قالت الصحف: تدمير لبنان وسيلة لتغيير الحكومة؟
الحوارنيوز – خاص
عكست صحف اليوم عمق الأزمة السياسية والمعيشية في ظل تواصل الإنهيار الاقتصادي وتراجع مخيف في قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار الأميركي.
ويبدو أن المشهد السياسي مفتوح على المزيد من الصراعات التي يستخدمها البعض لتغيير الحكومة ،ولو أدى ذلك الى تدمير البلاد والمس بوحدتها الوطنية!
ماذا جاء في صحف اليوم؟
– صحيفة "النهار" عنونت:" تحذيرات الدول "والصندوق" تسابق الانهيار المتدحرج" وكتبت تقول:" تجاوزت التداعيات الخطيرة اقتصادياً واجتماعياً وخدماتياً للإنهيار المالي المتدحرج الذي تتسارع فصوله عبر يوميات الدولار الملتهب في السوق السوداء، لتلامس مواقف الدول والمنظمات المالية الدولية حيث رصدت عودة التحذيرات الخارجية من الواقع الإنهياري في لبنان على نحو مثير للقلق الشديد حيال مجريات المرحلة المقبلة. وإذ استوقفت الأوساط السياسية حركة مكوكية لافتة للسفير السعودي وليد بخاري في لقاءات يعقدها مع مروحة واسعة من السياسيين والديبلوماسيين، أدرجت هذه الحركة في إطار استشعار المملكة العربية السعودية وشركائها من الدول المعنية بمراقبة الوضع في لبنان الخطورة التصاعدية للتراجعات المالية والاقتصادية والعجز الحكومي الفاضح عن لجمها وتالياً التشاور على نحو عاجل مع الأصدقاء والشركاء في ما يمكن القيام به حيال السيناريوات التي ترتبها أخطار الإنهيار من دون تحديد إطار معين بعد لمآل هذا التحرك.
وذهبت بعض المعطيات الى إمكان أن يكون الواقع المتدهور بدأ يفرض طرح البحث في الواقع الحكومي، فيما تمثل العامل الخطير الذي سجل في الساعات الأخيرة في تجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء سقف الـ9500 ليرة بما ينذر بمزيد من التفلت وسط عجز كامل عن ضبطه ولجم اندفاعاته وهو عجز صار مسلّماً به فيما تلفح البلاد نيران الغلاء المتصاعد على وقع تسعير السلع وفق دولار السوق السوداء.
ومع عودة بروز مسألة الخلاف الداخلي على أرقام الخسائر المالية في ظل الوقائع التي أعلنها أمس رئيس لجنة المال والموازنة النيابية ابرهيم كنعان والتي اتسمت بأهمية لجهة إظهار الفارق الكبير بين ارقام الخطة الحكومية وارقام لجنة تقصي الحقائق، اتخذ موقف جديد لفرنسا دلالات بارزة، اذ عبّر وزير الخارجية الفرنسي جان – إيف لودريان عن قلق بلاده من الأزمة في لبنان ورأى أن السُخط الاجتماعي يمكن أن يؤدي إلى تصاعد العنف.
– صحيفة "اللواء" عنونت:" يا أهل الحكم إللي استحوا … ماتوا" وكتبت تقول:" حكومة "القرارات المثقوبة" إلى أين؟ لا يكفي ان تخبرونا ان الكهرباء اقتربت من الانطفاء.. وأن العتمة هي بديل الكهرباء، ليس في بيروت، التي تراهن الحكومة على السياحة الوافدة، ولو من اللبنانيين لإعادة الحياة لدورتها الاقتصادية، بل في كل لبنان.
ولا يكفي ان يبلغ المستهلك اللبناني زيادة الـ500 ليرة على ربطة الخبز، وسط مخاوف من ان ليس هذا الاجراء الأخير، وانه يجري البحث بدعم سلع أساسية.. في وقت يختفي المازوت، وتحوم مخاوف حول أزمة غاز، فيما رفوف المخازن تبدو خاوية..
يا اهل الحكم: العبرة للنتائج، لما يحدث على الأرض، على أرض الواقع، تلاعب بلا حسيب أو رقيب بالأسعار، فلا تخبرونا لا بالبيانات، ولا بالتصريحات، ما انتم فاعلون.. اخبرونا ما حقيقة السلع، والاسعار، والأجور، والبطالة، والعمالة..
وثالثة الاثافي، وربما ليس آخرها، ما حصل في مطار بيروت الدولي، بعد إعادة افتتاحية بنسبة تشغيلية، لا تتعدّى الـ10?، حيث شهد فوضى وخبريات، وصدامات، مع الإعلام.. وكأن الإعلامي أو الصحافي لا يجب ان يكون على أرض الحدث لتغطيته ونقله، بل بعيداً، يتلقى البيانات والتصريحات، على طريقة "شاهد ما شافشي حاجة"..
وعليه، تفاقم المشهد الاحتجاجي، أمس، كل طرقات بيروت وشوارعها اقفلت بالدواليب المحترقة، والمستوعبات المخصصة للنفايات، امتداداً إلى شارع الحمراء ليلاً، حيث دوت شعارات مناوئة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة في شارع الحمراء، وصولاً إلى اوتوستراد جل الديب، حيث وقعت صدامات مباشرة بين المحتجين على انهيار الدولار والاسعار والعناصر الأمنية والعسكرية، المرهقة ميدانياً، بين واجب الحفاظ على الأمن، والتعاطف مع حركة الشارع..
– صحيفة "الاخبار" عنونتك" العتمة الشاملة الأحد" وكتبت تقول:" معامل الكهرباء تعيش أيامها الأخيرة قبل إطفاء محركاتها. مؤسسة كهرباء لبنان والشركات المشغّلة تسعى لتقطير الإنتاج لضمان الاستمرار لأكثر فترة ممكنة. لكن كل محاولات الحصول على المحروقات قبل يوم الأحد، الموعد المتوقع لنفاد المحروقات، قد لا تنجح. آخرها طلب "كهرباء لبنان" من منشآت النفط تزويدها بما أمكن من المازوت. حتى وإن حصلت على المازوت من المنشآت، الفارغة خزاناتها أصلاً، فإن ذلك لن يبعد شبح العتمة
حتى نهار الأحد، إذا لم يؤمّن الفيول أو المازوت بأي ثمن، فإن شبكة الكهرباء ستسقط. حالياً، الإنتاج يقارب 800 ميغاواط من أصل نحو 2000 ميغاواط. كل يوم يمر يشهد مزيداً من التراجع. إذا وصل الإنتاج إلى 400 أو 500 ميغاواط، فإن الترددات على الشبكة ستنخفض بشكل كبير. لا بديل عندها من إطفاء كل المعامل، والدخول في العتمة الشاملة، مع إمكانية تشغيل بعض الدوائر الشبكية بشكل محدود جداً.
الأمل حالياً يتمثل في أمر واحد: وصول الفيول أو المازوت قبل يوم الأحد، لكن ذلك يبدو مستحيلاً، بالنظر إلى الوقائع الحالية. أول باخرة فيول ستصل يوم الإثنين. ستحتاج إلى 4 أيام، في الحد الأدنى، لتكون جاهزة للاستعمال (الموافقات الرسمية، أخذ العينة وفحصها في منشآت النفط وفي دبي، ثم تفريغها). أربعة أيام ستكون كارثية. لذلك، قرر مجلس إدارة المؤسسة مراسلة الوزارة، المعنية بتأمين المحروقات للمعامل، لرفع مسؤوليتها إذا لم تتمكن من المحافظة على استمرارية المرفق العام. أمس راسلت المؤسسة وزارة الطاقة مجدداً، طالبة اللجوء إلى منشآت النفط لشراء المازوت منها، بعد التأكد من قدرتها على تلبية حاجتها. المنشآت لم تجب بعد. يفترض أن تحصل المؤسسة على الإجابة اليوم. ذلك هو أملها الأخير، الذي ستكون مهمته محصورة بعدم إطفاء كامل الشبكة، وإن قد يكون تأثيره محدوداً إلى درجة أن لا تزيد التغذية بالتيار عن ثلاث أو أربع ساعات. المشكلة الأهم أن المنشآت بالكاد تملك المازوت، وأغلبيته تذهب إلى المولدات الخاصة. المنشآت أفرغت يوم الإثنين باخرة تحمل 35 مليون ليتر من المازوت. قبل ذلك كانت أقفلت أبوابها بسبب تفريغ خزاناتها بشكل كامل. 8 ملايين ليتر توزّع المنشآت يومياً، ما يعني أنه لا خيار، إما خنق السوق لتأمين المازوت للمؤسسة كهرباء لبنان، أو تسليم السوق بعضا من حاجته مقابل اختناق المؤسسة.
تزويد المعامل، ولا سيما دير عمار والزهراني، بالمازوت، سيعني حكماً حرمان المولدات الخاصة منه. لكن إن كان الخيار بين تشغيل المولدات الخاصة ومعامل الكهرباء، فإن الأولوية تكون حكماً للمعامل. مصادر تقنية لا توافق على تفضيل المعامل على المولدات، انطلاقاً من أن إطفاء المعامل أوفر على الدولة، ما دام التأثير على المواطن سيكون نفسه. لا تراعي وجهة النظر هذه الارتفاع الكبير في تسعيرة الكهرباء لدى المولدات. السعر ارتفع من 330 ليرة في أيار إلى 498 ليرة في حزيران. بعض المولّدات سعّر فواتيره على أساس 548 ليرة للكيلو واط، ولم تصل يد "حماية المستهلك" إليه بعد.
باختصار، كل الخيارات سيئة، وحتى أفضلها قد لا يضمن تزويد معملي الزهراني ودير عمار بالمحروقات لأكثر من أربعة أيام. من أوصل الأمور إلى هذا المستوى؟ المسؤول عن تأمين المحروقات للمعامل هو وزارة الطاقة، عبر منشآت النفط. والمنشآت تؤمن أيضاً قرابة 40 في المئة من حاجة السوق للمازوت. سوء التصرف في التعامل مع "سوناطراك" بعد شحنة الفيول المغشوش، أسهم في توتر العلاقة التعاقدية معها. اعتبرت أن لبنان ألحق ضرراً بالغاً بسمعتها، بالرغم من أنها لم تخالف موجبات العقد. بداية أبلغت لبنان رغبتها في عدم تجديد العقد، ثم لاحقاً عمدت إلى تأخير الشحنات. مشكلة لبنان أنه لم يتعامل مع ملف المحروقات بوصفه ملفاً استراتيجياً لا يمكن الاستخفاف بنتائجه. بين إهمال وزارة الطاقة والارتباك الذي رافق قضية "سوناطراك" وتأخر مصرف لبنان في فتح الاعتمادات وتَشدّد المصارف الأجنبية في التعامل مع المصارف اللبنانية، ازداد انقطاع الكهرباء، والمولّدات الخاصة اضطرت إلى التقنين بسبب نقص المازوت. لكن أكثر المتضررين من تراكم الأزمات، وفي مقدمتها انهيار سعر الصرف، وانفجارها دفعة واحدة، كان وسيبقى الناس، الذين تحوّل قطع الطرقات إلى سبيلهم الوحيد للتعبير عن مآسيهم المتلاحقة.