سياسةصحفمحليات لبنانية

قالت الصحف:هل تتأجل الانتخابات النيابية في ظل الإنقسام حول القانون؟

 

الحوارنيوز – صحف

تناولت الصحف الصادرة اليوم وقائع الجلسة التشريعية لمجلس النواب أمس ،ولوحت بإمكان تأجيل الانتخابات النيابية في ظل الإنقسام الحاصل حول القانون.

 

النهار عنونت: الجلسة التشريعية تطلق العنان للانقسام الانتخابي

عون يكرّم قائد الجيش واللقاء وسلام “يتمهّل

  وكتبت صحيفة “النهار”: مع أن انفجار الخلاف الانتخابي الناجم عن انقسام واسع مزمن ومكشوف حول تصويت المغتربين كان تطوراً حتمياً منتظراً في الجلسة التشريعية التي عقدت أمس خالية من أي بند يتصل بهذا الخلاف، فإن الحدة التي طبعت هذا الانفجار وأدت إلى الإطاحة بنصاب الجلسة لم تكن معزولة عن الأجواء الشديدة التوتر التي تسود البلاد منذ واقعة الروشة الخميس الماضي، بل جاءت لترسم مزيداً من الشكوك حيال المرحلة الطالعة، ناهيك عن إثارة جدية لمصير الانتخابات النيابية ما لم يتم التوصل إلى تسوية بين الكتل النيابية والقوى السياسية تخرج الخلاف الحاد على تصويت المغتربين من الأزمة التي يتخبط فيها، على رغم تأكيدات وزارة الداخلية بأن الانتخابات ستجرى في موعدها.
الجانب الآخر من المشهد المشدود والمأزوم لم تحجبه وقائع الجلسة النيابية الصاخبة، ولو أنه ظل مغلفاً بوجه مكتوم صامت ولكن معبر للغاية ومثير للخشية على وحدة الحكم في ظل اشتداد الحاجة إلى تمتينها تحديداً بين رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام. ذلك أنه على رغم رصد الأوساط السياسية للقاء بين الرئيسين أمس أو في الساعات المقبلة، لم يسجل انعقاد هذا اللقاء ولا أعلن عن أي اتصال بين بعبدا والسرايا. ولعل الأمر الذي عزز الانطباعات عن تنامي أزمة صامتة تمثّلَ في كلام لرئيس الجمهورية دافع فيه بقوة عن الجيش والأجهزة الأمنية وتزامن مع استقباله لقائد الجيش وتقليده وساماً رفيعاً، وأوحى كل ذلك بأنه بمثابة رد ضمني على الموقف المنتقد للجيش والأجهزة الأمنية في واقعة الروشة والذي لم يكن الرئيس سلام بعيداً عنه. ومع ذلك، فإن ثمة معطيات تتحدث عن لقاء وشيك سيجمع الرئيسين ويضع حداً لتداعيات الأزمة داخل الحكم لأنهما يدركان خطورة عدم تدارك الأمر بسرعة والانصراف مجدداً إلى التصدي للأولويات الضاغطة على كل الصعد، علماً أن ثمة ترقباً لأول تقرير يفترض أن تقدمه قيادة الجيش إلى مجلس الوزراء بعد الخامس من تشرين الأول المقبل حول ما أنجزه الجيش خلال الشهر الاول منذ جلسة الخامس من أيلول في تنفيذ خطته التدريجية لتنفيذ قرار حصرية السلاح.
إذاً، شهد مجلس النواب أمس انفجار الخلاف الانتخابي بحدة بين الكتل والنواب المطالبين رئيسَ مجلس النواب نبيه بري بمناقشته تحت قبة البرلمان للإفساح في المجال أمام اقتراع المغتربين لـ128 نائباً، وبين فريق الثنائي الشيعي الذي ينادي بحصر تصويتهم بـ6 نواب، علماً أن “التيار الوطني الحر” المؤيد للـ6 نواب، لم يمانع مناقشته في الهيئة العامة.
وتحوّل الملف الانتخابي إلى مادة ملتهبة بعدما طالبت “القوات اللبنانية” بلسان النائب جورج عدوان بوضع قانون الانتخاب المعجل المكرّر على جدول أعمال الهيئة العامة “فلنؤمّن أقله حصول الانتخابات وبعدها ندرس القوانين الأخرى”، ومن ثم أعلن تعليق مشاركة كتلة “القوات” في اجتماعات اللجنة الفرعية التي تبحث قوانين الانتخاب. على الاثر، دار سجال عنيف بين النائب علي حسن خليل ونواب “القوات اللبنانية” على خلفية اتهام خليل للقوات بمحاولة تطيير الانتخابات.
كما أن رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل طالب بمناقشة انتخاب المغتربين في الجلسة، وأعلن انسحاب كتلته اعتراضاً على عدم طرح اقتراح قانون الانتخابات النيابية. وشدّد الجميّل على أنّ الجلسة “ضربة قاضية وإقصاء مقصود للاغتراب بمجرد أننا لم نبحث الموضوع ولا نحاول إيجاد حل للتصويت سواء للـ6 أو للـ128، وموقفنا واضح أن انتخاب الـ6 عزل للاغتراب، أما إشراكهم، فيؤدي إلى أن يصوّت المغتربون بشكل مؤثر على الحياة السياسية”.
وبعد فقدان نصاب الجلسة عاد عدوان ليحذر من “خطر على إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري وسط محاولات لتعطيل هذا الاستحقاق”. وأضاف: “قررنا تعليق مشاركتنا باللجنة كي لا تكون الأخيرة ستاراً لربح الوقت وتأجيل الانتخابات وندعو كلّ الكتل النيابية التي موقفها مشابه التضامن معاً في كلّ خطوة بدءاً من عدم المشاركة في اللجنة”.
وكان الرئيس بري قال رداً على مداخلات بعض النواب في الشأن المتصل بقانون الانتخاب، “كفى محاولات لتجاوز قانون الانتخاب الحالي”، وساد هرج ومرج حول الملف، قبل أن ينهيه بري وينقل النقاش إلى جدول الأعمال حيث تم اقرار عدد من البنود، قبل أن يطير النصاب بعد انسحاب نواب الكتائب والقوات والتغييريين والاعتدال وعدد من المستقلين، على أن تعود الجلسة إلى الانعقاد عند الحادية عشرة من قبل ظهر غد (اليوم).
أما وزير الداخلية أحمد الحجار، فقال: “أؤكد اليوم بأن الانتخابات النيابية ستكون بوقتها في أيار 2026 والمهلة الأولى هي 20 تشرين الثاني لتسجيل المغتربين”. أضاف: “عرضنا تقريراً تضمن التحديات التي تواجه تطبيق القانون ولم يتم إقرار قانون جديد، وبالتالي على وزير الداخلية تطبيق القانون الموجود والالتزام مع وزارة الخارجية بتاريخ التسجيل”.
وبعد الجلسة زار بري قصر بعبدا حيث التقى رئيس الجمهورية جوزف عون، واكتفى على الاثر بالقول: “‏اللقاء مع فخامة الرئيس كان كالعادة ممتازاً، عرضنا مواضيع الساعة وأطلعني على نتائج اللقاءات التي عقدها في نيويورك، ووضعناه في جو ما حصل في بيروت قبل أيام”. وعلى الاثر، أعلن أن الرئيس عون استقبل قائد الجيش رودولف هيكل “واطلع منه على الأوضاع الأمنية وقلّده وسام الأرز من رتبة الوشاح الأكبر تقديرا لعطاءاته الوطنية ومهامه القيادية”. وكان عون اعتبر أمام زواره “أن لبنان يمر في مرحلة دقيقة تتطلب مقاربات مسؤولة وواقعية للمشاكل التي تعترضه بعيداً عن المزايدات والحسابات الانتخابية لأن مصلحة البلاد العليا تسمو على أي مصالح أخرى”. وقال: “إن السلم الأهلي يبقى أسمى من أي اعتبارات، ومن واجبات الجيش والقوى الأمنية المحافظة عليه وهم يقومون بواجباتهم كاملة تحقيقاً لهذا الهدف الذي بات خطاً أحمر، لأنه لولا سهر الجيش والقوى الأمنية على أمن المواطنين وسلامتهم وحماية المجتمع اللبناني بكل مكوناته لما استعاد لبنان أمانه واستقراره، ولما كنا اليوم معاً ولا كان لبنان موجوداً. الجيش والقوى الأمنية يعملون بتنسيق كامل وتعاون مطلق، ويكافحون الإرهاب والجريمة المنظمة وتهريب المخدرات والمهمات الأمنية الموكلة إليهم بالتزام ومسؤولية. من هنا ليس من المقبول أن يصوّب أحد على الجيش والقوى الأمنية لأنهم خط احمر”.
على الصعيد الميداني، أدت غارات إسرائيلية أمس إلى سقوط قتيلين في سحمر في البقاع الغربي والنبطية الفوقا وجريح في عيترون.
وأعلنت “اليونيفيل” في بيان جديد لها دعمها الجيش اللبناني في تنفيذ مهامه بموجب القرار 1701 وإعادة انتشاره في جنوب لبنان، مؤكدة أنه مع استمرار الوجود الإسرائيلي لا يمكن للجيش اللبناني تحقيق انتشاره الكامل بموجب القرار 1701.

 

 

 

 

الأخبار عنونت :مسرحية قواتية – كتائبية تعطل إجراءات دعوة الناخبين: سيناريو تطيير الانتخابات النيابية يتقدّم

 وكتبت رلى إبراهيم في الأخبار:

 

طارت جلسة مجلس النواب أمس احتجاجاً على عدم طرح إلغاء بند تصويت المغتربين للمقاعد الستة، من خارج جدول الأعمال، بما يؤشّر إلى صعوبة إجراء الاستحقاق النيابي في وقته ساعي لتطيير نصاب جلسة اليوم، أيضاً.

تبدو الانتخابات النيابية في أيار 2026 غير مؤكدة الحصول في موعدها. هذه خلاصة اولية لجلسة مجلس النواب التي عُقدت أمس.

وبالرغم من أنّ أياً من الكتل النيابية لم تتجرّأ على إعلان ذلك، فان سلوك مختلف القوى السياسية، وطريقة تعامل الحكومة مع الحدث، عزز الانبطاع بأن إجراء الاستحقاق في موعده بات متعذّرا حتى الساعة، ويوجد انقسام سياسي حادّ يزيد من صعوبة الالتزام بالمواعيد والمهل القانونية. ويبدو أن المعركة التي تُخاض اليوم تجري على قاعدة: «إمّا تطويع القانون لمصلحتنا، وإمّا تطيير الانتخابات من أساسها».

لذلك، بدأت «القوات اللبنانية» قبل يومين تسويق طرح تعديل القانون في مجلس النواب من خارج جدول الأعمال، رغم وجود لجنة فرعية تناقش كل قوانين الانتخابات برئاسة نائب الرئيس إلياس بو صعب، ويشارك فيها جميع الكتل ومن ضمنها كتلة نواب «القوات».

ومن باب تصعيد ضغوطها لفرض ما ترغب به، أعلن النائب جورج عدوان خلال جلسة الأمس، تعليق مشاركة حزبه في هذه اللجنة. فالأطر الديمقراطية في قاموس «القوات» تتلخّص بانتقاء اقتراح قانون واحد من أصل ثمانية اقتراحات من اللجنة وتحويله إلى الهيئة العامة، من دون سواه، ومن دون أي نقاش حوله.

وبلغت حماسة عدوان حدّ التضارب بينه وبين رئيس حزبه سمير جعجع، الذي كان قد نشر تعليقاً في 17 أيلول الماضي، يطلب فيه من بو صعب «دعوة اللجنة إلى اجتماع في أقرب وقت ممكن لأخذ ملاحظات الحكومة في الاعتبار تمهيداً لإجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها، ولا سيّما أننا أصبحنا على مشارف بدء تسجيل المغتربين في الخارج».

وعليه، استجاب بو صعب ودعا اللجنة إلى الانعقاد بحضور وزير الداخلية والبلديات بعد الهيئة العامة، محدّداً الخميس المقبل تاريخاً لهذا الاجتماع. لتأتي المفاجأة أمس بانقلاب عدوان على طلب جعجع، أو انقلاب جعجع على نفسه!

القانون قابل للتطبيق؟

في مقابل الضغط النيابي القواتي – الكتائبي، مدعوماً ببعض المستقلّين، لإلغاء مادة تخدم مصلحتهم، وهي المادة التي تمنح ستة مقاعد نيابية لغير المقيمين في لبنان، وترفع عدد النواب إلى 134، ويهدف التعديل الى ابقاء التصويت على المقاعد الـ128 في لبنان فقط، مقابل تمسّكُ الفريق الآخر المتمثّل بحزب الله وحركة أمل وتيار المردة والتيار الوطني الحر ومستقلّين آخرين بتنفيذ القانون 44/2017 الساري المفعول بكل موادّه، بما فيها اقتراع المغتربين للمقاعد الستة فقط، وليس للـ 128.

عدوان ينقلب على طلب جعجع جمع اللجنة الفرعية، وباسيل يؤكّد أن القانون الحالي قابل للتطبيق

ورداً على التحجّج بأن المادة غير قابلة للتنفيذ، أشار النائب جبران باسيل إلى أن الحكومة السابقة «أعدّت تقريراً من وزارتَي الخارجية والداخلية موقّعاً من 13 مديراً عاماً والأمين العام لوزارة الخارجية ووزارة الداخلية وسفراء وكلّ من لهم علاقة بالعملية الانتخابية في عام 2022، وتتحدّث عن كيفية تطبيق القانون بعشر نقاط وتتضمّن كل شيء ومنها موضوع النواب الستة».

وبما أن القانون الحالي يتضمّن مادة تشير إلى ضرورة إنشاء لجنة مشتركة من وزارتَي الداخلية والخارجية لتطبيق هذا الفصل، اعتبر باسيل أن «الحكومة يمكن أن تتّخذ قراراً بأنها لا تريد تحمّل مسؤوليتها بهذا الشأن، ولكن عليها تحمّل مسؤولية تأجيل الانتخابات، إذ لا يمكن أن ترمي الحكومة المسؤولية على مجلس النواب»، لافتاً إلى أن «على كل الكتل المشاركة التسليم بهذا الأمر، إلى حين تعديل القانون في مجلس النواب إذا استطاعت».

مع العلم أن المادة 113 من قانون الانتخاب تقول بعدم تجاوز المهلة المعطاة لتسجيل الناخبين اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية في العشرين من شهر تشرين الثاني المقبل، بحيث يسقط بعدها حق الاقتراع في الخارج. كما تلزم المادة السفارات بإرسال هذه القوائم تباعاً إلى المديرية العامة للأحوال الشخصية بواسطة وزارة الخارجية قبل الأول من كانون الأول المقبل. ويعني ذلك أن المهل بدأت تضيق على المقترعين والراغبين بالترشّح في الخارج على حدّ سواء.

هذه التطورات، دفعت وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار إلى تأكيد التزامه بالقانون الساري المفعول، وقال في تصريحات له أمس، انه يتمنى مع عودة وزير الخارجية يوسف رجّي من الخارج «انطلاق عملية التسجيل خلال أيام ليكون أمامنا ما يقارب الشهر و20 يوماً من أجل التسجيل».

وفي ذات السياق، أكّد النائب علي فياض أن وزارتَي الداخلية والخارجية درستا «تطبيق المادة 112 ووضعتا سيناريوهات عدّة خلصت إلى السيناريو الأفضل، لكنّهما لم تتحدّثا عن تعذّر تطبيق قانون الانتخابات»، لافتاً إلى محاولة البعض «الانقلاب على القانون لتغيير الخريطة النيابية جذرياً ومنع قدرتنا على التحرّك النيابي الحر عبر حرماننا من تكافؤ الفرص بين المرشّحين والمقترعين».

مسرحية وتقاسم أدوار

المناوشات حول قانون الانتخابات كانت قد بدأت في أول الجلسة قبيل الانطلاق في مناقشة جدول الأعمال المُحدّد، إذ تقاسم نواب «القوات» الأدوار بعد رفض بري عرض الجلسة بشكل مباشر على الإعلام، فبقي بعضهم ليتحدّث داخل الجلسة في حين خرج البعض الآخر ليستعرض أمام الكاميرات.

في هذا الوقت، وصل الخبر إلى النائب سامي الجميل من قبل فريق مستشاريه، فأوعز بالانسحاب من الجلسة لخطف الأضواء. عندها بدأ بري عرض قوانين جدول الأعمال كما هو مُقرّر، وما إن وصل إلى البند الرقم 8، أي بعد مرور نحو ساعتين على انعقاد الجلسة، طلب النائب زياد حواط الكلام لإعادة فتح موضوع قانون الانتخاب، رغم مشاركة «القوات» في التصويت على الموادّ السابقة بشكل عادي.

فأقفل الرئيس بري النقاش سريعاً بالإشارة إلى أنه لن يدرج أيّ قانون سوى بعد إنجازه في اللجان، طالباً الكفّ عن «محاولات تجاوز قانون الانتخاب الحالي».

وبعد أخذ وردّ، انسحبت «القوات» وبعض المستقلّين، ما أدّى إلى تطيير النصاب ورفع الجلسة إلى اليوم، وسط استغراب بو صعب لهذا التصرّف، سائلاً إياهم لماذا لم ينسحبوا في أول الجلسة. أمّا ختام المسرحية، فجاء عبر إعلان بعض النواب المُنسحبين أن موقفهم لا يشمل الجلسة التي ستُعقد عند الحادية عشرة من صباح اليوم، مشيرين إلى أنهم سيشاركون فيها لتشريع «أمور الناس»! يذكر أن معلومات تمّ تداولها مساء أمس عن مساعي لتطيير نصاب جلسة اليوم، أيضاً.

 

 

 


الجمهورية عنونت: مزايدات سياسية وانتخابية تمهّد لـ«المعركة القاسية»

  وكتبت صحيفة “الجمهورية”: غيومٌ كثيفة تغطي أجواء منطقة الشرق الأوسط برمّتها، وتَحجب ما يُحضّر لها في الخفاء على موائد الدول الكبرى، من مفاجآت تُشرّع ساحاتها لاحتمالات خطيرة ومتغيّرات دراماتيكية وربّما إعادة ترسيم حدود دولها. المشهد الفلسطيني ساحة مفتوحة على مزيد من الاشتعال، وما يُحكى عن مبادرات وخطط لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لا يعدو كونه أكثر من حبر على ورق. والمشهد الإيراني عاد مجدّداً ليحتل صدارة الأحداث، وغليانه المتصاعد، تتفق قراءات المحلّلين على أنّه يقترب من لحظة إشعال شرارة حرب جديدة أقسى وأشدّ من حرب حزيران الماضي. وفي موازاة ذلك، مشهد لبناني في ذروة التخبّط والإرباك، وأقلّ ما يُقال فيه إنّه عالق في دائرة التلّهي بالصغائر، تحت رحمة مكوّنات سياسية لا ترى أبعد من أنفها، وقزّمت الوطن على مقاس مصالحها، ثبت للقاصي والداني في العالم احترافها افتعال الإشكالات والتنقل من اشتباك إلى اشتباك وإبقاء البلد مخنوقاً بحبل نزواتها وشهواتها.

 لقاء الرئيسَين

محطات الاشتباك بين هذه المكوّنات لا تُحصى، منها ما هو دائم كما هو الحال حول «حرب الإسناد»، ومنها ما هو معلّق حتى إشعار آخر وقابل لإعادة الإشعال عندما تدعو الحاجة لذلك، وهذا ينسحب على الإشتباك العنيف حول قرارَي الحكومة بسحب سلاح «حزب الله» والموافقة على ورقة توم برّاك، وكذلك على «أزمة الصخرة» بين رئيس الحكومة و«حزب الله»، التي لم تنتهِ فصولاً حتى الآن.

المستجدات الأخيرة كانت محل بحث بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، العائد حديثاً من نيويورك بعد مشاركته في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، في القصر الجمهوري في بعبدا. وأكّد بري بعد اللقاء: «كالعادة كان اللقاء مع فخامة الرئيس ممتازاً، عرضنا فيه مواضيع الساعة، وأطلعني على نتائج اللقاءات التي عقدها في نيويورك، ووضعته في جَوّ ما حصل في بيروت قبل أيام».

ورداً على سؤال عمّا إذا كانت الأمور تتّجه نحو الأفضل، أجاب الرئيس بري: «إن شاء الله خير».

وسام لقائد الجيش

واستقبل الرئيس عون أيضاً، قائد الجيش العماد رودولف هيكل. واللافت في هذا اللقاء كانت مبادرة الرئيس عون إلى تقليد العماد هيكل وسام الأرز الوطني من رتبة الوشاح الأكبر تقديراً لعطاءاته وللمهام القيادية التي يتوَلّاها. وذلك بالتزامن مع موقف بارز لرئيس الجمهورية «داعم بقوّة للجيش وللسلم الأهلي»، مؤكّداً أمام زوّاره «أنّ السلم الأهلي يبقى أسمى من أي اعتبارات»، مشدّداً على «أنّ من واجب الجيش والقوى الأمنية المحافظة عليه، وهي تقوم بواجبها كاملاً لتحقيق هذا الهدف الذي يُشكّل خطاً أحمر. لولا سهر الجيش والقوى الأمنية على أمن المواطنين وسلامتهم وحماية المجتمع اللبناني بكل مكوّناته، لما استعاد لبنان أمانه واستقراره، ولما كنّا اليوم معاً».

كما أكّد عون على أنّه «ليس من المقبول توجيه الإنتقاد أو الاستهداف إلى الجيش والقوى الأمنية»، مشدّداً على «أنّهما خط أحمر لا يجوز المسّ به. إنّ الجيش والقوى الأمنية يعملان بتنسيق كامل وتعاون مطلق، ويكافحان الإرهاب والجريمة المنظّمة وتهريب المخدّرات، ويؤدّيان المهام الأمنية الموكلة إليهما بكل التزام ومسؤولية».

ساحة مزايدات

آخر محطات الاشتباك المفتعل بين المكوّنات الداخلية – وربما ليست الأخيرة في هذا الجو الداخلي المنقسم على ذاته – كانت بالأمس على حلبة الملف الإنتخابي، مع تحوّل الجلسة التشريعية لمجلس النواب، إلى حفلة مزايدات عبثية حول القانون الإنتخابي وتراشق الاتهامات بتطيير الانتخابات النيابية، التي يُفترَض أن تجري خلال الـ60 يوماً السابقة لانتهاء ولاية المجلس الحالي في 31 أيار المقبل، أي بين شهرَي نيسان وأيار المقبلَين.

ما جرى في مجلس النواب خلال جلسة التشريع أمس، قدّم صورة مصغّرة تمهيدية للمعركة السياسية القاسية الواقعة حتماً على حلبة الملف الإنتخابي، وكانت واضحة للعيان الحملة المنظّمة شكلاً ومضموناً من قِبل جهات نيابية قواتية وكتائبية وسيادية وتغييرية، لفرض تعديل القانون الإنتخابي النافذ، بما يمنح المغتربين حق الإنتخاب لكل أعضاء المجلس النيابي، وليس حصر هذا الحق بالنواب الـ6 على مستوى القارات الـ6. وكانت لافتة ملاحظة أبداها رئيس مجلس النواب نبيه بري إزاء ما يثار حول الموضوع الانتخابي: «كفى محاولات لتجاوز قانون الإنتخاب الحالي».

مَن جرَّب المُجرّب

وإذا كانت حفلة الأمس قد أفضت إلى انسحابات قواتية وكتائبية من جلسة التشريع، بالإضافة إلى تعليق «القوات» مشاركتها في اجتماعات اللجنة المعنية بحث الملف الإنتخابي وبعض التعديلات المقترحة، وذلك كتعبير اعتراضي على عدم استجابة رئاسة المجلس لمطلبها بطرح التعديل المقترح حول المغتربين على مائدة الدرس والإقرار في الهيئة العامة، إلّا أنّ مرجعاً كبيراً أبلغ إلى «الجمهورية»، أنّ «إصرار هذه الجهات النيابية على طرح هذا الأمر في هذا التوقيت، وقفزها فوق المهمّة المولجة باللجنة النيابية المعنية بدراسة الملف الإنتخابي وما يُحيط به من اقتراحات وتعديلات، هو أمر مستغرب حتى لا أقول إنّه مريب، ولا أستبعد أنّه يُخفي رغبة في التصعيد السياسي حول القانون الإنتخابي لتطيير الإنتخابات».

ولفت المسؤول عينه إلى «أنّ الطريقة التي تُطرح فيها الأمور تنمّ عن رغبة جامحة من قِبل بعض الأطراف لفرض إرادتها على كلّ المكوّنات السياسية في البلد. فهناك قانون نافذ بصرف النظر عن مضمونه، وتعديله ممكن وحق للنواب من كلّ الاتجاهات، لكن ليس بهذه الطريقة الاستعلائية تُطرَح التعديلات. ثم ليس خافياً على أحد أنّ تصويت المغتربين لكل أعضاء المجلس ثَبُتَ أنّه لا يُحقّق العدالة، ويَصبّ في مصلحة أطراف دون غيرهم، ومن هنا تصويت المغتربين تجرّب في الانتخابات التي أنتجت المجلس النيابي الحالي، ومَن جرَّب المجرّب كان عقلو مخرّب».

وفي موازاة الأصوات النيابية التي ارتفعت من جهات سياسية مختلفة لتأكيد حق المغتربين بالتصويت لكل أعضاء المجلس النيابي، وتُلقي باللائمة على رئاسة المجلس النيابي تحديداً في قطع الطريق على إرادة الشريحة الواسعة من النواب التي تنتصر لهذا الحق، أكّدت مصادر مسؤولة لـ«الجمهورية»، «أنّ الساحة البرلمانية مقبلة على اشتباك كبير، من الصعب التكهّن بمجرياته مسبقاً أو بالاحتمالات التي ستترتب عليه، ومن ضمنها احتمال أن يؤدّي هذا الإشتباك إلى خلق ظروف تفرض تأجيل الإنتخابات، وبالتالي التمديد للمجلس النيابي لسنة أو سنتَين».

لا تأجيل

إلّا أنّ مسؤولاً رفيعاً أكّد لـ«الجمهورية»، أنّ «لا تأجيل للإنتخابات ولو ليوم واحد، بل ستجري في موعدها، والحكومة، ولاسيما وزارة الداخلية، تؤكّد جهوزيّتها لإتمام هذا الاستحقاق في موعده، فهناك قانون انتخابي نافذ يحتاج إلى تعديلات طفيفة، وليس هناك ما يمنع إجراء الانتخابات النيابية في موعدها وفق أحكامه».

وشدّد المسؤول الرفيع على «أنّ المزايدات لن توصل إلى أيّ مكان». ولفت إلى «أنّ الصخب المفتعل حول موضوع المغتربين مصدره أطراف قلقة مسبقاً من تناقص حجمها النيابي الذي نفخه تصويت المغتربين في الانتخابات السابقة، ومصدره أيضاً أطراف وضعت لنفسها أجندة استثمار على القانون الإنتخابي، والسعي إلى تطويعه على النحو الذي يمكنها من تعديل الميزان الإنتخابي لمصلحتها، ويجعل كلمتها هي العليا، لاسيما في الإستحقاقات الكبرى الحكومية، وحصراً في الاستحقاق المتعلّق برئاسة مجلس النواب، وليس في استحقاق رئاسة الجمهورية، إذ تنتهي ولاية المجلس النيابي المقبل قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية بـ7 أشهر. من هنا فإنّ الحماسة على حق المغتربين بالتصويت لكل المجلس تُعبّر عن هدف وحيد ومكشوف لهذه الأطراف، وهو الإستعانة بأصوات المغتربين لتحقيق أكثرية تمكنهم من التحكّم بانتخاب رئيس مجلس النواب، وبالتالي الإمساك بهذا الموقع، هذه هي معركتهم الحقيقية، وليس تأكيد حق المغتربين بالتصويت، كما يقولون».

وعدم تأجيل الإنتخابات أكّده وزير الداخلية أحمد الحجار في تصريح له في مجلس النواب: «إنّ الإنتخابات النيابية ستكون في وقتها، في أيار 2026. الكلام عن عدم تطبيق عملية الإنتخاب والترشيح للمنتشرين هو ساقط، وعلى الحكومة أن تبدأ بالتسجيل لتسقط كل التصاريح عن تأجيل الإنتخابات النيابية في 2026. عرَضنا تقريراً تضمّن التحدّيات التي تواجه تطبيق القانون ولم يُقَرّ قانون جديد، وبالتالي على وزير الداخلية تطبيق القانون الموجود والإلتزام مع وزارة الخارجية بتاريخ التسجيل. أمّا بالنسبة إلى تسجيل المغتربين فإنّ المهلة الأولى تبدأ في 20 تشرين الثاني».

الجلسة

انعقدت الجلسة أمس برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري وحضور رئيس الحكومة والوزراء، وسبقها اجتماع قصير بين بري وسلام، وانتهت إلى إقرار مجموعة من البنود، وتقرّر أن تُعقَد جلسة تشريعية ثانية قبل ظهر اليوم.

ويُشار إلى أنّه بعد افتتاح جلسة الأمس، جرى نقاش نيابي تمحوَر في جانب منه حول الإشتباك الأخير في الروشة وما رافقه من التباسات واتهامات واستفزازات، وعبّر بعض النواب عن تضامنهم مع رئيس الحكومة، وانتقدوا التصويب عليه، فردّ رئيس المجلس على هذه المداخلات قائلاً: «إنّ رئيس الحكومة هو رئيس حكومة كل لبنان، والحكومة ليست حكومة شخص أو طرف بعينه، بل هي حكومة يشترك فيها الجميع».

وخاطب النواب قائلاً: «خافوا الله يا جماعة، الحكومة ليست حكومة واحد أو اثنَين، بل هي حكومة كلّ اللبنانيِّين، والجميع معنيّون بالمشاركة في مسؤولية الحُكم».

وفيما أعلنت كتلة حزب «الكتائب» انسحابها من الجلسة اعتراضاً على عدم طرح اقتراح تعديل قانون الإنتخابات، حصل إشكال بعدما أعلن النائب جورج عدوان تعليق مشاركة نواب كتلة «الجمهورية القوية» في اللجنة الفرعية لدراسة قانون الإنتخاب النيابية، فردّ عليه النائب علي حسن خليل: «واضح إنّو الأخوان بدّن يطيّروا الانتخابات». فصفّق له بعض النواب تهكّماً، فردّ النائب علي حسن خليل: «في تقليل أدب، كل واحد يحترم حالو». ووسط هذه البلبلة تدخّل الرئيس بري قائلاً: «إذا ما بدكم تشرّعوا برفع الجلسة».

اتفاق غزة

أعلن البيت الأبيض أمس، خطة شاملة لوقف الحرب في غزة، تقوم أولاً على وقف فوري لإطلاق النار وتجميد خطوط القتال، تمهيداً لانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية وفق معايير زمنية وأمنية محدّدة. وتُلزم الخطة «حماس» بإعادة جميع الرهائن خلال 72 ساعة من قبولها الاتفاق، مقابل الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال، إضافة إلى تبادل للجثامين.

الشق الأمني يتضمن نزع سلاح غزة بالكامل وتدمير الأنفاق والبنية التحتية العسكرية، تحت إشراف مراقبين مستقلين وبرنامج دولي لإعادة الدمج. وتمنح الخطة أعضاء «حماس» خيار العفو إذا التزموا بالتعايش السلمي أو ممرات آمنة للخروج من القطاع.

في المقابل، تفتح الخطة الباب أمام إعمار واسع لغزة، يشمل إعادة تأهيل البنية التحتية والخدمات الأساسية، وإقامة منطقة اقتصادية خاصة، وجذب استثمارات عبر خطة تنموية يشرف عليها فريق دولي بقيادة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وستتولّى إدارة القطاع موقتاً لجنة تكنوقراطية فلسطينية غير سياسية بإشراف «مجلس السلام» الدولي الذي يرأسه ترامب، إلى حين استكمال السلطة الفلسطينية برنامجها الإصلاحي.

ولتأمين المرحلة الانتقالية، تنص الخطة على نشر قوة استقرار دولية بمشاركة عربية، لتدريب الشرطة الفلسطينية ومنع تهريب السلاح، مع ضمانات إقليمية بأنّ غزة الجديدة لن تشكّل تهديداً لإسرائيل أو مصر. وتتضمن الخطة أيضاً إطلاق حوار سياسي وديني يهدف إلى ترسيخ ثقافة التعايش، وفتح أفق نحو تقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة، بما يحقق طموحات الفلسطينيين ويضمن لإسرائيل ومصر الأمن على حدّ سواء.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى