قالت الصحف: اقتحام العدلية نيابيا..ولبنان بين انهيار العملة وانهيار القضاء
الحوارنيوز – خاص
قرأت صحف اليوم التطورات التي حصلت أمام وداخل وزارة العدل والتي كان ابطالها بعض النواب وعدد من مناصري حزبي القوات اللبنانية والكتائب، وقد تلحفوا جمعيا “عائلات ضحايا شهداء المرفأ” وطالبوا بتدخل وزير العدل بالمسار الذي دخلته هذه القضية ،بعد إصرار القاضي طارق بيطار الى التفتيش القضائي نتيجة مخالفته لأحكام القانون ورفضه تنفيذ قرارات المدعي العام التمييزي غسان عويدات.
ماذا في التفاصيل؟
- صحيفة النهار عنونت: التواطؤ يستكمل الانقلاب على بيطار والتحقيق
وكتبت تقول: “هل يتجه لبنان نحو انفجار متعدد الطابع اجتماعيا وامنيا واقتصاديا؟ السؤال لم يعد مجرد ترف تحذيري يجري تداوله على منابر الاعلام، بل صار أقرب الى الإنذار المبكر في ظل تدافع تطورات بل كوارث ذات طابع استثنائي تضع البلاد على فوهة انفجار لا أحد يملك القدرة والمهابة الكافية لدحض المخاوف منه. ولم تكن نماذج الصدامات والاحتكاكات التي شهدها قصر العدل في بيروت أمس سوى بعض مقدمات عما بلغته الفوضى اللبنانية في ما كان يفترض ان يشكل محراب النظام والانتظام والسلوكيات الديموقراطية المحترمة، فاذا باليوم الماراثوني الطويل في “العدلية” يتكشف عن المدى الصادم للسقوط المحقق للقضاء مؤسسات ومقامات واشخاصا. ويكفي للدلالة على عمق الإصابات والتفكك الذي أصاب من القضاء مقتلا غداة “انقلاب” قاده مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات على المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، ان ينتهي اليوم الطويل الى اخفاق مجلس القضاء الأعلى في عقد اجتماع كان الجميع يتطلعون اليه ويحبسون الانفاس في انتظار وضع يده على أخطر انفجار حصل داخل الجسم القضائي. وبدا واضحا ان مجريات الانقلاب على المحقق العدلي والتي يخشى انها أودت تماما بالتحقيق نفسه في مجزرة انفجار المرفأ استكملت فصولها البارحة في افتعال مسببات لمنع انعقاد مجلس القضاء الأعلى بما يتكشف عن اتساع مروحة الانقلابين من داخل الهرمية القضائية الأعلى في لبنان لكي يضحي ابعاد بيطار والاجهاز على التحقيق امرا واقعا بتواطؤ رسمي وسياسي وقضائي.
واما ما فاقم صورة القلق والشحن النفسي والمناخات المتشائمة فتمثل في تسارع المجريات الصدامية القضائية على وقع مجريات مالية معيشية وحياتية كارثية توغلت معها البلاد نحو المرحلة الطالعة من الانهيار. اذ ان سعر الدولار مضى صعودا ممزقا سقف الـ 62 ألف ليرة وتصاعدت معه على نحو جنوني أسعار المحروقات التي ابتدعت وزارة الطاقة اصدار جدولين يوميا لتسعيرها فبلغ الفارق التصاعدي بين تسعيرة قبل الظهر وبعده الخمسين ألف ليرة ولا رفة جفن لدى الحكومة ولا مصرف لبنان ولا أي جهة معنية ومسؤولة!
- صحيفة الأخبار عنونت: ترهيب «التغييريين» أحبط محاولة إنقاذ القضاء
وكتبت تقول: بـ«الهوبرة»، وبدعم من تلفزيونات «الثورة»، مارس «التغييريون»، دعاة الفصل بين السلطات واستقلالية القضاء، ترهيباً معنوياً ومادياً على الجسم القضائي، وأحبطوا، بالتكافل والتضامن مع رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، محاولة لتصحيح المسار القضائي في ملف تفجير المرفأ ومحاولة إنعاش الجسم القضائي الذي هدّه الانقسام. عطّل «التغييريون»، متسلّحين بالحصانة النيابية مع زملائهم من نواب القوات والكتائب، جلسة مجلس القضاء الأعلى أمس، وتجاوزوا حدود التظاهر خارج قصر العدل إلى محاولة اقتحام العدلية
تواصل أمس مسلسل انهيار المؤسسة القضائية في لبنان. ومرة جديدة، لجأ قضاة إلى «الرأي العام» لتبرير عدم اتخاذ أي خطوات عملية تقود إلى تسوية الملفات العالقة. ونجح رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبّود، ومعه قوى كثيرة، في تحضير مناخ عطّل انعقاد مجلس القضاء الأعلى للبت في مصير المحقق العدلي في ملف تفجير مرفأ بيروت طارق البيطار، علماً أن الاتصالات السياسية لم تكن قد أمّنت بعد نصاباً كاملاً لانعقاد المجلس، ولا توافقاً على ما سيخرج به من قرارات.
ما يدور داخل هذا الجسم «المخلخل» جدّي إلى حدّ عجز كثيرين عن معالجة فورية وسريعة. ويوم أمس، كان طويلاً ومتعباً في قصر «العدل» ومحيطه. لم تسر الأمور كما كان مخططاً لها، إذ قرر أعضاء مجلس القضاء الأعلى إلغاء الجلسة التي كانت مقررة لمناقشة الكتاب الذي توجّه به مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات إلى المحقق العدلي في ملف تفجير مرفأ بيروت طارق البيطار، والبحث في «انقلاب» البيطار الذي استأنف عمله في الملف باجتهاد أصدره بنفسه، متجاهلاً كل السلطات. وقد بدا ليل أول من أمس، ونتيجة التداعيات التي خلفها الاجتهاد الدستوري للبيطار، أنه لم يكُن بإمكان مجلس القضاء الأعلى، الذي عطّل عبود انعقاده على مدى أشهر، سوى تأمين النصاب والاجتماع لاتخاذ قرار بحق المحقق العدلي. إلا أن عبود لم «يستسلم»، وقاد عملية ناجحة لتطيير الجلسة، بمشاركة عدد من النواب الذين كانوا يقاتلون من أجل حماية مبدأ فصل السلطات، لكنهم مارسوا تخريباً ممنهجاً لمنع اتخاذ أي إجراء بحق البيطار من خلال ضغط الشارع، أو بالأحرى شغبه.
بدأ نهار أمس بإصدار عويدات قراراً يطلب فيه من رئيس وموظفي قلم النيابة العامة التمييزية وأمانة السر «عدم استلام أي قرار أو تكليف أو تبليغ أو استنابة أو كتاب أو إحالة أو مذكرة أو مراسلة أو أي مستند من أي نوع صادر عن المحقق العدلي في قضية تفجير المرفأ، لكونه مكفوف اليد وغير ذي صفة»، ما يعني عملياً تجريده من صلاحياته كمحقق عدلي، وذلك بعدما كان قد طلب سابقاً من الأجهزة الأمنية عدم تنفيذ قراراته، ثم إحالته إلى التفتيش القضائي بموجب ادعائه الأخير عليه. واعتبر عويدات «أن قرار القاضي البيطار كأنه يتطلّع بنفسه أمام المرآة، ولو كان أي مرجع قضائي يوافق على قراره أو يجد فيه ذرّة قانون، أنا مستعدّ أن أتراجع عن قراري»، مضيفاً أن «تحقيقات المرفأ ستستأنف بعد تصحيح الخطأ الكبير». فيما بدا البيطار، من جهته، في «عالم آخر»، غير معني بكل ما يحدث. وأعلن أنه ماضٍ في إجراءاته وبعقد جلسات التحقيق لاستجواب المدعى عليهم في المواعيد المحددة.
ومنذ الصباح، انتشر عناصر الحماية في النيابة العامة التمييزية، وتوزع عناصر أمن الدولة وفرقة مكافحة الشغب على مداخل قصر العدل، قبل أن يبدأ العرض. أولاً، من مكتب وزير العدل الذي استقبل النواب «التغييريين» و«السياديين» والقواتيين والكتائبيين، مطالبين إياه بـ «التعهد برفض أي قرار يأخذه مجلس القضاء الأعلى ورفض تسمية أي بديل عن البيطار، ثم إقالة عويدات»، وهو ما رفضه خوري مشيراً إلى أن «هذا الأمر ليس من صلاحياته». وأضاف أنه «لا يمكن للنواب المطالبة باستقلالية القضاء وعدم التدخل في شؤونه، والمطالبة في الوقت نفسه بالتدخل في قرارات قضائية». في هذه الأثناء، كانَ عدد من القضاة وأعضاء مجلس القضاء الأعلى يجتمعون في مكتب عويدات، بينما «انعزل» رئيس مجلس القضاء الأعلى في مكتبه. وبعد الهمروجة في مكتب وزير العدل، توجه النواب إلى مكتب عبوّد الذي بدأ يروّج لفكرة أن الوضع الأمني لا يسمح بانعقاد الجلسة، ما خلقَ بلبلة في أوساط القضاء، فيما احتجّ أعضاء مجلس القضاء لدى عويدات على تدخل النواب رافضين عقد الجلسة في ظل هذه الأجواء.
مصادر «العدلية» أشارت إلى أن «إلغاء الجلسة لا يتعلق فقط بتدخل النواب وتوتر الشارع، بل بسبب تضارب الآراء داخل المجلس الذي كانَ سيشهد انقساماً كبيراً». وأكدت أن «عبّود الذي لا يزال مصرّاً على حماية البيطار هو من خطط لتطيير الجلسة مجدداً بالاتفاق مع النواب». وأكّدت مصادر قضائية أن «فشل اجتماع مجلس القضاء الأعلى لا يعني أن الأمور انتهت، بل ستتطور لا سيما في الأيام التي حدد فيها البيطار تاريخ استجواب الذين ادعى عليهم»، وكشفت أن «الاجتهاد الدستوري الذي أعلن عنه البيطار أعدّه بالتنسيق مع مجموعة من المحامين والنواب الداعمين له».
نادي القضاة: فليستقل كل مَن لا يتصرف كقاضٍ
دعا نادي قضاة لبنان، في بيان أمس، «كل مَن ارتضى ألا يتصرف كقاضٍ إلى الاستقالة»، مشيراً إلى أنه «كان أملنا أن دولة القانون ستنتصر. أما اليوم، فطُعنت دولة الحق والقانون في الصميم، وها هي تستنجد وتقول: من بيت أبي ضربت». وأضاف: «مرة جديدة يفضح التحقيق في قضية انفجار المرفأ تدخل السياسة في القضاء الأمر الذي بات يهدّد كيان العدالة ويطعن في كرامة كل قاضٍ نزيه من خلال تحميله وزر قرارات قضائية تفتقر لأدنى مقومات الشرعية، إذ إن قرار المحقق العدلي، مهما كانت الملاحظات القانونية عليه والتي يمكن معالجتها وفق الأصول، لا يبرّر ردة الفعل التي تبعته والتي جاءت للأسف خارجة عن الضوابط والأصول بشكل صارخ يهدم أساسات العدالة والقانون». ودعا «كل مَن ارتضى أن لا يتصرف كقاضٍ ورهن نفسه لخدمة السلطة السياسية واللاعدالة أن يبادر إلى الاستقالة تمهيداً للمحاسبة والمساءلة لأنه لم يعد يشبهنا وساهم في ضرب هيبة القضاء ودولة القانون والمؤسسات، وذلك من أجل تمكين بقية القضاة من النظر إلى المتقاضين بعين القانون والعدالة، كلّ في محكمته وضمن حدود اختصاصه».
- صحيفة الأنباء عنونت: لبنان في عين عاصفة الفوضى.. سباقٌ محموم بين انهيار الليرة وانهيار القضاء
وكتبت تقول: الدولار مستمرٌ في تصاعده الجنوني دون أية ضوابط، وكلما تخطى معدّلاً قياسياً قفز الى معدل آخر، فيما الدولة كلها تتخطى الجنون، فالقضاء في حالة لا تمتّ إلى فكرة وجوده بصلة، الإدارة العامة مشلولة، التربية في إجازة انهيار قسري، المؤسسات الدستورية مصابة بتنازع الصلاحيات في ظل أزمة الشغور الرئاسي. وماذا بعد؟ يبدو البلد أمام أقداره التي لا أحد يمكنه توقع حجم سوئها.
وسط هذا المشهد الذي رغم فظاعته، لم يثر بعد حسّ المسؤولية لدى المعنيين، وحده من يتحرك بكل اتجاه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، فلا يعدم وسيلة ولا يترك فرصة للنقاش والحوار واستنباط الحلول، محاولاً إستنباط الاقتراحات التي يمكن أن تلقى قبولاً من جميع الأطراف. غير أن الأزمة القضائية التي قفزت الى الواجهة مع قرار القاضي طارق البيطار طغت على ما عداها من ملفات وتحولت إلى حفلة جنون وضعت السلطة القضائية في عين العاصفة، وهي عاصفة فوضى مرشحة لأن تطول أكثر بعد تعثّر انعقاد مجلس القضاء الأعلى أمس بسبب امتناع ستة من أعضائه عن حضور الاجتماع على خلفية الخلافات المتأتية من القرارات التي صدرت عن المحقق العدلي من جهة، وقرارات الرد من مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات من جهة ثانية.
وقد شهد قصر العدل أمس هرجاً ومرجا وتبادلا للاتهامات تطور إلى تدافع، وتعرض بعض النواب الذين حضروا لمواكبة اهالي الضحايا في اعتصامهم للإعتداء والإهانات داخل قصر العدل.
مصادر قضائية أعربت عن خشيتها من دخول جهات نافذة بالاتفاق مع قضاة معنيين لنسف التحقيق برمته، وأشارت الى أن ما يحصل في القضاء قد يؤدي الى انهيار النظام اللبناني، داعية إلى تدارك ما حصل وترك التحقيقات بعيدة عن كل تدخل وتأثير وتصفية حسابات.
وتعليقا على ما يجري داخل الجسم القضائي، اتهم عضو تكتل الجمهورية القوية النائب زياد حواط “محور الممانعة بفرض سلطته على ما تبقى من أسس الدولة وكيانها”، وقال لـ”الأنباء” الإلكترونية: “بعدما ضربوا كل مكونات الدولة ووضعوا يدهم عليها، يريدون اليوم وضع اليد على القضاء وباقي المؤسسات التي لم ترضخ لسلطتهم بفرض أمر واقع معين والتهويل على باقي الفرقاء بالقوة لفرض رئيس جمهورية مطواعا يكون مكملا لسياستهم بأخذ لبنان رهينة على طاولة المفاوضات الاميركية – الايرانية”، مشددا على “ضرورة مواجهة ما يحصل”.
حواط اعتبر ان القاضي غسان عويدات “لا يملك الحق بإخلاء سبيل الموقوفين بغض النظر عما إذا كانوا مدانين أم لا، لأنه غير مطلع على ملف التحقيقات الذي هو من اختصاص المحقق العدلي طارق البيطار دون سواه”، ورأى أن “ما يشهده لبنان هو نفس الأسلوب الذي اعتمده النظام القمعي في زمن الوصاية السورية”.
إلى ذلك، اعتبر رئيس مؤسسة جوستيسيا الحقوقية المحامي بول مرقص في اتصال مع “الأنباء” الإلكترونية أن “مستقبل المسار القضائي لملف المرفأ محفوف بالمخاطر، فثمة علامات استفهام كبرى تحوم حوله وما إذا كان سيفضي الى العدالة كشف الحقيقة ام لا”، معتبرا أن “الأمر صعب جدا ومعقد وخاضع لضغوط سياسية هائلة لا قدرة للقضاء اللبناني على جبهها ما ادى به الى هذا الانقسام والشرخ الكبير” لافتا إلى أنه “كان أسهل لو نجح مجلس القضاء الأعلى في معالجته سابقا قبل أن يستعصي”.
وفي الملف الرئاسي، كشف حواط أن تكتل الجمهورية القوية “تقدم بعريضة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري لتحديد جلسات متتالية حتى انتخاب رئيس الجمهورية”، داعيا المعارضة الى “التوحد لمواجهة ما يتعرض له لبنان من مؤامرة لسلخه عن محيطه العربي ودفعه إلى المحور الإيراني”، واعتبر أن “رب ضارة نافعة قد تساعد على تجمع كل القوى المعارضة تحت هدف واحد يتمثل بالحفاظ على سيادة واستقلال لبنان”.
إلا أنه بانتظار تبلور رؤية محددة تجتمع عليها القوى السياسية تسمح بفتح كوة في جدار الانسداد المخيف، فإن اللبنانيين أمام ايام عصيبة وقاسية تظهر في الواقع المعيشي المزري الذي يهدد لقمة عيشهم، وما مشاهد قطع الطرقات الا نذير ما سيأتي إن لم ينزل المعنيون عن سقوف مواقفهم العالية ويتلمسون طرق الحوار.