قالت الصحف: تراجع في المشهد الداخلي ومزيد من التطييف؟
الحوارنيوز – خاص
أخذت الأحزاب المسيحية البلاد رهينة لتغطية عجزها عن تسمية رئيس جامع للجمهورية لديه القدرة على إعادة الروح والوحدة الى المؤسسات الدستورية، وتسبب انقسامها بفراغ طاول المؤسسات الدستورية وسط تواصل انهيار العملة الوطنية وارتفاع حاد للأسعار.
- صحيفة النهار عنونت: “التاسعة العقيمة” اليوم… بمجلس يزداد تشلعاً
تقول: لم يكن تفصيلا نافلا، ولا امرا عابرا، ان يحول رفض الكتل المسيحية الكبيرة عقد جلسات تشريعية لمجلس النواب وتاليا تطيير الجلسة التي كانت مقررة أمس للنظر في مساءلة ثلاثة وزراء سابقين للاتصالات في ملفات اهدار، ولو ان الجلسة ارجئت بذريعة “التمني” من هيئة مكتب المجلس على رئيس المجلس نبيه بري ارجاءها لتمكين الهيئة العامة مجتمعة من النظر في الموضوع. ذلك ان المقاطعة لجلسات التشريع وان اكتسبت طابعا دستوريا وحججا لها وقعها وثقلها الدستوري نظرا الى نظرية أولوية انتخاب رئيس الجمهورية في أي انعقاد للمجلس قبل أي اجراء اخر، فانه لا يمكن تجاهل توغل الازمة الكبيرة الناشئة عن تمادي الفراغ الرئاسي الى نشوء معادلة توازن سلبي يبدو معها شلّ جلسات التشريع بمثابة خطوة متقدمة ردا على معادلة تطيير النصاب في كل جلسات انتخاب رئيس الجمهورية. حتى انه لم يعد ممكنا تجاهل تصاعد طابع طائفي اتخذ دلالاته في ارجاء الجلسة النيابية البارحة تحت وطأة مقاطعة الكتل النيابية المسيحية بالإضافة الى عدد من النواب المستقلين. وهو امر يسجل في اقل الأحوال ترجمة إضافية للتداعيات السياسية التي بدأت تنزلق اليها البلاد في الشهر الثاني من عمر ازمة الفراغ الرئاسي التي بدأت مع نهاية ولاية الرئيس ميشال عون في نهاية تشرين الأول الماضي.
تبعا لذلك تكتسب الاطلالة اليوم على الجلسة التاسعة التي يعقدها مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية دلالة إضافية ولو انها لن تكون سوى نسخة طبق الأصل في نتائجها وآليتها عن الجلسات الثماني السابقة. هذه الدلالة تتأتى من مجلس نواب آخذ في التشلع واتساع الثغرات والفجوات وتراكم تداعيات المعارك الصغيرة منها بين مكوناته والكبيرة الخارجة عن إطار قراراته وهوامشها والمتصلة “بإنتاج الرئيس “خارج ساحة النجمة على ما بات مكشوفا ومعروفا ومفضوحا. وتنعقد تاليا الجلسة التاسعة الانتخابية لمجلس النواب اليوم وقد ازداد المجلس تراكما على تراكم من خلال المناخ الشديد التوتر بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” بفعل ترددات مشاركة الحزب في جلسة مجلس الوزراء التي كانت بمثابة ضربة موجعة للغاية للتيار العوني، ومن ثم رد رئيس التيار النائب جبران باسيل بمؤتمره الصحافي الذي حفل بالتهويل على الحزب بمواقف الحرد والغضب والاتهامات المبطنة. ولكن بدا واضحا أمس ان ازمة السخط والغضب والاتهامات والتهويل بدأ وضعها كالعادة في مثل التجارب السابقة بين الحليفين قد وضعت على سكة التبريد، تمهيدا لمعالجة تداعياتها، اذ لم يصدر أي رد من الحزب ونوابه ومسؤوليه على مؤتمر باسيل فيما انحسرت مبارزة السجالات الحادة بين أنصار الحليفين عبر مواقع التواصل الاجتماعي بما يؤشر الى بدء احتواء الخلاف. ومع ذلك سيكون تلويح باسيل بطرح مرشح من جانب تياره على محك الرصد بدءا من اليوم اذ ان الخلاف الحقيقي والجدي بينه وبين الحزب يتصل برفض باسيل المطلق لترشيح سليمان فرنجية الذي يتبناه الحزب حتى الان. وإذا كان يرجح ان يصوت “تكتل لبنان القوي” اليوم بالأوراق البيضاء كما افرقاء ٨ اذار الاخرين، فان المعارضة ستسعى الى إعادة رفع سقف التصويت لمرشحها النائب ميشال معوض بعدما تراجع عدد الأصوات في الجلسة السابقة.
* صحيفة الأخبار عنونت: باسيل يضبط السقف والحزب يلتزم الصمت: التيار يبدأ مناورة جديدة من باب الرئاسة
وكتبت تقول: التهدئة في التخاطب هي عنوان المرحلة الآن بين حزب الله والتيار الوطني الحر. لكن “الله أعلم كيف سيكون موقفنا في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية” اليوم، على ما قالت مصادر رفيعة في التيار الوطني الحر لـ”الأخبار”. وفيما رفضت الإشارة إلى ما إذا كان نواب تكتل لبنان القوي سيستمرون في التصويت بورقة بيضاء، اكتفت بالقول: “القرار لدى النائب جبران باسيل، وسيتبلّغه النواب في اللحظات الأخيرة”، مؤكدة أنه “في شي جديد”.
في غضون ذلك، تعمّد حزب الله عدم التعليق على تصعيد باسيل في مؤتمره الصحافي أول من أمس، خصوصاً أن رد الفعل هذا لم يكن مفاجئاً. غياب المسؤولين في الحزب عن الواجهة كان بقرار، فيما القلّة التي تطوّعت للرد التزمت “تعميماً” داخلياً بـ “كظْم الغيْظ”، والتريث في الخوض في النتائِج المحتملة لغضب باسيل، في انتظار رصد أبعاد المضمون السياسي لما قاله، مع التأكيد على “التمسك بالتحالف معه”.
وإذا كان حزب الله يتصرف على قاعدة تفهّم غضب رئيس التيار، فإن ذلك ينطلق من اعتبار الحزب أن الأخير يعلم تماماً، كما الحزب نفسه، بأنه لا يمكن التضحية بتفاهم سياسي كانت له نتائج كبيرة على المستوى الوطني. وإذا كان الانفصال وفكّ التفاهم مضراً بحزب الله، فإن باسيل يدرك بأن الضرر على التيار سيكون كبيراً أيضاً. وعليه، فإن الطرفين محكومان بالتفاهم على استمرار التفاهم، مشيرة إلى أن “تفعيل الخط الساخن بين الطرفين لم يحن وقته بعد”.
أما باسيل، من جهته، فقد بادر إلى تبريد بعض الرؤوس الحامية التي طالبت في المجلس السياسي للتيار أمس بـ”الإعلان فوراً عن فك التفاهم”، وحض القيادات والمناصرين على عدم الذهاب بعيداً في النقد والمزايدة. وحرص على إبلاغ كل المعنيين داخل التيار بوجوب التزام السقف الذي حدده في مؤتمره الصحافي أول من أمس، وعدم “الشطح” في المزايدة أو الذهاب أبعد، في ظل ارتياح وتأييد عونيين عارمين للتمايز في هذه المرحلة وتكريس الاستقلالية المطلقة في الخيارات.
ونقل زوار باسيل عنه قوله إن انعقاد جلسة مجلس الوزراء “كان رسالة، وقد تم الرد عليها بشكل واضح ومباشر من دون مواربة أو لف ودوران كما يفعل آخرون”، مع اعتياد التيار على رد فعل الحزب في حالات مشابهة، لجهة الانكفاء وعدم التعليق. وتلفت مصادر في التيار إلى أن “تجربة التحريض أو القصاص جربها خصوم التيار منذ عام 2006 على مرأى من الحزب ومسمعه، وهو يعرف جيداً أنها لا تقود مع التيار إلا إلى نتائج عكسية بالكامل”.
لكن ذلِك لم يقلّل من أهمية بعض الخلاصات الناتجة من موقف التيار الحاد خصوصاً في ما يتعلق بالملف الرئاسي. فقد اعتبرت مصادر مطلعة أنه “لا يُمكن أن يكون الموقف الحاد لباسيل مرتبطاً بانعقاد جلسة مجلس الوزراء فقط، بل كانت بالنسبة إليه محطة لإيصال رسالة بأن لا مجال للتشاور في ترشيح رئيس حزب المردة سليمان فرنجية وضرورة البحث في خيار آخر”، وهو ما يمكن أن تتبلور بعض ملامحه في مناورة جديدة في جلسة اليوم.
وقالت مصادر التيار إن “التكتل لم يكن قد توصل حتى ليل أمس إلى قرار بشأن الجلسة، لكن النقاش كانَ مفتوحاً على خيارات كثيرة من بينها مقاطعة الجلسة أو التخلي عن الورقة البيضاء والكشف عن اسم مرشحنا الرئاسي”.
وقد تداول بعض النواب العونيين باقتراح تصويت التكتل أو نصفه للمرشح ميشال معوض، لكن وجهة نظر باسيل تقول إنه لن يبادل الأخطاء التكتيكية بأخطاء تكتيكية مماثلة، ولن يرد الخطأ الاستراتيجي بخطأ استراتيجي، وإن كان يرى أن الوقت حان للتمايز بالتصويت، طالما أن أهداف كل من المجموعتين من التصويت بالورقة البيضاء ليس هو نفسه.
وبمعزل عن الرسالة السياسية التي أراد باسيل توجيهها، أول من أمس، كردّ أولي على عقد جلسة حكومية من دون التنسيق معه أو رغماً عنه، فإن ما استقاه التيار من هذه الجلسة يتمحور حول “إمكانية إدارة البلد من دون رئيس جمهورية وأن الأولوية اليوم عند حزب الله هي لتسيير أمور الحكومة المستقيلة لا لانتخاب رئيس”. هذه المقاربة استفزت باسيل ومعه نواب التيار الذين سمعوا من رئيس التيار أن أي افتراض بأنه يمكن للقوى السياسية الممثلة بالترويكا، وإلى جانبها حزب الله، التعامل مع الفراغ الرئاسي كأمر طبيعي و”بيجي عمهلو”، وأنه يمكن للدولة أن تعمل بشكل عادي لا بل تعيد حكومة منتهية الصلاحية إلى الحياة، سيتم منعه بكل الوسائل المتاحة أكانت سياسية أو شعبية أو قضائية. من هذا المنطلق، يصبح لرفض باسيل لانعقاد جلسة عامة لمجلس النواب لأي سبب باستثناء انتخاب الرئيس، بعدان:
1- رد فعل مباشر على تأمين الغطاء للجلسة الحكومية والإطاحة بما سماه الشراكة الوطنية المنصوص عنها في الطائف والتي تتطلب وجود رئيس جمهورية يمهر المراسيم بتوقيعه ولا يحل محله وزير أو رئيس حكومة.
2- الإطاحة مسبقاً بأي طموح لميقاتي أو غيره بعقد جلسة أخرى عبر التأكيد أن التشريع معطل كما العمل النيابي وكل المعارك والقضايا الملحة إلى حين انتخاب رئيس. بالتالي لا أولوية تعلو فوق هذا الموضوع.
- صحيفة الجمهورية عنونت: إرتدادات الهزة تُراكِم التعقيدات.. وفشل تاســـع اليوم .. عبدالله للراعي: الأردن إلى جانبكم
وكتبت تقول: يبدو أنّ لبنان سيبقى وإلى أجل غير مسمّى، رازحاً تحت تأثير الهزّة العنيفة التي ضربته، وزادت الانقسام الداخلي عمقاً واتساعاً، وصعدت بالواقع السياسي الى أعلى درجات التشنج، وفتحته على شتى الاحتمالات والسيناريوهات السياسية وغير السياسية. ورسمت في الوقت نفسه علامات استفهام حول مصير الملف الرئاسي، وخصوصاً انّ جدار التعقيدات بات سميكاً جداً، إلى حدّ انّ مختلف الاوساط السياسية باتت تتقاطع عند فرضية ترحيل الملف الرئاسي لأشهر طويلة، وربما إلى ما بعد الربيع المقبل.
وعلى ما تشي الأجواء الصدامية الممتدة على اكثر من جبهة، فإنّ ارتدادات الهزة، قد لا تقلّ عن عنف الهزّة نفسها، ولاسيما انّها مصحوبة بكتل انفعالية ساخنة، تهدّد بقطع ما بقي من اوصال تربط ما بين المكونات السياسيّة، وخصوصاً انّ الخطاب السياسي لدى بعض المكونات يقوده الانفعال، وبات محكوماً بنزعة المواجهة في شتى الإتجاهات.
مواجهة شاملة
وإذا كان “التيار الوطني الحر” قد اتكأ على انعقاد جلسة مجلس الوزراء ليشهر سلاح المواجهة الشاملة مع الجبهة الممتدة من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، إلى حركة “امل” ورئيس مجلس النواب نبيه بري، إلى حليفه “حزب الله”، وتجنيد مواقع التواصل الاجتماعي لتصويب غير مسبوق على رأس تفاهم مار مخايل المعقود مع الحزب، فإنّ السؤال الذي يطرح نفسه في موازاة ذلك يتوسّل جواباً حول الأفق الذي ستبلغه هذه المواجهة، وهل يمكن لها أن تعدّل أو تغيّر أو تقلب في الموازين الداخليّة؟ وهل انّ المنحى الإنفعالي سيمكّن التيّار من أن يأكل العنب الرئاسي، ويميل الدفّة الانتخابية لمصلحة شخصية يريدها لرئاسة الجمهورية؟
التيار: معركة وجود
القراءة البرتقاليّة للمواجهة القائمة، تقاربها بوصفها “معركة وجود” يخوضها “التيار الوطني الحر” مع ما يسمّيها “منظومة التعطيل وخرق الدستور وانتهاك الميثاق وكسر الشراكة”، التي تبدّت بشكل فاضح في “التحالف الرباعي الجديد” الذي يسعى إلى تثبيت وقائع جديدة، متجاوزاً موقع ودور ومكانة رئيس الجمهورية، ورئيس التيار النائب جبران باسيل اكّد أن “لا عودة إلى الوراء، ولن نخضع لهذه المنظومة بأي شكل من الاشكال”.
وتؤكّد القراءة البرتقالية، “انّ ما حصل لناحية محاولة تكريس خرق للدستور بإلغاء رئاسة الجمهورية ومصادرة قرارها وصلاحياتها، بعقد جلسات غير دستورية لحكومة غير موجودة، يثبت التيار في الموقع الاول للتصدّي لهذا المنحى مهما كلّف الامر، ومن هنا، فإنّه لا مكان على الإطلاق لمجاملة أحد أياً كان، امام الخطيئة التي يمعنون في ارتكابها بحق لبنان. والرسالة التي اطلقها النائب باسيل شديدة الوضوح لناحية ان يتحمّل كل طرف مسؤولياته لأنّه “ما بيمشي الحال هيك”.
واللافت في القراءة البرتقالية التصويب المباشر على “حزب الله”، من دون أن تقفل الباب نهائياً امام من سمّتهم “الصّادقين من الشركاء”، ملقية الكرة في ايديهم للمبادرة إلى تصويب الخطأ، بما يجعل من التأزّم الحاصل، فرصة جديدة للإنقاذ بالتفاهم مع الجميع”.
وتصل القراءة البرتقالية إلى خلاصة ساخرة من بعض الاصوات التي باتت تعتبر انّ “التيار الوطني الحر” ورئيسه النائب باسيل، لن تقوم لهما قائمة بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وتقول: “هذا منطق الإلغائيين، يجعلنا اكثر تصلباً وتصميماً وثباتاً مع جمهورنا الواسع، فلن يستطيع احد ان يلوي ذراعنا، او ان “يزحزحنا” عن ثوابتنا وموقعنا كرقم صعب وفاعل في قلب المعادلة السياسية الداخلية”.