قالت الصحف : بين زيارة لودريان وأزمة قيادة الجيش
الحوار نيوز – صحف
بين زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان وأزمة قيادة الجيش ،تركزت إفتتاحيات الصحف اليوم .
النهار عنونت: فائض الشكوك والمتاريس… في انتظار لودريان
كتبت صحيفة “النهار”: يصل الموفد الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان ايف لودريان، الى بيروت مساء اليوم ايذاناً بانطلاق الفصل الرابع من مهمته المتصلة أساسا بالمبادرة الفرنسية لحل الازمة الرئاسية في لبنان، والتي ترددت معلومات فرنسية عن “تمددها” نحو اثارة الوضع الخطير في لبنان في ظل المخاوف من انزلاق الوضع على الحدود اللبنانية الإسرائيلية الى اشتعال حرب. وعشية انطلاق لودريان غدا الأربعاء في لقاءات تشمل المسؤولين الرسميين ورؤساء كتل وأحزاب ونواب مستقلين ضمن برنامج يمتد ليومي الأربعاء والخميس، غلبت الشكوك الداخلية المتزايدة في امكان توافر فرصة جدية مختلفة عن المرات السابقة لإحداث اختراق في الازمة الرئاسية التي تشكل صلب مهمة لودريان الذي سيكون استبق وصوله الى بيروت بزيارة للرياض. ولكن هذه الشكوك التي أبدتها جهات عدة من اتجاهات سياسية متناقضة أبرزت في المقابل ان الفرنسيين لم يبلغوا أي طرف رسمي او سياسي أي معطيات دقيقة حول ما سينقله لودريان ان في ملف الأزمة الرئاسية المستعصية على الوساطات والمساعي الخارجية والداخلية وان على صعيد الملف الطارئ المتصل بالوضع على الحدود اللبنانية مع إسرائيل في ظل التحذيرات الفرنسية التصاعدية لـ”حزب الله” وايران تحديدا من خطورة “توفير” الذرائع لإسرائيل لشن عدوان جديد واسع على لبنان.
وتبرز المعطيات الداخلية عشية وصول لودريان ترقبا لان ينقل مزيدا من المعطيات التفصيلية في شأن المخاوف والتحذيرات الفرنسية هذه خصوصا انها اقترنت بكلام عن ان من جملة أهداف اندفاع باريس الى تحرك جديد في لبنان التحسب لمفاوضات تتصل بإعادة تنفيذ القرار 1701 بحذافيره وما المقصود بـ”المفاوضات” واي اطار يرسم لها. وتشير هذه المعطيات الى ترجيح ان يكون الفرنسيون يمارسون أقصى درجات الضغوط على القوى اللبنانية ، بدعم ضمني واضح من الدول الأخرى الأربع في المجموعة الخماسية اي الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر ، من اجل حمل هذه القوى على تحمل مسؤولياتها في انهاء ازمة الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع المواقيت لان الواقع الناشئ في المنطقة منذ اندلاع حرب غزة سيضع لبنان في مهب الضياع والمجهول ما دام يعاني ازمة دستورية وسياسية مفتوحة. واما في الملف الرئاسي وفي ترقب ما سيبلغه لودريان الى من سيلتقيهم من توجهات وأفكار ومواقف جديدة ام قديمة ، فبدا شبه محسوم ان الموفد الفرنسي لن يلمس لدى القوى والكتل اللبنانية أي جديد طارئ في مواقفها السابقة، على ما تؤكد كل المعلومات المتجمعة عن مواقف الافرقاء . بما يعني ان أي رهان على تحريك للانسداد في الازمة ستكون معقودا على ما سيحمله لودريان لا اكثر ، والا فان مهمته ستعود الى الدوران في الحلقة المفرغة.
في أي حال لم يبتعد الوضع السائد في الجنوب عن التحركات السياسية والمواقف في الداخل امس . فبعد عودتها الى بيروت اثر مشاركتها في جلسة مجلس الامن حول القرار 1701 جالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا على كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة حيث جرى عرض للأوضاع العامة والمستجدات السياسية والميدانية، ثم على رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي. وأعلنت فرونتسكا من السرايا انها أبلغت الرئيس ميقاتي عن لقاء مجلس الأمن في نيويورك “وما قلته في كلمتي بالنسبة إلى القرار 1701 وضرورة التمسك به وتنفيذه على أرض الواقع، وكيفية حماية لبنان من الحرب في المنطقة، إضافة الى موضوع الإصلاحات ودور مؤسسات الدولة وانتخاب رئيس للجمهورية. وذكرّت بأن مجلس الأمن يهتم كثيرا بموضوع لبنان لأن له دورا استراتيجيا في المنطقة، كما ان موقف مجلس الأمن موحّد في شأن لبنان”.
جعجع و”الوشوشات”
أما في المواقف المعلنة من مهمة لودريان فأكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” أنّ “الهدف من زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان ليس واضحًا حتى الساعة ونحن في انتظاره. أما لجهة ” بعض “الوشوشات” التي نسمعها عن أنّ إيران وحزب الله يعملان على مقايضة بين تنفيذ حزب الله القرار 1701 والخروج العسكري والأمني من الجنوب في مقابل إعطاء الحزب رئاسة الجمهورية ، فأشدّد على أنّ الرئاسة ليست للمقايضة أم للمساومة وبالتالي هذه وشوشات فاشلة لن تسفر عن أيّ نتيجة”. وتوجّه جعجع إلى كلّ من يفكّر بهذا الطرح قائلاً “إن الرئاسة الأولى ليست قطعة غيار في سيّارة معطّلة نستبدلها إن تعطّلت، بل هي المنصب الأول والأهمّ في الجمهورية اللبنانية، ناهيك عن أنها ليست عرضة للمساومات ، لذا من يريد أن يبدّل فليبدّل من عنده، ومن يريد أن يتكلّم عن الرئاسة في لبنان فليأتِ لانتخاب الرئيس المحسوب على الحزب ، باعتبار أن من لا يريد إيصال مرشح الحزب الى بعبدا لن يغيّر موقفه وسيبقى على قراره”. ولفت إلى أنه ” في كل الأحوال ، نحن لها بالمرصاد”.
الكتائب والاشتراكي
وفي التحركات البارزة أيضا اكتسب اللقاء الذي عقد بين رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل النائب تيمور جنبلاط الذي زاره على رأسِ وفدٍ من الحزبِ التقدميّ الإشتراكيّ في بيت الكتائب المركزيّ في الصيفي طابع التنسيق المتقدم بين قيادتي الحزبين .
الاجتماع الذي ضم قيادتي الحزبين شدّد على “ضرورة التنسيق المعمّق بين الحزبين لمواكبة الاستحقاقات المقبلة ولاسيما تداعيات الحرب القائمة وملف الشغور في رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش وموضوع الموازنة”.
واوضح النائب سليم الصايغ أن “هذا التنسيق ليس على فقط المستوى النيابي وهو ضروي جدًا، إنما كذلك بمناسبة الاستحقاقات الوطنية الداهمة”. وقال: “على المستوى النيابي هناك إشكالات كبيرة قائمة ويجب أن نعمّق التنسيق أكان في ما يتعلق بالموازنة أو بموضوع قيادة الجيش وأساسًا في ملف انتخابات رئاسة الجمهورية، كذلك على المستوى الوطني إذ إن الخطر المحدق بلبنان هو أكبر بكثير من الاستحقاقات الداخلية دستورية كانت أو تشريعية”.
ونبّه إلى “خطر كبير داهم متمثل في الحرب الدائرة، لافتًا إلى أن كل مصير المنطقة موضوع على الطاولة وإنطلاقا من روحية مصالحة الجبل لغاية اليوم، كل العمل المشترك التراكمي بين حزبي الكتائب والتقدمي لا بد من أن يذهب تصاعديًا لنكون حاضرين يوم الاستحقاقات الدستورية ونكون على أكبر قدر ممكن من التنسيق والتماهي والتوافق”.
واكد النائب هادي أبو الحسن من جهته أن “هذا اللقاء أتى ضمن سياق بدأ عام 2000 ويأتي أيضًا من ضمن الحرص على التواصل والنقاش والحوار بين كل المكوّنات اللبنانية، وهو أيضًا لقاء بين مكونين أساسيين في جبل لبنان وللتأكيد على المشاركة بيننا كحزبين وكلبنانيين”. وشكر حزب الكتائب “على المنطق الذي قارب به الاستحقاق الرئاسي من خلال التوافق على خيارٍ وطني جامع في شخص رئيس الجمهورية”، وقال: “هذه خطوة متقدمة وندعو القوى السياسية كافة لملاقاتنا.”
وعن موضوع قيادة الجيش، قال: “أكّدنا كلقاء ديمقراطي أهمية تحصين الجيش قيادةً وأفرادًا والابتعاد عن الحدود الموقتة، ونؤكد أهمية وجود قائد أصيل للجيش ولكن بعد انتخاب رئيس للجمهورية، وندعو مجلس الوزراء للتجديد لقائد الجيش وتعيين أعضاء المجلس العسكري، وإذا تعذر هذا الموضوع سيبقى أمامنا خيار تقديم اقتراح قانون”.
الى ذلك يعقد مجلس الوزراء جلسة ظهر غد الأربعاء في السرايا الحكومية للبحث في جدول اعمال من 17 بندا ومن ابرزها : مشروع قانون يتعلق بإصلاح وضع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها، طلب وزارة الاتصالات الموافقة على تقديم خدمة الإنترنت بشكل موقت عبر شبكة الأقمار الاصطناعية starlink ، طلب وزارة التربية والتعليم العالي الموافقة على إعطاء بدل مالي مقطوع للذين تهجروا نتيجة العدوان الإسرائيلي من المشمولين بالمرسوم رقم ١٢١٥٨ تاريخ ١١-٩-٢٠٢٣، التعاقد مع شركة omt لتسديد الحوافز المالية التي نص عليها هذا المرسوم، مشاريع مراسيم عديدة لنقل اعتمادات من احتياطي الموازنة في بعض الوزارات.
كما علمت “النهار” انه يحضر في جلسة مجلس الوزراء من خارج جدول الاعمال تأجيل تسريح المدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري لستة اشهر بطلب من وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي. وتأتي هذه الخطوة قبل موعد احالة البيسري على التقاعد في 3 كانون الاول المقبل.
الأخبار عنونت: قيادة الجيش: لا التعيين مُيسّرٌ ولا التمديـد آمنٌ
وكتبت صحيفة “الأخبار”: دونما أن تكون خافية صلة الوصل بين استحقاقَيِ الجيش ورئاسة الجمهورية، إلا أن مرور الوقت قبل الوصول إلى مخرج في الأول يفكّ ارتباطه بالثاني أو يحكمه به، يضاعف من وطأة العقبات وتأجيل الخيارات المتاحة
فيما لا عجلة في عامل الوقت بإزاء انتخاب رئيس للجمهورية، وقد مضى على شغور المنصب سنة وشهر يكتمل بعد يومين، لبتّ مصير قيادة الجيش مهلة مقيّدة يصعب تجاوزها تفادياً للمحظور. ذلك ما يساهم في طرح مخارج مختلفة لم يحظَ أيٌّ منها الى الآن بتوافق الحد الأدنى يتيح إمراره: لا تعيين قائد جديد للجيش خلفاً للعماد جوزف عون بعد إحالته على التقاعد في 10 كانون الثاني 2024 يحظى بالتوافق الممكن، ولا تمديد سنّ تقاعد القائد الحالي بقانون في مجلس النواب يحظى بدوره بتوافق ممكن.أما المخرجان المتبقيان فدونهما صعوبات ليست أقل تأثيراً: تأجيل تسريح عون بقرار من وزير الدفاع موريس سليم مستعصٍ، والتفكير في تعيين رئيس للأركان في مجلس الوزراء يتسلّم صلاحيات قائد الجيش ما إن يشغر منصبه نصف مستعصٍ.
استعصاء خيار تأجيل التسريح مرتبط بالموقف السياسي المغالي في سلبيّته من وجود عون في منصبه لدى التيار الوطني الحر، وهو المبرّر الفعلي لطلب تعيين قائد خلف له على أنه أفضل الطرق للتخلص من القائد الحالي.
أما الاستعصاء الثاني فيرتبط بالمرجعية الوحيدة المعنية بتسمية رئيس الأركان، وإن يكن مصدر التعيين هو مجلس الوزراء «بناءً على اقتراح وزير الدفاع الوطني بعد استطلاع رأي قائد الجيش» عملاً بالمادة 21 في قانون الدفاع. كلا وزير الدفاع وقائد الجيش ليسا سوى ممرّين شكليّين لتعيين رئيس الأركان. أما مجلس الوزراء فلا يسعه إلا التسليم بالاسم الذي تقدّمه المرجعية الحصرية، المكرسة منذ عام 1991 بالرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يوم اختار العميد رياض تقي الدين للمنصب.
قبل ذلك التاريخ، في حقبة ما قبل الحرب، لم تكن تسمية رئيس الأركان شرط الزعيم الدرزي الأب كمال جنبلاط. رئيس الأركان التاريخي في الجيش يوسف شميط سمّاه الرئيس فؤاد شهاب عام 1959 واستمر من بعده حتى عام 1971. خلفه سعيد نصر الله الذي لم يكن جنبلاطياً. كذلك ثالثهما منير طربيه عام 1977 في عهد الرئيس الياس سركيس.
الموقف المعلن لجنبلاط معارضته تسمية رئيس للأركان يُراد منه الحلول محل قائد الجيش الى ما بعد انتخاب رئيس للجمهورية لا أحد يعرف متى يحين أوانه. مع ذلك، يبدو وحده حلّ الحدّ الأدنى المتاح التوافق عليه: لا يخسر فيه رافضو استمرار عون في منصبه، ولا يربح المصرّون على بقائه. قيل إن جانباً من زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي تيمور جنبلاط للنائب جبران باسيل في البترون في 14 تشرين الثاني تناول هذا الشق في الحل.
تعيين رئيس للأركان، خلافاً للتمديد لقائد الجيش، ليس موقتاً ولا انتقالياً شأن ذاك لسنة، بل يستمر الى أن يحال بدوره على التقاعد. إذذاك تُطرح مشكلة مكمّلة لتلك الرائجة اليوم: كما لا يمكن تعيين قائد للجيش في غياب رئيس للجمهورية فيُفرض عليه ولم يكن هو مَن اختاره، يصحّ ذلك أيضاً على تعيين رئيس للأركان يُفرض على قائد جديد للجيش لم يُعيّن بعد وليس هو مَن استُطلع رأيه فيه – وهو غير ملزم في كل حال – أضف أنه الرجل الثاني في القيادة كما في المجلس العسكري.
راكمت أخيراً بضعة معطيات من حول مصير قيادة الجيش قبل الوصول الى 10 كانون الثاني المقبل:
أولها، الجلسة المفترض أن يوجّه رئيس البرلمان نبيه برّي الدعوة إليها قبل 15 كانون الأول المقبل، لمناقشة جدول أعمال مشاريع قوانين إصلاحية في أسفل بنوده أكثر من اقتراح قانون مرتبط بالجيش: ذاك المقدّم بصفة العجلة من حزب القوات اللبنانية لتمديد سنّ تقاعد القائد الحالي سنة، وآخر تقدّم به نواب سنّة أضاف تمديد بقاء المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان في منصبه، رغم تسريحه المتأخر في أيار المقبل. في حصيلة المتوقع من الجلسة دمج الاقتراحين أحدهما في الآخر للخروج بثالث يرضي الطرفين.
فريقان اثنان يريدان الجلسة: برّي لتكريس حق المجلس في التشريع أنّى شاء ومتى شاء بين جلسات انتخاب الرئيس ما دام يقفل محاضر هذه. حضور المقاطعين الجلسة يكسبه تثبيت هذا الحق واستخدامه في كل حين. يريد الجلسة أيضاً كمَن يبلع الموسى في حلقه حزب القوات اللبنانية بأن يرغم نفسه على حضور جلسة اشتراعية ظلّ يعتبرها غير دستورية في ظل الشغور. ارتضى أن يفعل من أجل إمرار تمديد تقاعد عون. ما يردّده نواب الحزب أنهم لن يحضروا أيّ جلسة أخرى في ما بعد قبل انتخاب الرئيس. ردّ فعل رئيس المجلس أن المرة الأولى تكفي لتثبيت القاعدة وكسر المكابرة.
ثانيها، ليست هذه فحسب مشكلة الجلسة ومنتهاها. ما يقوله رئيس البرلمان عنها ان النصف زائداً واحداً كافٍ لانعقادها، والنصف زائداً واحداً من الأكثرية المطلقة الحاضرة، أي 34 نائباً، كافٍ لإمرار قانون تمديد سنّ تقاعد عون. مؤدّى ذلك أن ربع مجلس النواب يصوّت لبقاء قائد الجيش في منصبه، فيما يشترط الدستور في المادة 65 تعيينه، كسائر موظفي الفئة الأولى، بثلثَي الأعضاء. ليس أدلّ على هذه الخلاصة سوى أن الرجل مستمر على رأس المؤسسة العسكرية بفعل السياسة والنكايات، لا بحكم القانون الذي سيمسي عرضة للطعن أمام المجلس الدستوري. سابقة في ذاتها تتيح تردّد صداها داخل الجيش وحيال وهرة قائد أضحى موقتاً انتقالياً مطعوناً في قانونية منصبه.
البعض المتفائل المؤيد لتمديد سنّ التقاعد يقول إن حظوظ التصويت عليه ستكون مرتفعة وتقارب 90 صوتاً، دونما أن تحول دون الطعن فيه أمام المجلس الدستوري. في المقلب الآخر لدى بعض المتشائمين سؤالهم عما سيفعله حزب الله في الجلسة: يتضامن مع برّي أو يقف في صف باسيل؟مستفيدان من جلسة التمديد: برّي لكسر المقاطعة والقوات اللبنانية لكسر باسيل
ثالثها، يسمع زوّار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تبرّمه من الضغوط التي يواجهها في خيار قيادة الجيش: يصعب عليه إمرار تعيين قائد للجيش يريده باسيل، ويتعذّر عليه قانوناً وعلى مجلس الوزراء الذي يترأّس تأجيل تسريح عون المنوط بالوزير المختص وحده كصلاحية مقيّدة. لتبرّم ميقاتي وجه آخر هو أن البطريرك الماروني بشارة الراعي «يجلدنا كل أسبوع» في عظته عن رفضه تعيين قائد للجيش قبل انتخاب رئيس للجمهورية.
أحدث ما يقترحه رئيس حكومة تصريف الأعمال هو الموافقة على سلّة مشروطة: لا تعيين لقائد للجيش فحسب، بل كذلك لمديرين عامّين سنّة في إدارات مدنية ناهيك بالمجلس العسكري وقادة الأسلاك الأمنية، ما يوصل في الحصيلة الى حاكمية مصرف لبنان. ما إن يسقط الاستثناء الدارج منذ إحالة اللواء عباس إبراهيم على التقاعد بعدما اعتمد في إدارات أمنية وعسكرية، يصبح اللجوء إذذاك الى التعميم الأوسع. ليس الأمر بالبساطة تلك بالنسبة الى حزب الله على الأقل، غير المتحمس للوصول الى ورشة كهذه في هذا الوقت بالذات. لا يريد خذلان باسيل ويأخذ في الحسبان آراء بكركي وأفرقاء مسيحيين آخرين. في لحظة المفاضلة، لا يتردد في الوقوف الى جانب رئيس التيار الوطني الحر. أضف عدم استعجاله في الوقت الحاضر إعادة منصب المدير العام للأمن العام الى الطائفة الشيعية.
يكمن اللغز في أن الحاجة ملحّة الى بقاء اللواء الياس البيسري داخل المعادلة السياسية كأحد المرشحين المحتملين في انتخابات رئاسة الجمهورية.
الجمهورية عنونت: لودريان: مهمّة صعبة لاستحقاق أصعب .. تأخير التسريح: الوقت يضغط
وكتبت صحيفة “الجمهورية”: في موازاة التهديدات التي تناوبت عليها المستويات السياسية والعسكرية الاسرائيلية بشن جولة أكثر قساوة وعنفاً في حرب الدمار الشامل التي تشنّها اسرائيل على قطاع غزة، تلاحقت التطورات في الساعات الاخيرة، على نحو نجحت فيه المساعي في تمديد الهدنة ليومين إضافيين. الّا انّ هذا المشهد قد لا يخلو من اي مفاجآت في آخر لحظة، من شأنها ان تقلب الامور رأساً على عقب، وتعيد إشعال الميدان العسكري.
واللافت في هذا السياق، ما ذكرته وكالة «فرانس برس» من أنّ اسرائيل اقترحت على حركة «حماس» خيار تمديد الهدنة. وذكرت الإذاعة الاسرائيلية بأنّ اسرائيل تنتظر ردّ «حماس» بشأن تمديد الهدنة يوماً واحداً مقابل الإفراج عن 10 اسرى». فيما كشفت وكالة «رويترز» أنّ مصر تقول انّ تمديد الهدنة ليومين سيشمل اطلاق سراح 20 اسيراً اسرائيلياً و60 اسيراً فلسطينياً».
على أنّ الأبرز في هذا السياق ما اعلنه المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الابيض جون كيربي، بأنّ الاسرائيليين وافقوا على مواصلة وقف القتال لتحرير مزيد من الرهائن ولدخول المزيد من المساعدات». ويتزامن ذلك مع ما كشفته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية بأنّ الجيش الإسرائيلي بحاجة إلى فترة زمنية من أجل إنعاش قواته وتجهيزه للخطوة المقبلة، ولا يشعر الجيش بحاجة ملحّة لاستئناف القتال في قطاع غزة، وأنّه يدعم تمديد الهدنة مقابل تحرير المزيد من المحتجزين الإسرائيليين».
«حزب الله»: جهوزية
واما لبنانياً، وعلى ما هو متوقّع، فإنّ الهدنة الجديدة ستنسحب تلقائياً على الجبهة الجنوبية على نحو ما تمدّدت اليه هدنة الايام الاربعة». وعلى ما تؤكّد اوساط قريبة من «حزب الله» لـ«الجمهورية»، فإنّ تطورات الجبهة الحدودية مرتبطة بتطورات الميدان في غزة، وقالت «انّ المقاومة الاسلامية في قلب المعركة منذ الثامن من تشرين الاول الماضي، ولن تخرج من الميدان، وجهوزيتها كاملة لمواكبة تطورات الميدان العسكري في غزة، اياً كانت هذه التطورات، وكذلك لمنع ايّ عدوان اسرائيلي على لبنان، وبالتالي فإنّ المقاومة لن تترك اسرائيل العدو طالما يواصل عدوانه على غزة».
القرار 1701
في هذه الأجواء، كشفت مصادر سياسيّة واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية»، أنّ «الحركة الديبلوماسية الغربية ما زالت تركّز على أولوية تجنيب لبنان احتمالات الحرب، وتحذّر من عواقبها الوخيمة»، مشيرة الى انّه على رغم تأكيدات المسؤولين اللبنانيين على عدم الرغبة انخراط لبنان في حرب واسعة، فإنّ الوضع في منطقة الحدود ما زال يبعث على القلق، وقائد قوات «اليونيفيل» الجنرال ارولدو لازارو، عبّر عن مخاوف حقيقية من أنّ اي تصعيد اضافي في جنوب لبنان يمكن ان تكون له عواقب مدمّرة».
ولفتت المصادر عينها الى أنّ جهات غربية أبلغت الى مسؤولين لبنانيين خشيةً كبرى من أن تخلق الوقائع الحربية على خط حدود لبنان الجنوبية، واقعاً جديداً يتجاوز بخطورته القرار 1701، ويصعّب مهمّة قوات «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان، بل ويحيط هذه القوات بمخاطر».
وتندرج في هذا السياق زيارة المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان يوانا فرونتيسكا الى كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، التي شكّل الوضع على الحدود الجنوبية نقطة البحث الأساس، حيث شدّدت المسؤولة الأممية على ضرورة التمسك بالقرار 1701 وتنفيذه على ارض الواقع، مؤكّدة على حماية لبنان من الحرب في المنطقة وضرورة الشروع في الاصلاحات وتفعيل دور مؤسسات الدولة وانتخاب رئيس للجمهورية. وخلصت الى القول بأنّ مجلس الأمن الدولي يهتم بموضوع لبنان، لأنّ له دوراً استراتيجياً في المنطقة، كما انّ موقف مجلس الأمن موحّد في شأن لبنان».
المشهد السياسي
سياسياً، بدا جلياً انّ احداً من المكونات السياسية في لبنان لم يكن على علم مسبق بزيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت، او بما يحمله معه لتحريك الملف الرئاسي.
وما خلا حجز مواعيد للموفد الرئاسي مع الرئيسين بري وميقاتي والعديد من الشخصيات السياسية والنيابية، لمباشرة لقاءاته بهم اعتباراً من يوم غد الاربعاء، فإنّ علامات استفهام مرتسمة في الأوساط السياسية على اختلافها حول الدافع الأساس لهذه الزيارة المفاجئة في هذا التوقيت بالذات، وثمّة اسئلة كثيرة تُطرح حول ما اوجبها على مسافة ايام قليلة من زيارة غير معلنة قام بها الموفد القطري الشيخ جاسم بن فهد آل ثاني الى بيروت الاسبوع الماضي.
لودريان: إحياء فرصة
وأبلغت مصادر ديبلوماسية في باريس الى «الجمهورية» قولها، انّ فرنسا على تشاور دائم مع اصدقاء لبنان الذين تتشارك معهم النظرة القلقة الى وضعه، وضرورة مساعدته في تخطّي أزماته. لافتةً الى أنّ زيارة لودريان الى بيروت كان مقرّراً القيام بها بعد فترة قصيرة من زيارته الاخيرة، اي بين اواخر ايلول ومطلع تشرين الاول الماضيين، الّا انّ البرنامج تعدّل جراء أحداث 7 تشرين الاول في غزة».
ولفتت المصادر الى انّ زيارة لودريان في جوهرها تأتي في سياق محاولة لإحياء فرصة يرى قصر الايليزيه وجوب ان يتلقفها اللبنانيون في هذه الظروف الصعبة التي تمرّ فيها منطقة الشرق الاوسط، والتشارك في وضع الحصان امام العربة، اي انتخاب رئيس للجمهورية على وجه السرعة، فالوقت بات ضيّقاً جداً، وحرجاً، ونفاده يُخشى أن يؤدي إلى مصاعب كثيرة وعواقب غير محسوبة».
ورداً على سؤال عمّا اذا كان لودريان آتياً الى بيروت مسلّحاً بأفكار جديدة او طروحات فيها شيء من الإلزام للمكونات السياسية في لبنان، قالت المصادر: «مهمّة لودريان مساعدة اللبنانيين في التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية، ولا احد يتحدث عن ضغوط او امور تُفرض عليهم، وما نراه ملحّاً أنّ على اللبنانيين أن يقدّروا مصلحة لبنان في هذه الظروف، خارج الحسابات السياسية التي ألحقت الضرر الكبير بالشعب اللبناني».
يُشار في هذا السياق، الى انّ باريس، ووفق مصادر موثوقة، تعتبر انّ الحسابات السياسية والحزبية هي التي تتحكّم بمسار اللعبة السياسية في لبنان، ومن نتائجها المباشرة تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، وكذلك الخلاف العميق على قيادة الجيش والانقسام حولها بين فريق مؤيّد لإنهاء ولاية قائد الجيش العماد جوزف عون ويدعو الى تعيين قائد جديد، وبين فريق آخر يدعو الى التمديد له وتأخير تسريحه، وهو الأمر الذي يزيد من تعقيدات هذه المسألة».
مهمّة صعبة
على أنّ مصدراً سياسياً مسؤولاً ابلغ الى «الجمهورية» قوله، «انّ زيارة لودريان، سواء أكان يحمل افكاراً جديدة، او أفكاراً قديمة، هي زيارة جيدة ومشكورة لا بل مطلوبة، حيث آمل أن تساهم في إنزال الملف الرئاسي عن الرف وإعادة تحريكه في اتجاه التعجيل في انتخاب رئيس للجمهورية».
إلّا أنّ المصدر، ورداً على سؤال عمّا اذا كانت زيارة لودريان تزاحم الحراك القطري في ما خصّ الملف الرئاسي، قال: «لا املك ما يؤكّد وجود مزاحمة او ما شابه ذلك، فلننتظر ما سيطرحه من افكار، وفي ضوئها يُبنى على الشيء مقتضاه. لقد سمعنا في الاعلام عن انّ لودريان التقى القطريين وكذلك السعوديين. فضلاً عن أنّ الموفد القطري في حراكه الاخير في بيروت، الذي استمر حتى يوم الجمعة من الاسبوع الماضي، كان يتحّرك في سياق مبادرة قطرية وافكار قطرية والأجواء كانت مقبولة».
الاّ انّ مصادر مواكبة للحراكات الخارجية تجاه لبنان اكّدت عبر «الجمهورية»، انّ مهمّة الموفد القطري في لبنان اعترتها صعوبات كثيرة، حالت دون تمكّنه من جذب الأطراف الى التفاهم على خيار رئاسي، وكذلك الامر بالنسبة الى مهمّة لودريان التي يمكن القول قبل وصوله انّها ايضاً صعبة جداً. واما السبب فهو شديد الوضوح، حيث أنّ الداخل اللبناني جامد امام جدار التعطيل، فلا توجد اي اشارة داخلية من اي طرف معني برئاسة الجمهورية تؤشر إلى تبدّل في المواقف من الإستحقاق الرئاسي أو إلى تراجع عن الشّروط المتصادمة، أو إلى الإستعداد للجلوس على الطاولة وبحث الخيارات الرئاسيّة. وبالتالي فإن كانت زيارة لودريان محصورة بتكرار طروحاته السابقة في ما خصّ دعوة اللبنانيين الى الحوار، وقوله انّ سليمان فرنجية وجهاد ازعور لم يبلغا عتبة الفوز برئاسة الجمهورية في الجلسة الاخيرة التي عقدها مجلس النواب، وانّ الأسلم هو البحث عن خيار ثالث، الجواب واضح حول ذلك، سبق وحمله في زيارته الاخيرة في ايلول الماضي حيث غادر بيروت خالي الوفاض.
وبحسب المصادر، فإنّه بمعزل عمّا اذا كانت الزيارة منسّقة مع القطريين اوغيرهم، فإنّ أكثر ما يصعّب مهمّة لودريان في هذه الفترة، أمران، الأول هو رهان بعض المكونات السياسية على انّ التطورات الميدانية والعسكرية في المنطقة قد تخلق توازنات ومعادلات جديدة ستلفح لبنان حتماً، وتشكّل حافزاً للبعض لأن يستثمر عليها و»تقريشها» بما يحقّق مكاسب سياسية لفريقه السياسي. واما الأمر الثاني فهو أنّ فئة من اللبنانيين، باتت تشكّك علناً بالدور الفرنسي، ولا ترى انّ فرنسا في مقدورها ان تلعب دور الوسيط النزيه والمحايد في اي استحقاق لبناني، وخصوصاً الاستحقاق الرئاسي ربطاً بموقفها الذي اتخذته بالانحياز الكامل الى جانب اسرائيل في حربها التدميرية على قطاع غزة».
ملف التمديد والتعيين
من جهة ثانية، بات الملف المتعلق بتأخير تسريح قائد الجيش العماد جوزف عون او تعيين قائد جديد للجيش اسير ضيق الوقت، حيث بات يضغط بقوة مع اقتراب فترة انتهاء ولاية العماد عون.
وفيما بات اكيداً انّ خيار تعيين قائد جديد قد سُحب من التداول نهائياً، يُنتظر ان يسلك هذا الملف مساره نحو الحسم بتأخير تسريح قائد الجيش، أكان في جلسة لمجلس الوزراء او في جلسة تشريعية يعقدها مجلس النواب في بدايات الشهر المقبل، يُحدّد موعدها بعد اجتماع يدعو اليه رئيس المجلس لهيئة مكتب مجلس النواب، رجحت مصادر وزارية عبر «الجمهورية» أن يُطرح هذا الأمر في جلسة مجلس الوزراء التي سيدعو اليها رئيس حكومة تصريف الاعمال في وقت قريب. والشرط الأساس لذلك هو اكتمال نصاب انعقاد الجلسة.
وتعتبر «القوات اللبنانية»، انّه اذا ما تعذّر التمديد في مجلس الوزراء، فإنّ الحل موجود في الاقتراح الذي تقدّمت به «القوات اللبنانية» بالتمديد سنة لقائد الجيش، ووعد رئيس المجلس بإدراجه في جدول اعمال الجلسة التشريعية التي سيدعو اليها. فيما اكّد عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب وائل ابو فاعور «أنّ المؤسسة العسكرية لا تحتمل أي فراغ أو شغور، والحل يكمن في التمديد للعماد عون وتعيين مجلس عسكري الى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية». مضيفاً «أنّ المسار الحكومي لمعالجة الملف لا يبدو سالكا حتى اللحظة، أما المسار البرلماني فهو مرتبط بموقف الاطراف»، مشدّداً على أنّ المطلوب من الأطراف السياسية أن تبدي مرونة أكثر في هذا المجال. وقال: «هناك طروحات عدة ويمكن ايجاد صيغة توافقية والسير بها».
«التيار»: «ما بيمشي»
واللافت في هذا السياق، ما قاله عضو «تكتل لبنان القوي» النائب آلان عون بأنّ «الحل في ما يتعلق بقيادة الجيش هو بالتعيين أو بالتمديد، وكل ما هو غير واضح بالقانون «ما بيمشي». مضيفاً: «إنّ المطلوب إيجاد حل لملف قيادة الجيش بعيداً من التجاذبات السياسية والإعلامية، فالوقت يداهمنا ويجب التعاطي بكل مسؤولية حول قيادة الجيش في ما تبقّى من وقت».
وكان هذا الموضوع مدار بحث بين البطريرك الماروني مار بشارة الراعي والنائب فريد هيكل الخازن، حيث كان تأكيد خلال اللقاء، على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، وإيجاد السبل لحماية المؤسسة العسكرية، بحيث أكّد الخازن انفتاحه على كل الاحتمالات التي تخدم مصلحة المؤسسة العسكرية، باستثناء تعيين قائد جديد للجيش، لا سيما وانّ ذلك يجب ان يحصل بمعية رئيس الجمهورية الذي هو القائد الاعلى للقوات المسلحة وفقاً لأحكام الدستور.