قالت الصحف: السياسة والنقد في بورصة المزاج الأميركي
الحوارنيوز – خاص
لم يتبدل المشهد السياسي فالمواقف على حالها، العهد والحلفاء يحاولون إقناع الرئيس سعد الحريري بحكومة تكنوسياسية تستدعيها الأوضاع الإستثنائية في لبنان والمنطقة، والحريري على شروطه دون تليين أو تبديل. أما سعر الأزمة القتصادية والنقدية لا زالت على حالها أيضا مع تبدل مفاجيء، قضى بإنخفاض سعر صرف الدولار الأميركي الى 1850 ليرة لبنانية "عد إعلان نقابة الصيارفة الاضراب اليوم رفضا للاتهامات الموجهة الى الصيارفة وتحميلهم وزر ارتفاع الدولار"، وفقا لصحيفة "النهار".
صحيفة "النهار" عنونت:" التكليف عالق والضغوط المالية الى اشتداد" وكتبت تقول: على نحو أشبه ما يكون بتموجات البورصة يتخبط المشهد الداخلي سياسياً ومالياً واقتصادياً بين هبّات باردة وأخرى ساخنة من دون أي أفق واضح سواء في ما يتصل بأزمة التكليف والتأليف في الاستحقاق الحكومي العالق عند استعصاء اختيار الرئيس المكلف، أو في ما يتعلق بلجم الاندفاعات الخطرة للتأزم المالي والاقتصادي المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتأخير المتمادي في اطلاق المسار الدستوري لتأليف الحكومة.
وبرزت أمس على نحو أكثر وضوحاً الضغوط الدولية والعربية المتنامية على لبنان لاستعجال تأليف حكومة منسجمة مع مطالب الانتفاضة الشعبية الأمر الذي يشكّل عاملاً ثابتاً لم يعد ممكناً تجاوزه في المشاورات والمساعي السياسية لاختراق جدار التأزم السياسي الذي يحول دون تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة الجديدة. واذا كانت بورصة المناورات السياسية سجّلت أمس فصولاً جديدة من التبريرات لتأخير الاستشارات، فإن ملف الأزمة المالية والاقتصادية صعد بقوة الى واجهة الأولويات الملحّة في ظل تطورات متسارعة أملت مبادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مرة جديدة الى الدعوة الى اجتماع مالي اليوم في قصر بعبدا واسترعى الانتباه مجدداً أن رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري لم يُدع اليه. وأعلنت رئاسة الجمهورية أن اجتماعاً مالياً يعقد في بعبدا اليوم برئاسة الرئيس عون وحضور الوزراء في حكومة تصريف الأعمال: المال علي حسن خليل، الاقتصاد منصور بطيش، الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات عادل أفيوني والدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رئيس جمعية مصارف لبنان سليم صفير، رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود والمستشار الاقتصادي للرئيس الحريري نديم المنلا، لعرض الأوضاع المالية في البلاد.
ويأتي الاجتماع غداة تطورات مالية تركت أصداء متناقضة على المشهد المأزوم سواء في ما يتصل بموضوع المتانة المالية لمواجهة أخطار أزمة السيولة المالية، أم في ما يتعلق بسعر الدولار الموازي.
وكان مصدر مالي مطلع أكد أن لبنان سدّد سندات دولية قيمتها 1,5 مليار دولار استحقت أمس، فضلاً عن قسيمة العائد.
وأبدى مصرف لبنان في وقت سابق استعداده لسداد استحقاقات السندات الدولارية عند حلول أجلها من أجل حماية الاستقرار المالي للدولة.
ونقلت وكالة "رويترز" عن كبير محللي الأسواق الناشئة لدى "كابيتال إيكونومكس" جايسون توفي أن السداد سيضع المزيد من الضغوط على الاحتياطات المنهكة بالفعل، حيث لا تكفي لتغطية احتياجات لبنان التمويلية على مدى السنة المقبلة والبالغة 100 مليار دولار.
وأفاد المصرف المركزي هذا الشهر أن لديه احتياطات من النقد الأجنبي متاحة للاستخدام قدرها 30 مليار دولار وأصولاً اجمالية بقيمة 38 مليار دولار.
وقال فاروق سوسا كبير الخبراء الاقتصاديين لدى "غولدمان ساكس": "يستنزف سداد استحقاقات السندات الدولية احتياطات النقد الأجنبي بقدر حيازة غير المقيمين لها، لذا وفي هذه الحالة، فإن الاستنزاف يُقدر بنحو 1,5 مليار دولار. ومع تعمقنا في المنحنى اللبناني، نجد أن الحيازات الأجنبية تهبط بشكل كبير، وهو ما يعني أن سداد استحقاقات السندات الدولية سيصبح أقل عبئا على الاحتياطات".
وقال ناصر السعيدي، النائب السابق لحاكم مصرف لبنان، إن التخلف عن سداد 1,5 مليار دولار كان سيُعد تصرفاً خاطئاً ويضع لبنان في مسار تباطؤ اقتصادي.
وأضاف: "من المهم في هذه المرحلة الحرجة إعادة بناء الثقة في القطاع المصرفي وتفادي أعمال أو إجراءات سياسية من شأنها أن تزيد الضعف المالي".
اما التطور المفاجئ فتمثل في تراجع سعر الدولار لدى الصيارفة بعد ظهر أمس من سقف 2350 ليرة الى ما بين 1850 و2000 ليرة للدولار بعد إعلان نقابة الصيارفة الاضراب اليوم رفضا للاتهامات الموجهة الى الصيارفة وتحميلهم وزر ارتفاع الدولار. وعلم أن عدداً كبيراً من المواطنين الذي قبضوا رواتبهم بالدولار، تهافتوا الى مكاتب الصيارفة لبيع الدولار وشراء الليرة من أجل تحقيق بعض المكاسب، ما دفع سعر الصرف الى التراجع، اضافة الى تراجع الطلب على الدولار لدى الصيارفة من الشركات العاملة في قطاع المحروقات مع دخول الاضراب المفتوح للمحطات حيّز التنفيذ.
بدورها عنونت صحيفة "الأخبار": "سعد الحريري كفى لهوا بمصير البلد" وكتبت تقول: صار المضاربون أسياد السوق. خفضوا سعر الدولار أمس إلى ما دون 1800 ليرة، بعدما أوصلوه إلى 2400 ليرة، من دون أن يحاسبهم أحد. في الأساس، كل السلطات التنفيذية والمالية والنقدية انكفأت عن القيام بدورها. سعد الحريري يلهو بمصير اللبنانيين سعياً منه لتحقيق مكاسب مستحيلة. يفاوض بمدّخرات الفقراء ويرفض القيام بواجبه، ثم يتدلّل. لكن إلى متى؟
لا مثيل لعجز السلطة. من تغنّى طويلاً بأن "البلد ماشي" صار لزاماً عليه أن يوضّح لماذا البلد "واقف" اليوم، والأهم لماذا لا يبالي بأن "البلد واقف". يتحسّس رئيس الحكومة المستقيل عندما يُذكّر بأن مأساة اليوم صنعها والده بالأمس، وغذّاها هو طوال السنوات السابقة. يرى أن الحديث عن تراكم 30 عاماً من السياسات الفاشلة هو افتراء على "الحريرية". ثم يعتبر أن تحميله مسؤولية ما وصلت إليه الأمور هو ظلم لا يقبله. كل ذلك لا يهمّ. في لحظات، نزع عنه ثوب الحكم ولبس لبوس "الثوار"، متوهماً أنه فعلاً يمثّل الشارع المنتفض، في الأساس، نتيجة السياسات الاقتصادية التي ورثها ثم تبنّاها، فشاركها مع من دخلوا معه في تسويات، وصولاً إلى لحظة الانهيار.
يتابع سعد الحريري ما يجري في البلد، لكنه لا يبالي. يعتقد بأنه يملك ترف المراوغة و"التكتكة" السياسية، ولا يرى أن الناس تُذلّ يومياً في المصارف لتحصل على أموالها، فيما هو لا يتردّد عن تسديد فوائد الدائنين، حرصاً على "سمعة لبنان". فوائد الدين مقدّسة، أما أموال الناس فمباح السطو عليها، حتى لو برعاية القوى الأمنية. دفع مصرف لبنان سندات دين وفوائدها بقيمة 1580 مليار ليرة للدائنين الخارجيين والداخليين ومنهم مصارف، فيما تلك المصارف، بالرغم من حصولها على 380 مليون دولار من مصرف لبنان، لا تسمح للمودعين وأغلبهم من محدودي الدخل بالحصول على أكثر من 300 دولار أسبوعياً من مدخراتهم. الحريري يحترم كلمته وقد قال في مؤتمر سيدر إن التزامات لبنان لا تُمسّ. ولذلك، عندما تحدث وزير المال علي حسن خليل عن إعادة هيكلة الدين، جنّ جنون حماة الهيكل، وألزموه بالتبرؤ من لسانه. النتيجة اليوم أن الدين مقدّس، أما أموال الناس وحقوقها فتلك ليست سوى وقود "النموذج".
الأسعار تتضخم بشكل جنوني والمواد الغذائية بدأت تُفقد من السوق، وكذلك بعض أصناف الأدوية. محطات البنزين في إضراب، والشركات بين إغلاق أبوابها وتخفيض رواتب موظفيها. سعر صرف الدولار وصل إلى 2400 ليرة، قبل أن يدخل أمس في نفق المضاربين، الذين خفضوا السعر إلى نحو 1800 ليرة، في محاولة للمّ الدولارات من السوق قبل بيعها مجدداً بالأسعار العالية، من دون أن يحرك مصرف لبنان ساكناً. أما نقيب الصرافين فبررّ هذا الانخفاض بزيادة عرض الأسر للدولارات لتسديد الاستحقاقات المالية في نهاية الشهر وسعياً لتحصيل أسعار مرتفعة قبل إضراب الصرّافين اليوم!
كل ذلك، لم يجعل رئيس الحكومة يكفّ عن الدلع السياسي. يظن أنه بتعنّته يمكنه أن يفرض شروطه على شركائه في الحكم، فيما هم، في المقابل، مصرّون على تسهيل مهمته إلى أقصى الحدود. لذلك، يتعامل الحريري مع نفسه من موقع قوة يسمح له بأن يتدلل، و"إذا ما عجبكم شكلوا حكومة بدوني". مطالبه "محدودة". يريد أن يشكّل حكومة يختار هو وجوهها. ثم يريد أن تُعطى الحكومة صلاحيات تشريعية استثنائية، وأن يقر قانون انتخاب جديداً يدعو على أساسه إلى انتخابات جديدة خلال ستة أشهر. هو باختصار يريد أن يتسلم البلد، وينقلب على مجلس النواب، ثم يريد من الجميع أن يثق به، هو الذي كان يوماً رأس حربة في مواجهة المقاومة، وهو الذي يتحالف مع من يريد رأس المقاومة اليوم قبل الغد."
صحيفة "الجمهورية" عنونت:" التكليف رهينة "عض الأصابع" والسلطة تراكم عجزها" وكتبت تقول: لم تسجّل على جبهة الاستحقاق الحكومي أمس أي تطورات إيجابية تَشي باقتراب موعد إنجازه، إذ لم يتغيّر بين أمس الاول وأمس الجو السياسي السائد في هذا الصدد، وربما لن يكون هناك اي تغيير اليوم. والسبب، حسب المراقبين، انّ هناك عملية عض أصابع تجري في فضاء هذا الاستحقاق الدستوري محلياً واقليمياً ودولياً، لأنّ أي من الأفرقاء المعنيين لا يريد تقديم أي تنازلات في خضَم كباش دولي "طويل عريض" تدور رحاه، بعد جولة الموفدين الفرنسي والبريطاني ومنسق الأمم المتحدة، وأخيراً تحرك للسفير البابوي وزيارة مساعد الأمين العام للجامعة العربية السفير حسام زكي، حيث يبدو ما يحصل في الشارع وكأنه جزء من قواعد الاشتباك ومن وسائل الضغط.
وقالت مصادر معنية بالاتصالات لـ"الجمهورية": "حتى الآن لا شيء محسوماً، ولا حديث عن تقدّم جدي على الصعيد الحكومي، ولا على صعيد الأسماء المتداولة لرئاسة الحكومة". وأضافت: "انّ موضوع الاستشارات الملزمة ما زال معلّقاً حتى إشعار آخر، خصوصاً انّ الأمور لم تتبلور حتى الآن". ولفتت الى "أنّ الاستشارات في حال تم تحديدها حالياً، فإنها ستصطدم بواقع انّ النواب الذين سيشاركون فيها لا يعرفون من سيسمّون، خصوصاً ان ليس هناك من اسم نهائي في نادي المرشحين لرئاسة الحكومة. وبالتالي، لو تم تحديد موعد الاستشارات في هذه الاجواء، فستكون مضيعة للوقت".
وقالت المصادر: "عدنا الى المربع الاول، والكرة الآن هي في ملعب الرئيس سعد الحريري إمّا ان يقبل ان يعود شخصياً الى رئاسة الحكومة وتتوقف المراوحة الراهنة، وامّا ان يقبل بشخصية لرئاسة الحكومة يدعمها سياسياً ويمنحها الغطاء السني".
وفي انتظار ان يحسم الحريري خياره النهائي قبولاً بالتكليف او تسمية شخصية لهذه المهمة، فإنه لم تظهر أسماء جديدة في لائحة المرشحين التي يتصدرها حتى الآن النائب فؤاد مخزومي، وصاحب شركة "خطيب وعلمي" المهندس سمير الخطيب، والرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف وليد علم الدين، وتتضارب المعلومات حول تقدم حظوظ هذا الاسم على ذاك من هذه الاسماء.
وشاع أمس انّ حظوظ تسمية الخطيب قد تراجعت، وقالت مصادر مطلعة على حركة الإتصالات في بعبدا لـ"الجمهورية" انّ هذه الحظوظ ما زالت قائمة حتى اللحظة، وانّ الحديث عن إدراجه على لائحة الأسماء المحروقة "ليس دقيقاً". ولفتت المصادر الى انّ موعد الدعوة الى الإستشارات النيابية الملزمة بات مرهوناً بمعالجة بعض العقد الصغيرة التي تسهل التأليف منذ الآن، وهي محصورة بعدد من الحقائب الوزارية. فالخطيب يشترط من الآن في حال تكليفه تأليف الحكومة ان تكون وزارة المال من حصة رئيس الحكومة لمواجهة الوضع الإقتصادي والنقدي.