قالت الصحف:محادثات باريس لم تبدد الشلل الحكومي
الحوار نيوز – خاص
بدا واضحا بحسب الصحف الصادرة صباح اليوم أن محادثات باريس بين الفرنسيين والأميركيين لم تبدد أجواء الشلل الحكومي ،على الرغم من الاجتماع الذي عقد ظهرأمس بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
• كتبت صحيفة " النهار " تقول : بدا المشهد الداخلي في مطلع الأسبوع الحالي موزعا بين واقعين شديدي التناقض. على المحور السياسي يمكن القول ان شللاً غير مسبوق أصاب مسار تأليف الحكومة الجديدة بات يخشى معه واقعيا ان تكون ثمة خطة مدبرة فعلا تستغل التطورات الأخيرة، ولا سيما منها العقوبات الأميركية والتشدد الأميركي الفرنسي في فرض معايير صارمة لقيام حكومة ذات مواصفات إصلاحية، في مزيد من رمي الألغام في طريق رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري. اما على المحور الصحي الاجتماعي المتصل بالتعبئة العامة والاقفال الثاني للبلاد، فان ما طبع اليوم الثالث من الاقفال مشهد استنفار واسع لحكومة تصريف الاعمال سعت من خلاله الى مواكبة التعبئة والاقفال باجراءات مركزة على الواقع الاستشفائي لدعم صمود المستشفيات الحكومية والخاصة وإعادة ضخ الأموال التي تعود اليها لجعلها تستعيد قدراتها على مكافحة الانتشار الوبائي.
وبدا للأوساط المعنية برصد المسار السياسي لتأليف الحكومة ان الشلل الذي يطبع هذا المسار والذي تعكسه حال اشبه ما تكون بالقطيعة السياسية الشاملة مع انعدام بروز أي تحركات داخلية يهدد بتحويل تعقيدات تأليف الحكومة في حال عدم حصول تطورات سريعة تنهي هذا الشلل الى متاريس سياسية تقف وراءها القوى السياسية. ولذا لم تستبعد هذه الأوساط ان يقوم الرئيس الحريري في قابل الساعات او الأيام القليلة المقبلة بطرح مسودة لتشكيلة حكومية تتلاءم وما يراه ضروريا لجعل هذه المسودة تظهر الطبعة الإصلاحية والانقاذية الملحة للحكومة التي يترقبها اللبنانيون والمجتمع الدولي.
ومع ان أي معلومات مثبتة من بيت الوسط لم تؤكد هذا الاتجاه او سواه بعد، حيال ما يزمع الرئيس الحريري القيام به، فان الأوساط المعنية نفسها تتحدث عن أيام لا بد من ان تشهد نقلة حتمية لاعادة تعويم المشاورات في التفاصيل والدقائق المتعلقة بتشكيل الحكومة، حتى ولو كانت الاجتماعات التي عقدت بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس الحريري انتهت من حيث توقفت في آخر اجتماع في الأسبوع الماضي للعودة الى مربع البدايات. وتشير هذه الأوساط الى انه قد يتعين على الحريري، امام المعطيات التي تركتها زيارة الموفد الفرنسي لجهة الخشية من ارجاء مؤتمر مجموعة الدعم الدولية للبنان الذي كانت باريس تعد لانعقاده في الشهر المقبل لحشد دعم مالي واقتصادي للبنان بعد مؤتمر الدعم الإنساني الذي سيعقد في نهاية الشهر الحالي، ان يضع جميع المسؤولين والقوى امام مسؤولية تسهيل مهمته لتشكيل الحكومة التي تشكل شرطا لمؤتمرات الدعم، طبعا من دون ان يعني ذلك ان عدم تسهيل هذه المهمة ستحمل الحريري على التراجع، علما ان الرئيس المكلف ليس في وارد الاعتذار و"لن يمشي". وتلفت الأوساط نفسها في هذا السياق الى انه ما دام الموفد الفرنسي الرئاسي باتريك دوريل خلال زيارته لبيروت توغل في بعض جوانب محادثاته مع مسؤولين وقادة سياسيين الى تفاصيل تشكيل الحكومة، فلا يمكن تبرير الشلل الغريب الذي أصاب المسار الحكومي داخليا بعد زيارته، بل ان الدفع الخارجي والدولي الذي اشتد أخيرا للضغط على الافرقاء اللبنانيين لتسهيل تشكيل الحكومة، يفترض ان يترجم بسرعة والا تكون البلاد امام انسداد هو الأسوأ اطلاقا منذ اكثر من سنة من شأنه ان يبقي الى غير افق محدد الازمات مشرعة تحت إدارة محدودة وضيقة لحكومة تصريف اعمال.
بين بومبيو ولودريان
في أي حال لم يغب الملف اللبناني كما كان متوقعا عن المحادثات التي اجراها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو امس في باريس. وأفادت وزارة الخارجية الأميركية في هذا السياق ان لقاء بومبيو ونظيره الفرنسي جان ايف لودريان تطرق الى "الحاجة لمواجهة التطرف العنفي والتأثير الخبيث لحزب الله في لبنان وجهود الولايات المتحدة لإقامة حكومة مستقرة تركز على الإصلاحات في لبنان".
وكان مستشار الامن القومي الأميركي روبرت أوبراين حرص امس على ابراز ما قام به الرئيس الأميركي دونالد ترامب من "اعمال غير مسبوقة ضد حزب الله". وقال ان "حزب الله قام بتجميع أسلحة وصواريخ ونفذ هجمات في أوروبا وآسيا وهو يفتقر الآن الى مئات الملايين من الدولارات التي كان يتلقاها من ايران".
مع ذلك اتسم اجتماع وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال شربل وهبة بالسفيرة الأميركية دوروثي شيا امس بأجواء إيجابية كما حرصت الوزارة على أشاعتها. وأفادت ان اللقاء تناول العلاقات الثنائية وتعزيزها ودعم وتأييد اميركا للبنان في مجالات عدة بالإضافة الى مسألة ترسيم الحدود البحرية. كما تناول البحث الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأميركية في حق بعض اللبنانيين ومن بينهم نواب ووزراء سابقين ورئيس كتلة نيابية وازنة "وتمنى الوزير على السفيرة ان تتمكن السلطات اللبنانية والقضائية من الوصول الى أي معلومات ومستندات ارتكزت عليها الإدارة الأميركية في اتخاذها لتلك الإجراءات".
في السرايا
في غضون ذلك لوحظ ان حكومة تصريف الاعمال قامت بما يشبه التفعيل الملحوظ لعملها في موضوع التعبئة لمواجهة الانتشار الوبائي لفيروس كورونا وواكبت إجراءات التعبئة في يومها الثالث امس بورشة ناشطة في السرايا الحكومية .وترأس رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ثلاثة اجتماعات موسعة متعاقبة خصصت لتعزيز واقع المستشفيات الحكومية والخاصة وتوفير التمويل اللازم لها لتحصينها وإعادة تعزيز قدراتها في مواجهة الانتشار الوبائي. وعقد في الإطار اجتماع للجنة الوزارية المكلفة متابعة وباء كورونا ومن ثم اجتماع مع ممثلي البنك الدولي للبحث في قرض مخصص للشؤون الصحية ثم اجتماع للبحث في أوضاع المستشفيات. واكد وزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني ان الوزارة ستبدأ هذا الأسبوع تحويل مستحقات المستشفيات فيما أوضح وزير الصحة حمد حسن ان هذه الاجتماعات تناولت تسهيل دفع مستحقات المستشفيات وان وزارة الصحة جاهزة لتحويلها الى وزارة المال عن سنة 2020 وتبلغ قيمتها 235 مليار ليرة.
• وكتبت صحيفة " الأخبار " تقول : الإدارة الأميركية تعرقل تأليف الحكومة. ببساطة، هذا هو المسبب الرئيسي لتوقف المفاوضات ولانعدام الحلول الداخلية. إزاء ذلك، يقف رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مكبّلاً وغير قادر على الاعتذار أو التأليف. في غضون ذلك، رفع رئيس التيار الوطني الحر سقف التحدّي في وجه الإدارة الأميركية، مؤكداً مرة أخرى تحالفه الوثيق مع حزب الله
زار رئيس الحكومة المكلف، سعد الحريري، رئيس الجمهورية ميشال عون ظهر أمس للتباحث بشأن الموضوع الحكومي. لكن منذ مدة، لم تعد هذه الزيارات ذات جدوى نتيجة الدوّامة التي أدخل الحريري نفسه طوعاً فيها. فبات كمن يفتش عن نشاطات يملأ بها وقته، ومنها زيارة قصر بعبدا كل يومين ولو أنه لا يحمل أي حلول أو تسهيلات. فيما نصيحة الرئيس عون الدائمة له تقتصر على ضرورة لقائه كل الكتل النيابية قبيل الاتفاق الأخير معه، الأمر الذي يرفضه الرئيس المكلف حتى الساعة.
لذلك، كل الإشارات والمعلومات تشير الى أن فرص تأليف الحكومة منعدمة، وهو ما أدركه الحريري شخصياً بعد لقائه السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، التي أبلغته رفض بلادها تمثيل حزب الله في الحكومة، مباشرة أو عبر ما يسمى بالاختصاصيين. فيما كان الحريري حتى موعد اللقاء يعوّل على "غض طرف" أميركي عن هذه المسألة. هذا الشرط "التعجيزي"، معطوفاً على فرض الفرنسيين اسمَي وزيرَي المالية والطاقة، كبّل رئيس الحكومة الذي كان يملك ترف تأليف الحكومة في الأسبوع الأول عبر اتفاق داخلي، لكنه فضّل رفع سقف طلباته وتصفية حساباته الشخصية، فشرّع باب الانهيار على وسعه.
وسط ذلك، كان رهانه لا يزال قائماً حتى يوم أمس على بيان أميركي فرنسي شديد اللهجة يجبر الأطراف على تقديم تنازلات له، لكن رهانه خاب مجدداً. واليوم، بات الحريري أسير "فرمانات" الإدارة الأميركية، ولا سيما أنه لا يملك شجاعة تجاهلها لتأليف حكومة يراها خدمة لـ"لبنان أولاً" ومحاولة للنهوض من الانهيار الاقتصادي الذي تسبّب به النموذج الذي لا يزال، مع قوى سياسية حليفة وشريكة له، متمسكاً به. وهنا، خلافاً لما يروّج له وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن "جهود أميركية لإقامة حكومة مستقرة تركز على الإصلاحات في لبنان"، فإن الولايات المتحدة هي المعرقل الأول لما تحدّث عنه الأخير، وشروطها تحول دون تأليف حكومة وطنية تتمثل فيها الكتل النيابية بما فيها حزب الله. بمعنى آخر، منذ نحو أسبوعين تغيّر المناخ الأميركي الذي كان يُظهر "قلة اكتراث" تجاه الوضع اللبناني، لتحلّ مكانه أجواء متشددة ترفض دخول حزب الله الى الحكومة. ليس الأمر مخفياً، بل عبّر عنه بومبيو أمس خلال لقاء مع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، لافتاً الى "ضرورة محاربة تطرّف حزب الله العنيف". الأهم في هذا كله، أن الأجندة الأميركية التي تحمل بنداً واحداً يتمثل بعرقلة تأليف الحكومة وإقرار الإصلاحات، وجدت في لبنان من يخضع لها وينفذ "عقوباتها" بحرفيّة تامة. لذلك، يبدو الحريري مرتبكاً، لا هو قادر على التأليف ولا بوسعه الاعتذار لينضمّ الى قافلة الذين سمّاهم وأسقطهم بنفسه. الحل الأفضل له حتى اليوم هو شراء المزيد من الوقت، ومضاعفة رهاناته الخارجية.
في موازاة انصياع الحريري لأميركا، رفع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل التحدّي مجدداً يوم أمس في وجه الولايات المتحدة، معلناً استعداده لترك الحياة السياسية إذا ثبتت عليه أي تهمة فساد، سائلاً كيف لدولة كبيرة مثل أميركا "التي تمسك بكل حوالة مال في العالم، ألا تستطيع أن تكشف كل شيء؟ علماً بأني أول من كشف حساباته للرأي العام اللبناني". ولفت باسيل خلال مقابلة على قناة "العربية ــــ الحدث" السعودية أنه كان "محتاطاً لاحتمال نشر محاضر اللقاءات بينه وبين الأميركيين، وكلما كان يتكلم كان يفكر بويكيليكس". واعتبر قول السفيرة الأميركية أنه وعد بفك التحالف مع حزب الله بشروط، "محاولة فاشلة لدق اسفين… فإذا أردنا فك التحالف نفعل ذلك بإرادتنا ووفق المصلحة اللبنانية وليس بإرادة خارجية تكون نتيجتها العبث بالسلم الأهلي. وعلى افتراض أننا نريد فك التحالف، نخبر صاحب العلاقة ونبحث معه قبل ذلك معالجة الموضوع، وعندما نيأس من ذلك نقوم بالأمر… أما ما هو معتاد لدى البعض من خيانة وغدر ومسّ بثوابت وطنية خدمة لأغراض لا نعرفها، فهذا غير مقبول عندنا". وأكد أن لبنان استفاد من العلاقة بين التيار الوطني وحزب الله، مشيراً الى أن "التاريخ علّمنا أن عزل أي طائفة يؤدي الى انفجار، وهنا نتحدث عن مكوّن بكامله وليس فقط حزب الله". ورداً على طروحات فك التحالف مع الحزب قال: "أقول للأميركي بصوت عال، أعطني ما يحفظ أمن لبنان واستقراره وقوته وعدم الاعتداء عليه، فأذهب على رأس السطح وليس عالسكت وأقول لحزب الله ذلك بالمباشر، ثم أخبر اللبنانيين أن هذا ما يأتي للبنان ثمناً لقطع العلاقة. أعطونا التزاماً أميركياً ودولياً بتقوية لبنان وإعادة أرضه وإعادة النازحين، وأن يصبح لدينا دولة قادرة ــــ بالتوازن العسكري الاستراتيجي ــــ أن تواجِه، فهذا أمر أضعه على طاولة التفاوض مع حزب الله والداخل اللبناني… أي برنامج فعلي وليس فقط وعود".
من جهة أخرى، تحدث باسيل عن نجاح الحصار "اقتصادياً ومالياً، فبات الوضع سيئاً. لكن لم نصل الى الفتنة والانفجار"، مضيفاً: "هل من الصدفة التزامن بين صفقة القرن والحصار الاقتصادي والمالي على لبنان؟ أم هو تقاطع مقصود؟". ولفت الى أنه "مع مفهوم الدولة، ووثيقة التفاهم مع حزب الله لا تتحدث إلا عن هذا الأمر. وعبارة "استراتيجية دفاعية" أول ما وردت فيها، فالوثيقة لا تتحدث إلا عن الدولة وسياسة الدولة. وأنا لا أدافع عن وضع قائم غير مقتنع به. أما كيفية الخروج منه فتكون بالعمل السياسي". وأضاف: "نحن كتيار، وأنا كوزير خارجية، لم نوافق على ذلك (تدخل حزب الله في الخارج). لكن نحن نفرّق بين الدفاع عن المنزل الذي يستوجب أحياناً أن تتجاوز السور قبل أن يصل الخطر إليه، وبين أن تذهب إلى خلف البحار. ولماذا مسموح لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أن يقول إن سلاح حزب الله مسألة إقليمية تحلّ في هذا الإطار، بينما لا يسمح لنا ذلك؟". وأعاد باسيل التركيز على أنه لا يريد إلا الدولة، "وهذا ما بدأه العماد عون عام 1988 وأيّده الناس، والتيار ليس في محور إلا المحور اللبناني. نحن مع العلاقة الطيبة مع الجميع، وبالنسبة إلينا الوحدة الوطنية تأتي قبل أي دولة في الخارج، وأنا مع الدول العربية قبل أي دولة غير عربية، لكن هناك امتدادات لبعض الدول في لبنان يجب التعاطي معها بما يحفظ لبنان". وكان صارماً بتأكيده عدم تأييده تدخّل أي دولة في شؤون أي دولة عربية، كما لا يؤيد أي "تدخل لبناني في الخارج. فنحن نعاني من التدخلات الخارجية بشؤوننا، وأرخص شيء هو العقوبات إذا كان السبب رفض التوطين والمطالبة بعودة النازحين".
في سياق آخر، كشف باسيل خلال حديثه عن معارك تحرير الجرود، أنه "بما يعنينا على الأرض اللبنانية وعند الجار السوري، قمنا بمعركة كلبنانيين عندما لم يقم الجيش باللازم، بقرار سياسي كان مقصراً، خلال حكومة تمام سلام. وعندما اتخذ القرار السياسي في عهد العماد ميشال عون حررنا الأرض وهُزم الإرهابيون".
في مسألة 17 تشرين، رأى باسيل أن الشعارات التي رُفعت ضده من المتظاهرين تتماهى مع الخارج، مشيراً الى أن المتظاهرين في "17 تشرين" حاولوا اغتياله سياسياً. أما في الموضوع الحكومي، فقد أشار الى أن اتهامه بعرقلة تأليف الحكومة "نغمة قديمة، ونحن حتى الساعة لم نضع شرطاً ولا مطلباً، وطالبنا فقط بوحدة المعايير في التأليف".
وكشف بأن هناك "وعوداً حكومية معطاة للداخل لا تتناسب مع المعطاة للخارج، وعند جمعهما بهذا الشكل لا يركب "البازل"، وإذا احترمت الوعود تتألف الحكومة في 24 ساعة". وأكد من جهة أخرى أن لا مانع لديه بألّا يتمثّل أحد من القوى السياسية في الحكومة، "لكن لا أحد يستطيع الاستقواء علينا عبر الخارج، ونحن نأخذ قرار أن لا نكون في الحكومة، ولا يمكن فرض ذلك علينا". من جهة أخرى، قال باسيل: "ليس هناك زعيم مسيحي أوحد في لبنان، وأنا لا أتشبّه بأحد. وطالما أن الوكالة الشعبية معي من التيار والناس أمارسها، وإلّا أذهب الى بيتي".
• وكتبت صحيفة " الجمهورية " تقول : لم تحمل أخبار باريس أمس ما يُثلج الصدور حول موضوع التأليف الحكومي والخطوات التي يمكن الادارة الفرنسية ان تتخذها في شأن مبادرتها لحل الازمة اللبنانية، فاتّضَح انّ الاجتماعات الفرنسية والاميركية التي شهدها قصر الاليزيه، تأسيساً على ما عاد به الموفد الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل من زيارته لبيروت، لم تتخذ أي خطوات عملية، بل أصدرت الخارجية الاميركية بياناً قالت فيه انّ الوزير مايك بومبيو بحث مع المسؤولين الفرنسيين في ما سمّاه "تأثير حزب الله "الخبيث" في لبنان، والجهود التي تقوم بها واشنطن في اتجاه تشكيل حكومة استقرار وإصلاحات في لبنان". وفيما لم يصدر أيّ بيان فرنسي يتضمن موقفاً سلبياً من "حزب الله"، أشارت فرنسا إلى أنها وافقت على استقبال بومبيو بِطَلب منه "وفي شفافية كاملة مع فريق الرئيس (الأميركي) المنتخب جو بايدن"، في وقت تدعو الحكومة الفرنسية إلى إعادة بناء العلاقة عبر ضفّتَي الأطلسي في مناسبة تبديل الإدارة الأميركية. وقال مصدر ديبلوماسي فرنسي لوكالة "فرانس برس": "كان من الطبيعي ومن اللائق تجاه المؤسسات الأميركية، أن يتم استقباله"، لأنّ ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب تستمر حتى 20 كانون الثاني المقبل.
في باريس عقد اللقاء المنتظر بين وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو ونظيره الفرنسي جان ايف لودريان للمرة الاولى في إحدى قاعات القصر الرئاسي في الإليزيه، قبل ان ينتقلا معاً الى مكتب رئيس الجمهورية ايمانويل ماكرون حيث التقاهما وجرى عرض لمُجمل التطورات المتصلة بالأزمات الدولية في مختلف القارات، ولا سيما منها الوضع في لبنان في ضوء زيارة موفد ماكرون لبيروت باتريك دوريل العائد توّاً الى العاصمة الفرنسية، والذي شارك في اجتماع خلية الازمة قبَيل وصول الضيف الاميركي الى الاليزيه.
الخارجية الاميركية
وفي معلومات رسمية وزّعتها الخارجية الاميركية، قالت انّ بومبيو بحث مع نظيره الفرنسي في "تأثير حزب الله "الخبيث" في لبنان، والجهود التي تقوم بها واشنطن في اتجاه تشكيل حكومة استقرار وإصلاحات في لبنان".
وشدّد الطرفان على "أهمية التحالف عبر الأطلسي"، وأكدا "هدفهما المشترك في وحدة الناتو". كذلك شدّدا على أهمية المصالحة السياسية في ليبيا ضمن إطار عملية سياسية بقيادة الأمم المتحدة. وناقش بومبيو "التحالف القوي في مواجهة النشاط الخبيث للحزب الشيوعي الصيني في أوروبا وانتهاكات حقوق الإنسان في شينجيانغ". وشدّد بومبيو ولودريان على "جهودهما المشتركة في مجال الديموقراطية والأمن والازدهار في منطقة الساحل".
لقاء سري
وبعد أسبوعٍ على آخر اجتماع مُعلن عنه بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري الاثنين الماضي، كشفت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية" انّ لقاء جديداً جمعهما بعد ظهر امس في قصر بعبدا بقيَ بعيداً من الاعلام، على رغم نفي دوائر بعبدا والصمت المطبق في "بيت الوسط".
وافادت معلومات انّ اللقاء لم يقدّم أو يؤخّر في مجرى عملية التأليف التي بقيت تحت تأثير الشروط والشروط المضادة، وأنه على رغم من حجم الضغوط الخارجية، ولا سيما منها الفرنسية، فإنّ أيّاً من المعنيين لم يَحِد عن تصلبه قيد أنملة لا على مستوى توزيع الحقائب ولا على مستوى الاسماء.
وفي هذا السياق دعا المكتب السياسي لحركة "أمل"، إلى "الإسراع في تأليف الحكومة وعدم الوقوف أمام الحسابات الضيقة التي تؤدي إلى مزيد من التأخير وتنعكس مزيداً من فقدان الثقة في المستقبل، وإطلاق تصحيح المسار المتدهور اقتصادياً ومالياً واجتماعياً، والتزام مضمون الورقة الإصلاحية التي عبّرت عنها المبادرة الفرنسية". وشدّد، في بيان إثر اجتماعه الدوري، على "أهمية الأخذ بما أقرّ في موازنة عام 2020 لجهة تفعيل دور ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي والنيابات العامة، وحقّها ومسؤوليتها في التدقيق في كلّ أدوار الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة وإنفاقها المالي، وإجراء تدقيق شفاف ومسؤول وتحديد الثغرات وإصدار الإتهامات والإحالة إلى القضاء المختص، والذي عليه أن يثبت للناس مصداقيته واستقلاليته بعيداً من أي خوف أو مراعاة".
باسيل
وأعلن رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، في مقابلة مُتلفزة، أنه يترك "الحياة السياسية إذا ثبتت عليّ أي تهمة فساد، فدولة كبيرة مثل أميركا تُمسك بكل حوالة مال في العالم، ألا تستطيع أن تكشف كل شيء؟". وأشار إلى أنه "أوّل من كشف حساباته إلى الرأي العام اللبناني".
وتابع: "أقول للأميركي بصوت عال: أعطني ما يحفظ أمن لبنان واستقراره وقوته وعدم الاعتداء عليه، فأذهب "على رأس السطح وليس عالسكت" وأقول لـ"حزب الله" بالمباشر معه، ثم أخبر اللبنانيين انّ ثمن قطع العلاقة هذا ما يأتي به للبنان: إلتزام أميركي ودولي بتقوية لبنان وإعادة أرضه وإعادة النازحين، وأن تصبح لدينا دولة قادرة بالتوازن العسكري الاستراتيجي على ان تواجه، فهذا أمر أضعه على طاولة التفاوض "مع حزب الله" والداخل اللبناني… وأيّ برنامج فعلي، وليس فقط وعوداً، هو أمر يطرح".
وعن قول السفيرة الاميركية انّ النائب باسيل وعد بفك التحالف مع "حزب الله" بشروط، رأى "انها محاولة فاشلة لدق إسفين… واذا اردنا فك التحالف نفعل ذلك بإرادتنا ووفق المصلحة اللبنانية، وليس بإرادة خارجية تكون نتيجتها العبث بالسلم الاهلي".
أمّا عن الملف الحكومي، فقال باسيل: "إنّ اتهامنا بعرقلة الحكومة نغمة قديمة، واكرر أننا حتى اللحظة لم نطلب إلّا المعيار الواحد ولم نطرح أي مطلب أو شرط. إنّ سبب عدم تأليف الحكومة حتى الآن هو الوعود المُعطاة للداخل غير المتناسبة مع الوعود المعطاة للخارج، وعند جمعهما بهذا الشكل لا يركب "البازل".
لقاء وهبة وشيا
الى ذلك، وكما كان مقرراً، عقد لقاء أمس بين وزير الخارجية شربل وهبه والسفيرة الاميركية دوروثي شيا في مكتبه في وسط بيروت، وأدرَجَته وزارة الخارجية أمس في إطار اللقاءات الدورية التي يعقدها وهبة مع السفراء المعتمدين، وتم البحث في العلاقات الثنائية وتعزيزها. وأكدت شيا دعم بلادها وتأييدها للبنان في مجالات عدة، بالاضافة الى مسألة المفاوضات على ترسيم الحدود البحرية وموضوع عودة النازحين السوريين الى بلادهم ومرحلة الانتقال من الادارة الحالية الى الادارة الجديدة في الولايات المتحدة.
وقالت المعلومات الرسمية "انّ الجانبين استعرضا الازمات الاقليمية، ولا سيما منها ما يحصل في ناغورني كاراباخ وفي الصحراء الغربية أخيراً، بالاضافة الى ما اتخذته الادارة الاميركية من إجراءات بحقّ بعض اللبنانيين، ومن بينهم نواب ووزراء سابقون ورئيس كتلة نيابية وازنة".
وقد تمنّى وهبة "ان تتمكن السلطات اللبنانية والقضائية من الوصول الى اي معلومات او مستندات ارتكزت عليها الادارة الاميركية في اتخاذها لتلك الاجراءات، وذلك في إطار الاصلاحات التى وعدت بها وتعزيزاً للشفافية في العمل العام".
سلس وإيجابي
وعلمت "الجمهورية" انّ اجواء من التعاون سادت اللقاء الذي وصفته مصادر مطلعة بأنه "كان سلساً وايجابياً ولطيفاً"، عَبّرت خلاله السفيرة الاميركية عن ثوابت بلادها تجاه ما يجري في لبنان، وانّ اي تبديل في الادارة الاميركية، اذا وصلَ بايدن الى البيت الابيض، لن يغيّر في الثوابت الاميركية تجاه الوضع في لبنان، وخصوصاً لجهة الدعم الذي تقدمه للجيش اللبناني وتجاه وحدة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله".
وقالت المصادر "انّ السفيرة شيا، وبعدما أجرت ووهبة استعراضاً لجديد الازمات في المنطقة وتقويماً لتطوراتها، عبّرت عن ارتياح بلادها الى سَير المفاوضات الجارية في الناقورة من أجل ترسيم الحدود البحرية، ونَوّهت بجدية المفاوضين اللبنانيين والإسرائيليين، ووعدت الوزير وهبة بنقل طلبه الحصول على الملفات والوثائق التي تدين مَن طاوَلتهم العقوبات من الوزراء السابقين الثلاثة الى إدارتها في واشنطن ضماناً للشفافية التي تحرص الادارة الاميركية عليها". ورَدّ وهبه مؤكداً "رغبة لبنان في اعتماد هذه الوثائق متى توافرت في محاسبة المخالفين امام القضاء اللبناني. ولذلك أصرّ على الحصول على هذه المعلومات من الادارة الاميركية المعنية تسليم هذه الوثائق الى القضاء اللبناني، إن كان هناك من إشكال يحول دون تسليمها الى وزارة الخارجية أو اي مرجع اداري او سياسي لبناني".
التعزية بالمعلّم
من جهة ثانية، أوفد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة في حكومة تصريف الاعمال رمزي مشرفية، ممثّلاً عنه في مراسم تشييع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية السوري وليد المعلّم، الذي وافَته المنية فجر أمس. وأبرقَ الى الرئيس السوري بشار الأسد معزّياً برئيس الديبلوماسية السورية، ومنوّهاً بالدور "الذي أدّاه في مسيرته داخل سوريا وخارجها"، متمنياً "عودة السلام الى سوريا لينعم الشعب السوري الشقيق مجدداً بالازدهار الذي يستحقه".
وقدّم مشرفية، خلال مراسم تشييع المعلّم، واجب التعزية إلى الأسد ممثّلاً بوزير شؤون رئاسة الجمهورية منصور عزّام، وعدد من المسؤولين السوريين. وشكر عزّام، بإسم الأسد، لعون مشاركته ممثلاً بمشرفية في مراسم التشييع.
بري
من جهته، أبرقَ بري الى كلّ من الأسد ورئيس مجلس الوزراء السوري حسين عرنوس، معزّياً بالمعلّم، معتبراً أنّ "الموت غَيّب صوتاً عربياً ما نَطق إلّا للحق، وأوقَفَ قلباً ما نَبضَ إلّا للعرب والعروبة حتى الرمق الأخير". وكان بري قد زار المجلس الدستوري، وقدّم التصريح عن الذمة المالية الى رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب، وذلك عملاً بقانون "الاثراء غير المشروع".
منظمة حقوق الانسان
وعلى صعيد التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذي حصل في 4 آب الماضي، أصدرت المنظمة العالمية لحقوق الانسان والحركة القانونية العالمية تقريراً، في وقت سيعقد مجلس الامن جلسة للبحث في أوضاع لبنان وتركيا. وأكدت المنظمة "ضرورة تشكيل لجنة مهمة مستقلة لتقصّي الحقائق فوراً، للتحقيق في أسس وأسباب الانفجار الهائل الذي حصل في بيروت، والذي أدى الى مقتل أكثر من 200 شخص وجرح 7 آلاف".
وقالت المديرة القانونية التنفيذية في المنظمة انطونيا مولفاي: "لا يمكن تحقيق العدالة اذا بقي التحقيق في أيدي السلطات اللبنانية". ورأت أنّه "لا يوجد أي سبب لأن يثق الضحايا وعائلاتهم في نظام تَشوبه العيوب، كما تَصفه الأمم المتحدة".
نهاية لبنان
وعلى الصعيدين المالي والاقتصادي، كان لافتاً أمس قول وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني انّ "تأجيل الإصلاحات قد يعني نهاية لبنان"، محمّلاً الطبقة السياسية مسؤولية ما يجري.
وقال وزني لصحيفة "ذا ناشونال": "إنّ اتِّباع سياسة البطء هذه تعني الموت للشعب اللبناني. ستكون حتماً النهاية". وأكّد انه يؤيّد مبادرة الرئيس الفرنسي "الذي تَعهّد بتقديم دعم مالي دولي للبنان مقابل إصلاحات تكافح الفساد. ولكن يبقى على السياسيين تنفيذها بكاملها". وأوضح أنّ استقالة الحكومة علّقت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول خطة اقتصادية إنقاذية، غير أنّ "الاتصالات" مستمرة. وأضاف: "تم دفع أكثر من نصف اللبنانيين نحو الفقر، وأصبح 40 في المئة منهم عاطلين عن العمل. ويتوقّع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 25 في المئة هذه السنة".
ورداً على سؤال، قال وزني: "أولاً، يجب ألّا ننسى أننا نمر في أزمة مصرفية وأنّ الناس لا يستطيعون استرداد ودائعهم. من المهم جداً أن نعرف أين ذهبت الأموال. ثانياً، سيكشف التدقيق الخسائر الحقيقية للبنك المركزي والقطاع المصرفي، كما أنّ تحديد حجم هذه الخسائر سيسمح عندها لصانعي القرار اتخاذ القرارات المناسبة في شأنها".
وأقرّ وزني بأنّ "الثقة فُقدت في القطاع المصرفي. وهذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك في تاريخ لبنان. علينا أن نتذكر أنه حتى خلال الحرب الأهلية التي امتدت من العام 1975 حتى العام 1990، استمرت المصارف في العمل طبيعياً. أمّا اليوم، فلا يمكن للمودعين سحب أموالهم وتم تعليق المعاملات المالية الى الخارج. لذلك، انّ القطاع بكامله مشلول".
كورونا
وعلى صعيد كورونا، أعلنت وزارة الصحّة العامّة في تقريرها اليومي أمس تسجيل 1016 إصابة جديدة (1006 محلية و10 وافدة)، ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 106446. ولفتت الوزارة إلى تسجيل "10 حالات وفاة جديدة.