قالت الصحف: استقلال 2022 بلا رئيس
الحوارنيوز – خاص
أجمعت صحف اليوم في افتتاحياتها على ابراز مشهد الاستقلال الوطني ناقص من دون رئيس للجمهورية.
- صحيفة النهار عنونت: جلسات الخميس” للمزايدة والدولار” المصحح” في شباط
وكتبت تقول: مرة جديدة مع تجارب الفراغ الرئاسي التي عرفها لبنان سابقا، سيمر العيد الـ 79 للاستقلال اليوم بـ “كاتم للصوت” أي من دون عرض عسكري ولا احتفالات بسبب الشغور الرئاسي الامر الذي سيرسم صورة البلد المأزوم فيما تتسابق فيه وعليه الازمات السياسية والدستورية كما الازمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية. ولا تبدو في افق ازمة الفراغ الرئاسي أي تطورات جديدة من شأنها تبديل التوقعات قبيل الجلسة السابعة لانتخاب رئيس الجمهورية الخميس المقبل، اذ ان مجمل المعطيات لا تزال تدور حول عدم حسم “ازمة مرشح 8 اذار” على حد تعبير مصادر سياسية بارزة باتت تجزم في مجالسها ان هذه الازمة تختصر أكثر من ثلثي ازمة الاستحقاق الرئاسي وتاليا ازمة الفراغ. اذ ان الأيام الأخيرة، ابرزت على أوسع نطاق علني هذه المرة عمق المخاض الذي يجتازه محور 8 اذار وسط خروج الصراع الى ذروة الانكشاف والذي كان بإرادة متعمدة، كما تقول هذه المصادر، من رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الذي وان أخفق حتى الان في معظم اهداف تحركاته ومواقفه التصاعدية ضد منافسه الوحيد ضمن محور الممانعة سليمان فرنجية، فانه “نجح” في كشف تهاوي محوره بما يرسم الكثير من التساؤلات عن حقيقة ما يجري بينه وبين “حزب الله”.
وأكدت المصادر نفسها ان ثمة اعتمالا حادا خلف الكواليس بسبب المواقف التي أطلقها أخيرا البطريرك الماروني محملا عبرها النواب والمجلس النيابي تبعات انهيار الدولة الامر الذي يهيئ عدد وافر من النواب لإثارته وتبنيه في الجلسة الانتخابية المقبلة بما يرشح ان تشهد الجلسة سجالات واحتدامات ساخنة على غرار السجالات الحارة التي شهدتها الأسبوع الماضي في موضوع النصاب. وتخوفت في حال التمادي في هذه الدوامة من ان تتحول جلسات الخميس الانتخابية الى محطات تراشق منبرية امام الكاميرات وعلى اعين الرأي العام الداخلي بما يصعد المزايدات وينزلق بالاستحقاق الى متاهات تزيد تفاقم الازمة وتخدم اهداف الطامحين الى إطالة امد الفراغ.
ومع غياب أي احتفالات بعيد الاستقلال لفت قائد الجيش العماد جوزف عون أمس في “امر اليوم” العسكريين الى ان “عيد الاستقلالِ التاسعِ والسبعينَ يطل علينا فيما وطنُنا يمرُّ بظروفٍ استثنائيةٍ تتطلّبُ من الجميع، مسؤولينَ ومواطنين، الوعي والحكمةَ والتحلّي بالمسؤوليةِ والتعاونَ من أجلِ المصلحةِ الوطنيةِ العليا، في انتظارِ استقامةِ الوضعِ السياسيّ واستعادةِ انتظامِ المؤسّسات”. واكد ان “الجيوشَ تُبنى للأوقاتِ العصيبة. وقوةُ لبنانَ ووَحْدَتُهُ مِنْ قوّتِكم. واعْلموا أنَّ ثقةَ اللبنانيينَ والمجتمعِ الدوليِّ بِكُمْ هي أسطعُ برهانٍ على أهميةِ دورِكم، فلا تَضعَفوا أمامَ الأخطار، ولا تعبَؤوا بحَمَلاتِ التجنّي والاتهاماتِ الباطلة”.
مواقف من الرئاسة
وعكست بعض المواقف السياسية من الاستحقاق استمرار المراوحة والدوران في الفراغ اذ اكد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد “وجود أزمة في شغور موقع رئاسة الجمهورية”، داعيا إلى البحث عن “الرئيس المناسب، بمعنى أننا نريد رئيسا للجمهورية لا يغدر بنا، ولا يطعننا في ظهرنا، ولا يقدم إنجازنا على طبق من فضة لأعدائنا، وهذا الأمر ليس سهلا لأن هذا الرئيس لا نفرضه ونحن نفتش على صفاته كما غيرنا يفتشون”. وشدد على ضرورة “التفاهم حول هذا الرئيس” مستدركا القول: “لكن لا أحد “يقنعنا” برئيس يكون عبدا وخادما عند الأسياد، الذين يحضنون إسرائيل ويدعمونها ويساعدونها، ويأتون “ليخادعونا ويضللونا ويقولوا لنا إننا أصدقاء لكم”.
في المقابل نفى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع قدرة “حزب الله” هذه المرة على فرض مرشحه لسدّة الرئاسة “والا لكان فعلها منذ اللحظة الاولى، باعتبار ان موازين القوى داخل المجلس النيابي تغيّرت وكذلك الظروف والمعطيات”. واذ رأى ان “سليمان فرنجية هو المرشح الجدي لـ”حزب الله” الا انه لم يعلنه لإدراكه انه لن ينجح في ايصاله حتى الآن”، جدد التأكيد انه “من غير الممكن ان تكون “القوات” الى جانب فرنجية الموجود في المحور الآخر وبالتالي بانتخابه لا نكون منسجمين مع أنفسنا، رغم انه ابن منطقتنا”.
- صحيفة الأخبار عنونت: نحو استعادة 2016 معدّلة: فرنجيّة أو لا أحد؟
وكتب تحت هذا العنوان نقولا ناصيف يقول: تتضاعف الصعوبات المؤجِّلة لانتخاب الرئيس. لا تقلّ الأسباب المحلية أهمية عن الحجج الإقليمية والدولية يُظَنُّ أنها تقارب انتخاب الرئيس اللبناني الجديد في سياق توازنات إقليمية نشأت أو ستنشأ في مدى قريب أو بعيد. في الداخل للتجاذبات السياسية ألف حساب وحساب:
1 – بينما يقول أفرقاء إن حزب الله جزم بتأييده النائب السابق سليمان فرنجية على أنه مرشحه الوحيد وإن غير المعلن، يعتقد بعض آخر أن دعم الحزب لم يرقَ بعد الى ترشيحه نهائياً بسبب العقبة الكأداء التي تمثّلها معارضة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل انتخابه. يعرف باسيل، كذلك مؤيدوه ومعارضوه وكارهوه، أنه الممر الإلزامي لتسهيل انتخاب الزعيم الزغرتاوي. أما ما يعرفه باسيل أكثر، فهو أن هامش تمايزه عن حزب الله واسع أكثر مما يُعتقد، ويمكّنه من التحرك بحرية فيه الى حدّ التكهن بأنه ينقلب على إرادة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. أكثر ما يعرفه باسيل أن حزب الله يحتاج إليه الى جانبه، ولأن اللعبة لم تصل بعد الى الذروة التي تقف عندها وتبدأ بعد ذاك رحلة الهبوط: حينما يقول نصر الله إن المقاومة في خطر. إذذاك ينكفئ الجميع ويعودون الى الأحجام الطبيعية.
2 – تحوّل الثلث المعطل لالتئام جلسة الانتخاب الى إحدى أدوات المواجهة. بالتأكيد لا أحد يملك ثلثَي البرلمان لفرض إرادته بفرض انتخاب الرئيس، إلا أن المتاح في الاشتباك الدائر أن سلاح الثلث وهو 43 نائباً لتعطيل جلسة الانعقاد لا يملكه الأفرقاء جميعاً. ليس في متناول الثنائي الشيعي (30 نائباً) وحلفائه (بالكاد أقل من 10 نواب) من دون الحليف وحليف الحليف باسيل (19 نائباً). إلا أن الكتل الأخرى المتضافرة في مواجهة حزب الله أضحى بين يديها بوقوف كتلة وليد جنبلاط الى جانبها (نواب حزبَي القوات اللبنانية والكتائب والمسمّون تغييريون ونواب مستقلون).
3 – مذ فقد حزب الله ما كان يتوقعه في الانتخابات النيابية الأخيرة، وهو الأكثرية المطلقة على الأقل، بات من الضروري أن لا يتساهل في الاستحقاقات المُعدَّة أساسية وربما في مقياسه استراتيجية. ذلك ما رافق انتخاب رئيس المجلس في 31 أيار الفائت. آنذاك، كان فوز برّي حتمياً قاطعاً وهو المرشح الوحيد للمنصب. بيد أن المعركة الفعلية كانت تدور بين تمسّك الثنائي بفوزه من الدورة الأولى للاقتراع وبين الجهد الذي بذله مناوئوه غير القادرين على الحؤول دونه بأن راموا انتخابه من الدورة الثانية كي تُصاب صورته بجرح ما. مع ذلك، لأن انتخاب رئيس المجلس كما الشخص من الدورة الأولى أضحى واجباً لهيبة المقاومة، فاز بمثل ما تقرّر بأن انضم باسيل الى الثنائي في التصويت. الأكثرية المطلقة التي فاز بها هي ما كان حزب الله ينتظره من انتخابات أيار. الأوراق البيض الـ 23 والأوراق الملغاة الـ 40 الملغاة في جلسة 31 أيار، هي نفسها الآن تنقلب في وجهة معاكسة، فيستعملها مَن استعملت في وجهه قبلاً.
- صحيفة الأنباء عنونت: دولة مشلولة لا تحتفل بالاستقلال.. والحماس الفرنسي يتراجع
وكتبت تقول: حزين حلّ عيد الاستقلال هذه السنة على اللبنانيين، فلا استعراضات عسكرية ولا احتفالات ولا استقبالات رسمية في القصر الجمهوري الذي نُكّست أعلامه، بسبب الشغور الرئاسي والفشل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وذلك بعد ست جلسات كانت كلها تشبه بعضها في ظل الفشل في انتخاب رئيس وإصرار فريق على عدم خوض الاستحقاق والاكتفاء بالورقة البيضاء بدلاً من ترشيح إسم قادر على انقاذ البلد كما فعل الفريق المؤيد لترشيح النائب ميشال معوّض.
الفشل في انتخاب رئيس للجمهورية انعكس أيضاً فشلاً في تشكيل حكومة جديدة، والبلد متروك بعهدة حكومة تصريف أعمال بالنطاق الضيّق وممنوع عليها أن تجتمع حتى للموافقة على صرف مبلغ لنقل وقائع مونديال قطر بما يسمح للبنانيين مشاهدته.
في ظل هذا المشهد السوداوي، لا شيء في الأفق يؤشر الى الانتهاء من هذه المحنة في وقت قريب، فالناس في واد ومَن بيدهم الحل والربط في وادٍ آخر، وباتوا يخشون من إطالة أمد الشغور الرئاسي وأن يستمر تعطيل الاحتفال بعيد الاستقلال الى سنة جديدة أيضاً.
عضو تكتل الاعتدال الوطني النائب سجيع عطية تساءل حول كيفية الاحتفال بعيد الاستقلال في ظل الشغور في الرئاسة وعدم وجود حكومة وغياب التشريع في مجلس النواب واستمرار الانهيار الاقتصادي وهيمنة بعض القوى السياسية على الدولة ومصادرة قرارها.
عطية وفي حديث مع “الانباء” الالكترونية أشار الى أن المواقف السياسية ما زالت على حالها ولا شيء تبدّل من الخميس الفائت الى اليوم. كل فريق متمترس خلف مواقفه بانتظار ما قد يقدم عليه الفريق الآخر لاتخاذ الموقف المضاد، مضيفاً “في أيام الحرب كان يوجد خطوط تماس عسكرية واليوم تحوّلت الى خطوط تماس وهمية بانتظار بعض الدول لتسلّفنا مواقف تساعد على حل مشاكلنا بعد أن فشلنا باتخاذها، لكن هذه الدول لديها ما يكفي من المشاكل الداخلية ولم يعد لبنان أولوية بالنسبة لها. لقد ساعدتنا مرات عدة وآن الأوان كي نساعد أنفسنا”.
عطية الذي زار العاصمة الفرنسية قبل أيام، تحدث عن تراجع الحماس الفرنسي لمعالجة الأزمة اللبنانية، ومردّ ذلك الى عدم تجاوب اللبنانيين للمطالب الفرنسية. ففرنسا تشترط أن نساعد أنفسنا كي تساعدنا. وقال: “ما يهمنا اليوم كيفية الخروج من الأزمة وإقناع البنك الدولي بمساعدتنا للخروج من الأزمة”، سائلاً عن أي استقلال نتحدث؟ جازماً أن لا أحد يشعر بالاستقلال فالبلد مُصادَر من قبل النظام الطائفي.
من جهته، تساءل النائب السابق عاصم عراجي عبر “الانباء” الالكترونية: “كيف يمكن الاحتفال بعيد الاستقلال ولبنان بدون رئيس جمهورية وبدون حكومة “، واصفاً ما يحصل بالمعيب. وقال: “من المؤسف أننا تعوّدنا في العقدين الماضيين أن نتقن فن التعطيل في الرئاستين الاولى والثالثة، فبعد انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود بقي البلد بدون رئيس جمهورية حتى تسوية الدوحة ومجيء الرئيس ميشال سليمان وبعد انتهاء ولاية سليمان استمرينا في الشغور الرئاسي سنتين ونصف السنة، وهكذا دواليك، واليوم الأزمة مشابهة ولا توجد بوادر حلحلة. فالحل أصبح خارجي والخارج لم تعد تهمّه مشاكلنا. فهل يُعقل أن يُحرم اللبنانيون من مشاهدة المونديال من أجل ٤ ملايين دولار؟ فلو كان الرئيس رفيق الحريري حياً لكان دفع المبلغ من جيبه”.
عراجي توقّع إطالة أمد الشغور الرئاسي بانتظار المساعي والاتصالات الخارجية، مقدّراً الجهود الفرنسية لمساعدة لبنان، مستبعداً التوصل لانتخاب رئيس جمهورية في وقت قريب، مذكّراً بأنه بعد انتهاء ولاية الرئيس سليمان عقد المجلس النيابي ٤٥ جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية ولم نتمكن من ذلك الا بعد تسوية الدوحة وانتخاب عون وكذلك بعد انتهاء ولاية عون.
بموازاة كل ذلك، كل ما يهم اللبنانيون هو لقمة عيشهم ومصير سعر صرف الدولار وأي مستقبل بانتظارهم. وقد جاء الجواب بالأمس على لسان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي كشف أن المصرف المركزي سيبدأ بالعمل بسعر الـ15000 ليرة مقابل الدولار ابتداء من أول شباط 2023 وسيصبح التعميمان 151 و 158 على 15000 بدل الـ 8000 والـ 12000 ابتداء من اول شباط، مضيفاً “نحن اليوم دخلنا في مرحلة توحيد أسعار الصرف وهذا بدأ بالدولار الجمركي الذي تقرر بشأنه وزارة المالية مع الرسوم الأخرى والضرائب”.
هذا القرار سيكون له تداعيات اقتصادية واجتماعية كبيرة، فالبلد أمام مرحلة اقتصادية مفصلية، الأكيد فيها أن مرحلة الـ1500 ليرة قد ولّت الى غير رجعة.