سياسةمحليات لبنانية
قالت الصحف:عقارب الساعة الى الوراء حكوميا..والعصي في الدواليب تتوالد
الحوار نيوز – خاص
إتفقت الصحف الصادرة اليوم على أن عقارب الساعة عادت الى الوراء في ما خص ملف تشكيل الحكومة، وأبرزت العقبات التي تعترض مسيرته لا سيما توالد العصي في الدواليب.
-
وكتبت صحيفة “الأخبار” تقول: كلما تقدّمت عملية تأليف الحكومة خطوة إلى الأمام، تولّى نادي رؤساء الحكومات إعادته خطوتين إلى الوراء. أما الرئيس نجيب ميقاتي، وقَبْل إشارة النادي إلى “أروقة بعبدا”، فكان يخرج من هذه الأروقة متراجعاً عما سبق أن اتفق عليه مع رئيس الجمهورية ميشال عون. وهو لذلك، لا يتردد في الكيل بمكيالين: يحق لكل الأطراف أن يسمّوا ممثّليهم، حتى لو كانوا حزبيين، من دون أن يحقّ لعون النقاش في الأسماء. في المقابل، يحق لميقاتي رفض أيّ اسم يقترحه عون بحجّة قربه منه
مرة جديدة، يتولى نادي رؤساء الحكومة السابقين مهمّة قلب الطاولة في وجه مساعي تأليف الحكومة. لكن هذه المرة، أراد الرئيس نجيب ميقاتي أن يقوم بدور مزدوج. يزور بعبدا موحياً بالإيجابيات شكلياً من خلال تقديم تشكيلة حكومية (وإن لم تكن مكتملة)، ثم ينتقل إلى ناديه ليصدر بياناً يتّهم فيه “أروقة بعبدا” بإدارة ملف التحقيق العدلي في قضية المرفأ، إضافة إلى مطالبته برفع الحصانة عن رئيس الجمهورية، لأنه “تقاعس وامتنع عن القيام بأي عمل ذي قيمة عملية للحؤول دون حصول تلك الكارثة الإنسانية والاقتصادية والعمرانية التي حلّت بلبنان”.
لكن قبل إصدار البيان، كان ميقاتي يطمئن اللبنانيين بعبارة “انشالله خير”، من على منبر قصر بعبدا، بالرغم من أنه كان في اللقاء مع رئيس الجمهورية يستعيد نغمة سلفه سعد الحريري في السعي إلى إعادة تفعيل عقد كان قد تم تجاوزها. وبعدما كان النقاش يتعلق بوزيرين مسيحيين، أعاد ميقاتي الإصرار على التدخل في أغلب الأسماء المسيحية من دون أن يعطي هذا الحق لرئيس الجمهورية في ما يتعلق بالطوائف الأخرى. وبذلك تكون القاعدة التي يتبعها ميقاتي للتأليف: يحق لكل الأفرقاء أن يسمّوا مقرّبين منهم أو حزبيين، ولا يمانع حتى تسمية ممثل لفريد هيكل الخازن، لكن لا يحقّ لرئيس الجمهورية البحث في الأسماء المقترحة، حتى لو كانت حزبية، مثل فراس أبيض ومروان زين (الحريري) وحسن اللقيس (أمل) أو غيرهم. في المقابل، يعطي ميقاتي لنفسه الحق بأن يتدخل في كل اسم من أسماء الوزراء الذين يقترحهم عون وأن يعترض عليهم لـ”شبهة” أنهم قريبون منه أو من التيار، فيما يفرض الفيتو على تعديل أي اسم لأن مرجعيّته سمّته!
لذلك، بالرغم من الاتفاق عشية لقاء أمس على أغلب الأسماء، إلى حد الاقتناع بأن يوم أمس سيكون موعد التأليف، عادت عقارب التأليف إلى الوراء.
في المقابل، فيما كان لافتاً صمت الرئيس ومحيطه عن هذا التراجع في موقف ميقاتي، توقعت مصادر بعبدا أن لا يتوقف رئيس الجمهورية عند الاتهام الشخصي الذي وجّهه له ميقاتي، بصفته عضواً في نادي رؤساء الحكومة السابقين، وأن يستكمل النقاش مع الرئيس المكلف من حيث انتهى، وخاصة أن الأخير قدم تشكيلة غير مكتملة، على أن يقوم بجوجلة بعض الحقائب والأسماء قبل العودة إلى بعبدا مجدداً. إذ إن الاجتماع انتهى على قاعدة “للبحث تتمة” وليس على قرار بانقطاع التواصل، فالهدف هو تأليف حكومة تضع حدّاً للانهيار الحاصل وتبدأ بإجراءات التعافي في أسرع وقت ممكن.
لكن، هل فعلاً يريد ميقاتي تأليف الحكومة؟ سلوكه يوحي بأن التأليف ليس أولويّته إلا إذا نجح في محاصرة عون. وهو لذلك صار مطالباً بحسم أمره: إما التأليف فوراً، طالما أن الاتفاق أنجز ولم يبق إلا الأسماء التي يُفترض أن تسري معايير تسميتها على الجميع، أو الاعتذار.
إلى ذلك، علمت “الأخبار” أن الأسبوع المقبل سيشهد إطلاق المنصة الإلكترونية الخاصة بالبطاقة التمويلية، إلا أن هذا الإطلاق لن يترافق مع فتح باب تقديم الطلبات، بانتظار إنجاز كل التحضيرات اللازمة. وفي السياق نفسه، كان رئيس الحكومة قد طلب من وزير المالية، أمس، حسم مسألتَي التمويل وعملة القرض مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
-
وكتبت صحيفة “النهار” تقول: لم يكن ينقص المسار الغامض لتأليف الحكومة سوى صمت الرئيس المكلف نجيب ميقاتي عقب اللقاء الـ 13 بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون امس في قصر بعبدا، حتى اطلق موجة جديدة من التخبط مقترنة بـ “التبصير” اليومي حول ما يمكن ان ينتهي اليه هذا المسلسل الرتيب الممل الذي يدور في حلقة مفرغة. فعلى رغم التسريبات التي حاولت معاكسة الانطباعات التي أعقبت خروج ميقاتي من مكتب رئيس الجمهورية متجهماً وعدم إدلائه بتصريحه المعتاد امام الصحافيين المعتمدين في قصر بعبدا، بدا من الواضح تماما ان نمط “الجرجرة” و”علك” الوقت واستهلاكه واستنزافه لا يزال يحكم مسار هذا الاستحقاق وان شهراً وأياماً عدة منذ تكليف ميقاتي تشكيل الحكومة، بعد اعتذار الرئيس سعد الحريري، لم تبدل حرفاً في دستور التعطيل والاشتراطات المانعة لأي ولادة حكومية ما لم تكن ملائمة وجانحة لرئيس الجمهورية وفريقه السياسي.
واذا كان بعض الحريصين على إكمال ميقاتي مهمته وعدم استعجاله الاعتذار السريع في نهاية المطاف راحوا يخففون من دلالات الوقت السريع الذي استغرقه اللقاء بين عون وميقاتي، ومن ثم عدم إدلاء ميقاتي بتصريح بعد اللقاء، فان ذلك لم يحجب تداعيات القلق الدولي الذي عاد الى البروز بقوة امس من خلال موقفين خارجيين مهمين للغاية. الأول برز مع رسالة عاجلة من الاتحاد الأوروبي الى رئيسي الجمهورية والمجلس والرئيس المكلف تستعجل تاليف الحكومة وتعرض إمكانات الدعم الأوروبي العاجل للبنان حال تشكيل الحكومة. والثاني من خلال موقف جديد للامين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس يستعجل بدوره تأليف الحكومة، الامر الذي رسم علامات قلق واسعة لجهة تزامن هذين الموقفين مع الإخفاق المتواصل في الأيام الأخيرة في اعلان الولادة الحكومة بعد تقارير كانت كما يبدو قد تركت انطباعات مشجعة لدى المجتمع الدولي. واذا كانت المعلومات المتوافرة عن اللقاء الثالث عشر عكست استمرار دوامة التباينات حول عدد من الحقائب الوزارية والاسماء المطروحة لها، فيبدو ان ثمة عاملاً أضفى لمسات إضافية من التوتر على المشهد السياسي في ظل التطور القضائي الذي برز امس مع اصدار المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار مذكرة احضار في حق رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، الامر الذي ردّ عليه رؤساء الحكومات السابقون بحدة رافضين “إهانة” موقع رئاسة الحكومة ومحذرين من استهداف الطائف من خلال استهداف رئاسة الحكومة.
اللقاء الثالث عشر
وكان الرئيس ميقاتي رفض التحدث بعد اللقاء في بعبدا مكتفيا بالقول: “إن شاء الله خيرا”. ورداً على سؤال عمّا إذا قدّم مسوّدة حكومية، قال ممازحاً: المسوّدة سوداء “حدا بيقدّم شي أسود”؟
وأفادت معلومات “النهار” أنّ اللقاء كان سلبياً واتسم بالدوران في حلقة مفرغة حول عدد من الأسماء والحقائب الذين لم يتم التوصل الى توافق في شأنها.
وأكدت مصادر متابعة للملف الحكومي أنّه “تم تقديم أسماء بديلة للوزارات التي تدور إشكالية حولها من قبل الرئيسين لتقريب وجهات النظر، مع المحافظة على توزيع الحقائب الطائفي، إلّا إذا استوجب تعديل الأسماء تعديلاً بالتوزيع الطائفي للحقائب”.
وأفادت المصادر عن احتمال عقد لقاء اليوم بين الرئيسين عون وميقاتي من دون تأكيده .
وعن توزيع الحقائب، أكدت المصادر أنّ توزيع بعض الحقائب على الأطراف ليس ثابتاً بعد، مع إعطاء وزيرين موارنة لسليمان فرنجية حتى الساعة، في حين لم تُحدَّد بعد ما هي الحقائب بشكل نهائي . كما لفتت إلى أنّ هناك خلافا في التشكيلة الحكومية، حول وزارات العدل، الداخلية، نائب رئيس الحكومة، الشؤون الاجتماعية والاقتصاد مؤكدة أنّ الرئيسين سيعملان لاستكمال جمع المعلومات عن الأسماء المطروحة.
رسالة أوروبية عاجلة
وفي تحرك أوروبي لافت سبق اللقاء الثالث عشر للرئيسين، اعلن سفير الإتحاد الأوروبي في لبنان رالف طرّاف بعد لقائه رئيس الجمهورية أنه “بالإمكان الاعتماد على الاتحاد الاوروبي في هذا الوقت الصعب ولكن على المسؤولين اللبنانيين تحمّل مسؤوليّاتهم “ما عاد في وقت”. وقال طراف من بعبدا “منذ بدء الأزمة في لبنان عرفنا أنّه يجب المساعدة للتعامل مع هذه الأزمة ونؤمن أنّ لبنان بحاجة إلى الدعم ونأمل أن يكون موقتاً وسنقوم بكل ما يلزم”.
ونقل طراف الموقف نفسه ضمن رسالة الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري من الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية الوزير جوزيب بوريل حول الانفجار الذي حصل في عكار وقد تضمنت بالاضافة الى التعزية والمواساة تأكيده” أن لبنان في حالة كسوف والأخطار الاجتماعية والأمنية تتصاعد يومياً ومخاطر فلتان الامور من عقالها وبالتالي تشكيل حكومة بات أكثر من ضرورة ولمصلحة الشعب اللبناني وبإمكان لبنان الاعتماد على مساعدة الاتحاد الاوروبي في معالجة أموره”.
وبدوره دعا الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس “كل القادة السياسيين في لبنان الى تشكيل حكومة فاعلة بشكل عاجل”. وشدد في بيان أصدره المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك، على “ضرورة أن تتمكن هكذا حكومة من تقديم الإغاثة الفورية وكفالة العدالة والمساءلة لشعب لبنان وقيادة مسار إصلاح طموح وهادف، لاستئناف الخدمات الأساسية واستعادة الاستقرار، وتعزيز التنمية المستدامة وبث الأمل في مستقبل أفضل”. واعرب عن “قلقه العميق إزاء تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي السريع في لبنان”. ولفت إلى ان “الشعب اللبناني يعاني كل يوم من تضخم مفرط ونقص حاد في الوقود والكهرباء والأدوية وحتى من عدم توافر المياه النظيفة”.
“احضار”دياب ..والتداعيات
في غضون ذلك برز التطور القضائي في ملف انفجار مرفأ بيروت اذ اصدر المحقق العدلي مذكرة إحضار في حق الرئيس حسان دياب وحدد جلسة للإستماع اليه في 20 أيلول المقبل بعدما امتنع دياب عن المثول أمام البيطار بعد استدعائه كمدعى عليه في ملف المرفأ فأصدر البيطار مذكرة إحضار في حقه.
واثار اجراء البيطار موقفاً غاضباً وحاداً لدى الرؤساء ميقاتي وسعد الحريري وفؤاد السنيورة وتمام سلام الذين اصدروا بيانا مشتركاً، وقعه ايضا ميقاتي، حذروا فيه من انه “لم يسبق ان سُجِّل في تاريخ لبنان اصدار ورقة إحضار بحق رئيس الحكومة اللبنانية على صورة الإحضار الذي خطه المحقق العدلي بجريمة تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار. وهذه السابقة خطيرة بكل الأبعاد السياسية والوطنية والدستورية، وتنم عن إجراء غير بريء يتسلق القانون وغضب اهالي الضحايا بالجريمة المدوية، لينال من موقع رئاسة الحكومة دون سواها من المواقع العليا في الدولة اللبنانية التي يشار اليها نهاراً جهاراً بمسؤولية وقوع هذه الجريمة”.
وذكروا باعتراف رئيس الجمهورية بعلمه بوجود نيترات الامونيوم مشيرين الى ان ” فخامته تقاعس وامتنع عن القيام بأي عمل ذي قيمة عملية للحؤول دون حصول تلك الكارثة الإنسانية والاقتصادية والعمرانية التي حلت بلبنان. وهذا ما يعني وجوب ان ترفع الحصانة كذلك عن رئيس الجمهورية في ما خص هذه الجريمة الخطيرة التي اصابت لبنان وبالتالي وعندها يتحرر المحقق العدلي من نصوص لا تعطيه حقوقاً قانونية ودستورية في محاكمة الرؤساء وسواهم ” .
واعتبروا ان اجراء المحقق العدلي ” محفوف بالشبهات السياسية، لأنه يتقاطع مع محاولات لم تتوقف من سنوات للانقلاب على اتفاق الطائف وكسر هيبة رئاسة الحكومة وتطويق مكانتها في النظام السياسي، وهي أفعال تشهد عليها الممارسات القائمة منذ عامين لتعطيل تشكيل الحكومات وتطويق الصلاحيات الدستورية للرؤساء المكلفين”.
-
وكتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: لم يتصاعد الدخان الأبيض من القصر الجمهوري رغم توقّع البعض ان يكون اللقاء امس بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف حاسماً، فعدم تصريح الأخير بعد اللقاء على غرار اللقاءات السابقة واكتفائه بالقول “إنشالله خير”، أعطى انطباعاً سلبياً على رغم ابتسامته التي لم تغادر وجهه وهو يغادر القصر، إلّا انّ هذا لا يعني انتهاء المفاوضات وتبدُّد فرَص التأليف، لأنّ مجرّد استمرار الرئيس المكلف في تكليفه وعدم اعتذاره يعني انّ الفرصة ما زالت متوافرة، خصوصاً ان المناخات بينه وبين عون ما زالت إيجابية ولم تنتقل إلى القطيعة.
ومن الثابت انّ ثمة صعوبات وعُقد لم يتم تذليلها بعد، ولكن من الثابت أيضاً انّ محاولات تذليلها لم تنته، وذلك في ظل إصرار عون وميقاتي على عدم وَقف هذه المحاولات بسبب إدراكهما خطورة البديل في حال فشل المفاوضات، كما إصرار المجتمع الدولي، وفي طليعته الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وواشنطن وباريس، على ضرورة تأليف حكومة.
وقالت أوساط مواكبة للتأليف لـ”الجمهورية” انّ رئيس الجمهورية يخشى ان يتحمّل وزر اعتذار ميقاتي لـ3 أسباب أساسية:
ـ السبب الأول أمام الشعب الذي بات يريد حكومة بأي ثمن من أجل فرملة الانهيار ووقف جلجلته أمام محطات الوقود والصيدليات والأفران، ويرى في الحكومة مدخلا لحل أزماته.
-السبب الثاني أمام المجتمع الدولي الذي يضغط من أجل تأليف حكومة ولا يريد ان ينزلق لبنان إلى الفوضى، ولا مصلحة للعهد في قطع كل الجسور مع هذا المجتمع.
– السبب الثالث امام البيئة السنية التي ستتعامل مع تكليف ميقاتي كآخر تكليف في عهده، وتنقل المواجهة إلى إسقاطه، وبالتالي يريد ان يتجنّب دفع ميقاتي إلى الاعتذار.
الشهر الاول تكليفاً
في المقابل، ما زال الرئيس المكلف، الذي أتمّ أمس الشهر الاول على تكليفه بالتمام والكمال، يسعى إلى تدوير الزوايا محاولاً الوصول مع رئيس الجمهورية إلى مساحة مشتركة، خصوصاً انه يعتبر انه في اللحظة التي يدخل فيها إلى السرايا الحكومية سيحظى بدعم شعبي ودولي يمكّنه من قيادة وضع إنقاذي.
وكشفت الأوساط انّ جوهر العُقد الموجودة يتعلّق بالأسماء التي يحاول من خلالها العهد إمرار الشخصيات التي من خلالها ينتزع “الثلث المعطّل” ولو بطريقة مقنّعة، لأنّ الحكومة العتيدة بالنسبة إليه قد تكون الأخيرة في عهده إذا لم تؤلّف حكومة بعد الانتخابات في حال إتمامها. وبالتالي، يريد ان يكون ممسكاً بمفاصلها تحضيراً لما بعد انتهاء ولاية العهد.
الاجتماع الـ13
وكان الاجتماع الثالث عشر بين عون وميقاتي قد انعقد بعد ظهر امس في قصر بعبدا، وأفادت معلومات رسمية انهما تابعا خلاله “مسار تشكيل الحكومة”. واكتفى ميقاتي بعده بالقول: “إنشالله خير”. وعندما سئل عما اذا كان “زعلاناً”، أجاب: “لا، لست كذلك”.
تشكيلة من 24 / 24
وعلمت “الجمهورية” انّ ميقاتي حمل الى عون تشكيلة كاملة من 24 حقيبة أسقطَ عليها اكثر من 24 اسماً، بفِعل التمييز الذي أجراه قياساً على عدد الحقائب المختلَف عليها لجهة تعدد الأسماء وعدم اكتمال الاتصالات التي سبقت اللقاء من تنفيذ التفاهم في شأنها.
وفي معلومات “الجمهورية”، وبحسب أوساط ميقاتي، فإنه رفعَ الى رئيس الجمهورية التشكيلة التي أعدّها هو بنفسه، وتوصّل اليها نتيجة الاتصالات التي تشعّبت وتجاوزت المشاورات المكوكية التي نشطت بينه وبين قصر بعبدا في الأيام القليلة الماضية التي فصلت بين اللقاء الثاني عشر ولقاء الأمس. ولفتت المصادر الى انّ ميقاتي توصّل الى هذه التشكيلة التي تم تركيبها استناداً الى معرفته الدقيقة بمواقف رئيس الجمهورية، الذي هو بدوره بات يعرف مواقف ميقاتي ورأيه في كل حقيبة واسم على حد سواء.
قبل اللقاء وبعده
وما قبل اللقاء الذي دام 45 دقيقة لا يمكن مقارنته بما بعده، وبعدما اكتفى ميقاتي بالقول “إنشالله خير”. فقد كشفت مصادر مطلعة على اجواء اللقاء لـ”الجمهورية” ان الرئيس المكلّف قدّم لائحته الى رئيس الجمهورية وأجريا معاً استعراضاً لحصيلة المشاورات الأخيرة على أكثر من مستوى، قبل قراءة التشكيلة والتوقّف عند كل اسم. وبعدما تجاوزا التفاهم على عدد منها لم يلتقيا على اخرى، على أمل استكمال البحث، كلّ من جانبه، في مصير بعض الأسماء الجديدة ضمن لقاء يُعقد بعد ظهر اليوم.
إقتراحات واعتراضات
وعلمت “الجمهورية” انّ الملاحظات المتبادلة خلصت الى النتائج الآتية:
– حملت تشكيلة ميقاتي تغييراً أساسياً في التركيبة السابقة، فنقلَ مروان ابو فاضل من نيابة رئاسة الحكومة بلا حقيبة وسمّاه لوزارة الدفاع، واقترح ممثلا للحزب السوري القومي الاجتماعي بدلاً منه وهو سعادة الشامي، فيما كان عون قد اقترح العميد موريس سليم للدفاع.
– للمرة الأولى قدّم ميقاتي الى رئيس الجمهورية لائحة جديدة بالأسماء المقترحة لوزارة الداخلية، أضاف فيها الى اسمَي اللواءين ابراهيم بصبوص ومروان الزين من دون ان يتجاهلهما. ورَدّ عليه رئيس الجمهورية بلائحة مماثلة ضمّت 3 اسماء، هي: العميد محمد الفوّال، العميد سعيد الرزّ، والعميد محمد الحسن. لكن، لم يتم التفاهم على اي منها.
– حملت تشكيلة ميقاتي وزيرَين مارونيين لتيار”المردة” هما: جوني القرم وهو صناعي لوزارة الإتصالات، والزميل جورج قرداحي لوزارة الإعلام. والاثنان من خارج زغرتا (من غوسطا وفيطرون)، فاعترض عون لأنّ التفاهم السابق قال بمارونيّ واحد لفرنجية وثان من مذهب مسيحي آخر، ولكن ظهر انّ الرفض ليس نهائياً في انتظار التفاهم على حقائب واسماء اخرى، ولن تكون هناك عقدة.
– رفض ميقاتي تسمية ريمون طربيه لوزارة الشؤون الاجتماعية كما اقترح عون وأصَرّ على رفضه، ما أدى الى الربط بين مصيرها بحقيبة الاقتصاد التي كانت مطروحة من حصة الحزب السوري القومي الاجتماعي، فعُلّق البحث بها، وطرحت أسماء بديلة للتفاهم في شأنها الى اللقاء المقبل، وربما يتم التفاهم على تبادل الحقيبتين اذا تم التفاهم على الأسماء المقترحة.
– بقيت عقدة وزارة العدل قائمة برفض ميقاتي اقتراح عون بتسمية القاضي هنري خوري، ولم يكشف عن الاسم البديل الذي اقترحه الرئيس المكلّف وقيل إنه قاض سابق.
– فيما احتفظ ميقاتي باقتراح تسمية السيدة كارول عياط لوزارة الطاقة، اقترح عون وليد فياض، فلم يتم التوافق على الاسم فعُلّق البَت به الى اللقاء المقبل.
– حملت تشكيلة ميقاتي السفير السابق عبدالله بو حبيب لوزارة الخارجية، رغم الحديث عن طلب عون بتبديله وتسمية السفير بطرس عساكر بديلاً، ولم يعترض عون عليه امس.
خيبة أمل
الى ذلك، أبدت اوساط مطلعة خيبة أملها جراء التعثر المستمر في تشكيل الحكومة من دون أن ينجح اجتماع الأمس بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف في تجاوز العقد التي لا تزال تؤخّر ولادتها.
واعتبرت الاوساط انّ البيان الصادر امس عن رؤساء الحكومات السابقين، اعتراضاً على المذكرة القضائية بإحضار الرئيس حسان دياب، إنما أعطى إشارة واضحة الى الواقع السلبي حكومياً، “إذ انّ البيان، الذي وقّعه ميقاتي الى جانب بقية اعضاء نادي رؤساء الحكومة السابقين، هاجَمَ عون بنبرة عالية، داعياً الى رفع الحصانة عنه في ملف انفجار المرفأ، ومعتبراً انّ قرار القاضي فادي البيطار ضد دياب هو اعلان مفضوح عن انّ هذا الملف يُدار من أروقة قصر بعبدا”.
إطلالة لنصرالله
وفي المواقف الداخلية يطل الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في الثامنة والنصف مساء اليوم لمناسبة ذكرى “التحرير الثاني”. وعُلم انه سيتحدث عن الازمات الاقتصادية والاجتماعية وتخزين المحروقات والدواء، وسيتطرق الى النفط الايراني المنتظر وصوله وشيكاً في الباخرة الاولى، وسيشدد على وجوب تشكيل الحكومة كحاجة وضرورة لوقف المسار الانهياري وبدء الاصلاح لإنقاذ البلاد، ويتوقع ان لا تغيب عن كلمته التطورات القضائية في ملف انفجار المرفأ.
الى ذلك، اكدت كتلة “الوفاء للمقاومة”، بعد اجتماعها الاسبوعي امس، انّ “جهود تشكيل الحكومة تتقاذفها العقد والمطالب وتضارب الرؤى والمصالح، وبين ذا وذاك تطفو على السطح أطماع واحتكارات وانتهازية واستغلال رخيص وسوء أمانة يرتكبها أفراد وجماعات على حساب المجتمع عموماً، سواء في صحته أو معيشته، فيما لا تزال المداهمات والملاحقات قاصرة عن إعادة نَظم الأمور ووضع النقاط على الحروف”.
وحذّرت من استمرار تفاقم الازمة “إن لم نَجِد المخارج المرضية التي تفضي إلى إنجاز التشكيلة الحكومية، التي يتوقف عليها وقف التردي والشروع في الخطوات الضرورية الآيلة إلى إعادة ترميم هيكل الدولة ومؤسساتها المتصدعة”. وقالت: “انّ الحكومة هي التي تمثل الإطار الدستوري والواقعي السليم لتقرير السياسات ومعالجة المشكلات، وإنّ غيابها يشكل ثغرة يمكن أن ينفذ منها طامعون وعابثون أو أن يتسلل عبرها أعداء خارجيون لهم مصلحة في تخريب بلدنا وتعطيل دوره وتبديل موقعه على خريطة النزاعات القائمة في منطقتنا، مع ما يعنيه ذلك من مخاطر جدية تطال الوجود والهوية معاً.
وحَيّت “الجهود الحثيثة والمخلصة التي تبذلها قيادة “حزب الله” لتوظيف علاقاتها المميزة مع الجمهورية الإسلامية في إيران بغية تخفيف معاناة الشعب اللبناني وتوفير بعض المواد الحيوية، ولا سيما منها التي اختفت من السوق المحلية بنحو مريب”، مُشددة على ضرورة “خرق الحصار الأميركي الظالم والمفروض على البلاد”.
الامم المتحدة واوروبا
وفي المواقف الدولية، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أمس إنّ الأمين العام أنطونيو غوتيريش دعا كافة القادة السياسيين اللبنانيين الى تشكيل حكومة وحدة وطنية فاعلة “بشكل عاجل”. وأضاف أنّ غوتيريش عبّر عن قلقه البالغ تجاه الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدهور في لبنان.
وأشار دوجاريك إلى أن لبنان في حاجة ماسة لتشكيل حكومة “لتحقيق العدالة والمحاسبة وتخفيف المعاناة وقيادة مسار طموح وفاعل للإصلاح، بغية استعادة إمكانية الحصول على الخدمات الأساسية واستعادة الاستقرار ودعم التنمية المستدامة وحفز الأمل في مستقبل أفضل”.
الاتحاد الأوروبي
في غصون ذلك قال سفير الاتحاد الأوروبي في بيروت رالف طرّاف أمس إنّ الاتحاد يشعر بقلق عميق للتدهور السريع في الأزمة اللبنانية، وأبلغَ القيادات اللبنانية أن وقت التحرك قد نفد، وحثّهم على تشكيل حكومة.
واضاف طراف بعد زيارته عون، ناقلاً رسالة عاجلة من مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل: “نشعر بقلق بالغ إزاء التدهور السريع في الأزمة الاقتصادية والمالية والأمنية والاجتماعية”. وأكد “أن الاتحاد الأوروبي ما زال يقدم مساعدات كبيرة للشعب اللبناني، لكن أصحاب القرار اللبنانيين، الذين أخفقوا في الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة على مدار عام، في حاجة للارتقاء إلى مستوى مسؤولياتهم”. محذّراً من انه “لم يعد هناك المزيد من الوقت”.
مذكرة إحضار
وفي خضم الانشغال بالاستحقاق الحكومي، اصدر المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار مذكرة إحضار في حق رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب، الذي لم يمثل امس أمامه بعد استدعائه كمدعى عليه في ملف المرفأ، ما دفعه الى إصدار هذه المذكرة وإرجاء الجلسة الى 20 أيلول المقبل.
ونقلت وكالة “فرانس برس” عن مصدر قضائي قوله إنّ بيطار كلّف القوى الأمنية إحضار دياب إلى دائرته في قصر العدل، قبل 24 ساعة من موعد جلسة الاستجواب المقبلة التي حددها في 20 أيلول.
وجاءت خطوة البيطار المفاجئة، غداة تَلقّيه كتاباً من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، أفادَ عن أنّ “ثمة موانع دستورية تحول دون مثول رئيس الحكومة أمام القضاء العدلي” في جلسة أمس، بحسب المصدر القضائي الذي اكد انّ البيطار اعتبر أن “لا قيمة قانونية” لهذا الجواب، وأصدر المذكرة مستنداً الى اجراء قانوني تُجيزه المادة 106 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، والتي تنص على أنّه “على المدعى عليه أن يحضر أمام قاضي التحقيق بعد تبلّغه، وإذا لم يحضر من دون عذر مشروع، عندها يصدر قاضي التحقيق مذكرة إحضار في حقه تتضمّن أمراً خطياً إلى قوى الأمن لتأمين إحضاره خلال مهلة 24 ساعة من موعد الجلسة المقررة”.
وأوردت “الوكالة الوطنية للإعلام” الرسمية أنّ البيطار أشرفَ عصر أمس الاول، بعيداً عن الإعلام، على “عملية محاكاة لورشة تلحيم” سبقت الانفجار “للتحقّق مما اذا كان للتلحيم تأثير مباشر في التسَبّب بالحريق في البداية ثم الانفجار”.
رؤساء الحكومات
وقال رؤساء الحكومة السابقين، بعد اجتماع لهم أمس عبر تطبيق “زووم” درسوا فيه خطوة البيطار، انّ “هذه السابقة خطيرة بكل الأبعاد السياسية والوطنية والدستورية، وتنمّ عن إجراء غير بريء يتسلق القانون وغضب اهالي الضحايا بالجريمة المدوية، لينال من موقع رئاسة الحكومة دون سواها من المواقع العليا في الدولة اللبنانية التي يُشار اليها نهاراً جهاراً بمسؤولية وقوع هذه الجريمة”.
واضافوا: “لقد تقدمت مجموعة من النواب باقتراح قانون من أجل رفع جميع الحصانات من أي نوع كانت، ومن دون أي استثناء، بما يعني تعليق المواد الدستورية المخصصة للحصانات النيابية والوزارية والرئاسية وذلك لإحقاق العدالة، لا سيما انّ فخامة الرئيس ميشال عون شخصياً اعترف بأنه قد علم بوجود هذه الكميات الكبيرة من الأمونيوم في عنابر مرفأ بيروت قبل 15 يوماً من تاريخ التفجير المريب. وعلى وجه الخصوص انّ فخامته هو الضابط وقائد الجيش السابق الذي يعلم تمام العلم بأنه، وحسب القوانين المرعية الاجراء في لبنان، يُحظّر إدخال أي كمية كانت من هذه المواد الى الأراضي اللبنانية من دون إذن مسبق من مجلس الوزراء، وذلك بعد موافقة المراجع العسكرية والأمنية المختصة، لا سيما ما تعنيه وتشكّله تلك المواد من مخاطر هائلة”. ورأوا “انّ مدة الـ15 يوماً هي مدة زمنية كافية لتفكيك قنبلة نووية، فكيف الحال بالنسبة الى هذه المواد القابلة للتفجير؟ وبالتالي، فقد تقاعسَ فخامته وامتنع عن القيام بأي عمل ذي قيمة عملية للحؤول دون حصول تلك الكارثة الإنسانية والاقتصادية والعمرانية التي حلّت بلبنان. وهذا ما يعني وجوب ان ترفع الحصانة كذلك عن رئيس الجمهورية في ما خص هذه الجريمة الخطيرة التي اصابت لبنان، وعندها يتحرّر المحقق العدلي من نصوص لا تعطيه حقوقاً قانونية ودستورية في محاكمة الرؤساء وسواهم”.
واعتبروا “ان هذا الإجراء محفوف بالشبهات السياسية، لأنه يتقاطع مع محاولات لم تتوقف من سنوات للانقلاب على اتفاق الطائف وكسر هيبة رئاسة الحكومة وتطويق مكانتها في النظام السياسي، وهي أفعال تشهد عليها الممارسات القائمة منذ عامين لتعطيل تشكيل الحكومات وتطويق الصلاحيات الدستورية للرؤساء المكلفين”. وقالوا انّ “استمرار التجاهل لاقتراح القانون الرامي الى تطبيق العدالة الكاملة على الجميع دون تمييز او انتقائية يعتبر اعتداء موصوفاً على العدالة وعلى الدستور اللبناني وعلى المؤسسات الدستورية. هذا فضلاً عن كونه يشكل اهانة علنية لموقع رئاسة الحكومة، واستضعافاً مرفوضاً لرئيس الحكومة المستقيل، واعلاناً مفضوحاً عن ادارة ملف التحقيق العدلي من أروقة قصر بعبدا”.