قالت الصحف: جلسة 9 كانون الرئاسية في مهب مصالح جعجع.. وتقاسم نفوذ دولي في سورية!
الحوارنيوز – خاص
موضوعان هما الأبرز في افتتاحيات صحف اليوم:
- الجلسة النيابية العامة في التاسع من الشهر المقبل والمخصصة لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية وسط معلومات تفيد بإمكان تفشيلها من قبل القوات اللبنانية أملا منها بفرض بإيصال مرشحها في ظل مناخ إقليمي متغير!
- التطورات المتواصلة في المشهد السوري بعد الإنقلاب الدولي عليها وبدء معالم المحاصصة بين مجموع الفصائل والدول الداعمة!
ماذا في التفاصيل؟
- صحيفة الأخبار عنونت: هل يُطيح جعجع جلسة 9 كانـون الثاني؟
وكتبت تقول: رُغمَ تراجع الملف اللبناني الى متربة أدنى في سلّم الأولويات العربية والدولية، في ضوء التطورات السورية، فقد بقيَت جلسة 9 كانون الثاني المُقبل، المخصّصة لانتخاب رئيس للجمهورية، محط ترقّب وحذر، خشية حصول ما يُطيح بها. إذ يظهر أنه يوجد إلى جانب التفاؤل العلني بأنه سيكون للبنان رئيس خلال الجلسة، وبعد استئناف اللجنة «الخماسية» عملها قبلَ يومين، بلقاء عقد مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وما تلاه من كلام عن مؤشرات جدّية وإيجابية، إلا أن كلام الغرف المغلقة يظهر الانقسام حاداً حول الأمر.
في بيروت اليوم، فريق يتحدّث عن أن المساعي لإقفال الملف الرئاسي قطعَت شوطاً كبيراً، وقد وصلَت إلى مرحلة صياغة بيان الرئيس العتيد. ويقول أصحاب هذا الرأي إن هناك اتفاقاً بين معظم القوى السياسية، بمن فيهم حزب الله، الذي يميل الى انتخاب رئيس توافقي تقبل به جميع الكتل. لكن هؤلاء يؤكدون أن العقدة أكبر من التفاهم الذي جرى التوصل إليه حول مبدأ انتخاب رئيس توافقي، كون جزء منها مرتبطاً في إمكانية أن يقوم الأميركيون في الساعات الأخيرة بالضغط من أجل التصويت لقائد الجيش العماد جوزف عون.
لكن يبدو أن المشكلة موجودة أساساً عند قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع، إذ يجري التداول، وعلى نطاق واسع، بأنه ينوي إعلان ترشحه فجأة، واضعاً قوى المعارضة من حلفائه في موقف محرج، وهو بدأ التمهيد لذلك، خلال اجتماعه الأخير مع تكتل «الاعتدال الوطني» الذي ضمّ النواب: أحمد الخير، سجيع عطية، محمد سليمان، عبد العزيز الصمد، نبيل بدر وأمين سر التكتل النائب السابق هادي حبيش.
وبحسب مشاركين في الاجتماع، الذي استمر لنحو ساعة، فإن جعجع أشار إلى أن «كل الأسماء التي جرى التداول فيها أصبحت من الماضي، والمعادلات في المنطقة تغيّرت، وبات على لبنان التكيّف مع المعادلات الجديدة. وإذا كنتم لا تريدون ذلك فلنذهب الى انتخابات نيابية جديدة».
وقد أثار كلام جعجع استغراباً كبيراً لدى «الاعتدال» الذي تقوم حركته على البحث عن رئيس توافقي، لكنه فهم الرسالة المبطّنة. وقالت مصادر مطّلعة إن «جعجع لم يكشف عن أوراقه بصراحة، لكن ترشيح نفسه هو إحدى هذه الأوراق، وسيعلن عنها قريباً، وهو بعث بأكثر من رسالة في عدة اتجاهات؛ من بينها الى رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل للتفاوض معه». وقالت المصادر إن من شأن هذه الخطوة إطاحة الجلسة، فلا أحد سيكون متجاوباً مع هذا الترشيح، حتى من داخل فريق المعارضة.
وقالت مصادر معنيّة بالملف الرئاسي إن «مشكلة جعجع هي في اقتناعه بأننا نعيش فترة عام 1982، وإن ما أتيح لبشير الجميل سيكون متاحاً له الآن، كونه يعتبر أن محور المقاومة مهزوم من بيروت الى طهران». وفي اعتقاد المصادر أن «جعجع لا يريد أيّ مساعٍ لاستيلاد رئيس على طريقة التسويات». لكن المصادر تشير الى أنه «يغيب عن جعجع نفسه أن الفريق الدولي الإقليمي الذي ينتمي إليه غير موحّد حول ما يجري في سوريا، وخاصة بالنسبة الى المملكة العربية السعودية التي لا تنظر بعين الرضى الى المشروع التركي، ولها حسابات مختلفة كما باقي دول الخليج». هذا فضلاً عن أن لائحة المواصفات التي سبقَ أن وضعتها هذه الدول للرئيس المقبل في لبنان لم تتغيّر ولا تزال خلفيّته اقتصادية بالأساس.
وكشفت المصادر عن تبدّل في التعاطي السعودي مع الملف اللبناني. وقد رصدت قوى سياسية تبدّلاً في الموقف السعودي بعد ما حدث في سوريا، لافتة الى أن السفير السعودي في بيروت وليد البخاري أظهر إيجابية كبيرة تجاه الرئيس نبيه برّي، وأن البخاري يتحدث عن «رئيس توافقي تقبل به جميع الأطراف، لا عن رئيس مواجهة». وفسّر موقفه على أنه رسالة الى عدم كسر الجرّة مع الشيعة وإبقاء شعرة معاوية قائمة عبر رئيس المجلس. ورأت المصادر أنه حتى ولو «عدّلت الرياض في موقفها هذا، فإن دعمها سيذهب الى قائد الجيش لا إلى جعجع، ما يعني أن الأخير لن تكون له غلبة نيابية، والبلوك السنّي ليس في صفه، فضلاً عن الكتلة الدرزية التي تتأثر بالموقف السعودي».
في هذه الأثناء، طلب جعجع من فريقه الإعلامي وحلفائه شن حملة على كل مرشح «توافقي» واعتباره «المرشح الضعيف للموارنة في لبنان». وقد باشر مساعدون لقائد «القوات» حملتهم ضد «سلّة أرجل القصب التي يريدون لنا أن نختار منها رئيساً لا يغضب حزب الله» على ما نقل عن أحد مساعدي جعجع، والذي أشار بالاسم الى أعضاء هذه اللائحة، معدّداً أسماء: ناصيف حتّي، زياد بارود، جورج خوري وسمير عساف. ولكن جعجع طلب من مساعديه عدم تناول اسم قائد الجيش، وإن كان هو قد عبّر في لقاء ضيّق عن «اعتقاده بأن قائد الجيش لا يصلح لغير منصبه الحالي، وأن «القوات» لا يمكنها الموافقة على مرشح ليس لديه أيّ مجال للتحدث مع الناخبين حول برنامجه السياسي والاقتصادي والإداري.
· صحيفة الديار عنونت: الابيض في 9 كانون الثاني؟
صيغة لا غالب ولا مغلوب تحكم المرحلة المقبلة رئاسيا وحكوميا
مرحلة انتقالية وانتخابات نيابية وبلدية وتعيينات شاملة… والقلق من سوريا
وكتبت تقول:
معادلة «لا غالب ولا مغلوب» ستحكم المرحلة المقبلة وتحت سقفها سيتم اختيار رئيسي الجمهورية والحكومة والوزراء والتوافق على مقدمة البيان الوزاري، والحل سيكون ضمن سلة شاملة لا تستثني اي طرف، وحزب الله سيشارك في الحكومة ويقدم كل التسهيلات وسينخرط في ورشة اعادة بناء الدولة، وسيقود رئيسا الجمهورية والحكومة المرحلة الانتقالية حتى موعد اجراء الانتخابات النيابية منتصف عام 2026 على اساس قانون انتخابي معدل يؤسس لبدء مرحلة جديدة تحكمها موازين القوى التي افرزتها الانتخابات، على ان تجري خلال الفترة الانتقالية الانتخابات البلدية في ايار.
وحسب مصادر واسعة الاطلاع، «ما كتب قد كتب» وسفراء الدول الخمس منحازون لقائد الجيش العماد جوزيف عون بشكل واضح ومطلق، وسوقوا للاسم امام الجميع شرط ان يحظى بالتوافق الداخلي وتاييد الكتل وتأمين 86 صوتا لعقد الجلسة، وفي الوقت نفسه فان سفراء الدول الخمس لن يخوضوا معركة فرض جوزيف عون او اي اسم اخر على الكتل النيابية بل سيتركون اللعبة الداخلية بين اسماء معتدلة باتت معروفة كجوزيف عون واللواء الياس البيسري وناصيف حتي والعميد جورج خوري وابراهيم كنعان وزياد بارود وسمير عساف وناجي البستاني ونعمة افرام، علما ان أركان الطبقة السياسية على مختلف ميولهم باستثناء التغييريين غير متحمسين للمرشحين العسكريين ويفضلونه مدنيا. وفي المعلومات، ان سفراء الدولة الخمس اكدوا للرئيس بري حضور الجلسة الرئاسية في 9 كانون الثاني وتلبية دعوته وتمسكوا بعقدها في موعدها وخروج الدخان الابيض مع اصرارهم على الرئيس التوافقي ورفض رئيس المواجهة.
لقاء بري – جعجع
وفي موازاة ذلك، فان الاتصالات بين القوى السياسية للتوافق على اسم جامع يرضي كل الاطراف ما زال متعثرا كما تؤكد هذه المصادر، والاجتماع المنتظر بين الرئيس بري والدكتور سمير جعجع لم تنضج ظروفه بعد، رغم الجهود المبذولة من وزير قواتي سابق. هذه الاجواء السلبية تخيم ايضا على الجهود المبذولة لتقريب المسافات بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والاتصالات لم تتوقف بعد في هذا الاطار، علما ان الدكتور جعجع ما زال يقوم بالاتصالات المكثفة مع كل الاطراف والكتل حول امكان ترشحه شخصيا لرئاسة الجمهورية وهذا الخيار لم يسقطه من حساباته بعد، اما زيارة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الى بري فوصفت بالجيدة جدا، علما ان الرئيس بري رمى الكرة الرئاسية بوجه الجميع وابلغهم انه سيعقد الجلسة بدورات متتالية كما طالبت القوى المسيحية ولن ترفع الجلسة الا بعد انتخاب الرئيس شرط اكتمال النصاب القانوني لعقدها بحضور 86 نائبا.
وتضيف المصادر الواسعة الاطلاع ايضا، ان الاتصالات بين الاشتراكي والقوات اللبنانية متواصلة لكنها لم تسفر عن تحديد موعد جديد لزيارة جنبلاط الى معراب او اللقاء عند أصدقاء مشتركين رغم التسريبات الاخيرة بان هناك من ارتأى تاجيل اللقاء بين الطرفين حتى انقشاع صورة الاتصالات بين بري وجعجع. وحسب المصادر الواسعة الاطلاع، فان القوى السياسة جميعها ستبدأ بالنزول عن الشجرة والتواضع في مطالبها اوائل العام 2025، لانها لا تملك حق الفيتو على تعطيل جلسة 9 كانون الثاني في ظل الغطاء العربي والدولي. وفي المعلومات المؤكدة، ان سفراء الخماسية كانوا متحمسين لعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 20 كانون الاول قبل الاعياد المباركة كي يكون انتخاب الرئيس الجديد هدية الاعياد. وفي المعلومات، ان الرئيس بري طلب التريث حتى 9 كانون الثاني لاجراء المزيد من المشاورات يتم بعدها إنتاج رئيس بصناعة لبنانية.
وتكشف المصادر الواسعة الاطلاع، عن وجود تباشير مرحلة جديدة في البلد بغطاء دولي وعربي، ويبقى التباين محصورا، بين المباشرة بالمرحلة الجديدة بعد انتخاب الرئيس او تأجيلها الى ما بعد الانتخابات النياية منتصف ّ2026، او اجراء انتخابات نيابية مبكرة، هذه الامور ليست محسومة، لكن القرار بإجراء «نفضة» إدارية وعسكرية شاملة في المواقع الاولى والثانية والثالثة اتخذ مع إدخال دماء جديدة وشابة الى ادارات الدولة، وهذ امر محسوم لا جدال فيه من قبل سفراء الخارج والداخل، والسؤال: هل ستتم محاسبة رؤساء الفساد الذين حكموا المرحلة السابقة ام يتم اعتماد سياسة «عفا الله عما مضى»، وكل ذلك مرهون بسير الامور.
وفي المقابل، فان قوى المعارضة تقوم باتصالات واسعة لتاجيل الجلسة الى ما بعد وصول الرئيس ترامب وامكان حصول تطورات عسكرية مع إيران تسمح لهم بايصال مرشحهم الى الرئاسة في ظل معارضتهم للرئيس التوافقي.
لعدم الإفراط في التفاؤل
بالمقابل، شددت المصادر الواسعة الاطلاع، على عدم الإفراط في التفاؤل وتحديد المواعيد قبل انقشاع الصورة في سوريا والحكم على تجربة هيئة تحرير الشام يلزمه وقت طويل، وامن لبنان من أمن سوريا مهما كان شكل الحكم فيها، والأمور لا تقاس بالنيات في ظل مخطط اسرائيلي واضح لتقسيم سوريا، ومنحت واشنطن ضمانات للاكراد بعدم الاقتراب منهم شرق الفرات واجبرت قوى المعارضة على الالتزام بوقف النار في منبج مع قوات «قسد»، وبالمقابل، منحت وعود للدروز في السويداء بالحكم الذاتي اذا حاول احدا الاقتراب منهم بعد جولات لموفق ظريف على المسؤولين الاسرائيليين بالتزامن مع اتصالات درزية على مستويات عالية لتامين الحماية لدروز الجولان في الجانب السوري وتحديدا في حضر وبيت جن وغيرها بعد توسع الاحتلال الاسرائيلي اليها، والسؤال: هل يلجأ العدو الى فتح الطريق من حضر وبيت جن وجباتا الخشب الى العرقوب وحاصبيا وصولا الى شبعا بعد فتح الطريق بين الجولان والسويداء وكذلك بين حضر وصولا الى راشيا والمصنع اللبناني، ومن حضر الى العرقوب وجزين والشوف، فالدخول الاسرائيلي على جبل الشيخ والجولان واسقاط اتفاقية 1974 بعد حرب تشرين جعل المناطق الدرزية متواصلة بين جنوب لبنان والجولان والسويداء امتدادا الى راشيا والشوف، وفي ظل هذه المعممة، اعلن أهالي بلدة حضر تمسكهم بدولتهم السورية ورفضهم للمشاريع التقسيمية، وبالتالي فان الصورة ستبقى ضبابية مع التطورات الكبرى التي لم تشهدها المنطقة منذ نشوء الكيان الصهيوني.
الخروقات الاسرائيلية
واصل الجيش اللبناني انتشاره في مدينة الخيام، وفتح جميع الطرقات الى الساحة الرئيسية ومعتقل الخيام، وقام بجولة في المدينة مع ضباط اليونيفيل، لكنه لم يسمح للاهالي بالدخول الى المدينة حتى الانتهاء من تنظيفها من القذائف غير المنفجرة وسيعلن عبر وسائل الإعلام موعد السماح بعودتهم، كما عاد الجيش الى مواقعه السابقة في عين عرب.
واللافت ان الخروقات الاسرائيلية لوقف النار لم تتوقف، وشنت المسيرات الاسرائيلية سلسلة غارات بين بلدتي تفاحتا والبيسارية وأطراف البازورية والشعيتية دون الابلاغ عن سقوط شهداء.
اللقاء بين عون وصفا ايجابي ومثمر
على صعيد اخر، وخلافا لكل التسريبات فان اللقاء الأخير بين قائد الجيش العماد جوزيف عون والحاج وفيق صفا واحمد بعلبكي كان جيدا جدا، والنقاش شمل كل الملفات بما فيها انتشار الجيش في الجنوب وتم التأكيد على استمرار التعاون والتواصل بين الجيش والمقاومة.
حزب الله ودفع الاموال للمتضررين
بدأ حزب الله توزيع مبلغ 14 الف دولار على جميع أصحاب الشقق المدمرة كبدل إيجار سنوي والمقدرة ب 14500 شقة سكنية في الضاحية الجنوبية، وبلغ حجم الابنية المدمرة كليا 400 مبنى، وبدا الدفع لاصحاب الشقق المتضررة ايضا، على ان يبدأ الدفع قريبا لاصحاب المشاريع الصناعية والتجارية والسياحية، ووصلت قيمة الأموال المدفوعة الى 80 مليون دولار، علما ان الحكومة باشرت الاعداد لعمليات رفع الانقاض في الضاحية الجنوبية بمشاركة الهيئات الرسمية والبلديات وجهاد البناء، والارجج ان عمليات رمي الانقاض ستكون قرب الكوستابرافا بعد فتح دفاتر الشروط للشركات الراغبة بالالتزام، وفي العام 2006 رست العملية على المتعهد جهاد العرب، واعلنت قطر استعدادها للمساعدة في اعادة الاعمار.
- صحيفة النهار سلطت الأضواء على الأوضاع السورية وعنونت: الجولاني وتحديات الانتقال السوري على حبال المسارات المختلفة
وكتبت تقول:
أثار لقاء الخميس، في مبنى وزارة الدفاع في دمشق، بين زعيم “هيئة تحرير الشام” قائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) وقائد اللواء الثامن أحمد العودة استياء واسعاً في أوساط شرائح وازنة في محافظة درعا، باعتبار أن العودة هو رجل روسيا الأول في الجنوب السوري، وكان يعمل في السنوات الأخيرة تحت مظلة شعبة الأمن العسكري بعد فصله من الفيلق الخامس الذي أنشأته روسيا.
غير أن اللقاء عكس جانباً من جوانب تشابك النفوذ الخارجي في سوريا، واضطرار الشرع إلى مراعاة مصالح كل الدول الفاعلة في الملف السوري بما فيها روسيا. ولا شك في أن اختيار الجولاني العودة ليكون بمثابة ممثل عن حوران (مهد الثورة) فيه مغازلة واضحة لموسكو ورسالة متناغمة مع ما يجري تسريبه من مفاوضات روسية مع القيادة الجديدة في سوريا بشأن القاعدتين الروسيتين في حميميم وطرطوس.
وزار وفد من إدارة العمليات العسكرية محافظة درعا، وبدأ اجتماعات مع وجهاء المناطق، مستهلاً جولته من بلدتي سملين وزمرين شمال درعا، وذلك في إشارة واضحة إلى توصل الجولاني والعودة إلى صيغة للتعاون والتنسيق.
كما أن إدارة العمليات العسكرية سارعت فور انتزاعها مدينة دير الزور من “قوات سوريا الديموقراطية” إلى إرسال وفد منها إلى المدينة تعبيراً عن دخولها ضمن نطاق قيادتها.
وقد يكون من المفهوم أن تخرج مناطق سيطرة “قوات سوريا الديموقراطية” من دائرة حكم الجولاني، لما لهذه المناطق من خصوصية، سواء لجهة ارتباطها بمصالح الولايات المتحدة، أم لجهة اشتمالها على إدارة ذاتية شبه مستقلة. ومع ذلك فإن ما يسمى منطقة شرق الفرات سوف تشكل اختباراً جدياً لإرادة الدول التي تضع شرط وحدة الأراضي السورية معياراً لقبول القيادة الجديدة والاعتراف بها. كما أن من شأن ذلك أن يختبر مدى قدرة الولايات المتحدة وتركيا على تجاوز هذه العقبة التي قد تجر إلى تقسيم سوريا.
غير أن النقطة التي بدأت تثير شكوكاً وتساؤلات هي عدم التحاق مناطق درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام بالقيادة الجديدة، وهي المناطق التي احتلتها تركيا بالتحالف مع فصائل “الجيش الوطني السوري” في شمال البلاد وشرقها. وقد أنشأت فيها حكومة موقتة تمثل القوى السياسية المنضوية تحت عباءة الائتلاف السوري المعارض.
وبات “الجيش الوطني السوري” الذي تموله تركيا، بعد سيطرته على منبج والعديد من المناطق في ريف حلب، يضع يده على ما يفوق مساحة لبنان ويقدر بنسبة 10% من مجمل الأراضي السورية.
وكان الائتلاف السوري المعارض أكد بلسان الناطقين باسمه أنه لم يجرِ التشاور معه أو مع هيئات المعارضة الأخرى حول تكليف محمد البشير رئاسة الحكومة الانتقالية في سوريا.
ورصدت “النهار” أنه منذ انهيار النظام السوري وإعلان إدارة العمليات العسكرية الانتصار عليه، لم يصدر عن أي قيادي في “هيئة تحرير الشام” أيّ تصريح يربط نجاح عملية “ردع العدوان بالدعم التركي أو بأي دعم خارجي، كما لم توجه قيادة الهيئة أي شكر لأي دولة على دعمها العمل العسكري الأخير. بل كان الجولاني شديد الوضوح في التصريحات التي أدلى بها أثناء زيارته مسجد الشافعي في دمشق الذي كان يرتاده أيام شبابه، حيث قال بخصوص معركة “ردع العدوان”: “لم تكن هناك دولة داعمة، ولم يكن هناك توجيه بالدعم، ولا كان أحد يشجّع على هذه المعركة، لأنه في الحسابات البسيطة كانت المعركة خاسرة، لكن كنا كلنا ثقة”، مشدداً على أن السلاح الذي استخدم في المعركة كان من تصنيع محلي، و”حتى المال كان من عرق جبيننا”، وفق تعبيره.
هذه التصريحات جاءت قبل يوم واحد فقط من زيارة رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم كالن ونظيره القطري خلفان الكعبي، برفقة فريق استشاري موسّع، العاصمة السورية، للاجتماع مع الإدارة الجديدة. وما استوقف بعض المراقبين الطابع الأمني الذي غلّف زيارة الوفد المشترك من أبرز دولتين أبقتا على دعمهما للفصائل المسلحة في سوريا. وثارت تساؤلات كثيرة عن سبب عدم حضور السياسيين من كلا البلدين.
قد تكون هذه ملاحظة شكلية لا قيمة لها بحد ذاتها، لكنها إذا أضيفت إلى المعطيات السابقة، وقرئت على خلفية الحراك الديبلوماسي المكثف الذي يشهده العالم بشأن قضية الانتقال في سوريا، قد تصبح ذات دلالة على شيء ما. وكي لا نستعجل في الاستنتاج يمكن القول إن المؤشرات التي صدرت عن الجولاني منذ سقوط النظام تدل على أنه لا يريد أن تفرض أي دولة وصاية على مشروعه، وإلى أن تقاطع مسارات الحراك الديبلوماسي في العالم وتضاربها، لا سيّما مسار الإمارات وروسيا من جهة، وتركيا وقطر من جهة ثانية، وأميركا وتركيا من جهة ثالثة، بالإضافة إلى المسار الأوروبي، يمثلان فرصة للجولاني للعب على حبال هذه المسارات بما يمكنه من تحقيق النصر السياسي على أطراف من المعارضة محسوبة على بعض الدول بعد أن حقق النصر العسكري على أطراف محسوبة على دول أخرى.