي على إسرائيل للقيام بخطوات مقابلة، مثل الانسحاب من إحدى النقاط المحتلّة أو إطلاق سراح أسرى. وكان لافتاً في ردّ عيسى قوله، إنّ «الاهتمام الأميركي ينصبّ حالياً على وقف الحملة على الجيش اللبناني، وإنّ النقاش في المرحلة المقبلة يجب أن يتركّز على استعادة الثقة به».
ويرى الأميركيون أنّ استعادة الثقة تبدأ أولاً بـ«مواصلة العمل الذي يقوم به لنزع السلاح جنوب نهر الليطاني، والتعهّد بعدم السماح بانتقال السلاح بين المناطق، والأهمّ قبول الجيش بآلية جديدة لتعزيز عمله».
وهو ما شرحه رئيس الجمهورية جوزيف عون أمام زوّاره، عندما تحدّث عن «توقّف الأميركيين عن توجيه تهديدات إلى لبنان، وظهور إشارات بعدم حصول حرب»، كاشفاً في الوقت نفسه عن «اقتراح أميركي يقضي بتعديل آلية العمل في الجنوب تحت عنوان «آلية التحقّق»، تقوم على أن يتولّى الجيش التحقّق من أي مزاعم إسرائيلية بوجود أسلحة في منشآت مدنية أو منازل».
وقالت مصادر متابعة، إنّ ما حصل في يانوح «شكّل اختباراً لمدى التزام الجيش بهذه الآلية»، إذ طلبت لجنة «الميكانيزم» من الجيش التوجّه إلى أحد المنازل في البلدة والتحقّق من عدم وجود أسلحة فيه. وبعد الردّ الأوّلي بعدم العثور على أسلحة، رفع العدوّ السقف، معلناً بصورة علنية نيّته قصف المنزل، قبل أن يعود الجيش، بطلب من اللجنة نفسها، إلى تنفيذ عمليات حفر وتحقّق أوسع، وهو ما أدّى في النهاية إلى إلغاء قرار القصف.
وبحسب المصادر، فإنّ ما جرى هدفه «التأكّد من قدرة الجيش على التوصّل إلى صيغة محدّدة مع الأهالي تتيح دخول المنازل وتفتيشها». وهو ما دفع الأميركيين إلى البناء على هذه الحادثة، واعتبار أنّ هناك فرصة لفرض ما كان الأهالي والجيش يرفضونه معاً سابقاً بذريعة حماية المنازل، وذلك عبر ابتزاز الناس في أرزاقهم وأملاكهم، ولا سيّما في ظلّ تقاعس الدولة عن القيام بدورها في إعادة الإعمار، ومن ثمّ إحراج المقاومة لعدم التحرّك.
ونقل زوّار قصر بعبدا أنّ الولايات المتحدة «أبلغت من يهمّه الأمر بأن تكريس ما يُسمّى «آلية التحقّق» هو السبيل الوحيد لوقف الحملة القائمة في أميركا ضدّ الجيش»، وأنّ التزام لبنان بها «سيساعد على استئناف التحضيرات لزيارة قائد الجيش للولايات المتحدة، وعلى إعطاء الضوء الأخضر للفرنسيين والسعوديين لدعم الجيش انطلاقاً من اجتماع باريس». غير أنّ مصادر متابعة لا تستبعد أن تتحوّل هذه الآلية إلى محطة جديدة لرفع مستوى الضغط على الجيش وإلزامه بشروط قد لا يكون لبنان قادراً على تحمّلها.
هيكل مع السفراء
واتّجهت الأنظار أمس إلى الجولة الجنوبية التي نظّمها قائد الجيش، برفقة كبار الضباط، للسفراء المعتمدين في لبنان والمُلحقين العسكريين، لإطلاعهم على مسار تنفيذ خطة حصر السلاح. وقد عرض هيكل بالخرائط والصور لمراحل عمل الجيش جنوب الليطاني. وردّ على أسئلة حول العقبات، وكان السؤال الأبرز عمّا إذا كان حزب الله أو سواه، يعيق الجيش، وهل ما زالت المقاومة تتحرك، ولماذا يرفض الجيش تفتيش المنازل والممتلكات الخاصة؟.
فردّ قائد الجيش بأن «العائق الأساسي هو إسرائيل التي تستمر في اعتداءاتها وتنتهك يومياً اتفاق وقف إطلاق النار». واستفاض في تعداد المساحات التي احتلتها بعد وقف إطلاق النار. وأضاف أن «المرحلة الثانية، مرتبطة بنتائج المرحلة الأولى، ومدى تجاوب العدو الإسرائيلي مع ضغوط الدول الراعية لوقف اعتداءاته والانسحاب من النقاط المحتلة». وطالب هيكل «سفراء الدول الشقيقة والصديقة بالكشف عن الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، سواء بالغارات أو بالاحتلال، طالباً دعم دولهم في الضغط عليها».
وزار السفراء مركز الجيش في لحلح في أطراف علما الشعب، وشاهدوا موقع الاحتلال المُستحدث في اللبونة وكيف تعمل الجرافات على توسعته، ثم تفقّدوا إحدى منشآت المقاومة التي تسلّمها الجيش في وادي زبقين ضمن خطة حصر السلاح.
الجمهورية عنونت: إشارات خارجية تقلّل من احتمالات الحرب… عون: يبثون الشائعات لأسباب سياسية
وكتبت صحيفة “الجمهورية”: سؤال كبير يطغى على الأجواء الداخلية، على مسافة أسبوعَين من انتهاء مهمّة الجيش اللبناني المحدّدة حتى آخر السنة الحالية، لتنفيذ قرار حصر السلاح بيَد الدولة وسحب سلاح «حزب الله»، ماذا بعد أن يعلن الجيش اللبناني إنجاز مهمّته بصورة كاملة بمصادرة السلاح ومنع المظاهر المسلحة في منطقة جنوب الليطاني، وهل سيتمّ الانتقال إلى ما وُصِفَت بالمرحلة الثانية شمال الليطاني؟ على أنّ السؤال الأكبر يدور حول أبعاد التهديد الإسرائيلي بعمل عسكري ضدّ لبنان إنْ لم تُنفِّذ الحكومة قرارها بنزع سلاح «حزب الله» ضمن المهلة التي حدّدتها في نهاية السنة الحالية، وأيضاً حول كيفيّة التعامل مع الوضع إن نفّذت إسرائيل تهديدها ورفعت سقف التصعيد؟
الوضع في ظاهره حرج، يفاقمه المناخ التصعيدي الذي تفرضه إسرائيل باعتداءاتها المتواصلة على المناطق اللبنانية، والمصحوب بشحن متعمّد من قِبل منصّات وغرف تؤدّي دوراً وظيفياً في إغراق الأجواء باحتمالات حربية والتهويل بسيناريوهات دراماتيكية، وصولاً إلى تحديد بنك أهداف واسع لعملية عسكرية إسرائيلية لن تكون محصورة بـ«حزب الله» فقط، بل تطال مناطق مختلفة وأهدافاً جديدة في لبنان.
لا حرب
وعلى رغم من هذا المناخ، فإنّ مستوى القلق لا يبدو مرتفعاً لدى المراجع الرسمية، وفق ما تؤكّد مصادر موثوقة لـ«الجمهورية»، التي تكشف عن إشارات خارجية تتوالى من غير مصدر دولي تُقلّل من احتمال الضربة الإسرائيلية، وتنقل عن أحد الديبلوماسيِّين الغربيِّين بأنّ «الأميركيِّين تحديداً، لا يرغبون بانزلاق الوضع في لبنان إلى تصعيد، أقلّه في الوقت الراهن».
وضمن هذا السياق، أكّد مرجع كبير لـ«الجمهورية»، أنّه «خلافاً لكل هذا التصعيد، وللمناخ الحربي الذي يصاحبه تهويل وتخويف تشارك في إشاعته، مع الأسف، أصوات لبنانية من ذات عائلة الجهات السياسية التي تضخّ سمومها في الخارج على الداخل، فلا أرى في الأفق أي احتمالات لتصعيد واسع أو لحرب كما يُروِّج لها مَن يريدونها، وليس هناك ما يدعو إلى القلق لا خلال الفترة المتبقية من مهمّة الجيش قبل آخر السنة، ولا بعدها».
فرصة جدّية
وبحسب معلومات «الجمهورية» من مصادر رسمية، فإنّه «بالتوازي مع حركة المشاورات الداخلية الجارية بكثافة ملحوظة، حول كيفية التعامل مع المرحلة المقبلة، واستحقاقاتها السياسية والأمنية، وخصوصاً بين رئيسَي الجمهورية العماد جوزاف عون، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، أكان بتواصلهما المباشر أو عبر موفدين (رئيس الجمهورية أوفد مستشاره العميد أندريه رحال إلى عين التينة، حيث التقى رئيس المجلس)، فإنّ فرصة جدّية متاحة أمام حركة الإتصالات في هذه الفترة، ولاسيّما مع الجهات الدولية الصديقة للبنان، خصوصاً مع رعاة لجنة «الميكانيزم»، وثمة تفهّم لموقف وتوجّهات الدولة اللبنانية إلى جانب المهمّة الموكلة للجيش اللبناني التي ثَبُتَ قيامه بها على أكمل وجه، وتأكيد في الوقت عينه، على تعزيز المناخات المعاكسة للتوتير والتصعيد، وإعطاء الأولوية لتجنّب أيّ احتكاكات أو مواجهات».
وإذ تُلفِت المصادر عينها إلى «تعويل جدّي على ما قد يؤسّس له الإجتماع الأمني المنتظر عقده الأسبوع الجاري في العاصمة الفرنسية، وكذلك على اجتماع لجنة «الميكانيزم» المقرَّر هذا الأسبوع أيضاً، وخصوصاً أنّ الجانبَين الأميركي والفرنسي يتقاطعان في الموقف حول ضرورة انطلاق المسار السياسي نحو محاولة بناء الأرضية الملائمة لبلوغ تفاهمات تضع الأزمة القائمة على السكة المعاكسة لاحتمالات التصعيد، فإنّها تُشير في الوقت عينه إلى ما سمّته «تحفّظاً رسمياً إزاء الموقف الأخير للأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، الذي رفع فيه سقف الخطاب إلى حدود لا تخدم الموقف الرسمي في الاتصالات الجارية، بل تضع في طريقه عوائق وتعقيدات».
تفاهم أمني
على أنّ اللافت للانتباه في هذا السياق، ما كشفت عنه معلومات موثوقة لـ«الجمهورية» من تأكيدات عبّر عنها ديبلوماسي غربي رفيع بقوله لأحد كبار المسؤولين ما حرفيّته «بأنّ لجنة «الميكانيزم» بشكلها التفاوضي الجديد ستفضي إلى إيجابيات ملموسة، يؤمل أن تبرز في القريب العاجل، وأنّ على لبنان أن يلتزم بأولوية الوصول إلى تسوية أو تفاهم بينه وبين إسرائيل، فهذا يصبّ في مصلحته بالدرجة الأولى، ويُنهي حالة الحرب التي يعيشها، ويوفّر الأمن والإستقرار الدائمَين على الجانبَين اللبناني والإسرائيلي، وأنا من جهتي مطمئنّ لمستقبل لبنان، بل أقول أكثر من ذلك، كل أصدقاء لبنان مع أمنه واستقراره وسيادته على كامل أراضيه، والحفاظ على تنوّعه وحدوده الجغرافية، وأنا شخصياً أحمل عاطفة كبرى تجاه هذا البلد، ولا أؤيّد، بل لا يمكن أن أقبل بأن يُمَسّ بلبنان، أو يُنتزَع متر واحد من أرضه في الجنوب أو غير الجنوب».
تفاهم ضمن الثوابت
إلى ذلك، ورداً على سؤال لـ«الجمهورية»، أكّد مصدر رفيع «إنّنا مستعدّون للوصول إلى تفاهم أمني مع إسرائيل، مرتكز على الثوابت اللبنانية التي تجمع عليها كل الرئاسات؛ الإلتزام باتفاق وقف الأعمال الحربية، وقف الإعتداءات الإسرائيلية، انسحاب الجيش الإسرائيلي من النقاط التي يحتلّها في جنوب لبنان إلى ما خلف الخط الأزرق، إطلاق سراح الأسرى اللبنانيِّين، والإلتزام الكلّي بمندرجات القرار الدولي 1701».
إلّا أنّ المصدر عينه أكّد من جهة ثانية أنّ «إسرائيل لا تريد بلوغ أي تفاهم، بل لا تُخفي هدفها الأساس وهو نسف القرار 1701، وإقامة واقع جديد قرب الحدود تحت مسمّى المنطقة العازلة، ما يعني إبقاء حالة الحرب قائمة».
وعمّا إذا كان لبنان قادراً على تحمّل استمرار إسرائيل في اعتداءاتها، أكّد أن «ليس في يدنا في أن نصبر وأن نتحمّل الوجع مهما كان مؤلماً، فنحن من جهتنا قدّمنا إثباتاً لكل العالم بأنّنا لا نُريد الحرب ولا نسعى إليها، وملتزمون بالكامل باتفاق وقف الأعمال الحربية، وأكّدنا هذا الإلتزام في أصعب المراحل على رغم من تصاعد وتيرة الإعتداءات والإغتيالات وفداحة الخسائر لعدد كبير من الشهداء والجرحى إلى جانب الخسائر المادّية، وسنبقى كذلك لمنع إسرائيل من تحقيق ما تريده».
وسُئل: لماذا لا يبادر لبنان إلى خطوة ضاغطة لوقف العدوان، عبر تعليق مشاركته في لجنة «الميكانيزم» على سبيل المثال؟ فأوضح: «لجنة «الميكانيزم» بُنِيَت وتشكّلت على أساس اتفاق وقف إطلاق النار، وهذا الاتفاق بُنيَ على القرار 1701، نحن وعلى رغم من كل شيء مصلحتنا أن تبقى «الميكانيزم» رغم أنّها لا تقوم بدورها كما يجب، بل إنّها في الكثير من الأحيان تقوم بعملها ضدّنا. نحن نُريد «الميكانيزم»، ونُريد القرار 1701 لأنّ هدف إسرائيل الأساس هو تطيير القرار 1701، والخطأ الكبير الذي ارتُكِب بحق لبنان هو قرار مجلس الأمن بإنهاء مهمّة «اليونيفيل» حتى آخر سنة 2026، يعني المنطقة ستكون فارغة من «اليونيفيل»، والله أعلم ماذا يمكن أن يحصل إن لم تتبلوَر حلول قبل انتهاء هذه المهلة».
وأكّد «إنّنا على رغم من كل شيء، ماضون في «الميكانيزم»، وننتظر ما سيتمخّض عنها. وأمّا بالنسبة إلى التفاوض فنحن جاهزون لأي اتفاق أمني، لكن بالسياسة فـ»ما حدا يحكي معنا لا بسلام ولا بتطبيع، نريد تفاهماً يوقف العدوان والإعتداءات ويؤمِّن الإنسحاب وإطلاق الأسرى».
وماذا عن مرحلة شمال الليطاني، أوضح المصدر الرفيع: «الجيش يوشك أن ينهي مهمّته في جنوب الليطاني، وأعتقد أنّها ستُنجَز قبل نهاية السنة، وما هو معلوم بأنّ مهمّة الجيش مندرجة في سياق اتفاق وقف الأعمال الحربية، ومحدَّدة حصراً في منطقة جنوب الليطاني، فـ«ما حدا يحكي معنا عن شمال الليطاني، أو عن مراحل ثانية أو ثالثة أو رابعة، وحتى لو تبرّع بعض الوزراء الأشاوس بهذا الكلام، فكلامهم هذا ينمّ عن جهل وخواء حتى لا أقول أكثر من ذلك».
تخفيف التصعيد
وفي موازاة الإشارات الخارجية التي تُقلِّل من احتمال التصعيد، برز إعلان وزير الخارجية الفرنسية جان نويل بارو أمس، بـ«أننا نعمل على آلية ثانية لمتابعة نزع سلاح حزب الله». فيما لفتت زيارة الموفد الأميركي توم برّاك إلى إسرائيل، التي أُدرِجت في سياق مسعى أميركي لخفض التصعيد ومنع توسعه في المرحلة الراهنة، وبرز ما أعلنه برّاك بعد لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «أجرينا حواراً بنّاءً لتحقيق السلام والإستقرار الإقليميَّين».
وفيما استمرّ التهويل الإسرائيلي ضدّ «حزب الله» ولاسيما لجهة التأكيد أنّه لا يزال يمتلك ترسانة كبيرة من الصواريخ، وأنّه يقوم بعمل حثيث لإعادة ترميم وبناء قدراته، لوحِظت إشارات أطلقها الإعلام العبري حول خفض التصعيد، وتفيد بأنّ واشنطن توافق على منح لبنان تمديداً لشهرَين إضافيَّين لحصر السلاح جنوبي منطقة الليطاني».
عون: الاتصالات مستمرة
إلى ذلك، أكّد الرئيس عون أمام وفد حزب الطاشناق أمس، «أنّ الاتصالات مستمرة في الداخل والخارج لتثبيت الأمن والإستقرار في الجنوب من خلال المفاوضات عبر لجنة «الميكانيزم» التي ستعقد اجتماعاً لها يوم الجمعة المقبل، ويحظى عملها بدعم لبناني وعربي ودولي، لا سيما بعد تعيين السفير السابق سيمون كرم رئيساً للوفد اللبناني فيها»، مشيراً إلى «أنّ خيار التفاوض هو البديل عن الحرب التي لن تُعطي أي نتيجة بل ستُلحِق المزيد من الأذى والخراب بلبنان واللبنانيِّين من دون استثناء».
وشدَّد على ضرورة «أن يتمتّع الجميع بالحِسّ الوطني وبالمسؤولية في هذا الظرف بالذات، إذ للوحدة الوطنية أهمّية كبيرة في تعزيز الموقف اللبناني، خصوصاً خلال المفاوضات. الإنجازات التي تحققت خلال الأشهر العشرة، كانت أساسية وشملت مختلف المجالات، لكن ثمة مَن لا يرى هذا الأمر، ويُصوِّب، مع الأسف، على الدولة ومؤسساتها، ويُشوِّه الواقع ويَبُث شائعات مؤذية لأسباب سياسية وشخصية. وبالتالي، فإنّ تجاهل الإيجابيات التي تحققت والتركيز على السلبيات يُظهِر ما يضمر له هؤلاء الذين يُسبِّبون الأذى لبلدهم وأهلهم. إلّا أنّ هذه المحاولات لن تُعطي أي نتيجة، لأنّ رهان اللبنانيِّين على دولتهم ومؤسساتهم رهان ثابت، ولأنّ الثقة بلبنان عادت، وهذا ما يوفِّر فرصاً عدّة أمامنا للعمل والإنتاج».
وأبلغ عون وفد «جمعية المعتقلين اللبنانيِّين المحرّرين من السجون السورية»، أنّه سيتابع مطالبه مع الجهات المعنية، مقدّراً «حجم الألم الذي أصاب هؤلاء المعتقلين والظروف الصعبة التي عاشوها مع أفراد عائلاتهم».
جولة ديبلوماسية
وفي سياق متصل، برزت أمس، الجولة الميدانية التي نظّمها الجيش اللبناني لوفد من السفراء والملحقين العسكريِّين العرب والأجانب، لإطلاعهم على مسار تطبيق خطة سحب السلاح وعلى الاعتداءات الإسرائيلية.
الوفد الديبلوماسي، وصل برفقة قائد الجيش العماد رودولف هيكل إلى ثكنة صور، حيث كان في استقبالهم قائد قطاع جنوب الليطاني العميد الركن نيكولا تابت، الذي قدّم شرحاً مفصّلاً عن تنفيذ عمليات الجيش، وخلال اللقاء، شدّد العماد هيكل على أهمية دعم الجيش والتزام جميع الأطراف باتفاق وقف الأعمال العدائية واحترام سيادة الأراضي اللبنانية. وبعدها تابع الوفد جولته في المناطق الجنوبية، واطّلع على عدد من مراكز الجيش التي تمركز فيها عند الحافة الأمامية عند الحدود مع فلسطين المحتلة.
جلسة تشريعية
على صعيد سياسي آخر، دعا الرئيس بري إلى جلسة تشريعية بعد غد الخميس، لمتابعة درس مشاريع واقتراحات القوانين، التي كانت مدرجة على جدول أعمال جلسة 29 أيلول 2025. والأجواء السابقة لهذه الجلسة، تُفيد باحتمال عدم انعقادها بسبب تطيير النصاب، على غرار ما حصل في الجلسة السابقة التي لم يكتمل نصاب انعقادها، وخصوصاً في ظل إصرار بعض التوجّهات النيابية لعدم المشاركة في أي جلسة تشريعية ما لم يُدرَج في جدول أعمالها اقتراح القانون الرامي إلى الإجازة للمنتشرين التصويت في الإنتخابات النيابية المقبلة لكل أعضاء المجلس النيابي.

