سياسةمحليات لبنانية
قالت الصحف: الإقتراحات الميقاتية لتجاوز الأزمة مع السعودية.. حب من طرف واحد
الحوارنيوز – خاص
دار المشهد السياسي الداخلي أمس حول سلّة الأفكار التي اقترحها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بشأن حل الأزمة التي نشأت مع المملكة العربية السعودية، ويقضي الحل بإستقالة طوعية للوزير قرداحي أو إقالته في حال تمنعه. غير أن المبادرة الميقاتية لم تفصح عن الخطوة التي تلي الإستقالة أو الإقالة؟
-
صحيفة “النهار” عنونت:” الموقف المتقدم لميقاتي عاجله تصعيد الحزب” وكتبت تقول:” أي أثر سيكون للموقف المتقدم “والاستثنائي” الذي أطلقه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس من السرايا، غداة عودته من لقاءات غلاسكو وعقب لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون بعدما “عاجل” الفريق الذي اطلقت إليه رسائل ميقاتي أي “حزب الله ” تحديداً موقفه هذا بالضربة القاضية الفورية؟
بدا لكثير من المراقبين ان ميقاتي عندما أعلن مواقف عالية السقف من “التعطيل من داخل الحكومة” ومن “لغة التحدي والمكابرة” ومن “فرض الرأي عبر المنابر الإعلامية” ومن ثم بالتمسك بالعمق العربي للبنان وخصوصا العلاقات مع المملكة العربية السعودية، كل هذه الرسائل الساخنة التي ميزت موقفه عن مواقف “الشركاء” المنخرطين في المواجهة العبثية مع السعودية والدول الخليجية مهدت لمرحلة جديدة داخلية من شدّ الحبال الحاد بين ميقاتي وهؤلاء الافرقاء الذين “يقطرهم” خلفه “حزب الله”. وإذ بدا واضحا ان ميقاتي أراد توظيف الدعم القوي لبقاء الحكومة وإعادة تفعيلها، الذي تلقاه عبر لقاءات غلاسكو ولا سيما منها الأميركية والفرنسية، شدد تحرك ميقاتي نحو الرئيس عون ومن نحو رئيس مجلس النواب نبيه بري على مسارين متوازيين هما اقناع او اقتناع وزير الاعلام جورج قرداحي بالاستقالة الفورية كإجراء لم يعد من مفر من اتخاذه كحد ادنى للبدء باحتواء تداعيات العاصفة السعودية -الخليجية، وتأمين انعقاد جلسات مجلس الوزراء بعزل هذا المسار عن المسار القضائي المتصل بموقف الثنائي الشيعي المطالب بتنحية المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت #طارق البيطار. وشكك المطلعون في ان يكون ميقاتي مضى في هذا الاتجاه لو لم يلق مؤشرات موافقة عليه من الرئيس عون فيما سعى بعد ذلك إلى الحصول على موافقة الرئيس بري وطلب مساعدته لإقناع “حزب الله” به.
بيد ان الجواب السلبي على ميقاتي لم يتأخر اذ جاء أولا وبسرعة عبر وزير الاعلام جورج قرداحي معلنا بعد اقل من ساعتين على إلقاء ميقاتي كلمته في السرايا “انني لن أستقيل وموقفي لم يتغير”. ومن ثم جاء في بيان “كتلة الوفاء للمقاومة” التي رجعت صدى المواقف النارية والهجومية من السعودية ومن الوضع الداخلي التي كان أعلنها نائب الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم فشددت على رفض “الإملاءات الخارجية حول خطوات عمل الحكومة، إزاء هذه المسألة أو غيرها”، ورأت في ذلك “اتجاها لطعن الكرامة الوطنية من جهة أو لتهديد استقرار البلاد والإطاحة بالانتخابات النيابية من جهة أخرى، فضلا عن كونها لن تعالج الأزمة المفتعلة، بل ربما تزيد من تفاقمها”. كما اكدت أنها “تتمسك بموقفها الداعي إلى تنحية المحقق العدلي القاضي طارق البيطار عن مواصلة التحقيق في كارثة انفجار مرفأ بيروت”.
ويبدو ان الموقف المتشدد في رفض استقالة قرداحي بعد موقف ميقاتي، دفع الامور إلى متاهة تصعيدية داخل “البيت الحاكم والحكومي” منذرا بكباش حاد يتعين رصده في الساعات المقبلة. ذلك ان ثمة معطيات تحدثت عن تداول وضع احتمال اقالة قرداحي على الطاولة في شكل جدي من خلال العمل على توفير أكثرية الثلثين الدستورية في مجلس الوزراء. ولكن هذا الاتجاه بدا مشكوكا فيه لانه يتوقف على صعوبة توفير الثلثين من الوزراء أولا ومن ثم على التحسب لردة فعل السلبية للثنائي الشيعي و”تيار المردة” حياله بما قد يطيح الحكومة كلا.
-
صحيفة “الاخبار” عنونت:” تسوية ميقاتي لن تمر” وكتبت تقول:” مبادرة محكومة بالفشل، على ما يبدو، تلك التي أطلقها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أمس، فعمّق مأزق حكومته جراء سعيه إلى استرضاء الرياض وعدم مواجهة قرارها بمحاصرة لبنان، من دون حتى أي ضمانات بإمكان قبولها «العرض الميقاتي».
رئيس الحكومة، العائد من قمة المناخ في اسكتلندا، بدعم دولي كبير لبقاء الحكومة، بدأ اتصالات مكثفة مع القوى السياسية الرئيسية لتسويق «تسوية» تقوم على استقالة الوزير جورج قرداحي أو إقالته، وإعلان حكومي يسمح بفتح الأبواب أمام وساطات عربية ودولية مع الرياض، مشيراً إلى أن تخفيف التوتر مع السعودية ودول الخليج سيساعد لبنان في ما يتعلق بملفات التفاوض على المساعدات المالية.
بناء عليه، فإن مدخل هذه التسوية، وفق ميقاتي، هو استقالة قرداحي أو إقالته، إما بـ«مبادرة مسيحية» أو عبر دعوة مجلس الوزراء إلى جلسة يكون على جدول أعمالها بند إقالة وزير الإعلام في حال استمر في رفضه الاستقالة. لذلك، عاود رئيس الحكومة التواصل مع البطريرك الماروني بشارة الراعي لممارسة مزيد من الضغط على الوزير الذي كرّر للبطريرك الماروني، ولغيره من المتصلين به، أنه مستعدّ للاستقالة في حال كانت ستؤدي إلى نتائج في مصلحة لبنان. ولكن، لأن الأمر ليس كذلك، فلن يستقيل.
ولجأ ميقاتي إلى مقربين منه للتوسط مجدداً مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وإقناعه بتليين موقفه في شأن استقالة قرداحي، فكرّر النائب السابق موقفه الرافض لممارسة أي ضغط على وزير الإعلام. بعدها، زار ميقاتي الرئيس ميشال عون وبحث معه في ترتيب جلسة حكومية تخرج بنتيجة مرضية وتسمح باستئناف العمل الحكومي وتخفف الضغوط الخارجية على لبنان. إلا أن رئيس الجمهورية كرّر أمامه أن الأمر يتعلق بنقاش عام وليس ببند واحد.
عندها، باشر ميقاتي خطواته المعلنة بكلمة ألقاها في السراي الكبير، أراد من خلالها توجيه رسائل إلى الداخل والخارج واسترضاء السعودية، داعياً – ضمناً – قرداحي إلى الاستقالة، ومسجلاً موقفاً اعتراضياً على مطلب حزب الله وحركة أمل في شأن تحقيقات القاضي طارق البيطار في ملف انفجار المرفأ.
إلا أن رئيس الحكومة سارع إلى التواصل المباشر مع المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل، طالباً المساعدة في معالجة الأزمة على قاعدة انعقاد مجلس الوزراء لمناقشة الأزمة مع السعودية، والطلب إلى قرداحي الاستقالة أو التصويت على إقالته.
وسمع ميقاتي تأكيداً على الوقوف إلى جانب قرداحي في موقفه، وأن السعودية تتحمل مسؤولية الأزمة، وأن استرضاء الرياض لن يخفف من الأزمة لأنها تستهدف ما هو أبعد من الاستقالة، وأن اللبنانيين ضاقوا ذرعاً بهذا النوع من الضغوط. حاول ميقاتي إقناع الحزب، كما فعل مع حركة أمل، بحضور جلسة مجلس الوزراء والتصويت ضد الإقالة أو الاستقالة، لكنه سمع من جديد أن الحزب يرفض مبدأ وضع هذا البند على جدول الأعمال، إضافة إلى أن المشكلة الأساسية لمقاطعة جلسات الحكومة بسبب تحقيقات البيطار لا تزال قائمة، ولا يبدو أن لدى ميقاتي مخرجاً لها.
عند هذا الحد، فهم رئيس الحكومة أن حزب الله لن يشاركه جريمة التضحية بوزير الإعلام. لكن ما وصله، وكان وقعه أكثر قسوة عليه، هو ما نقل عن فرنجية بأنه متمسّك بموقفه، وأن أي محاولة لإقالة قرداحي بالقوة ستعني خروج المردة من الحكومة نهائياً وعدم المشاركة في أي حكومة جديدة، وأن فرنجية لن يدخل في أي تحالف انتخابي مع أي طرف يوافق على إقالة وزير الإعلام. كما أكد فرنجية لقرداحي نفسه أنه يقف خلفه، ولن يطلب منه الاستقالة، ولن يوافق على إقالته.
من جهة أخرى، يتحدث ميقاتي عن ضغوط يتعرض لها من قيادات في الشارع السني، خصوصاً نادي رؤساء الحكومات السابقين الذين نقل عنهم أنهم في انتظار ما سيقوم به، وفي حال لم يتمكن من إقالة قرداحي فقد يلجأون إلى مطالبته بالاستقالة أو سحب غطائهم عنه كرئيس للحكومة، علماً أن لكل من هؤلاء حساباته، سواء تلك التي تتعلق بالانتخابات النيابية المقبلة، أو بالسعي للحصول على دعم سعودي أكبر، أو حتى لمنافسة ميقاتي نفسه في معركة ترؤس أي حكومة جديدة. ويأخذ هؤلاء في الاعتبار تأثير هذه الأزمة في الشارع السني الذي يشهد ضغوطاً من حلفاء للقوات اللبنانية والمجتمع المدني ممن يتوقعون الفوز بغالبية المقاعد السنية في حال بقي الرئيس سعد الحريري على موقفه بالعزوف عن المشاركة في الانتخابات.
-
صحيفة “الانباء” رأت في افتتاحيتها تقول: رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تمنّى مجدداً، ووزير الإعلام جورج قرداحي كرر رفض الاستقالة من الحكومة، وحزب الله دخل بالمباشر وبشكل علني على خط الأزمة لتتعقد الأمور أكثر فأكثر، فيغرق البلد أكثر في مأزق بات الخروج منه أمراً غير متيسّر في ظل ما يحكى عن إجراءات أكثر قساوة قد تلجأ إليها دول مجلس التعاون الخليجي، تضاف إليه أزمة التحقيق بقضية إنفجار المرفأ التي تجعل الأمور تذهب باتجاهات يصعب العودة منها.