قالت الصحف: الحكومة على وقع العقوبات الأميركية.. ما هو مصير المبادرة الفرنسية؟
الحوارنيوز – خاص
بين العصا الأميركية والجزرة الفرنسية تضيق خيارات اللبنانيين بشكل عام، وفريق 8 آذار وحلفائه بشكل عام.
صحف اليوم ابرزت في افتتاحياتها تطورات التأليف الحكومي ،وقرأت في قرار وزارة الخزينة الأميركية بفرض عقوبات على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس بحجة شبهة "فساد مالي وتعاونهما مع المقاومة"!
ماذا جاء في إفتتاحيات الصحف؟
• صحيفة "النهار" عنونت:" الولادة الحكومية بين العصا الأميركية والجزرة الفرنسية" وكتبت تقول:" فيما العد العكسي لنهاية مهلة التزام الولادة السريعة للحكومة الجديدة يقترب من لحظاته الحرجة، شكل الاجتماع التشاوري الثاني بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف مصطفى أديب أمس منطلقا لاجتماع ثالث سيعقد هذا الأسبوع، ويفترض ان تعرض فيه مسودة تركيبة الحكومة بتوزيع الحقائب والاسماء ما لم تطرأ عقبات من شأنها عرقلة الولادة الموعودة. والواقع ان المعطيات المتوافرة حيال مسار التأليف تشير الى ان حجم الحكومة التي يتمسك أديب بان تكون من 14 وزيرا وضع على طريق التسوية بينه وبين عون.
ولكن المسالة الأساسية العالقة والأصعب تتمثل في مسألة المداورة التي تثير تباينات بين القوى التي ايدت تكليف أديب. وفي هذا السياق يرفض الثنائي الشيعي ان تنطبق المداورة على وزارة المال التي يعدها خارج اطار الحقائب التي يمكن ان تخضع للمداورة ويتمسك بها للطائفة الشيعية ولو انه لا يعارض إسنادها الى غير حزبي. ولكن الأجواء التي سربت عن لقاء عون وأديب امس وصفته بانه كان إيجابيا وتم خلاله الدخول في التفاصيل وحصل تفاهم على نقاط عدة منها مهمة الحكومة وطبيعة عملها ومبدأ المداورة الذي يحتاج الى تشاور مع الأطراف على ان يكون بت عدد الوزراء في اللقاء المقبل.
وفيما توقعت مصادر عليمة ان تشكل الحكومة قبل انتهاء مهلة الأسبوعين التي حددها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون فهم ان باريس تدفع في هذا الاتجاه وان تكون الحكومة مصغرة ولا تضم سياسيين بل اختصاصيين. وأفادت معلومات ديبلوماسية ان الحدين اللذين تعمل عليهما باريس هما بين اعلان حكومة منتجة وفاعلة تتولى ترجمة الإصلاحات الحقيقية وبين الذهاب الى عقوبات لن تكون فرنسية بل أوروبية موحدة باعتبار ان فرنسا لا تقف وحدها في موقفها من لبنان بل يقف معها الاتحاد الأوروبي أيضا. اذ ان هذه العقوبات ستلحق بالعقوبات الأميركية التي بدأت امس مؤشراتها بما يؤكد التنسيق الجدي بين العاصمتين الفرنسية والأميركية، وان الرئيس الفرنسي حصل على ضوء اخضر كامل من الجانب الأميركي بالنسبة الى مقاربته الوضع في لبنان. وفي هذه الأجواء اتخذ قرار وزارة الخزانة الأميركية امس بفرض عقوبات على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس دلالات بارزة. فمع ان الاجراء كان متوقعا فان الخزانة الأميركية بررت العقوبات على الوزيرين السابقين باتهامهما بدعم "حزب الله " والتورط في ملفات فساد. وتوعدت بان واشنطن "لن تتردد في معاقبة أي فرد او كيان يدعم أنشطة "حزب الله" الإرهابية المحظورة. (راجع التفاصيل في خبر العقوبات (
وفي غضون ذلك اشارت معلومات ديبلوماسية الى ان المسؤولين اللبنانيين، لاسيّما منهم رئيس الجمهورية والرئيس المكلَّف، تبلغوا ان الاتصالات التي أجراها الرئيس ماكرون بالقيادة السعودية، ومستشاروه بالقيادة الإيرانية، تركت في قصر الاليزيه انطباعا بان السعودية كانت متجاوبة مع جهود الرئيس الفرنسي وتمنّت النجاح لدوره في دعم كل ما هو شرعي في لبنان، لكنها تتحاشى حاليًّا التورّط في التعقيدات اللبنانية. اما ايران فأبلغت مستشاري ماكرون أنها لا تتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية ولها الثقة بما يقرره "حزب الله".
• صحيفة "الأخبار" عنونت:" حرب واشنطن على حلفاء المقاومة: عقوبات أميركية على خليل وفنيانوس" وكتبت تقول:" حطّت العقوبات الأميركية، أمس، فوقَ بركان الانهيار المالي الذي تتشابك خيوطه مع مخاطِر اقتصادية واجتماعية وصحية، وأزمة حكومية. واستعاد لبنان، البعد السياسي للخناق الاقتصادي الكامل الذي تريد الولايات المتحدة الأميركية إطباقه حول لبنان بذريعة تطويق المقاومة، ليسَ باستهداف شخصياتها وحسب، بل بليّ ذراعها من خلال حلفائها، لقلب المشهد على الساحة الداخلية. وللمرة الاولى، تصل العقوبات إلى سياسيين رفيعي المستوى من حلفاء الحزب، ومن الذين يُعتبرون صلة وصل أساسية بينه وبين حلفائه وأصدقائه، كما الحزب وخصومه على الساحة السياسية. ولم يكُن أدل على ذلِك، سوى ما قاله مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد شينكر تعليقاً على العقوبات بأنها "رسالة الى كل من يتعامل من الحزب".
مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأميركية (أوفاك) فرض عقوبات على المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل والوزير السابق يوسف فنيانوس "لتعاونهما مع حزب الله وضلوعهما في عمليات فساد" ضمن قانون مكافحة الارهاب، مؤكداً "معاقبة كل سياسي لبناني يساعد حزب الله". وقالت وزارة الخزانة إن "خليل وفنيانوس ما زالا فاعلين رغم خروجهما من الحكومة"، وإن "بعض السياسيين اللبنانيين استخدموا أبواباً خلفية لعقد صفقات مع حزب الله من أجل منافع شخصية على حساب الشعب اللبناني". هذه العقوبات المقررة مسبقاً، حاول المكتب ربطها بعمليات فساد وتفجير مرفأ بيروت لإعطائها شرعية، علماً بأنها رسالة سياسية بامتياز للحزب وحلفائه. قالها شينكر بالفم الملآن أمس: "يجب أن تكون هناك سياسات مختلفة".
كما أن هذه العقوبات تُعد رسالة تهديد شخصية لكل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية بأن تحالفهما مع حزب الله يضعهما في دائرة الاستهداف من قبل واشنطن، فالمستوى الذي طالته العقوبات هذه المرة يؤكّد أن واشنطن أطلقت محركات التصعيد داخل لبنان. ومن المعنيين بهذه الرسالة أيضاً، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والنائب جبران باسيل. تقول لهما واشنطن إن التعامل مع باسيل لن يكون مختلفاً عن التعامل مع فنيانوس وخليل، في حال قرر رئيس التيار الوطني الحر الاستمرار في التحالف مع الحزب. عقوبات يوم أمس هي محطة مفصلية في الحرب الأميركية على المقاومة، لجهة السعي إلى عزلها في الداخل، بعد ممارسة الضغوط القصوى على عدد من الدول الأوروبية، كألمانيا، لتصنيف الحزب منظمة إرهابية. وليس أدل على الجهود الأميركية المبذولة ضد المقاومة من اتفاقية التطبيع بين صربيا وكوسوفو التي وقعتها الدولتان في البيت الأبيض يوم الجمعة الماضي. ففي الاتفاق الذي رعاه دونالد ترامب، تمكّنت الإدارة الأميركية من فرض بند وقّع عليه رئيسا الدولتين البلقانيتين، تعهدا فيه بتصنيف حزب الله منظمة إرهابية!
وفيما يرى مراقبون أن قرار العقوبات الأميركية على خليل وفنيانوس يناقض المسعى الفرنسي لتأليف حكومة، أكّد سياسيون رفيعو المستوى أن القرار الأميركي يأتي في سياق ضغوط مكمّلة لمبادرة ماكرون. فواشنطن وباريس، وبصرف النظر عن اختلاف السياسات التي تنتهجها كل منهما وعن المدى الذي تريد كل من العاصمتين بلوغه، تهدفان إلى إضعاف حزب الله وحلفائه. والعقوبات سلاح تستخدمه واشنطن، فيما تلوّح به باريس، للضغط على القوى غير الموالية للغرب في لبنان. وفي مقدور الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، استخدام عصا العقوبات الأميركية للضغط على مختلف القوى السياسية للسير بما يريده.
مكتب الخزانة الأميركي اتهم حزب الله باستغلال علاقته مع المسؤولين اللبنانيين، بمن فيهم فنيانوس، لسحب أموال من الميزانيات الحكومية، وتجيير عقود مع الدولة لصالح شركات مرتبطة بالحزب، وأن الأخير منح فنيانوس مئات الآلاف من الدولارات مقابل خدمات سياسية. وقال مكتب الخزانة إن "فنيانوس يلتقي بوفيق صفا أحد قياديي الحزب، وساعد حزب الله في الوصول إلى وثائق قانونية حساسة متعلقة بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وعمل كوسيط بين الحزب وبعض السياسيين". وإضافة الى أنشطته مع الحزب، "انخرط فنيانوس في عمليات فساد، وذلك أثناء توليه منصبه كوزير للنقل من خلال تحويل أموال لدعم حلفائه وتقديم الامتيازات لهم". أما الوزير خليل فهو، بحسب ما صنّفه مكتب الخزانة، "كانَ واحداً من المسؤولين الذين استخدمهم الحزب لتحقيق مكاسب مالية". وقال إن "حزب الله عقد مع خليل اتفاقاً قبل فترة وجيزة من الانتخابات النيابية الأخيرة، حيث كان خليل مستعداً لتلقّي الدعم مقابل نجاحه. كما عمل خليل على نقل أموال للالتفاف على العقوبات وضمان عدم فرضها على مؤسسات أو وزارات تابعة للحزب. كما استخدم منصبه كوزير مالية في محاولة لتخفيف القيود المالية على الحزب كي لا يواجه الأخير صعوبات في نقل الأموال، وقد أعفى أحد المسؤولين أو المنتسبين للحزب من دفع الضرائب على الإلكترونيات المستوردة الى لبنان. ومنذ العام 2019 رفض خليل التوقيع على شيكات مستحقة الدفع للموردين الحكوميين في محاولة منه للحصول على عمولات، وكان يطالب بنسب من العقود له مباشرة".
وبعد إعلان العقوبات على الوزيرين خليل وفنيانوس التي ستشمل تجميد الأصول، أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن بلاده "ستُعاقب كل سياسي لبناني يساعد حزب الله"، كما "سنُحاسب أي شخص يساعد حزب الله على تنفيذ أجندته الإرهابية"، بينما لفت مساعده ديفيد شينكر، في إيجاز صحافي، إلى أن "العقوبات سببها توفيرهما الدعم لحزب الله، ولذلك يجب أن يتحملا المسؤولية والعقوبات"، مشيراً الى أن "خليل وفنيانوس قدّما دعماً ماديا لحزب الله وكانا منخرطين في توفير الدعم السياسي والاقتصادي له، إضافة الى انخراطهما في الفساد في لبنان". أما في ما يتعلّق بالحكومة فقال "إننا نختلف مع الحكومة الفرنسية في ما يتعلق بوجود جناح سياسي للحزب، نحن نعتبر أنه تنظيم إرهابيّ"، وأضاف "نحن نركّز على المبادئ أكثر من الأشخاص، ونريد أن يتحمّل الفاسدون مسؤولية أفعالهم وأن تتمّ محاربة الفساد"، وإذا "التزمت الحكومة بهذه الأمور، فنحن نتطلع الى العمل معها"، مشدداً على أنه "يجب أن لا يكون هناك تدخل خارجي في تأليف الحكومة. الفرنسيون حاولوا دفع الأمور، ونحن على تنسيق معهم. وأكد شينكر "أننا لم نصل الى اتفاق بشأن ترسيم الحدود. ديفيد ساترفيلد قضى سنة كاملة بين لبنان وإسرائيل محاولاً الوصول الى إطار عمل لبدء المفاوضات. هذا الأمر كان يجب أن ننتهي منه منذ وقت طويل، لأنه سيفتح المجال أمام لبنان وإسرائيل لتحقيق التقدم".
• وتحت عنوان :" عقوبات أميركية تحت جنح التأليف والحكومة أكثر من 14 وأقل من 24" كتبت صحيفة " الجمهورية" تقول:" … لا يزال الرئيس المكلّف مصطفى أديب ضمن المهلة المحددة فرنسيّاً بـ15 يوماً، وبمعزل عمّا إذا كانت هذه المهلة هي مهلة حَضّ أم إلزامية، فإنه لا مبرر أساساً حتى في الأوقات العادية لأن يستغرق تأليف الحكومة أكثر من أسبوعين، فكيف بالحري بعد الانهيار الحاصل الذي يستدعي تأليف الحكومة في غضون أيام لا أسابيع. فالمبادرة الفرنسية، في رأي مصادر معنية، هي فرصة للبنان من أجل الخروج من أزمته وعلى المسؤولين التقاطها سريعاً، لأنه خلاف ذلك سينزلق البلد إلى المجهول، والوقت ليس للمحاصصات ومواقع النفوذ والفراغ الطويل وعَض الأصابع والكباش السياسي، خصوصاً انّ هذا الفراغ بالذات أثّر ويؤثر على الوضع المالي، إنما الوقت هو للانقاذ الذي وضعت باريس خريطة طريقه يبدأ بتأليف سريع ولا ينتهي ببرنامج وزاري إصلاحي واضح المعالم.
ومن الواضح انّ الرئيس المكلف يعمل بصمت وجهد بعيداً عن الضوضاء من أجل تشكيل الحكومة التي تجسّد متطلبات المرحلة مالياً واقتصادياً ومعيشياً، وكل ما يسرّب يدخل في باب التكهنات والضغوط عليه وجَس نبضه بغية دفعه للخروج عن صمته، ولكنه ما زال صامداً ويجري معظم مشاوراته بعيداً عن الأضواء.
وقالت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية" انّ "كل من يعتقد انه بالشروط التي يضعها على الرئيس المكلف يستطيع تحسين شروط مشاركته في السلطة، هو يعيش في كوكب آخر، لأنّ هذا النمط من الحكومات مرفوض دولياً والدليل الحكومة المستقيلة، وأي محاولة لإعادة إنتاج النسخة نفسها سيكون مصيرها الفشل ذاته، فيما يجب الخروج من التفكير المعلّب باتجاه نمط جديد واستثنائي تماشياً مع المرحلة الاستثنائية".
ولاحظت هذه المصادر انّ "وضع أديب يختلف عن وضع الرئيس حسان دياب، فهو مدعوم بمبادرة فرنسية وخط ساخن مفتوح مع الرئيس الفرنسي ينقل إليه من يضع العصي في دواليب حركته التأليفية. وبالتالي، الطرف المُعرقِل سيظهر أمام ماكرون على حقيقته، وان ّوعوده بالتسهيل لم تكن في محلها، ما يعني انه سيدخل في مشكلة مع الرئيس الفرنسي وليس فقط مع أديب. ولا يبدو انّ باريس في وارد التساهل مع المعرقلين، وليست في وارد الفشل في مبادرتها اللبنانية، وبالتالي يتكئ أديب على قوة دفع وكاسحة ألغام قادرة على تعبيد طريق التأليف بما يتوافق مع شروط المرحلة لبنانياً ودولياً، ويفسح في المجال أمام لبنان بتحقيق الإصلاحات المطلوبة تمهيداً لفتح باب المساعدات بما يعيد تدريجاً الاستقرار المطلوب". واشارت الى انّ الشعب اللبناني لن يتسامح مع كل من يمكن ان يفوِّت عليه فرصة الإنقاذ الفرنسية، وهنا بالذات تكمن قوة أديب الذي يتسلح بالعصا الفرنسية من جهة، والعصا الشعبية من جهة أخرى. وبالتالي، فإنه لن يتردد في وضع المعرقلين أمام خيار واضح المعالم: بتِمشو بشروط البلد والأزمة أو بمشي؟".
وبحسب مصدر سياسي مطلع انّ مرحلة التشكيل الفعلي قد بدأت أمس، إذ انقضى اسبوع من مهلة الـ 15 يوماً التي التزمت فيها الاطراف السياسية امام الرئيس الفرنسي لولادة الحكومة، وبَدا أنّ المدة التي استُهلِكت منها كانت للـ"تِحماية"، على حد قول المصدر، الذي اكد انّ شيئاً لم يحصل بعد، وانّ الجميع ينتظر الرئيس المكلف المُقِل بالكلام ليس فقط في الاعلام إنما ايضاً مع من يجب ان يبحث معهم في التشكيل…
وفي هذه الاجواء زار أديب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا عند الرابعة عصر أمس، وأطلعه على نتائج المشاورات التي يجريها لتشكيل الحكومة. وبعد اللقاء، اكتفى أديب بالقول: "نحن في مرحلة التشاور مع فخامة الرئيس، وإن شاء الله كل الخير". لكنه، وعند خروجه من القصر الجمهوري، نُقِل عنه قوله انّ التسريبات التي تتحدث عن تشكيلات حكومية لا اساس لها من الصحة، داعياً الى عدم التوقف عندها. واضاف: "كل ما تسمعونه من اسماء وارقام لا صحة لها".
روايتان
وتنازعت زيارة اديب لعون روايتان، الاولى أفادت بأنه لم يحمل معه الى بعبدا اي تشكيلة او مسودة او حتى تصور، لكنّ اجواء لقائه مع رئيس الجمهورية كانت جيدة لجهة التفاهم على نقاط اساسية ودخل البحث في تفاصيل التشكيل إنما من دون الحسم، وقد وعد اديب ان يعود الى بعبدا قبل "الويك إند" لاطلاع عون على مسودة حكومية كاملة من حيث الشكل والحجم وتوزيع الحقائب والاسماء، ليُصار الى التشاور حولها وجَوجلتها مع رئيس الجمهورية، بحسب ما ينص عليه الدستور، وقد اخذ مبدأ المداورة في الحقائب السيادية والاساسية الحَيّز الاكبر من البحث، وما اذا كانت وزارة المال تدخل في هذه المداورة ام تبقى خارجها كون الثنائي الشيعي يعتبرها من المسلّمات الميثاقية غير القابلة للتفاوض.
وقد طلب اديب طرح هذا الامر مع جميع الافرقاء للاتفاق على معايير موحّدة تسري على الجميع، امّا عدد الوزراء فسيحسم خلال الساعات المقبلة مع مَيل الى رَفعه الى أكثر من 14 وزيراً وخفضه الى اقل من 24، بحيث توكَل الحقائب السيادية والاساسية التي سيكون لها دور مباشر في تنفيذ الاجندة الاصلاحية الى وزير فقط، امّا بعض الحقائب التي يعتبر دورها ثانوياً في هذه الفترة فيمكن ان تدمج مع حقيبة اخرى وتسند الى الوزير نفسه. كذلك تطرق البحث الى التوزيع الطائفي داخل التشكيلة الوزارية مع تجنّب إلحاق غبن بطائفة معينة. واكد اديب لعون انه سيجري خلال الساعات القليلة المقبلة جولة مشاورات واتصالات ولقاءات مع الكتل الاساسية، لوضع تصور اولي للتشكيلة الوزارية العتيدة.
اما الرواية الثانية فأفادت بأنّ اوساط قصر بعبدا والرئيس المكلف تلاقت ليلاً على التأكيد انّ اللقاء بينهما "كان ايجابياً وظهر الارتياح على وجهَيهما، وانّ التفاهم قائم على حماية ما هو مطروح للنقاش في الكواليس قدر الامكان، بدليل انّ اتصالات الرئيس المكلف ما زالت تجري في الخفاء على قاعدة انه التقى وتحدث الى كل ما يريد ان يلتقي ويتحدث معه، من دون الإشارة الى اي أسماء. وتم الاتفاق على انّ لقاء آخر سيعقد خلال الـ 48 ساعة المقبلة للدخول في الأسماء والمزيد من التفاصيل".
من جهة اخرى لفتت اوساط الرئيس المكلف، عبر "الجمهورية"، الى انه ما زال يطالب بـ"حكومة صغيرة" وإن لم تنجح تركيبة الـ 14 وزيراً فالعشرينية هي الحد الأقصى، وقد تكون ابغض الحلال. وانّ العودة الى تركيبات ثلاثينية ليس أوانها، فالرئيس المكلف ليس مستعداً لتحَمّل تَبعات مثل هذه التركيبة الفضفاضة التي لا تحتاجها البلاد، وإذا كان الفريق صغيراً يتحقق مزيد من التضامن والتعاون، كما بالنسبة الى الفاعلية على اكثر من مستوى".
وتلاقت مصادر بعبدا مع هذه الأجواء عندما قالت لـ"الجمهورية" انّ عون "ليس مصرّاً على تشكيلة واسعة. ولكنه في الوقت عينه نصح الرئيس المكلف وتمنى عليه مواصلة الاتصالات والمشاورات التي يجريها ليبني عليها النتائج التي تقود الى الصيغة الملائمة". واكدت "ان القرار موجود لدى الطرفين بالتفاهم والتعاون على مواجهة المرحلة المقبلة قياساً على اهميتها وخطورتها، فالبلد لا يتحمل المناكفات وانّ التوصّل الى فريق عمل حكومي متضامن هو سلاح مهم لا يجب ان يستخف به أحد".
وفي جانب من اللقاء تناول البحث المهمات التي تنتظر الحكومة، فهي في معظمها باتت مرسومة بدقة نتيجة التطورات الناجمة عن تفجير المرفأ، والحاجة الى معالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي وترميم علاقات لبنان مع الخارج، خصوصاً مع الدول المانحة عبر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي يجب ان تكون اولوية لاستعادة الثقة الداخلية والاقليمية والدولية. فالجميع يعرف ما هي النقاط التي يجب مقاربتها لإحياء واستعادة هذا الحوار في أسرع وقت ممكن، من النقطة التي تم التوصّل اليها من قبل، مع الإصرار على حسم الموقف الرسمي من مقتضياته لجهة توحيد أرقام الخسائر في القطاع المصرفي واقرار قانون "الكابيتال كونترول" والاصلاحات الاولية المطلوبة، والتي باتت على كل جداول اعمال القوى الداخلية والخارجية، وتحديداً بعدما تحدثت عنها المبادرة الفرنسية التي جمعت النقاط المشتركة التي توافر حولها إجماع داخلي ودولي في آن، وبالحد الأدنى الذي يضمن الانطلاق بآلية عمل جديدة غير تقليدية.