سياسةمحليات لبنانية
قالت الصحف: اللبنانيون ينتظرون مفاجآت لودريان و”اجراءاته الوطنية”
الحوارنيوز – خاص
حال الصحف كحال أهل السياسة: حذر وتحذر.
حذر من المرحلة المقبلة وسط مؤشرات اقتصادية تبشر بمزيد من الانهيارات. وتحذر لمل قد يكون في جعبة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان على الرغم من وضوحه في تغريدته المسائية أمس: لقد اتخذنا تدابير وطنية وسنواجه بشدة من يعرقل تشكيل الحكومة!
-
صحيفة “النهار” عنونت:” لودريان مهددا: سنتعامل بحزم مع المعطلين” وكتبت تقول:” حال الوصول المتأخر لوزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت الى ما بعد منتصف الليل الفائت دون تمكن الكثيرين من المعنيين الرسميين والسياسيين من تلمس بعض المعطيات الدقيقة التي تتضمنها زيارته التي توصف على نطاق واسع بانها ستكون حاسمة لمسار المبادرة الفرنسية في لبنان ابنة الثمانية اشهر وتاليا لمصير أزمة تشكيل الحكومة الجديدة .
ولكن لودريان نفسه لم يتأخر في استباق لقاءاته في بيروت، فأرسل مساء من خلال تغريدة عبر “تويتر” العنوان الأكثر تشددا لزيارته اذ كتب:”سأكون في لبنان يوم غد (اليوم) موجهاً رسالة شديدة اللهجة الى المسؤولين السياسيين ورسالة تعبر عن تضامننا التام مع اللبنانيين وسنتعامل بحزم مع الذين يعطلون تشكيل الحكومة . لقد اتخذنا تدابير وطنية وهذه ليست سوى البداية “. وأضاف: تؤكّد زيارتي أيضًا تضامن فرنسا في مجال التعليم والطبابة والآثار، ودعمها اللبنانيين الذين يبذلون قصارى جهدهم من أجل بلدهم” .
الاعتذار ليس حتميا
وإذا كان من الطبيعي ان تتركز الأنظار بل والمخاوف على تنامي الكلام عن امكان اقدام رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على الاعتذار عن إكمال مهمته في تشكيل الحكومة، فان المعطيات التي تؤكّدها مصادر مسؤولة في “تيار المستقبل” لـ”النهار” تشير إلى أنّ الاعتذار لم يصبح أمراً حتميّاً بالنسبة إلى توجّهات “بيت الوسط”، باعتبار أن الحريري لم يتّخذ قراراً بالاعتذار عن عدم التأليف حتى اللحظة؛ لكن الاعتذار أضحى خياراً ممكناً ووارداً ومرتبطاً بجملة من الاعتبارات والظروف في حال استمرار الإغلاق الكامل على إمكان استيلاد حكومة اختصاص غير حزبيّة. وتلفت الى ان خيار الاعتذار كان مستبعداً في مرحلة سابقة، لكنّه بات قائماً ومبنيّاً على بعض المعطيات راهناً. وتقوم هذه المعطيات على اعتبار أنّه إذا لم تؤدِّ الضغوط الأخيرة في سبيل التأليف إلى نتائج على طريقة محاولة تحريك المياه الراكدة، فإنّ البلد لا يستطيع الانتظار أكثر في ظلّ المراوحة ما يعني الاتجاه نحو الانهيار الكامل. وتلفت المصادر إلى أنّ ما لا يمكن أن يقبله الحريري هو تصنيفه في خانة المعطّلين أو المعرقلين، موجّهةً أصابع الاتهام بالتعطيل باتجاه النائب جبران باسيل لكونه يستخدم الاستحقاق الحكومي لاعتبارات شخصية. وتفيد المعطيات بأنّ مجموعة أفكار بدأت تُبحث في حال سلوك طريق الاعتذار، ومن بينها العمل على تحصين استحقاق الانتخابات النيابية العامة 2022، من خلال الاتجاه إلى تمتين الوضع مع الحلفاء ومنع تأجيل الانتخابات، التي ستكتب عنوان المرحلة المقبلة من شدّ الحبال بين المحاور السياسية، علماً أن هذه الأفكار لا تزال في طور وضع الاحتمالات ولم تتحوّل إلى خريطة طريق حتى الآن.
في المقابل تشير الأوساط المطلعة على أجواء رئيس الجمهورية الى ان بعبدا لا تزال تترقّب وتنتظر ما يمكن أن يطرحه لودريان من أفكار، وإذا كان ثمّة من أسئلة تحتاج إلى ايضاحات في ملفات الساعة القابلة للتداول. وتقول إنّ رئيس الجمهورية يعتزم ايضاح كلّ التفاصيل المتعلّقة بالملف اللبناني، بما في ذلك موضوع الحكومة وموضوع ترسيم الحدود البحريّة. وترى الأوساط أنّ أحداً لا يستطيع الجزم في ما ستحمل معها زيارة لودريان، خلافاُ لما يتناقل على الصعيد اللبناني، وهو قد يحمل عتباً أو حلّاً أو مبادرة أو إنذارات، فيما الموقف الفرنسي المعلن واضح لناحية ضرورة تشكيل حكومة متخصّصة تساهم في تنفيذ الإصلاحات. ولا يعلّق فريق العهد على الخيارات التي يمكن أن يتّخذها الرئيس المكلّف في الأيام المقبلة، مع اعتبار خيار الاعتذار بمثابة شأن خاص وقرار يعني الحريري.
-
صحيفة “الأخبار” عنونت:” لودريان يهدد والحريري يجمد الاعتذار” ونقلت عن مصادر مطلعة، قولها إن الزيارة تُعطى أكثر من حجمها، كما لو أنها الفرصة الأخيرة أمام لبنان، مشيرة إلى أن “الفرنسيين يحملِون عصا العقوبات بيد، وفي اليد الأخرى مبادرتهم التي فقدت تأثيرها، فكيف يريدون لأحد أن يتجاوب معهم؟”. وقالت المصادر إن “صدى الصوت الفرنسي أكبر من الحجم الحقيقي لدولة تلعب دوراً في ظل غياب اللاعبين الأصليين، أي في الوقت الضائع، ولا قدرة لديها على فرض مشروع محدد، نظراً إلى أن سياستها تفتقِد الأدوات التنفيذية”.
كذلك اعتبرت أوساط سياسية بارزة أن الزيارة ليست ذات أهمية، إلا في حال طرأت مفاجأة جديدة من شأنها خلط الأوراق، وهنا تحدثت الأوساط بكلام جرى التداول به، عن محاولات فرنسية لجمع الحريري وباسيل معاً، على اعتبار أنهما المعرقلان الرئيسيان لتأليف الحكومة، فإذا “تمكّن لودريان من جمعهما، فساعتئذٍ يمكن القول إن الزيارة حققت تقدماً ما”. وبينما قالت الأوساط إن “خيار الاعتذار وُضع جانباً، مبدئياً”، اعتبرت أن الحديث عن “خاسر ورابح في الداخل سابق لأوانه، وأن المعادلات الإقليمية الجديدة لن تكون لها ترجمة قريبة وفورية، بل تحتاج إلى وقت”. ولفتت إلى أن هناك عنصراً يجب عدم تجاهله، ألا وهو أن “الحريري لم يعتذر ولا يزال رئيساً مكلفاً وموجوداً في المعادلة الداخلية، ولا يزال أطراف أساسيون يفضّلونه على غيره”، ثم إن صعوبات الاتفاق على أسس المرحلة المقبلة أعقد من مسألة الاتفاق على اسم رئيس الحكومة، وبالإمكان أن يأخد وقتاً أكثر من أشهر التكليف، وهذا كله يُدفع من روزنامة “ما تبقّى من العهد”، وبالتالي خسارة الحريري لا تعني بالتأكيد فوز الآخرين.
-
صحيفة “الانباء” الالكترونية كتبت تقول:”… مصادر بيت الوسط التي نفت علمها ببرنامج زيارة المسؤول الفرنسي لم تؤكد ما إذا كان لودريان سيلتقي الرئيس المكلف سعد الحريري، لكنها أشارت الى أنه إذا لم تشمل الزيارة بيت الوسط فإنه لن يكون لها معنى، “وقد يكتب لها الفشل من قبل أن تبدأ، على إعتبار ان الحريري لولب الحركة السياسية المحلية، والمعني أكثر من غيره في تأليف الحكومة، وباعتباره الرئيس المكلف وسيكون في صلب المحادثات التي سيجريها أي موفد الى لبنان”.
وفي موقف مختلف عما يشاع، أكدت المصادر نفسها لـ “الأنباء” الإلكترونية “عدم نية الرئيس الحريري الإعتذار عن تشكيل الحكومة”، متهمة “فريق بعبدا بالترويج لمثل هذه الشائعات بعد رفضه فكرة اللقاء مع النائب جبران باسيل”.
في هذا السياق أوضح عضو كتلة المستقبل النائب بكر الحجيري لـ “الأنباء” الإلكترونية أن “لا شيء مؤكداً في ما خص إعتذار الحريري، لكنه في المقابل لن يبقى متفرجا على إنهيار البلد والطريقة التي تدار فيها الأمور”. وأشار الى أن “الحريري كان يستند في كل تحركاته وإتصالاته على المبادرة الفرنسية، وإذا ما لمس أن الفرنسيين سيتخلون عن مبادرتهم قد يكون له موقف آخر، لكنه حتى الساعة ليس لديه قرار بالتراجع”.
ولفت الحجيري الى أن “الحريري يرفض لقاء باسيل كما يرفض لقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد”، متهما القوى السياسية “بعدم التجاوب مع المبادرة الفرنسية على عكس ما جرى تأكيده للرئيس ماكرون”. وتوقع الحجيري أن “يوجه لودريان لهذه القيادات التي ثبت عرقلتها رسائل شديدة اللهجة قد تصل لدرجة إتخاذ إجراءات بحقهم”.
مصادر سياسية مواكبة لزيارة الوزير الفرنسي توقعت لـ “الأنباء” الإلكترونية “عدم إعتذار الحريري عن التكليف لأنه لا يريد إعطاء الرئيس ميشال عون وفريقه هدية مجانية، وقد يسعى الى شيء وسطي بين الإعتذار والإستمرار بالتكليف عن طريق الإستنكاف أو الإعتكاف، ما قد يوقف عملية المشاورات، إلا أنه لم يعد بوارد تقديم أوراق عملية لعون، ما يرفع من مستوى المواجهة مع العهد بشكل مباشر بعد أن أصبح واضحا أن هناك عملية “دفش” للحريري للإعتذار والتلويح بأسماء على شاكلة حسان دياب مصابة بالبهتان السياسي، لأن عون لا يستطيع أن يتحمل في آخر سنة من عهده رئيس حكومة قوي في طائفته”.
في المقابل مصادر التيار الوطني الحر أملت في حديث مع “الأنباء الإلكترونية أن “تسهم زيارة لودريان بحلحلة العقد، وأن يتمكن من إقناع الحريري بأن تسمية الوزراء المسيحيين تخص رئيس الجمهورية دون غيره”. وشددت على “وحدة المعايير، وحق الرئيس عون في إبداء رأيه في أسماء الوزراء المقترحين، لكي يختار منها من يشاء ومن تثبت أهليته ليكون وزيرا في الحكومة”.
وفي غضون ذلك عاد التعقيد الى مفاوضات ترسيم الحدود البحرية التي تعرضت لنكسة بعد جلسة واحدة، إذ تم تعليق جلسة الأمس. وقد رأت مصادر مواكبة أن تأجيل الاجتماع “إنطلق من أمرين: الأول لبناني يتعلق بتريث الجانب اللبناني إنطلاقا من خلفيات تتعلق بأجندته وحساباته الخاصة التي قد لا تتماشى مع حسابات المفاوض الإسرائيلي والشريك الأميركي. والثاني أميركي ويتعلق بموقف الجانب الأميركي الذي يرفض الخروج عن النص الذي بين يديه بما يخص تعديل المرسوم أو تبديله بعد رفض رئيس الجمهورية التوقيع عليه مهددا بسحب يده من الموضوع ما يعني ان المفاوضات بشق منها دخلت مرحلة تضييع الوقت”.
-
صحيفة نداء الوطن وضعت زيارة لودريان في سياق سعي الرئيس ايمانويل ماكرون لإنجاز دبلوماسي في سياق معركته الرئاسية ونقلت عن:” مراقبين فرنسيين متابعين عن كثب للوضع اللبناني وللعلاقة الفرنسية – اللبنانية، قولهم ” أنه لا يمكن للرئيس الفرنسي أن يتخلى عن القضية اللبنانية ويتوقف عن ممارسة الضغط لأنّ لبنان يحتل حيزاً مهماً من الاهتمام على الساحة الفرنسية، كما أنّ ماكرون بحاجة إلى “انتصار دبلوماسي” عشية موعد انتخابات الرئاسة بعد أقل من سنة، إذ بدأت فترة الحملة الانتخابية، ورغم أنّ ماكرون لم يعلن بعد عن نواياه بالترشّح لولاية رئاسية ثانية، لكنّ ترشحه شبه مؤكد.
وبينما لا توجد شكوك في احتمال حصول المزيد من الانهيار في لبنان، أتى التحرك الفرنسي الذي نال تأييداً كبيراً من الطبقة السياسية الفرنسية، من أقصى اليمين إلى اليسار، عندما زار ماكرون لبنان غداة انفجار المرفأ، لكنه بقي عاجزاً عن تحقيق أي ربح لحساب ديبلوماسيته الخارجية تحت وطأة التعطيل السائد في الحياة السياسية اللبنانية وفشل الطبقة الحاكمة في البلد، وهذا الأمر سرعان ما أثار انتقادات من معارضي ماكرون الذين وجدوا “فرصة ذهبية” للتشهير بجهوده في الملف اللبناني معتبرين انها فشلت. ولذلك فإنّ ماكرون يحتاج اليوم إلى جهود لودريان الذي تجمعه علاقة متينة به، لا سيما وأنه يُعتبر ركناً أساسياً ذا وزن ثقيل في الحزب الاشتراكي الفرنسي، وكان قد شغل منصب وزير الدفاع طوال فترة رئاسة فرنسوا هولاند، وبقي طيلة فترة رئاسة ماكرون في منصبه وزيراً للخارجية، فضلاً عن أنه مستشار للمجلس الإقليمي في منطقة البروتاني، وعليه فإنّ ماكرون يعتمد على وزير خارجيته مستقبلاً لجلب أصوات “اليسار الاشتراكي” وله هامش تحرك كبير وحرية كلام كبيرة كوزير لخارجية، خصوصاً وأنّ الرئيس الفرنسي تقليدياً يهيمن وفريقه على الملفات الخارجية المهمّة ومن بينها الملف اللبناني.