قالت الصحف: الحوار في الميدان وعشاء فرنجية – جنبلاط فتح الشهيّة الرئاسية
الحوارنيوز – خاص
فيما واصل العدو حرب الإبادة على قطاع غزة واعتداءاته على لبنان بمواكبة أميركية – بريطانية تبنت المواجهة مع اليمن في البحر الأحمر، لم يرشح عن جولتي وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلنكن والمبعوث الخاص الى الشرق الأوسط آموس هوكشتاين أي مؤشر إيجابي وسط إصرار العدو على المضي بحربه حتى النهاية!
داخليا أعاد العشاء العائلي بين وليد جنبلاط وسليمان فرنجية فتح شهية الرئاسة وأعطى ملف رئاسة الجمهورية دفعا ولو معنوياً بإنتظار المواقف الأخرى المعنية.
ماذا في التفاصيل؟
- صحيفة النهار عنونت: لبنان أسير”الميدان” ونصرالله شلّ “وسطاءه”
وكتبت تقول: من دون التقليل اطلاقا من أهمية ودلالات “عشاء كليمنصو” العائلي” في هذه الظروف والذي جمع مجددا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي سابقا وليد جنبلاط ونجله رئيس الحزب وكتلة اللقاء الديموقراطي النائب تيمور جنبلاط ورئيس “تيار المردة” المرشح لرئاسة الجمهورية سليمان فرنجية ونجله النائب طوني فرنجية، فان المفارقة الأخرى التي رسمها العشاء – اللقاء تتمثل في ان المشهد الداخلي المصاب بتصحر الجمود السياسي القاتل، صار ينتظر لقاء زعيمين كحدث نادر في لبنان الذي كان قبلة العرب في حيويته وديموقراطيته ولعبته السياسية والدستورية وحرياته !
في أي حال، فان اللقاء اذا كان اخترق رتابة داخلية، فانه لم يحجب استمرار ترددات المواقف الأخيرة للامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله داخليا ليس لجهة إعلانه استعداد حزبه وجهوزيته للحرب الواسعة مع إسرائيل فحسب، علما ان هذا الموقف يتسم بطابع تعبوي ونفسي وإعلامي بعد مئة يوم على مواجهات “المشاغلة” التي تركت خسائر بشرية كبيرة ودمارا واسعا ونزوحا ضخما في الجانب اللبناني يجري التستر عليه وحجبه من جانب الحزب وحلفائه كما من الحكومة والسلطة الرسمية، بل أيضا لجهة تداعيات ما اعتبر مسارعة نصرالله الى اقفال الطريق على وساطة التهدئة في الجنوب وقطع دابر أي احتمال للفصل بين جبهتي غزة والجنوب.
في هذا السياق ثمة معطيات ودلالات إضافية تسوقها أوساط ديبلوماسية معنية تعتقد ان موقف نصرالله جاء منسجما تماما مع ترددات انفجار المواجهة بين الاميركيين والبريطانيين والحوثيين في اليمن عقب شروع الولايات المتحدة وبريطانيا في شن الهجمات الجوية على قواعد الحوثيين. وتقول هذه الأوساط ان المهمة السابقة قبل الأخيرة للموفد الأميركي آموس هوكشتاين في بيروت شهدت “مرونة” اكبر في تعامل “حزب الله” معها، الامر الذي شجع “الحلقة الوسيطة” الحليفة للحزب والتي يتقدمها طبعا رئيس مجلس النواب نبيه بري وينخرط فيها نائب رئيس المجلس الياس بو صعب بفعل علاقته بهوكشتاين، على المضي قدما في التهيئة للمهمة الثانية التي قدم عبرها الموفد الأميركي إلى بيروت قبيل نهاية الأسبوع الماضي. غير ان ما تلفت اليه الأوساط نفسها ان من جملة “المتغيرات” الأساسية التي واكبت الزيارة الثانية لهوكشتاين ان “حزب الله” كان مني بضربتين قاسيتين من خلال اغتيال إسرائيل الرجل الثاني في “حماس” صالح العاروري في قلب معقل الحزب و”عاصمته” في الضاحية الجنوبية لبيروت، والقائد الميداني البارزفي “حزب الله” وسام حسن طويل، كما تزامنت مع الضربات الأميركية – البريطانية للحوثيين في اليمن. تبعا لذلك تضيف الأوساط الدبلوماسية ترك السيد نصرالله للموفد الأميركي ان يفرغ ما في جعبته بعدما كان وضع نصرالله مسبقا في أجواء ما سينقله هوكشتاين الذي كان التقى بو صعب في روما اول الأسبوع الماضي ونقل الأخير ما تبلغه منه الى بري الذي يتولى بديهيا نقل المقترحات الأميركية الى “حزب الله”. وترك نصرالله الجواب عن مقترحات هوكشتاين إلى كلمته الأحد في ذكرى أسبوع طويل المتزامنة مع مرور مئة يوم على حرب غزة ومواجهات الجنوب، فأسقط علنا و”رسميا” كل ما ادرج في اطار وساطة التبريد والتهدئة والحل الموقت، واعلن “نفير” الاستعداد للمواجهة الأوسع بصرف النظر عما اذا كانت ظروف حرب واسعة قائمة ام لا تزال مستبعدة. وهذا الامر شل في اعتقاد الأوساط الديبلوماسية نفسها شللا تاما الوسطاء اللصيقين بالحزب أيضا ولم يسقط فقط وساطة هوكشتاين في شقها الأول المتعلق بالتهدئة الميدانية . ويترتب على هذا الواقع تصاعد المحاذير والمخاوف ان يبقى لبنان بمجمله تحت وطأة التطورات الميدانية بل “تحت رحمة الميدان” فيما لا موجب للسؤال عن وجود الدولة والسلطة لان مواقف كل من الرئيسين بري ونجيب ميقاتي في ربط التهدئة في الجنوب بوقف الحرب على غزة ليس الا رجع صدى لموقف “حزب الله” .
ومع ذلك، فان وزير الخارجية عبدالله بوحبيب تحدث بعد لقائه الأول مع القائمة بأعمال سفارة الولايات المتحدة السفيرة ليزا جونسون في قصر بسترس امس عن “تلقيه بإرتياح جهوزية الولايات المتحدة الاميركية للتوسط في تخفيض التصعيد وإعادة الهدوء والاستقرار الى الجنوب”. وقال “نتحاور مع الجانب الاميركي بإنفتاح وروح ايجابية للوصول الى حلول مستدامة تحفظ سيادة لبنان وسلامة أراضيه، وتضمن الحقوق والأمن والاستقرار بالأخص لأهالي الجنوب”.
وفي المواقف الديبلوماسية البارزة، أكد السفير السعودي وليد بخاري امس “أن المملكة العربية السعودية مع لبنان شعبا ومؤسسات ولن تألو جهدا في تقديم أي مسعى وجهد لحل ما يعانيه لبنان من أزمات متعددة”، معلنا “وقوف المملكة مع القضايا العربية والإسلامية كافة، وبخاصة ما يعانيه قطاع غزة والشعب الفلسطيني من عدوان مستمر على أرضه ومقدساته وشعبه”. وجاء موقفه بعد زيارته مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، حيث شدد المفتي على “ان دور المملكة أساسي في نهوض الدولة ومؤسساتها، ودار الفتوى حريصة باستمرار على التعاون مع الأشقاء العرب وبخاصة دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمها المملكة العربية السعودية الحاضنة للبنان وشعبه وللقضايا العربية والإسلامية”، آملا “أن تسفر جهود المملكة واللجنة الخماسية في إيجاد حل في أقرب فرصة ممكنة للمساعدة في انتخاب رئيس للجمهورية لتكون هذه الخطوة الأولى نحو نهوض الدولة ومؤسساتها”.
- صحيفة الأخبار عنونت: «موفد إسرائيل» غادر … وانقطع الاتصال!
وكتبت تقول: بأسرع مما كان متوقعاً، خفتَ وهج زيارة المُوفد الأميركي عاموس هوكشتين إلى بيروت، حتى لدى المتحمّسين له باعتباره “عرّاب التفاهمات الكبرى”. المحسوم أن الرجل لم يحضر تلبيةً لدعوة “أصدقائه” من اللبنانيين، ولا انطلاقاً من سعيه الدائم لإثبات نفسه “كرجل الاتفاقات المستحيلة”، وإنما جاء حاملاً طلباً أميركياً واضحاً: “عودة الأمن إلى شمال إسرائيل وإعادة المستوطنين إلى منازلهم”. وبأسرع مما كان متوقعاً أيضاً، توقف تبادل الرسائل مع هوكشتين رغمَ الاتفاق على إبقاء باب النقاش مفتوحاً. ومنذ مغادرته بيروت إلى الولايات المتحدة، لم يُسجّل له أيّ اتصال رسميّ مع أيٍّ من الوسطاء لنقل رسالة أو للحصول على جواب. لذا، فسّر كثيرون الخطوة بأنها قد تكون “التحذير الأخير قبل التصعيد الكبير”.
الغارات التي نفّذها العدوّ الإسرائيلي، أول من أمس، على مناطق في الجنوب لم تكُن نسخة مكررة من يوميات التوتر على الحدود، بل حملَت إشارات. فهي أتَت بعد خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي تضمّن رداً واضحاً على التهديدات الإسرائيلية وزيارة هوكشتين التي هدفت إلى الفصل بين جبهات الإسناد وما يجري في غزة.
قبلَ زيارة الموفد الأميركي، نُقلت عنه “دردشات” حول نقاط من شأنها أن تكون سبباً لوقف إطلاق النار في الجنوب، وتحديداً حول تثبيت الحدود، وانسحاب إسرائيل من 13 نقطة متنازع عليها بما فيها نقطة الـ B1 عند رأس الناقورة. لكن يبدو أن هناك من أعطى “هذه الدردشات” قيمة أكبر من حجمها الحقيقي، معتقداً أن ذلك من شأنه أن يحرج حزب الله داخلياً، ويتحوّل الى ورقةٍ تُرفَع في وجهه من باب الضغط لدفعه إلى “صفقة” هدفها الوحيد “نأي لبنان بنفسه عمّا يجري في غزة”.
لكن هوكشتين خيّب آمال “المُراهنين” عليه، وخصوصاً بعدما اتّضح بأنّ الرجل حينَ حطّ في لبنان لم يتحدث سوى عن بعض الأفكار التي تصبّ في تهدئة الجبهة بهدف إراحة الكيان. وفي الحالتين، كان الجواب عند حزب الله في مكان آخر، وظلّ مرتبطاً بوقف العدوان على غزة، قبل أيّ نقاش. وفي كلمته الأخيرة، الأحد الماضي، أرسى السيد نصر الله معادلة أن “أمن البحر الأحمر وهدوء الجبهة مع لبنان والوضع في العراق مرهونٌ بوقف العدوان على غزّة. أوقفوا العدوان وبعدها لكل حادث حديث”.
لم تكُن المرة الأولى التي يسمع فيها هوكشتين أو أيّ موفد أميركي أو أوروبي أو حتى وسيط عربي هذا الشرط. وحين قال الموفد الأميركي ما قاله، سمِع جواباً إضافياً مفاده أن “لا ضرورة للبحث في اتفاق جديد. القرار 1701 موجود، اذهبوا وطبّقوه واضغطوا على إسرائيل لتنفيذه فتحلّ المشكلة…ولكن بعد وقف العدوان على غزة”، تكررت الجملة التي فهم منها هوكشتين أن مقاربته الماكرة “لن تنفع”.
حتى يوم أمس، حاول مواكبون للملف التأكيد أن “الاتصالات لم تتوقف”، وهذا ما لا تبدو عليه الأمور فعلاً، إذ علّق بعض العارفين بالقول: “call was disconnected”. وقرأ هؤلاء زيارة هوكشتين من زاويتين لا ثالث لهما: هي تمهيد صريح لما يهدّد به العدوّ الإسرائيلي، من أنه سيشن حرباً على لبنان في حال استمرار تهديد أمن المستوطنين وإلحاق الضرر بهم على الحدود. كما تمثّل الزيارة اعترافاً ضمنياً بأن الولايات المتحدة توفّر التغطية لأيّ عدوان سيحصل، لذا تحاول واشنطن أن تقوم بدور “الناصح” للبنان بعدم الغرق في حربٍ جديدة تستنزفه بشرياً ومادياً وسياسياً، علما أن الأميركيين يعرفون جيداً أنّ أيّ معركة ستُفتح ضد لبنان، ستكون نتائجها على إسرائيل كبيرة جداً، ولا يمكن مقارنتها بحرب تموز عام 2006. مع فارقٍ إضافي، وغير بسيطٍ هذه المرّة، ألا وهو تعدُّد الجبهات والصفعات التي ستنزل على الكيان. ولهذا الغرض، لا تزال واشنطن تتوسط بين لبنان وإسرائيل لفرملة التصعيد.
لكن الموفد الأميركي لم يجِد بين يديه ما يُقنِع المقاومة بما يريده، مكرّراً مرات عدة الحديث عن المرحلة الثالثة في غزة ولم يفلح. حتى الوسطاء الذين التقوا به، وكذلك المسؤولون الرسميون فقد شكّكوا بما تعنيه هذه المرحلة، متسائلين عن ضمانات التزام إسرائيل بها من دون أن تعود لتوسعة الحرب. ومن جملة الأسئلة التي طُرحت عليه، كان عن الضمانات بعدم استمرار إسرائيل في تنفيذ عمليات اغتيال في لبنان لقادة فلسطينيّين قد تسهِم في تصعيد المواجهة.
لم ترُقْ هوكشتين هذه التساؤلات لأنه لم يكن يملِك جواباً عنها. هذا ما أوحى للقوى المعنية في لبنان بأن الرجل آتٍ لتكرار الرسائل التي حملها زملاؤه في الإدارة الأميركية، بما يتحقق مع المصلحة الإسرائيلية من دون زيادة أو نقصان. وهذا ما جعله يغادر one way إلى بلاده مجدداً من دون أن يعرّج على كيان الاحتلال بعدما سمِع الردّ الأولي، الذي قال مطّلعون إنه “أحبط هوكشتين وجعلته يقتنع بأن لا فائدة من مجيئه”.
غضب أميركي على ميقاتي وبوحبيب
أثار البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية اللبنانية حول التطورات في البحر الأحمر، استياء الأميركيين الذين عبّروا عن سخطهم وانزعاجهم من خلال رسالة نقلتها السفيرة الأميركية الجديدة في بيروت ليزا جونسون إلى وزير الخارجية عبد الله بوحبيب. وكان البيان قد عبّر عن “قلق عميق إزاء تصاعد التوترات في مياه البحر الأحمر”، كما نقل دعوة لبنان “المجتمع الدولي وجميع الأطراف في المنطقة إلى العمل معاً من أجل تخفيف حدّة التوترات والحفاظ على الاستقرار الإقليمي وسلامة الملاحة البحرية في البحر الأحمر”. من جهة ثانية، علمت “الأخبار” أنّ هناك انزعاجاً أميركياً من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على خلفية كلامه في الجلسة الأخيرة للحكومة، عن أن “التهدئة في لبنان غير منطقية دون وقف إطلاق النار في غزة”، حيث يعتبر الأميركيون أن هذا الكلام مخالف للجهود التي تقوم بها واشنطن من أجل وقف إطلاق النار على الجبهة الجنوبية.
- صحيفة الجمهورية عنونت: واشنطن وباريس: أولوية التهدئة والرئاسة… ورهان على المسعى القطري
وكتبت تقول: يتقلّب الواقع اللبناني بين برودة عاصفة مناخية مصحوبة بأمطار غزيرة وسيول جارفة كشفت إهمال السلطة الفاضح، وسوء ادارتها وعجزها على احتواء طوفانها، الذي حوّل الشوارع بحيرات وأنهاراً… وبين عاصفة عبث سياسي متواصلة منذ سنوات طويلة، تتشارَك فيه مكوّنات فاسدة وطنياً، ملقّحة ضد مصلحة لبنان أتعبت كلّ اللبنانيين، وجمّدت الملفات الداخلية الأساسية، وفي مقدمها الملف الرئاسي في برّاد الانقسام والتعطيل، حيث ليس في أفق هذا الملف ما يبشّر بانفراج في المدى المنظور… وبين سخونة متزايدة على الجبهة الجنوبية تتراكم في أجوائها احتمالات تطوّرها في أيّ لحظة الى عاصفة حربية ومواجهات بين “حزب الله” والجيش الاسرائيلي أقسى وأبعد من خط الحدود. وفي موازاة ذلك يتفاقم إعصار الإبادة الجماعية التي تشنّها اسرائيل على قطاع غزة، في الوقت الذي بدأت تلوح نُذر إعصار كبير في البحر الاحمر، ربطاً بالتطورات العسكرية التي توالت في الايام الاخيرة، بعد الضربات التي شنها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية لأهداف في اليمن، واتخذت بالأمس منحى جديداً مع الاعلان عن إصابة سفينة أميركية بصاروخ أطلقه الحوثيون.
اذا كانت الطبيعة قد عبّرت عن غضب شديد في هذه الفترة الشتوية، ونفّسَت عنه بأمطار غزيرة وثلوج وبرد قارس، الا انّها في مكان ما تحمل الخير معها، وتبقى بقساوتها أرحَم على اللبنانيين من العاصفتين؛ السياسية والحربية اللتين تهددان مصير لبنان بمخاطر كبرى، وتضعان شعبه على منصة تلقّي الصدمات والكوارث.
في السياسة، الوضع الحكومي حَدّث ولا حرج، مقاطعات وإرباكات والتباسات وخلافات على تعيينات، ومع كلّ اجتماع لحكومة تصريف الاعمال اشكالات وسجالات حول القانون والدستور والصلاحيات، واتهامات بتجاوز موقع رئيس الجمهورية ومصادرة صلاحياته، وفي تصريف الاعمال كما هو مطلوب من الحكومة بالكاد تقارَب أعمال جدية. امّا الوضع المجلسي، فإن العبث السياسي الذي حرّم عليه الإنعقاد والتشريع في غياب رئيس الجمهورية، صار فجأة، وعندما اقتضَت المصلحة خلاف ذلك، كُسر التحريم، وصار المحرّمون مع التشريع وضده في آن معاً، وإن دلّ ذلك على شيء فعلى انعدام المبادئ وزيف الشعارات والادعاءات.
وفي سياق حكومي متصل، يشارك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في سويسرا في الاجتماع السنوي لـ”منتدى دافوس الاقتصادي”، حيث قد يلتقي وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن، ويجري لقاءات ومشاورات مع عدد من المشاركين في المنتدى.
الرئاسة… العلم عند الله
امّا ملف رئاسة الجمهورية فقد بات السؤال عنه مُملاً، حيث لا يجد المعني به ما يقوله، ويعبّر عن ذلك بوضوح مسؤول كبير بقوله: “العلم عند الله.. لا مبادرات ولا من يحزنون، لا يوجد شيء يُبنى عليه على الاطلاق لا عِنّا ولا عند غيرنا”. فيما تبرز في الداخل محاولات لتحريك هذا الملف، عبر مبادرة رئاسية يسعى النائب غسان سكاف الى تسويقها مع الاطراف السياسية لإنهاء ازمة الشغور في رئاسة الجمهورية، وكذلك عبر حراك لتكتل الاعتدال النيابي ونواب اللقاء النيابي المستقل. وقال عضو تكتل اعتدال النائب سجيع عطية لـ”الجمهورية”: انّ الحراك الرئاسي سيبدأ باجتماع تشاوري لنواب هذا اللقاء لوضع خطة عمل للتحرك لاحقاً نحو مختلف الكتل النيابية لتحريك لملف الرئاسي. واوضح انّ التحرك ما زال في بدايته، وبالتالي لا يمكن الحديث عن مبادرة جاهزة لدينا لنطرحها على الكتل النيابية، لكن بعد اجتماعنا نقرر الخطوات اللاحقة، على امل ان نستطيع تحقيق خرقٍ ما في هذا الملف تمهيداً لانتخاب رئيس للجمهورية يواكب المرحلة الاقليمية المقبلة في حال انتهت حرب غزة.
رهان على القطريين
على انّ التعويل في هذا الملف يبقى على وساطة الدوحة، حيث تؤكّد مصادر موثوقة لـ”الجمهورية” انّ هذا الامر وارد في المدى المنظور، من دون أن تحدد موعدا معينا لاستئنافه، مشيرة في هذا السياق الى أن الرئيس نبيه بري عَبّر بوضوح، خلال لقائه الاخير بالسفير القطري في لبنان سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، عن رغبة شديدة في استئناف المسعى القطري الذي كان يقوده الموفد القطري ابو فهد جاسم بن فهد آل ثاني، وكاد في فترة ان يقترب من تحقيق خروقات في الجدار الرئاسي لولا أنّ تطورات الحرب الاسرائيلية على غزة وامتدادها الى جبهة لبنان قد عطّلت هذا المسعى.
واشنطن وباريس… والرئاسة
واذا كان الملف الرئاسي يشكل بندا اساسيا في حركة الموفدين الدوليّين الى بيروت، حيث يقارب من باب التمني والنصح للبنانيين بالتعجيل بحسمه والتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية، فإنّ مصادر موثوقة لاحَظت عبر “الجمهورية” ما سمّتها “زيادة في الاهتمام الدولي بالملف الرئاسي اللبناني”، حيث كشفت “أنّ ثمّة معلومات ديبلوماسية غير مؤكدة حتى الآن عن دخول أميركي أكثر فاعلية على الخطّ الرئاسي، ترجّح ان يكون للوسيط الاميركي آموس هوكشتاين دور مباشر في هذا الملف”، مشيرة الى انّ “الملف الرئاسي كان بندا اساسيا في محادثات الوسيط الاميركي في زيارته الاخيرة، والتي تمحورت بشكل اساس على تهدئة الجبهة الجنوبية، حيث طرحَهُ هوكشتاين كاستحقاق بات مُلحّاً جداً وينبغي حسمه سريعاً”.
وكشفت المصادر عينها “انّنا تلقّينا اشارات في الفترة الاخيرة تشير الى أن باريس بصَدد الحضور مجدداً على الخط الرئاسي في وقت قريب، وقد سبق للسفير الفرنسي في لبنان هيرفي ماغرو أن لَمّح الى ذلك، ولكن لا شيء ملموساً او واضحاً حتى الآن”.
واستفسَرَت “الجمهورية” مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية حول الحراك الفرنسي المرتقب، فأكدت انّ الجهد الفرنسي متواصل مع لبنان، بالتنسيق مع اللجنة الخماسية، لمساعدة الاطراف في لبنان على إنجاز استحقاقاتهم الدستورية، من دون ان تؤكد ما قيل عن زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان.
وحذّرت المصادر الفرنسية من عامل الوقت الذي بدأ يضغط بقوة، وقالت: لسنا نرى ما يبرّر المزيد من تأخير حسم الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس، فالوقت بات يعمل في غير مصلحة لبنان. وتبعاً لذلك امام الاطراف السياسية في لبنان تحديان اساسيان يتوجّب عليهم تجاوزهما على وجه السرعة، الأول هو المسارعة إلى بحث آليات جدية لانتخاب رئيس للجمهورية حيث ينبغي على السياسيين أن يدركوا انّ مصلحتهم اولاً واخيراً تكمن في التوافق على خيار رئاسي كمقدمة لإعادة انتظام الحياة السياسية في لبنان”.
امّا التحدي الثاني، تضيف المصادر، فهو “السعي بكلّ جدية لعدم دفع الامور في الجنوب الى تصعيدٍ واسع ومنزلقات خطيرة، وهو ما تؤكّد عليه باريس. وانطلاقاً من حرصها البالغ على عدم الانزلاق الى مخاطر، وقناعتها بأن لا مصلحة لأي طرف بتوسيع دائرة الحرب، وجّهت رسائل مباشرة الى الجانبين اللبناني والإسرائيلي لاحتواء التصعيد وتبريد الأجواء، والسفير ماغرو يعبّر عن هذا التوجّه في لقاءاته المتتالية في بيروت”.
ورداً على سؤال، كررت المصادر التأكيد أن لا مصلحة لأيّ طرف في توسيع دائرة الحرب، كاشفة انّ ثمة توجهاً دولياً مؤيداً لصياغة ترتيبات جديدة في منطقة عمل القرار 1701، الا انها تَجنّبت الدخول في تفصيل هذه الترتيبات وماهيتها، مُكتفية بالقول “انّ باريس تتواصل مع كل الاطراف لتهدئة الاجواء، وتعتبر ان ثمة ضرورة ملحّة للتطبيق الكلي للقرار 1701، وتمكين قوات حفظ السلام الدولية (اليونيفيل) من القيام بواجباتها.
التطبيق من الطرفين!
وفي سياق متصل، وبحسب معلومات موثوقة لـ”الجمهورية”، فإنّ بعض الموفدين الدوليين، وآخرهم آموس هوكشتاين، ركزوا في محادثاتهم على اعادة الهدوء والإستقرار إلى منطقة الجنوب، وهذا يعني حَمل “حزب الله” على وقف هجماته على الجيش الاسرائيلي، والتزام مُندرجات القرار 1701. حتى أن احد الموفدين قال ان اسرائيل لا تستطيع ان تعيد “مهجّري” المستوطنات الشمالية اليها جراء تصاعد العمليات الحربية. واما الجواب على ذلك فجاء على صيغة سؤال اولاً: كم هو عدد المستوطنين المهجرين؟ فردّ الموفد: عددهم 80 الفاً. فقيل له ما مفاده:… أمر جيد أن يذوق الاسرائيليون طعم التهجير، ونحن ايضاً لدينا 79 الفاً وكسور من مهجّري البلدات الجنوبية يريدون العودة الى بلداتهم. ثم لماذا تغفل عامل التصعيد الاسرائيلي؟ مصدر التصعيد والتوتير من اسرائيل وليس من لبنان، وبالتالي فإنّ المطلوب اولاً وقبل كل شيء أن توقِف اسرائيل تصعيدها واعتداءاتها على لبنان، عندها يسود الامن والاستقرار. وانتهى الجواب اللبناني الى خلاصة حرفيتها: “لا استعداد لدى لبنان للبحث في أيّ إجراءات قبل وقف العدوان. واذا كان ثمة من بدأ يتحدث عن ترتيبات جديدة في ما خَص القرار 1701 الذي تعلمون قبل غيركم انّ لبنان ملتزم به واسرائيل خَرَقته آلاف المرات، فعليكم اولاً إلزام اسرائيل بالقرار 1701. ثم إنّ هذه الترتيبات إن كانت ستحصل – وهذا الكلام غير رسمي حالياً – ينبغي أن تتمّ على الجانبين، وعلى الطرفين، وليس على طرف واحد، فما يَسري هنا يسري هناك”.
يُشار في هذا السياق الى ان الرئيس بري قد اكد امام زواره انه عندما تتوقف حرب الابادة في غزة، تتوقف الجبهة اللبنانية تلقائياً، وتعود الامور الى ما كانت عليه قبل العدوان. امّا وانّ العدوان مستمر، واسرائيل تواصل اعتداءاتها وتوسع نطاقها في العمق اللبناني، فلا بحث على الاطلاق في وقفٍ لإطلاق النار من الجانب اللبناني. كما لا حديث مسبقاً بأيّ تفصيل مرتبط بترتيبات ما بعد الحرب.
- صحيفة الأنباء عنونت: لقاء كليمنصو يخرق المشهد السياسي… مواجهة الخطر القائم بالانفتاح والحوار الفعلي
وكتبت تقول: كسر المشهد السياسي في كليمنصو، أمس، الجمود القاتل والمراوحة على مستوى كل ملفات المرحلة، حيث يسيطر الانتظار لتطورات المنطقة وانعكاساتها على الاستحقاقات اللبنانية، وفي طليعتها طبعاً الاستحقاق الرئاسي.
ففي زيارة لافتة بتوقيتها ومعانيها السياسية والوطنية، وبعد زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط الى بنشعي، واللقاءات السابقة بينه وبين النائب طوني فرنجية، استقبل الرئيس وليد جنبلاط وعقيلته السيدة نورا جنبلاط، في كليمنصو، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وعقيلته السيدة ريما فرنجية، والنائب فرنجية وعقيلته السيدة لين زيدان، بحضور النائب تيمور جنبلاط وعقيلته السيدة ديانا جنبلاط، والسيد جوي الضاهر وعقيلته السيدة داليا جنبلاط، وعضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب وائل ابو فاعور وعقيلته السيدة زينة حمادة، وكان بحث على مائدة العشاء في مختلف الشؤون العامة.
مصادر متابعة للزيارة أشارت عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية الى أن “اللقاء اتسّم بالطابع العائلي لتأكيد السمة الإيجابية للعلاقة، والانفتاح بين الفريقين، ولاستذكار أن هذه العلاقة وبغض النظر عن كل المراحل السياسية المختلفة في البلد، هي علاقة قديمة وتاريخية بين المختارة وزغرتا منذ أيام الشهيد كمال جنبلاط ورئيس الجمهورية الراحل سليمان فرنجية، ولاحقاً مع وليد جنبلاط وجبهة الخلاص الوطني، وإسقاط اتفاق ١٧ ايار وغيرها من المحطات التي شهدت على شراكة وطنية حقيقية بين الحزب التقدمي الإشتراكي وتيار المردة وقوى وطنية أخرى”.
ولفتت المصادر الى أن “الزيارة تندرج أيضاً في إطار سياسة الانفتاح والحوار والتلاقي التي يمارسها “التقدمي”، وتكريساً لزيارة تيمور جنبلاط الى بنشعي، وهذا النهج الذي يقوم به هو نهج فعلي وواقعي وعملي، ومن الطبيعي أن يُترجم بمثل هكذا لقاء”.
هذا واعتبرت المصادر أنه “في هذه المرحلة تحديداً التي يمر بها البلد، إن كان على مستوى التطورات الأمنية والاعتداءات الاسرائيلية على الجنوب والخطر القائم، وإن كان على مستوى الدولة والمؤسسات وما تعانيه من فراغ واهتراء وانهيار، هناك الكثير من النقاط التي يلتقي عليها الطرفان سياسياً، وإن كان هناك بعض الأمور التي يختلفان عليها”، معقّبة بالقول “لكن ما يختلفان عليه لا يمنعهما من التعاون على الملفات التي يلتقيان عليها وهي مهمة وأساسية في هذه المرحلة”.
وبالتزامن مع زيارة كليمنصو، كان لافتاً اللقاء الذي جمع فرنجية بقائد الجيش العماد جوزيف عون، الذي استقبل أيضاً السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، حيث كانت مناسبة للبحث في ملفات الساعة على هامش تقديمه واجب العزاء له.
عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ميشال موسى أشار في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية الى أنه من الواضح أن هناك زيارات بين فرقاء كانوا متباعدين بالسياسة في محاولة لكسر الجمود السياسي وتقريب وجهات النظر ضمن زيارات اجتماعية ليس بالضرورة أن ينتج عنها اتفاق سياسي، مستبعداً أي علاقة لزيارة فرنجية الى كليمنصو بالموقف الذي أعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل أيام عن وجود مرشح واحد هو سليمان فرنجية. وقال ان الزيارة كانت مبرمجة سابقاً ولا علاقة لها بما ذكره بري.
ودعا موسى الى عدم استباق الأمور بانتظار بلورة الامور والمساعي التي تُبذل على هذا الصعيد.
من جهته، اعتبر النائب السابق فادي الهبر في اتصال مع “الأنباء” الالكترونية ان لقاء جنبلاط فرنجية دليل على ان السياسة في لبنان متحركة وهذا اللقاء بحد ذاته يفتح آفاقاً جديدة ويساعد على تدوير الزوايا لأن اللقاءات في لبنان ستبقى مستمرة وخاصة اننا نعيش أجواء حرب حقيقية في غزة وفي جنوب لبنان وما يجري في البحر الاحمر كلها أمور تساعد على تجميع المشاريع المستقبلية. وأضاف الهبر “هناك اصطفافات جديدة على المستوى اللبناني والعربي والنظام السياسي العالمي الذي قد ينشأ بعد حرب غزة”، معتبراً أن جنبلاط يعرف جيداً وضع لبنان والثوابت المستقبلية وما تتطلبه هذه المرحلة.
في هذه الأثناء، كانت الجبهة الجنوبية على اشتعالها ضمن قواعد الاشتباك القائمة، في وقت ينشغل الموفد الأميركي آموس هوكشتاين بنسج اتفاف ما على خط الحدود.
وعلى هذا الصعيد، لفت النائب ميشال موسى إلى العمل القائم على تبريد الأجواء بانتظار التهدئة التي يُعمل عليها في أكثر من اتجاه لمنع تفلّت الأمور ولجم اسرائيل عن توسيع إطار الحرب، وأن المقاومة كما بات معروفاً تعمل على حصر الموضوع في الأمور العسكرية على عكس العدو الاسرائيلي الذي يأخذ الأمور بشيء من العشوائية.
ويبقى السؤال هل تفتح اللقاءات كلقاء كليمنصو أمس أبواب الحوار الذي يساعد على انتخاب رئيس جمهورية وتحصين الجبهة الداخلية لمواجهة الطوفان الذي يهدد بإغراق المركب بمن فيه.