قالت الصحف: انسحاب الحريري من السباق يخلط الأوراق .. ولماذا تخلت القوات اللبنانية عنه؟
الحوارنيوز – خاص
ما هي الأسباب الحقيقية لقرار الرئيس سعد الحريري بالإنسحاب من لائحة المرشحين الأقوياء لرئاسة الحكومة المقبلة؟
لماذا تخلت عنه القوات اللبنانية وهل صحيح أنها فعلت ذلك بناء لطلب المملكة العربية السعودية؟
ماذا يعني تقاطع كل من القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر على رفض الحريري كمرشح لرئاسة الحكومة؟
وأسئلة عديدة أخرى يمكن استنباطها من إفتتاحيات صحف اليوم التي جاءت على النحو التالي:
• صحيفة "النهار" عنونت:" الحريري يخلط أوراق التكليف ويحشر الحكم" وكتبت تقول:" ماذا بعدما أحدثت رمية الرئيس سعد الحريري اختراقا كبيرا في جدار المماطلة التي طبعت مسار الاستحقاق الحكومي من خلال التأخير المتمادي في تحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف؟ وهل يؤدي قطع الحريري الطريق على المناورات والمواقف المتصلة به تأييدا لترشيحه او تحفظا عنه او رفضا له الى دفع الاستحقاق قدما ام الى زيادة تعقيداته؟ وأين سيقف المجتمع الدولي أيضا من الأسماء التي قد تبدأ تظهر تباعا في بورصة المرشحين لتولي رئاسة الحكومة الجديدة باعتبار انه من غير الواقعي تجاهل الرصد الدولي القوي للمشهد السياسي الداخلي فيما ممثلو هذا المجتمع يتزاحمون على التوافد الى بيروت منذ أسابيع؟
هذه التساؤلات المتدافعة بدت منطقية للغاية في ظل واقع لا بد من الاعتراف به كما هو ويتمثل في ان الرئيس سعد الحريري نجح من خلال مبادرته المفاجئة بعد ظهر امس الى اعلان عدم ترشحه لتولي رئاسة الحكومة الجديدة ودعوته الجميع الى سحب اسمه من التداول في هذا الصدد في قلب المعادلة التي حكمت المناخ السياسي منذ ما بعد استقالة حكومة حسان دياب وتحولها حكومة تصريف اعمال. ذلك ان حسم الحريري خياره بإخراج نفسه واسمه من معترك تسمية الرئيس المكلف حاصر في المقام الأول رئيس الجمهورية ميشال عون من خلال تسليط الضوء على ما بات يشكل تجاوزا دستوريا عبر التباطؤ في تحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة وربط هذه المواعيد ضمنا ومباشرة بالتأليف قبل التكليف. كما ان الحريري من حيث أراد عمداً ام عفواً حشر جميع القوى السياسية، حتى القوى الحليفة سابقا وحاليا، لدفعها الى بت مواقفها نهائياً وعدم التلطي وراء التجاذب على اسمه بما سيضع هذه القوى امام محك حاسم لفرز المواقف السياسية وهو الامر الذي سيزيد تضييق الحصار على العهد للاحتكام الى الأصول الدستورية بأسرع ما يمكن وقبل الأول من أيلول موعد زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبيروت.
الخروج من البازار
وقالت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ"النهار" ان الحريري اقدم على خطوة ذكية واخرج نفسه من بازار عقيم رافضا اجراء أي تسوية على شروطه من اجل رئاسة حكومة مستقلة وراميا الكرة في ملعب السلطة وافرقائها الذين يجدون انفسهم امام إشكالية استحالة تكرار تجربة حسان دياب لجهة استحضار أسماء غير مقبولة او الأخذ بالمرشح الذي يمكن ان تذكيه كتلة "المستقبل" والطائفة السنية. وتاليا فان على العهد ان يقبل بالتسمية التي سترشحها الطائفة السنية او الاستجابة لها او انه سيكون امام انكشاف كبير. وتضيف المصادر نفسها ان تسمية السفير السابق نواف سلام بعدما سارع في الأيام الأولى للاستحقاق الحكومي رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الى تسريب تأييد ترشيحه، في اطار رفضه مع رئيس الجمهورية ترشيح الحريري وعودته الى السلطة، ستضع ترشيح سلام في مواجهة مع "حزب الله" الذي يرفضه. وهذه مشكلة سيتعين على قوى السلطة الحالية ان تجد حلا لها في ما بينها. ويبدو واضحا ضمن المعطيات الجديدة عقب اعلان الحريري قراره عدم قبول الترشح، انه ليس في وارد ترشيح أي اسم الا في الاستشارات النيابية النيابية الملزمة، ولو ان بعض حلفائه يرددون خيار نواف سلام، اذ ان الرئيس فؤاد السنيورة الذي يدعم ترشيح نواف سلام يرجح ان يتجه رؤساء الحكومة السابقين الأربعة الى تزكية ترشيحه. ومع ذلك فان أوساطاً معنية بالاستحقاق لم تستبعد ليلا حصول تطور مهم لم تكشف طبيعته من شانه ان يحرك الجهود للخروج من مأزق التكليف وذلك قبل موعد زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبيروت في اول أيلول. واختصر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الموقف الفرنسي بقوله امس ان "الرئيس ماكرون سيكرر دعوته الى التغيير عندما يزور لبنان مجددا". وقال لودريان " ان كارثة بيروت يجب الا تكون ذريعة لإخفاء حقيقة ان لبنان على شفا الانهيار".
• صحيفة "الاخبار" عنونت:" التيار يسمي من يرشحه الحريري" وكتبت تقول:" حسمَ الرئيس سعد الحريري الجدل القائم بشأن تكليفه بتأليف الحكومة، بطلب سحب اسمه من التداول كمرشح لرئاسة الحكومة، الأمر الذي من شأنه خلط الأوراق وتأجيل موعد الاستشارات النيابية التي كان يعتزم الرئيس عون الدعوة إليها في نهاية هذا الأسبوع
مع الطيّ الرسمي لمُحاولة إعادة سعد الحريري كرئيس مُكلّف بتأليف الحكومة الجديدة، استذكرت البلاد مشهد الأزمة التي انفجرت بعدَ 17 تشرين، وسقوط حكومة الحريري السابقة. آنذاك، تمسّك الثنائي حزب الله وحركة أمل بالتفاهم مع الحريري، إلا أن قرار الأخير يومها بالانسحاب من نادي المرشحين، لعدم توافر الاتفاق على اسمه، نقلَ الجميع إلى الخطة "ب" بإشراكه في التسمية، وتأمين غطاء منه لأي شخصية تقبَل بالتكليف.
وغداة طلب الحريري أمس سحب اسمه للمرة الثانية من التداول كأحد الأسماء المطروحة لتأليف الحكومة العتيدة، شخصتْ الأنظار إلى 3 مسارات جديدة:
الأول، أن يرفض الحريري مُجدداً تسمية مرشّح من قبله لتأليف الحكومة، فيضطر فريق 8 آذار – التيار الوطني الحر إلى تكرار تجربة حسان دياب، مع ما يحمِله ذِلك من مخاطِر، في ظل العمل على إنشاء جبهة سنية ترعاها دار الفتوى دفاعاً عن مقام رئاسة الحكومة في وجه ما تعتبره "مصادرة الصلاحيات ووضع اليد على الموقع السني الأول".
والمسار الثاني، إعادة إحياء خيار نواف سلام، الذي يرفضه ثنائي حزب الله وحركة أمل، بينما لا يمانع تسميته التيار الوطني الحر، وتتحمس له باقي القوى، وتحديداً القوات اللبنانية والنائب السابق وليد جنبلاط، فيما يرفضه الحريري ضمنياً، وإن أعلن عكس ذلك.
أما المسار الثالث، فهو أن يسمّي الحريري مرشحاً آخر، يوافق عليه كل من التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل، ويحظى بدعم فرنسي يستعجل التوصل إلى حل لتفادي الأسوأ في لبنان.
حتى صباح يوم أمس، كانَ الرهان مُستمر على المسعى الفرنسي لإقناع الخارج، وتحديداً المملكة العربية السعودية، بالسير في حكومة يرأسها الحريري، وذلك في موازاة مسعى داخلي لإقناع النائب وليد جنبلاط بذلك. وقد بلغَ الرهان حدّ الاقتناع بأن الحريري "يُريد العودة لكنه يتدلل، ويرفع سقف شروطه، وفي النهاية سيقبَل التكليف". غيرَ أن هذه الرهانات كلها سقطت، بعد التأكّد من الموقف السعودي المتحفظ على عودة الحريري بحجة أنهم لا يُريدون له أن يكون متراساً لإنقاذ العهد وتوسيع نفوذ حزب الله، إضافة إلى تعنّت جنبلاط وإصرار القوات على موقفها. عوامِل كلها اجتمعت ودفعت بالحريري إلى إعلان الانسحاب، بعدَ أن أبلغَ موقفه هذا إلى النائب علي حسن خليل الذي التقاه أول من أمس. وأعلن رئيس تيار المستقبل في بيان "انني غير مرشح لرئاسة الحكومة الجديدة وأتمنى من الجميع سحب اسمي من التداول في هذا الصدد".
أمام الموقِف المفاجئ للحريري، والذي ذكّر بانسحابه بعد 17 تشرين، يجِد المتمسكون بالتفاهم معه أنفسهم أمام خيار التشاور معه حول اسم جديد، على أن يُسميه هو أو يحظى ببركته. يأتي ذلك بعد فشل المساعي التي قادها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، وقامت على فكرة القبول بشروط الحريري، قبلَ أن تصطدِم برفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوزير جبران باسيل.
وفي ظل تمسّك حركة أمل وحزب الله بالتفاهم مع الحريري على اسم مرشّح لرئاسة الحكومة، أكّدت مصادر التيار الوطني الحر لـ"الأخبار" أن "لا أسماء مرشحين لدينا في الوقت الحالي، لكن خيارنا الأول والأفضلية في التسمية هي لمن يسمّيه سعد الحريري"، عازية ذلك الى أن الأخير هو من يملك شرعية التمثيل السنّي. وهل يشمل ذلك السفير السابق نواف سلام مثلاً؟ أجابت: "لا نعارض شخص نواف سلام، لكننا في الوقت نفسه نريد أن تكون الشخصية التي يسمّيها الحريري عامل جمع لا قسمة، وألا يتسبّب الاسم في مزيد من العرقلة لأن البلد لا يتحمل". وأكدت المصادر أن التيار لم يكن ليشارك في حكومة يرأسها الحريري نفسه "لأننا نعتقد أن المرحلة تحتاج الى رئيس حكومة شغّيل وقبضاي"، كما أنه يشترط أن "تلتزم الحكومة المقبلة ومجلس النواب ببرنامج إصلاحات، ولا يهمنا أن نكون ممثلين فيها سواء بشكل مباشر أم غير مباشر. لا نريد مشكلاً في البلد. وبالتأكيد لن نتصرف معها كما تصرف غيرنا مع الحكومة السابقة والتي قبلها".
• صحيفة "اللواء" عنونت:" الحريري يرفض ابتزاز باسيل وجعجع: لست مرشحا" وكتبت تقول:" سواء أعلن الرئيس سعد الحريري انه غير مرشّح لرئاسة الحكومة.. قبل أو بعد حصول الاستشارات النيابية الملزمة، قبل أو بعد إعلان نتائجها، وترشيحاتها، فالاهم ما تضمنت الرسائل التي انطوى عليها البيان الذي صدر بعد ظهر أمس وفيه يعلن العزوف عن الترشح لتشكيل حكومة تتولى "مهمة نبيلة وصعبة"، وهي "فرصة" لإعادة بناء العاصمة بيروت وتحقيق سلسلة إصلاحات يطالب بها اللبنانيون، ولفك العزلة الاقتصادية والمالية التي يُعاني منها لبنان، بموارد خارجية تسمح بوقف الانهيار المخيف في مرحلة أولى، ثم الانتقال تدريجياً إلى إعادة النمو في مرحلة ثانية.
1- الرسالة الأولى للتيار الوطني الحر ورئيسه، الذي ما زال، بتعبير الرئيس الحريري "في حال من الانكار الشديد لواقع لبنان واللبنانيين"..
وفي متن الرسالة اتهام هذا الفريق السياسي بأن تشكيل حكومة يراها "مجرد فرصة جديدة للابتزاز" من زاوية ان "هدفه الوحيد التمسك بمكاسب سلطوية واهية، ولاحقاً تحقيق أحلام شخصية مفترضة"، واصفاً هذا الابتزاز بأنه يشمل البلد "وفرصة الاهتمام الدولي المتجدد".
2- الرسالة الثانية لبعبدا، حيث اكتفى الرئيس الحريري بعدم كسر الجرة مع رئيس الجمهورية، مطالباً فقط بـ"احترام الرئيس للدستور، ودعوته فوراً لاستشارات نيابية ملزمة، عملاً بالمادة 53، والإقلاع نهائياً عن بدعة التأليف قبل التكليف..".
وبين الدعوة إلى الشروع فوراً بالاستشارات الملزمة، والإقلاع عن بدعة التأليف قبل التكليف، أبقى الرئيس الحريري الباب مفتوحاً للتعاون مع رئيس الجمهورية.
3- الرسالة الثالثة: المشاركة بالاستشارات النيابية، وخلافاً لما حصل في الاستشارات التي ادت إلى تسمية الرئيس حسان دياب، فإن كتلة المستقبل "ستسمي" من نرى فيه الكفاءة والقدرة على تولي تشكيل حكومة تضمن نجاح الفرصة الدولية.. وإعادة اعمار بيروت وتنفيذ الإصلاحات بالتعاون مع الأصدقاء في المجتمع الدولي، ومع المجلس النيابي..
وهذه الإيجابية التي تنطوي عليها هذه الرسالة، تحمل في طياتها دلالات واضحة بأن الرئيس الحريري ماضٍ بتحمل مسؤولياته لعدم إضاعة الفرصة..
4- الرسالة الرابعة، بقيت ملتبسة تجاه حزب الله، عندما ربط موقفه السياسي بتولي رئاسة الحكومة الذي أعلنه أمس بصدور حكم المحكمة الخاصة بلبنان في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري..
وفي السياق، اعتبرت مصادر سياسية بارزة موقف الرئيس سعد الحريري بانه غير مرشح لرئاسة الحكومة، هو الرد الطبيعي على اساليب التعطيل والعرقلة التي مارسها النائب جبران باسيل لابقاء عملية تشكيل الحكومة الجديدة اسيرة لطموحاته ومصالحه الشخصية التي تفوح من زواياها روائح الفساد التي اوصلت البلد الى حال الانهيار الحالي واسقطت العهد كله في دوامة الفشل والعجز عن القيام بالحد الادنى من مهماته وبسرعة قياسية،لم يبلغها عهد اي رئيس جمهورية من قبل.
واشارت المصادر الى ان استمرار محاولات التعطيل المعهودة التي مارسها باسيل طوال السنوات الماضية بتوكيل من رئيس الجمهورية وبغطاء غير معلن من حزب الله، تعيد عقارب الساعة الى الوراء وكأن كل ماحصل بالبلد من خراب وازمة سياسية واقتصادية ومالية تضغط على اللبنانيين بكل الاتجاهات لم يؤخذ بها ولا تتطلب اعادة النظر اوتصويب الاداء السياسي بالحد الادنى، وإنما ينصب الاهتمام كليا في تكريس السيطرة واعادة الإمساك بمفاصل الحكومة والسيطرة على مقدراتها دون مراعاة لاوضاع الدولة التي اوصلتها مثل هذه الممارسات الى الحضيض ورتبت تداعيات خطيرة على اوضاع اللبنانيين الاقتصادية والمعيشية. وبدلا من ان يتبدل الأداء السياسي نحو الأحسن ويأخذ بعين الاعتبار الأسباب التي اوصلت البلد إلى هذه الوضعية المتدهورة،لاسيما بعد التفجير الكارثي الذي استهدف مرفا بيروت وزاد اوضاع المواطنين بؤسا وعذابات اضافية،يتصرف وكلاء العهد برعونة وانانية تقضي على اي فرص للانقاذ او اخراج البلد من ازمته وتقطع الطريق على كل الجهود المبذولة لمساعدة لبنان على حل ازماته المتراكمة.
ورداً على سؤال قال رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع حول إعلان الحريري عدم ترشحه لرئاسة الحكومة: أوكي.