قالت الصحف: الادعاء على سلامة لمحاكمته أم لحمايته؟
الحوارنيوز – خاص
طغى الخبر القضائي أمس على ما عداه من قضايا واستحقاقات وإن كان البعض اعتبره جزءا من صراع أشمل بين اركان الحكم.
وثمة من اعتبر أن الادعاء على حاكم مصرف لبنان وشقيقه ومساعدته أمس أتى ليحمي سلامة من احتمال الادعاء عليه من القضاء الفرنسي أو أي سلطة قضائية خارجية تعتبر نفسها ذات صلة بالقضية.
- النهار: القضاء “ينطق” بملاحقة سلامة ومعارضة ميقاتي
تقول: أي اثر مباشر محتمل يمكن ان يتركه الادعاء القضائي امس على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في عز احتدام مواجهة كبيرة ومتعاظمة وغير مسبوقة تتداخل فيها عوامل الصراع السياسي مع عوامل الصراع المصرفي – القضائي وفي أسوأ ظرف انهياري وأزمة فراغ رئاسي يمر بها لبنان؟
في الواقع اكتسب هذا التطور الجديد، (رغم اعتبار البعض انه منسق لتوطين التحقيق وحماية سلامة من ادعاءات خارجية) ولو ان بعض مؤشراته السابقة لا تجعله حدثا مفاجئا، وقعا قويا إضافيا نظرا الى ما باتت تختزنه المواجهة القضائية – المصرفية من فائض خطير في التعقيدات وفي ظل ما تتسبب به من تسعير للصراع السياسي والسجالات البالغة الحدة بين فريق “التيار الوطني الحر” المنخرط بلا هوادة في الحرب على حاكم مصرف لبنان ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي. ولكن الادعاء على سلامة أمس اتسعت دائرة انعكاساته لجهة اثارة الكثير من التساؤلات والاحتمالات ليس اقلها ما اذا كان يمكن ان يؤدي الادعاء ومن بعده التحقيقات التي ستجرى الى توقف الحاكم سلامة عن مزاولة مهماته واي تداعيات مالية ومصرفية ستنشأ عن هذا الاحتمال وما قد يستتبعه من اثار مالية وسياسية. ولا تأتي اثارة هذا الاحتمال من فرضيات بل ان ما يؤكد جدية الامر وخطورته هو ان سلامة نفسه سارع عقب اعلان نبأ الادعاء عليه الى التبرؤ مما نسب اليه من اتهامات ولكنه قرن ذلك بإعلان استعداده لالتزام الإجراءات القضائية التي ستتخذ بعد الادعاء من دون إيضاح التفاصيل.
تبعا لذلك يبدو واضحا ان تعقيدات المواجهة المفتوحة اكتسبت درجة عالية من السخونة والتصعيد في ظل التخوف من انعكاساتها الجديدة على الازمة المالية وتدهور سعر الليرة واستفحال الارتفاع في سعر الدولار فضلا عن الانسداد الذي يرجح ان يطبع ازمة اضراب المصارف مجددا ولو ان معطيات كانت تشير الى امكان فك الاضراب في مطلع الأسبوع المقبل.
كما ان المشهد زاد سخونة لدى اصدار مجلس القضاء الأعلى بيانا بموقف سلبي من الاجراء الأخير الذي اتخذه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي فخرج مساء عن صمته واصدر بيانا جاء فيه:”تعقيباً على القرارين الصادرين عن السيد رئيس مجلس الوزراء والسيد وزير الداخلية والبلديات بتاريخ 22/2/2023، بالرقم 292/ص و11/س، بموضوع “إجراء المقتضى القانوني والحفاظ على حُسن سَير العدالة”،
وعملاً بمبدأَي فصل السلطات واستقلالية السلطة القضائية المكرّسين دستوراً وقانوناً، وتأسيساً عليهما، يدعو مجلس القضاء الأعلى السيد رئيس مجلس الوزراء والسيد وزير الداخلية والبلديات للرجوع عن القرارين المذكورين أعلاه اللذين يمسّان بهذين المبدأين، ويؤكد أنه يعمل على تأمين شروط إنتظام العمل القضائي وحُسن سَير العدالة، وذلك وفقاً للأصول والأحكام القانونية المرعية الإجراء، والمصلحة العامة والمصلحة العليا للدولة”.
لكن معلومات أفادت لاحقا ان ثلاثة أعضاء في مجلس القضاء الأعلى أكدوا ان المجلس لم يعقد جلسة أمس بسبب فقدان النصاب وانهم اعترضوا على البيان الصادر باسمه.
- صحيفة الأخبار عنونت: الخطوة الأجرأ في تاريخ القضاء: رياض سلامة… رجاء ارحل!
وكتب تحت هذا العنوان إبراهيم الأمين يقول: ليس أمراً عادياً ما حصل أمس. الادعاء على حاكم مصرف لبنان يمثل علامة فارقة في مسيرة المحاسبة القضائية في لبنان. ما فعله القاضي رجا حاموش كان يفترض أن يقوم به قضاة آخرون قبل أكثر من سنة. لكن بعضهم خاف أو خضع أو تورط في ما هو غير معروف، وهرب من القيام بواجباته البسيطة. وإذا كانت الشكوك ستستمر حول مسار القضية بعد إحالتها إلى قاضي التحقيق، فإن ذلك لا يلغي حقائق أساسية:
أولاً، لقد قدم القاضي جان طنوس نموذجاً احترافياً رفيع المستوى في متابعته لهذا الملف، ليس فقط في ملاحقة من يجب الاستماع إليهم، بل بعدم الابتعاد عن لب القضية المتعلقة بحماية المال العام، ولم يقبل في كل مراحل التحقيقات الخضوع لنمط العلاقات السيئة التي تحكم القضاء بالحاكمين من سياسيين ورجال أعمال ومال وأجهزة أمنية. وطنوس نفسه، الذي عرف كيف يستعين بعصا القضاء الدولي، لم يقبل تدخل القضاء الأوروبي في عمله، ولم يوافق يوماً على أي خطوة من شأنها تشريع الأبواب أمام تدخل خارجي يقود إلى هيمنة أو وصاية دولية مرغوبة من قبل قضاة قبل أن تكون مطلوبة من سياسيين وحتى من مواطنين. ما قام به طنوس على مدى شهور طويلة، تحول إلى مثل يمكن لمن يرغب من القضاة الأخذ به في مواجهة كثير من الملفات الشائكة التي لا تزال حبيسة الأدراج، وأبرزها سرقة العصر المتمثلة بشركة سوليدير وأفعالها، وهو الملف الأكثر حساسية من ملف الحاكم، لكنه بقي أسير الحسابات والمداخلات السياسية وأسير موقف لا يزال غير مبرر من قبل النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم.
ثانياً: صحيح أن النيابات العامة تخضع بشكل أو آخر لتأثيرات السلطة التنفيذية، وصحيح أيضاً أن النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات تعرض لضغوط مباشرة، من رؤساء ومرجعيات روحية واقتصادية وحتى من جهات ديبلوماسية، وقد أظهر بعد التردد في مراحل سابقة، خصوصاً عندما وافق على تعطيل عمل القاضي طنوس بطلب من الرئيس نجيب ميقاتي. إلا أن عويدات يعرف بخبرته أنه لا مجال لإخفاء معالم جريمة بهذا الحجم، وعندما كان يقتنع يوماً بعد يوم بما يفعله القاضي طنوس، كان يقتنع أكثر فأكثر بضرورة القيام بخطوة عملانية. وعندما تسلم ملف الادعاء من طنوس بادر إلى الطلب من القاضي زياد أبو حيدر تنفيذ أمر الادعاء على سلامة، لكن الأخير، الذي ظهر منحازاً في ملفات كثيرة، سارع إلى الهروب من الواجب الوطني والمهني والأخلاقي، قبل أن يعود الملف إلى القاضي حاموش، الذي تعرض بدوره لضغوط وحملات مكتومة، أريد منها اتهامه بأنه سيخضع وسيتهرب من المهمة، قبل أن يقوم بما قام به أمس.
ثالثاً: إن سابقة الادعاء على حاكم مصرف لبنان في لبنان تسجل حتى ولو كان كل ما يحصل يهدف إلى إعادة لملمة الملف بحجة أو من دونها. لكن العبرة هي أن الحاكم الذي بات محل اشتباه رسمي من قبل هيئات قضائية، في لبنان وأوروبا، لا يزال يجد نفسه في موقع القادر على كسر الملاحقة القانونية، وهو وإن عبر عن اعتراضه وإيمانه ببراءته، إلا أن «شجاعته» تبقى محصورة في عدم الإذعان لصوت الناس والقضاء. وما عليه سوى الخروج من منصبه من تلقاء نفسه، والذهاب إلى منزله بانتظار استكمال التحقيقات معه، ومن المفيد هنا، أن يعلم سلامة بأن أي خطوة يقوم بها ابتداء من اليوم، ستكون محل تشكيك حتى ولو قرر إعادة الأموال المتهم باختلاسها. رابعاً: يعرف اللبنانيون أن السلطات التشريعية والتنفيذية في لبنان ليست سعيدة بالخطوة، إذ إن الادعاء أصاب شريكاً أساسياً لهم خلال ثلاثين سنة. وهو القلق نفسه الذي ينتاب قسماً غير قليل من العاملين في القطاع المصرفي، وآخرين يعملون في السياسة والتجارة والإعلام. لكن، هذا التحالف، الذي يضم أيضاً بعض «ثوار السفارات»، لا يمكنه أن يتجاهل الأمر، وإن كنا نتوقع أن يتصرف هؤلاء بغباء وإنكار، وأن يعمدوا إلى مساعدة سلامة ليس على البقاء في منصبه الآن، بل على التجديد له إن أمكن، وعلى منع محاكمته أيضاً.
خامساً: ما قام به القضاء أمس، يجب أن يكون رسالة إلى القضاء الأوروبي، ومن خلفه الحكومات الغربية والمؤسسات المالية الدولية، بأنه لا يمكن التصرف مع اللبنانيين على أنهم كلهم على شاكلة حلفائهم أو أزلامهم في لبنان، وبدل أن يدخلوا البلاد في كذبة جديدة مثل المحكمة الخاصة باغتيال رفيق الحريري، يجب أن يعمدوا إلى تقديم كل ما لديهم – ولديهم الكثير الكثير – من المعطيات والأدلة التي تدين سلامة ليس فقط في جريمة تبييض أموال يشتبه في أنه اختلسها من المال العام في لبنان، بل من خلال إشهار هوية شركائه من الدول الأوروبية نفسها، وعلى هؤلاء مساعدة القضاء في لبنان على إنجاز مهمته، لا العمل على احتوائه من أجل فرض الوصاية والفوقية وما هو أبعد من ذلك.
لا أحد في هذه البلاد، يمكنه الحصول على جواب شاف حول ما إذا كان سلامة سيتنحى من تلقاء نفسه عن مهامه حتى ينتهي التحقيق، لكن الأكيد، أنه بات علينا جميعاً، التعامل معه من الآن فصاعداً على أنه مشتبه فيه في اختلاس مال بيت مال اللبنانيين، بالتالي، لا يجب السكوت بعد على بقائه مشرفاً على بيت المال هذا لحظة واحدة…
- صحيفة الأنباء عنونت: القضاء اللبناني يتشظى وبارقةُ العدالة تلوح من الخارج.. والأزمة النقدية تشتد
وكتبت تقول: عزّز حكم محكمة العدل العليا البريطانية لصالح عائلات الضحايا الذين سقطوا في انفجار مرفأ بيروت ضد الشركة الإنكليزية SAVARO Ltd، الآمال بتحقيق العدالة ولو من خارج حدود السلطة القضائية اللبنانية التي تتهالك يوماً بعد يوم بكل أسف. إذ بعد سنة ونصف السنة على إنطلاق الدعوى المدنية ضد الشركة وتبادل اللوائح وعقد جلسات عدة، حكمت محكمة العدل العليا البريطانية بمسؤولية الشركة تجاه الضحايا الممثلين في الدعوى المرفوعة من مكتب الادعاء في نقابة المحامين في بيروت، وافتتحت المرحلة الثانية من المحاكمة، وهي مرحلة تحديد قيمة التعويض الذي يستحق.
وتعقيبا على ذلك، أكد المحاميان نصري دياب وكميل أبو سليمان، المكلفان بهذا الملف، “الأهمية الأساسية لهذا الحكم، كونه أول قرار قضائي يسمي أحد المسؤولين عن الفاجعة، وهذه التسمية تشكّل أول واقعة ثابتة قضائيا، ما يفتح الباب واسعا على ملاحقة المسؤولين الآخرين، خاصة أن المحاكمة أدت إلى الكشف عن مستندات ووقائع قد تفيد ملف انفجار المرفأ، مما يمهّد لإجراءات أخرى في الخارج وفي لبنان”.
وقد أكد المحامي والخبير القانوني سعيد مالك لجريدة الأنباء الالكترونية “أن هذا الحكم أظهر مسؤولية شركة سفارو عن الشحنات وسماها بالاسم، وهذه تعتبر خطوة أولى من رحلة الألف ميل، وهذا القرار يثبت مسؤولية الشركة المذكورة ويؤكد أحقية المطالبة بلجنة تقصي حقائق دولية”.
أما في الشأن القضائي المحلي حيث التخبط سيد الموقف، فإن السجالات تشتعل على خلفية ملف ملاحقة القاضية غادة عون لعدد من المصارف والطلب الذي أرسله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى وزير الداخلية للإيعاز للأجهزة الأمنية عدم تنفيذ استنابات عون، في وقت لم يؤد القرار بعد إلى تعليق المصارف إضرابها الذي يأمله رئيس الحكومة قبل نهاية الشهر.
في هذا السياق أمل الخبير المالي والاقتصادي الدكتور نسيب غبريل أن تكون أوضاع المصارف ذاهبة الى التحسن، معتبرا في حديث مع جريدة الأنباء الإلكترونية أن “موضوع ارتفاع الدولار في جزء منه مرتبط بالسوق الموازي، وهذه المشكلة ظهرت في اوائل ايلول 2019 بسبب شح السيولة وتراجع تدفق رؤوس الأموال لغاية اليوم، ولم تتم معالجة هذا الأمر منذ ذلك التاريخ، هذا من جهة، ومن جهة ثانية ما يتحكم بالسوق الموازي والمضاربين بسعر الصرف”، وأضاف: “هناك أيضاً فئة ثالثة من مصلحتها عدم تراجع سعر الصرف كي لا يؤدي الى خسارتها”، داعيا إلى “الاستغناء عن السوق الموازي بالكامل والعودة الى السعر الرسمي، وهذا لا يتم إلا بعد استعادة الثقة وتدفق الأموال وتنفيذ الإصلاحات، ويتطلب اجراءات تؤدي الى تراجع سعر الصرف”.
وفي الجانب القانوني بما يتعلق بإجراءات القاضية عون، اعتبر الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك في حديث إلى جريدة الأنباء الإلكترونية أنه “من الثابت أن القاضية عون اقترفت العديد من الأخطاء والمخالفات القانونية، وبالأخص بما يتعلق بالصلاحية الوظيفية وعدم تبلغ طلبات الرد، وكلها أمور تسجل على عون، وهذه مسؤولية النائب العام التمييزي ومجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي. فهؤلاء هم المخولين بمحاسبتها. أما لجهة مذكرة الرئيس ميقاتي فهذا يعتبر ضرب لقاعدة الفصل بين السلطات بغض النظر عن الهدف الذي يسعى إليه ميقاتي في الحفاظ على هيبة القضاء”، وأضاف: “كان يجب ألا تذهب الأمور بهذا الاتجاه”، عازياً السبب لوصول الأمور إلى هذه النتيجة الى “تلكؤ مجلس القضاء الاعلى والتفتيش القضائي تجاه المخالفات والممارسات القضائية”، معتبرا أن “ليس بإمكان السلطة التنفيذية التدخل في أمور القضاء”، ووصف ما يحصل بأنه “مظهر من مظاهر التحلل المتفشي الذي نعانيه اليوم بسبب هذا الخلاف العمودي القائم وهو ما اوصلنا الى هذه النتائج”.