سياسةمحليات لبنانية
قالت الصحف: الأزمة على حالها والفراغ تملأه الفوضى
الحوارنيوز – خاص
لا حلول حتى اللحظة، والأيام الحاسمة تنتهي بحسب أجواء الصحف يوم الجمعة المقبل، فأي مشهد قد نتوقعه نهاية الأسبوع؟
تصدر افتتاحيات صحف اليوم موقف السفيرة الفرنسية آن غريو في معرض ردها على الرئيس حسان دياب في السرايا الحكومي أمس، حيث أدانت كل الأحزاب والقوى الحاكمة “منذ عقود” والتي تتعمد عدم انتاج حلول لما يعانيه الشعب اللبناني، وهي بذلك تدين كل من تعاقب على الحكم ولا تدين فئة بعينها.
كيف عكست الصحف الموقف الفرنسي وآخر أجواء الاتصالات بشأن المساعي لتشكيل الحكومة؟
-
صحيفة “النهار” عنونت:” فضيحة السرايا: رد ناري لغريو على دياب” وكتبت تقول:” اذا كانت معظم القوى السياسية رصدت ما يمكن أن تؤدي اليه المشاورات السياسية المتجددة حول ملف ازمة تشكيل الحكومة، وتابعت كذلك زيارة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لبيروت امس، وما اذا كانت تندرج في اطار بذل الجهود الصديقة للبنان لحلحلة ازمته الحكومية المستعصية، فان ذلك بدا عاملاً إضافياً لتظهير المهزلة بل الفضيحة الديبلوماسية والمعنوية التي توالت فصولها في الساعات الماضية عبر رمي تبعات الانهيار اللبناني على المجتمع الدولي.
ذلك ان هذا الفصل الباهت والمفتعل من تداعيات المشهد السياسي الداخلي بدأ أولا مع الاتهام الذي وجهه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الى الولايات المتحدة وسفارتها في بيروت، بممارسة سياسة الحصار على لبنان، رامياً كرة الانهيار بالكامل عند الاميركيين ومتجاهلا دوره الساحق مع حليفه العهد وتياره في تعطيل تشكيل الحكومة حتى الساعة. واذا كانت أدبيات “حزب الله” لا تفاجئ المراقبين باتهامه الاميركيين في كل شاردة وواردة، فان المفاجأة جاءت امس من رئيس حكومة تصريف الاعمال #حسان دياب الذي استدعى السفراء ليدق أجراس الإنذار حيال الانهيار والانفجار الاجتماعي، ويحمل بدوره ممثلي المجتمع تبعات ما اعتبره إدارة ظهر العالم للبنان، متجاهلا الإدانة العالمية للسلطة التي يجسدها، كما متجاهلا وجود ممثلي دول عدة تمد لبنان بالدعم المتواصل.
وقد يكون أسوأ ما تعرض له دياب كما لبنان الرسمي والحكومي جراء هذا الانزلاق، ان هذا الموقف استدعى رداً سريعاً وحاداً وغير مسبوق في العلاقات الديبلوماسية المباشرة وعالي السقف من السفيرة الفرنسية آن غريو التي بادرت الى إلقاء كلمة فورية نارية قالت فيها ان هذا الاجتماع محزن ويأتي متأخراً، وان الازمة اللبنانية هي نتاج سوء ادارة وفساد استمرا عقوداً، وليست نتاج حصار خارجي، والمسؤولية تقع على الطبقة السياسية وليس على الدول. فأنتم تحاصرون أنفسكم بعدم تشكيل حكومة، مذكرة بالدعم الذي تقدمه باريس وشركاؤها للبنان وتشديد فرنسا والشركاء على تشكيل الحكومة لتكون محاوراً للخارج لمساعدة لبنان وشرحت ما قامت وتقوم به فرنسا عبر مؤتمرات الدعم للبنان ولم تنتظر. وعرضت تفصيلا ارقام الدعم المالي للبنان. وأكدت ان الحكومة المستقيلة قادرة حتى في وضع تصريف الاعمال ان تفاوض الهيئات المالية الدولية لمعالجة التدهور الخطير الذي وصل اليه الوضع في لبنان.
وفيما كانت السفيرة غريو تتابع إلقاء كلمتها قطع البث المباشر من السرايا الامر الذي حال دون معرفة ما إضافته السفيرة الفرنسية من ملاحظات قاسية مع بقية السفراء.
-
وتحت عنوان “البحث عن بديل للحريري :ميقاتي يتقدم ” كتبت جريدة “الأخبار ” تقول:وصلت كل الجهود الرامية إلى الاتفاق على تأليف حكومة برئاسة سعد الحريري الى طريق مسدود. فيما بدأ الحديث الجدي عن التحضير لاعتذاره بشكل رسمي، شرط الاتفاق على الاسم البديل وشكل الحكومة المقبلة. وفي سياق البحث عن بدلاء، يبدو أن اسم الرئيس نجيب ميقاتي يتقدّم!
نفدت كل محاولات الدفع باتجاه حكومة يترأّسها سعد الحريري ويُشارِك فيها التيار الوطني الحر، ويرضى عنها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وبدأت مساعٍ جديدة للبحث عن بديل، على قاعدة الاتفاق على «الاسم والحكومة، معاً، قبل أن يقدّم الحريري اعتذاره رسمياً عن عدم استكمال المهمة».
هذه هي خلاصة الروايات التي تحدّث عنها أكثر من مصدر مطّلع على أجواء ما بعدَ عودة الحريري من الخارِج، والتي تستنِد الى جملة معطيات، أوّلها استنزاف كل الجهود والمبادرات الداخلية لحلّ أزمة الحكومة، فيما الواقع الإقليمي والدولي لا يشي بحصول معجزة تؤمّن تجنيب لبنان كأس الانهيار الكامل. صحيح أن السعوديين، في محادثاتهم مع الأميركيين والفرنسيين في شأن الملف اللبناني، لم يقفلوا باب النقاش نهائياً، لكن أيّاً من الخيارات لم يتوضّح حتى الآن.
التطوّر الوحيد الملموس الذي حصل في الأيام الأخيرة، هو الزيارة التي قامَ بها الحريري أول من أمس إلى عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعيداً من الإعلام بحضور النائب علي حسن خليل. مصادر مطّلعة على أجواء اللقاء قالت لـ«الأخبار» إن «النقاش الذي حصل لا يُبنى عليه. لكن الأكيد أن المساعي الرامية إلى تأليف حكومة برئاسة الحريري انتهت، وأن جهوداً أخرى انطلقت لوضع خريطة طريق ما بعد الاعتذار». فالحريري «أبلغ بري قراره بالاعتذار، لكن رئيس المجلس كانَ حاسماً لجهة أن هذا الأمر لن يحصل إلا بعدَ الاتفاق على سلّة متكاملة تشمل الاسم البديل منه وكل التشكيلة الحكومية، لأن اعتذاره دون ذلِك لا يعني الحل».
وفي وقت قالت فيه المصادر إنه «لا أسماء مطروحة حتى الساعة بشكل جدّي»، استغربت هذه المعادلة لأن «الحريري لن يغطي أي رئيس مكلف لا يأتي حاملاً الشروط ذاتها التي تمسّك بها هو، كما أن رئيس الجمهورية وفريقه، أي التيار الوطني الحر، لن يقبلا برئيس يأتي حاملاً لائحة مطالب حريرية، وهذا يعني أن اعتذار الحريري هو استمرار للدوران في الحلقة المفرغة».
دياب: أيام قليلة تفصلنا عن الانفجار المجتمعي
غيرَ أن مصادر سياسية بارزة كشفت لـ«الأخبار» عن «حصول اتفاق أولي على تسمية الرئيس نجيب ميقاتي لتأليف الحكومة بعد اعتذار الرئيس المكلف»، ولذلك اجتمع الحريري ليل أول من أمس بالرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام، من دون حضور ميقاتي الموجود خارج البلاد، وطرح عليهما فكرة «العمل على تسويق ميقاتي»، من دون إبلاغهما بوجود اتفاق مسبق مع أحد على ذلِك. وبينما قالت المصادر إن «ميقاتي رتّب الأمر مع الأميركيين والفرنسيين، وإن الجانبين أعطيا الضوء الأخضر للحريري من أجل السير به»، أشارت إلى أن «السنيورة كانَ مستاءً من الطرح، بينما كان سلام حذراً في إعطاء موقف نهائي، وحصل خلاف كبير مع الحريري في هذا الشأن». لكن مصادر أخرى لفتت إلى أن أي اتفاق على بديل للحريري لن يُبصر النور قريباً، وأن ما يجري حالياً هو تضييع للوقت لا أكثر، فيما الواقع أن حكومة الرئيس حسان دياب ستستمر بتصريف الأعمال لتُشرف على إجراء الانتخابات النيابية المقبلة!
وإلى أن تتبلوَر المناخات، وبينما تغرق البلاد بالانهيارات، دعا دياب العالم إلى إنقاذ لبنان. وفي لقاء مع عدد من السفراء، قال: «فيما نجتمع هنا، في شوارع لبنان طوابير السيارات تقف أمام محطات الوقود، وهناك من يفتش في الصيدليات عن حبة دواء وعن علبة حليب أطفال، أما في البيوت، فاللبنانيون يعيشون من دون كهرباء». وأضاف: «الصورة أصبحت واضحة، لبنان واللبنانيون على شفير الكارثة، لكن عندما يحصل الارتطام الكبير، سيتردد صدى تداعياته خارج جغرافيا لبنان إلى المدى القريب والبعيد، في البر والبحر… لن يستطيع أحد عزل نفسه عن خطر انهيار لبنان»، مشيراً إلى «أنّنا قد سمعنا الكثير من الدعوات المتكررة عن ربط مساعدة لبنان بإجراء إصلاحات. نعم، لبنان يحتاج إلى إصلاحات مالية وإدارية. ولقد اتخذت الحكومة، قبل استقالتها، قرارات عديدة ووضعت خطة متكاملة للتعافي تتضمّن إصلاحات مالية واقتصادية».
وناشد دياب «الأشقاء والأصدقاء» أن «يقفوا إلى جانب اللبنانيين». ولأن «القاعدة الشرعية تقول لا تزر وازرة وزر أخرى»، دعا «إلى عدم محاسبة الشعب اللبناني على ارتكابات الفاسدين». واعتبر أن «ربط المعونة لبلاده بتشكيل حكومة جديدة أصبح خطورة على حياة اللبنانيين»، وأن «الحكومة لا يمكنها استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لأن الصندوق يطالب بالتزامات قد لا تتبناها الحكومة المقبلة». وأضاف دياب إن «أياماً قليلة تفصل بين البلاد وحدوث انفجار مجتمعي».
وقد ردّت السفيرة الفرنسيّة آن غريو على دياب، معتبرة أن «الانهيار نتيجة متعمّدة لسوء الإدارة والتقاعس منذ سنوات وليس نتيجة حصار خارجي، بل جميعكم تتحمّلون المسؤولية». وانتقدت الاجتماع، متحدّثة عن أن فرنسا وغيرها من الدول المشاركة «لم تنتظر هذا النداء لمساعدة لبنان»، بل قدّمت عام 2020 نحو 100 مليون دولار من المساعدات المباشرة للشعب اللبناني.
وطالبت غريو دياب باتخاذ القرارات اللازمة لتخفيف معاناة اللبنانيين، كتفعيل قبول بعض القروض، وتحديداً تلك المقررة من البنك الدولي. وتحدّثت السفيرة الفرنسية عن أن بلادها تعمل «مع عدد من الشركاء لتنظيم مؤتمر ثالث لدعم اللبنانيين».
ويوم أمس، زار بيروت وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، والتقى الرؤساء: ميشال عون، نبيه بري وسعد الحريري، إضافة إلى قائد الجيش العماد جوزف عون، «في إطار مساعي قطر للمساعدة في حلحلة الأزمة السياسية في لبنان». وأبلغ آل ثاني قائد الجيش عن تقديم 70 طناً من الأغذية شهرياً إلى المؤسسة العسكرية لمدة عام. ويتهيّأ لبنان لزيارة جديدة، إذ سيصل السفير الفرنسي المكلف بتنسيق المساعدات الدولية للبنان بيار دوكان، إلى بيروت على رأس وفد اقتصادي فرنسي، وعلى جدول مواعيده لقاءات مع عدد من المسؤولين اللبنانيين. زيارة دوكان تأتي تحضيراً لزيارة سيقوم بها وزير التجارة الخارجية الفرنسي فرانك ريستر. وتُعدّ زيارة دوكان، وبعده ريستر، «استطلاعية، إضافة إلى رغبة باريس في إظهار حضورها في مقابل ما يُحكى عن الحضور الروسي أو الصيني، والأهم، المشاريع الألمانية التي يُعلَن عنها، وخاصة لإعادة إعمار مرفأ بيروت».
-
صحيفة “الجمهورية” عنونت:” الحريري يلتقي بري وشيكاً ويحسم خياراته النهائية الجمعة” وكتبت تقول:” خرج لبنان مطلع هذا الأسبوع من الرتابة السياسية، ولكن من دون أن يشكّل هذا الخروج تمهيداً لوضع أفضل لجهة تأليف الحكومة، إنما هناك حيوية سياسية برزت في ثلاث محطات أساسية: المحطة الأولى مع زيارة وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، والثانية مع لقاءات الرئيس المكلّف سعد الحريري والكلام عن تقديمه تشكيلة جديدة، والثالثة مع دقّ رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب ناقوس الخطر بقوله إنّ “الصورة أصبحت واضحة: لبنان واللبنانيون على شفير الكارثة”.
ولاحظت الاوساط السياسية بروز فرصة جديدة مع كل تحرُّك سياسي، وعلى الرغم من انّ كل المساعي السابقة اصطدمت بجدار التعطيل، إلاّ انّ كل فرصة تحمل معها الأمل لتجاوز الفراغ ووضع حدّ نهائي للكباش السياسي الحاصل، والفرصة التي أطلّت برأسها مجدداً مردّها إلى ثلاثة عوامل أساسية:
ـ العامل الأوّل، من طبيعة دولية، ويرتبط باللقاء الفاتيكاني والدينامية التي ولّدها دولياً، والرغبة الأميركية والفرنسية في ملاقاة البابا فرنسيس برفع مستوى الضغوط سعياً الى تأليف الحكومة.
- العامل الثاني، من طبيعة حريرية، مع وصول الرئيس المكلّف إلى إقتناع بأنّ العهد لا يريد التعاون، على رغم كل المحاولات التي قام بها واللقاءات التي عقدها معه، وبالتالي بدأت تتكوّن أو تتقدّم لديه فكرة الاعتذار في حال رُفضت التشكيلة الجديدة التي سيقدّمها.
- العامل الثالث، من طبيعة معيشية، مع التدهور المتواصل في الوضع المالي ووصول الناس إلى حافة الانفجار بسبب البنزين والدواء والغلاء والبطالة والذلّ اليومي.
وفي هذا السياق، فإنّ السؤال الأبرز الذي تتداوله الأوساط القريبة من ”بيت الوسط” هو: ما الذي سيتبدّل في ملف التأليف في حال اعتذار الحريري؟ فهل سيتراجع العهد عن الثلث المعطِّل وتسمية الوزراء المسيحيين والحقائب التي يريدها؟ وهل الحكومة التي يسعى إليها العهد تتناسب مع الأجندة الدولية التي تشترط الإصلاحات مقابل المساعدات؟ وهل المسألة تنحصر في التأليف أم في طبيعة الحكومة ودورها؟
وفي الإطار ذاته أيضاً، هناك من يؤكِّد أنّ الاعتذار لن يُقدّم على طبق من فضة للعهد، إنما اي خطوة من هذا النوع يجب ان يسبقها اتفاق-إطار على شكل الحكومة ودورها، لأنّ المطلوب حكومة للبنان واللبنانيين، وليس للعهد والعونيين.
وقد وضعت أوساط متابعة إشارة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الى انّه “عندما يحصل الارتطام الكبير، سيتردّد صدى تداعياته خارج جغرافيا لبنان إلى المدى القريب والبعيد”، في سياق حضّ المجتمع الدولي على ان يضع كل طاقته لإخراج لبنان من حالة الفراغ، لأنّ تداعيات انهياره لن تقتصر عليه وحده. ولكن باريس مثلاً فعلت أقصى ما في إمكانها فعله، وبلا نتيجة، وعواصم أخرى أيضاً، والمشكلة الأساسية هي داخلية لا خارجية، بل على العكس تفكِّر الدول الخارجية في المصلحة اللبنانية أكثر من تفكير المسؤولين المعنيين بمصلحة الشعب اللبناني.
وأكّدت هذه الأوساط المتابعة، “أننا اليوم أمام فرصة جدّية وحقيقية”، ودعت إلى إعطاء هذه الفرصة كل مقومات النجاح، من دون الإفراط في الآمال والوعود ربطاً بالخيبات الكثيرة، ولكن الثابت في كل هذا المشهد انّ الأمور قد تخرج عن السيطرة في حال لم تتألف الحكومة سريعاً.
سيناريوهات بلا مخارج
وتزامناً، مع ما بلغته حدّة الازمة المعيشية على اكثر من مستوى، لا يبدو للمراقبين انّ هناك اي سيناريو لمقاربة ازمة تشكيل الحكومة بأي صيغة واضحة يمكن ان تؤدي الى مخرج، تردّد الحديث عنه في الساعات الماضية، التي واكبت عودة الرئيس المكلّف سعد الحريري الى بيروت.
وكشفت مصادر مطلعة لـ “الجمهورية”، انّ الحريري واصل مشاوراته بصمت وتكتم، وعقد لقاء الكترونياً عبر تطبيق “زووم” مع رؤساء الحكومات السابقين خُصّص للبحث في الخطوة التي يمكن القيام بها في المرحلة المقبلة للخروج من حال المراوحة المتفاقمة، بعدما زادت من ثقل تردداتها على اوضاع البلاد والعباد.
وقال احد المشاركين في اللقاء لـ “الجمهورية”، انّه لم ينته الى اي خطوة نهائية، وانّ مختلف السيناريوهات ما زالت مطروحة من دون ان يتقدّم اي خيار على آخر. وإن عاد الى المرحلة السابقة، كشف انّ اياً من رؤساء الحكومات لم يغيّر في موقفه، وان ما دار النقاش حوله ما زال محصوراً بالمواضيع إيّاها التي نوقشت في لقائهم الاخير قبل ثلاثة أسابيع.
وعلى هذه الخلفية عينها، قالت المصادر، انّ الحريري واصل مشاوراته مع دار الفتوى وأعضاء من المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى، بعدما وعدهم في لقائه معه قبل ثلاثة اسابيع بالبقاء على تواصل معهم، من دون ان يستقر الرأي على موقف نهائي.
وفي ظل المعلومات المتناقضة حول الموعد المتوقع للقاء علني بين الحريري وبري، قالت مصادر “بيت الوسط” لـ “الجمهورية”: “سواء انعقد اللقاء امس الاول بينهما ام لم يُعقد، فإنّ لقاء سيجمعهما في الساعات المقبلة، للبحث في سلسلة من الاقتراحات العملية التي سبق لبري ان حصرها بإقتراحين: إما الإقدام على تقديم تشكيلة وزارية يحملها الحريري الى قصر بعبدا، او الإعتذار شرط ان تكون الاجواء قد انتهت الى تسمية من يوافق الحريري عليه مسبقاً”.
وانتهت المصادر الى التأكيد عبر “الجمهورية”، انّ انشغالات الحريري امس ادّت الى تأجيل الاجتماع الأسبوعي لكتلة “المستقبل” الى اليوم، والذي سينتهي الى بيان قد يحمل جديداً يوحي بآفاق المرحلة المقبلة.
الحريري لن يسمّي خليفته
ولفتت المصادر عبر “الجمهورية”، الى انّ الحريري منفتح على كل الخيارات، ما عدا ان يسمّي أحداً ليخلفه في مهمة التأليف، تاركاً لاركان السلطة هذا الملف. فالتجربة التي خاضها مع السفير مصطفى أديب في ايلول الماضي، وتلك التي عاشتها تسمية حسان دياب لن تتكرّر بالنسبة إليه، في ظل فقدان اي ضمان يمكن ان يقدّمه لا رئيس مجلس النواب ولا الامين العالم لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، ولا أي مرجع آخر.
-
صحيفة “اللواء” عنونت:” الاجتماع الدبلوماسي ينقلب على دياب: انتم تحاصرون بلدكم وتجوعون شعبكم” وكتبت تحت هذا العنوان:” خارج العرض التشخيصي للواقع المأساوي في البنزين والكهرباء والدواء، فإن أبرز ما جاء في خطاب “الاستغاثة” الذي أسمعه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ليس إدانة عجزه، وعجز الطبقة السياسية بكاملها، وحسب، إنما يتركز على:
1- انتقاد ترك العالم لبنان لقدره الكارثي، والسير المحتم إلى الانهيار او “الكارثة الكبرى” التي لن تسلم لا الجغرافيا البعيدة ولا القريبة من آثامها، ووصف مثل هذا الأمر بالعقاب الجمعي.. “فالعالم لا يستطيع ان يعاقب اللبنانيين أو أن يدير ظهره لأن الاستمرار في هذه السياسة سيؤدي حتماً إلى انعكاسات خطيرة فتخرج الأمور عن السيطرة، ويسود التشدد في العصبيات”.
2- انتقاد ربط المساعدات بتشكيل الحكومة، فهو “يشكل خطراً على حياة اللبنانيين، وعلى الكيان اللبناني”.
3- السبب هو ان “الضغوط التي تمارس والحصار المطبق على لبنان لا يؤثر على الفاسدين، بل يدفع الشعب اللبناني وحده ثمناً باهظاً يهدد حياته ومستقبلة”.
4- مضي دياب إلى توقع، إذا استمر الحصار ومعاقبة اللبنانيين “بتغيير في التوجهات التاريخية للبنان”.
5- وتحت عنوان “انقذوا لبنان قبل فوات الأوان”، ناشد الملوك والأمراء والرؤساء في الدول الشقيقة والصديقة، والأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى “المساعدة في إنقاذ اللبنانيين من الموت ومنع زوال لبنان”.
6- وحملت كل هذه المطالعات والاستنتاجات، مؤشرات على تبرئة “الطبقة الفاسدة” من المسؤولية، والتهرب من تهمة التقاعس عن مواجهة المخاطر المحدقة، لأن الحكومة التي يرأسها نجحت في “تأجيل الانفجار وليس منعه”.
وذهب دياب إلى ابعد من ذلك إلى تبرير العجز عن التفاوض مع صندوق النقد الدولي بذريعة أن ذلك “يرتب التزامات على الحكومة المقبلة قد لا تتبناها”.
لذا، لا بد من تشكيل حكومة “كنقطة انطلاق نحو طريق الانقاذ”.
الاعتراضات
بدأ العرق يتصبب من المشاركين في اللقاء، وكانت الاعتراضات والتململ بادية على الجميع.
واعترضت السفيرة الفرنسية آن غريو على تهمة الرئيس دياب للعالم بمحاصرة لبنان، فقالت: العالم لم يحاصر لبنان، بل هب لمساعدته ومساندته بسخاء، ولا يزال، فيما أنتم بعنادكم وجشعكم وأنانيتكم الصغيرة وامتناعكم عن تشكيل حكومة تحاصرون وطنكم وتجوعون شعبكم.
وقالت غريو: لم نكن ننتظر هذا الاجتماع الذي تأخر لاطلاق صرخة انذار لنا نحن الحاضرين هنا، فالانهيار هو نتيجة لسوء الادارة المتعمد، وليس نتيجة الحصار الخارجي، هو نتيجة مسؤولياتكم منذ سنوات، مسؤوليات الطبقة السياسية، هذه هي الحقيقة، ووصفت الاجتماع بالمحزن. وفي غمرة النقاش الدائر حول من يتحمل مسؤولية الانهيار، وفي الوقت الذي يهم فيه الرئيس المكلف سعد الحريري حسم خياراته، رمى التيار الوطني الحر بكرة النار مجدداً إلى الحريري، من زاوية دعوته إلى الإسراع بتأليف الحكومة، والغمز من قناة الاستعداد لتقديم الدعم لها، حتى تتهرب الفئة الحاكمة (الأكثرية النيابية وحكومة تصريف الاعمال) من مخاطر الانهيار الذي حذر منه دياب.
وفي غمرة هذه الحركة الجديدة، علمت “اللواء” أن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي يزور رئيس الجمهورية في اليومين المقبلين بعيد عودته من الفاتيكان حيث شارك في يوم الصلاة والتأمل من أجل لبنان.
ويُرتقب ان تكون للرئيس المكلف اجتماعات مفترضة للحريري بنواب كتلة المستقبل وبرؤساء الحكومات السابقين، وبلقاء آخر مع الرئيس نبيه بري، ليحدد طبيعة خطوته المقبلة سواء حمل تركيبة حكومية جديدة الى رئيس الجمهورية ميشال عون او الاعتذار عن مهمة التكليف والاتفاق على البديل.