قالت الصحف: أسباب تهاوي النفط الأميركي، طرق أبواب المستوطنات، أجواء جلسة البرلمان
الحوارنيوز – خاص
توزعت إفتتاحيات صحف اليوم بين الخبر الاقتصادي العالمي المتمثل بإنخفاض سعر برميل النفط الخام الأميركي الى ما دون الكلفة، وبين الحديث عن ارتفاع بالحرارة الداخلية المتصلة بأجواء الجلسة النيابية العامة التي ستعقد اليوم في قصر الأونيسكو.
كيف جاءت إفتتاحيات الصحف؟
• صحيفة "النهار" عنونت:" كورونا تحرم أميركا نفطها … الخام تحت الصفر للمرة الأولى" وكتبت عن هذا الموضوع تقول:" تحولت العقود الآجلة للنفط الأميركي لأقرب استحقاق خلال التعاملات أمس، إلى سلبية للمرة الأولى في التاريخ مع امتلاء مستودعات تخزين الخام وهو ما يثبط المشترين، بينما ألقت بيانات اقتصادية ضعيفة من ألمانيا واليابان شكوكاً على موعد تعافي استهلاك الوقود.
وهبطت عقود خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط للتسليم في أيار 55.90 دولاراً، أو 306 في المئة، إلى ناقص 37.63 دولاراً للبرميل بحلول الساعة 18:34 بالتوقيت العالمي. كما تراجعت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت 9.2 في المئة إلى 25.43 دولاراً للبرميل.
وكان الخام الأميركي قد هوى إلى عشرين سنتاً للبرميل في تعاملات الاثنين، ثم إلى أقل من الصفر ليواصل سلسلة خسائره التاريخية. وأفادت وكالة "رويترز" إنه للمرة الأولى على الإطلاق يضطر البائعون لأن يدفعوا للمشترين من أجل أخذ عقود آجلة للنفط.
وتعرضت سوق النفط لضغوط شديدة بسبب وباء فيروس كورونا المستجد، مع انخفاض كبير في الطلب. وتكافح مرافق التخزين الأميركية للتعامل مع وفرة النفط، مما يضعف الأسعار أكثر.
ومع الانهيار التاريخي لسعر الخام الأميركي، قفزت أسعار الذهب بما يصل إلى واحد في المئة بعد أن سجلت في وقت سابق من الجلسة أدنى مستوى لها في أكثر من أسبوع، مما يدفع المستثمرين إلى التماس الآمان في المعدن النفيس.
وسجل سعر الذهب للبيع الفوري 1689.80 دولاراً للأوقية (الأونصة) في أواخر جلسة التداول، مرتفعاً 0.33 في المئة عن الإغلاق السابق بعد أن سجل في وقت سابق أدنى مستوى له منذ 9 نيسان عند 1670.55 دولاراً. وصعدت العقود الآجلة الأميركية للذهب 0.7 في المئة لتبلغ عند التسوية 1711.20 دولاراً للأوقية.
تعليقا على ما حصل، يؤكد الأمين العام لـ"اتحاد البورصات العربية" الدكتور فادي خلف لـ"النهار" ان الانخفاض الهائل على سعر برميل النفط الخفيف الاميركي نتيجة تنفيذ عقود أجلة اتت على استحقاقها هذا المساء ولم تجد من يستلمها لتعذر إيجاد مكان لتخزينها نتيجة الفائض الكبير في المخزونات، اضافة الى ان خفض الانتاج السعودي والروسي من النفط لم يتمكن من تغطية تراجع الطلب العالمي نتيجة انتشار وباء كورونا. وامام هذا الامر، انهارت الاسعار الى مستويات سلبية. وللمرة الاولى على الاطلاق يضطر البائعون ان يدفعوا للمشترين مقابل عرض نفطهم، ويبقى السؤال الابرز بالنسبة لخلف:" هل سنواجه المشكلة ذاتها لعقود الاجل لشهر حزيران التي تسجل حاليا مستويات تقارب 20 دولارا خاصة في حال استمر فائض العرض والاحتياطي وتبعات فيروس كورونا؟
بدوره يعتبر الخبير الاقتصادي مروان مخايل ان سعر برميل نفط غرب تكساس، عقود الشراء المستقبلية لشهر أيار هي التي تراجعت الى دون الصفر للبرميل والسبب الاساسي هو التراجع العالمي على الطلب في الوقت الذي سجلت فيه الاحتياطات الاميركية من النفط مستويات قياسية، وهو ما أجج المخاوف بين التجار مع انتهاء العقد الشهري الثلثاء وهو أخر يوم لتسلم النفط بالنسبة للعقود الحالية. توزايا وصلت الاحتياطات الى مستويات قياسية ولا امكنة إضافية لتخزين المزيد من النفط، مع تراجع قياسي في الطلب. فالمخزونات ارتفعت نحو 50% منذ مطلع آذار، وقد إمتلأت الخزانات قريباً، ما أجبر التجار على طرح النفط بهذه الاسعار، ولكن ما يجب التأكيد عليه، ان هذه العقود هي عقود بيع شهر آيار، أما بالنظر لعقود النفط لشهر حزيران فما زالت قرب سعر 20 دولارا للبرميل. ويؤكد بعض المحللين ايضا ان هذه الخسائر عبارة عن خسائر تجارة براميل ورقية وليست حقيقة، ولن يتم بيع اي نفط عند هذه الاسعار.
• صحيفة "الأخبار" خصصت افتتاحيتها للحديث عن الرسالة التي وجهتها المقاومة لدولة الاحتلال من خلال تعطيل منظومة الحماية الأمنية للمستوطنات وعنونت:" طرق أبواب المستوطنات: اختبار الجاهزية بين الهجوم والدفاع" وكتبت تقول:" على طول الخط الحدودي الجنوبي، يتخذ جيش الاحتلال إجراءات خاصة. الأمر تجاوز تماماً كل ما كان سائداً قبل حرب تموز العام 2006، والاستنفار له لغة عملية يومية غير قابلة للاسترخاء. والمعركة هناك تتخذ طابعاً أمنياً بصورة واضحة، إذ يقوم الاشتباك الأمني اليومي بين المقاومة وقوات الاحتلال من دون أن يشعر الناس من حولهم بالأمر.
استفاد العدو كثيراً من القرار 1701، وهو ظل، الى الآن، يستفيد من قوات الطوارئ الدولية لأجل مسح المنطقة المقابلة لمواقعه ومستوطناته. ويعمل ليل نهار على مسح تقني وربما يفعّل خلايا تجسّسية له، بغية الوقوف على تفاصيل كل ما هو قبالته. لكن العدو، كان على الدوام، واثقاً من أن الطرف المقابل لم يتوقف عن الاقتراب من الحدود. وفي الفترة القريبة الماضية، بدأ العدو يتصرف على أن رجال المقاومة عادوا لينتشروا على الحدود مباشرة، وأن أيديهم على السياج.
صحيح أن المعركة والإجراءات تقوم هناك من دون صخب، لكن القوى الفاعلة قادرة على ملاحظة الفروقات الهائلة في الإجراءات وحتى في الطبيعة الجغرافية للحدود. انتشار العدو الكثيف عبر مواقع عسكرية ثابتة وعبر مواقع تتبع للاستخبارات العسكرية ومجهزة بتنقيات الرصد والتعقب والتنصت تملأ المكان. وأصلاً، زوّد العدو مجموعات على الحدود بأجهزة رصد متطورة غير موجودة لدى كثير من جيوش العالم، إضافة الى تطوير مهام الطائرات من دون طيار العاملة من دون توقف في كل المنطقة.
من جانبها، طورت المقاومة عدة أسلحة أمنية وعسكرية وتكتيكية. والواضح أنها نجحت في عزل الفرق العسكرية العاملة في الجنوب عن أي تطور آخر، سواء في داخل لبنان أم في سوريا والعراق. صحيح أن كوادر ومقاتلين شاركوا في كل الحروب، لكن متطلبات الجاهزية على الحدود لم تتعرض لأي تعديل طوال الوقت. بل على العكس، كانت الدروس من تجارب الحروب تنعكس على أداء وبرامج التدريب الخاصة بالمقاومين، وخصوصاً أن مهارات القتال الهجومي ليلاً ونهاراً وفي مناطق مختلفة التضاريس، ووسط تفعيل مجموعة من الأسلحة، كل هذه المهارات انعكست على سلوك القوات الموجودة ضمن قوات "المقر"، أو الاسم الخاص بموقع المواجهة المسؤول عن منع العدو من التقدم داخل الاراضي اللبنانية… وحتى أكثر من ذلك.
بعد مواجهة الصيف الماضي، عندما هاجمت المقاومة دورية للعدو قرب مستعمرة أفيفيم، تبدلت الأمور كثيراً. صحيح أن العدو كان أطلق قبل مدة عملية "درع الشمال" بحجة كشف أنفاق للمقاومة وتدميرها، إلا أن العملية العسكرية قلبت المشهد. وصار العدو يتعامل مع الوقائع بصورة مختلفة، أي إنه صار يعرف أن كل عمل يقوم به في أي منطقة من العالم ضد المقاومة، سيقابله ردّ فعل واضح، جهاراً ونهاراً، في نقطة تختارها المقاومة على طول الحدود مع فلسطين.
وإزاء ارتفاع منسوب الخشية لدى العدو من قبل المقاومة بعمليات في العمق وليس عند الحدود حصراً، تم وضع خطة عملانية ورصدت لها موازنة مالية كبيرة (عادت وتعرقلت أخيراً) من أجل إنجاز خطوات تهدف الى طمأنة سكان المستعمرات والعاملين في المزارع والمصانع، ومن أجل حماية المواقع والقوات الاسرائيلية المنتشرة على طول الحدود أيضاً. هي إجراءات ركزت في غالبية الأحيان على إبعاد العنصر البشري عن "الاحتكاك"، خشية تعرضهم للقتل أو حتى للخطف، وهذا يتضح من خلال ارتفاع منسوب الأعمال التقنية.
أما العنوان المركزي لكل خطط العدو في تلك المنطقة فهو: منع تسلل المقاومين الى داخل المستوطنات.
في المقلب اللبناني من الحدود، طورت وحدات المقاومة من طبيعة نشاطها في تلك المنطقة. وهي أضافت تعديلات جوهرية على نقاط الانتشار وآليات الرصد بما يسمح لها بمتابعة لصيقة لكل نشاط قوات الاحتلال، والتثبت اليومي من كل ما يقوم به العدو، جيشاً ومستوطنين، على طول الحدود، وحتى عمق عشرات الكيلومترات. ومن الواضح أنه عندما اتخذ قرار الرد أواخر الصيف الماضي، درست قيادة المقاومة الخيارات الإضافية للرد على عمليات اغتيال أو محاولة اغتيال مقاومين في لبنان أو سوريا، وهو ما ظهر أنه جاهز الأسبوع الماضي.
"طرق الأبواب"
بينما كانت الشمس تختفي غروب الجمعة الماضي، كانت ثلاث مجموعات من المقاومة الإسلامية تتقدم صوب نقاط محددة على السياج الحدودي مع فلسطين المحتلة، منفّذة خطة معدّة مسبّقاً، بتسجيل "علامة استخبارية وعملانية" خاصة ضد تحصينات القيادة الشمالية لجيش الاحتلال.
وضمن مسافة تمتد لنحو 34 كلم (مسافة انتقال وليس خط نار) من قرب الوزاني شرقاً حتى أفيفيم غرباً، عملت المجموعات ضمن سرعة قياسية على إحداث ثلاثة خروق في السياج الإلكتروني الحدودي الذي عملت قوات الاحتلال على استحداثه وتطويره خلال العامين الماضيين.
النقطة الاولى تقع عند السياج الفاصل بين مستعمرة المطلة والمناطق المفتوحة أمامه باتجاه منطقة سهل الخيام أو تلك التي تقود الى الوزاني. تلك المساحة التي استخدمها العدو خلال عدوان تموز العام 2006، حين عبرت مدرعاته التي وقعت خلال دقائق في كمين قاتل في سهل الخيام.
النقطة الثانية تبعد عن الاولى نحو 20 كلم باتجاه الغرب، أي قبالة مستعمرة يفتاح المأهولة بالسكان على الحدود الجنوبية لبلدة ميس الجبل، وحيث سبق للعدو أن أنجز خلال العام الماضي مجموعة من الإجراءات الخاصة، منها تدخُّلٌ في طبيعة الارض هناك من أجل "تعقيد مهمة المتسللين" على ما قاله العدو سابقاً، وحيث يوجد موقع إسرائيلي لصيق وينشر نقاط مراقبة ورصد إلكترونية وحرارية متطورة للغاية الى جانب كمين لدبابة ميركافا.
وعلى بعد 13.5 كلم الى الغرب أيضاً، باتجاه بلدة عيترون اللبنانية، حيث المناطق الحرجية وبعض المنخفضات، تم ايضاً قطع السياج قبالة مستوطنة "يرؤون" (المقامة عل أنقاض بلدة صلحا) التي تبعد بضعة كيلومترات عن الحدود مع لبنان، وتجاورها غرباً مستعمرة برعام، وكلها تقع ضمن قطاع أفيفيم، حيث مقر قوات الاحتلال وحيث نفذت المقاومة أواخر الصيف الماضي عملية قنص مركبة للعدو بصاروخ موجّه. وميزة هذه النقطة أنها حرجية بخلاف النقطتين الاولى والثانية حيث المكان مفتوح بلا سواتر طبيعية يحتمي بها المقاومون.
خلال دقائق قليلة، كانت المجموعات قد عطّلت الكابلات التي توصل نقاط الخرق بمراكز المراقبة في مواقع قوات الاحتلال، قبل أن تحدث خرقاً عبر قطع السياج بأدوات مناسبة، ثم تركت خلفها كمية من الأكياس التي تُستخدَم لجمع النفايات، وبعض الأغراض التي جعلت العدو يستهلك أكثر من 24 ساعة في معالجة الخرق، من فحص الأمكنة والأغراض الموجودة الى إعادة إغلاق السياج. كان علم العدو سريعاً وأكثر سهولة في نقطتي المطلة وعيترون، لكنه أخذ وقتاً أطول في ميس الجبل، لسبب رئيسي، وهو أن حجم الخرق قبالة ميس الجبل كان كبيراً، وتجاوز ستة أمتار، ما يسمح بعبور آليات الى العمق الفلسطيني المحتل لا تسلل مجموعة مقاتلين حصراً. وفي هذه المنطقة، تمهّل العدو في إجراءاته بعد ساعات قليلة من اكتشاف الخرق، بعدما لاحظ وجود أجسام مشبوهة، ما تطلّب منه استنفاراً أكبر، واستدعاءً لقوات إضافية من سلاح الهندسة مع روبوتات تولّت معالجة الأغراض قبل الشروع في عملية إصلاح السياج.
عمل العدو في تلك الليلة على عدة جبهات:
الأولى، وحيث كانت الأولوية هي التثبت من عدم تسلل مقاتلين الى العمق. عمليات المسح الأمني والعسكري جرت بسرعة في مستوطنتي المطلة ويفتاح، الى جانب الأحراج والمساحات غير المسكونة في محيط يرؤون. وتم تفعيل أجهزة الرقابة على أنواعها، خصوصاً كاميرات المراقبة، وجُنِّد قصّاصو الأثر لمسح الارض والتربة والأحراج قبل أن يتأكد العدو من عدم حصول خرق بشري. كان على الوحدات العسكرية والأمنية تأكيد انطباع أوّليّ لدى جماعة الاستخبارات العسكرية لدى العدو، هو أن ما حصل ليس خطوة تستهدف القيام بعمل عسكري مباشر. واضطر جنود يتمركزون في مواقع قريبة الى إطلاق القنابل المضيئة من أجل مواجهة الإجراء القائم.
الثانية، وجرت بعد عدة ساعات، حين استقدم العدو مجموعات من القناصة لإطلاق النار على الأغراض التي تركها المقاومون في المكان، وهي عبارة عن أكياس نايلون وصناديق كرتون عثر العدو داخلها على أسلاك من دون معنى، إضافة الى آلة تنظيف معطلة.
وقد تواصلت قوات الاحتلال مع وحدة الارتباط في قوات الطوارئ الدولية لنقل طلبات الى الجيش اللبناني بالابتعاد عن المكان وضمان عدم اقتراب الاهالي ووسائل الإعلام من النقاط المعنية. ثم لجأ العدو الى استقدام روبوتات للكشف المباشر على الاجسام المشبوهة.
الثالثة، نشر دبابات في مواقع قتالية في مواجهة القرى الحدودية اللبنانية، وسط استنفار لكامل حاميات المواقع على طول الحدود، وخروج عدد من الطائرات المسيّرة الى سماء المنطقة، وتولّي مجموعات الهندسة في جيش الاحتلال إعادة إصلاح السياج في الثغر الثلاث.
لكن المشكلة لدى قوات الاحتلال في تلك المنطقة أنها معنية بإجراءات استثنائية لطمأنة المستوطنين، الذين أقنعتهم قيادة العدو بأن الأمور تحت السيطرة، خصوصاً بعد حفلة العلاقات العامة التي رافقت عملية "درع الشمال" لتهديم الأنفاق التي قال العدو إن المقاومة حفرتها على طول الحدود. وكان على قيادة العدو إعداد أجوبة سريعة على أسئلة مكثفة لمجالس المستوطنات والقيادات المحلية عن فعالية الإجراءات التقنية المكثفة التي تتخذها على طول الحدود، وعن مدى فعالية رفع الجدران الاسمنتية وإقامة مستويين من السياج الإلكتروني ونشر أجهزة استشعار واسعة، إضافة الى نقاط المراقبة المباشرة للجنود في مقاطع واسعة من الحدود مع لبنان. وهي إجراءات عمد العدو إلى تسويقها لدى المستوطنين في المنطقة ولدى الجمهور في "إسرائيل" على أنها عمليات ردعية تعطل قدرة المقاومة في لبنان على القيام بأعمال عسكرية في المنطقة الحدودية
• صحيفة "الجمهورية" عنونت:" جلسة الأونيسكو: احتياطات وتباينات.. دياب: ساعدونا وبري لوقف الاشتباكات" وكتبت تقول:" مع قيامة المسيح، لا يبقى سوى الرجاء بأن تظلّل شمس الفصح أرجاء هذا البلد، فيتخطّى جلجلته القاتلة، وتنبعث فيه الحياة من جديد، ويتوقف بحث المواطن اللبناني عن دولة تراه وترعاه، وسلطة نظيفة يأمن لها، وتوفّر له الأمان المفقود على كل المستويات.
واذا كان لبنان في عين العاصفة السياسية والمالية والاقتصادية التي تضربه من كل جانب، تضاف اليها الآثار الشديدة السلبية التي أرخاها فيروس "كورونا" على كل مفاصله، فإنّ تلك الآثار مرشحة الى مزيد من السلبية لاحقاً، خصوصاً مع الآثار الخطيرة في سلبيتها التي بدأ الفيروس يظهّرها على مستوى العالم. ولعل أخطرها الانهيار المريع في اسواق النفط، وتراجع سعر برميل النفط الى ما دون الصفر بدرجات مثيرة.
وقال النائب ياسين جابر لـ"الجمهورية": هذا الامر يعتبر من اولى انعكاسات كورونا على الكثير من القطاعات، خصوصاً على تلك المتصلة بقطاع النفط، فحركة النقل البري والبحري والجوي توقفت على مستوى العالم، خصوصاً في الولايات المتحدة الاميركية التي تعد أكبر مستهلك للنفط في العالم، وجرّاء هذا التوقف تراجع الاستهلاك الى حد انه انعدم، يضاف الى ذلك توقف المصانع والمعامل، فضحايا كورونا بدأت بالظهور، إن على صعيد شركات تصنيع الطائرات والسيارات او على صعيد النفط.
ولفت جابر الى انّ فيروس كورونا سيترك آثاراً شديدة السلبية، وهذا الامر ينبغي ان يجعلنا في لبنان ننتبه منذ الآن ونسعى لكي نعالج بأقصى سرعة، اذ اننا في حاجة الى باقة ملحّة من الاجراءات الانقاذية السريعة، وفي مقدمها القيام بتخفيضات ضرائبية مع مفعول رجعي بالتزامن مع ضَخ سيولة في السوق، لأننا اذا خرجنا من كورونا، ومن ان نتّخذ هذه الاجراءات سنجد أنفسنا امام وضع صعب جداً، ونرى الكثير من الشركات والمؤسسات قد أفلست وأقفلت.
في الداخل، خسر اللبناني كل شيء، أمانه، قوته، مدخّراته، لم يبقَ شيء، إلاّ قلق متزايد على بلد محطّم؛ يقف اليوم على مفترق طرقات كلّ وجهاتها صعبة؛ في المجال الصحي كابوس ليس معلوماً المدى الزمني الذي سيبقى فيه جاثماً على اعصاب اللبنانيين، وفي الاقتصاد، طريق مسدود؛ لا مال، لا ودائع، ولا وظائف، لا اعمال، شركات أقفلت، مؤسسات تلفظ انفاسها الاخيرة، لا إصلاحات، لا معالجات، غلاء فاحش، ولا خطط انقاذية جاهزة ولو حتى بخطوات خجولة من باب حفظ ماء وجه السلطة. امّا السياسة، فهي مفخخة بمجموعة صواعق تفجير، في داخل الحكومة، وعلى كل الخطوط السياسية الرئاسيّة. كل ذلك، جعل المسرح الداخلي مؤهّلاً لانفجار سياسي وحكومي في أي لحظة.
سياسياً، حملت بداية مرحلة ما بعد عيد الفصح المجيد، تتمة للمرافعة التي قدّمها رئيس الحكومة حسان دياب اواخر الاسبوع الماضي، عن سياسة الحكومة و"إنجازاتها" التي حققتها والتي تنوي تحقيقها.
هذه التتمة، عرضها دياب امس، امام وفد من الاقتصاديين التقاه في السراي الحكومي، حيث علمت "الجمهورية" من مصادر الوفد، انّ رئيس الحكومة اكّد امام الاقتصاديين انّه "مضى على وجودنا في الحكومة، نحو 70 يوماً، وهناك من يتوجّه الينا وكأنّه مضى على وجودنا 30 سنة، نحن مدركون لحجم ووزن الأزمة التي لها خمسة رؤوس شيطانية، الاول "كورونا"، والثاني هيكلة المصارف، والثالث الدين الخارجي، والرابع الوضع المالي، والخامس الأزمات السياسية والاقتصادية. واخطر ما فيها فقدان المواطنين لأعمالهم".
واكّد دياب" انّ كل ذلك، هو نتيجة، آخر 10 سنوات من السياسات الخاطئة، كلما قلنا نتيجة 30 سنة يتهموننا بأننا نهاجم خطاً سياسياً معيّناً، نحن لا نريد ان نستفز احداً ولا ان نهاجم احداً، بل نريد ان نتطلع الى الامام".
وقل دياب: "الحكومة ومع فترة حكمها حتى الآن، لديها مفاوضات خارجية حساسة ودقيقة، ولدينا مشكلة كهرباء، ومشكلة "يوروبوندز" ومشكلة "كورونا"، ومع ذلك يأتي من يرشقنا ويقصفنا بالهجوم والاتهامات من دون وجه حق، ونحن مدركون لخلفيات هذه الامور، ونحن ايضاً مستمرون لأننا نعمل من اجل البلد. وانا شخصياً اتحمّل مسؤوليتي واحمل مسؤولية بلدي، وليس منا من يبحث عن زعامة او ليؤسس لهذه الزعامة، هذا امر لا يعنينا، فساعدونا حتى نتمكن من ان نساعد البلد".
وحينما سأله الاقتصاديون عن صندوق النقد الدولي، قال دياب: "حتى الآن لم نقارب صندوق النقد الّا بطلب مساعدة تقنية. اولوية الحكومة حالياً هي إجراء حصر للواقع وللاضرار التي لحقت بوضعنا الاقتصادي والمالي والصحي، وكان يُفترض ان ننتهي من ذلك هذا الاسبوع، ولكن كما تعلمون "كورونا" منعت التواصل، وكذلك الاعياد، ولذلك يُفترض ان ننتهي من حصر كل الاضرار الاقتصادية والمالية آخر الاسبوع المقبل".
وفي الحديث عن "الهيركات" اشار رئيس الحكومة امام وفد الاقتصاديين، الى "اننا لم نذكر "الهيركات" ابداً، ولا توجد نية لاعتماد هذا الخيار، ولكن هناك خسائر فادحة لحقت بلبنان، ولن اقول لا بالدولة ولا بالاقتصاد ولا بالمصارف ولا بالقطاع العام والخاص، هذه الخسائر لكي نعوّضها يجب ان نبحث يميناً وشمالاً، وفي كل مكان. يمكن ان تتأخّر على الناس اموالها، او يمكن لبعض الناس ان يُمسّ بالفوائد فوق الطبيعة التي جنوها خلال السنوات العشر الماضية".
امّا في الجانب الآخر لمرحلة ما بعد عيد الفصح، فتبدو مضبوطة على ايقاع تصادمي بين الموالاة والمعارضة على الخط الحكومي، وكذلك حيال بعض الاقتراحات المطروحة في الجلسة التشريعية المقرّر عقدها اليوم في قصر الاونيسكو، في ظل التباينات حولها، وخصوصاً ما يتصل بالعفو العام.
فالمعارضة، وتبعاً للمواقف التصعيديّة في وجه الحكومة، وخصوصاً من قِبل مثلث "تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية" و"الحزب التقدمي الاشتراكي"، تعتبر أنّ الحكومة تقاعست عن تحقيق المهمة الإنقاذية للبلد، وفشلت في إحداث نقلة نوعية في الوضع الداخلي، بل على العكس فاقمت الأزمة بفضل ما تسمّيها "ذهنيّة التسلّط القديمة" التي ما زالت تحكم الحكومة وتتحكّم بها.
وقالت اوساط تيار "المستقبل" لـ"الجمهورية": "لا أمل يُرتجى من هذه الحكومة، ولا تملك المؤهّلات ولا القدرات ولا النيّة على إنقاذ البلد، بل هي تعبير واضح عن عقلية مهترئة، لن تستطيع ان تقدّم شيئاً في نهاية المطاف سوى مفاقمة الازمة".
وفي السياق ذاته، اكّدت مصادر "القوات اللبنانية" لـ"الجمهورية"، "انّ الحكومة فاشلة، تديرها سلطة فاشلة، واثبتت الاكثرية الحاكمة انّها ليست اهلاً لتولّي المسؤولية، واستمرارها معناه الخراب، وبالتالي آن الأوان لأن تُقرّ بفشلها وتتنحّى. ففي ذلك خير للبلد".
وعلى الإيقاع ذاته، يأتي موقف الحزب الاشتراكي، حيث قال النائب اكرم شهيّب لـ"الجمهورية": "االمشكلة ليست في الحكومة، بل هي في العقلية التي تمارس فوقية مقيتة في ادائها سعياً الى تغيير وجه البلد وصولاً الى نسف الطائف والاطاحة بالدستور".
وأشار شهيب الى انّ "هذا المنحى يتبدّى في اجتياح الحرّيات واجتياح القضاء وفي العمل الحثيث على تدمير النظام المالي والنظام الاقتصادي الحر، والسطو على الحسابات المالية للبنانيين عبر "هيركات مقنّع" يطبقونه، واكثر من ذلك ضرب النظام العام وكسر تنوّع البلد ونظامه الديموقراطي والبرلمان، وبالتالي لا يمكن السكوت على هذا الامر، ولا الركون الى عقلية تدمّر البلد، ولنستفد من تجارب الماضي التي اكّدت ان لا احد في لبنان يستطيع ان يلغي احداً".
ورداً على سؤال حول العامل الخارجي الدافع للتصعيد في وجه الحكومة، قال: "اولاً المشكلة كما قلت ليست في حسان دياب كشخص، بل هي في العقلية التي حوّلته الى عجينة في يدها لتنفذ سياساتها. اما ما يُقال عن إيعاز خارجي، فنحن حزب له حضوره وموقعه وتربطنا علاقات وصداقات مع الكثير من القوى السياسية المحلية والدولية، لكن قرارنا حرّ، كان كذلك وسيبقى كذلك".
في المقابل، قالت اوساط حكومية لـ"الجمهورية": "انّ الهجوم الذي تتعرّض له الحكومة ليس بريئاً"، ملاحظة انّ "تصاعده في وقت واحد من الاتجاهات المعروفة، يؤشر الى انّه مبرمج ومنسّق، وليس مستبعداً ان يكون موحى به من "مكان ما" يُحرّك عن بعد التصعيد ضد الحكومة".
وقالت اوساط التيار الوطني الحر لـ"الجمهورية"، انّ "الحملة على الحكومة، هي في الوقت ذاته حملة على العهد بقصد افشاله، وهو امر لن يتمكنوا منه، وهذا الامر الذي يؤجج انفعالاتهم. فمن يهاجم الحكومة اليوم، ويحمّلها مسؤولية الأزمة الاقتصادية والمالية، يبدو انّ ذاكرته مثقوبة، فيما هو متسبب بهذه الازمة وشريك بمفاقمتها وإفراغ الدولة من مواردها. فعلى الاقل ينبغي بهؤلاء ان يتحلّوا ببعض الخجل، ومن بيته من زجاج رقيق لا يرشق الآخرين بحجر".
واستغربت اوساط "حزب الله" ما سمّتها "محاولة التشويش الواضحة على الحكومة لعرقلة مسارها، وقالت لـ"الجمهورية": كل ما يجري ليس بريئاً، ولدينا من المعلومات ما يجعلنا متأكّدين بوجود محرّك خارجي لهذا التصعيد سواء عبر سفراء او غير ذلك.
وعمّا اذا كانت هذه الحملة ستؤثر على الحكومة، قالت الاوساط: "لدى الحكومة مهمّة تتصدّى لها، مهما بلغ هذا التصعيد ضدّها".
في هذا الوقت، عكست اجواء عين التينة عدم ارتياح رئيس المجلس النيابي نبيه بري لجو التراشق الحاصل، ولهذا التصعيد الذي من شأنه ان يدفع لبنان الى مزيد من التعثر.
وتلخص هذه الاجواء موقف بري بالدعوة "الى التهدئة السياسية. فهذه المرحلة لا تحتمل فتح معارك جانبية لا طائل منها، فلنترك الحكومة تعمل، وواجب الجميع موالاة ومعارضة ان تمدّ يد العون لها للقيام بالمهمة الانقاذية للوضع الاقتصادي والمالي الذي نال من الجميع من دون استثناء. فالناس شبعوا معارك وتوترات، لم يعد تهمّهم السياسة، بل صار همّهم لقمتهم ومعيشتهم ومن يخفف عنهم، وليس من يزيد التوترات ويفتعل الاشتباكات، فماذا تفعلون ببلدكم"؟
وفي السياق، قال النائب محمد خواجة لـ"الجمهورية": "تشكّلت الحكومة في ظروف صعبة ومعقّدة، ولا سيما على الصعيدين المالي والاقتصادي، وأتت جائحة "كورونا" لتزيد الأوضاع سوءاً. ويُسجّل لوزارة الصحة والحكومة نجاح ملحوظ في مواجهة تلك الجائحة التي أرعبت العالم. وهذا الأمر موضع إجماع عند اللبنانيين وتقدير منظمة الصحة العالمية".
اضاف: "أما بخصوص الأزمة المالية الاقتصادية المتفاقمة، فيتوجب على الحكومة الإسراع في المعالجات الإنقاذية العملية، من خلال دعم الأسر الفقيرة التي تتزايد أعدادها يوماً بعد يوم؛ فحتى الآن لم تصل مساعدة الـ 400 ألف ليرة المقرّرة إلى محتاجيها. كما مطلوب دعم القطاعات الإنتاجية لتأمين ديمومة عملها، والضرب بيد من حديد على أيدي المضاربين بالعملة الوطنية. وكذلك السعي الجدّي لتخفيف أعباء المديونية التي راكمتها السياسات المالية والاقتصادية السابقة، من دون المسّ بودائع اللبنانيين ومدخراتهم. ونقطة الإنطلاق تبدأ من إصلاح قطاع الكهرباء، الذي استنزف مليارات الدولارات خلال العقود الماضية. ورغم ذلك لا يزال اللبنانيون يعانون التقنين ودفع فاتورتين، إحداهما لمؤسسة الكهرباء والثانية لأصحاب المولدات".
من جهة ثانية، تنطلق اليوم جلسة التشريع النيابية التي تقرّر عقدها على مدى ثلاثة ايام في قصر الاونيسكو، كبديل اكثر اماناً من قاعة مجلس النواب في ساحة النجمة. ولعلّها تجربة ان نجحت، فسيبقى الاونيسكو معتمداً كمقرّ تشريعي موقت الى حين عبور الأزمة الوبائية.
وعشية الجلسة، عكف رئيس المجلس على متابعة ادق التفاصيل المتصلة بالجلسة، ليس فقط من الناحية التقنية وامدادات الصوت وما الى ذلك، بل من ناحية كيفية إجلاس النواب بطريقة تباعدية مع التجهيز بالكمامات والمطهرات حفاظاً على سلامتهم.
واذا كانت الجلسة التي ستنطلق بلا اوراق واردة، كإجراء احترازي منعاً لتحوّل الخطابات في الاوراق الواردة الى منصّات توتير اضافية للوضع السياسي المتشنج، الّا انّ بعض بنود جدول الاعمال قد تسخّن اجواء الجلسة، ان ما خصّ الاقتراح المتعلق بإباحة زراعة الحشيشة للاستخدام الطبي، وعلم في هذا الاطار انّ "حزب الله" يعارضه، او ما خصّ الاقتراح المتعلق بمنح العفو العام عن سلسلة من الجرائم السابقة، الذي يُحاط باعتراضات من قِبل الكتل النيابية المسيحية على وجه الخصوص.
وفيما يحظى اقتراح العفو بتأييد الثنائي الشيعي وحلفائه وكذلك تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، الذي اكّدت اوساطه انّه سيصوّت معه، بعد الاطلاع على الاقتراحين الموجودين حول هذا الموضوع، اعلن النائب شامل روكز معارضته لهذا العفو. فيما قال النائب الان عون لـ"الجمهورية": "موضوع العفو العام ينبغي ان يتمّ التعاطي معه بحذر وضمن حدود معيّنة. بالتأكيد نحن لسنا متحمسين له، انما لدينا الاستعداد لأن نقاربه من ضمن ضوابط تحاكي روحية ما يجري التحضير له من قِبل رئيس الجمهورية حول العفو الخاص".
وقال رئيس لجنة المال والموازنة النيابية ابراهيم كنعان لـ"الجمهورية": الأولوية غداً للقوانين المرتبطة بمعالجة تداعيات الكورونا اقتصادياً واجتماعياً ومالياً كأنشاء صندوق الدعم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ووضع سقف لمرجعية الفائدة على الحسابات المدينة وتمديد المهل التعاقدية والقضائية والقانونية كما تحرير مساهمات البلديات والمؤسسات العامة والهبات من الرسوم والضرائب.
وقالت مصادر "القوات اللبنانية" لـ"الجمهورية" ان تكتل "الجمهورية القوية" سيشارك في الجلسة التشريعية، ودرس كل البنود المطروحة على جدول الأعمال، وسيكون لو الموقف المناسب من كل بند.
ويعلِّق التكتل أمالا كبيرة على مشروع "القنّب" لدعم الاقتصاد المنتج، بخاصة انه يشرك القطاع الخاص ويفتح باب التنافس في ما بينه، كما يمكن ان يستقطب الاستثمار الخارجي ويسمح بدخول لبنان الى سوق صناعة الأدوية الطبية من القنب الهندي والاعتماد على لبنان كمورد لمنطقة الشرق الأوسط لهذه الصناعة.
وقال مصدر كتائبي مسؤول لـ"الجمهورية"، انّ كتلة نواب الحزب برئاسة النائب سامي الجميل سوف تحاول الاستفادة من انعقاد الجلسة التشريعية لتسليط الضوء على الحلول المطلوبة لاسباب الأزمة وليس فقط للتعاطي مع ذيولها وتداعياتها.