قالت الصحف: المقاومة تستعيد المبادرة.. صلابة وحكمة
الحوارنيوز – خاص
نجحت المقاومة في توجيه ضربة صاروخية نوعية على شمال فلسطين المحتلة وصولاً الى قاعدة «رامات ديفيد» الجوية في شرقي حيفا، رغم الاجتياح الجوي المتواصل من قبل العدو للبنان وغاراته المتواصلة على مناطق جنوبية مختلفة.
وأظهر رد المقاومة صلابة الموقف الميداني وحكمة الموقف السياسي من خلال استهداف مواقع عسكرية حصراً لتفويت الفرصة على العدو الذي هدد بتحويل لبنان الى غزة ثانية!
خلاصة صحف اليوم فماذا في التفاصيل؟
- صحيفة النهار عنونت: التصعيد بلا سقوف: “لبنان غزة أخرى”؟
وكتبت تقول: لم يكن أدل من توزيع الجيش الإسرائيلي صورة لعدد من قادة “حزب الله” على رأسهم الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، ومن بينهم ستة اغتالتهم إسرائيل في رسالة تهديد مباشرة باغتيال نصرالله، لكي يتضح الطابع الأشد خطورة للتصعيد الاستراتيجي الذي بلغته الحرب في شكلها المتطور في الأسبوع الماضي بين إسرائيل و”حزب الله”.
وإذ تعاظمت المخاوف من انسداد كامل للحل الديبلوماسي مع تهافت السفارات والدول على الطلب من رعاياها مغادرة لبنان في أسرع وقت، رسمت الوقائع الميدانية الوجه الآخر للإنزلاق المتدحرج نحو حرب بلا سقوف او خطوط حمر لم يعد يفصل عنها سوى ترقب أي مفاجأة جديدة. ذلك ان إسرائيل في “اجتياح” جوي حربي واستباقي جديد ليل السبت، عمّقت غاراتها الكثيفة التي فاق عددها الـ 100 غارة الى عمق تجاوز أكثر من ثلاثين كيلومتراً وطاول البقاع الغربي.
في المقابل، وصف الردّ الصاروخي الأولي للحزب صباح أمس على شمال إسرائيل بأنه الأعمق منذ اندلاع المواجهات وصولاً الى حيفا ناهيك عن استعمال طراز جديد من الصواريخ الثقيلة البعيدة المدى. بذلك ترتسم معالم اتساع التصعيد الاستراتيجي المنذرة بتعمق واتساع أكثر فأكثر مع كل جولة من جولات تبادل الضربات الثقيلة والمدمرة بما يخشى معه المراقبون بأن يكون انفجار الحرب الشاملة مسألة وقت قصير.
وتفاقمت هذه المخاوف مع معطيات ديبلوماسية بدت أقرب الى إنذار من ان المواقف التي أعلنت في جلسة مجلس الأمن الدولي حول الوضع في لبنان عكست عقم أي رهان او أمال على تحرك دولي فعال راهناً على الأقل من شأنه ردع إسرائيل عن المضي في تصعيد الوضع واستدراج “حزب الله” الى حرب واسعة. وهو الأمر الذي ساهم في قرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي العزوف عن السفر الى نيويورك والبقاء في بيروت.
وعكس الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش امس خطورة الوضع في لبنان، عندما حذر من مخاطر تحويل لبنان “غزة أخرى” في خضم تصعيد للأعمال العدائية بين إسرائيل و”حزب الله”. وقال غوتيريش في تصريح لشبكة “سي ان ان” الإخبارية الأميركية قبل يومين من موعد انطلاق أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة “ما يثير قلقي (هو) خطر تحويل لبنان غزة أخرى”، في إشارة إلى القطاع الفلسطيني حيث تدور منذ تشرين الأول الماضي حرب مدمّرة بين إسرائيل وحركة “حماس”.
وفي السياق نفسه، شككت أوساط معنية في أي نجاح محتمل للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الذي سيصل اليوم الى لبنان في تحريك الملف الرئاسي وسط هذا الانفجار الحربي. ومن المقرر ان يقوم لودريان بمشاورات جديدة في ظل معالم ومؤشرات ديبلوماسية وعسكرية مختلفة تماماً في مهمته بعد ان تغييرت قواعد اللعبة عما كانت في زياراته السابقة. وأدرجت الزيارة كرسالة دعم فرنسية في ظل الاوضاع المقلقة التي يعيشها البلد، فيما ذكر ان لودريان لا يحمل ورقة اقتراحات جديدة لحل الأزمة الرئاسية بل يعوّل على المتغيرات للدفع نحو انتخاب رئيس للجمهورية بعدما شارفت الازمة على طي سنتها الثانية.
- صحيفة الأخبار عنونت: واشنطن تغطّي قراراً إسرائيلياً بالتصعيد.. والعدو يسعى لاحتواء قصف حيفا
قاسم: دخلنا معركة الحساب المفتوح
وكتبت تقول: بعد أيام على إعلان العدو دخول الحرب مع لبنان مرحلة جديدة، قبلت المقاومة التحدي، وأعلنت من جانبها الدخول في مرحلة جديدة، دشّنتها بقصف منطقة حيفا بصواريخ ثقيلة، في سياق ما أسماه حزب الله معركة الحساب المفتوح. وهو ما أكّده نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في كلمته خلال تشييع القائد الجهادي إبراهيم عقيل. وبعد ساعات من جنون الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت ما قال العدو إنه منصات معدّة للإطلاق، دشّنت المقاومة المرحلة الجديدة بقصف قاعدة «رامات ديفيد» الجوية في شرقي حيفا، ومجمع الصناعات العسكرية لشركة «رفائيل» المتخصصة بالوسائل والتجهيزات الإلكترونية الواقعة في منطقة زوفولون شمال حيفا. وأعلنت المقاومة إدخال عشرات الصواريخ من نوع «فادي 1» و«فادي 2»، إلى الخدمة، للمرة الأولى منذ حرب تموز 2006.
وقال الشيخ قاسم، خلال مراسم تشييع الشهيدين عقيل ومحمود حمد، إنّ «إسرائيل ارتكبت 3 جرائم حرب مؤلمة بالنسبة إلينا، وهي تمثّل أعلى درجات التوحّش»، إذ «استهدفت الأطفال والمسعفين والصيدليات والمنازل وكل حياة شريفة آمنة ولم تستهدف المقاتلين فقط». وذكر أنّ إسرائيل «كانت تريد من عملية الاعتداء على قادة الرضوان شلّ المقاومة وتحريض بيئتها عليها وإيقاف جبهة المساندة لغزة لإعادة سكان الشمال، لكنّ المقاومين عطّلوا هذه الأهداف». وقال: «عدنا أقوى والميدان سيشهد بذلك». وشدّد على أنّ «جبهة الإسناد اللبنانية مستمرّة مهما طال الزمن إلى أن تتوقف الحرب على غزة»، مضيفاً: «لن نحدّد كيفية الرد على العدوان، ودخلنا في مرحلة جديدة عنوانها معركة الحساب المفتوح»، وتابع: «ما جرى ليلة أمس دفعة على الحساب في معركة الحساب المفتوح، وراقبوا الميدان».
وكانت المقاومة قصفت بالصواريخ الثقيلة مواقع عسكرية وصناعية عسكرية، بعد ساعات من الغارات المعادية على أكثر من 230 هدفاً، قال العدو إنه ضربها في الجنوب. وأعلن جيش الاحتلال، أن المقاومة أطلقت نحو 120 صاروخاً من جنوب لبنان، منها نحو 30 صاروخاً أُطلقت باتجاه المنطقة الوسطى قرب حيفا. فيما دوّت صافرات الإنذار في كامل الشمال المحتل، ابتداء من منطقة حيفا والعفولة، وصولاً إلى إصبع الجليل والجولان السوري المحتل، ما دفع بنحو مليون مستوطن إلى الملاجئ والأماكن المحمية. وسُجّل سقوط صواريخ في 5 مواقع على الأقل، في المنطقتين المستهدفتين قرب حيفا، بينما أظهرت مقاطع الفيديو التي صوّرها المستوطنون دماراً كبيراً في المباني والسيارات. وعلى الأثر، أعلنت «جبهة العدو الداخلية»، تمديد إغلاق المدارس في الشمال، وإدخال المستشفيات في حالة الطوارئ، ونقل بعضها إلى الأماكن المحمية. كما تمّ استدعاء آلاف الجنود والعاملين ضمن الجبهة الداخلية. وتقرّر «تقليل كميات المواد الخطيرة القابلة للانفجار في معامل حيفا، وفرض رقابة وتشديدات على إدخالها»، بحسب قناة «كان» التي أشارت إلى أن «حيفا ومحيطها قد يصبحان كصفد وروش بينا، بحيث يستهدفها حزب الله بشكل دائم حتى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار».
وأمس، عقدت القيادات الإسرائيلية، السياسية والأمنية، اجتماعات هدفت «إلى تحديد الاستراتيجية الشاملة بشأن حزب الله»، وأُعلن في كيان الاحتلال، أنه تقرر «التصعيد التدريجي دون دخول حرب شاملة». فيما أعرب وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، عن دعمه لـ«حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها إزاء هجمات حزب الله»، مشيراً في الوقت عينه، إلى «أهمية إيجاد حل دبلوماسي لتمكين السكان من العودة شمالاً». وأفادت «القناة 12» بأن «إدارة بايدن أبلغت إسرائيل عدم دعمها دخول الحرب استباقياً، أو تعمّد الانجرار إلى حرب شاملة»، وأشارت «القناة 13» إلى استعداد «لليلة أخرى من التصعيد في شمال البلاد، ويتوقّع توسّع رقعة القصف من حزب الله لشمال البلاد». وفي سياق متصل، نقلت صحيفة «إيكونوميست» عن مصادر عسكرية قولها إن «إسرائيل تخطّط لهجوم بري يشمل الاستيلاء على مناطق من بضعة أميال في عمق أراضي لبنان». ونقلت الصحيفة عن ضابط احتياط إسرائيلي أن «خطط الغزو جاهزة، ولكن لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه قبل أن يكون لدينا ما يكفي من قوات لتطبيق ذلك».
من جهته، قال نتنياهو إن «تل أبيب وجّهت خلال الأيام الماضية إلى حزب الله ضربات لم يكن يتخيّلها»، مضيفاً: «إذا لم يفهم حزب الله الرسالة، أعدكم بأنه سيفهمها». بينما قال غالانت، إن «حزب الله بدأ يستشعر بعض قدراتنا». أما هاليفي، فقال إن الاغتيال في الضاحية هو «رسالة واضحة إلى حزب الله، وإلى الشرق الأوسط برمته. بل وأكثر من ذلك: سنعرف كيف نصل إلى كل من يهدّد مواطني إسرائيل». وأضاف: «منذ أشهر، كنا نعمل على تآكل القدرات التي بناها حزب الله على مدى عقود، طبقة بعد طبقة. نحن نُبعد حزب الله عن الخط الحدودي». لكن بعد دقائق قليلة من تصريحات هاليفي، خصوصاً حول إبعاد حزب الله عن الحدود، كشفت وسائل إعلام العدو عن إصابة نحو 5 جنود إسرائيليين بصاروخ مضادّ للدروع أُطلق باتجاههم من المنطقة الحدودية في جنوب لبنان، وتمّ نقلهم بمروحية إلى مستشفى رمبام، في حين أعلنت المقاومة تنفيذ عدة عمليات باتجاه المواقع العسكرية الحدودية، واستهداف مواقع العدو بالصواريخ وقذائف المدفعية، إضافة إلى استهداف دبابة إسرائيلية في موقع المرج، بصاروخ موجّه، ما أدى إلى مقتل وجرح من فيها.
- صحيفة الأنباء عنونت: تصعيد مفتوح على الجبهة الجنوبية… لبنان يلتزم قواعد الاشتباك ومساعي تهدئة في جعبة لودريان
وكتبت تقول: انتهى أسبوع التصعيد الأعنف بين إسرائيل و”حزب الله” بحصيلة كارثية غير نهائية بعد، فاقت الـ80 شهيداً بين عناصر للحزب ومدنيين، وأكثر من 4000 جريح، والأرقام مرشّحة للارتفاع أكثر مع وجود مفقودين وجرحى بحالات خطرة في المستشفيات.
أسبوع من التصعيد أطلقته إسرائيل مع تحديث أهداف الحرب وإضافة بند “إعادة سكّان الشمال إلى مستوطناتهم”، بدأ بتفجير أجهزة “بايجرز” ثم أجهزة الاتصال اللاسلكي، واستُكملت بقصف عنيف يوم الخميس، إلى أن حصل الاستهداف الأخطر، وهو قصف الضاحية الجنوبية.
تخطّت إسرائيل هذا الأسبوع كافة الخطوط الحمراء التي رسمها “حزب الله” وخرقت كافة قواعد الاشتباك، فاستهدفت المدنيين وقتلتهم، وقصفت عمق الضاحية الجنوبية، وأفقدت الحزب قادة وحدته النخبوية “الرضوان” والعديد من قادة الصف الأول.
رسالة واضحة أرادت إسرائيل إرسالها إلى “حزب الله”، وفق ما رأت مصادر متابعة عن كثب لمستجدات الأسبوع الماضي، وهي “التصعيد المبدئي”، أي تجربة سيناريو الحرب الشاملة دون إطلاقها، والتي ستشمل خسائر بشرية فادحة تفوق قدرة المستشفيات على تحملها، وقصف عنيف يطال عمق لبنان.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، لفتت المصادر إلى أن إسرائيل أوصلت رسالتها بالنار إلى “حزب الله”، وقد تتراجع حدّة الضربات نسبياً هذين اليومين لتعرف إسرائيل نتيجة ضرباتها ميدانياً، وهذا يتناسب مع تصريح رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو حينما قال “وجهنا سلسلة من الضربات، وإذا لم يكن حزب الله قد فهم الرسالة، فأنا أؤكد لكم أنه سيفهمها”.
في هذا السياق، أطلق “حزب الله” فجر الأحد ردّه “الأولي” كما وصفه على الاستهدافات الإسرائيلية، فأطلق صواريخ “فادي 1 و”فادي 2” على حيفا مستهدفاً قاعدة ديفد رامات الجوية العسكرية ومصانع رفائيل للصناعات العسكرية، لكنه أصاب محيط المنشأتين حسب المعلومات الأولية، وقتل إسرائيلياً واحداً وجرح ٨.
وحدها الولايات المتحدة قادرة على وقف حمام الدماء عبر وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وهذا ما يؤكده الرئيس وليد جنبلاط، وهذا ما يحتّمه فارق القدرات العسكرية والاستخباراتية والسيبرانية وغياب توازن القوّة وفق ما يُجمع الخبراء العسكريون، لأن “حزب الله” غير قادر على استهدافات مماثلة لاغتيال قادة مجموعة “الرضوان”، أو لعمليات أمنية مُشابهة لعمليتيت “بايجرز” وأجهزة اللاسلكي.
إلّا أن الحزب توعّد إسرائيل على لسان نائب أمينه العام نعيم قاسم، الذي قال إن “الحساب بات مفتوحاً”، لأن العمليات النوعية ضدّه كانت كثيرة في الأسبوع الماضي وكلها تستوجب ردوداً نوعية، لكنه في الوقت نفسه سيحرص على ألا ينجر إلى حرب شاملة لا تخدم مصلحته وتهدّد لبنان بسيناريو غزّة.
هذه الرسالة أرسلها رئيس مجلس النواب نبيه برّي ليل أمس بحديث صحافي، قال خلاله إن لبنان لن يقع في فخ إسرائيل ولن ينجر إلى حرب شاملة، هو يلتزم قواعد الاشتباك، وبالتالي فإن نيّة “حزب الله” واضحة وهي عدم التصعيد مع الإبقاء على ردوده بدرجة أقل من الاستهدافات الإسرائيلية، وهذا ما أكّده الميدان في الفترة الأخيرة.
في سياق، من المرتقب أن يصل المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت في الساعات المقبلة، ليُلاقي بطريقة أو بأخرى طروحات جنبلاط لجهة وقف إطلاق النار والإلتزام بالقرار 1701، وتكتسب الزيارة أهمية كون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أضاف من زخم دبلوماسيته على خط لبنان – إسرائيل وتواصل مع نتنياهو قبل أيام.
وحسب المعلومات، سيطرح لودريان أفكاراً منسقة مع السعودية للتخفيف من حدّة التصعيد جنوباً، وقد يتلاقى مع الطروحات الأميركية عبر التطرّق إلى ما يطرح مبعوث الولايات المتحدة آموس هوكشتاين، لكن الآمال على إحداث خرق فعلي ضئيلة جداً، كون الولايات المتحدة نفسها لم تتمكّن من تحقيق نتائج فعلية، ونتنياهو يستغل فترة الوقت الضائع حتى الانتخابات الأميركية ليُنفّذ مشاريعه في المنطقة.
إذاً، فإن المنطقة على شفير هاوية خطيرة وفق وصف الأمم المتحدة، وفي حال لم تتوقف إسرائيل عن تصعيدها ولم يسر “حزب الله” بالتسويات، فإن تهديد الحرب الشاملة قد يُصبح واقعاً لا مفر منه، وهذا ما يتم التحذير منه وبشكل كبير في الفترة الأخيرة.