قالت الصحف: العلاقة بين تصعيد باسيل وتقدم المبادرة الفرنسية
الحوارنيوز – خاص
مؤشران أجمعت عليهما صحف اليوم: تقدم في المبادرة الفرنسية وتصعيد رئيس كتلة لبنان القوي النائب جبران باسيل بوجه المرشح لرئاسة الجمهورية النائب سليمان فرنجية.
هل ثمة علاقة بين المؤشرين؟
هل تبنت المبادرة الفرنسية – السعودية ترشيح فرنجية ما سرع في مواقف باسيل بغرض حرق ترشح الأخير أو حرق المبادرة بذاتها؟
ماذا في تفاصيل الإفتتاحيات؟
- صحيفة النهار عنونت: هجمة باسيل التصاعدية واجهة لتمديد الفراغ
وكتبت تقول: تكاد أزمات البلاد بمجملها تغدو تفصيلا هامشيا منسيا امام ملهاة مريبة هدفها المضمر إطالة امد الفراغ الرئاسي فيما يزعم ابطال الملهاة ان هدفهم الأول والأخير استعجال انتخاب رئيس الجمهورية الجديد. هذه الملهاة تتمثل في احتدام المناورات المتعلقة بمبارزة قطبي الترشح للرئاسة في محور 8 اذار النائب جبران باسيل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية علما ان رئيس “التيار الوطني الحر” حول حربه على فرنجية الى حملة تعويم ذاتية له من خلال تجواله بين قطر وباريس وتحويله المحطة الباريسية منصة لإلغاء منافسه في حملة مضخمة أراد لها ان يعوض تراجع نفوذ تياره وانتفاء حظوظ وراثة الرئيس الثالث عشر عقب انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون. غير ان أياما عدة مرت والملهاة اخذة في التمادي ومجلس النواب قدم عرضه الفاشل السادس تواليا من دون رفة جفن، وسط استمرار الملهاة التي باتت تطوي مخططا مشبوها، أكثر من الفعل المشبوه بالتسبب بالفراغ، يشي بان استعار حرب المتنافسين ضمن محور الممانعة، وعلى يد باسيل تحديدا باعتبار ان فرنجية لم يظهر مرة في موقع المبادر الهجومي، ينطوي على أمور مبيتة يختبئ وراءها معطلو الاستحقاق الرئاسي وتتجاوز حتى هدف الاتيان بالرئيس “الذي نريد” كما سبق للنائب محمد رعد ان أفصح عنه.
لم تعد التسريبات والتصريحات والمعطيات التي يجري ترويجها إعلاميا ودعائيا عن حشرة “حزب الله” بين هذه العين وتلك العين الأخرى تقنع كثيرين مع التصعيد “البطولي” لهجمة باسيل من قلب فرنسا على حلفاء أساسيين للحزب وتحديدا على رئيس مجلس النواب نبيه بري والوزير السابق سليمان فرنجية. اذ تتساءل أوساط ديبلوماسية وسياسية عديدة كيف ولماذا أسلس باسيل القياد لنفسه بإطلاق الحملة الشعواء الحادة من باريس وليس من بيروت لو لم يكن غير متهيب غضبا او سخطا من حليفه الشيعي “حزب الله” اقله بداعي استدراج تدخل فرنسي وخارجي موصوف في الاستحقاق السيادي الأول؟ ولذا تكبر الشبهة حول استفادة الحزب وتوظيفه للخلاف الحاد بين باسيل وفرنجية لغسل يديه من دماء السباق الماروني حتى ضمن محوره والبقاء في القيادة الخلفية في حقبة الإبقاء على الفراغ الذي تتضح دوافعه الإقليمية أكثر فأكثر.
ماكرون وبن سلمان
وفي هذا السياق تتخذ عملية التواصل الفرنسي السعودي حول لبنان دلالاتها الأبرز في مواجهة التعطيل والفراغ. وأمس دعا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى “انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان في أقرب وقت”. وقد التقى ماكرون في بانكوك ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان على هامش قمة بلدان آسيا وجزر المحيط الهادئ، وفق ما أفاد الاليزيه. وبحث الجانبان الوضع في لبنان والحرب في أوكرانيا، بحسب الرئاسة الفرنسية.
وخلال اتصال هاتفي السبت الماضي توافق ماكرون وبن سلمان على “تعزيز تعاونهما لتلبية الحاجات الإنسانية للبنان” وشدد ماكرون أيضا على “ضرورة انتخاب رئيس في أقرب وقت، بهدف حسن تنفيذ برنامج الإصلاحات البنيوية التي لا غنى عنها لنهوض” لبنان.
- صحيفة الأخبار عنونت: باريس تتحضر لمبادرة أكثر وضوحاً
وكتبت تقول: مع قناعة جميع اللاعبين بأن وقت التفاهم لم يحن بعد بشأن الانتخابات الرئاسية. فإن انتظار نتائج من جلسات المجلس النيابي يبدو من دون طائل. لكن ذلك لا يمنع أن الجهود التي تبذل جانبياً باتت أكثر سرعة وكثافة من السابق، خصوصاً أن الطرف الخارجي يسعى إلى كسب لحظة الانقسامات الداخلية الواسعة لتمرير تفاهم يناسبه ولا يغضب اللبنانيين، وسط نقاش لم ينته بعد إلى نتيجة حول ما إذا كانت الولايات المتحدة والسعودية تريدان استقراراً فعلياً في لبنان، أم أنهما تدعمان فكرة تمادي الانهيار للدولة والمؤسسات والاقتصاد، مراهنتين على استسلام سياسي لبناني يتيح لهما إعادة تركيبة الحكم في لبنان بطريقة مختلفة.
ومرة جديدة، يشعر الجميع بأن كلمة السر التي ستفتح الأبواب أمام الحل ستأتي من الخارج، حتى ولو كانت نتيجة مشاورات وصفقات مع أطراف لبنانية. وفي هذه النقطة بالتحديد، يبرز الدور الفرنسي باعتباره العنصر الأبرز خارجياً، كون باريس لا تمثل نفسها في هذه المفاوضات، بل هي تعمل وفق مستوى معين من التفويض الأميركي وترغب بالحصول على تفويض مشابه من السعودية، ومتى توافر لها ذلك تعتقد أن بمقدورها التوصل إلى اتفاق يعيد تنظيم الحياة في مؤسسات الدولة، وحتى يتوضح فعلياً حجم التفويض المعطى للفرنسيين، فإن باريس حصرت جهودها في الآونة الأخيرة مع الأطراف التي تعتبرها صاحبة حق النقض أو صاحبة القدرة على تعطيل أي مشروع رئاسي أو حكومي أو حتى اقتصادي.
لكن المفارقة القائمة، لا تتعلق بالتناقضات اللبنانية حول الملف الرئاسي فقط، بل في كون ما هو ظاهر الآن، يتركز على خلافات جدية تعصف بالفريق السياسي الحليف لحزب الله، وهو فريق يشمل الحزب والتيار الوطني الحر وحركة أمل وتيار المردة وشخصيات أخرى. بينما لا يبدو الفريق الآخر الذي لا يمكن اعتباره متماسكاً بصورة دائمة، قادراً على فرض مسار يقود إلى نتيجة حاسمة. والأمر هنا يتصل أساساً بأن الحزب التقدمي الاشتراكي ليس منخرطاً بصورة مطلقة بلعبة ترشيح خصم لحزب الله مثل النائب ميشال معوض، كما أن قوى أخرى مثل «القوات اللبنانية» تبدو في النهاية أكثر التزاماً بما ستصل إليه السعودية من مفاوضات مع الأميركيين والفرنسيين والآخرين.
وبالعودة إلى تفاصيل الجهود الفرنسية. فقد أعدت السفيرة في بيروت آن غريو، برنامج لقاءات واتصالات من نوع مختلف عن المرحلة السابقة. حيث أنجزت المهمة الأولى بالاستطلاع العام، وباتت باريس على معرفة دقيقة بالمواقف الفعلية لجميع الأطراف. لكن باريس التي تسعى لأن تكون صاحبة الدور الأبرز، تسعى أيضاً لعدم ترك دورها رهن الملف الرئاسي فقط، بل هي تسعى لوضعية لبنانية تتيح لها بناء تحالفات تسمح لها بلعب دور مستدام، لا يحتاج إلى مصادقة أميركية دائمة. وهذا ما يجعل الفرنسيين يناقشون الأمر من زوايا مختلفة، وفي هذا السياق يسعى الفرنسيون إلى وضع خريطة طريق جديدة تفضي إلى التقدم بمبادرة واضحة للانتخابات الرئاسية معطوفة على الملف الحكومي والملف الاقتصادي أيضاً. وقد تنتظر هذه المبادرة المزيد من المشاورات الفرنسية مع الآخرين، خصوصاً مع الولايات المتحدة التي سيزورها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قريباً إلى جانب المحادثات القائمة مع الجانب السعودي والتي يحرص الطرفان على عدم تناولها إعلامياً ولا حتى في المجالس الخاصة.
وبناء عليه، يعمل الفرنسيون الآن على خط رئيسي لا يقتصر على حوار مفتوح ودائم مع حزب الله، بل على السير في تواصل أوسع مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ومع البطريرك الماروني بشارة الراعي. حيث يبدو أن هناك رهاناً مشتركاً لدى باريس من جهة والراعي وباسيل من جهة أخرى على إنتاج اسم من خارج الأقطاب البارزين، مثل زياد بارود، وتأمين توافق مسيحي أكبر عليه، انطلاقاً من شعور قوي لدى باسيل والراعي أن الأخير قادر على أن يكون مقنعاً لبقية المكونات المسيحية، بالتالي، سيكون سهلاً على الفرنسيين العمل على تسويقه عند بقية الأطراف في لبنان وخارجه، وسيضطر الأطراف في الجبهة الأخرى من الرئيس نبيه بري إلى حزب الله إلى النائب السابق وليد جنبلاط للسير به، إما لأن بعضهم (بري وجنبلاط) قد لا يجد مشكلة في تسوية مع بارود، أو لأن طرفاً مثل حزب الله سيكون الأكثر حرجاً بين جميع اللاعبين. وهذه النقطة وحدها، تستدعي نقاشاً من نوع آخر بين الحزب والتيار الوطني الحر.
- صحيفة الجمهورية عنونت: لبنان بين ماكرون وبن سلمان.. وخياران للحل: توافق بالتراضي.. أو تسوية بالإكراه
وكتبت تقول: تشي الوقائع المرتبطة بالملف الرئاسي، باستحالة ردم الفجوة التي تفصل ما بين أطراف الصراع الداخلي، وهذه الاستحالة تتأكّد بالدليل القاطع في جلسات الفشل في انتخاب رئيس للجمهورية. فيما ظلّ الملف اللبناني حاضراً على مائدة الدول، حيث كان ملف لبنان من ضمن جدول اعمال اللقاء الذي عُقد في بانكوك أمس، بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، على هامش قمة بلدان آسيا وجزر المحيط الهادئ. وفي بيان للإليزيه، فإنّ الجانبين بحثا الوضع في لبنان والحرب في أوكرانيا. ودعا الرئيس ماكرون الى «انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان في أقرب وقت، بهدف حسن تنفيذ برنامج الإصلاحات البنيوية التي لا غنى عنها لنهوض لبنان». وكان اتصال هاتفي قد جرى بين ماكرون وبن سلمان قبل ايام، توافقا خلاله على «تعزيز تعاونهما لتلبية الحاجات الإنسانية للبنان».
في الصورة الداخلية الملبّدة بكمّ لا يُحصى من التعقيدات تُضاف اليها نوايا صريحة بالاشتباك، لا المعارضة المشتتة، قادرة على ان توحّد صفوفها حول مرشّح معين، وإنْ حصلت معجزة وفعلت، وحشدت له كلّ مساحاتها الصّوتية، ومنحته إيّاها مجتمعة صبّة واحدة، فلن تؤمّن له الاكثرية التي تمكّنه من العبور إلى القصر الجمهوري. ولا جبهة الخصوم المشتتة بدورها، قادرة على جمع شملها، ولا على الالتفاف حول مرشح معيّن وحسم انتخابه. وما بين الجبهتين المتصادمتين هروبٌ متعمّد من محاولة بناء مساحة توافق لحسم هذا الملف، والتشارك في إلقاء السنارة الرئاسية في بحر الفراغ واصطياد الرئيس التوافقي.
يقدّم هذا المشهد شهادة لا لبس فيها، عمّا بلغته الحياة السياسية من انحدار، وما تشهده الجلسات الانتخابية الفاشلة يلخّص مدى الانقسام الداخلي، والعجز الفاضح لأطرافه عن استيلاد رئيس. والجنوح فقط نحو تعميق الفجوة أكثر، وإبقاء الملف الرئاسي قابعاً في قعرها، مقّيداً بالتحدّي والأحقاد والكيديات والاستفزازات والنكايات والافتراءات والمراهقات والولدنات، التي تتبدّى في تلك الجلسات وخارجها، كما في السفرات الخارجية لبعض المنتفخين.
كل الأوراق مكشوفة
وعلى ما تؤشر الوقائع، فإنّ المراوحة الصدامية طويلة الأمد، فأوراق جميع الأطراف باتت مكشوفة، وكذلك حجم كل منها، ومدى قوة حضوره وفعاليته في الملف الرئاسي، والخلفيات والدوافع والحسابات التي يرتكز اليها كل طرف في تغليبه لمنطق التحدّي والخصام على منطق التفاهم والوئام. وإذا كانت بعض الاوساط السياسية قد قدّرت لهذه المراوحة ان تستمر لأسابيع قليلة، ارتكازاً على انّ البلد لا يحتمل الاستمرار في دوامة فارغة تعمّق أزمته أكثر وتزيد من معاناة الناس، الّا انّ بقاءها في مدار الصوت العالي بلا ضوابط، سيمدّها حتماً الى أشهر وربما أكثر، ويشحنها بتعقيدات صعبة وألغام تستحيل فكفكة صواعقها. وعلى ما يقول مسؤول كبير “الجمهورية”، إنّ «هذه المراوحة بالغيوم الداكنة التي تظللها، قد تخلق واقعاً مأساوياً، يصبح معه لبنان اشبه بلقيط مرمي على رصيف الدول، ينتظر يداً تلتقطه، فلا يجدها».