قالت الصحف: الحوار الوطني بوابة الرئاسة
الحوارنيوز – خاص
بإنتظار بروز نتائج زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، يعيش لبنان على وقع الأزمات المتنقلة وآخرها جريمة مقتل شابين من بلدة بشري في القرنة السوداء وما رافقها من خطب ومواقف طائفية وتقسيمية.
- صحيفة النهار عنونت: الراعي وبشري: تشديد النبرة حيال القضاء والجيش
وكتبت تقول: مشهد يثير التهيب عكسته بشري أمس في وداع هيثم ومالك طوق قبل ان يجف حبر التحقيقات الأولية الجارية في الجريمة المزدوجة والتي بات من الملح جدا ان تنجلي معها وقائع كثيرة تتداولها المنطقة ومن شأن التأخير في تثبيتها او تصويبها او نفيها ان يزيد أجواء التوتر والتشنج والتعبئة النفسية. فمع ان بشري بدت في اقصى درجات الاستقواء على الجريمة واستهدافاتها من خلال رفض الانجرار الى الفتنة، كما جارتها بقاعصفرين وكل الضنية التي استشعرت خطورة استهداف محتمل خبيث للمنطقة بفتنة تحت غطاء النزاع العقاري والمائي، فان ذلك لم يحجب الاحتقان العميق الذي تصاعد عقب الالتباس الذي ساد وقائع الجريمة الأولى ومن ثم سقوط الضحية الثانية الامر الذي ترجمته مواقف عالية السقف ووتيرة متشددة طبعت مواقف المعنيين مباشرة بالحادث وانعكست هذه الأجواء بقوة على موقف البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي الذي اختصر بحضوره وترؤسه القداس الجنائزي عن روح “شهيدي بشري” وبمضمون كلمته الحازمة حقيقة الأجواء والمناخات والتفاعلات التي خلفها الحادث منذ لحظة وقوع الجريمة الأولى الى لحظة وداع ابني المدينة.
اذ ان الراعي في عظة عالية النبرة دعا الى “ترسيم الحدود في منطقة القرنة السوداء وإنهاء الفتنة، كما دعا الى “كشف الفاعل أو الفاعلين” في جريمة قتل هيثم ومالك طوق والاقتصاص منهم. ولفت الراعي الى “اننا نؤمن بالدولة ونعرف حدودنا ونعرف القاتل وهذه ليست مجرد حادثة”. واوضح بان “شباب بشري يعلنون دائما استعدادهم للحل، ونحن جميعا تحت سلطة القانون العادل”. وشدد على أنّه “لو قام القضاء بعمله لما كنا وصلنا اليوم إلى مأساة القرنة السوداء”، مشيراً إلى أنّ “الخوف أن يستمرّ القضاء بتخاذله فيفلت المجرمون من يد العدالة وسيشرّع ذلك الأبواب لشريعة الغاب”. وأضاف “نطالب بالعدالة في ترسيم الحدود وإنهاء هذه المسألة الشائكة وبقيام الدولة، ولطالما دافعنا عن أرضنا وقدّمنا الشهداء ونحن من قاومنا كلّ محتلّ ونريد دولة تبسط سلطتها بشكل كامل وشامل”
“الحزب” وحواره
بعيدا من ترددات المشهد الشمالي، بدا المشهد السياسي والرئاسي في ركود تام وسط استبعاد أي تطورات جديدة في المدى المنظور. وحده “#حزب الله” مضى في الضرب على معزوفته الجامدة في الدعوات المتكررة الى الحوار. واخر طبعة من هذه الدعوات جاءت على لسان رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد الذي كرر “دعوته للحوار والتفاهم من أجل إنجاز الإستحقاق الرئاسي بأسرع وقت” معتبراً أن “ذلك هو المعبر المتاح وطنياً ودستورياً في ظلّ عدم إمكانية أيّ فريق أنّ يؤمن وصول مرشّحه بمعزل عن تعاون الفريق الآخر”. ولفت الى “اننا عندما ندعو الجانب الآخر للحوار إنّما ندعوه بموجب دستوري فضلاً عن الموجب الوطني والأخلاقي في حين نواجه دائماً بالطعن في النوايا وتحميل دعوتنا ما لا تحمله وذلك تضليلاً للرأي العام وإفتراءً علينا”. وقال: “من لا يريد الحوار ماذا يُريد؟ انه لا يريد رئيساً، بل يريد فراغاً يطول واستقواء بأجنبي يتوهم أن يدعم تعنّته”.
- صحيفة الأخبار عنونت : لودريان يحضّر مسوّدة حوار بين اللبنانيين
لودريان يناقش مع اللجنة الخماسية اقتراح ضمّ إيران: «مسوّدة عمل» فرنسية لحوار لبناني – لبناني
وكتبت تقول: علمت «الأخبار» أن باريس أجرت تقييماً لنتائج زيارة الموفد الرئاسي جان إيف لودريان لبيروت، الشهر الماضي، وقرّرت إطلاق ورشة عمل على خطين، الأول في اتجاه العواصم المعنية بالملف، والثاني نحو القوى الأساسية في لبنان.
وبحسب المعلومات، فإن الفرنسيين في صدد البدء بمحادثات مع الرياض، سيطرحون خلالها فكرة ضم إيران إلى الاتصالات حول لبنان. كما أن لودريان الذي سيزور الرياض قريباً، يدرس القيام بجولة تشمل قطر ومصر وربما الولايات المتحدة، إضافة إلى اتصالات سيجريها مع طهران.
وتشير المعلومات إلى أن فرنسا تتصرف على قاعدة أن الأزمة الرئاسية باتت تتطلب «حلاً إبداعياً» بسبب السقوف المرتفعة لمختلف الأطراف. وأشارت إلى أن لودريان نفسه كان يفترض وجود صعوبات، إلا أنه فوجئ بأن الصعوبات أكبر مما كان يتوقع، وأن المشكلة تكمن في أن هناك قوى ترفض محاورة الطرف الآخر، وتصر على مواجهة رئاسية واسعة، إذ إنه وصل إلى بيروت على وقع نتائج جلسة 14 حزيران، وكان يفترض أن نتائج الجلسة قد تفتح الباب أمام نقاش من نوع مختلف. إلا أنه غادر إلى باريس مقتنعاً بأن الطرفين في حالة تعادل سلبي، وأن البحث يجب أن يتطرق مباشرة إلى برامج العمل وعدم حصره في اسم الرئيس.
وتقول مصادر معنية إن الموفد الفرنسي شعر منذ البداية بأن الحوار يمثل نقطة مهمة، لكنه صُدم بموقف الرئيس نبيه بري الذي قال إنه جرّب حظه بالدعوة إلى الحوار ولم تكن هناك استجابة، وإنه بعد إعلان دعمه المرشح سليمان فرنجية صار طرفاً ولم يعد قادراً على إدارة الحوار. كما صُدم لودريان، مرة أخرى، عندما أبلغه البطريرك الماروني بشارة الراعي بأنه فشل في تنظيم حوار مباشر بين الفرقاء المسيحيين، فكيف يمكنه إدارة حوار وطني.
بناءً على ذلك، ارتأى لودريان أن من الأفضل إجراء الحوار برعاية فرنسا أو اللجنة الخماسية، وهو بادر قبل سفره بسؤال جهات كثيرة أساسية عن موقفها من الحوار، وحصل على إجابات تجعله قادراً على إعداد مشروع جدول أعمال يرسله إلى الأطراف الرئيسية المعنية لمناقشته معها في زيارته الثانية المرتقبة هذا الشهر.
وقالت المصادر إن لودريان سيدعو خلال زيارته الثانية المسؤولين اللبنانيين إلى حوار جامع، من دون حسم مسبق لمكانه أو موعده، علماً أن البعض تحدّث عن احتمال استضافة باريس له في حال تعذّر حصوله في لبنان.
وأشارت المصادر إلى أن لودريان ناقش مع وفد حزب الله النقطة المتعلقة بالحوار طويلاً، وأن الحزب لم يكن مؤيداً لفكرة الحوار الموسّع حول النظام، معتبراً أن من الأفضل حصره بالأزمة الرئاسية والملفات المرتبطة بها، ومشدداً على ضرورة الاتفاق على جدول أعمال الحوار قبل الانطلاق به.
كما أن النقاش تطرّق إلى مستوى تمثيل القوى، وسعي فرنسي لرفعه إلى الصف الأول، حتى لا يكون الحوار غير مثمر إذا تم على مستوى موفدين يضطرون في كل مسألة للعودة إلى مراجعهم في بيروت.
من جهة أخرى، يدرس الفرنسيون فكرة ضم إيران إلى اللجنة الخماسية التي تضم فرنسا والولايات المتحدة والسعودية ومصر وقطر. وقالت المصادر إن لودريان سيطرح الأمر على ممثلي الدول الأعضاء في اللجنة الخماسية وعلى طهران أيضاً، وإن القرار النهائي سيكون رهن نتائج اتصالات الفرنسيين مع أطراف اللجنة الخماسية. إلا أن المصادر لفتت إلى ضرورة مراقبة الوضع الداخلي في فرنسا، إذ إن التطورات قد تؤثّر على جدول أعمال الرئاسة الفرنسية، ما قد يبعد الملف اللبناني إلى مرتبة دنيا.
- صحيفة الجمهورية عنونت: الجمود عنوان المرحلة الرئاسية ولا مبادرات خارجية… ومخاوف على الأمن والطائف
وكتبت تقول: سؤال يفرض نفسه مع بداية الشهر التاسع من الفراغ في رئاسة الجمهورية: هل سينضَم شهر تموز الجاري الى مسلسل الوقت الضائع المستمر منذ بداية تشرين الثاني 2022، أم انّه سيشهد تطوّرات تكسر حلقة التعطيل ويسلك معها الملف الرئاسي طريق الإنفراج وانتخاب رئيس للجمهوريّة؟
لا شيء في الأفق يَشي بإنعطافة ايجابية، بل على العكس إنّ كلّ المؤشرات المحيطة بالملف الرئاسي وتعقيداته تَشي باستعدادات على كلّ المفاصل والجبهات السياسيّة، للتعايش مع فترة من الجمود حُبلى باحتمالات وسيناريوهات مجهولة، تمهّد لها إرادة التوتير والتصعيد الحاكمة لمواقف وتوجّهات قوى سياسية ثَبتَ بالملموس أنّها تعتاش على الفراغ وتهرب من الانخراط في أيّ مسار حواري أو تفاهمي يَستولِد رئيساً للجمهورية ويؤسّس لعودة انتظام الحياة السياسية في لبنان.
حضرَ الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، كان الرهان أن تحقن جولته الملف الرئاسي بجرعة إنعاش للآمال في أن يتمكن من احداث خرق في جدار التعطيل، ولكنه غادر من دون أن يتبدّل في واقع الحال اللبناني شيء، وليس ما يؤشّر إلى تبدّل ولو طَفيف في المدى المنظور، وهو واقع يبقى فيه لبنان معلقاً على حبل التوتير والتصعيد، ويدخل في سباق قسري مع المجهول وما يُخبّئه من أحداث وربما صدمات.
جمود طويل الأمد
داخلياً، تبقى المراوحة السلبية هي العنوان الطاغي سياسيا ورئاسيا، والتواصل مقطوع بشكل نهائي بين المعنيين بالملف الرئاسي، ولغة التصعيد المتبادلة أعدمَت حظوظ اجراء حوار حول رئاسة الجمهورية لا الآن ولا في المدى المنظور. ما يعني انّ الملف الرئاسي محكوم بإقامة طويلة الامد في دائرة التعطيل.
هذه المراوحة تعبّر عن نفسها في الخواء السياسي الذي تدور فيه مواقف الاطراف المعنية بالملف الرئاسي في المربع ذاته، فعلى الرغم من انعدام الفرص امام مرشح التقاطعات جهاد ازعور، ما زالت بعض أطراف هذه التقاطعات تعتبره المخرج الأفضل لرئاسة الجمهورية، ويَتشارك في ذلك حزب “القوات اللبنانية” وبعض حلفائه مِمّن يسمّون أنفسهم سياديين ومستقلين وتغييريين، الذي سبق لهم أن انخَرطوا في التصويت السابق للنائب ميشال معوض، وبعض هؤلاء يواصلون زيارات خارجية توسّلاً لضغط خارجي دَعماً لمرشحهم. فيما انصرفَ التيار الوطني الحر الى البحث عن مرشح جديد، يحمل ما يعتبره البرنامج الذي يلاقي او يتقاطع مع برنامجه الرئاسي، من دون ان يعثر عليه حتى الآن. والامر نفسه ينطبق على الحزب التقدمي الاشتراكي الذي تؤكد مصادره لـ”الجمهورية” انّ “الخَيار الاسلم هو الجلوس على طاولة الحوار تَوصّلاً الى التوافق على مرشح لا يشكل استفزازا او تحديا لأي طرف، ومن دون ذلك سيبقى الملف الرئاسي في دائرة التجاذب والاخذ والرد التي لن نصل فيها الى اي نتيجة سوى إبقاء البلد عُرضة للمفاجآت وفي مهب الاوهام”.
الثنائي: الحوار
وفي المقابل لا يبدو ثنائي حركة “امل” و”حزب الله” انهما في وارد الاستجابة لأي طلب او دعوة ايّاً كان مصدرها للتخلّي عن دعم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وبحسب معلومات موثوقة لـ”الجمهورية” فإنّ الجانبين أبلغا اجوبة مباشرة وصريحة بذلك إلى بعض الموفدين، الذين سَعوا الى جسّ نبضهم حيال ما اذا كانوا قد يوافقون على خيار آخر، اذا ما سُدّت الآفاق امام المرشح الذي يدعمونه. حيث اكدا ان التزامهما بدعم فرنجية نهائي ولا رجعة عنه تحت اي ظرف.
واكدت مصادر الثنائي لـ”الجمهورية” انّ ثمة طرحا قديما قدّمه الفرنسيون ويقوم على مُعادَلة فرنجية رئيساً والسفير نواف سلام رئيسا للحكومة، ووافقنا عليه، هناك من يقول ان هذه المعادلة سقطت، ولكن حتى ولو صدق هذا السقوط، فذلك لا يغيّر في موقفنا، الثابت على ان انتخاب رئيس الجمهورية لا بد أن يتم وفق معادلة يكون فيها فرنجية رئيسا للجمهورية. وهذا ما قلناه للموفد الرئاسي الذي كان مُتفهّماً لهذا الموقف.
وفي موازاة تأكيد “الثنائي” على الحوار، دعا رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الى الحوار والتفاهم من اجل انجاز الاستحقاق الرئاسي بأسرع وقت، معتبراً ان ذلك هو المعبر المُتاح وطنيا ودستوريا في ظل عدم تَمكّن اي فريق من ان يؤمّن وصول مرشحه بمعزل عن تعاون الفريق الآخر.
وفي كلمةٍ له في جبشيت، أوضحَ رعد انه “عندما ندعو الطرف الآخر الى الحوار انما ندعوه بموجب دستوري فضلاً عن الموجب الوطني والاخلاقي، في حين نواجه دائماً بالطعن في النوايا لتحميل دعوتنا ما لا تحمله، وذلك تضليلاً للرأي العام وافتراء علينا”.
وخلص الى القول: “من لا يريد الحوار، ماذا يريد؟ انه لا يريد رئيسا، بل فراغ يطول، واستقواء بأجنبي يتوهّم ان يدعم تَعَنّته”.
مُراوَحة
على أن هذه الفترة من الجمود والمراوحة تبدو طويلة الأمد، على ما يقول مرجع مسؤول لـ”الجمهورية”، وما يخشى منه في رأيه هو “أن يصطدم الداخل بوقائع غير محمودة النتائج على كلّ المستويات”.
ويُبدي المرجع عينه خوفا كبيرا على مصير البلد، ويقول: “مصير لبنان بات على المحك، فما من شك انّ حسم الملف الرئاسي بانتخاب رئيس للجمهورية يشكّل الوصفة العلاجيّة الوحيدة للأزمة الراهنة بكل تشعباتها، ولكن أخطر ما يَتهدّد واقعنا المأزوم هو أنّ المسألة ليست إمعاناً في تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية، بِقَدر ما هي دفعٌ من قبل بعض الاطراف إلى تفجير البلد وإحلال واقع كارثي يهدّد بنيته وكيانه ونسيجه الاجتماعي، والفلتان السياسي القائم، بدأت تتسرّب منه نُذر فلتان أوسَع قد لا يستثني المجال الامني، حيث انّ مختلف المناطق اللبنانية تعيش حالاً من القلق، ليس فقط من ارتفاع معدلات الجريمة بكلّ انواعها، بل من فلتان السلاح”.
وردّاً على سؤال عمّا يعنيه دَفع لبنان الى التفجير، اكتفى المرجع بالقول: “المسار القائم تتراكم فيه كل اسباب التفرقة، ونلاحِظ التَموضعات كيف تتمترَس خلف الجبهات. الوضع أشبَه ما يكون على حافة الهاوية، ولم يسبق لي أن كنتُ خائفاً على الطائف كما انا اليوم. ويُخطىء من يعتقد اننا اذا، لا سمح الله، بَلغنا لحظة الانهيار، فإنه يمكن لنا ان نقوم من جديد”.