قالت الصحف: أجواء ما قبل الإستقالة وما بعدها
الحوارنيوز – خاص
عنونت صحيفة "النهار":" الحريري يرمي استقالة بوجه العهد والثنائي الشيعي .. القمصان السود اجتاحوا الوسط ولانتفاضة مستمرة" وكتبت تقول: يحيي الرئيس ميشال عون غداً الذكرى الثالثة لتسلمه مقاليد رئاسة الجمهورية، وسط ازمة عميقة تصيب منتصف عمر الولاية، مع حكومة مستقيلة، وتحركات تنذر الى اليوم بتصعيد متواصل، لتحقيق كثير من الوعود التي اطلقها الرئيس في مطلع عهده، وفشل مع الحكومات المتعاقبة في تحقيق الحد الادنى منها، ومع وضع اقتصادي ومالي يوشك على الانهيار في غياب أي دعم عربي ودولي تدفع في اتجاهه المواقف السياسية للعهد المتحالف مع "حزب الله" الذي تلاحقه العقوبات الدولية.
واذا كان الرئيس سعد الحريري استجاب لنداء الشارع، وقدم استقالة حكومته عصر أمس، نزولا عند الرغبة الشعبية في ذلك، ظنا منه ان هذه الخطوة ترضي الحراك المدني، فان غارات "القمصان السود" التي نفذها عناصر الثنائي الشيعي "حزب الله – أمل" والشعارات الطائفية التي اطلقها هؤلاء، والشتائم التي وجهوها الى المتظاهرين، ولدت ردات فعل عكسية، ودفعت الى مواصلة الحراك، والمؤسف انها أعادت تحريك الفتنة المذهبية السنية الشيعية. اذ ان نداءات "شيعة شيعة" و"حزب الله" وحركة "أمل" أيقظت الشارع السني الذي خرج ليلاً في غير منطقة، ورد على عناصر الشغب التي اسقطت هيبة الدولة اولا، وحركت المشاعر الدفينة ثانياً، وولدت نقمة على العهد ثالثاً اذ حملته مسؤولية الاعتداء على الناس واضعاف هيبة مؤسسات الدولة والاجهزة الامنية.
وتأتي الغارات بعد تحذيرات ولاءات حددها الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أعلن فيها رفضه استقالة الحكومة. وتبعتها سلسلة تصرفات ضيقت على المتظاهرين في غير منطقة خصوصاً في الجنوب.
والاسئلة الصعبة التي تواجه القيمين حالياً، لا تجد الى اليوم اجابات شافية بدليل عدم اصدار الرئاسة أي بيان عن الاستقالة أمس، في انتظار بلورة أفكار ورؤى حول شكل الحكومة الجديدة، خصوصاً بعد التصلب الذي اصاب المفاوضات السابقة حول التعديل الوزاري، مع اصرار الرئيس على عدم التخلي عن اعادة توزير جبران باسيل، كمثل تجاربه السابقة في تأليف الحكومات عندما كان يعطلها أشهراً لفرض توزير باسيل بالحقيبة التي يشتهيها.
وبدا من مصادر بعبدا ان خطوة االرئيس الحريري بالاستقالة لم تكن منسقة مع رئيس الجمهورية. وعلم ان البيان الرئاسي سيصدر بعد معرفة التوقيت المناسب لاجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس تشكيل حكومة جديدة.
وسربت المصادر ان " حزب الله يرفض تشكيل حكومة يكون باسيل خارجها، انطلاقاً من رفضه كسر حليف أساسي يمثل اكثرية مسيحية نيابية وشعبية". ولم تستبعد ان يكون المخرج باعادة تسمية الحريري وبدخول الحكومة الحالية بفترة تصريف أعمال قد تمتد طويلاً اذا لم يتفق على الحكومة المقبلة.
بدورها عنونت الأخبار:" الحريري يقلب الطاولة" وكتبت تقول:" دخلَ لبنان مرحلة شديدة الخطورة مع إعلان سعد الحريري استقالته. أزمة سياسية ومالية غير مسبوقة تواجهها البلاد بعد انصياع رئيس الحكومة للضغوطات الخارجية والمشاركة في الإنقلاب على العهد في ظل ضبابية المشهد في الشارع
هل أطاح سعد الحريري بالتسوية السياسية الناظمة لاداء فريق السلطة منذ العام 2016؟ استقال هذه المرة من بيته وأرضه، لكن البعض تذكر معالم وجهه التي ظهرت عليه يومَ أُجبِر في الرياض على التنحي. خطوته ذكرت بخطوة الرئيس الراحل عمر كرامي حين استقال في أصعب أزمة سياسية ومالية مرت بها البلاد عام 2005. خطوة فاجأت وأربكت شركه في التسوية الرئيس ميشال عون (والوزير جبران باسيل ضمناً). اما حزب الله، فعلم بقرار الاستقالة، من الحريري، في الليلة السابقة لإعلانها. وأبلغ الحزب الرئيس نبيه بري بقرار الحريري، قبل أن يبلغ رئيس الحكومة رئيس المجلس بنيته الاستقالة أمس. أما حليفا الحريري، أي "القوات اللبنانية" والحزب الإشتراكي، فتصرفا على ان الاستقالة تصب في مصلحة مشروعهما السياسي.
رئيس الحكومة لم يكُن يعمل على خط واحد، بل اعتمد سياسة اللعب على الحبال. ففي وقت واصلَ فيه عقد لجان وزارية، رافضاً كل تمنيات القوى السياسية عقد جلسة للحكومة، أقله لإظهار جدية في تنفيذ بنود الورقة المالية – "الإصلاحية" بهدف تنفيس الإحتقان في الشارع، كانَ يعقُد اجتماعات سرّية يومية مع مجموعات في الحراك للبحث في خيار حكومة التكنوقراط والطلب اليها وضع أسماء مقبولة في الشارع. ويتهم خصوم الحريري رئيس الحكومة بأنه كان يسعى الى مد جسور مع الناشطين على الارض، بقصد الظهور انه الى جانبهم وانه يؤيّد مطالبهم تمهيداً لاستقالة تجعله خارج شعار "كلن يعني كلن". لكن الاخطر، اعتبار قوى التسوية ان الحريري عمل على تلبية رغبة خارجية باستكمال الإنقلاب الهادف الى تغيير موازين القوى في السلطة.
صحيفة "نداء الوطن" عنونت:" بنكمل بللي بيقيوا وبعدين منتحاسب مع الأجهزة" وكتبت تقول:" سجّلت الثورة أمس الهدف الأول في مرمى السلطة المتعنّتة التي راهنت على صمود التركيبة التي انتفض في وجهها اللبنانيون. وجاءتها الصفعة من داخلها على طريقة "من بيت ابي ضُربت"، فاستقال الرئيس سعد الحريري قالباً الطاولة التي كان وزير الخارجية جبران باسيل يلوّح بقلبها على رأس شركائه.
وبين تأكيد المحيطين بالحريري أنه بذل جهده لإجراء تعديل حكومي أو للاتفاق على حكومة جديدة تواكب الواقع السياسي المستجد الذي فرضته الساحات الثائرة، وبين استياء "الثنائي الشيعي" من خطوته بعدما طلب اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري وقيادة "حزب الله" التريّث، تدخل البلاد في مرحلة ترقّب، بل خطر، حسبما قالت وزارة الخارجية الفرنسية تعليقاً على الاستقالة.
وإذ تلقت لجان التنسيق في الثورة خبر الاستقالة بشعور بالثقة، فإنها بحثت إمكان تخفيف قطع الطرقات تسهيلاً لأمور المواطنين، مع البقاء على الجهوزية الكاملة لتحقيق تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن. وذكر أمس أن عدداً عشوائياً من الناشطين في الحراك الشعبي قد يزورون بعبدا غداً الخميس للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وبدا أمس أن ردود الفعل الرسمية على استقالة الحريري غاضبة وتتجه الى الحدة، ليس تجاه الثورة فحسب، بل ايضاً تجاه الحريري والأجهزة الامنية التي رفضت إراقة دماء الشعب لارضاء الحكام، وتجاه أحد شركاء الخندق الواحد أي "حركة أمل".
فرئيس الجمهورية رد على سؤال صحافيين كانوا يتابعون معه خبر الاستقالة من خلال التلفزيون بالقول: ""منكمل بللي بقيوا".
وعن أداء القوى الامنية أجاب: "بعدين منتحاسب مش اليوم". وحمَّل وزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة المسؤولية كونهما "أساءا إدارة الازمة كما يجب". ووجه لوماً الى الحريري وبري لأنهما لم يشرعا في فتح باب مجلس النواب أمام التشريع تطبيقاً لما ورد في الورقة الاصلاحية.