قالت الصحف: بين التسويق لتكريس الدمج الأميركي للاجئين في لبنان والبحث عن مخارج للأزمة السياسية
الحوارنيوز – خاص
اتسعت مروحة العناوين ومضامين افتتاحيات صحف اليوم، وراوحت بين التسويق للمساعدات الأميركية للاجئين السوريين وغير السوريين المقيمين على الأراضي اللبنانية بهدف تكريس واقع الإقامة في لبنان تمهيدا لدمجهم (صحيفة النهار) ،وبين البحث عن مخارج للأزمة السياسية في العواصم المقررة والمؤثرة في صناعة الرئاسة اللبنانية (الديار)، وبين تأثير الاستحقاق الرئاسي على علاقة حزب الله بالتيار الوطني الحر ( الأخبار) ،فماذا في التفاصيل؟
· صحيفة النهار عنونت: أميركا تضاعف مساعداتها وسط تفاقم “الانهيارين”
وكتبت تقول: في ظل ما يتوقع ان يشاهده اللبنانيون اليوم في جلسة خامسة عقيمة لمجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية، وبعد عشرة أيام من بدء حقبة الفراغ الرئاسي، ستتعاظم المخاوف من تسابق فراغين يطبقان بتداعياتهما السلبية، بل والخطيرة، على مجمل الواقع الداخلي ومن كل الجوانب هما الانهيار الاقتصادي – الاجتماعي والانهيار السياسي. ذلك ان المعالم الخطيرة لهذا السباق برزت بقوة نافرة ان مع مؤشرات التراجع الاقتصادي واشتعال أسعار الدولار والمحروقات في المسار الانهياري الأول، وان عبر الدوران في حلقة مفرغة تماما وفي دوامة المراوحة حيال الاستحقاق الرئاسي المعطل في المسار الانهياري الثاني. وإذ تؤكد كل المعطيات ان جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المحددة اليوم ستكون ربما نسخة اشد سوءا عن سابقاتها لجهة المشهد المستعاد في توزع الكتل والاصوات إياها من دون أي تبديل الا في بعض التفاصيل الهامشية واختلاف بالأعداد والأرقام، فيما ستبقى معادلة الانسداد على حالها، فان أصداء سلبية أخرى بدأت تتصاعد حيال خلاف نيابي سيشتد سخونة على ما يبدو في مسألة رفض عدد لا يستهان به من النواب عقد أي جلسة تشريعية بعد اليوم باعتبار ان الأولوية المطلقة لانتخاب رئيس الجمهورية، وخصوصا في ظل الفراغ الرئاسي، بما لا يجيز للمجلس عقد جلسة تشريعية او اكثر يعد رئيس المجلس نبيه بري للدعوة اليها. باب الانقسام النيابي الجديد هذا سيضاف الى المراوحة التي تحكم الاستحقاق الرئاسي بما يصعب معه توقع أي حلحلة وشيكة في مسار الازمة السياسية.
ووسط هذا المشهد، بدا لافتا دخول الولايات المتحدة على الواقع اللبناني مرة أخرى في وقت قصير، وبعد الحدث المتمثل في نجاح وساطة واشنطن في التوصل الى اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، عبر باب المساعدات الإنسانية والإنمائية من خلال جرعة تمويل طارئ ناهز بمجموعه الـ80 مليون دولار. واذ جاء الإعلان والكشف عن التمويل الطارئ الجديد الذي ضاعفت عبره واشنطن مساعداتها للبنان من خلال الزيارة التي تقوم بها مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور لبيروت، فان ايحاءات زيادة المساعدات الأميركية للبنان في هذا الظرف الذي يجتازه اكتسبت دلالات مهمة اذ انها تكمل ما تعهدت به واشنطن وقت انجاز اتفاق الترسيم من إيلاء الاستقرار في لبنان أولوية لديها.
جولة باور
وقد قامت باور امس بجولة واسعة في مناطق بقاعية معلنة ان الولايات المتحدة الاميركية قدمت عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية اكثر من 72 مليون دولار من المساعدات الغذائية الطارئة إلى أكثر من 650 ألف شخص من الأكثر عرضة في لبنان، بمن فيهم اللاجئين من سوريا ودول أخرى. وأوضحت ان هذا التمويل سيوفر، عبر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، حصصاً غذائية للعائلات اللبنانية، وقسائم إلكترونية للاجئين السوريين لاستخدامها في المتاجر المحلية، مما سيدعم الاقتصاد اللبناني. وأعلنت باور خلال وجودها في البقاع الغربي عن تمويل بقيمة 8.5 ملايين دولار لدعم 22 مشروعًا جديدًا لضخ المياه عبر الطاقة الشمسية في لبنان وهذه المشاريع، التي سيتم تنفيذها خلال العامين المقبلين، سوف تكون مفيدة لأكثر من 150 بلدة وقرية وأكثر من نصف مليون مواطن لبناني ولاجئ من خلال تأمين المياه بشكل فعال ومتواصل وخفض التكاليف التشغيلية وتقليل الاعتماد على الوقود.
- صحيفة الديار عنونت: السعودية وحزب الله يتنافسان ما بين فرنجية والعماد عون وكتلة باسيل تُـرجّح الأصوات
وكتبت تقول: عقد أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله اجتماعاً أولياً مع الوزير جبران باسيل لإقناعه بتأييد الوزير فرنجية مع تقديم ضمانات لباسيل بأن عهد فرنجية سيتعاون مع التيار الوطني الحر بضمانة حزب الله ولن يحصل اي انتقام بل تعاون برعاية الحزب. لكن باسيل لم يتجاوب وهذا اللقاء هو الأول بين نصرالله باسيل بشأن رئاسة الجمهورية وسيليه اجتماع ثانٍ وثالث، وفي الاتجاه ذاته عبر الرئيس نبيه بري عن موقفه بأنه بمجرد قبول باسيل تأييد فرنجية لرئاسة الجمهورية، فانه اي بري سيضع كل ثقله لإقناع رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط لتأييد كتلة اللقاء الديمقراطي سليمان فرنجية للرئاسة.
موقف حزب الله من تأييد فرنجية ومحاولة اقناع باسيل بذلك نابع من ان حزب الله لن يلتقي سياسياً باي شكل من الأشكال مع كتلة القوات اللبنانية والعكس صحيح، لذلك يعمل الحزب على اقناع باسيل كرئيس كتلة مسيحية تضم 17 نائباً وثلاثة نواب حلفاء، اي 20 نائباً، في حين ان كتلة القوات اللبنانية مؤلفة من 19 نائبا مسيحيا ومتحالفة مع المملكة العربية السعودية ومع الولايات المتحدة ولا يمكن ان تلتقي سياسياً مع حزب الله.
الرئيس نبيه بري أعلن امام احد الزوار، انه ولو كان على خصام مع الوزير باسيل فسيقدم الضمانات للتيار الوطني الحر اذا وافق الأخير على انتخاب فرنجية للرئاسة، كما سيضع ثقله مع جنبلاط لتأييد فرنجية. الثنائي الشيعي يشكل 27 نائباً وكتلة الوزير باسيل تمثل 20 نائباً، اي 47 نائباً ولديهم حلفاء قد يصل عددهم الى النصف زائد واحد او اقل من ذلك، والتركيز لدى حزب الله هو ان الوزير فرنجية يشكل ضمانة وطنية لخط الممانعة وللتحالف الوطني مع المقاومة.
معلومة أخرى هامة، هي ان المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة تدعمان قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون، والسفير السعودي وليد البخاري قادر على تأمين كتلة سنية تصل الى حوالى 20 نائباً مع حلفاء لهم، وأبلغ قائد حزب كبير ان السعودية تؤيد العماد جوزيف عون بكل قوة وترى فيه انه ضمانة لوحدة لبنان والرئيس الوفاقي بامتياز، وهذا الكلام حصل خلال زيارة البخاري للدكتور سمير جعجع في معراب، ومجموع عدد نواب القوات هو 19 وقد ينضم اليهم 4 نواب من حزب الكتائب، فيصبح العدد 23، واذا استطاع البخاري جمع 25 نائباً يصبح العدد 49 نائباً، ولذلك فالمعركة متقاربة وينظر المراقبون الى الاجتماع الثاني والثالث بين السيد نصرالله والوزير باسيل، الذي ما زال يرفض حتى الان دعم فرنجية بترشيحه للرئاسة وقد يترشح باسيل شخصياً لرئاسة الجمهورية مع ان حظوظه ضعيفة، الا انه يريد ان يبقى في مرتبة المرشحين الرئاسيين.
في ضوء هذه الخريطة وتعداد الأصوات، يمكن اعتبار ان السعودية تخوض معركة مع حزب الله بشأن رئاسة الجمهورية، وهنالك فريق من الأحزاب والمستقلين يؤيد العماد جوزيف عون ويعتبره المرشح الوفاقي الأول كما ذكرنا سابقاً، كما ان الولايات المتحدة والسعودية وفرنسا تدعمه أيضاً، مقابل دعم الثنائي الشيعي لفرنجية، ما يجعل كتلة باسيل النيابية ترجح الكف في معركة الأصوات. وتبقى الكلمة الهامة للولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وإيران وسوريا في عملية دعم المرشح الذي سيصل الى رئاسة الجمهورية.
- صحيفة الأخبار عنونت: غيوم الحكومة والرئاسة تخيّم على علاقة باسيل بحزب الله
وكتبت تحت هذا العنوان هيام القصيفي تقول: لا يشكك أحد من طرفي حزب الله والتيار الوطني الحر في العلاقة بينهما. لكنهما، كما في كل استحقاق، يتواجهان في تحديد خريطة طريق سياستهما. اليوم تخيّم عليهما غيوم الحكومة والرئاسة
يصعب على التيار الوطني الحر أن يتجاوز في أيام قليلة تداعيات انتهاء عهد الرئيس ميشال عون. حجم هذا الحدث وارتداده على الوسط الداخلي كبير إلى الحد الذي لا يزال التيار يحاول تلمّس الطريقة التي يجب أن يتعامل بها معه. وبقدر صعوبة الانتقال من موقع الصف الأول إلى الصف الثاني، مع أفرقاء سياسيين آخرين، تكمن صعوبة تفرّج التيار على مشهد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في جولاته الخارجية ولقاءاته على مستويات مختلفة، وهو الذي عارض تسميته وتكليفه تشكيل الحكومة.
وقف رئيس التيار النائب جبران باسيل، منذ اللحظة الأولى، ضد تكليف ميقاتي رئاسة الحكومة، وحاول إقناع حزب الله بذلك. لكن الحزب ارتأى السير بميقاتي، بمَوْنة أو ضغط من الرئيس نبيه بري. ما حصل بعد ذلك أعطى لباسيل، من وجهة نظره، مشروعية موقفه تجاه رئيس الحكومة المكلف، الذي لا يريد تشكيل حكومة قبل نهاية العهد. صحيح أن حزب الله أعطى وعوداً حول حدود عمل مجلس الوزراء، وقدّم مجلس النواب لاحقاً تفسيراً في تحديد صلاحيات حكومة تصريف الأعمال، لكن باسيل يدرك أن التفسيرات الدستورية لم تعالج يوماً مشكلة القوى السياسية وفرضها أنماطاً من الأداء السياسي. كما أنه، وهو الذي خبر ميقاتي منذ كانا سوياً في حكومة اللون الواحد بعدما تلا بنفسه بيان «إقالة» حكومة الرئيس سعد الحريري عام 2011، يعرف جيداً الهامش الذي يعطيه ميقاتي لنفسه كرئيس لحكومة ولو غير كاملة الصلاحيات. ومشهد لقاءات ميقاتي الأخيرة دليل على هذا الهامش الذي يمكن أن يتوسع تدريجاً إذا طال الفراغ الرئاسي، وتطورت قنوات الحوار الإقليمية والدولية حول لبنان، ما يثير «نقزة» باسيل ويثبت وجهة نظره أمام الحزب.
في الأسبوع الأول للفراغ، يحاول باسيل الاستمرار في سياسة الاستنهاض، وهي على المدى الطويل يمكن أن تكون منهكة للتيار وحلفائه، لأن سقف العلاقة مع حزب الله قابل للاهتزاز على مستويي الحكومة ورئاسة الجمهورية. فحزب الله يدرك أن باسيل الذي يؤكد، مرة تلو أخرى، عمق التحالف بينهما ولا يشكك فيه، قابل أيضاً للقيام بردود فعل لا تصب، ولو ظرفياً، في خدمة التحالف والعلاقة بينهما، ولا حتى في مصالح الحزب في قضايا أساسية على المدى البعيد. وهذا الأمر لا ينطبق فحسب على الملف الرئاسي الذي يختلف الطرفان حوله جذرياً في مقاربة الاستحقاق والمرشحين المؤهلين له. علماً أن هناك سياسيين يتحدثون بثقة عن أن باسيل لا يزال هو المرشح الأوحد للحزب بخلاف كل ما يطرح حالياً من أسماء تدور في فلك قوى 8 آذار. لكن رغم ذلك، فإن للحزب استراتيجية سياسية مختلفة تماماً عن خريطة طريق باسيل. فللأخير تحديات داخلية تتعلق بالتيار، ومسيحية تتعلق بموقعه في المعادلة المسيحية، وإن كانت الظروف الحالية غير قابلة للاستثمار شعبياً وهو الخارج من انتخابات ربح فيها حصة لها وزنها وإن ليس بقوته وحدها. والتحديات الأكثر أهمية هي الحفاظ على موقعه كمرشح طبيعي لرئاسة الجمهورية، من دون الالتفات إلى العقوبات الأميركية. وهذا كله يضطره إلى أن يضع خريطة طريق قد لا تلتقي مع تصور حزب الله المرحلي. وموضوع الحكومة عنصر أساسي في التعثر الذي يواجه خطة عمل باسيل الذي كان يعتقد أنه سيطبقها بعد انتهاء عهد عون. وليس سهلاً أن يبدأ في مواجهة أداء رئيس الحكومة في ملفات متفرقة، كالكهرباء على سبيل المثال، وغيره من الملفات المتوقع أن تثير حساسية التيار فيتحول معها، وهو الموجود في الحكومة، إلى معارض أو غير مسهّل، وهو الذي كان يفترض أن يكون منصرفاً إلى الإعداد لمعركة رئاسة الجمهورية.
في المقابل، يريد الحزب التهدئة على أكثر من جبهة، فلا هو في وارد فتح معركة مع رئيس المجلس النيابي حول ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، أو مع ميقاتي الذي لم يسجل معه في العمق أي خلاف أساسي. وهو يحاول، في سعيه إلى إيجاد توازن مع باسيل الذي لم يعد له من حليف سواه عملياً، استيعاب نقمة حليفه، مدركاً في الوقت نفسه أن باسيل قادر على أن يكون معانداً وحاداً في معاركه السياسية، من دون الاختلاف الجوهري في الرؤية المستقبلية. لكن هذا النوع من الإشكالات يربك الحزب ولو كان التيار يستفيد منه في تعزيز وضعيته. لذا يحتاج الفريقان إلى نقطة التقاء، لا تبدو حتى الآن موجودة في مقاربتي وضع حكومة تصريف الأعمال ورئاسة الجمهورية. لكن «الحاجة دائماً أم الاختراع، وبما أنهما يحتاجان بعضهما، كما كانت الحال بينهما في أكثر من محطة استراتيجية أو محلية، سيجدان في لحظة ما مصلحة مشتركة في إعادة وصل ما انقطع بينهما. وحتى ذلك الوقت قد يضاعف باسيل من توجيه سهامه إلى أكثر من حليف.