قالت الصحف:لبنان ما بعد رياض سلامة
الحوارنيوز – خاص
تمحورت افتتاحيات صحف اليوم على المشاورات الرسمية بشأن مرحلة ما بعد حاكم مصرف لبنان الذي تنتهي ولايته آخر شهر تموز الجاري.
كيف عكست صحف اليوم هذه المشاورات وماذا في معطياتها؟
- صحيفة النهار عنونت: تقاذف جمر الحاكمية وتهديد نوابها بالعقوبات
وكتبت تقول: بدت التحركات والمشاورات ومشاريع المعالجات المطروحة في شأن انتقال المسؤولية في حاكمية مصرف لبنان بعد 31 تموز الحالي اشبه بـ”القتال التأخيري” في هزيمة عسكرية غالبا ما ينتهي بالتسليم بالقدر المحتوم!
ذلك ان بدء العد العكسي للأيام الأخيرة من ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لم يقو على سائر المعنيين لدفعهم الى انجاز وإعلان الخيار الحاسم النهائي امام اللبنانيين بما يفترض، بل يوجب، ان يشكل عامل طمأنة الحد الأدنى من ان البلاد لن تنزلق الى متاهة قد تكون الأخطر في فصول الازمات المالية التي يتقلب اللبنانيون فوق جمرها اللاهب. وإذ ارجئ علنا وشكلا أي اجراء حاسم عقب اجتماع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والنواب الأربعة لحاكم مصرف لبنان ضمن مهلة تنتهي الخميس ستفضي الى رمي الكرة الملتهبة في ملعب الحكومة مجتمعة، اتخذت الازمة بعدا غير مسبوق في دقتها وخطورتها مع التلويح للمرة الأولى باللجوء الى قانون العقوبات في وجه نواب الحاكم الأربعة ان استقالوا وتخلفوا عن تحمل مسؤولياتهم. هذا العامل المفاجئ لم يرد علنا ورسميا في أي من المداولات المعلنة الحكومية ولا في التصريحات الوزارية، ولكن ما ان انفضت جلسة مجلس الوزراء الأولى المخصصة لبدء مناقشة الموازنة، اتضح ان ازمة الحاكمية طغت بشكل ساحق على المداولات الوزارية وسط جدل كثيف بين الوزراء ثم موجة حملة واسعة من التعليقات على واتساب مجلس الوزراء، وكان لافتا استحضار المواد التي يتضمنها قانون العقوبات ومن بينها المادة 340 التي تنص على عقوبة “التجريد المدني للموظفين الذين يربطهم بالدولة عقد عام اذا اقدموا متفقين على وقف أعمالهم او اتفقوا على وقفها او على تقديم استقالتهم في أحوال يتعرقل معها سير احدى المصالح العامة”.
عكست هذه المؤشرات البلبلة التي تطبع الإدارة السياسية والمالية سواء بسواء لهذه الازمة، اذ ان ارجاء الحل لفترة 48 ساعة فقط، بدا بمثابة ارجاء انفجار يتهدد البلاد بتداعيات وخيمة في حال عدم التوصل الى مخرج لا يستقيل فيه نواب الحاكم ولا يصبحون وحدهم في مواجهة الواقع الصعب بما يوجب تحمل الحكومة ومجلس النواب التبعات اللازمة للمرحلة المقبلة بعد نهاية ولاية الحاكم الحالي. وكان رئيس الحكومة اجتمع صباحا في حضور نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي ووزير المال يوسف خليل، مع نواب الحاكم ولم يصدر أي بيان عن الاجتماع.
وبعد جلسة مجلس الوزراء عصرا استبعد وزير المال يوسف الخليل استقالة نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة، لكنّه أكّد ألا معلومات أكيدة حول ذلك. ولفت إلى أن الموضوع يُحل من خلال “حوار هادئ وعلمي”، مشيراً إلى أن “لنواب الحاكم خطةً اقتصادية قريبة من خطة الدولة”.
من جهته، أعلن وزير الاقتصاد أمين سلام ان استقالة نواب الحاكم “يجب أن يقبلها مجلس الوزراء واجتماعهم مع ميقاتي كان ايجابيا وتم إعطاؤهم مهلة 48 ساعة لان يعودوا مع أجوبة وعلى أثر ذلك سيدعو ميقاتي إلى جلسة حكومية بين الخميس والجمعة لتفادي أي خضة”.
ووفق المعلومات فان ميقاتي ابلغ الوزراء ان نواب الحاكم طلبوا من الحكومة توفير الغطاء القانوني الذي يسمح لهم بإقراض الحكومة من مصرف لبنان كما التدخل في سوق القطع لاستقرار سعر الصرف. ولذا قرر مجلس الوزراء استطلاع رأي الجهات القضائية المختصة ليصار في ضوئه الى الاجتماع مجددا مع نواب الحاكم لتقييم الوضع. وكرر ميقاتي ان الخيار الأمثل هو تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان.
- صحيفة الأخبار عنونت: مناورات الحاكم في آخر أيام ولايته: سلامة يوقف منصّة “صيرفة”
وكتبت تقول: ثمّة مؤشّرات في السوق تُشتمّ منها رائحة تخريب قد يقوم به حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وأعوانه من القوى السياسية والفاعلين في السوق. فقد تبيّن أن مصرف لبنان أوقف، يوم الجمعة الماضي، شراء الدولارات من السوق مقابل الليرات “حتى إشعار آخر”، وذلك بعدما عرض على نوابه الأربعة في الجلسة الأخيرة للمجلس المركزي ألا يلجأوا إلى تعديلات واسعة في منصّة “صيرفة” كالتي يعتزمون القيام بها، والتي وردته تقارير بشأنها من اللجنة التي يرئِسها النائب الثالث سليم شاهين وتجتمع مع ممثلين عن “بلومبيرغ” و”رويترز” والمسؤول في مصرف لبنان عن المنصة عباس عواضة.
رياض سلامة ذاهب إلى البيت، ويسعى لإظهار ما سيلي بأنه “الطوفان”، ولو أنه لن يقولها صراحة وعلناً في لقائه المتلفز غداً. لذا، سيكون الخميس المقبل يوماً حامياً، قد تصل فيه الأمور إلى حدّ استقالة النائب الأول وسيم منصوري والنائب الثاني بشير يقظان قبل نهاية ولاية سلامة. بحسب ما يرد من أخبار نواب الحاكم.
تتقاطع المعطيات بشأن ما حصل الجمعة الماضي لجهة توقّف مصرف لبنان عن ضخّ الليرات وشراء الدولارات من السوق. وقالت مصادر مصرفية إن سليم الخليل، وهو بمثابة صلة الوصل بين مصرف لبنان والصرّافين والمصارف، تلقّى تعليمات واضحة من الحاكم بتعليق ضخّ الليرات وشراء الدولارات من دون تحديد موعد لاستئناف العمل كالمعتاد. فالآلية التي أسّسها سلامة خلال الفترة الماضية، قضت بأن يكون الخليل، بالتعاون مع الاعتماد المصرفي، بمثابة موزّع حصري لليرات من مصرف لبنان إلى السوق.
وانتشر أمس خبر توقف العمل بالمنصة بعدما أبلغت مصارف زبائنها أن مصرف لبنان توقّف عن استقبال الطلبات، علماً أن مصرفيين أشاروا إلى تراجع العمل على المنصة منذ الأسبوع الماضي، ربطاً بمخاوف من انهيار وشيك في سعر الصرف، أو تأخر عمليات التحويل.
ولم تكن هذه هي الإشارة الوحيدة التي وجّهها سلامة إلى السوق قبل نحو عشرة أيام من نهاية ولايته، إذ إنه أبلغ نوابه الأربعة، في اجتماع المجلس المركزي الخميس الماضي، بأن أي منصّة جديدة أو أي تعديلات على منصّة “صيرفة” ستغيّر آليات العمل جذرياً وتحتاج إلى وقت، فيما مصرف لبنان “تعب حتى شكّل صيرفة”. قال ذلك، وهو يدرك تماماً ما هي الخطوات التي يطلبها نوابه الأربعة لتسلّم النائب الأول وسيم منصوري منصب الحاكم. وألمح سلامة إلى أنه تصعب السيطرة على سوق الصرف، وأنه أسّس للآلية التي تمنحه هامشاً واسعاً من هذه السيطرة عبر “صيرفة”. وأمام صعوبة الاستنتاج بأن “قلب الحاكم” على البلد وعلى سعر الصرف، فإن الاستنتاج الأوضح هو أن السوق سيفهم الإشارة جيداً إلى أن تأسيس منصّة جديدة سيؤدي إلى فلتان السوق وانهيار متسارع في سعر الليرة مقابل الدولار.
في هذا الاجتماع، كان يُفترض أن يناقش المجلس المركزي الآليات التي ستعرضها اللجنة المخصّصة لمناقشة “صيرفة” برئاسة النائب الثالث، وبحضور المسؤول عن المنصة وممثلين عن “رويترز” و”بلومبيرغ”. وتدرس هذه اللجنة منذ وقت غير قصير آلية العمل على منصّة صيرفة، وسبل تحويلها إلى منصّة شفافة ذات عمق مالي يتيح لها التعامل مع سعر صرف غير مدعوم وإدارته بشكل علمي وتقني. وبالاستناد إلى مناقشات اللجنة والدراسات التي عرضها شاهين، فإن الأمر يتطلب تحرير سعر الصرف مع إبقاء نافذة دعم لرواتب موظفي القطاع العام. وهذه الخطوة تحتاج إلى تغطية تشريعية من مجلس النواب للإنفاق من موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية أو ما يُسمّى الاحتياطات الإلزامية، والتي يعتقد نواب الحاكم أنها تدنّت عن المستوى القانوني لها خلافاً لرغبتهم ولما صوّتوا عليه مرات عدة في المجلس المركزي.
تعامل سلامة مع الفريق الذي أنشأه لتشغيل “صيرفة”، ثم تلويحه بأن ما بعد المنصة هو انهيار في سعر الصرف، ليسا سوى رسالة واضحة منه لمن يريد أن يفهم. ورغم استبعاد أن تكون الرسالة موجّهة إلى الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، ولا سيما أنهما منذ فترة نعيا علناً التمديد لسلامة أو أي آلية قانونية أو غير قانونية قد تتيح له الاستمرار لفترة أطول، إلا أن الرسالة يوم الجمعة جاءت مباشرة بعد تصريحات الرئيس برّي عن استحالة التمديد لسلامة. والرئيس ميقاتي هو الآخر، لا يزال يدرس أسماء المرشحين لخلافة سلامة أملاً بأن يتمكن من إقناع حزب الله، وربما التيار الوطني الحرّ أيضاً، بجلسة لمجلس الوزراء تُعيّن الخلف.
في السياق نفسه، يعتقد مصرفيون بأن الرسالة قد لا تنطوي على تهديد سياسي كالذي يُروّج له، إنما هي خطوة أولى في توجيه الإشارات إلى السوق قبل يوم غدٍ الأربعاء، أي حين سيظهر سلامة على التلفزيون وما ستتضمّنه كلماته من تهديدات مبطّنة وربما مباشرة بما ينطوي عليه الأمر من مخاطر تتعلق برمي كرة النار في أحضان القوى السياسية التي كان سلامة ينوب عنها في إدارة النقد والاقتصاد بكل التفاصيل.
- صحيفة الأنباء عنونت: الحاكمية بين استقالة شكلية للنواب والمطالبة بضمانات… الحل الأمثل تعيين حاكم أصيل
وكتبت تقول: يحتل ملف حاكمية مصرف لبنان أولوية السياسة اللبنانية في الوقت الحالي قبل وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت. وفي هذا السياق، زار نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس وبحثوا معه مرحلة ما بعد الحاكم الحالي رياض سلامة، وطلبوا منه ضمانات وإيجاد إطار قانوني يسمح للمصرف المركزي بتسليف الحكومة للإيفاء بالتزاماتها الضرورية المرتبطة بالرواتب ودعم الأدوية وغيرها.
إلى ذلك، فإن سيناريوهين مرتقبين بالنسبة لمستقبل الحاكمية مع خلط الأوراق الذي حصل في الأيام الأخيرة. السيناريو الأول يكمن في تسلّم النائب الأول وسيم منصوري المهام طبيعياً وفق القانون، فيما التوجّه الثاني يتحدّث عن تقديم النواب الأربعة استقالاتهم دون قبولها، فيصرّفون الأعمال ريثما يتم انتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية وتعيّن حكومة أصيلة.
وتشير معطيات إلى ان السيناريو الثاني هو الأكثر ترجيحاً في الوقت الحالي، ووفق المعلومات، فإن ميقاتي سيلجأ إلى استشارة دستورية لمعرفة الجهة المكلّفة قبول استقالة نواب الحاكم الأربعة، وما إذا كان مجلس الوزراء أو وزير المال، لمعرفة هوية الجهة التي سترفض الاستقالة، ما يعزّز من أرجحية هذا الاحتمال، لكن ذلك لا يعني أن شيئاً قد حُسم، لأن الأوراق تُخلط يومياً، لا بل بين الساعة والأخرى.
إلا ان الخيار الأفضل الذي كان يجب أن يتقدم على كل هذه السيناريوهات إنما هو تعيين حاكم أصيل للمركزي، وفي هذا السياق، غرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط عبر حسابه على “تويتر” قائلاً: “الحد الأدنى من منطق حماية ما تبقى من مؤسسات يقتضي تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان علّنا نتفادى مخاطر نقدية ومالية تزيد معاناة المواطن اللبناني، ومن واجب الحكومة إتمام ذلك، وعلى القوى السياسية تسهيل الأمر بعيدًا من منطق المحاصصة والفيتوات المتبادلة”.
وبالعودة إلى الانتخابات الرئاسية، فإن الجمود سيّد الموقف، ومن الواضح أن مرحلة مواجهة سليمان فرنجية – جهاد أزعور قد طُويت في ظل المستجدات التي طرأت، خصوصاً مع عودة الحوار بين التيار الوطني الحر و”حزب الله”، والأيام المقبلة ستكشف معالم المرحلة المقبلة، مع وصول لودريان إلى بيروت، وما إذا كان الجمود القاتل سيستمر، أم أن للمجتمع الدولي كلمة أخرى.
مصادر سياسية مطلعة كشفت عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية أن انتخاب رئيس الجمهورية مرتبط بالمفاوضات السرية التي تجري في سلطنة عمان بين الأميركيين والإيرانيين، وهي لا تزال في بداياتها لأن النقاط الخلافية بين الفريقين كبيرة ومعقدة، ومن الصعب التكهّن بإمكانية التوصّل إلى حل في وقت قريب، وهو ما يدفع القوى الحليفة لإيران إلى التصلّب بمواقفها وورفض “حزب الله” لكل الأسماء المطروحة وتمسّكه بدعم فرنجية.
من جهة ثانية، قلّلت المصادر من قدرة لودريان على خرق الستاتيكو الحاصل، لكنها لم تستبعد حصول خرق ما على جبهة حارة حريك – ميرنا الشالوحي بعد اعادة فتح قنوات الحوار بين رئيس “التيار” النائب جبران باسيل وحزب الله الذي من شانه أن يحرّك المياه الراكدة سياسياً.
وفي المواقف، أشار النائب السابق علي درويش في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية إلى أن “زيارة لودريان الأولى واتصالاته بكافة القوى السياسية المعنية بالملف الرئاسي أمّنت له ما يريد من المعلومات التي يريدها ولم يعد بحاجة للإعادة التواصل إلّا على قاعدة الآلية التي قد توصّل الجميع للحل اليوم، وبعدما تم تزويده بخلاصة لقاء ممثلي اللجنة الخماسية ومناقشة هذا الموضوع مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والتزود بتعليماته، فأصبح يملك معطيات كثيرة لرسم إمكانية مبادرة متوازنة تنطبق على جميع المعطيات الداخلية والخارجية تمهيدا لإطلاق مبادرة ما تكون أكثر واقعية، وهذا الأمر سيتكشف مع الافرقاء السياسيين من أجل التوصّل إلى حل تشارك فيه كافة القوى السياسية”.
على خط آخر، اعتبر درويش أن الاجتماع الذي عقد في السرايا الحكومية بين ميقاتي ونواب حاكم مصرف لبنان الاربعة بحضور نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي ووزير المال يوسف خليل، كان إيجابياً من حيث كيفية التعاون لتسيير شؤون المصرف المركزي، واصفا الاجتماع بالتقني فيه الكثير من المعطيات الايجابية المطروحة لانجاح سبل التعاون ما بين السلطة التنفيذية ومصرف لبنان.
ونقل درويش عن ميقاتي حرصه الشديد على التعاون مع نواب الحاكم بعد 31 تموز لأن صلاحيات الحاكم ستتحول حتماً إلى النائب الأول، سواء استقال نواب الحاكم او لم يستقيلوا.
وفي موضوع التمديد للحاكم وتعيين حاكم جديد، اعتبر درويش أن مجلس الوزراء سيد نفسه ويتكون من مجموعة أفرقاء، ومن الصعوبة تمرير عملية التمديد للحاكم الحالي.
ارتفعت حرارة الملفات الداخلية مع اقتراب الموعد المنتظر، نهاية تموز، ودخول البلاد في شغور جديد قد يزيد من حجم الضغط على معطلي الانتخابات الرئاسية، لكن الأجواء القاتمة لا تُشير إلّا إلى تمدّد الفراغ الحاصل إلى مختلف المؤسسات، وقد تكون المؤسسة المقبلة هي الجيش.