قالت الصحف: تفعيل حكومة تصريف الأعمال ولا جديد حيال التأليف
الحوار نيوز – خاص
وسط تنامي حدة الأزمات الاقتصادية وانعكاسها على المستوى المعيشي، ووسط استحقاقات في غاية الدقة والخطورة، كملفي التفاوض مع صندوق النقد والتفاوض غير المباشر مع العدو الإسرائيلي بشأن ترسيم الحدود البحرية، تبدو “همة” المراجع الدستورية في البلاد باردة حيال قضية تأليف الحكومة على الرغم من أهميتها الدستورية مع دخول البلاد فعليا مرحلة البحث عن رئيس جديد للجمهورية.
ماذا في التفاصيل؟
- صحيفة “النهار” عنونت: أسبوع الفرصة الأخيرة لتمرير حكومة جديدة؟
وكتبت تقول: مع ان معظم الأوساط الرسمية والسياسية باتت تستبعد إمكانات تجاوز التعقيدات والشروط التي حالت حتى الان دون تأليف حكومة جديدة، خصوصا مع تنامي الاهتمامات الداخلية والخارجية بالاستحقاق الرئاسي الذي صار الأولوية الأساسية بما يخفف التركيز على الملف الحكومي، فان الأسبوع الطالع سيشكل واقعيا اختبارا حساسا وجديا للغاية، وربما فرصة نهائية لإعادة تعويم الجهود من اجل تأليف حكومة جديدة من دون أوهام كبيرة في إمكانات نجاح هذه الفرصة. فمع عودة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اليوم الى مزاولة نشاطه في السرايا، باجتماع للبحث في مخارج لفك اضراب موظفي القطاع العام الذي يشل كل القطاعات والمؤسسات، وبعد أسبوعين تقريبا من الجمود الذي أصاب التحركات المتصلة بالملف الحكومي، ترصد القوى الداخلية مسار الاتصالات التي يفترض ان تتحرك على خط بعبدا – السرايا لكسر قطيعة غير معلنة سادت بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس ميقاتي ولعبت دورا في تطويل الجمود الذي شل عملية تأليف الحكومة حتى الان. وفيما تنتظر هذه القوى لقاء حاسما بين عون وميقاتي في أي لحظة، من شأنه اما ان يعيد تحريك المشاورات بينهما سعيا الى التوصل الى توافق على التشكيلة الحكومية العتيدة، او يبرز صعوبة تجاوز التباينات القائمة بينهما بما يزيد احتمالات عدم تشكيل حكومة جديدة واستمرار حكومة تصريف الاعمال حتى نهاية العهد الحالي.
وتتزامن عودة تحريك الملف الحكومي مع تحريك مماثل للمشاريع الإصلاحية التي يجري العمل على إقرارها بمعزل عن ربطها بتشكيل حكومة جديدة. فهيئة مكتب مجلس النواب تعقد اجتماعا اليوم برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري للتوافق على جدول اعمال جلسة تشريعية سيعقدها المجلس قريبا ويتوقع ان تقر فيها مشاريع القوانين المطلوب إقرارها من صندوق النقد الدولي.
وفي اطار مماثل يصل الى بيروت المنسق الفرنسي للمساعدات الدولية للبنان بيار دوكان في زيارة تتصل بالاطلاع على المراحل التي قطعتها عملية الإصلاحات وعقباتها وملفات لبنان مع البنك الدولي.
استقطاب دولي؟
والحال ان مصادر ديبلوماسية مطلعة أبلغت “النهار” ان منسوب الاهتمام الخارجي بالملف اللبناني بدأ بالارتفاع الملحوظ من خلال التركيز على الاستحقاق الرئاسي المقبل، وضرورة التزام الكتل النيابية والقوى السياسية انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الموعد الدستوري اسوة بما حصل في الاستحقاق النيابي. وقالت ان المرحلة المقبلة ستشهد تصاعدا متدرجا وواسعا في الضغوط الدولية على لبنان من اجل منع أي تفلت سياسي من شأنه ان يعقد انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، باعتبار ان معظم الدول المعنية بمراقبة الوضع في لبنان والتي هي ضمن المجموعة الدولية لدعم لبنان تعتبر ان مفتاح بداية اخراج لبنان من متاهة الانهيار الذي يعاني منه يجب ان يكون في انتخاب رئيس جديد يكون رمزا ودفعا للعملية الاصلاحية التغييرية في لبنان.
- صحيفة “الديار” رأت في افتتاحيتها أن “غياب مُمثل رسمي عن لبنان، سواء كان رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة، عن القمّة العربية الخليجية – الأميركية يعني بكل بسلطة رفض للأداء الرسمي للدولة اللبنانية من وجهة النظر الأميركية – السعودية. هذا أقلّه ما يُمكن إستنتاجه من القراءة الأولية للحضور السياسي في هذه القمة. وتُشير المعلومات الى أن أحد المسؤولين اللبنانيين (يُعتقد أنه النائب الياس بو صعب) اتصل بالسفيرة الأميركية طالبا دعوة لرئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء، وهو ما تم رفضه من قبل واشنطن التي قالت أن الظروف لا تسمح بهذا الأمر.
ويقول مصدر سياسي لـ «الديار» أن الإنفراج لا يُمكن أن يأتي إلا من باب الإنفراج في العلاقات السعودية – الإيرانية، والتي مهّدت لها الرياض من خلال تصريح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن مدّ اليد لإيران لفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية.
ملفا حاكم مصرف لبنان والترسيم
عدم دعوة رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة إلى القمّة يعني بكل بساطة عزل لبنان وبالتحديد الرئاستين الأولى والثانية. وإذا كان ميقاتي موعودا بإستمرارية وجوده في السلطة عبر تكليفه تشكيل حكومة جديدة في لبنان، إلا أن الوضع مُختلف بالنسبة للرئيس عون الذي تبقّى له مئة وخمسة أيام في القصر الجمهوري. فالرئيس عون لم ينجح بتنفيذ وعوده (بغض النظر عن الأسباب)، خصوصا الوعد بتسليم لبنان أفضل مما إستلمه. من هذا المُنطلق يرى وزير سابق أنه لم يعد أمام الرئيس عون إلا ملفين يُمكنه العمل عليهما: الأول ملف إقالة حاكم مصرف لبنان، والثاني توقيع إتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع «إسرائيل».
فعلى صعيد حاكم مصرف لبنان، يقول الوزير السابق أن رئيس الجمهورية يسعى من خلال النائب جبران باسيل إلى إيجاد قاضٍ يدّعي على حاكم مصرف لبنان، بهدف منعه من إكمال مهامه في المصرف المركزي. وحتى الساعة يرفض مُعظم القضاة الذين تمّ الطلب إليهم الإدعاء على سلامة، لعدم وجود أدلّة كافية بحسب المُعطيات التي تمّ تسريبها. من جهته يتّهم فريق رئيس الجمهورية بعض السياسيين وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب نبيه برّي بالضغط على القضاء لعدم قبول الدعوى، إلا أن العديد من السياسيين يرون في الحراك العوني تدخّلا فاضحا في العمل القضائي، ومحاولة لتحميل سلامة مسؤولية كل ما حصل، وبالتالي تبرئة فريق رئيس الجمهورية من إنفاق وزارة الطاقة على مرّ السنين، وتعيين حاكم محسوب على العهد لمدة ست سنوات. ويُضيف الوزير السابق أن فريق رئيس الجمهورية يستميت في هذا الملف بهدف وضعه كإنجاز في خانة محاربة الفساد.
مصدر مُقرّب من مصرف لبنان قال لـ»الديار» أن ما كشفه حاكم مصرف لبنان في ظهوره الإعلامي الأخير عن حجم إنفاق الدولة، خصوصا وزارة الطاقة يضع فريق رئيس الجمهورية في خانة الإتهام، وليس حاكم المركزي الذي سعى بكل جهده لعدم إفلاس الدولة. إلا أن القرار السياسي يبقى الأقوى، حيث إتخذت حكومة الرئيس حسان دياب قرارها في 7 آذار 2020 بوقف دفع سندات اليوروبوندز وهو ما جعل الأوضاع تتدهور بهذه السرعة الكبيرة. وأضاف المصدر أن السلطة السياسية ومنذ إندلاع الأزمة لم تقم بأي إجراء تصحيحي، لا بل على العكس فرضت على مصرف لبنان دعم السلع والبضائع المستوردة والذي ذهب إلى جيوب التجار والمافيات.
أمّا على صعيد ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي، فقد قال سياسي مُعارض لعون والتيار الوطني الحر، أن رئيس الجمهورية وعلى الرغم من ترؤسه ملف التفاوض عملًا بالدستور، إلا أنه ليس المفاوض الفعلي. فالأمر منوط بمعادلة أكبر وهي حزب الله الذي رسم مسارا جديدا في المفاوضات خلال إطلالة السيد حسن نصرالله الإعلامية الأخيرة. وبالتالي أي إنجاز في هذا الملف سيعود حكما لحزب الله وليس للرئيس عون. الجدير ذكره أن فريق رئيس الجمهورية يُعوّل على توقيع إتفاقية تطال الحدود البحرية، نظرًا إلى ما لهذا الملف من ثقل على الصعيد الإقتصادي، وبالتالي سيكون له إستخدام سياسي من خلال تدعيم حضور النائب جبران باسيل السياسي في المرحلة المقبلة، والذي يتوقّع العديد من المراقبين أنه سيتراجع سياسا مع إضمحلال وصوله إلى رئاسة الجمهورية ووضعه على لائحة العقوبات الأميركية، مما يُشكّل عائقا أساسيا أمام إستلامه منصبًا وزاريًا.
الملف الحكومي
إلى هذا تتوقّع مصادر مُطلعة أن يزيد المشهد الحكومي تعقيدا خصوصا على صعيد التكليف، حيث من المتوقّع أن يزور ميقاتي رئيس الجمهورية ميشال عون هذا الأسبوع بهدف البحث في ملف تشكيل الحكومة. وتُشير المصادر إلى أن أيا من المواقف لم يتغيّر، وبالتالي من المتوقّع أن تتأزّم الأمور بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف في ظل حديث البعض عن ضغوطات فرنسية هائلة على الرئيس ميقاتي لعدم إعطاء وزارة الطاقة إلى فريق رئيس الجمهورية وبمباركة محلّية من العديد من القوى السياسية
- صحيفة الأنباء عنونت: الاستحقاقات لبنان في محطات الانتظار الاقليمية.. والبلد على فوهة بركان اجتماعي
وكتبت تقول: في لبنان المتربع على فوهة بركان اجتماعي لا سياسة ولا سياسات، فكل ما في البلد ارتجال بارتجال. العالم كله يتغير إلا في لبنان لا تغيير طالما العقلية التي تدار بها الأمور هي ذاتها لا تتغير. ملامح المشهد الخارجي تدل على تغييرات كبرى لن يكون لبنان ضمنها. أما المشهد الداخلي فملامحه واضحة، صورة مكررة وطبق الأصل لعقلية مريضة ومتعفنة.
وفي غياب أي رؤيا عند المسؤولين تواكب الأحداث والمتغيرات الدولية يبقى لبنان بدون حكومة، فيما تترقب الأوساط حركة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بعد عودته من الخارج َما إذا كان سيزور قصر بعبدا في وقت قريب.
مصدر وزاري أشار عبر “الأنباء” الإلكترونية إلى أنه من غير المعقول والمنطقي أن تتم زيارة ميقاتي الى بعبدا دون تحديد موعد مسبق. فالرئيس ميقاتي هو مكلّف بتشكيل حكومة ولا يجوز أن يقال له أبواب القصر الجمهوري مفتوحة للجميع. فالواجب يقتضي أنه ما ان تحط الطائرة التي تقله على مدرج مطار رفيق الحريري الدولي حتى تأخذ دوائر قصر بعبدا علما بقدومه ويحدد موعد الزيارة ويتم ابلاغه الى المدير العام لمجلس الوزراء ليبلغ بدوره الرئيس ميقاتي.
في هذا السياق تمنى النائب السابق علي درويش في اتصال مع “الأنباء” الإلكترونية ترك موضوع الزيارة للرئيسين عون وميقاتي، كون البيانين اللذين صدرا عن مكتبيهما الإعلاميين اشارا بإيجابية الى هذا الامر، مضيفاً: “نحن نعوّل على العلاقة التي سادت بينهما في المرحلة الماضية”، مرجحاً أن يكون هناك لقاء بينهما لمتابعة البحث في تشكيل الحكومة، مشيراً إلى أن أجندة ميقاتي حافلة بالمواعيد هذا الاسبوع ولديه العديد من الملفات التي تنتظر معالجتها وبالأخص إضراب القطاع العام.
وفي حين بقيت أصداء عظة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في بقاعكفرا تترد، رأى الباحث والكاتب السياسي الياس الزغبي في حديث مع الأنباء الالكترونية ان مواقف البطريرك الراعي تعبّر بصدق عن الرأي العام اللبناني بأكثريته الغالبة، وهذا الرأي عبّر عن نفسه قبل الانتخابات النيابية. فإذا فرزنا جيدا الأصوات التي نالتها الأحزاب في طوائفها وراجعنا الحاصل العام لتبين لنا ان هناك رفضا لأي طرف يتصرف بالقرار اللبناني على هواه وهذا ما عبّر عنه الراعي غير مرة، وكلامه الأخير حمل رسالة رداً على تفرّد حزب الله وحسن نصرالله بقرار السلم والحرب بل بقرار الحرب، مضيفاً: “هذا الحزب الذي رأى أن المسألة بالنسبة له أبعد من كاريش وهذا يعني انه ربط لبنان بالأجندة الايرانية ولم يكن الراعي الا صاحب موقف وطني لبناني صاف وحاسم في رفض تصرف أي جهة بالقرار السيادي ومصير لبنان”، معتبرا أن هذا الموقف سيكون له امتداد اقليمي خصوصا بعد قمة جدة التي أعطت لبنان مساحة واسعة في البيان الختامي فيمكن القول باختصار ان الوضع اصبح ينتظر ليس ما بعد كاريش بل ما بعد جدة.
على الصعيد الحكومي رأى الزغبي أن كل المؤشرات تؤكد أن لا حكومة في الأفق القريب والمتوسط فالجميع انشغلوا عن مسألة تشكيل حكومة ظرفية سريعة العطب كي يركزوا على رئاسة الجمهورية من خلال هذين الاستحقاقين: رئاسة الجمهورية والموازين الجديدة والشرق الاوسط الجديد خصوصا بعد قمتي جدة وطهران القريبة.
هذا جزء من الصورة الجديدة للبنان المرتهن لتطورات المنطقة، وما الاستحقاقين الحكومي والرئاسي سوى محطتي انتظار في قطار التسويات.