قالت الصحف: تصعيد على العرقلة وتصميم على التأليف
الحوارنيوز – خاص
في الوقت الذي يتابع الرئيس المكلف حسان دياب مساعيه واتصالاته لتأليف الحكومة وفق معايير يطالب فيها غالبية اللبنانيين، لا سيما قوى الحراك الوطني، يصر بعض المجموعات الحزبية وتحت شعارات مذهبية إثارة أجواء من الفوضى وتعطيل البلاد وتسكير الطرقات، على الرغم من الموقف الرسمي لرئيس حزب المستقبل الرئيس سعد الحريري الرافض لمثل هذه التصرفات.
صحيفة "النهار" عنونت:" عون – الانتفاضة: "النهار تنشر وثيقة المطالب .. القوى الداعمة لدياب منفتحة على معايير هيل" وكتبت تقول: يمضي الرئيس المكلف تأليف الحكومة حسان دياب وسط حقل من الالغام لا يعلم متى ينفجر أحدها فيعطل مسيرته نحو التأليف الذي يأمل ومعه فريق من داعميه ألا يطول الى ستة اسابيع كما اعلن سابقا بل ان تندفع الامور بسلاسة تؤدي الى حكومة جديدة في زمن الاعياد مطلع السنة الجديدة، على ان تكون حكومة مصغرة ارتفع عددها الى 20 بدل 18 بعدما تبينت صعوبة عدالة التمثيل الطائفي في العدد الاول، وفي ظل توجه الى حكومة اختصاصيين، أي تكنوقراط كما يطالب المجتمع الدولي من جهة، والانتفاضة الشعبية من جهة أخرى.
ويبدو ان ثقل الازمة السياسية والمالية والاقتصادية بدأ يدفع قوى السلطة الى البحث عن حلول وسط، تلبي المعايير الاميركية التي تحدث عنها وكيل وزارة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل، وتقضي بخلو التركيبة الحكومية من الوجوه السياسية والحزبية البارزة، وان تكون حكومة موثوقاً بها وذات صدقية، قادرة على تنفيذ الاصلاحات، ترضي الشعب وتوحي بالثقة الى الخارج، تأتي بوجوه جديدة من الاختصاصيين ممن لم يتربعوا سابقاً على العروش السياسية، وألا تكون خاضعة لسيطرة أي حزب أو فريق سياسي أو محور خارجي، تنأى في بيانها الوزاري بالبلد وتمارس هذا النأي فعلاً.
وتسعى قوى 8 اذار ومعها "التيار الوطني الحر" الى انجاح دياب في مهمته، لان أي انتكاسة جديدة في المسار الحكومي ستدخل البلاد في انهيار بات قاب قوسين أو أدنى.
وتحت عنوان:" الشارع آخر أوراق الحريري" كتبت "الأخبار":" لم يتقبّل الرئيس سعد الحريري مرور تكليف حسان دياب بتأليف الحكومة بسلاسة. خسارته أدّت الى ارتفاع منسوب توتّره وتوتّر مناصريه، يُترجم اليوم بغضبة سنيّة احتجاجاً على التسمية… فهل يلعب الحريري ورقته الأخيرة في الشارع؟
لم يحسِبها رئيس الحكومة السابِق سعد الحريري صح، حينَ ظنّ أن الفرصة باتَت مؤاتية للتخلّص من شريكه في التسوية، الوزير جبران باسيل. لذلك، حينَ أوحى إليه الأميركيون بأهمية الاستقالة في لحظة انطلاق الحراك الشعبي، من ضمن مشروع انقلاب كبير يهدف الى إطاحة حزب الله من الحكومة وتجاهل نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، لم يتأخر في تنفيذ ذلك كله، ليُفاجأ بعدَها بأن واشنطن نفسها تتخلّى عنه. قطارُ تأليف الحكومة مع الاستشاراتِ غير المُلْزِمة التي أجراها الرئيس المكلّف حسان دياب مع الكتل البرلمانية أَقلع، من دون أن يُبدي الأميركيون ولا أي دولة أخرى ملاحظة بشأن التسمية.
فجأة وجدَ رئيس "تيار المُستقبل" أن الأمور تجاوزته. خسِر رهاناته بالعودة الى رئاسة الحكومة، سواء بالتعويل على المفاوضات مع حزب الله وحركة أمل باتباع سياسة أنا أو لا أحد غيري، أو بالاستثمار في التحركات في الشارع. خسارة أدّت الى ارتفاع منسوب توتّره، وتوتّر مناصريه على الأرض، يُترجم بـ"غضبة" احتجاجية على تسمية حسّان دياب، وببعض التصريحات التي تتحدث عن سقوط الشرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، كما غرّدت النائبة ديما جمالي أمس. الأكيد أن الأخيرة لم تنشر هذا الموقف من دون إيعاز من "كِبار" التيار، الذين تقصدوا إيصال رسالة الى المعنيين برفض تسمية دياب. مع أن الحريري نفسه، بعيداً عن الشارع الملتهب في مناطِق نفوذه، يظهر هادئاً ومتعاوناً مع رئيس الحكومة المكلف، فيما تشير بعض المعلومات الى "مُفاوضات تُخاض مع أجل التمثل في الحكومة، ليسَ عبرَ أشخاص محسوبين عليه بشكل رسمي، لكن يحظون بغطائه". هنا يظهر حجم التخبّط لديه. شارعه متوتر. هو نادم على الاستقالة وعدم القدرة على العودة الى الحكومة، لكنه مجبر على التعامل بواقعية، بعد كل المؤشرات التي تفيد بوجود ملاحظات أو فيتو دولي وإقليمي عليه.
ثمّة من يرجّح أن لا يحرق الحريري كل المراكب مع 8 آذار، وتحديداً حزب الله، لأنه "يتوقع لحظة مستقبلية تُعيده الى السراي الحكومي. وهذه اللحظة لا يُمكن أن تأتي إلا برضى الحزب وموافقته". وهذا ما يجعله يقِف بين منزلتين: إما ترك الخيار لشارعه بالتعبير عن رأيه، وعدم إظهار التعاون مع الحكومة على أمل إسقاط دياب في الشارع، من أجل العودة اليه كخيار وحيد، وإما التعامل بواقعية وبانفتاح مع الجميع لفتح صفحة جديدة تؤمّن له العودة في ما بعد. حتى الآن تعتبر مصادر في 8 آذار أن "الحريري يراهن من جديد على الشارع، وكأنه يلعب الورقة الأخيرة"، فإما أن "تحترق ورقة دياب، وإما أن يخسر الحريري هذه الورقة ويخسر ما تبقّى لديه".
ليسَ الحريري في موقع يُحسد عليه، فهو بلا غطاء إقليمي ولا دولي، وبلا حلفاء في الداخل. موقف القوات يؤشّر الى بقائه وحيداً. موقف النائب السابق وليد جنبلاط وتغريدته أكدا فشل مسعى إعادة شدّ أواصِر ما كان يُسمّى فريق 14 آذار. وحدهم الذين حاول الحريري قلب الطاولة عليهم، ما زالوا ملجأه الأخير. فرُغم ما قيل عن عدم مشاركة "المستقبل" في حكومة دياب، ولا حتى بوجوه "تكنوقراط"، تقول المعلومات إن حزب الله وحركة أمل يتمسّكان بتمثيل الحريري في مجلس الوزراء.
صحيفة "الأنباء" الإلكترونية كتبت في افتتاحيتها اليومية:" يطلّ أسبوع الأعياد وقد انطوى ملف التكليف، وبات ترقب ولادة الحكومة العتيدة سيد الموقف في ظل ما ينتظرها من استحقاقات كبيرة أهمها محاولة انتشال البلد من أزماته المالية والاقتصادية، واستعادة الثقة بين المواطن والدولة، وهي المهمة الأصعب.
لكن أسبوع الميلاد يبدأ على وقع استمرار التحركات في الشارع، الذي تحوّل إلى لعبة توجيه رسائل بطريقة تعتمد شدّ العصب الطائفي، فيما الحراك الأساسي الذي انطلق في 17 تشرين يعاني بدوره من غياب رؤية موحّدة لدى مختلف مجموعاته حول التعاطي مع تسمية حسان دياب.
وقد حذرت أوساط سياسية عبر "الأنباء" من ان استمرار اللعب بالشارع تحت عناوين طائفية هو أمر خطير؛ فهذه اللعبة المميتة قد تنفجر بأي لحظة وتنقلب على الجميع، خصوصاً وأن الأمور بلغت حداً لا يمكن معه المخاطرة بمزيد من التوتر.
في غضون ذلك أفادت مصادر نيابية أن "الاجواء السياسية تشير إلى أن عناصر تشكيل الحكومة متوفرة، ما يعني أن ولادتها لن تكون بعيدة زمنياً"؛ مشيرة في حديثها الى "الأنباء" إلى ان المساعي تجري لإنتاج التشكيلة الحكومية قبل رأس السنة، وأن عملية التأليف لن تستغرق أكثر من شهر كحد أقصى. واستندت المصادر إلى مضمون كلام المبعوث الأميركي ديفيد هيل في لقاءاته الرسمية؛ الذي اعتبرته بمثابة غطاء لتشكيل الحكومة على قاعدة أن واشنطن معنية بآداء الحكومة فقط.
من جهتها، لفتت أوساط مقرّبة من الثنائي الشيعي إلى أنه تم التوصل الى "توافق شبه تام لدى الفريق الذي سمّى الرئيس المكلّف حسان دياب على أن تكون الحكومة من اختصاصيين بكاملها؛ بغض النظر عن أن الأسماء سيكون لها ميولها السياسية المحسوبة على هذا الفريق"، على اعتبار أن الفريق الداعم لدياب يهدف من ذلك إلى إراحة الرئيس المكلف وتحسين شروط عمله وصورة حكومته أمام المجتمع الدولي وأمام الشارع اللبناني في الوقت نفسه.
بالتزامن أفاد مصدر دبلوماسي عن حركة اتصالات تجري بين الدول العربية لتنسيق المواقف حيال الحكومة اللبنانية المقبلة، لكن المصدر ذكر أن الأمر قد لا يتم حسمه أيضاً قبل توافر معطيات واضحة عن شكل الحكومة وأسماء أعضائها وبرنامجها.
كل ذلك يوحي بأن ولادة حكومة حسان دياب باتت قاب قوسين أو أدنى في ظل غياب أي عوامل تسبّب التأخير، إلا أن المرحلة الأصعب تأتي بعد ذلك.